الأكراد يسيطرون على مناطق حدودية مع تركيا....تزايد المخاوف من معسكرات التدريب لحزب الله بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية..المعارضة السورية وانتقادات الخارج!

في جمعة «دعم الائتلاف الوطني».. اشتباكات عنيفة في ريف دمشق.. والنظام يواصل القصف، إصابة صحافيين عرب وأجانب بسقوط قذيفة على مظاهرة في حلب * لواء سوري و12 ضابطا انشقوا وفروا مع أسرهم إلى تركيا

تاريخ الإضافة الأحد 18 تشرين الثاني 2012 - 5:15 ص    عدد الزيارات 2125    القسم عربية

        


 

هيغ: ما سمعته ورأيته من قادة الائتلاف السوري المعارض مشجع... بريطانيا ستقرر خلال أيام مسألة الاعتراف بالمعارضة.. وتعيد النظر في حظر الاتحاد الأوروبي على تسليحها

لندن: «الشرق الأوسط» ... أعلن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمس أنه سيقرر خلال أيام ما إذا كان سيعترف بالمعارضة السورية الجديدة بعد محادثات «مشجعة» مع قادتها في لندن.
وقال هيغ إنه أكد لأحمد معاذ الخطيب ونائبيه، الذين قاموا بأول زيارة لهم إلى العاصمة البريطانية منذ إعلان الائتلاف الوطني السوري الذي شكل الأسبوع الماضي، على الحاجة لأن يكون الائتلاف شاملا وقائما على احترام حقوق الإنسان.
وأضاف بعد لقائه القياديين الثلاثة في مقر وزارة الخارجية البريطانية أن «ما سمعته ورأيته من قادة الائتلاف مشجع»، موضحا أنه سيقدم عرضا لمجلس العموم في هذا الشأن الأسبوع المقبل.
وأجرى هيغ محادثاته مع الداعية الإسلامي المعتدل الشيخ أحمد معاذ الخطيب، الذي انتخب الأحد الماضي رئيسا لائتلاف المعارضة السورية ونائبيه رياض سيف وسهير الأتاسي.
وكانت بريطانيا رحبت بزيارة المعارضة السورية الجديدة إلى لندن، لكنها قالت إنها بحاجة لمعرفة المزيد عن مشاريعها قبل أن تنضم لفرنسا في الاعتراف بها كصوت المعارضة الرئيسي ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال هيغ أمس للـ«بي بي سي» إن المعارضة خطت «خطوة كبرى إلى الأمام» بتوحدها، مؤكدا أن بريطانيا ستتخذ «في الأيام القليلة القادمة» قرارا بشأن الاعتراف بها ممثلا شرعيا للشعب السوري.
وأكد هيغ أيضا أن بريطانيا تعيد النظر في حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي على تسليح المعارضة رغم أنه شدد على أن لندن تقدم حاليا دعما غير عسكري فقط. وأضاف: «كنا نحبذ لو أننا في وضع يخولنا الاعتراف بها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري، لكنني أريد معرفة المزيد حول مشاريعها».
وأوضح هيغ أنه يريد خصوصا معرفة «كيف سيقوم ائتلاف المعارضة السورية بتعيينات، وما إذا كان ذلك سيشمل الأكراد، وما هو الدعم الذي يحظى به في سوريا».
وأضاف: «إثر اجتماع الجمعة، سنتمكن من تكوين صورة أفضل حول المسألة في الأيام المقبلة».
وأكد هيغ بعد اللقاء أنه شدد خلال اللقاء على أهمية احترام حقوق الأقليات، والالتزام بمستقبل ديمقراطي لسوريا، واتخاذ موقف من «التجاوزات والعنف والاغتصاب» الذي يرتكبه نظام الأسد، على حد قوله، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف: «شجعني ردهم على ذلك (...) وسنواصل العمل في هذا الشأن في الأيام المقبلة».
وتلا محادثات هيغ مع الخطيب وسيف والأتاسي اجتماع أوسع بمشاركة دول غربية وخليجية.
وسيتوجه الخطيب إلى باريس غدا السبت للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وحتى الآن أعلنت فرنسا وتركيا ودول الخليج اعترافها رسميا بائتلاف المعارضة السورية الجديد.
وأثار وزير الخارجية الفرنسي أول من أمس علنا مسألة رفع الحظر الأوروبي على إرسال «أسلحة دفاعية» إلى سوريا؛ بهدف التمكن من إرسال أسلحة من هذا النوع إلى مقاتلي المعارضة. وقال إنه سيناقش المسألة مع دول أخرى في الاتحاد.
وقال هيغ إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن تغيير الحظر، لكنه أكد أنه تم التطرق إلى احتمال تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية خلال اجتماع جرى الخميس بين وزراء وعسكريين بريطانيين.
وتابع: «سنناقش مع المعارضة اليوم (أمس) تقديم مساعدة إضافية في التجهيزات غير القتالية، لكن ليس أسلحة».
وأضاف: «بالطبع سنبحث مع شركائنا الأوروبيين مستقبل الحظر على الأسلحة. لم نتخذ قرارا بتغيير ذلك حتى الآن».
وأكد الوزير البريطاني: «لا يمكننا البقاء مكتوفي الأيدي. لا يمكننا أن نقول لندع الأمور على حالها؛ لأن الوضع يتدهور بخطورة، لكن ردنا يجب أن يكون مدروسا بشكل جيد». وستكون سوريا على جدول أعمال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل بعد غد، وخصوصا مسألة الحظر على الأسلحة.
 
المعارضة السورية: الحرب على غزة ترجمة لتقاطع مصالح النظام السوري وإسرائيل، الجيش الحر يحذر من استغلالها واستخدام النظام أسلحة محرمة دوليا

