أخبار لبنان..جبهة الجنوب تحتدم وموقف هستيري لنتنياهو: سنسحق لبنان!..ميقاتي "مُطمَئن" ونتنياهو يتوعّد و"حزب الله" يهاجم "الثرثارين"..دفعة أثمان حرب "على الحساب": شلل سياسي واقتصادي..وعزلة..المسارُ التصادُمي يحتدم على جبهة جنوب لبنان..فهل يقع الأسوأ؟..سكّان الضاحية يعيشون على توقيت غزة..برّي والمسيحيّون: تقاطع الغياب في أزمة مصيرية..40 سنة على الهروب الدموي للأميركيين من لبنان..

تاريخ الإضافة الإثنين 23 تشرين الأول 2023 - 5:01 ص    عدد الزيارات 546    التعليقات 0    القسم محلية

        


جبهة الجنوب تحتدم وموقف هستيري لنتنياهو: سنسحق لبنان!..

بلينكن على خط التحذيرات.. وبوحبيب إلى دمشق اليوم

اللواء...لم تتخطَ «حرب المواقع» على امتداد جبهة طولها اكثر من 100 كلم، المخطط المرسوم لها. فعلى الرغم من ضراوة المواجهة، وارتفاع عدد شهداء حزب الله الى 22 شهيداً (نعاهم الحزب ببيانات رسمية، وشيع معظمهم)، لم تهدأ حركة «الفر والكر» عبر قصف اهداف عسكرية للاحتلال على عمق يتراوح بين 2 و5 كلم، عند الطرف الآخر من الحدود، والرد الصاروخي والمدفعي، وعبر المسيرات على المقاومة المنتشرة في التلال والأودية من الظهيرة وعيتا الشعب ومرواحين ومارون الراس وعيترون والعديسة والخيام الى كفرشوبا ومزارع شبعا. وفضلا عن انهاك وحدات النخبة في الجيش الاسرائيلي وسقوط القتلى والجرحى بين الضباط والجنود، ضمن معادلة تحييد المدنيين، بدأت القيادة في اسرائيل على المستوى الرسمي والعسكري توسيع دائرة التهديد للبنان من إلحاق خسائر موجعة بضربات توجه اليه اذا لم يوقف حزب الله عملياته، وآخرها ما جاء على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بما ان حزب الله سيرتكب اكبر خطأ في حياته اذا ما قرر الدخول في الحرب بالتزامن مع طلب من وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن من الرئيس نجيب ميقاتي السعي لمنع حصول انفجار واسع اذا قرر حزب الله الدخول في الحرب، ثم جاء وزير الدفاع لويد اوستن ليرفع من وتيرة التهديد، عبر رسالة لايران، تضمنت ان الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد اي منظمة او بلد، يسعى الى توسيع النزاع في الشرق الاوسط بين اسرائيل وحركة حماس. وحالة الارباك التي احدثتها المقاومة في الجنوب، فضلا عن الرسائل المشفرة التي لم يتأخر الاحتلال في قراءتها، أدّت إلى تحرك رئيس حكومة اسرائيل نتنياهو باتجاه الحدود اللبنانية، وقال من هناك: مستعدون لكل السيناريوهات، وسنرد بحزم على حزب الله اذا قرر المواجهة.. وسيواجه حزب الله حربا اقوى من الـ2006، مؤكدا من مقر قيادة المنطقة الشمالية: سنسحق لبنان، وسيشتاق حزب الله لحرب لبنان الثانية. وسط هذه الاجواء، أكدت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن لبنان لا يزال في دائرة متابعة التطورات، ويضع المسؤولون والأحزاب جميع الاحتمالات أمامهم سواء بالنسبة إلى التهدئة أو التصعيد في الجنوب. وقالت هذه الأوساط أن خطة الطوارىء التي وضعتها الحكومة قائمة وهناك قطاعات اقتصادية وتربوية وضعت المعنيين باعتمادها خطط معينة لمواجهة أي تطور سلبي، وهناك رسائل بدأت بالوصول من عدد من المدارس إلى أهالي الطلاب حول التدابير الاحترازية إذا تفاقم الوضع ومنها العودة إلى التدريس عن بُعد ، مشيرة الى ان الرئيس نجيب ميقاتي يواصل في الوقت نفسه اتصالاته الهادفة الى الاستقرار وليس مستبعدا عقد جلسة لمجلس الوزراء قريبا. في الوقت نفسه لاحظت الأوساط أن مواقف عدد من الدول بدأت تظهر بشأن التحذير من فتح عدة جبهات.

بو حبيب إلى دمشق

وعلى خط الاتصالات مع سوريا، يتوجه اليوم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الى دمشق للقاء نظيره السوري فيصل المقداد، والبحث في مواضيع ذات اهتمام مشترك، من قضية النازحين في ضوء المعارك الجارية في غزة وجنوب لبنان، وانعكاساتها على لبنان وسوريا.

جولة باسيل

سياسياً، يبدأ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل جولة على القيادات السياسية بهدف البحث عن سبيل حماية لبنان والوحدة الوطنية. ومن بنت جبيل، اعلن النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله ان اسرائيل كانت تعد لضربة استباقية على لبنان، ولا خيار امامنا سوى استخدام حقنا المشروع في الدفاع عن بلدنا.

الوضع الميداني

ولليوم السادس عشر على التوالي، بقي الوضع الأمني المتوتر في الجنوب اللبناني محافظا على حرارة متصاعدة من التصعيد.ولم تخرج العمليات العسكرية وتبادل القصف عن اطار ضوابط اللعبة التي تلتزم بها اطراف القتال. وخلال الساعات الماضية، ادى قصف «حزب الله» على مواقع الاحتلال الاسرائيلي الى احتراق سواتر ومحيط موقع البياض مقابل بلدة بليدا، اضافة الى قصف موقعي العباد ومسكاف عام، وموقع حانيتا، وموقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وتلال كفرشوبا بالصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية، وحقق القصف وفق بيان الحزب «اصابات مؤكدة، وتدمير كمية من تجهيزاته الفنية والتقنية». ومساء امس، استهدفت المقاومة الاسلامية موقع رويسات العلم في مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا بالاسلحة المدفعية، وحققت اصابات مباشرة، كما استهدفت موقعي العباد ومسكاف عام بالصواريخ الموجهة. وقررت اسرائيل اخلاء 14 مستوطنة ضمن مسافة 5 كلم عن الحدود مع لبنان. وليلاً، تمكن الصليب الاحمر والجيش اللبناني، بمؤازرة قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفيل» من سحب جثث 6 شهداء لحزب الله من خراج بلدة راميا.

ميقاتي "مُطمَئن" ونتنياهو يتوعّد و"حزب الله" يهاجم "الثرثارين"

دفعة أثمان حرب "على الحساب": شلل سياسي واقتصادي... وعزلة

نداء الوطن....يمضي لبنان بخطى حثيثة على طريق جلجلة حرب غزة التي دخلت أمس يومها السادس عشر. وفيما يتصاعد لهيب المواجهات على الحدود الجنوبية، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خط التهديدات ضد «حزب الله» أولاً، ثم لبنان تالياً. في المقابل، كان موقف «الحزب» ثابتاً في المضي في هذه المواجهات، فيما عبّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن «اطمئنانه» الى عدم انزلاق مواجهات الجنوب الى الحرب. كيف بدا المشهد العام في لبنان وسط كل التطورات الميدانية والسياسية؟ تجيب مرجعية سياسية لـ»نداء الوطن» فتقول: «يمكن تحديد المضاعفات الجانبية للحرب القائمة منذ أسبوعين بالنقاط الآتية:

- شلل العمل السياسي في لبنان، وتوقف البحث في الملف الرئاسي كلياً، ما يعني أنّ لبنان في حال حرب، والسياسيين في حال انتظار.

- شلل حركة السفر وتوقف شركات طيران عدة عن القدوم الى مطار بيروت، وتقليص رحلات طيران الشرق الأوسط، وسحب التأمين، ما يؤثر على حركة النقل الجوي، ناهيك عن تأمين البواخر المبحرة الى لبنان مع البضائع التي يمكن ان يشملها هذا الإجراء.

- شلل شبه تام في الحركة الاقتصادية والقرارات في المؤسسات والشركات، فالمؤسسات التي تعمل مع دول أخرى، تتحسب لنقل موظفيها الى الخارج أو الى مناطق آمنة في لبنان، كي لا يتأثر عملها.

- بلدان عدة سحبت رعاياها من لبنان بسبب الأوضاع وهي تترقب تطور الوضع».

