إسرائيل تخوض «النقاش السوري» على وقع رفع قدراتها العسكرية الهجومية

تاريخ الإضافة الأربعاء 24 نيسان 2013 - 6:57 ص    عدد الزيارات 676    التعليقات 0

        

إسرائيل تخوض «النقاش السوري» على وقع رفع قدراتها العسكرية الهجومية
القدس المحتلة - آمال شحادة
 

كعادتهم في كل مناسبة عندما يعتلون المنابر لمخاطبة جمهورهم، يستغل القادة الإسرائيليون، من عسكريين وأمنيين وسياسيين، الحضور الواسع ليصعدوا حملة الترويج لقدراتهم في الحفاظ على أمن الإسرائيليين والدولة العبرية ومواجهة «أخطر السيناريوات المتوقعة».... لكن هذه المرة وفي «عيد الاستقلال» (الذكرى السنوية الـ 65 لقيام إسرائيل)، بلغ استعراض العضلات ذروته: «قدرة الجيش الإسرائيلي على ضرب إيران بمفرده»، «ضربات قاسية تجاه لبنان وسورية»، «حرب على غزة أشرس وأقوى من العملية العسكرية الأخيرة «عمود السحاب»، «لن نقبل بانتفاضة ثالثة».... تصريحات صدحت في هذا اليوم الاحتفالي إلى حد لم يتحمله الكثيرون ممن يمكن تسميتهم بـ «العاقلين»، وأولئك الذين يدركون جيداً أخطار لهجة التهديد والوعيد. فهناك من وصفها بـ «الأوهام التي قد تغرق إسرائيل» ومنهم من رأى أنها تنطلق من ضعف ومن حقيقة أن إسرائيل غير قادرة على قراءة واضحة وصحيحة للتطورات التي قد تشهدها المنطقة في مقابل عدم قدرتها على ضرب إيران وحدها.

وكــــان الوصف الأجرأ والأوضح لهذه اللغة للباحثة في المعهد الإسرائيلي للديموقراطية، تمار هيــــرمان، التي وصفت خلال مناقشة هذه التصريحات، التي أطلقها رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه، وموشيه يعالون، ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس، بـ «زئير أسد شائخ في فصل الشتاء».

وقــالت: «المنظمات القوية وذات الدعم الجماهــــيري الواسع والمتماسك، مثل الأسود الكبيرة في ذروة قوتها، لا تحتاج إلى الاستعراضات. تكفــــي همهمة صوت أو زئير قصير في أحيان بعيدة لتذكــــير من نسي ولو للحظة من هو رب البيت الحقيقي. وعلى سبيل النقيض، فإن من تضعف مكانتهم مثل الأسود الشائخة أو الحكام الذين تبدو كراسيهم مترنحة، يشعرون بالحاجة إلى إطلاق صوت أعلى للإبقاء على صورة القوة والحضور. فضعف اللاعبين السياسيين يترافق غير مرة باستعراضات وخطابات ملتهبة، تجعل بعض المشاهدين بل وأحياناً اللاعبين أنفسهم يصدقون بأن هذه هي قوة حقيقية».

هذا الوصف جاء مطابقاً لتصريحات غانتس الذي راح يهدد ويتوعد بأن جيشه قادر بمفرده على ضرب إيران وبمواجهة حرب على مختلف الجبهات وهدد لبنان وسورية وغزة.... فلم تمر ثماني وأربعون ساعة على هذه التهديدات حتى سقطت الصواريخ على إيلات، من دون أن تنجح أبسط القدرات الدفاعية في صد هذا الهجوم ومواجهته. صفارة الإنذار لم تطلق في جميع المناطق أما منظومة «القبة الحديدية»، التي نصبت في إيلات خصيصاً في أعقاب وصول معلومات عن قرب إطلاق صواريخ، فلم تعمل، علماً أن أحد الصواريخ سقط في منطقة مأهولة.

أسبوع بأكمله عاشت إسرائيل أجواء استعراض العضلات بمرافقة الاحتفالات بإقامة «الدولة العبرية»، ولم تهدأ حتى بعد سقوط الصواريخ على إيلات إلى أن اتضح أن وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، يحمل في زيارته إلى إسرائيل رزمة أسلحة جديدة من شأنها أن تطيل أكثر، الذراع الطويلة لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، لتنتقل «حفلة الاستعراضات»، إلى تحليلات وتخمينات حول أهداف الولايات المتحدة من صفقة الأسلحة وموقف هيجل، من الملفين الإيراني والسوري، وهو المعروف بمواقفه المخالفة للمواقف والرغبات الإسرائيلية في هذه الملفين.

