الكنيسة تطلق وثيقة "دولة فلسطين وحق العودة يمنعان التوطين"

تاريخ الإضافة الثلاثاء 19 تشرين الأول 2010 - 7:45 ص    عدد الزيارات 2824    التعليقات 0    القسم محلية

        


الكنيسة تطلق وثيقة "دولة فلسطين وحق العودة يمنعان التوطين"

كتبت ريتا صفير:
رغم العراقيل التي تواجهها المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية منذ انطلاقها في ايلول الماضي، تواصل جهات لبنانية ولا سيما منها اطراف مسيحيون السعي الى بلورة رؤية شاملة تتناول الملفات التي يفترض ان تطول لبنان في هذا الشأن وخصوصا في ما يتعلق بملفي الامن واللاجئين.
واذا كانت الكنيسة بالتعاون مع الهيئات الدائرة في فلكها وفي مقدمها الرابطة المارونية، شرعت في وقت سابق في توحيد الجهود تمهيدا لوضع تصور يرتكز على تقديم مقاربة علمية شاملة لملف التوطين ("النهار" 14-9-2010) غداة الاخذ والرد، عقب اقرار حق العمل لهؤلاء، فان اول الغيث في هذا الشأن تمثل في وضع اللمسات الاخيرة على وثيقة "قيام دولة فلسطين وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين يمنعان التوطين"، التي يتوقع اطلاقها في الاسابيع المقبلة.
يعول العاملون على الملف على ان تشكل الوثيقة التي تعكس مقاربة الكنيسة لهذا الموضوع الحساس حجر الزاوية في الدائرة اللبنانية الاوسع، والمقصود بها الدولة ومؤسساتها تمهيدا لتوحيد الجهود في هذا الشأن. جهود يفترض ان تلقى ترجمتها في الشروع في التفكير الجدي في التحديات الاقليمية التي تواجهها البلاد عبر المضي قدما في مقاربة موحدة، وخصوصا على المستوى الديبلوماسي، بعيدا من منطق الانقسامات. وفي وقت يتم العمل على اصدار الوثيقة باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والانكليزية، تتكثف اللقاءات لتحديد آلية "اخراجها"، بما يسهل وصولها الى اكبر فئة ممكنة، محليا ودوليا. وثمة توجه في هذا الصدد يقضي بان تتولى الرابطة المارونية مع جهات كنسية ومسيحية اطلاق الملف في مؤتمر صحافي، تعقبه جولة على المرجعيات الرسمية والاحزاب والسفارات ومراكز الابحاث والجامعات، اضافة الى التواصل مع الانتشار. وتبقى الغاية من هذا التحرك، وفق العاملين على اعداده، توفير "شبكة امان" للمشروع الذي يعني اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، في توقيت يكثر فيه الكلام على تزخيم مرتقب لعملية السلام ودخول اوروبي على "الخط" بمباركة لجنة المتابعة العربية، ولا تغيب عنه الخشية من احتمال امرار التسويات على انوعها.
ماذا في الخطوط العريضة للوثيقة التي يتواصل السعي الى تظهيرها، بمبادرة من الرابطة المارونية والمركز الماروني للتوثيق والابحاث الى فريق من الباحثين والخبراء ومساهمة بعض المطارنة؟
 يطرح الملف الذي يتجاوز عدد صفحاته الخمسين قضية التوطين مرتكزا على 3 مستويات اساسية. اولها تصويب مفاهيم العلاقات البنانية – الفلسطينية ومسارها، وثانيها تحديد الأخطار السياسية والديبلوماسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية لأي تسوية قد تأتي على حساب لبنان في موضوع اللاجئين، فيما يطرح ثالثها ما يسمى بـ"خريطة طريق" متكاملة، بنفس وطني عام متكامل يهدف الى جمع اللبنانيين حول مسألة رفض التوطين التي نص عليها الدستور اللبناني.
ولئن كان احد اهداف تسليط الضوء على الملف راهنا، يتركز على فتح نقاش جدي في الموضوع، بعيدا من الاستنفار الغرائزي والاستغلال الايديولوجي للقضية والبازار السياسي التي يسعى بعض الاطراف الى ادخالها فيه، تعيد الدراسة طرح مسألة اللجوء الفلسطيني، واقعا وتحديات، ومنه تدخل في التوزع الجغرافي لهؤلاء وانعكاساته الاقتصادية. ويتضمن هذا الباب في ما يتضمنه عملية مقارنة بين الارقام التي تم الاستحصال عليها في هذا الشأن، بين الدول العربية عموما ودول الطوق في شكل خاص، لجهة المساحات الجغرافية والكثافة السكانية ومستوى الدخل الفردي والمديونية فيها، وهي ارقام ومعطيات ذات اهمية، وتدلل في جانب منها على عدم قدرة لبنان على استيعاب تداعيات اي خطوة اضافية ممكنة في الموضوع، ولاسيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
أبعد من ذلك، تعيد الوثيقة ربط رفض لبنان للتوطين بمسألة اخلاقية انسانية تقضي بالدفاع عن مفهوم العدالة - وبعيدا من الهاجس الديموغرافي او الاقتصادي- باعتبار ان القضية تحمل قيمة انسانية تعنى مباشرة باحترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي ومرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام. ومع تشديدها على التلاقي بين الشرعية اللبنانية والشرعيتين العربية والدولية، تطرح الوثيقة الاشكاليات الاساسية الناجمة عن علاقة لبنان باللاجئين، بدءا باشكالية الحق واعتبار القضية قضية العدل، لاسيما لجهة حق الشعوب في تقرير مصيرها (القرار 3236) ومرورا بالاشكالية الكيانية التي تحدد سبب رفض التوطين انطلاقا من المنطق القائل بأن اي مساهمة لبنانية في هذا الاطار تشكل في ناحية ما خدمة للعدو الاسرائيلي. وتستعرض الاشكالية السيادية وتعرض الوجود الفلسطيني منذ 1969 وضرورة حصر السلاح في يد السلطات الشرعية، وصولا الى الاشكالية الانسانية التي تسلط الضوء على توفير حياة كريمة لهؤلاء بالتزامن مع مجموعة معطيات ابرزها: السعي الفلسطيني الى ابقاء الوضع الاقتصادي في المخيمات على حاله بما يسهل استثمار العصب المقاوم فيها، ومواصلة المجتمع الدولي تقليص موازنة "وكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم" (الاونروا) الامر الذي وضع هؤلاء في نوع من المواجهة مع الدول المضيفة، الى التداعيات الايجابية التي قد تترتب على تحسين اوضاعهم وخصوصا انعكاس ذلك على الاستقرار اللبناني العام.