ماذا عن التطورات الميدانية أمس؟

على الجانب اللبناني، أعلن «حزب الله» مقتل خمسة من عناصره من دون أن يحدّد الزمان، لترتفع بذلك حصيلة التصعيد في لبنان إلى 34 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون من «الحزب»، إضافة الى ستة مقاتلين من فصائل فلسطينية وأربعة مدنيين. أما على الجانب الاسرائيلي، فكانت حصيلة المواجهات حتى الآن مقتل ثلاثة أشخاص، على الأقل، أعلنت عنهم اسرائيل. وأفيد عن قصف إسرائيلي طال مناطق حدودية عدة، تزامناً مع تحليق كثيف للطيران. وأعلن الجيش الاسرائيلي أن قواته «رصدت خلية تحاول إطلاق صواريخ مضادة للدروع في اتجاه منطقة أفيفيم على الحدود مع لبنان»، مشيراً إلى أنّ قواته شنت «ضربة على الخلية قبل أن تتمكن من تنفيذ الهجوم». كذلك، أطلق مقاتلون من الجانب اللبناني صاروخاً مضاداً للصواريخ على دبابة إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، وفق الجيش الإسرائيلي الذي أعلن عدم وقوع إصابات أو أضرار. ومن الميدان الى السياسة، حيث قال الرئيس ميقاتي في بيان إن «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدّد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». وإذ أشار إلى أن الحكومة تعمل على وضع «خطة طوارئ من باب الحيطة»، أردف قائلاً: «مطمئنون الى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لاعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ». وفي مقابل الموقف الحكومي، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «بدل أن يشغّل بعض الثرثارين ألسنتهم وأدمغتهم في البحث عن دور المقاومة في لبنان في دعم غزة وقضيتها وأهلها، فليطالبوا النظام العربي من أجل أن يلغي مشروعية التطبيع الحاصل بينه وبين العدو الصهيوني». وقرر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، إبتداءً من اليوم، التحرك في جولة تشاورية على القيادات السياسية في البلاد عنوانها «حماية لبنان والوحدة الوطنية». أما في إسرائيل، فقد حذر نتانياهو أمس من أن «حزب الله» «سيرتكب أكبر خطأ في حياته» إذا ما قرر الدخول في حرب ضد الدولة العبرية. وقال خلال تفقده قوات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان «سيترحمون على حرب لبنان الثانية (2006)». وخلص في تهديداته العدوانية الى القول: «سنضربه بقوة لا يمكن تخيّلها وسيكون أثرها على الدولة اللبنانية مدمراً».

«مطاحنة ديبلوماسية» متعددة الطرف في المنطقة وتهديداتٌ إسرائيلية بمكبرات الصوت لـ «حزب الله»

المسارُ التصادُمي يحتدم على جبهة جنوب لبنان... فهل يقع الأسوأ؟

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- إسرائيل وسعت رقعة قصف بلدات لبنانية لتصل الى عمق 5 كيلومترات

- «حزب الله» نعى 12 عنصراً في 24 ساعة وينوّع استهدافاته للمواقع الإسرائيلية

- ميقاتي تحدث هاتفياً مع أبوالغيط وتلقى اتصالاً من شكري

- ازدياد حركة النزوح من قرى التماس جنوب لبنان و1500 عائلة لبنانية وسورية في مدارس صور

يحتدم المسارُ التصادُمي على الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل، في ظل زيادة جُرعة التصعيد المتبادَل في الميدان وبمكبّرات الصوت بما يوحي إما بأن دخول «بلاد الأرز» الحرب بات قاب قوسين، وإما بأن الأمر هو امتدادٌ للتدافع الخشن الديبلوماسي والسياسي و«عروض القوة» العسكرية في المتوسط في سياق محاولةٍ لإرساء توازن ردع، بين إسرائيل مدعومةً من واشنطن والغرب على قاعدة «حماية ظهر» تل أبيب في الغزو البري لغزة ومنْع انخراط حلفاء «حماس» الإقليميين في المعركة لـ «نجدتها»، وبين «محور الممانعة» بقيادة إيران لضمان عدم «استفراد» إسرائيل الحركة والضغط لوقف تدحرج «كرة النار» قبل أن تحرق... أوراقاً استراتيجية. ومن اتساع رقعة عمليات «حزب الله» على طول الحدود الجنوبية واستهدافه مواقع جديدة يومياً ومنظومات الرصد الإسرائيلية، إلى الردّ الإسرائيلي بقصْف بات يطاول عمق 5 كيلومترات في الأراضي اللبنانية، وبينهما نعي الحزب 12 عنصراً سقطوا في نحو 24 ساعة، أوحت الوقائعُ الميدانية المتدحرجةُ بأنّ الجبهةَ الشمالية للدولة العبرية التي تتقاسم المشهدَ العسكري مع غزة تكاد أن تتقدّم على الأخيرة في الاهتمام الذي توليه لها تل أبيب وكبار مسؤوليها، من دون أن يكون ممكناً الجزم:

هل أن الأمر هو في إطار محاولةٍ لاستعادة عنصر المباغتة في ما خص الاجتياح البري لغزة ولا سيما في ظل إيحاءات وتسريباتٍ عن فرْملةٍ للعملية.

أم في سياقات رغبةٍ بربْط جبهاتٍ أخرى بالنار والاستفادة من عنصر التفوق الذي يشكّله الحضور الأميركي الوازن في البحر لاستدراج «حلٍّ متعدد الساحة».

وكان بارزاً أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي عادت «متاعبه» الداخلية التي عزّزها إحياء «حماس» ورقة الرهائن بإطلاق الأسيرتيْن الأميركيتيْن، انبرى أمس ومن على الحدود مع لبنان لتوجيه سلسلة إنذاراتٍ أكد فيها «اننا نخوض معركة مزدوجة في جبهتيْ لبنان وغزة»، معلناً «أن حرب غزة(حياة أو موت) بالنسبة لإسرائيل ولا يمكننا الجزم في مسألة دخول حزب الله بحرب كاملة ضدنا، ولكن إذا قرر الحزب ذلك سيرتكب خطأ حياته، سنضربه بقوة لا يستطيع حتى تصورها والحالة في لبنان ستكون مدمّرة». وسبق ذلك تهديد وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات بـ «قطع رأس الأفعى» في حال دخل «حزب الله» الحرب بشكل حقيقي، مؤكداً«إسرائيل لن تقضي على حزب الله فحسب، ولكننا سنستهدف إيران بالفعل، ونقول لأعدائنا إذا قمتم بمهاجمتنا فسنقوم بمسحكم من على وجه الأرض». ولاقت الولايات المتحدة هذا التسخين الكلامي الإسرائيلي عبر موقفين بارزين لكل من وزير الدفاع لويد اوستن الذي أعلن«اننا نتوقع تصعيداً كبيراً في الشرق الأوسط بسبب أفعال وكلاء إيران وزيادة خطر الهجمات على قواتنا في المنطقة»، محذراً من أن واشنطن«لن تتردد في التحرك عسكرياً اذا توسّع النزاع في المنطقة»، ووزير الخارجية انتوني بلينكن الذي أشار الى«أننا نرى احتمالاً لتصعيد الحرب في الشرق الأوسط بسبب أفعال وكلاء إيران، وواشنطن لا تريد تصعيداً». وفيما كانت واشنطن تؤكد أنّها سترسل منظومة دفاع جوي من طراز«ثاد»وكتائب إضافية من أنظمة الدفاع الصاروخية باتريوت إلى الشرق الأوسط، مع اتخاذ إجراءات أخرى بينها وضع عدد غير محدد من القوات في حالة الاستعداد للانتشار في إطار خطط الطوارئ وذلك رداً على الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها قواتها في المنطقة و«بعد مناقشات مستفيضة مع الرئيس جو بايدن في شأن التصعيد الأخير من إيران والقوى التي تعمل بالوكالة عنها في جميع أنحاء الشرق الأوسط»، رفعت طهران بدورها التحدي بلسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان الذي نبّه إلى أن المنطقة على برميل بارود وأي خطأ آخَر يمكن أن يفجّرها»، محذراً «الولايات المتحدة وإسرائيل من خروج أوضاع المنطقة عن السيطرة في أي لحظة». وتطايرت هذه المواقف التي بدت أقرب الى «دق نفير» الحرب من فوق رأس لبنان الرسمي الذي بدا وكأنه يستعدّ لأسوأ «لا كلمة له» فيه، والذي أكد رئيس حكومته نجيب ميقاتي أمس أنّ «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». وميقاتي، الذي تحدّث هاتفياً مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط وتلقى اتصالاً من وزير الخارجية المصري سامح شكري وضعه خلاله في نتائج «قمة القاهرة للسلام» التي غاب عنها لبنان، قال أمام زواره «أتفهّم شعور الخوف والقلق الذي ينتاب اللبنانيين جراء ما يحصل، ودعوات عدد من السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان، لكنني لن أتوانى عن بذل كل الجهود لحماية لبنان». وأضاف: «الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل، هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة، لأننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا في الوقت ذاته مطمئنون الى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ». وتابع: «كذلك، فإن التدابير المتخَذة في مطار رفيق الحريري الدولي من قبل شركة طيران الشرق الأوسط هي أيضاً من باب الوقاية والحذر، والاعتبارات المتعلقة بإدارة المخاطر، ولم نتلق أي معطيات تفيد بأي أمر جلل قد يحصل في المطار. وأدعو أهلنا الى الوثوق بأننا مستمرون في الجهد المطلوب لإبعاد كل أذى عن لبنان». وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر كشف مضمون الاتصال الذي جرى بين بلينكن وميقاتي قبل يومين معلناً «تحدث وزير الخارجية مع رئيس الوزراء اللبناني لتأكيد دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني، وهو أشار إلى القلق المتزايد في شأن التوترات المتزايدة على طول الحدود الجنوبية للبنان». وجدد بلينكن التشديد على «أهمية احترام مصالح الشعب اللبناني، الذي سيتأثّر بانجرار لبنان إلى الصراع الذي أثاره هجوم(حماس)على إسرائيل»، مُعرباً «عن تعازيه لعائلات المدنيين اللبنانيين الذين فقدوا أرواحهم بشكل مأسوي نتيجة للنزاع». كما أكد «استمرار دعم الولايات المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، الضامنين الشرعيين الوحيدين لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه».

