حلفاء الأسد.. مصالح وهواجس بدلا من القتال داخل الكرملين أو على بابه.. تقاتل موسكو على خط دفاعها في حمص

تاريخ الإضافة الإثنين 14 أيار 2012 - 5:40 ص    عدد الزيارات 880    التعليقات 0

        

 

حلفاء الأسد.. مصالح وهواجس بدلا من القتال داخل الكرملين أو على بابه.. تقاتل موسكو على خط دفاعها في حمص

بيروت: نذير رضا ... لا يُقرأ الفيتو الروسي الذي استخدم في مجلس الأمن مرتين ضد مشروعي قرار يدينان الانتهاكات الإنسانية في سوريا، إلا من زاوية المصالح والهواجس.. وأحيانا المبادئ. كما لا يمكن أن يُقرأ الدعم الإيراني غير المحدود للنظام السوري، ودعم الحلفاء اللبنانيين له، إلا من الزاوية نفسها. وبسبب حجم التأييد الذي يلقاه النظام، يسري اعتقاد أن مفاتيح الكرملين الروسي، ومفاتيح الجمهورية الإسلامية، موجودة في حوزة النظام السوري. وعليه، فإذا ضاع «حارس القلعة»، سيضيع الحلفاء الذين أكدوا دعمهم لبقائه.
روسيا، اللاعب الدولي الرئيسي في المعادلة السورية، لا يبدو أن سياستها الداعمة للنظام، وليدة المبادئ فقط، رغم أن مصادر دبلوماسية روسية، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن روسيا «حريصة على سيادة القانون الدولي في الأزمة السورية»، نافية أن تكون المصالح التي تحكم كل سياسات الدول وتحالفاتها «أساسا لدعم النظام أو عدم دعمه».
لكن شيئا واحدا، بحسب المصادر نفسها، يدفع روسيا لتأييده، هو «دراسة نقلها فرنسيون أكدت أن 70 في المائة من الشعب السوري ما زالوا يؤيدون الرئيس بشار الأسد»، موضحة أنه «إذا كان القرار الشعبي مؤيدا للرئيس، فإن روسيا لن تعارضه، وعليه، يصبح فرض التنحية على الرئيس أمرا مخالفا للأعراف الديمقراطية»، مشددة على ضرورة أن «يترك للشعب السوري اختيار بقاء النظام أو رحيله».
غير أن المصالح الروسية في الشرق الأوسط، تتخطى مفهوم المبادئ في دعم النظام السوري. ويستدل عليها من مقولة للملكة الروسية كاثرين الثانية عام 1876، حين قالت إنه «يجب الوصول إلى المياه الدافئة كي لا نتجمد في صقيع الشمال». تلك المقولة، بلا شك، رسمت صورة واضحة لسياسة روسيا الخارجية وأحلامها، منذ ذلك الوقت، إذا ما اعتبرنا أن التاريخ يعيد نفسه.
موقع روسيا الدولي الآن، وتحديدا بعد فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانتخابات الرئاسية، يعمق صورة دعمها للنظام السوري. ويوضح الوزير اللبناني السابق محمد شطح أن روسيا، التي لم تعد قوة عظمى كما كانت أيام الاتحاد السوفياتي «هي اليوم، من ناحية عدد السكان والوزن الاقتصادي، لا تقارب البرازيل مثلا، بما فيها ذهبها ونفطها وغازها»، مشيرا إلى أنها «تمر بمرحلة انتقالية حصل جزء كبير منها وهو الدخول إلى النادي العالمي لناحية النظام الاقتصادي والطبقة الوسطى التي تنتشر فيها، مع فروقات بمستوى الحياة».
وإذ ينتقد شطح في حديث مع «الشرق الأوسط» «المغالاة بالقول إن روسيا بصدد إنتاج حلف عالمي لمواجهة الناتو»، يؤكد أن موقف روسيا الداعم للنظام السوري «ليس عقائديا، وينطلق من هواجس واهتمامات».