بيروت: يوسف دياب ... رأت المعارضة السورية، أن «مصالح إسرائيل والغرب والنظام السوري تتقاطع مع الحرب الإسرائيلية التي تشنّ على غزة». في وقت اعتبر فيه الجيش السوري الحر أن «هذا العدوان هو محاولة خلط أوراق في المنطقة»، محذرا من «استغلال النظام السوري لها، واستخدام أسلحة محرمة دوليا».
في هذا الوقت، اعتبر عضو المجلس الوطني السوري سمير النشار، أن «إسرائيل تعاقب غزة وحركة حماس اليوم لأنها فكّت ارتباطها بسوريا وإيران وحزب الله، وبدلت موقفها بعد التحولات التي حصلت في العالم العربي، وباتت متجانسة مع النظام الجديد في مصر».
وأكد نشار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن إسرائيل «تريد أن تقول إن تفجير الوضع في غزة والمنطقة ليس فقط خدمة للنظام السوري، بل من أجل تفجير المنطقة كما سبق وهدد (الرئيس السوري) بشار الأسد في بداية الأزمة، وكما أعلن رامي مخلوف أن أمن إسرائيل من أمن سوريا، وهذا يؤكد الترابط بين ما يجري في غزة وما يجري في سوريا، ويثبت أن الحرب على غزة هي لحرف أنظار العالم عن جرائم النظام السوري». وقال: «نخشى أن يكون تحول الأنظار عن سوريا باتجاه غزة، هو مجرّد إعطاء فرصة جديدة ليزيد بشار الأسد من قمعه».
وأضاف نشار: «إن الشعب السوري والمعارضة حسموا خيارهم بإسقاط نظام الأسد مهما كلفت التضحيات، وبغض النظر عن موقف المجتمع الدولي الذي تخلّى عن الشعب السوري، لكن هذا التخلي سيؤدي إلى زيادة التطرف لدى الشعب السوري، وهذا تتحمّل مسؤوليته بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأميركية، لأنها لا تنظر بالجدية المطلوبة لمعالجة الوضع السوري بقدر ما تعمل على إدارة الأزمة السورية، وهذا الموقف يصب في مصلحة إسرائيل أولا وأخيرا»، مشددا على «وجود التقاء مصالح سورية إسرائيلية غربية بما يحصل في غزة، وكنا نتوقع من المجتمع الدولي أن يؤيد التغيير نحو الحرية القائم في العالم العربي، لكن ذلك لم يحصل». ورأى أن هناك «ضرورة للتعامل بحذر شديد مع المواقف الغربية سواء بما يخص سوريا أو فلسطين». مشيرا إلى أن «المواقف الأميركية بعد إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما محبطة ومخيبة للآمال، ونخشى أن تكون الضغوط التي تمارس لتشكيل حكومة مؤقتة، هي من أجل الذهاب إلى تسوية سياسية مع النظام، مستندة إلى وثيقة جنيف بحيث يكون النظام طرفا فيها، التي تؤيدها روسيا بشكل أساسي».
من جهته، رأى رئيس هيئة أمناء الثورة، وعضو الائتلاف السوري المعارض هيثم المالح، أن «إسرائيل تنفذ عدوانها على غزة خدمة للنظام السوري، لأنه نظام إسرائيلي بامتياز».
وذكر المالح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «حافظ الأسد والد بشار هو من سلم الجولان إلى الكيان الصهيوني، وهو من حمى الجولان ووفر الأمن لإسرائيل على مدى 40 عاما، وكان الحارس الوفي لأمن إسرائيل، ثم راح ليصنع شعار الممانعة والمقاومة، وضللوا الكثير بهذا الشعار في العالم العربي»، وأكد أن «ما تفعله إسرائيل في غزة هو دعم للنظام السوري لتأخير سقوطه، لكنه سيسقط قريبا ونحتفل جميعا بسقوطه في قلب الشام».
وعمّا إذا كان يتخوف من ارتفاع وتيرة العنف في سوريا في توجيه أنظار العالم إلى غزة، قال: «منذ مارس (آذار) 2011 لم يتوقف النظام السوري عن ارتكاب المجازر والجرائم، لكن الواقع على الأرض يقول إن الجيش التابع للنظام في حالة تراجع والثوار في حالة تقدم».
ورأى أن «اللعبة الآن لصالح الشعب السوري مهما حاولت إسرائيل مساعدة النظام المجرم في دمشق، لأنه آيل إلى السقوط، وهو الآن يتربح وذاهب إلى مزبلة التاريخ هو وكل من يؤيده».
إلى ذلك، توقع ضابط كبير في الجيش السوري الحر، أن «يبادر النظام السوري مع الإسرائيليين إلى خلط الأوراق في المنطقة ككل، وفي الوقت نفسه يشدد قبضته في الداخل عبر استخدام أسلحة محرمة دوليا»، وأعلن الضابط القيادي في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «قيادة الجيش الحر حذرت الشعب من إمكان لجوء النظام في مراحله الأخيرة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، خصوصا في المنطقة الوسطى من أجل فرض دولة علوية يقيم عليها حكمه الموعود»، وقال: «إن ما يحصل في غزة هو خلط أوراق، ولا أعتقد أن هناك قيادة حكيمة وذكية (في غزة) تقدم في هذا التوقيت الصعب على توريط نفسها بحرب مع إسرائيل، هذه الحرب التي فيها مصلحة للدولة العبرية طالما أن صفقة قبض ثمن النظام السوري لم تنجز بعد».
 
أحمد معاذ الخطيب في الإليزيه اليوم والمباحثات تشمل تشكيل الحكومة الانتقالية، باريس تسعى لإقناع الأوروبيين في موضوعي الاعتراف بالائتلاف السوري وتسليح المعارضة

باريس: ميشال أبو نجم .... تعول باريس على اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين يوم الاثنين المقبل في بروكسيل من أجل السعي لإحداث تغييرات في مواقف الدول الأوروبية ومحاولة استقطابها نحو المواقف الفرنسية إزاء نقطتين أساسيتين تخصان المعارضة السورية، وهما الاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري، ورفع الحظر الأوروبي لتصدير الأسلحة، أقله جزئيا، إليها بشكل يمكن دول أوروبا أو الدول الراغبة من بينها من تقديم الأسلحة الدفاعية التي تحتاجها المعارضة المسلحة.
وقللت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع من شأن «التمايز» بين المواقف الفرنسية «المتقدمة» أو «الرائدة» من جهة ومواقف الشركاء الأوروبيين والولايات المتحدة من جهة أخرى. وأفادت هذه المصادر بأن ثمة اتفاقا واسعا على أن تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» يعد خطوة مهمة ويستجيب لما تطلبه الأسرة الدولية من المعارضة منذ أشهر ويدحض الحجة التي كان الغرب يتلطى بها من أجل عدم التحرك.
وترى المصادر الرسمية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن عددا من البلدان بحاجة إلى بعض الوقت من أجل «هضم» المعطى الجديد المتمثل في توحيد المعارضة، وأن مواقفها «ليست بعيدة كثيرا» عن المواقف الفرنسية، وربما تكون بحاجة إلى بعض «الضمانات» من كيان المعارضة السوري الجديد، الأمر الذي تطلبه واشنطن ولندن وبرلين لترى فيه «بديلا ذا مصداقية» عن نظام الرئيس بشار الأسد. وتتمحور هذه المطالب حول ثلاث نقاط لخصها وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي في باريس يوم الخميس كالتالي «التزام واضح باحترام اللعبة الديمقراطية، وتبني السعي لدولة القانون، وأخيرا التزام بالمحافظة على التعددية الدينية والإثنية لسوريا». ووضعت الدبلوماسية الفرنسية ما يشبه «خريطة طريق» للتحرك على المستويات العربية والإقليمية والدولية «للترويج» للائتلاف الجديد الذي ترى في ولادته «فرصة يتعين مواكبتها وعدم إضاعتها لأنها قد لا تتكرر في المدى المنظور». وتقوم الخطة على العمل لدى دول الجامعة العربية لتتبنى موقفا واضحا وإيجابيا من الائتلاف على غرار موقف بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم لدى الاتحاد الأوروبي، ولدى مجموعة «أصدقاء الشعب السوري»، ليتم التوجه بعدها إلى الأمم المتحدة من أجل «تثبيت» شرعيته بشكل نهائي. وإذا ما تم للائتلاف ذلك، فإن كل الأمور العالقة تصبح عنده، خصوصا توافر القاعدة القانونية المفقودة اليوم لطلب المساعدة العسكرية الثنائية والمتعددة أو من الأمم المتحدة. فضلا عن ذلك، فإن توافر الشرعية الدولية ستكون له تبعات قانونية، مثل احتلال مقعد سوريا في المحافل الإقليمية والدولية وتسلم السفارات والتصرف بالأموال السورية المجمدة وخلافها. غير أن تحقيق هذه الأهداف المهمة يفترض قيام حكومة انتقالية سيكون البحث فيها أحد أهم المواضيع التي سيتناولها الرئيس هولاند صباح اليوم مع أحمد معاذ الخطيب الذي يستقبله في قصر الإليزيه. وهولاند هو أول رئيس دولة غربي يستقبل الخطيب بصفته الجديدة. وأصدرت الرئاسة بيانا جاء فيه أن الرئيس هولاند ورئيس الائتلاف السوري «سيتناولان سبل ووسائل حماية المناطق المحررة وتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين وتشكيل حكومة مؤقتة».
أما موضوع توفير المساعدات العسكرية أو الأسلحة الدفاعية وفق كلام الوزير فابيوس، فالأمر يبدو أكثر تعقيدا باعتراف الوزير نفسه نظرا للعقبات القانونية والسياسية على السواء. فمن الناحية القانونية، يتعين أن يوافق أعضاء الاتحاد الأوروبي، الذي فرض حظرا على تصدير السلاح إلى سوريا في ربيع العام 2011، بالإجماع على رفع الحظر إن كان بشكل جزئي أو بشكل كامل. وهذا يعني، من الناحية العملية، أن للأعضاء الـ27 جميعا حق النقض. ولذا يتعين القيام بعمل جاد وشاق لتحقيق غرض كهذا خصوصا أن هناك «تحفظات» غربية بشأن الجهة التي ستتسلم السلاح ومخاطر وقوعه في أيد جهادية معادية للغرب ومصالحه. ولا شك أن ما حصل في ليبيا وتحديدا مهاجمة القنصلية الأميركية ومقتل السفير الأميركي يدفع العديد من الغربيين لمضاعفة الحذر. وتقول المصادر الفرنسية إنها «تعي» قلق بعض الدول لجهة مصير السلاح الذي سيعطى للمعارضة، وتعتبر أن رفع الحظر جزئيا سيطلب كثيرا من الوقت. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أمس إن بلاده «لا تتوقع» قرارا بشأن السلاح في اجتماع بروكسل يوم الاثنين المقبل أو الأيام اللاحقة، علما بأن جهات أوروبية أخرى على رأسها بريطانيا تطرح موضوع التسليح مباشرة ومن غير مواربة. بيد أن فرنسا جهزت الرد على هذه المخاوف والتساؤلات بقولها إن «دعم الائتلاف الجديد هو أحد السبل الأنجع لمناهضة نفوذ التيارات الجهادية بدل ترك الساحة مفتوحة لها من غير منازع». كما أن باريس ترى ضرورة تشكيل قيادة عسكرية موحدة ليست مفروضة من فوق (الأمر الذي ثبت فشله مع قيادات موجودة في الخارج)، وإنما نابعة من القوى الموجودة على الساحة في المدن ثم في المناطق، وهو ما من شأنه تقوية مواقع القوى الثورية على حساب الجماعات الإسلامية التي يتخوف منها الغرب ومن ذهاب السلاح إليها.
ووفق تقديرات المصادر الفرنسية فإن ثلاثة أرباع المقاتلين ليسوا من الجهاديين، وبالتالي فمن الممكن مد يد المساعدة إليهم لتمكينهم من السيطرة الميدانية. غير أنهم يعترفون بأن «الخطر موجود» لكن يتعين ركوبه إذا كانت هناك رغبة في الانتهاء من نظام الأسد.
 