زيادة المساعدة العسكرية

قبل أن يوقع هيغل على صفقة الأسلحة مع نظيره موشيه يعالون، كان واضحاً للقيادة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن موقفها حيال أهمية الاستمرار في المسار الديبلوماسي تجاه إيران، على رغم أن أول تصريح أطلقه هيغل، فور هبوط طائرته في تل أبيب، أن صفقة الأسلحة مع إسرائيل رسالة واضحة لطهران أن الخيار العسكري لمنع قنبلة نووية، لم يسقط. وهذا الموقف تعرفه إسرائيل ولم يجدد فيه هيغل شيئاً، لكنه في الوقت نفسه أوضح للإسرائيليين أن بلاده التي تؤكد استمرار دعمها الأمني لإسرائيل وجعلها الأكثر تفوقاً في المنطقة لن تسمح بالموقف الذي ألمح إليه غانتس، عندما أعلن أن جيشه قادر على ضرب إيران بمفرده. وغانتس يدرك أن قرار ضربة كهذه، لا يمكن بلاده أن تتخذه كما لا يمكن جيشه أن ينفذه وحده. وإذا كان غانتس يعتمد في حديثه على هدية هيغل لسلاح جوه فإن الأسلحة التي ستقدمها الولايات المتحدة لن تصل قبل عامين كما لن يكون بمقدور إسرائيل أن تتصرف بحرية مطلقة فيها. والحقيقة التي يدركها غانتس ولم يعلنها هيغل أن هذه الهدية جاءت لإسكات إسرائيل على صفقات الأسلحة التي ستعقدها الولايات المتحدة مع دول في المنطقة (السعودية والإمارات)، التي سبق أن ضغطت إسرائيل لمنعها، خشية إخلال في توازن القوى.

صفقة الأسلحة التي وقعها هيغل ويعالون تشمل وسائل قتالية حديثة جداً لا تملكها دول أخرى حليفة للولايات المتحدة. ولكن لا علاقة لها باحتمال توجيه ضربة قريبة لإيران. فطائرات V-22، المعروفة باسم «صقر السمك» وطلبت إسرائيل أن تتزود بست منها هي أيضاً مروحيات قادرة على أن تقلع وأن تهبط في شكل عمودي، من إنتاج بوينغ، وستحسن الطائرة قدرات سلاح الجو على العمل من خلال وحدات الكوماندوس في مسافات بعيدة. ولكن إذا تقرر إنتاج عدة طائرات كهذه لإسرائيل، فإنها لن تصل إلى البلاد إلا بعد عامين، على الأقل، أي بعد فترة من نهاية السنة الحالية، سنة الحسم في الملف الإيراني، الذي سبق وأعلن عنه قياديون عسكريون في إسرائيل. كذلك الأمر بالنسبة لطائرات تزويد بالوقود من طراز KC-135، التي ستساعد سلاح الجو الإسرائيلي في عملياته في مسافات بعيدة، فهذه أيضاً ستصل بعد أكثر من سنتين لأنه لم يباشر بعد في إنتاجها.

وأما الجانب الذي تريد الولايات المتحدة من خلاله تخفيف معارضة إسرائيل على صفقة الأسلحة مع دول في المنطقة فهو يشمل أسلحة لصد منظومات الدفاع الجوي المتطورة التي باعتها روسيا لسورية وجهاز رادار متطور لطائرات أف 16 وأف 15.

وفي هذا الجانب يذكر المطلعون على الأهداف الأميركية من هذه الصفقة بما سبق وقاله القائد السابق لسلاح الجو الأميركي وقائد قوات حلف الشمال الأطلسي، فيليب بريدلاف إن واحداً من تحدياته المركزية سيكون الاستمرار المحتمل للربيع العربي الذي قد يؤثر في عمق إسرائيل الاستراتيجي المتقلص». وأضاف: «إسرائيل قلقة من طموحات إيران الذرية ومن تقديرات أمنية تتعلق بالسلاح الكيماوي والصاروخي الذي تملكه سورية، وانخفاض تأثير الجيش في مصر وتضعضع الاستقرار في سيناء نتيجة ذلك ومن قوة حزب الله، ولهذا، يؤكد بريدلاف أنه في وزارة الدفاع الأميركية يطمحون إلى أن يضمنوا لإسرائيل التصميم الأميركي على كفالة أمنها». وكفالة الأمن هذه أمام الوعود الأميركية بتفسير الإسرائيليين زيادة الدعم والمساعدة العسكرية وتقليل حرية استخدامها.