أحد تلك الهواجس، بحسب شطح، «يتعلق بصعود الإسلام السياسي من مجمل الدول العربية، إذ ترتاب روسيا من الانتفاع من ذلك التغيير ووصوله إلى تخومها، وإلى الأراضي الروسية نفسها، وذلك يعود إلى الربط بين الإرهاب والعنف السياسي من جهة والإسلام السياسي الموجود في أذهان المسؤولين الروس».
ويضيف شطح أن «الهاجس الثاني يتمثل بالخوف من الاندفاع الغربي الذي ظهر في الدول المحيطة بروسيا وبالدرع الصاروخية وبالتدخل في ليبيا، مما أثار مخاوف من أن لا يقيم الغرب اعتبارا لروسيا في تلك المحطات، وهي المعروفة بموقعها التاريخي وبوزنها في مجلس الأمن فضلا عن وزنها العسكري وقدراتها الاستراتيجية، وهي تمانع أي استسهال غربي في التعاطي مع الدول الأخرى، من غير الرجوع إليها».
أما الهاجس الثالث في الداخل الروسي، كما يقول شطح، فهو أن روسيا «ما زالت تخوض عملية انتقالية، رغم أنها متقدمة، ولكن هناك درجة من الضغط لناحية الحريات السياسية والفساد في الداخل، والذي قامت ضده مظاهرات».
تلك العوامل وغيرها من العلاقات الخاصة والاقتصادية، تجعل من روسيا داعما للنظام السوري، فضلا عن عوامل أخرى ساهمت في دعمه، وهي أن النظام استطاع أن يصمد وأن يمانع الرغبة الغربية، وبات هناك اعتقاد عند الجميع أنه يصعب الخروج من التحالف معه.
وأعرب شطح عن اعتقاده أن المسؤولين الروسيين مدركون للخسارة الناتجة عن ظهورهم خصوما للحركات الشعبية والإسلامية في المنطقة، مؤكدا أن روسيا في النهاية «ستتعاطى مع النظام على قاعدة أنه لا يمكن بقاء الأمر على حاله، ولا بد من تغيير النظام وفق آلية للعملية الانتقالية بعيدا عن العنف».
غير أن هذه الرؤية، ينقضها الباحث الاستراتيجي دكتور نسيب حطيط، الذي اعتبر أن «أي تحليل بأن روسيا ستتراجع عن تأييدها للنظام السوري، هو كلام ينطلق من الرغبات والأحلام»، موضحا أنه «إذا خسرت روسيا سوريا، فإنها لن تعوض خسارتها لليبيا وتكون الأبواب الروسية قد فتحت أمام النار الأميركية».
ويؤكد حطيط، وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن روسيا، في تأييدها لنظام الرئيس بشار الأسد، «تدافع عن نفسها وليس عن سوريا، لأنه إذا تم تطويق روسيا فإنها لن تتمكن من تصدير الغاز حتى إلى أوروبا». ويشرح المصلحة الروسية في دعم النظام السوري بالقول: «بعد عشرين عاما على سقوط الاتحاد السوفياتي، التقطت روسيا أنفاس الربيع العربي الذي يهدد المصالح الروسية داخلها وخارجها، بدليل تعرضها للحراك شمال القوقاز». وأضاف: «في حال نجحت الولايات المتحدة في السيطرة لتفكيك دول وإقامة أخرى ضعيفة، فهذا يعطي انطباعا بأن أميركا سيطرت على النفط وهو أهم اقتصاديات العالم. لذلك ترى روسيا أنه بعد انتهاء الولايات المتحدة من السيطرة على الشرق الأوسط، ستتدخل للتخريب داخل روسيا خصوصا أنها أعطت عنوانا لتدخلها أخيرا عبر دعم الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضد بوتين».