حوار بين الأقليات المسيحية شمال البلاد «لحقن الدماء».. الكنيستان «السريانية والآشورية» قدمتا مبادرة حيوية

لندن: «الشرق الأوسط» ... أعلن الناشط السياسي والكاتب المهتم بشؤون الأقليات سليمان يوسف أمس، أن الكنيستين «السريانية والآشورية» قدمتا مبادرة حيوية لحقن الدماء بمنطقة الجزيرة السورية (شمال البلاد)، وهي منطقة متنوعة القوميات. وقال يوسف لوكالة الأنباء الألمانية إن «الكنيسة الآشورية في منطقة تل تمر (إحدى مدن محافظة الحسكة شمال البلاد) ذات الغالبية الآشورية، استضافت أبناء المنطقة من أكراد وعرب وآشوريين وسريان وأرمن، ممثلين عن مختلف مكونات مجتمع المحافظة للتباحث فيما بينهم حول كيفية إدارة المدن والبلدات التي انسحبت منها السلطات الحكومية ووضع آليات عمل مشتركة لملء الفراغ الأمني والإداري والسياسي الذي سيخلفه سقوط النظام».
وأضاف الناشط سليمان الذي يتمتع بمصداقية في تلك المنطقة: «المباحثات بين أبناء المنطقة ساهمت في تهدئة الأوضاع في كل من تل تمر والقحطانية والقامشلي (مناطق على الحدود التركية العراقية وفيها أيضا استضافت الكنيسة السريانية أبناء المنطقة).. اختيار الكنيسة كمكان مناسب ومنبر حر للحوار الوطني لمثل هذه اللقاءات يعني النظر للمكون المسيحي على أنه طرف محايد في أي نزاع عربي - كردي قد يحصل بشكل خاص». وقال يوسف، الذي تربطه صلات واسعة مع مختلف أطياف منطقة الجزيرة السورية (أقصى الشمال السوري وتشمل مساحة محافظة الحسكة): «ثمة عقلاء وحكماء من وجهاء المنطقة لدى جميع الأطراف يدركون أن أي نزاع مسلح عرقي أو طائفي سيكون كارثيا على الجميع، لكن الخشية تبقى قائمة من انزلاقات غير متوقعة». وطالب الناشط والكاتب المسيحي المعارض لسلطات النظام السوري «كل أطراف التنوع المجتمعي في تلك المنطقة الحساسة من البلاد تدعو إلى عدم الانجراف وراء أي تحريض طائفي أو مذهبي أو قبلي؛ لأنه إذا ما حصل (لا سمح الله) نزاع من هذا القبيل، فإنني أطالب وأتمنى على الآشوريين والمسيحيين عموما أن يكونوا صمام الأمان للسلم الأهلي والمجتمعي». وأضاف يوسف: «لا يمكن للآشوريين والسريان التغيب عن دورهم الوطني، سواء من خلال الكنيسة أو من دونها، وهو دور طالما مارسوه عبر قرون طويلة في المنطقة، ودور منتظر منهم اليوم في هذه المحنة الطاحنة التي تمر بها سوريا، وحيادهم الإيجابي واجب أخلاقي ووطني».
وقال المعارض السوري: «أتمنى الأمن والسلامة للجميع... لكن يبدو أن الجميع في هذا البلد الجريح بات مهددا في أمنه، وفي خطر دائم، طالما الحرب الأهلية الجنونية تطل برأسها في بعض المناطق، ونحن نريد تجنيب منطقتنا أي مصائب أو كوارث لا تحمد عقباها».
وتعتبر منطقة الجزيرة السورية (الحسكة) في شمال البلاد «خزانا اقتصاديا كبيرا ومتنوعا»، وهي منطقة تحوي الكثير من القوميات والعرقيات والأقليات وتقع على الحدود مع العراق وتركيا.
كانت اشتباكات جسيمة وقعت خلال الأسبوع الماضي بين قوى المعارضة المسلحة وقوات النظام في منطقة رأس العين، إحدى مناطق محافظة الحسكة، وقتل وجرح فيها مئات من الطرفين، وقصفتها طائرات النظام بعد أن أفرغتها من عناصرها الأمنية وفق تأكيدات السكان ومنظمات إنسانية وحقوقية دولية.
نائب المراقب العام لـ«الإخوان المسلمين» في سوريا: لا توجد نية لدى الجماعة لاحتكار الثورة، علي صدر الدين البيانوني: سوريا بها مزيج عرقي وديني وطائفي متناغم وهذا التعايش يجب أن يستمر

