معركة استقلال "اليونيفيل"..الجزء الاول والثاني..

تاريخ الإضافة الإثنين 25 أيلول 2023 - 1:23 م    عدد الزيارات 546    التعليقات 0

        

معركة استقلال "اليونيفيل" (الجزء الأول): "حزب الله" في الأمم المتحدة...

معهد واشنطن...بواسطة أساف أوريون, ماثيو ليفيت

عن المؤلفين:

أساف أوريون هو عميد إسرائيلي متقاعد واستراتيجي للشؤون الدفاعية، وزميل عسكري في معهد واشنطن. هو "زميل ريؤفين الدولي" في معهد واشنطن، والرئيس السابق لـ "القسم الاستراتيجي في مديرية التخطيط" التابعة لـ "هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي".

ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن. هو "زميل فرومر-ويكسلر" ومدير "برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" التابع للمعهد، ومبتكر خريطته التفاعلية حول نشاطات «حزب الله» في جميع أنحاء العالم.

تحليل موجز: يشكل تجديد ولاية "اليونيفيل" وعرقلة محاولة "حزب الله" شل هذه القوة رسمياً، تطورات مرحب بها، ولكن من الضروري اتخاذ المزيد من الإجراءات الدبلوماسية المنسقة لعكس الاتجاه الأمني التنازلي.

في شهر آب/أغسطس من كل عام منذ انتهاء حرب عام 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل، يجتمع مجلس الأمن الدولي لتجديد ولاية "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" ("اليونيفيل")، وهو التمرين الذي غالباً ما يحوّل ببساطة نص العام الذي سبق إلى القرار التالي مع القليل من التغييرات. وفي العام الماضي، قدمت "المادة 16" من "قرار مجلس الأمن رقم 2650" تحسناً محتملاً، حيث نصت على أن "«اليونيفيل» لا تحتاج إلى تصريح أو إذن مسبق للقيام بالمهام المنوطة بها... وهي مخولة بإجراء عملياتها بشكل مستقل". ومع ذلك، سعت بيروت هذا الصيف إلى التراجع عن الإضافة من عام 2022 واشتراط الأنشطة التي تقوم بها قوة "اليونيفيل" بموافقة لبنانية مسبقة.

وتحقيقاً لهذه الغاية، أرسل لبنان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى مقر الأمم المتحدة قبل التصويت، بينما أرسلت إسرائيل وزير الدفاع يوآف غالانت للتحذير من تزايد خطر الحرب على طول الحدود المشتركة. وفي نهاية المطاف، أبقت "المادة 15" من القرار الصادر في 31 آب/أغسطس مراجعة عام 2022 سارية المفعول، لكنها أضافت عبارة "مع الاستمرار في التنسيق مع الحكومة اللبنانية، وفقاً لاتفاقية وضع القوات".

ويقيناً، من غير المتوقع أن يتغير نشاط "اليونيفيل" على الأرض بغض النظر عن صياغة القرار، حيث تم ردع قوة حفظ السلام فعلياً منذ فترة طويلة عن تنفيذ ولايتها بفعل التشويش والترهيب والعنف والحشد العسكري الذي يمارسه "حزب الله" (سيتم تناول أحدث التفاصيل في الجزء الثاني من هذا المرصد السياسي). ومع ذلك، فإن الطريقة التي سعت من خلالها مختلف الجهات الفاعلة إلى توسيع سلطة "اليونيفيل" الصورية أو تقليصها تشير إلى التحديات التي ستواجهها واشنطن وشركاؤها إذا حاولوا اتخاذ إجراءات أكثر تضافراً على هذه الجبهة المضطربة بشكل متزايد.

السجال السياسي و"دبلوماسية المقاومة" التي يتبعها "حزب الله"

عندما أضيفت الصياغة الجديدة في العام الماضي بضغط من الولايات المتحدة، كان الدافع وراء ذلك هو ما وصفه القرار بأنه "محاولات لمنع الوصول أو تقييد حرية حركة أفراد «اليونيفيل»"، بما في ذلك "الهجمات على أفراد «اليونيفيل» ومعداتها" و"أعمال المضايقة والترهيب". وبعبارة أخرى، كان مجلس الأمن يحاول التصدي للحملة التي يشنها "حزب الله" لتعمية "اليونيفيل" وترهيبها وردعها - وهي الطريقة المفضلة لدى الميليشيا لتقليص تواجد قوات "اليونيفيل" داخل لبنان ومنعها من كشف العمليات العسكرية غير المشروعة في الجنوب.