استهدافات متبادلة

وفي المشهد الميداني، «نوّع»، «حزب الله» أمس في استهدافاته لمواقع إسرائيلية بدءاً من داخل مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا الى نقاط أخرى عسكرية مقابل عدد كبير من البلدات اللبنانية الحدودية. وفيما أدى قصف موقع «البياض» الإسرائيلي مقابل بلدة بليدا إلى احتراق سواتر الموقع ومحيطه، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن استهداف الحزب مواقع للجيش في الشمال أدى لتعطيل جزء من منظومة الرصد على طول الحدود، وسط تقارير عن أن الحزب قصف الأجهزة التقنية على برج موقع «العباد» عند حدود بلدة حولا بصواريخ موجّهة. كذلك، استهدف «حزب الله» موقع ظهر العاصي الإسرائيلي مقابل ميس الجبل، وموقع المالكيّة وذلك بعد هجوم أيضاً على مستعمرة مسكافعام بالأسلحة الرشاشة والمدفعية وعلى ثكنة برانيت. وردّاً على هذه العمليّات، قصفت المدفعيّة الإسرائيليّة مناطق في جنوب لبنان، تركّزت عصراً على بلدة عيترون حيث أشارت تقارير الى استهداف سيارة بداخلها 6 أشخاص، قبل أن تعلن قناة «المنار» «أن مسيّرة للعدو الصهيوني استهدفت سيارة مقابل موقع المالكية بجانبها عائلة من العمال السوريين كانوا يعملون في أحد حقول عيترون، وأدت الغارة إلى جرح سوري واحد ونجاة العائلة» مؤكدة «أن حديث العدو عن استهداف خلية لحزب الله في المنطقة غير صحيح». وشمل القصف الاسرائيلي بلدات بليدا وحولا حيث سقطت قذيفة على منزل وتسببت باحتراقه، وأطراف راميا وعيتا الشعب وعلما الشعب والضهيرة وبركة اليابسة في سهل مارون الرأس ومرتفعات حلتا وأطراف كفرشوبا ومنطقة المرج (في أطراف حولا) وقرى أخرى. وكان ليل السبت – الأحد اعتُبر الأكثر سخونة منذ بداية الحرب، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية «ان الرقعة الجغرافية للاعتداءات الاسرائلية اتسعت لتتعدى عمق 5 كيلومترات داخل لبنان من الخط الأزرق»، فيما «ازدادت حركة النزوح للسكان في القرى المتاخمة للخط الأزرق في اتجاه المناطق الأكثر أمناً، حيث يوجد في مدينة صور أكثر من 1500 عائلة لبنانية وسورية، توزعت على عدد من مراكز الإيواء في المدارس الرسمية والخاصة أعدّتها للغاية نفسها وحدةُ إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور التي أعلنت أكثر من مرة عن ضعف الإمكانات لتأمين حاجات النازحين». من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس استهداف خلية عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن تلك المجموعة كانت تستعدّ لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات باتجاه مستوطنة أفيفيم، بعدما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن إصابة 3 جنود إسرائيليين بجروحٍ إثر استهدافهم بصاروخٍ مضاد للدروع انطلقَ ليل السبت من لبنان باتجاه منطقة برعام، ومتحدثة عن إطلاق نار على شبان في الجانب اللبناني من جبل الشيخ. ووفق الصحيفة فإن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت صاروخ أرض - جو انطلق من لبنان أيضاً، وأنّه تقرر إخلاء 14 مستوطنة إضافية بالقرب من الحدود مع لبنان تقع على بُعد 2 إلى 5 كيلومتراتٍ من الحدود (تضاف الى 28 مستوطنة كان تقرر إخلاؤها).

نجيب ميقاتي: مستمرون في الاتصالات الدبلوماسية لمنع تمدد الحرب إلى لبنان

الجريدة...أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم الأحد أن حكومته تقوم بالاتصالات الدبلوماسية الدولية والعربية واللقاءات المحلية من أجل منع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان. ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن ميقاتي قوله أمام زواره في قصر السراي الحكومي «إنني أتفهم شعور الخوف الذي ينتاب اللبنانيين جراء ما يحصل من اعتداءات إسرائيلية على جنوب لبنان»، مشدداً على أنه لن يتوانى عن بذل كل جهد لحماية لبنان وإبعاد الأذى عنه. وأضاف أن الاجتماعات والاستعدادات التي تقوم بها حكومته هي من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد ينتج عن التصعيد العسكري في الجنوب، معتبراً أنها «خطوة وقائية استباقية من باب الحيطة والحذر». وأعرب ميقاتي عن اطمئنانه لأن «أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ». وأوضح أن التدابير المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت من قبل بعض شركات الطيران هي أيضاً من «باب الوقاية والحذر» واعتبارات إدارة المخاطر المعمول فيها عالمياً، مشيراً إلى أن هذه التدابير تعد «استثنائية لفترة وجيزة ليعود بعدها الوضع إلى طبيعته». وبيّن رئيس الحكومة اللبنانية أنه في وقت الأزمات والمحن تكثر الشائعات والأخبار الكاذبة «وهي جزء من الحرب النفسية على اللبنانيين لإحباطهم»، معرباً عن ثقته في أن الشعب اللبناني سيتجاوز الظروف «الحالية الاستثنائية كسابقاتها». يُذكر أن الحدود اللبنانية الجنوبية تشهد منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» من قطاع غزة في السابع من الشهر الجاري توتراً عسكرياً من حين لآخر من إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة واستهداف مواقع عسكرية لجيش الاحتلال وقصف الأخير بالمدفعية للأراضي اللبنانية.

نتنياهو: حرب غزة مسألة حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل.. إذا قرر حزب الله الذهاب إلى الحرب فإنه سيجلب دماراً لا يمكن تصوره على لبنان

الجريدة...حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد حزب الله من مغبة فتح جبهة حرب ثانية مع إسرائيل وقال إن ذلك من شأنه أن يدفع إسرائيل لتنفيذ ضربات مضادة بقوة «لا يُمكن تخيلها» ويأتي بدمار و«خراب» على لبنان. وفي نص رسمي لإفادة أدلى بها نتنياهو لكوماندوز من إسرائيل قرب الحدود مع لبنان قال أيضاً «لا يمكن أن أقول لكم الآن ما أذا كان حزب الله سيقرر دخول الحرب بالكامل». وأضاف نتنياهو للقوات أن الحرب الدائرة حالياً هي بمثابة «التحرك أو موت» بالنسبة لإسرائيل.