الدوحة: «الشرق الأوسط» ... قال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا إنه لا توجد نية لدى الجماعة لاحتكار الثورة في سوريا رغم المخاوف من أن علاقاتها الوثيقة مع قطر وتركيا ستساعدها في نهاية المطاف على فرض حكومة يهيمن عليها السنة تستند إلى الشريعة.
وقال علي صدر الدين البيانوني في مقابلة في الدوحة إن الإخوان يأملون في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن تطبيق أحكام الشريعة لكنهم لن يفرضوها.
وأضاف لا يمكن لحزب واحد أن يمارس الاحتكار في سوريا، موضحا أن سوريا بها مزيج عرقي وديني وطائفي متناغم منذ سنوات وأن هذا التعايش يجب أن يستمر.
وقال إنهم لا يزعمون أنهم يمثلون الشعب السوري ولا يدعون أن هذه الثورة هي ثورتهم، مؤكدا أنهم جزء واحد من الشعب السوري. وأضاف أنه يمكن القول إنهم موجودون في الشارع ولكن حجم هذا الوجود هو ما تكشفه الانتخابات القادمة.
وقال البيانوني وهو محام غادر سوريا بعد أن سجن في السبعينات وتنحى عن قيادة الإخوان عام 2010 إنه يتعين عدم النظر إلى الجماعة على أنها تمثل تهديدا.
وأضاف أنه عند القول إن الشريعة هي مصدر رئيسي للتشريع فإن هذا لا يلحق الضرر بأي مجموعة أخرى إذ إن الشريعة الإسلامية تستوعب الأديان والمذاهب الأخرى. ومضى قائلا إنهم سيسعون للتوصل إلى توافق وطني بهذا الشأن. لكنه أضاف أنهم لن يفرضوها على أحد لكن سيحاولون التوصل إلى توافق وطني حول هذه المبادئ.
وقادت جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1936 تمردا سحقه حافظ الأسد والد الرئيس بشار الأسد عام 1982.
وظلت الجماعة محظورة على مدار حكم حزب البعث وكانت أقل بروزا بكثير من الإخوان المسلمين في مصر قبل اندلاع الانتفاضة ضد الأسد التي تحولت إلى حرب أهلية قتل فيها أكثر من 38 ألف شخص.
ويعترض كثير من الإسلاميين على حكم أسرة الأسد حسب «رويترز» العلمانية التي تنتمي إلى الطائفة العلوية الذين لا يعتبرونهم من المسلمين.
واختار الائتلاف الوطني معاذ الخطيب وهو داعية إسلامي يتمتع بشعبية وينظر إليه على أنه مستقل عن الإخوان كأول زعيم له هذا الأسبوع.
وقال البيانوني إن من المعلوم أن هناك اهتماما دوليا بسوريا لكنه شدد على استقلال القرارات السورية. ومضى قائلا إن وحدة المعارضة السورية هي مطلب سوري قبل أن تكون مطلبا دوليا وعربيا.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن سعت للحصول على ضمانات من أجل السلام مع إسرائيل التي تحتل مرتفعات الجولان منذ عام 1967، قال إنه لم يحاول أحد ذلك معهم، مضيفا أن الشعب السوري لا يمكن أن يتخلى عن الجولان. وقال إنه لا الإخوان ولا أي حزب سياسي آخر له الحق في تقديم ضمانات أو التخلي عن الأراضي المحتلة.
وأعرب عن اعتقاده بأن الثورة السورية هي ثورة شعبية وأن ما يريد الشعب السوري التصدي له في المستقبل من هذه القضايا الدولية هو ما سيلتزمون به.
ويقول البعض إن الإخوان ينقلون أموالا إلى مجموعات لها حظوة داخل سوريا لتكوين وجود لها، في الوقت الذي تسعى فيه للسيطرة على ائتلاف وطني لجماعات المعارضة تشكل في الآونة الأخيرة وذلك جزئيا عبر التأثير على الإسلاميين المستقلين.
 
في جمعة «دعم الائتلاف الوطني».. اشتباكات عنيفة في ريف دمشق.. والنظام يواصل القصف، إصابة صحافيين عرب وأجانب بسقوط قذيفة على مظاهرة في حلب * لواء سوري و12 ضابطا انشقوا وفروا مع أسرهم إلى تركيا