واستمر الجدال حول نص هذا العام حتى اللحظة الأخيرة، كما يتضح من "المسودة النهائية" التي تم تسريبها قبل التصويت. فبينما روجت فرنسا لطلب لبنان بالتراجع عن الصياغة المضافة، اعترضت الولايات المتحدة على ذلك بدعم من بريطانيا والإمارات العربية المتحدة. وسجلت الصين وروسيا امتناعهما للمرة الأولى عن التصويت بشأن هذه القضية، حيث أشار ممثل بكين إلى "احترام سيادة الدولة المعنية وسلامة أراضيها"، في حين أشارت روسيا إلى "التغييرات المثيرة للجدل" التي تم إجراؤها في المراحل النهائية وشددت على ضرورة أخذ رأي لبنان بعين الاعتبار.

وعلى الرغم من فشل "حزب الله" وحلفائه في الحكومة اللبنانية في دفع الصين وروسيا إلى استخدام حق النقض، فإن امتناع عضوين دائمين في مجلس الأمن عن التصويت أدى أساساً إلى دعم أجندة التنظيم الإرهابي، تماماً كقرار فرنسا بتسهيل محاولة بيروت. ففي خطاب ألقاه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في 28 آب/أغسطس، صوّر "اليونيفيل" على أنها "قوة أجنبية مسلحة تنتهك سيادة لبنان"، متهماً إياها بالعمل والتجسس لصالح إسرائيل: "حيث لا تستطيع الطائرات بدون طيار والجواسيس والكاميرات الإسرائيلية الوصول... كاميرات «اليونيفيل» تحل محلها". وشكر نصر الله الحكومة اللبنانية على سعيها إلى "إصلاح الخطأ الذي ارتُكب العام الماضي وهو القرار الذي يسمح «لليونيفيل» بحرية الحركة الكاملة، بشكل مستقل عن الحكومة اللبنانية أو «الجيش اللبناني»".

وبالمثل، وصفت صحيفة "الأخبار" التابعة لحزب الله التصويت بأنه "معركة دبلوماسية" مَنَع فيها لبنان "تل أبيب وواشنطن وأبو ظبي من تحقيق الهدف الإسرائيلي… ليكون القرار أكثر شدة ضد لبنان، وجعل «اليونيفيل» أداة للقيام بأعمال المراقبة والحراسة لمصالح إسرائيل... خالية من أي ضوابط تتعلق بمصالح لبنان وسيادته". ولتجنب تكرار "القرار الكارثي" الذي صدر العام الماضي، زعمت الصحيفة أن "حزب الله" "دخل المعركة" و"واكب مسار التفاوض على نص قرار التمديد". وعلى وجه التحديد، تمت الإشادة بالتنظيم على خلفية مساعدته المزعومة لرئيس الوزراء ووزير الخارجية اللبنانيين في صياغة المراسلات مع الأمم المتحدة وفرنسا التي هددت بسحب طلب بيروت تمديد ولاية "اليونيفيل" ما لم تنسق القوة بشكل كامل مع الجيش اللبناني. كما زعمت الصحيفة أن "حزب الله" تواصل مع دول أعضاء أخرى مثل البرازيل والصين واليابان وروسيا وسويسرا.

وفي أعقاب التصويت، أوضحت السفيرة الإماراتية لانا نسيبة خطورة الوضع، قائلةً: "لم يخلُ يومٌ من سخرية «حزب الله» من «قراريْ مجلس الأمن 1701 و1559»"، في إشارة إلى الأحكام السابقة المتعلقة بولاية "اليونيفيل" والأنشطة العسكرية غير القانونية لـ"حزب الله". وتابعت: "كما يصعب على دولة الإمارات تفهم أسباب التردد في تسمية «حزب الله» وجماعته، فهم يقوّضون بنشاط قدرة «اليونيفيل» على تنفيذ ولايتها داخل مناطق عملياتها" - في إشارة إلى جمعية "أخضر بلا حدود"، وهي جماعة واجهة لـ "حزب الله" التي ستتم مناقشتها في الجزء الثاني.

عواقب القرار

يشكل تجديد ولاية "اليونيفيل" مع عرقلة محاولة "حزب الله" شل هذه القوة رسمياً تطورات سياسية إيجابية. وكما تؤكد تقارير مجلس الأمن في كثير من الأحيان، فإن واقع احتفاظ "حزب الله" بأسلحة خارج سيطرة الدولة يشكل انتهاكاً لكل من "القرار 1701" وسيادة لبنان. ولكن من خلال محاولة تقويض سلطة "اليونيفيل"، قام بعض أعضاء المجلس بتسهيل الانتهاكات العسكرية لـ "حزب الله" باسم السيادة ذاتها التي يزعمون أنهم يدعمونها. وكانت جهود واشنطن لحشد الدول الشريكة ضد هذه المحاولة بمثابة دفاع ناجح عن أسس أخلاقية وسياسية مهمة، كما كان دور الإمارات العربية المتحدة وصراحتها جديرين بالثناء أيضاً.