سكّان الضاحية يعيشون على توقيت غزة

الاخبار...تقرير فؤاد بزي .... بحذر وترقّب، يراقب أهل الضاحية وسكانها الأوضاع في غزة وعلى الحدود مع فلسطين. المنطقة التي دفعت الثمن الأغلى في حرب تموز 2006، تعرف تماماً أن لا أمان للمدنيين من العدو في أيّ مواجهة مقبلة. لذلك، ومنذ اليوم الأول لبدء المواجهات على الحدود مع فلسطين المحتلة، بدأ كلٌّ وضع «الخطة ب» موضع التنفيذ، خصوصاً في حارة حريك وبئر العبد اللتين، قياساً بمجريات عدوان 2006، تُعدّان في «دائرة التهديد المباشر»، فيما يعيش أهالي الشياح والغبيري أيامهم بحذر من دون استعدادات واضحة للمغادرة. فالآلاف جهّزوا حقائب قرب أبواب منازلهم، تحتوي على الأوراق الرسمية كالهويات وجوازات السفر، وأدوية، وأموال وممتلكات ثمينة من مجوهرات أو سندات ملكية. مريم التي عايشت حرب تموز تقول «لست مضطرة لإعادة التجربة، لذلك أخرجت أولادي من منطقة بئر العبد نحو بلدتي كيفون». ورغم «الاعتياد» على انحصار المواجهات حتى الآن على الجبهة الشمالية، إلا أن «سيارتي دائماً مفولة بنزين، وخبر انطلاق الاجتياح البري لغزة يعني الانتقال إلى منزلي الثاني في جبيل»، قالت آمال التي تصف خوفها من الحرب بـ«المتحرّك مع وتيرة الأخبار القادمة من غزة»، لكنّها مطمئنّة تماماً لانتصار المقاومة الفلسطينية واللبنانية، فـ«العدو لن يتمكن من التقدم برياً»، بالتالي، «لا حلّ أمامه سوى التدمير الشامل، والصور الآتية من غزة مخيفة». المشهد في الضاحية ليس واحداً. فالقدرة على الرحيل ومغادرة البيوت رفاهية غير متوافرة للبعض. إذ وصل إيجار الشقة الصغيرة إلى 600 دولار في المناطق «الآمنة» القريبة للضاحية. لذلك، قرّر كثيرون عدم المغادرة، رغم مخاطر وقوع الحرب، «لأننا جرّبنا ذلّ التهجير في حرب 2006، ولن نعيد الكرّة»، يقول خليل، الأستاذ في التعليم الرسمي، مشيراً إلى «أنني اشتريت تمويناً وملأت خزان المياه الاحتياطي على سطح المبنى، وأستعدّ للحصار». يؤكد خليل أنه «مطمئن لعدم قدرة العدو على إعادة مشهد تموز»، وفي حال احتدمت الحرب، وقرّر الخروج من منزله، «لن أترك الضاحية، بل سأنتقل إلى منطقة أخرى فيها أكثر أمناً». أما ساعة خروجه، فيربطها بـ«قصف تل أبيب، فوفقاً لمعادلة المقاومة، لن تُقصف الضاحية قبل وصول الصواريخ إلى عاصمة الكيان». مغتربون أيضاً قرروا العودة للبقاء إلى جانب أهلهم في مدة الترقب الحالية. مصطفى أحد هؤلاء، قدم ليقيم في بلدة في العديسة المواجهة للحدود الفلسطينية مع أهله الرافضين أصلاً لفكرة مغادرة المنزل، مفضلين الانتهاء من قطاف الزيتون. أما مريم، فتركت ألمانيا التي قضت فيها فصل الصيف، وعادت رافضةً المغادرة الآن. «لست خائفة»، تقول، و«لا أريد المغادرة، فابنتي تريد البقاء في مدرستها هنا، كما لا أرغب في العيش في مكان وأهلي في مكان آخر، عشنا الحرب عدة مرات، ولن تفرق اليوم». وحول وجود خطة طوارئ للرحيل عن منزلها في الضاحية في حال وقوع الحرب، تشير إلى أنها جهّزت منزل أقاربها في منطقة بربور للانتقال إليه عند الطوارئ. المفارقة أن الضاحية استقبلت أخيراً عدداً كبيراً من أهالي القرى الحدودية، إلا أنّ هؤلاء يعدّون إقامتهم فيها مؤقتة، رغم أنّ بعضهم «عتلان هم الطلعة مرة ثانية». من جهته، يحاول محمد علوية القادم من مارون الرأس التنسيق مع أقارب له للاستفادة من منزل كبير يملكه أحد مغتربي القرية في منطقة الجبل، من دون اللجوء إلى استئجار منزل آخر، حيث وصلت قيمة إيجار المنزل إلى 1200 دولار الأسبوع الفائت.

المبيع في الصيدليات وحال المستشفيات

مشاهد الاستعداد للحرب تنسحب على الصيدليات، «مبيع الأدوية المزمنة زاد على نحو كبير»، وفقاً للصيدلانية دارين حجازي. «الضغط على أدوية السكري والقلب تضاعف مقارنةً مع الشهر الماضي، والمقتدرون يشترون كميات من الأدوية تكفي لعدّة أشهر». وحول تلبية الموردين للطلب الكبير على الدواء، أشارت حجازي إلى «تجاوب الشركات مع الطلبات، ولكن معظم الصيدليات توقفت عن تخزين الأدوية مع بداية الأزمة عام 2019 لعدم قدرتها على تحمل تقلبات الأسعار». من جهة أخرى، حذّر الصيدلاني إبراهيم العلي العامل في شركة توريد أدوية للمستشفيات من عدم وجود مخزون كافٍ من التجهيزات الطبية والأدوية في المستشفيات التي «كانت تحتفظ بكميات كافية لسنة قبل الأزمة الاقتصادية، أما الآن، فلا تشتري ستوكات تكفي لأكثر من شهر واحد»...

مَن الغبي (أو أكثر) الذي يريد إراحة العدوّ من عمليات المقاومة؟

الاخبار...ابراهيم الأمين ... هل قرّرت حكومة لبنان سياسة خارجية خاصة حيال ما يجري في الجنوب وربطاً بما يجري في فلسطين؟

جدّية السؤال، على هزالته بالنسبة إلى كثيرين، مردّها إلى التصريحات المقلقة لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب، والاتصالات غير المعلنة التي يجريها وآخرين في السلطة مع الجهات الغربية. وهي مواقف تستند إلى «تهديد» الولايات المتحدة وأوروبا بأن لبنان سيُدمَّر كلياً إذا دخل حزب الله الحرب لمساعدة حركة حماس في غزة. بعد أسبوعين على بدء الحرب في جنوب فلسطين، وتصاعد الاحتكاك العسكري على الحدود مع لبنان، استسلمت الدبلوماسية الغربية إزاء مهمة استطلاع موقف حزب الله. لم يبقَ موفد أو صديق أو وسيط أو سياسي أو باحث أو إعلامي أو رجل أعمال إلا وجرّب حظه للحصول على جواب شافٍ من الحزب عما يفكر فيه للفترة المقبلة، إلى درجة دفعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى القول قبل مغادرتها بيروت: «ستكون توصيتي للرئيس إيمانويل ماكرون بأن الحرب قائمة بين لبنان وإسرائيل. صمت حزب الله لا يمنع من الاستنتاج بأنه يتجهّز لحرب قاسية. والخط الأحمر عنده هو بالضبط ما تريد حكومة إسرائيل تجاوزه في حربها ضد حماس»..... الخلاصة الفرنسية نفسها تبادلها دبلوماسيون غربيون وعرب في بيروت يدركون بالتجربة صعوبة سبر أغوار الحزب، ولا سيما أن الجميع يدرك أن التواصل مع الحزب لم يعد مجدياً في ظل إصراره على «إستراتيجية الغموض» التي زادتها مؤشرات رصدتها الأجهزة الأمنية الغربية المحتارة في تفسير ما يقوم به. فهم يوافقون الجهات الإسرائيلية على أن الحزب ليس في حالة استنفار قصوى، وأن مؤسساته تعمل بشكل طبيعي، وأن الجهوزية واضحة فقط عند الحافة الحدودية. وهناك من بينهم من يطمئن نفسه بأن الحزب لا يرغب بتعديل قواعد الاشتباك، ويريد حصر المواجهة في مزارع شبعا، وأن الانتقال إلى مستوى أعلى من التصعيد أتى من جانب فصائل فلسطينية تنفّذ عمليات عبر الحدود تضامناً مع غزة. وفي هذه النقطة، تزداد حيرة الغربيين، إذ تفيدهم قوات اليونيفل بأن أحداً لا يمكنه القيام بعمل عسكري في الجنوب من دون علم حزب الله الذي يقول لهم إنه ليس حارساً للحدود. كذلك يدرك هؤلاء أن لا قدرة للجيش اللبناني على قمع المجموعات الفلسطينية، وتبريراته في ذلك أن النقاط التي يتحرك فيها المقاتلون مغلقة بفعل إمساك حزب الله بها. في كل الحالات، يبدو البحث عن أجوبة في هذا المجال تمريناً دائماً للدبلوماسية الغربية وللأجهزة الأمنية، فيما إسرائيل، وحدها، تعرف أكثر من الجميع ما يريده حزب الله. وتدرك، تحديداً، أن الحزب لا يمكنه الصمت إزاء حرب حاسمة تُشن ضد المقاومة في فلسطين. وهي لا توفد وسطاء ولا تبعث برسائل للحصول على توضيحات من الحزب، بل تجرّب حظها في احتمال أن يرتدع حزب الله ويدير ظهره لما يجري في جنوب فلسطين. ولذلك، الرهان الأساسي للعدو هو على الدور الأميركي. أما الآخرون فليسوا سوى سعاة بريد يوصلون رسائل من دون اجتهادات. وإسرائيل التي لا تحتاج إلى من يخبرها عن «إستراتيجية الغموض» كانت تريد من الولايات المتحدة، ليس لفت انتباه الحزب أو تحذيره، بل أن تمارس تهديداً مباشراً وموجعاً وفعّالاً على الحزب. ولذلك تدرّج الأمر من بيانات ورسائل تولّت نقلها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ومندوبون في الأمم المتحدة وعبر الدبلوماسية الفرنسية التي حملت رسائل كبيرة. في مرحلة لاحقة، تحديداً عندما لم يسمع العدو سوى الصمت رداً على رسائله، سارع إلى الاستنجاد بالأميركيين طالباً منهم القيام بخطوة عملانية، فكان القرار بإرسال قطع عسكرية بحرية إلى المتوسط، ولم يخف الأميركيون أن وظيفة هذه الأسلحة هي ردع حزب الله، قبل أن يخرج الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه ليحذّر الحزب وإيران من القيام بأي شيء. انتظر الأميركيون ومعهم إسرائيل رد فعل المقاومة في لبنان على هذه الرسائل. ولم يتأخر الوقت حتى ظهرت علامات الجواب. رفع مستوى العمليات ضد مواقع العدو عند الحافة الحدودية، ورفع مستوى الخطاب السياسي الذي تولّته إيران مباشرة على لسان رئيس دبلوماسيتها حسين أمير عبداللهيان بعد اجتماعه مع قيادة حزب الله في لبنان. وبعد وقت قصير، وإزاء رفع العدو الأميركي سقف تهديداته عبر القنوات الدبلوماسية، جاء الرد على شكل عمليات عسكرية مباشرة ضد القواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق، ومناورات صامتة في بحر العرب والبحر الأحمر، والتقاط العدو إشارات استخباراتية إلى احتمال حصول عمليات ضد مصالح إسرائيل أو أميركا في أكثر من دولة في المنطقة.