بيروت: ليال أبورحال لندن: «الشرق الأوسط» .. خرجت مظاهرات كثيرة في مناطق مختلفة من البلاد في جمعة دعا الناشطون لتكون لـ«دعم الائتلاف الوطني» المعارض الذي أعلن تشكيله الأسبوع الماضي، ونصرة غزة التي تتعرض لقصف من قبل القوات الإسرائيلية.
واستهدفت قوات النظام السوري مظاهرة خرجت في منطقة بستان القصر في حلب، وفي حصيلة أولية لسقوط قذيفة وسط تجمع للناشطين وإعلاميين عرب وأجانب قتل ستة أشخاص وأصيب نحو 25 آخرين، بينما بث ناشطون في ريف دمشق فيديو يظهر سقوط طائرة عمودية وتحطمها واحتراقها، وقال الناشطون إن لواء أمهات المؤمنين تمكن من إسقاط مروحية تابعة لقوات النظام في الغوطة الشرقية، كما تم إسقاط طائرة مروحية أخرى في بلدة حمورية، وأظهر فيديو بثه ناشطون من القرى التابعة للجيش الحر لواء الحبيب المصطفى هجوم كتيبة على إدارة المركبات في بلدة عربية في الغوطة.
في غضون ذلك ذلك قالت وكالة أنباء تركية حكومية إن لواء سوريا و12 ضابطا آخرين انشقوا وفروا مع أسرهم إلى تركيا بعد قتال عنيف على الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا مع سوريا. وقالت وكالة الأناضول للأنباء إن 53 شخصا عبروا الحدود، بينهم لواء و12 ضابطا آخرين، وعدد غير محدد من الجنود وعائلاتهم.
وقالت أنقرة أمس إنها «كثفت» محادثاتها مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي بشأن خطوات لتعزيز الأمن على الحدود بينها وبين سوريا التي تمتد بطول 900 كيلومتر، مع وصول الحرب الأهلية في سوريا المستمرة منذ 20 شهرا إلى حالة من الجمود.
ومن جهته قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس إن أنقرة زادت من مشاوراتها مع حلف شمال الأطلسي. وقال داود أوغلو لـ«رويترز» في أديس أبابا: «هذا الأسبوع تحديدا كثفنا مشاوراتنا فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية على حدودنا».
في موازاة ذلك، أعلن ناشطون عن انسحاب القوات السورية بالكامل من بلدة رأس العين الحدودية، فيما أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا عن انسحاب القوات الحكومية من حاجز العالية لتصبح بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا «محررة بالكامل» على حد قولها. وكانت اشتباكات عنيفة وقعت خلال الأيام الماضية للسيطرة على رأس العين، أطلقت خلالها المروحيات السورية صواريخ على البلدة بعد أيام من سيطرة مقاتلي «الجيش الحر» عليها.
وفي سياق متصل، قال العقيد السوري المنشق فايز عمرو لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرقة 17 تتمركز في هذه المنطقة من شرق حلب وصولا إلى الحسكة، وهي تعرف باسم فرقة الرشى، ولا وزن عسكري لها على الأرض، فيما تتولى مفارز الأمن العسكرية السلطة الفعلية ميدانيا». وأشار إلى أن عناصر من «الجيش الحر» باتوا يسيطرون بالكامل على البلدة، لكن النظام يسيطر عليها جويا حيث لا ينفك عن قصفها بطائرات الميغ، من دون أن «يستبعد أن يكون الهدف من ذلك استفزاز تركيا، نظرا لكون المنطقة حدودية».
وفيما توقع عمرو أن يكون «لتوحيد المجالس العسكرية للجيش الحر نتائج إيجابية ميدانيا تنسحب على تحرير مناطق بأكملها من قبضة النظام، شدد على أهمية إنجاز ذلك بسرعة». وقال إن «المطلوب تشكيل قيادة عسكرية موحدة يأخذ فيها جميع الضباط المنشقين أدوارهم وكذلك من يحملون رتبة لواء وعددهم خمسة»، معربا عن اعتقاده بأن «الخلافات القائمة سابقا بين المجالس العسكرية حدت من وتيرة الانشقاقات».
وكانت مظاهرات خرجت في محافظات الحسكة في كل من عمودا والقامشلي وديريك والدرباسية ومناطق أخرى متفرقة، نادت بإسقاط النظام السوري في جمعة سماها الكرد «جمعة لا للجماعات المسلحة الغريبة في مناطقنا».
وقامت قوات النظام باستهداف مظاهرة حاشدة خرجت في بستان القصر في حلب الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر، حيث سقطت قذيفة على تجمع لناشطين وصحافيين عرب وأجانب وقال الصحافي غسان ياسين، الذي كان مشاركا في المظاهرة عبر صفحته في موقع «فيس بوك»: «لا أدري ما أقوله لكم.. بالكاد أستطيع كتابة هذه الأحرف.. بعد أن انتهينا من المظاهرة وبينما كنا مجتمعين سقطت قذيفة بيننا وتطايرت الدماء وأشلاء الجثث في الهواء.. حين نهضت من مكاني كان قميصي مليئا بقطع لحم من شخص كان واقفا بجانبي طار نصف رأسه.. صديقي م أصيب بصدره وصديقي م أ أصيب بيده.. بدأت أتلمس رأسي..آه إنه في مكانه.. لم أصدق أنني لم أصب وأنني لازلت على قيد الحياة.. أكثر من جثث حولي وعشرات الجرحى الصحافي البطل أخي محمد دغمش بخير وهو بصحة جيدة».
إلا أن ناشطين قالوا إن «محمد غمش أصيب في ظهره، وصحافية هولندية أصيبت في ساقها نتيجة قصف هاون استهدف مظاهرة بستان القصر».
وفي رسالة للصحافيين قال الصحافي والناشط الكردي كمال شيخو إن «الإعلاميين عبد الله حكواتي ومحمد دغمش أصيبوا بجروح طفيفة وفادي زيدان بألف ألف خير. اتصلت مع أحد الأصدقاء برفقتهم وطمأنني على الجميع. «وأظهر مقطع فيديو لمظاهرة بستان القصر هتاف المشاركين (يا إيران جني جني بدنا يحكمنا سني) و«يلعن روحك يا حافظ ويلعن بشار وماهر» كما حملوا لافتة كتب عليها «بستان القصر تنتظر رحيلك».
وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن أكثر من ثمانين شخصا قتلوا أمس (الجمعة) معظمهم في ريف دمشق وحلب جراء القصف العشوائي من قبل آليات جيش النظام، حيث تم استهداف مظاهرة في حي بستان القصر في حلب راح ضحيتها 6 شهداء على الأقل وبينهم 3 أطفال وسيدتان وناشط ميداني.
ورفع المتظاهرون في مختلف أنحاء البلاد شعارات تطالب بدعم الائتلاف الوطني وتطالب بتسليح الجيش الحر، وبحسب لافتة رفعها متظاهرون في بلدة اليادودة بريف درعا «إلى الائتلاف الوطني، درهم لتسليح الجيش الحر خير من قنطار كلام». وفي خربة غزالة بدرعا، هتف المتظاهرون «يا أوباما.. لا تخاف.. الشعب السوري مع الائتلاف».
وفي حي مساكن هنانو في مدينة حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ نحو أربعة أشهر، سار العشرات في مظاهرات وهم يهتفون «فلسطين نحن معاكي (معك) للموت» وخرجت مظاهرات حاشدة في حي الوعر في حمص لدعم الائتلاف رغم القصف العنيف والاشتباكات التي كانت تدور هناك، وهتف المتظاهرون «يا حمص لا تهتمي بفديك بروحي ودمي بكرة بيسقط النظام والظلم كله بيولي» وقال ناشطون في حمص إن قوات النظام قامت صباح أمس (الجمعة) بسحب ما تبقى من مدافع فوزديكا وخيم وغرف مسبقة الصنع من غابة الوعر ونقلها إلى داخل الكلية الحربية، وكانت قوات النظام قد سحبت قسم من تلك الآليات والمدافع في وقت سابق، وخرجت كثير من المظاهرات في حمص لدعم الائتلاف الوطني، رغم منع المصلين من دخول المساجد وتجدد إطلاق النار على منازل المدنيين المشفى العسكري والكلية الحربية ليل الخميس الجمعة بحسب ما أفاد الناشطون في حمص.
وفي غالبية المظاهرات التي خرجت يوم أمس لدعم الائتلاف رفعت شعارات لنصرة غزة، وتلازم اسم الجمعة مع شعار «قسما برب العزة بعد سوريا إلى غزة» وفي خربة غزالة في درعا رفع فتيان لافتة ساخرة تضمن خطابا مفترضا موجها من بشار الأسد إلى نتنياهو «انتقم لي من حماس لأنني مشغول في ذبح الناس». وفي داعل في المحافظة نفسها، رفعت لافتة كتب عليها «الدم السوري والفلسطيني واحد»، وأخرى «الأسد يستعين بصديق، إسرائيل، لمواجهة الجيش الحر في القنيطرة».
وفي دمشق خرجت مظاهرة حاشدة في حي القابون في شمال شرقي العاصمة دمشق، شارك العشرات في تجمع رفعت فيه لافتة كتب فيها «قسما برب العزة، بعد سوريا على غزة» في وقت توجهت فيه دبابات النظام إلى حي كفرسوسة - شمال غربي - بعد قصف عنيف براجمات الصواريخ على كفرسوسة والأحياء الجنوبية والغوطة الشرقية، كما قال ناشطون إن قذيفة هاون سقطت على سوق الهال في حي الزبلطاني أوقعت كثيرا من القتلى والجرحى، وفي حي التضامن حيث تدور اشتباكات عنيفة، أعلن الجيش الحر عن تدمير دبابة في ساحة العاتقي وقتل طاقمها والمستترون خلفها من الشبيحة أثناء محاولتهم الدخول لساحة حي التضامن، بعدها اشتد القصف على الحي وأرسلت تعزيزات عسكرية بعد ظهر أمس، وفي مخيم اليرموك الذي يتعرض للقصف وعمليات عسكرية موسعة لقوات النظام منذ عدة أسابيع، مظاهرة حاشدة لأبناء مخيم اليرموك من جامع الوسيم ردا على القصف المستمر على مخيم اليرموك.
بعد صلاة الجمعة هتفت للمدن السورية المنكوبة ولغزة ونددت بوحشية نظام الأسد وعميله «أحمد جبريل» والاحتلال الإسرائيلي، وبعد المظاهرة تجدد القصف المدفعي على مخيم اليرموك. كما تواصل القصف على بلدة ببيلا جنوب دمشق بقذائف الهاون والمدفعية لليوم الحادي عشر على التوالي، مما أدى إلى حركة نزوح كبيرة، في ظل وضع إنساني كارثي حيث لا ماء ولا كهرباء ولا اتصالات مع نقص حاد في المواد الطبية والغذائية.
 