 الملف الايراني

بقدر أهمية الملف النووي الإيراني في أبحاث هيغل، احتل الملف السوري أيضاً أهمية، في ظل الحديث عن تقديم دول أسلحة لـ «المعارضة المعتدلة»، كما يطلقون عليها. وهو جانب بات يحتل أهمية في أجندة الإسرائيليين ويشكل أهمية كبرى في التنسيق الأميركي – الإسرائيلي. ففي إسرائيل، وبحسب موقف نتانياهو وقياديين عسكريين وأمنيين، فان نقل هذه الأسلحة يشكل خطراً على أمن إسرائيل وحدودها بادعاء الخوف من انتقال الأسلحة إلى أيد معادية واستغلالها ضد أهداف إسرائيلية، لكن هناك من يرى عكس ذلك بل يحذر من هذا الموقف الإسرائيلي وأبعاده ويرى أن نقل هذه الأسلحة هو الطريق الوحيد لكسر التعادل العسكري وبالتالي التعجيل في إنهاء الأزمة السورية، مع التأكيد على أن استمرار القتال لا يخدم المصلحة الإسرائيلية.

شلومو بروم، الذي سبق وشغل منصب رئيس وحدة التنظيم الاستراتيجي في الجيش ويعمل اليوم باحثاً كبيراً في معهد أبحاث الأمن القومي، كان من أولئك الذين يخالفون هذا الموقف وفي الوقت نفسه يحذرون من تدخل إسرائيلي في سورية ويقول صراحة: «إن إسرائيل لا تملك قدرة حقيقية للتأثير على ما يجري داخل سورية. ويوجد خطر في أن يؤدي تدخلها إلى نتائج معاكسة لما ترغب فيه. وقد تنشأ أوضاع تجبر إسرائيل على التدخل، كالهجوم الذي أعلن أنه استهدف قافلة لنقل منظومات سلاح مخلة للتوازن، إلى حزب الله في لبنان، وحوادث متكررة من إطلاق النار، غير مقصود، نحو الجولان المحتل في مقابل فقدان النظام والسيطرة على مناطق في الجولان» . ويشير بروم إلى أن هذا التهديد بدأ ينعكس على أرض الواقع بين عناصر الأمم المتحدة، المشرفة على اتفاقية حماية الحدود والفصل بين إسرائيل وسورية. فبعض هذه الوحدات يغادر منذ الآن، والقوة قد تنهار تماماً. ويمكن لإسرائيل أن تجد نفسها في واقع مختلف تماماً عن ذاك الذي اعتادت عليه منذ 1974، وهضبة الجولان قد تصبح قاعدة للهجمات من جهات جهادية وفلسطينية متطرفة، يقول بروم.

 أبعاد استمرار القتال في سورية

وحذر الباحث الإسرائيلي من أبعاد استمرار القتال في سورية ومخاطره على المصلحة الإسرائيلية داعياً قيادة بلاده إلى دعم خطوات من شأنها وضع حد للأزمة السورية، وفي مقدمها دعم جهات خارجية ورفع الحظر عن تزويد العناصر المعتدلة بالأسلحة. وبحسب بروم فإن «البدائل لتحطيم التعادل حسب مستوى التصعيد هي إزالة الحظر الغربي على توريد السلاح للثوار، وإقامة مناطق حظر طيران على الجيش السوري وتدخل جوي في مساعدة الثوار»، ويقول: «سطحياً يبدو أن إزالة الحظر على إرسال السلاح هي الإمكانية الأقل إشكالية من بين الإمكانيات المتوقعة، وذلك على رغم الحجج المضادة كسقوط السلاح في أيدي جهات إسلامية متطرفة، لأنه لا توجد قدرة جيدة على التمييز بين الجماعات المختلفة من الثوار والسيطرة على الهدف النهائي للسلاح. هذه الحجة، بحسب بروم، ليست قوية، أولاً، لأنه في الواقع الحالي يتمتع الثوار الإسلاميون من توريد للسلاح من دول الخليج وبالذات لا يوجد للجهات الأخرى مصادر تموين منتظم للسلاح. ثانيا، لأنه مع الوقت تتراكم معلومات أفضل عن المجموعات المختلفة ومع جهد استخباري مناسب يمكن الوصول إلى صورة أفضل.

أما الذريعة الثانية أي أن «رفع الحظر سيعطي روسيا، إيران وربما أيضاً دول أخرى ذريعة لزيادة إرساليات السلاح إلى نظام الأسد، وهكذا ستتم المساهمة في تصعيد القتال»، فيرى بروم «أن هذه الدول لن تكون بحاجة إلى ذرائع أخرى لتوريد السلاح للنظام السوري، ومعقول أكثر بأن توريد السلاح النوعي مثل السلاح المضاد للدبابات والمضاد للطائرات، مما يضر في مجالات تفوق قوات النظام، كفيل بأن يغير في شكل جوهري علاقات القوى الحالية».

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,797,003

عدد الزوار: 6,966,657

المتواجدون الآن: 64