وزيرة خارجية فرنسا: الحرب الكبيرة آتية لأن إسرائيل ستتجاوز الخط الأحمر الذي يضعه حزب الله

كان لهذه الردود أثرها الكبير على الموقف الإسرائيلي الذي بات مضطراً لاتباع سياسة مختلفة في الميدان، فلجأ إلى إجراءات عسكرية غير مسبوقة، وأعطى قادة وحداته في الميدان حرية التصرف إزاء عمليات حزب الله، والقيام بضربات من دون الحذر المعتاد بعدم إصابة مقاومين، فيما تستمر المساعي لتطويق الأمر، ويبحث جميع أصدقاء إسرائيل في الطريق الأفضل لاحتواء الموقف على الجبهة الشمالية. وسط هذا البحر من الرسائل النارية والدبلوماسية، ثمة من أخرج أرنباً من جيبه، فكان اقتراح وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بأن تقوم الولايات المتحدة وأوروبا باتصالات مع إسرائيل لدفعها إلى خطوات من شأنها احتواء الموقف على الجبهة الشمالية. وبخلاف ما يقوله بوحبيب من أنه وزير للخارجية وليس مقاوماً يحمل السلاح، فقد بادر إلى إطلاق مواقف تنمّ عن أمر خطير للغاية، سواء كان هو صاحب الفكرة أو منفّذاً لها، علماً أنه هو من بادر بالتواصل مع قنوات محلية وعربية ودولية لترتيب مقابلات معه، ليقول: أقنعوا إسرائيل بإعلان وقف النار، ما يساعدنا في إقناع حزب الله بوقف نشاطه العسكري عند الحدود. فجأة صار بوحبيب ساعياً إلى توفير ما تريده إسرائيل بشدة في هذه اللحظات على الجبهة الشمالية، حتى لو ادّعى لاحقاً بأنه يقصد وقفاً لإطلاق النار في فلسطين. وهو لم يكتف بالتفكير في أمر خطير كهذا، بل أعلن أن موقفه جاء بعد تنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين من القوى السياسية البارزة. وبعيداً عن حيرة الخبراء والناس حول من هو الأقل صدقاً، نفى رئيس الحكومة أن يكون هو خلف «مبادرة» وزير خارجيته، بل أكثر من ذلك، فقد نُقل عنه قوله: «لست فؤاد السنيورة، وأريد تنسيق كل خطوة مع المقاومة، حتى ولو كنت أكثر ميلاً إلى عدم الذهاب إلى الحرب». كذلك تبيّن أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ليس في أجواء ما يقوم به بوحبيب، بل يجري الحديث عن توتر في العلاقة بينهما منذ أكثر من أسبوع، علماً أن فريق باسيل يشكو من رفض بوحبيب، منذ أشهر، التنسيق مع الفريق الذي سمّاه إلى المنصب الذي يحتلّه. فيما الفرق الدبلوماسية المعنية تشير إلى أن جدول أعمال بوحبيب اليومي لا يخلو من اتصال أو محادثة كتابية أو لقاء مع السفيرة الأميركية. كان على بوحبيب - طالما أنه يقول بأنه دبلوماسي مُحلّف - أن يختار كلماته بدقّة، فلا يساوي بين شهداء لبنان وقتلى العدو، وأن لا يتحدث عن المقاومة في لبنان وكأنها حالة غريبة مفروضة على اللبنانيين. بالنتيجة، قائمة أخطاء وزير الخارجية باتت طويلة جداً منذ معركة التجديد لولاية القوات الدولية في الجنوب. وهو إذ يبرّر ذلك، في مجالسه العلنية، بأن أحداً لا يحترم القرار 1701، فقد لا يكون أحد بحاجة إلى وثائق ويكيليكس لمعرفة ما يُقال في الجلسات المغلقة.

الترهيب الغربي مستمرّ: اكبحوا حزب الله وإلّا!

فيما كثّفت المقاومة ضرباتها على مواقع العدو الإسرائيلي على الحدود، توزّع المشهد السياسي الداخلي بين تحذيرات عواصم دولية تطلب من رعاياها مغادرة لبنان أو عدم زيارته، واستمرار الضغط على القوى السياسية لـ«منع حزب الله من الانخراط في حرب تؤذي لبنان». وأشارت مصادر سياسية إلى «استياء كبير لدى السفراء الموجودين في بيروت بسبب عدم تجاوب الحزب مع أيّ من الرسائل التي تُنقل له عبر مسؤولين لبنانيين». وكشفت المصادر عن «تراجع سقف الكلام الدبلوماسي الذي بدأ بالتهديد والتحذير من شنّ أي ضربات ضد إسرائيل من جنوب لبنان، إلى الحديث عن ضرورة الحفاظ على المواجهات الحدودية ضمن إطار اللعبة وقواعد الاشتباك»، بعدَ أن «بدأ السفراء والمسؤولون الذين حملوا رسائل ولا يزالون ينقلونها يفقدون الأمل بسبب تجاهل الحزب لهم، إذ يتبلّغ هؤلاء من مسؤولين لبنانيين رسميين بأن لا جواب حاسِماً ومطمئِناً من الحزب في هذا المجال». مع ذلك، يوصل المسؤولون الأميركيون تفعيل الخط الساخن مع المسؤولين اللبنانيين ويؤكدون أنهم «يعملون مع الجانب الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وأن على القوى السياسية أن تضغط على الحزب للقبول بهذا المسعى والالتزام بأي اتفاق قد يحصل». وقد أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن اتصالين تلقّاهما من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير خارجية مصر سامح شكري للتشاور في مساعي وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الاتصالات الدبلوماسية التي يقوم بها دولياً وعربياً ومحلياً مستمرّة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان. ولا يكتفي الأميركيون بالتواصل مع ميقاتي، بل هناك خط موازٍ مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط، بحسب أوساط سياسية لـ«التواصل مع الحزب لمنع التصعيد أو الحسابات الخاطئة».