الأكراد يسيطرون على مناطق حدودية مع تركيا

لندن: «الشرق الأوسط»... في شمال شرقي سوريا بات المقاتلون الأكراد يسيطرون على عدد من المدن والقرى الحدودية مع تركيا، في خطوة يرى فيها محللون وناشطون نوعا من «التواطؤ» بين النظام وأبرز قوة كردية على الأرض من أجل استدراج المجموعات المسلحة وتوجيه رسالة سياسية إلى أنقرة.
ويؤكد سكان بلدة ديريك في محافظة الحسكة أن القوات النظامية السورية خرجت من منطقتهم سلميا. بعد هذا الخروج، تجمع مئات الأشخاص الثلاثاء قرب مقر أمني تم إخلاؤه ليستمعوا إلى موسيقى كردية ويرفعوا الأعلام الكردية ويستمعوا إلى خطابات بلغتهم الأم التي يطالبون منذ عقود بأن تصبح لغة رسمية ثانية بعد اللغة العربية. وقال عبد الكريم (56 عاما)، الضابط في لجان حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن أناس مسالمون، وحاولنا إخراج قوات الأسد بطريقة سلمية». وكان مقاتلون أكراد سيطروا السبت الماضي سلميا أيضا على مدينة عامودا وقبلها على تل تمر والدرباسية التي تضم معبرا حدوديا مع تركيا، بعد مفاوضات وضغوط ومظاهرات شارك فيها الأهالي.
وقد طالبوا القوات النظامية بالانسحاب لتجنيب مناطقهم معارك دامية شبيهة بتلك التي حصلت في مدينة راس العين الحدودية مع تركيا بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين وانتهت بسيطرة المعارضين عليها الجمعة قبل الفائت.
ولا يزال النظام السوري يسيطر على أكبر مدينتين في محافظة الحسكة وهما القامشلي والحسكة. ويضم شمال وشمال شرقي سوريا معظم الأكراد السوريين البالغ عددهم حوالي مليونين. وقال الناشط الحقوقي الكردي المستقل والصحافي مسعود عكو إن «المناطق الكردية خالية أساسا من أي وجود عسكري للقوات النظامية. لا توجد فيها قوات كما كانت الحال في حلب أو حمص أو ريف دمشق، لكن توجد مراكز أمنية».
ويصف عضو حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو فرع من حزب العمال الكردستاني التركي، بأنه «قوة الأمر الواقع». إلا أنه يشير إلى أن الأحزاب الكردية «تمكنت من تنظيم مناطقها كمجتمع مدني، فتعاملت مثلا مع أزمتي الغاز والمازوت في محافظة الحسكة لكن لا توجد قوة عسكرية كردية قادرة على استلام المنطقة الكردية ومحافظة الحسكة التي هي ثاني أكبر المحافظات السورية من حيث المساحة». ويضيف أن «تسليم منشآت الدولة لهذا الحزب هو لعبة. لا أقول إن الحزب عميل، لكن هناك توافق ورضا بين الطرفين».
ويكرر عكو «إنها لعبة قذرة من النظام. إنها رسالة إلى تركيا، لأن تركيا تساعد المعارضة السورية».
 
تزايد المخاوف من معسكرات التدريب لحزب الله بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية، تقديرات الجيش الأميركي تشير إلى أن مواقع الأسلحة الكيماوية في سوريا تزيد على الـ40