وإذ يعتبر أن روسيا اليوم «بدلا من أن تقاتل داخل الكرملين أو على بابه، فإنها تقاتل في خط الدفاع السوري عنها في حمص»، لم ينفِ حلم روسيا بالبقاء في المياه الدافئة، لافتا إلى أنه «لم يبق لروسيا في البحر المتوسط إلا سوريا بعد خديعة ليبيا، وتطمح لاستعادة خليج عدن الذي خسرته بعد وحدة اليمن، فيما تحافظ على دعمها لإيران كونها تسيطر على خليج هرمز، وتدعم الجزائر التي تسيطر على مضيق جبل طارق».
أما في المبادئ، فإن روسيا ترى، بحسب حطيط، أن «القانون الدولي يجب أن يحكم العلاقات الدولية، واحترامها، كما ترى أن التغيير يجب أن يتم من الداخل، احتراما للقانون الدولي، وليس عبر القوة العسكرية الخارجية بتوكيل الناتو كما حصل في ليبيا، لأنها إذا قبلت بإسقاط الحكم في الشام، فإن ذلك سيفتح باب التدخل على مصراعيه، وستضطر إلى القبول بإسقاط إيران أيضا، ثم يصل الأمر إلى إسقاط بوتين ومدفيديف داخل روسيا». وإذا كانت روسيا تحشد قوتها الدبلوماسية وعلاقاتها الدولية وأساطيلها العسكرية للإيحاء بأن إسقاط النظام بالقوة، خط أحمر، فإن إيران تحشد جهودها للدفاع عن النظام السوري بكل قوتها.
ولا شك أن إيران حليف استراتيجي يمتلك رؤية عقائدية وقومية، وطموحات بالتوسع بموقعها ونسج شبكة للتأثير في المنطقة. وتشكل سوريا جزءا مهما من هذه الرؤية بالجغرافيا والموقع العربي والموقع الجيوسياسي لجهة حدودها مع لبنان وفلسطين. يقول شطح: «على مدى ثلاثين عاما، كان هذا الحلف قائما رغم أنه اشتد مع الوقت، وفي السنوات الأخيرة صار أساسا بالنسبة لإيران، رغم أن هذا الحلف ليس عقائديا، لأن إيران من الناحية العقائدية والثقافية تقع في موقع مختلف عن السلطة في سوريا». ويشير إلى أن إيران، بغض النظر عن التنافس السياسي داخلها، «لديها رؤية معينة وطموحات تنطلق أساسا من فكر ديني، يرتكز إلى ولاية الفقيه مع احترامنا لهذه العقيدة»، لافتا إلى أن «الارتباط السياسي واللوجستي بين إيران وسوريا بات مضاعفا نظرا لموقع الأخيرة الجيوسياسي».
وإذا كانت قوة إيران تتمثل في أذرعها، فإن سوريا، كما يقول شطح، تعتبر «جزءا مهما للذراع الإيرانية الأساسية التي تقوم في لبنان، لأن الوصول إلى لبنان يتطلب الاستفادة من الجغرافيا السورية التي توفرها كونها تحد لبنان، كما تحتاج إلى سوريا للفوز بعقول وقلوب العرب والمسلمين عبر جبهة الممانعة التي شكلت سوريا أساسا لها، وبالتالي باتت معبرا أساسيا للتأثير الإيراني في شرق المتوسط وفلسطين». ويشدد على أن سوريا، بالنسبة لإيران «حلقة أساسية من شبكة التأثير الإيراني في العالم الإسلامي».
وعما إذا كانت إيران تتخلى عن الحليف السوري إذا وفرت لها دولة إقليمية مثل مصر دورا شبيها، أشار إلى أن «سوريا ليست الحليف الوحيد بالنسبة لإيران، كون الأخيرة تبحث عن ركائز لاستراتيجيتها في المنطقة، لكن تلك الدول تفاوتت العلاقة معها، إذا ما قورنت بالعلاقة مع سوريا، لأنها لم تكن مستعدة لأن تُستعمل من قبل إيران مثل سوريا وحزب الله في لبنان»، مؤكدا أنه لا يعتقد أن مصر «ستكون معبرا للسياسات الإيرانية في المنطقة».