برّي والمسيحيّون: تقاطع الغياب في أزمة مصيرية

الاخبار...هيام القصيفي .... فيما تدور المعارك على الحدود اللبنانية الجنوبية، وفي وقت ارتفعت فيه وتيرة التحذيرات الديبلوماسية من مخاطر انتقال الحرب الى لبنان، كانت قيادتا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منشغلتين بمعركة الانتخابات الطالبية في NDU وUSJ. معركتان «مصيريتان» في العمل السياسي لكل منهما ولمستقبل لبنان، فيما أهالي الجنوب - وبينهم مناصرون للحزبين - ينزحون بالمئات الى مناطق أكثر أماناً، وفيما مصير البلد كلّه معلّق على احتمال انتقال الحرب إليه. بعد أسبوعين على الحرب الدائرة في غزة، وعلى العمليات العسكرية عند الحدود الجنوبية، يشكل الغياب التام للقوى المسيحية أحد العناوين الرئيسية. إلا أن هناك غياباً أكثر وضوحاً وأهمية، هو دور الرئيس نبيه بري، ليشكل غياب الطرفين - كل من موقعه - مفارقة في المشهد السياسي. عام 2006، ومع بدء حرب تموز، أدّى بري دوراً محورياً، الى جانب حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، في المفاوضات التي جرت حينها لوقف الحرب والذهاب الى مجلس الأمن ورعاية وقف العمليات القتالية، بحسب ما نص عليه القرار 1701. لم يكن بري مشاركاً في قرار الحرب حينها، لكنه كان جزءاً أساسياً من المفاوضات، وما أسفرت عنه، وهو كلام سبق أن ردّده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكثر من مرة منذ ذلك الوقت، ولا سيما عند أي محاولة لدقّ الاسفين بينهما. حافظ بري، الذي كان قد بدأ قبل الحرب برعاية طاولة الحوار، على جسور مفتوحة مع قوى 14 آذار من أجل تخفيف الانعكاسات الداخلية للحرب ونتائجها. المفارقة أن كفّة الميزان في المقارنة بين ما يجري اليوم وما حدث حينها، تصبّ لمصلحة دور بري عام 2006، فيما يبدو دوره، اليوم، محصوراً بتلقي رسائل التحذير الخارجية الى حزب الله لمنع انجرار لبنان الى الحرب. رغم التسليم بأن قرار الحرب ليس محلياً، وليس للبنان الرسمي صلة به، ويكفي النظر الى أداء الحكومة والجيش الذي لا تشغل قيادته حالياً إلا إيجاد مخرج للتمديد للعماد جوزف عون مع اقتراب إحالته على التقاعد. مع ذلك، فإن إعلاء دور بري في الملف الرئاسي لأشهر طويلة مرّت، وفي صياغة مخرج الجلسات النيابية لانتخاب رئيس أو لتشريع الضرورة، يناقض تماماً الموقع الحالي، الذي وإن حافظ عليه رسمياً في استقبال الزوار الديبلوماسيين المعنيّين، إلا أنه منحسر عن المعتاد. ولا تميّزه إلا محاولة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، معه إيجاد سبل لمنع انزلاق لبنان نحو الحرب.

الأحزاب المسيحية منشغلة بالانتخابات الطالبية وخفّة عير مسبوقة لبكركي

لكن كليهما يبدوان خارج القرار الإقليمي بتحييد لبنان أو إدخاله في الحرب. والكلام عن هذا الانكفاء لا يمسّ العلاقة بين بري وحزب الله، لكن التعويل على دور رئيس المجلس الذي أدى دور المفاوض تارة، ودور مقترح التسويات تارة أخرى، محلياً وخارجياً، يعطي فرصاً سانحة للخروج من دوامة الأزمات المتشابكة التي وصلت بعد الانهيار المالي والاقتصادي والسياسي، في غياب رئيس الجمهورية، الى نقطة تتعلق بمستقبل لبنان وليس فقط بمصير وحدة الساحات، إذ إن ثمة هامشاً يميّز لبنان عن باقي الساحات التي قد تدخل المواجهة مع إسرائيل، من اليمن الى العراق وسوريا، يتعلق بالموازييك السياسي الطائفي الذي يجعل قرار الحرب، هذه المرة، مختلفاً بمفاعيله، عن حرب تموز. ونتيجة حدّة الانقسام الداخلي وعدم وجود قنوات حوار فعلية لتطويق ذيول الانعكاسات المتوقعة، يفترض الحاجة الى عناية سياسية أكبر في احتواء أيّ توتر داخلي، وخصوصاً بعد الأحداث الأخيرة وردود الفعل على احتمال تمدد الحرب الى لبنان. ورغم التعويل على إعادة بث الحياة في تحرك بري داخلياً، تبقى ثغرة أساسية في عدم وجود من يلاقيه، عدا عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجنبلاط. والكلام هنا عن القوى المسيحية - المارونية في هذا التوقيت، باعتبار أنها تدّعي دوماً أنها «أمّ الصبي». فحتى الآن، يكون قد انقضى أكثر من شهر ونيّف على غياب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في أستراليا، ومن ثم روما. بين زيارة هدفها جمع التبرعات المالية لبكركي والترويج لبعض المنتفعين وزيارة سينودوسية شكلاً، تغيب بكركي عن أخطر حدث يواجه لبنان في سنواته الأخيرة بخفّة غير مسبوقة لتعامل بكركي ومجلس المطارنة والمؤسسات الرهبانية مع ما يجري بمسؤولية وطنية. وهذا لسان حال كثيرين من داخل هذه المؤسسات وخارجها. أما القوى المسيحية فتعيش حالة انفصال تامّ عن المجريات الراهنة، لأن صوت القصف المدفعي لم يصل الى معراب أو البترون، وبين انتخابات طالبية في «بيروت الشرقية» بمعناها السياسي، دخلت قيادات الأحزاب بقوة فيها، والاحتفالات المناطقية بذكرى 13 تشرين، والمهاترات حول اغتيال رئيس حزب الوطنيين الأحرار داني شمعون، فقد الموارنة المبادرة لمصلحة حالة عبثية وعدم التعامل بجدية مع خطورة الحدث الذي لم يحصل فجأة من الوجهة السياسية، لا العسكرية. فكل مسار الوضع في المنطقة أوصل الى النقطة الحالية من مجريات تفاوضية تضع لبنان على خطّ مفصلي، لأن على أساسها يرسم مستقبل لبنان، وقد تؤدّي نتائجها الى تسويات لن تلحظ حكماً الذين يغيّبون أنفسهم.

40 سنة على الهروب الدموي للأميركيين من لبنان | واشنطن تهدد بإرسال المارينز: أهلاً بهالطلة!

الاخبار..تقرير كريم الأمين ... قرابة الخامسة والنصف من صباح الأحد 23 تشرين الأول 1983، دخلت شاحنة مرسيدس صفراء مقرّ الثكنة الرئيسية لـ«كتيبة الإنزال» التابعة لمشاة البحرية الأميركية (المارينز) قرب مطار بيروت. قام سائق الشاحنة بجولة دائرية جنوب موقف السيارات في الثكنة ثم خرج من المكان. وعند الساعة السادسة والدقيقة الـ 22 صباحاً، عادت الشاحنة واقتحمت المقرّ مسرعة، ولكن هذه المرة من الجهة الغربية لموقف السيارات، وقامت بعملية التفافية قبل أن تتجه مباشرة نحو حاجز من الأسلاك الشائكة يفصل بين موقف السيارات والمبنى. وبعد أن قطعت الحاجز مسرعة، اجتازت البوابة الرئيسية، وانفجرت في الردهة داخل المبنى. وأدت قوة الانفجار إلى رفع المبنى المكوّن من أربع طبقات في الهواء، ما دمّر أعمدة الدعم والقواعد قبل أن ينهار البناء تماماً. روايات كثيرة صيغت حول ما حدث، السائد فيها هو التحقيقات التي أجرتها الإدارة الأميركية. لكن، لم تصدر رواية عن الجهة المنفّذة منذ تاريخ العملية. وأجمع الشهود على أن ما حدث كان على صورة مناورة، إذ قال الحرّاس، إنهم سبقوا أن شاهدوا الشاحنة، وتصرفوا معها باسترخاء، لأنها تشبه الشاحنات التي تنقل الحاجيات إلى الثكنة. عملياً، لم يتلقَّ الحراس أي إنذار كي يتأهبوا ويطلقوا النار عليها قبل أن تخترق موقعَي الحراسة والمدخل الرئيسي. ووفقاً للحارس نائب العريف، إيدي دفرانكو، الذي بقي على قيد الحياة، فقد كان موجوداً في مركز الحراسة رقم 7، عند المدخل الرئيسي حيث اقتحمت الشاحنة، وقال أيضاً إنه عندما رأى الشاحنة أول مرة قبل أن تقترب، اعتقد أنها مثل عشرات الشاحنات التي تنقل المياه والبضائع والمعدات يومياً من محطة الشحن في المطار. تضاربت المعلومات حول كمية المتفجرات التي كانت مزروعة في الشاحنة، ولكن الرقم الأكثر تداولاً أشار إلى خمسة أطنان من مادة الـ«تي. أن. تي» الشديدة الانفجار. وكانت المتفجرات موضّبة بطريقة مدروسة، إذ يتجه عصف الانفجار إلى الأعلى، ما تسبب في دمار كبير وإصابة كل من كان في المبنى. وقد أُعلن لاحقاً عن مقتل 241 أميركياً، بينهم 220 من جنود المارينز. لم تمرّ دقائق قليلة على التفجير، حتى دوى انفجار ضخم آخر، في مبنى دراكار الكائن في الرملة البيضاء حيث مقرّ المظليين الفرنسيين، ما أدى إلى مقتل 58 منهم. الانفجار الذي ظلّ الخلاف قائماً حول طريقته، أُشير إليه حينئذٍ على أنه ناجم أيضاً عن سيارة مفخّخة اقتحمت المكان، محمّلة بنحو خمسة أطنان من المتفجرات.