واشنطن: ديفيد سانغر وإيريك شميت* ... أبلغ البنتاغون إدارة أوباما بأن أي جهد عسكري يهدف للسيطرة على مخزونات الأسلحة الكيماوية في سوريا ربما يتطلب قرابة 75 ألفا من القوات العسكرية، وسط مخاوف متزايدة من أن يكون حزب الله قد أقام معسكرات تدريب صغيرة بالقرب من بعض مستودعات الأسلحة الكيماوية، بحسب مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.
وقد أثار الحجم المقدر للجهد المحتمل، المقدم للبيت الأبيض من قبل القيادة المركزية للجيش وهيئة الأركان المشتركة، تساؤلات حول ما إذا كانت ستتوافر للولايات المتحدة الموارد المطلوبة لاتخاذ إجراء سريع في حالة ما إذا تمكنت من الوقوف على حركة الأسلحة الكيماوية وأجبرت الرئيس أوباما، مثلما ذكر في أغسطس (آب)، على «تغيير حساباته» بشأن إرسال قوات أميركية إلى سوريا. ومن جانبه، رفض البيت الأبيض يوم الخميس التعليق على تقييم وزارة الدفاع.
ولم يتم بعد توجيه البنتاغون لوضع خطط مفصلة بشأن كيفية تنفيذ مثل تلك المهمة، بحسب مسؤولين عسكريين. كما أن هناك أيضا خطط طوارئ، على حد قول مسؤولين، لتأمين عدد أكثر محدودية من مستودعات الأسلحة الكيماوية السورية، مما يتطلب عددا أقل من القوات.
وعلى الرغم من ذلك فإن اكتشاف أن حزب الله قد أقام معسكرات على مقربة من بعض المستودعات أثار مخاوف مفادها أنه مع تعمق حالة الفوضى في سوريا، ربما تقع مستودعات الأسلحة الكيماوية الضخمة في الأيدي الخاطئة. لقد أخذ مقاتلو حزب الله يتدربون في «عدد محدود من هذه المواقع»، حسبما أفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى تم إطلاعه على تقارير استخباراتية.
وحتى الآن، ليس ثمة دليل على أن حزب الله، الذي أصبح نشطا بشكل متزايد في تأمين نظام الرئيس بشار الأسد، يبذل أي جهد من أجل الاستحواذ على الأسلحة الكيماوية. وقد يكون قراره بتدريب المقاتلين الموجودين على مقربة من مواقع الأسلحة الكيماوية الرئيسية، حسبما يتكهن بعض المسؤولين، متأصلا في صميم مراهنة على أن معسكراته لن يتم تفجيرها إذا ما أيقن الغرب أن قصف مستودعات الأسلحة ينطوي على مخاطرة.
وقد هدد الأسد بشكل معلن بشن هجوم مضاد خارج حدود بلاده إذا ما حاولت قوات خارجية التدخل في الموقف المتأزم الحالي من أجل خلعه، وتجددت المخاوف بشأن ما إذا كان هو أو أعوانه ربما يلجأون إلى استخدام الأسلحة الكيماوية كملاذ أخير. ويقول مسؤولون إن الهجمات على طول الحدود مع تركيا وإسرائيل قد أجبرت الإدارة على النظر في مخاطر اتساع نطاق مشكلات سوريا لتؤثر المنطقة بأسرها.
وقد كان أوباما واضحا على مدى أكثر من عام في تأكيده بشكل قاطع أنه سيرفض أي تدخل أميركي مباشر، لكنه في أغسطس (آب) ذكر أن أحد الظروف ربما تؤدي به إلى إعادة النظر في ذلك الموقف. «يتمثل خط أحمر بالنسبة لنا في أننا بدأنا نرى مجموعة كاملة من الأسلحة الكيماوية يتم تحريكها أو استغلالها»، هكذا تحدث في مؤتمر صحافي. وأضاف «من شأن هذا أن يغير حساباتي».
وأثار أوباما تلك المخاوف مجددا في مؤتمر صحافي عقده يوم الأربعاء الماضي، قال فيه إن الولايات المتحدة كانت على اتصال مباشر بتركيا والأردن «وأيضا بالطبع إسرائيل، التي لديها بالأساس مخاوف شديدة مثلنا، بشأن احتمال تحريك أسلحة كيماوية، الأمر الذي ربما يسفر عن مناخ مضطرب، وقد يكون له تأثير هائل ليس فقط داخل سوريا، ولكن على المنطقة بأسرها».
لقد زادت من حدة المخاوف الأميركية إشارة أخرى دالة على أن الأسد ربما يسلح نفسه من أجل شن هجوم: واردات سوريا المستمرة من تكنولوجيا الصواريخ، حتى في وقت يرزح فيه نظام الأسد تحت وطأة عقوبات.
إن سوريا لديها بالفعل ترسانة ضخمة من القذائف الصاروخية القادرة على الوصول إلى تركيا أو مهاجمة إسرائيل، وفي الماضي، زودت حزب الله بقذائف صاروخية. غير أن مسؤولين أميركيين يعبرون عن مخاوف بشأن التطويرات المتواضعة في مستودعات القذائف الصاروخية في سوريا.
وقال مسؤولون استخباراتيون وأمنيون أميركيون، في مقابلات أجريت معهم خلال الأيام الماضية، إن الولايات المتحدة قد جمعت أدلة مفادها أن كوريا الشمالية قد استأنفت تزويد سوريا ببعض تقنيات الصواريخ، بما في ذلك صواريخ «سكود».
لقد عثر على شحنة من أسطوانات الغرافيت التي يمكن استخدامها في تصنيع قذائف صاروخية يشتبه أنها أتت من كوريا الشمالية في مايو (أيار) على متن سفينة صينية في طريقها إلى سوريا، حسبما ذكرت وكالة أنباء «رويترز» يوم الأربعاء الماضي. لقد كثف فنيون ومهندسون من كوريا الشمالية موجودون في سوريا مؤخرا جهودهم في إطار برنامج مشترك للارتقاء بمستوى دقة صاروخ «سكود – دي» وقدرة القذائف على إلحاق الهزيمة بالطائرات التي تخترق المجال الجوي، حسبما ذكرت مجلة «آي إتش إس جين إنترناشيونال ديفنس ريفيو» في يونيو (حزيران).
بالنظر إلى حالة الفوضى في سوريا، وسعي الأسد اليومي الحثيث من أجل البقاء، ليس من الواضح وضع برنامج الصواريخ السوري. لقد عبر الجيش التركي عن مخاوفه من القذائف بعيدة المدى في سوريا ومستودعات الأسلحة الكيماوية خاصتها. وبدافع من مخاوفها من هذا التهديد المحتمل، عكفت تركيا ودول حلف شمال الأطلسي بشكل غير رسمي على مناقشة احتمالية إرسال جانب من نظام «باتريوت» المضاد للصواريخ إلى تركيا، التي لا تملك بطاريات صواريخ «باتريوت» خاصة بها.
وأعرب محللون مستقلون عن مخاوفهم من أنه في حالة إجبار الأسد على التنحي ربما يستخدم أو يهدد باستخدام قذائف جنبا إلى جنب مع أسلحة كيماوية ضد الثوار، على الرغم من التهديد بالتدخل الغربي في حالة قيامه بذلك.
وقالت إيميلي هوكايم، محللة شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «هناك معلومات مؤكدة تفيد بأن نظام الأسد يعكف على تحديث وتوسيع نطاق ترسانة أسلحته الكيماوية، التي يحتاجها من أجل بقائه». وأضافت «هناك حاجة أيضا إلى قدرة توصيل معقولة، ومن ثم إلى كوريا الشمالية».
جاءت التقديرات التي تشير إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى 75 ألفا من القوات لإبطال تأثير الأسلحة الكيماوية من أن أوباما، في مؤتمره الصحافي الذي عقده في أغسطس، أشار إلى خطط طوارئ مكثفة تتعلق بكيفية استجابة الولايات المتحدة في حالة تحريك الأسلحة الكيماوية أو ظهورها في موضع تهديد.
«المشكلة هي أنه لا يمكنك الاكتفاء بالتقاط هذه الأسلحة وشحنها خارج البلاد»، هكذا تحدث مسؤول عسكري رفيع المستوى عكف على دراسة المشكلة. كانت احتمالات حدوث تلوث بالمدن السورية القريبة، وشن هجمات تستهدف الجهود الرامية لتحريك الأسلحة، كبيرة جدا. ونظرا لأن عددا كبيرا من الحاويات التي تحمل المادة عتيقة، أو غير موثوق في درجة متانتها، فقد يكون خطر حدوث تسرب كبيرا.
نتيجة لذلك، بحسب المسؤول، فإن معظم مخزون الأسلحة الكيماوية ربما يجب تدميره في مكانه. يعتبر هذا عملا مطولا وخطيرا، وقد يتطلب تأمينا ضخما حول المواقع. حينما قامت الولايات المتحدة بجهود مماثلة من أجل تدمير مخزونها من الأسلحة، في ظل قوانين بيئية صارمة قد لا يمكن تطبيقها في سوريا، استغرقت العملية عدة سنوات.
وقد شكك مصدر رسمي ثان مطلع على الخطط في فكرة أن مخزون الأسلحة بأكمله يجب تدميره. وأشار إلى أنه يمكن نقل جزء منه جوا لتدميره في أي منطقة أخرى أو دفنه في أعماق البحار. وقال «هناك عدة خيارات، لكنها كلها تحمل درجات متباينة من المخاطر». وقال ذلك المسؤول إن مجموعات الثوار التي تتلقى مساعدات لا تتضمن أسلحة من الولايات المتحدة طلب منها تحديد وتأمين أي مواقع أسلحة كيميائية تمر بها.
لدى الولايات المتحدة تقديرات متباينة بشأن عدد المواقع الموجودة، حيث تشير تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى وجود نحو ستة وثلاثين موقعا، فيما تشير تقديرات الجيش الأميركي إلى أنها تزيد على 40 موقعا.
وقال المسؤولون إن الجيش الأميركي قد أرسل في هدوء فرقة عمل مكونة من أكثر 150 مخططا ومتخصصا آخر إلى الأردن لدعم القوات المسلحة هناك، من أجل الاستعداد لاحتمالية فقدان سوريا السيطرة على أسلحتها الكيماوية، باعتبارها واحدا من الاحتمالات الخطيرة القائمة.
* أسهمت إليزابيث بوميلر ومايكل غوردون في كتابة التقرير
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
المعارضة السورية وانتقادات الخارج!