وإذا كانت روسيا وإيران بلدين مؤيدين إلى حد كبير للسلطة في سوريا، فإن لبنان يعتبر حليفا أساسيا عبر فئة قليلة من اللبنانيين، أو ما يسمى «مايكرو ليبانون»، ما زالت على علاقتها بالنظام السوري الذي أدار لبنان على مدى ثلاثين عاما، وربطته علاقة خاصة بلبنان تمثلت بالعلاقات السياسية والأمنية والعسكرية والثقافية وغيرها. هذه الفئة الداعمة للنظام في سوريا، والتي تدافع عن النظام أكثر من دفاع مسؤوليه أنفسهم عنه، لا شك أنهم، بالمصالح، مختلفون عن تأييد حزب الله للنظام الذي يقع في موقع مختلف عنهم.
ويقول الوزير السابق محمد شطح إن حزب الله «لا ينظر إلى تأييد السلطة في سوريا بالمعنى العقائدي، بل «وفق نظرة تمتحن ما إذا كان النظام السوري البديل سيساعد حزب الله على البقاء في المسرح اللبناني مستقلا عن الدولة، ويوفر حماية لوجوده واستمرارا لتعاظم قوته لوجستيا، ويحمي ظهره ويؤمن له التسهيلات الحافظة لوجوده القادمة من إيران». هذا هو الامتحان، كما يقول شطح، الذي يفرق حزب الله عن الآخرين. أما تأييد الحزب اللبناني له، فهو «نابع من منظار ضيق، وبالتالي يصبح خوف حزب الله من التغيير في سوريا حتى لو كان التغيير ديمقراطيا».
في المقابل، يرى حطيط أن «المبادئ والمصالح والأخلاق تتحكم بموقف حزب الله من النظام السوري». ففي المبدأ «طالما أن حزب الله يعادي الولايات المتحدة وإسرائيل، يجب أن يكون مبدئيا مع أي نظام يعاديهما». أما في المصالح «فإن أي نظام يأتي إلى سوريا مناقض للأسد، يعني أن هناك رضا أميركيا عنه، وبالتالي يعني ذلك محاصرة حزب الله، ومن المنطقي أن لا يرضى حزب الله بمحاصرة نفسه عبر دعمه أميركا لإسقاط حليفه الاستراتيجي». ويبقى أن الموقف الأخلاقي، بحسب حطيط، «يحتم على حزب الله دعم النظام من مبدأ الوفاء، خصوصا أن نظام الأسد دفع أثمانا مقابل تسليم رأس حزب الله، ورفض، فلا يمكن أن يتركه الحزب في لحظاته الصعبة».
ويختلف حطيط مع شطح في مسألة رؤية حزب الله للنظام في سوريا، إذ يعتبر الباحث الاستراتيجي أن «سقوط النظام لا يعني نهايته لأنه يمتلك من مقومات القوة العسكرية والسياسية ما يبقيه على قيد الحياة والتأثير السياسي». لكن الوزير اللبناني السابق، يرى أن سوريا في الخارج «لم تعد تتمتع بالمصداقية التي تمتع بها حزب الله في العالمين العربي والإسلامي، قبل اشتعال الأزمة السورية، كونه ممانعا ومقاوما، رغم أن تلك المصداقية صارت محل شكوك بسبب التأييد للنظام السوري، والتي كشفت عن أن أهدافه تسمو فوق إرادة الشعوب».
وفي مرحلة متقدمة، بعد رحيل الأسد، يعرب شطح عن ثقته بأن الشعب السوري «ستكون مواقفه مؤيدة للقضية الفلسطينية بما يتخطى مواقف النظام الحالي، ولن يكون هناك استفراد وستبقى فلسطين موجودة بعقول السوريين وقلوبهم أكثر من النظام الحالي»، لافتا إلى أن «الانتفاضة الحالية تؤكد أنه ليس كافيا أن تكون سوريا مؤيدة للممانعة لتتحكم بالسلطة أبد الدهر، وعلى هذا الأساس انتفض الشعب على قاعدة أنه لا يمكن الاستمرار بالمبررات التي شرعنت استمراره».
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,790,501

عدد الزوار: 6,966,259

المتواجدون الآن: 61