بعد 40 عاماً على أهم الضربات للاحتلال الأميركي يعود قادة الولايات المتحدة إلى سيناريو الاستعراض نفسه

الرواية حول الشاحنة قابلتها رواية أخرى، قُدّمت بعد ثلاثين سنة. فقد نشرت صحيفة الـ«موند» الفرنسية تحقيقاً عام 2013، أوردت فيه شهادات تستند إلى تحقيقات السلطات الفرنسية. ونقلت عن جنود فرنسيين كانوا في مبنى مجاور، يسمى كاتاماران، ويقع على بعد أقل من 100 متر من مبنى داكار، أنهم خرجوا إلى الشرفة بعد انفجار الثكنة الأميركية، وبعد دقيقتين انفجر مبنى دراكار. إلا أنهم قالوا إنهم لم يروا أي شاحنة تدخل إلى المبنى. كما نُقل عن الضابط المسؤول عن حماية المبنى الناجي عمر ماري ماغدلين قوله: «المبنى كان محاطاً بسور ومحميّاً بسدود ترابية، وكان الشارع مغلقاً من الجانبين، فيما البناء مسيّج بعوائق وأسلاك شائكة، ما يجعل مرور شاحنة من دون ملاحظتها أمراً غير ممكن». لكن، لم يستمع أحد لهؤلاء الشهود أثناء التحقيقات، ومُنع الناجون من الحديث مع أي كان. أرسلت واشنطن، الأدميرال روبرت إل. جاي لونغ، ممثل وزارة الدفاع الأميركية للتحقيق في انفجار «المارينز». لكن الوضع كان يزداد سوداوية على القوات الأميركية، إذ تواصلت العمليات ضد جنود «المارينز»، قبل أن يُعلن الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، في 7 شباط 1984، نقل قوات «المارينز» من القواعد في مطار بيروت إلى السفن الأميركية على الشاطىء. وفي أسبوعين، قامت الحاملة «يو إس إس نيو جيرزي» بعمليات قصف انتقامية ضد مناطق كثيرة في لبنان، قبل أن يصدر الأمر الأميركي بالخروج نهائياً من لبنان ومياهه في 26 شباط 1984.

من يقف خلف العملية؟

لم يكن تفجير مقرّ «المارينز» حدثاً عادياً بالنسبة إلى الأميركيين، إذ كانت له نتائجه الكبيرة التي تُرجمت لاحقاً بسقوط الحكم الحليف لواشنطن في لبنان، وتداعي نتائج الغزو الإسرائيلي. وفي ظل الحرب الباردة التي كانت قائمة مع الاتحاد السوفياتي حينذاك، أُطلق كثير من المواقف التي اتهمت موسكو ودمشق بالوقوف خلف الهجوم، أو تقديم تسهيلات له. لكن الاستخبارات العسكرية الأميركية سرعان ما وضعت على طاولات العاملين لديها ملفاً جديداً: الجهاديون المقرّبون من إيران. مضى وقت غير قصير نسبياً على إبراز الأميركيين الاتهام المباشر لرجال مقربين من إيران بالوقوف خلف الهجوم، وربطوه بالهجمات التي طالت رجال الاستخبارات العسكرية الأميركية في لبنان، وموجة خطف الرهائن الأميركيين والغربيين. وبعد أعوام قليلة، صار الغرب يتحدّث عن أن المجموعات التي عاد حزب الله وتأسّس منها، هي التي تقف خلف العمليات، وبرز لأول مرة اسم الشهيد عماد مغنية في رأس قائمة المطلوبين. طواقم الاستخبارات المركزية التي تناوبت على ملفات الشرق الأوسط، كانت دائماً تعمل بدافع «شخصي» ضد من حمّلتهم المسؤولية عن الهجوم. ولذلك ورد في عدد من التقارير الأميركية كتب بعضُها محلّلون سابقون في الاستخبارات، فإن «مطاردة عماد مغنية كانت شخصية». اتهمت واشنطن الشهيد رضوان بأنه يقف أيضاً خلف تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، والذي أدى إلى تدمير محطة وكالة المخابرات المركزية بأكملها، ومقتل رئيس فرع الشرق الأوسط بالوكالة، وإنه كان يقف خلف اختطاف الرئيس لمحطة وكالة المخابرات المركزية، ويليام باكلي، وتصفيته، في 1984، والذي أُرسل إلى بيروت عام 1983 لإنشاء محطة جديدة لوكالة المخابرات بعد تدمير المحطة السابقة. وقال مسؤول كبير في المخابرات المركزية: «إن احتجاز باكلي أدى إلى إغلاق أنشطة المخابرات المركزية الأميركية في البلاد».

رامسفيلد لشولتز: علينا تذكير أنفسنا دائماً بأن الدخول في شيء هو دائماً أسهل من الخروج منه

في كتابه «المعلوم والمجهول»، أورد دونالد رامسفيلد، المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان في عهد ريغان، عنواناً خاصاًَ بالفصل المخصص لعملية تفجير مقر المارينز في بيروت، وأسماه «ابتسامة الموت». كل من يكتب عن تلك العملية يذكر أن سائق الشاحنة التي انفجرت في مبنى المارينز كان يبتسم قبل ثوانٍ من الانفجار، وفقاً لروايات الشهود. الانفجار قتل 241 جندياً من أصل 350 كانوا يشكّلون عديد الكتيبة الأولى من فرقة المشاة البحرية الثامنة، ومثّل أكبر ضربة للمارينز في تاريخها. قال رامسفيلد «إن تفجير مقر المارينز هو أكبر هجوم إرهابي على الولايات المتحدة الأميركية قبل 11 أيلول». رامسفيلد نفسه، أورد تعليقاً لنائب الرئيس الأميركي حينذاك، جورج بوش الأب، قال فيه «لن نسمح لمجموعة من الإرهابيين الغدارين، الجبناء، في رسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة». وعلّق رامسفيلد: «أتفق معه بكل ما قال، إلا أنهم ليسوا جبناء، ولا أعتقد أن مجموعة من الأشخاص مستعدين لقيادة شاحنة وتفجيرها وقتل أنفسهم هم مجموعة من الجبناء». وأشار رامسفيلد إلى أنه قدّم إلى وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت، جورج شولتز، ملاحظته بعد أن وصل إلى بيروت وقال فيها إنه يعتقد أنه «يجب ردم الهوة الموجودة بين التصور المبالغ فيه، وبين قدرتنا والواقع»، وثانياً «أن لا نستخدم أبداً الجنود الأميركيين كقوات حفظ سلام، لأننا كنا هدفاً كبيراً»، وثالثاً «تذكير أنفسنا دائماً بأن الدخول في شيء هو دائماً أسهل من الخروج منه». بعد مرور أربعين عاماً على واحدة من أهم عمليات المقاومة للاحتلال الأميركي في المنطقة، يعود قادة الولايات المتحدة إلى تكرار سيناريو الاستعراض نفسه. قبل أيام، أُعلن في الولايات المتحدة أن وزير الدفاع لويد أوستن أمر 2000 جندي أميركي، بالاستعداد لاحتمال المشاركة في حرب إلى جانب إسرائيل. في حين، قال متخصصون، إن هذه المجموعة من العسكريين، لن تكون لديها مهمات قتالية، بل يقتصر دورها على الدعم اللوجستي، إلا أن الخطوة قد تكون مقدّمة لإرسال مزيد من الجنود بمهمات قتالية مستقبلاً. وفي حال قررت الولايات المتحدة الدخول مباشرة في الحرب القائمة اليوم، فإن في لبنان والمنطقة، من ينتظر هؤلاء، وبين هؤلاء لبنانيون يلتزمون بحملة وزارة السياحة ويقولون لهؤلاء: أهلاً بهالطلة!