أكرم البني... جريدة الشرق الاوسط.... شجعت هيلاري كلينتون في دعوتها لتجاوز زعامة المجلس الوطني وتوسيع تمثيل المعارضة السورية بعض أطرافها على إحياء مبادراتهم واجتهاداتهم لتطوير العمل المعارض ومعالجة وجوه العجز والتقصير التي رافقته لأكثر من عام ونصف العام من عمر الثورة، وكان الوليد الائتلاف الوطني السوري.
ليس أمرا جديدا أو مستغربا أن تحفز انتقادات الخارج حراكا في الوسط المعارض، وهو المعروف بحساسيته وسرعة استجابته لما يسمى النصائح العربية والغربية الداعمة للثورة، وكلنا يذكر كيف تسابق المعارضون لعقد المؤتمرات بين أنطاليا وإسطنبول وإعلان مجالس وطنية تلبية لإشارات صدرت عن هذا الطرف الخارجي أو ذاك، كشرط لتقديم الدعم الضروري للثورة وتشبها بالدور الذي لعبه المجلس الوطني الانتقالي الليبي.
وفي السياق ذاته، لا ننسى حماس المعارضين لتوحيد صفوفهم بعد الدعوات التي أطلقها مؤتمرا تونس وإسطنبول، وتلبيتهم نداء رئاسة الجامعة العربية لعقد اجتماع موسع في القاهرة أثمر وثيقتي «العهد الوطني» و«رؤية مشتركة لتحديات المرحلة الانتقالية» للظهور بحلة جديدة وللتكلم بصوت واحد أمام مؤتمر باريس لأصدقاء الشعب السوري، كما لا ننسى سرعة التقاط بعض المعارضين لتصريح وزير الخارجية الفرنسي عن استعداد بلاده للاعتراف بحكومة انتقالية تشكلها المعارضة، للبدء بنشاط مكثف من أجل تشكيل هذه الحكومة وطرح مبادرات متعجلة لأسماء وشخصيات يعتقد من يرشحها أنها محط قبول من الجميع!
كل ما سبق هو إشارات واضحة تدل على حجم الاهتمام الذي تعيره أهم أطراف المعارضة السورية للانتقادات والاقتراحات الخارجية، ولا يغير من هذه الحقيقة تصدي المجلس الوطني السوري لدعوة كلينتون عندما انتقدت دوره القيادي، ومجاهرته باستقلاليته، وبأن سياسته ومواقفه وخططه التنظيمية لا تخضع لإملاءات أحد.
ولكن، وبعيدا عن لغة الاتهام، فإن ما يجري هو أمر مفسر، ويعود إلى أسباب كثيرة:
أولا، ارتباك المعارضة السورية وهشاشة حضورها وضعف ثقتها بنفسها أمام دور مفاجئ لملء فراغ سياسي لم يكن في حساباتها، ولنقل: ألقي على عاتقها في غفلة من الزمان، ربطا بجذور تشكلها وخصوصية تطورها بعد سنوات طويلة من الاستبداد ومعاناة مريرة من القمع والإقصاء، تركت آثارا سلبية عميقة على صحة أحوالها وحاصرت دورها وحدّت من فاعليتها، ناهيكم عن حضور الحسابات الأنانية وروح التنافس المرضي بين بعض أطرافها، مما يفسر تكاثر الأخطاء وأجواء التنابذ وتبادل الاتهامات، زاد الطين بلة انسداد أفق الحلول السلمية، وانعدام أي فرصة لوضع الحالة السورية على سكة المعالجة السياسية، مما أفقد المعارضة الدور المنوط بها، الذي كان يفترض تعويضه بتقديم إجابات شافية عن أسئلة ملحة تشغل بال الكثيرين حول سياق عملية التغيير وشروطها وما يكتنفها من منزلقات ضمن خصوصية المجتمع السوري بتعدديته وحساسية ارتباطاته الإقليمية والعالمية.
ثانيا، ضعف تأثيرها في الحراك الشعبي بسبب قوة عفويته وتباين النشأة والتكوين والتجربة بينهما وانجرار الكتلة الأهم منه نحو منطق الغلبة والسلاح، لتبدو المعارضة السورية مع وجود جسمها الرئيسي في الخارج، كأنها تركض لاهثة لتلحق بنبض الشارع، وفي أحسن الأحوال، كرد فعل أو صدى لصوت الثورة وما يحققه الوجود العسكري على الأرض.
وللأسف، بعد هذا الزمن الطويل وفداحة ما قدم من دماء وتضحيات، لم تستطع المعارضة السورية تدارك هذه النقيصة أو تنجح في استحضار دور سياسي نشط يتفاعل مع مكونات الحراك الشعبي وهمومه، خاصة مع المكون العسكري وتوحيد صفوفه وتصويب مساره، والأهم عدم نجاحها في كسب ثقة الناس أو على الأقل إزالة إحساسهم بأن قوى المعارضة على كثرتها وتنوعها لم تقدم لهم شيئا إلى الآن وتبدو كمن تدور في حلقة مفرغة، أمام حاجة ملحة لسد فراغ سياسي حيوي ومد الثورة بأسباب الدعم، مما أشاع حالة من الشك حول كفاءتها ومدى جديتها في قيادة التغيير، وبأن بعضها يحاول ركوب الموجة، ليبيع ويشتري، على حساب دماء الحراك الشعبي وتضحياته.
ثالثا، الدور الكبير الذي يحتله العامل الخارجي والإرادة الدولية وطابع قراراتها في تقرير نتائج الكثير من الأزمات الإقليمية والصراعات الوطنية، عزز حضوره في الوعي السوري فاعليته في الثورات العربية الأخرى، والأسوأ طموح شخصيات معارضة لتبوء موقع أو دور سياسي يقارب أدوار معارضة المهجر في تونس وليبيا، وانشغالهم بالتحضير لهذا الدور والموقع في ضوء رهانهم على سقوط سريع ودراماتيكي للنظام السوري، زاد الأمر تعقيدا السلوك المستفز لهذا الأخير في توظيف تحالفاته الخارجية من أجل تعزيز سيطرته واستجرار مساندتها ودعمها في مواجهة الاحتجاجات والتنكيل بها.
والحال، لم تعد ثمة قوة من المعارضة السورية ذات وزن لا تقول بدور خارجي مساعد للثورة، حتى من كانوا من أشد المدافعين عن التغيير الداخلي الصرف، ليس فقط بسبب انكشاف حجم الدعم الخارجي الذي يتلقاه النظام، أو لاستهتاره المريع بالمعالجات السياسية أو بأي مبادرة لتخفيف حدة العنف، بل بسبب شدة معاناة المهجرين والمشردين والمنكوبين وازدياد الحاجة للتدخل الدولي ولما تقدمه هيئات الإغاثة الإنسانية.
لا تزال الأوضاع السورية تتفاعل، ويحتمل دخولها في أطوار جديدة، يصعب التكهن بأنماطها وبماهية المخاطر أو الآفاق الكامنة وراءها، وإذا كانت العوامل الإقليمية والدولية مرشحة للتطور، خاصة بعد تشكيل الائتلاف الوطني، فإن المرء لا يحتاج إلى التأمل كثيرا كي يستنتج أنه إذا كان من المهم وجود حساسية لالتقاط جديد مواقف الخارج وانتقاداته، فإن المهم هو قدرة المعارضة على تفهم صحة تنوعها وتباين أدوارها، والأهم أولوية تنمية قدراتها على خلق قنوات للتنسيق والتكامل مع الداخل، بما يرسخ أقدام الحراك الثوري ويطمئن الجميع، خاصة القطاعات المترددة، على مستقبل البلاد، وربما لن يتأخر الوقت كثيرا إلا ويقف الجميع أمام صورة جديدة لمعارضة سورية تسعى بالأقوال والأفعال كي تنال ثقة الناس، وهمها الرئيسي هو التنافس الصحي على المزيد من الإيثار والتضحية لنصرة مجتمع الحرية والكرامة.
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,641,059

عدد الزوار: 6,958,666

المتواجدون الآن: 67