 

ارقام تتكلم

تكشف المعالجة الاقتصادية - الاجتماعية للملف النقاب عن مجموعة ارقام "تقريبية"، تبلور جانبا من التداعيات الناجمة عن التوطين، مهما اختلفت انواعه، وسواء كان مباشرا او مقنعا او تدريجا. فاذا كانت الوثيقة تأخذ بوجود 420 الف لاجئ فلسطيني مسجل لدى "الاونروا"، مع وجود ما يقارب الـ57 في المئة منهم داخل المخيمات و43 في المئة خارجها، فهي تحدد كتلة اليد العاملة العاملة فيها بين 50 و70 الفا. وفي معادلة "مبسطة"، تلفت الى حجم المديونية اللبنانية الذي يناهز 55 مليار دولار، لتعيد التذكير بأن كل مولود جديد يترتب عليه 12 الف دولار دينا.
امر آخر لا يقل اهمية ودقة تتناوله الدراسة، ويشمل نسبة الهجرة التي ناهزت الـ30 في المئة في فئة الكفاءات في الاعوام العشرة الماضية (تتبنى الوثيقة هنا دراسة صادرة عن جامعة القديس يوسف في هذا الشأن). وعليه، تطرح اكثر من علامة استفهام عن الآثار السلبية لهذا الواقع ولا سيما في حال جمع النسبة العامة للبطالة اللبنانية والفلسطينية والتي تقارب في هذه الخالة الـ42 في المئة، في شكل اجمالي.
وفي اطار الحرص على طرح عملي، تقترح الوثيقة خيارات حلول ممكنة، منها عودة اللاجئين الى الاراضي الفلسطينية مع منحهم محفزات اقتصادية تندرج ضمن صندوق تعويضات، ولم الشمل انطلاقا من رفض الكنيسة المتكرر ليهودية اسرائيل. كما تتزامن مع دعوة الى ما تسميه "تصويب مفاهيم" فيها، وتشديد على إلحاق رفض التوطين بدعم حق العودة، وتركيز على مفهوم الامان والمساحة الآمنة بدلا من مفهوم الامن بالسلاح يترجمه بسط سيادة الدولة على المخيمات ومحيطها، وتصويب النقاش في اتجاه الحديث عن منح "حقوق انسانية" بدلا مما تم تداوله عن اعطاء اللاجئين حقوقا مدنية (وهي حقوق تعطى عمليا للمواطن اللبناني)، ضمن ضوابط الدستور اللبناني.
وتبرز في هذا الباب ايضا دعوة الى تفعيل دور وزارة الخارجية والديبلوماسية اللبنانية بهدف تحديد مفهوم لبنان التفاوضي حيال الملف، الى اقتراحات باعادة افتتاح مكتب ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت ورفعه الى مبدأ سفارة بهدف توحيد مرجعيتي التواصل اللبنانية والفلسطينية، ودعم "الاونروا" واطلاق شراكة مع المجتمع المدني لتعزيز الحوار وتطوير الاجراءات المتبعة قضائيا وعسكريا وأمنيا بما يحفظ سيادة الدولة على المخيمات.
اما الطرح الابرز الذي تتضمنه الوثيقة، فيتمثل في اقتراح لبنان اصدار بطاقة لاجئ موحدة امام الجامعة العربية تتساوى فيها الامتيازات في الحقوق الانسانية، الامر الذي من شأنه تعزيز انتمائه الى دولة فلسطين مستقبلا.
الى ذلك، يتواكب رفض الوثيقة المتجدد لتملك الفلسطيني وفقا لقانون تملك الاجانب الحالي مع اقتراح يقضي بالشروع في دراسة مقارنة تتناول قوانين التملك المعمول بها في الدول العربية، وذلك بالتزامن مع اقرار بحصول نوع من "الالتباس" رافق اقرار حق العمل.
وفي اطار تمسكها بالموقف السيادي للدولة البنانية، لا تتوانى الوثيقة عن تجديد رفضها تحويل لبنان منصة "لتصفيات" عدة منها تصفية القضية الفلسطينية وتصفية الحسابات اللبنانية - اللبنانية، والفلسطينية - الفلسطينية، ويبقى اهمها الاقليمي منها.
 


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,087,065

عدد الزوار: 6,977,976

المتواجدون الآن: 78