عسكر أميركا في لبنان... والنووي أيضاً!

لم تكن «زيارة» الوحدة البرمائية البحرية للمارينز الأميركي عام 1982 الأولى إلى لبنان، بل سبقتها أخرى عام 1958، بطلب من الرئيس كميل شمعون الذي كان يواجه انتفاضة شعبية مسلحة في وجه حكمه. يومها، أرسل الرئيس الأميركي، أيزنهاور، الفوج الثاني لقوات المارينز. وصل 1700 جندي إلى شاطىء بيروت، بعدما كان الأسطول السادس التابع للبحرية الأميركية قد جمع أكثر من 70 سفينة حربية للمواكبة. ووفقاً لبروس رايدل في كتابه (بيروت 1958- كيف بدأت حروب أميركا في الشرق الأوسط)، كانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي ترسل فيها الولايات المتحدة قوات مقاتلة إلى المنطقة العربية. ويضيف: في 15 تموز 1958، كان لبنان مقبلاً على كارثة، المسلمون يعتبرون أنّ التدخل الأميركي ضدهم، والمسيحيون يعتبرون أن الأميركيين جاؤوا لينقذوا حكمهم ورئيسهم كميل شمعون. كان الأميركيون يتحضرون للحرب، وكما تقتضي الإجراءات في ذلك الوقت. ويشير الكاتب الأميركي إلى أن واشنطن طلبت من ألمانيا تجهيز بطاريات تحمل صواريخ، يمكن أن تكون بينها رؤوس نووية، ولكن ما إن وصلت الصواريخ عبر البحر حتى عادت عبر الجو إلى ألمانيا، وانتهت الأزمة اللبنانية بالطرق الدبلوماسية وفقاً للكاتب. بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران عام 1982، واحتلال العاصمة بيروت بعد إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية منها، وقد بقيت في بيروت «قوات حفظ السلام» التي أُرسلت في آب للإشراف على إجلاء المقاتلين الفلسطينين، تشكلت القوات الأجنبية يومها من 800 جندي من وحدة برمائية بحرية أميركية، و400 جندي فرنسي، و800 جندي ايطالي. بعد انتهاء عملية الإجلاء خرجت القوة الاميركية منتصف شهر أيلول، قبل أن تعود قوات المارينز إلى لبنان في 26 أيلول من العام نفسه، إثر تصفية بشير الجميل، والتي أعقبها ارتكاب العدو وحلفائه من قوات الجبهة اللبنانية مجزرة صبرا وشاتيلا. وضُمّت قوة المارينز إلى «قوات حفظ السلام». بين تشرين الأول وكانون الأول من العام نفسه، نُقلت الأسلحة والمدرعات من البوارج الحربية الأميركية إلى البر. وقامت بعض القوات الأميركية أيضاً بدوريات في أحياء المنطقة الشرقية من بيروت، خلف ما كان يعرف وقتها بالخط الأخضر. وبالتوازي، نفذت القوات الأميركية برنامجاً لتدريب عناصر من الجيش اللبناني.

العمليات ضد الأميركيين... والجهاد الإسلامي

مع انطلاق المواجهات العسكرية ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، خرجت فصائل لبنانية وفلسطينية لتقوم بالعمليات. وبعد الهدوء الذي رافق خروج المقاتلين الفلسطينيين، وتعزز سلطة الحكم للرئيس أمين الجميل، كانت مجموعات فدائية جديدة تظهر علناً، لكن بأسماء وهمية لم يكن الهدف منها سوى الإشارة إلى الطابع العقائدي لهذه المجموعات. وكان الأبرز بينها منظمة الجهاد الإسلامي التي تبنّت عمليات كثيرة، من بينها تفجير مقرَّي المارينز والمظليين الفرنسيين. جنود القوات المتعددة الجنسية تعرضوا لعميات كثيرة. في عام 1983، وفي 16 أذار تحديداً، أُصيب 5 جنود من المارينز في هجوم جنوب بيروت. وبعدها بشهر، وتحديداً عند الواحدة من بعد ظهر 18 نيسان، اقتحمت شاحنة محملة بنحو طنّ من المواد المتفجرة مقر السفارة الأميركية في بيروت وانفجرت مدمّرةً المبنى، ومخلّفة خسائر كبيرة من بينها 17 أميركياً، ثمانية منهم ضباط في وكالة المخابرات المركزية (CIA)، وإصابة أكثر من 100 آخرين. وقد تبين لاحقاً أن التفجير حدث أثناء انعقاد اجتماع خاص لممثلي وكالة الاستخبارات الأميركية في المنطقة. وفي شهر أيار من العام نفسه، أُطلقت النيران على مروحية تابعة للمارينز، ليتبيّن أن قائد المارينز في لبنان، الكولونيل جايمس ميد، كان على متنها. وفي شهري آب وأيلول أيضاً، تعرضت ثكنة المارينز قرب مطار بيروت لعمليات عسكرية، ما أدى إلى مقتل خمسة جنود وإصابة 49 جندياً آخرين. في حين كانت المجموعات العسكرية الفرنسية والإيطالية تتعرض هي أيضاً لعمليات عسكرية، ما أدى إلى مقتل جندي فرنسي وإصابة خمسة جنود إيطاليين. وفي شهر أيلول أيضاً، قصفت المدمرتان «يو إس إس جون رودجيرز» و«يو إس إس فيرجينيا» مناطق في جبل لبنان، وسقطت قذائف كبيرة في مناطق بين الشوف وعاليه، حيث كانت قوى لبنان حليفة سوريا تسيطر على المكان. وفي 24 أيلول من العام نفسه، وصلت البارجة «يو إس إس نيو جيرسي» إلى شواطىء بيروت. وفي تلك المدة، ارتفعت وتيرة الهجمات ضد القوات المتعددة الجنسيات، وأُطلقت النيران على مروحيتين تابعتين للمارينز، وأُصيب اثنان من جنودهما بطلقات رشاشات خفيفة. كما قُتل جندي في 14 تشرين الأول وأُصيب 5 بجروح نتيجة طلقات نارية من قناص، وآخر نتيجة قنبلة، وفي التاسع عشر من الشهر نفسه، أُصيب 4 من جنود المارينز بعد أن أُحبطت عملية لتفجير آليتهم.



السابق

أخبار وتقارير..عربية ودولية.."غزة الكبرى".. تعرف إلى المشروع الذي يخيف مصر..تجدد القصف جنوب لبنان.. وإسرائيل تدمر منصة صواريخ..قصف متبادل بين إسرائيل وحزب الله.. ونزوح 1500 عائلة من المناطق الحدودية اللبنانية..الجيش الإسرائيلي: حزب الله يجر لبنان إلى الحرب..النظام السوري يعلن خروج مطاري دمشق وحلب عن الخدمة بعد "قصف إسرائيلي"..بايدن يطلب من الكونغرس 106 مليارات دولار..تشمل مخصّصات لأوكرانيا وإسرائيل..البنتاغون: لسنا على علم بهجوم مسيرات على قاعدة عسكرية في العراق..معبر رفح فتح قليلاً وأغلق.. "شبح المجاعة يزحف نحو غزة".."عين الأسد" ثانية.. سادس هجوم على قوات أميركا بالعراق..ما هو نظام "ثاد" الذي يرسله البنتاغون إلى الشرق الأوسط؟..

التالي

أخبار فلسطين..5 مخاطر كبيرة تلوح في «أفق» الهجوم البري الإسرائيلي على غزة..تصاعد خطر اشتباك إيراني - إسرائيلي.. قصف «عين الأسد» الأميركية بالعراق.. وتل أبيب تعطل مطارَي دمشق وحلب و«البنتاغون» لن تتردد بالتحرك عسكرياً..الحرب على غزة تُعيد القضية الفلسطينية إلى حضن الدول العربية ..عودة للمربع الأول و«وصمة عار لنتنياهو»... كيف ينظر الإسرائيليون إلى الحرب؟..تصاعد الغضب الشعبي ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية..4600 شهيد و14 ألف جريح منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة..قصف محيط الشفاء والقدس.. إنذار بإخلاء جميع مستشفيات غزة..حماس: نبحث مع إيران الهجوم الإسرائيلي.. وسبل وقفه..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,142,129

عدد الزوار: 6,980,222

المتواجدون الآن: 74