ومع ذلك، فإن مدى تأثير هذا الإنجاز الدبلوماسي بشكل ملحوظ داخل لبنان أمر مشكوك فيه. ففي يوم التصويت، حذر المراسل التابع لـ"حزب الله" علي شعيب من أنه إذا غيرت قوات الأمم المتحدة مسارها، فإنها ستواجه "السكان المحليين" - وهو تعبير ملطف شائع لمقاتلي "حزب الله". وسرعان ما أكد المتحدث باسم "اليونيفيل"، أندريا تيننتي، لوسائل الإعلام اللبنانية أن شيئاً لن يتغير في العمل اليومي للقوة.

ويعود جزء كبير من هذا التخاذل إلى واقع أن لبنان ومؤسساته متواطئة بشدة في تمكين "حزب الله" (كما سيتم توثيقه بمزيد من التفصيل في الجزء الثاني). فعلى الرغم من إعلان الحكومة والجيش اللبنانيين مراراً وتكراراً التزامهما بـ "القرار 1701"، إلا أنهما يستمران في التواطؤ مع سياسات "حزب الله" ويدعمان بنشاط انتهاكاته الصارخة لقرارات الأمم المتحدة والسيادة اللبنانية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، روّجت بيروت لأجندة "حزب الله" في الأمم المتحدة باسم السيادة الوطنية، وحشدت الصين وروسيا وحتى فرنسا لصالح القضية. وعلى الصعيد العسكري، قدم "الجيش اللبناني" جميع الذرائع لعرقلة حرية حركة "اليونيفيل"، والتستر على انتهاكات "حزب الله" ووجوده العسكري غير المشروع، وعرقلة وصول الأمم المتحدة وتحقيقاتها وإعدادها للتقارير. كما دعم الجيش والحكومة جمعية "أخضر بلا حدود" التي تعمل كواجهة لـ"حزب الله" باعتبارها منظمة يُزعم أنها شرعية، وأخّرا اتخاذ إجراءات قانونية ضد أولئك الذين يهاجمون أفراد الأمم المتحدة.

التوصيات

مع ارتفاع حدة التوترات على طول "الخط الأزرق" الذي رسمته الأمم المتحدة عما كانت عليه منذ سنوات، يتعين على الدول الأعضاء مضاعفة جهودها لتجنب الحرب. وهذا يعني اتخاذ خطوات أكثر تضافراً لتنفيذ "القرار 1701" والتصدي للانتهاكات المتزايدة لـ "حزب الله".

بالإضافة إلى ذلك، لا بد من محاسبة الحكومة اللبنانية و"الجيش اللبناني" على تواطئهما مع "حزب الله" - ولا يجوز لهما استخدام الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد كذريعة لتأخير التغيير. وفي المرحلة القادمة، يجب أن تكون المساعدات الاقتصادية واللوجستية مشروطة بوفاء لبنان بواجباته المعلنة كبلد مضيف - أي حماية قوات الأمم المتحدة، وتقديم الجناة إلى العدالة، والسماح للأمم المتحدة بالوصول الفوري إلى المناطق ذات الاهتمام، ووقف جهودها للتستر على "حزب الله".

ومن المؤسف أنه من غير الممكن أن نتوقع الوصول دون عوائق إلى المواقع ذات الأهمية في أي وقت قريب، لذا يتعين على الدول الأعضاء أن تضغط أيضاً باتجاه تحسين أساسي آخر، وهو: تحسين إعداد التقارير المقدمة إلى مجلس الأمن. ينبغي على الولايات المتحدة وشركائها أن يصروا على أن تقدم الأمم المتحدة إحصائيات مفصلة وحديثة ووثائق جغرافية عن البصمة العملياتية الفعلية لـ "اليونيفيل"، مع تحديد جميع المواقع التي سُمح فيها لدوريات الأمم المتحدة بعبورها وتلك التي تم فيها منعها أو مهاجمتها. ومن شأن هذه الصورة أن توضح تقلص بصمة "اليونيفيل" من جهة واتساع مساحات الأراضي غير الخاضعة للرقابة حيث يقوم "حزب الله" بتعزيز وجوده العسكري غير المشروع ويزيد من خطر الحرب من جهة أخرى.

وفي ملاحظة بناءة، قام المبعوث الأمريكي عاموس هوكستين، الذي توسط في اتفاق الحدود البحرية العام الماضي بين إسرائيل ولبنان، بزيارة بيروت مؤخراً لمناقشة إمكانية إجراء مفاوضات بشأن الحدود البرية. وإذا برزت مثل هذه المحادثات، فعلى الأطراف المعنية أن تعالج بطبيعة الحال ادعاءات لبنان وتحفظاته بشأن "الخط الأزرق"، بما في ذلك القضية المعقدة الخاصة بشمال قرية الغجر. ومع ذلك، يتعين عليها أيضاً أن تعالج التخوف الرئيسي لدى إسرائيل، وهو: أن الانتشار العسكري المتزايد لـ "حزب الله" وأنشطته على الحدود تُسرع بشكل كبير من وتيرة التوجه نحو حرب مدمرة أخرى.

 

معركة استقلال "اليونيفيل" (الجزء الثاني): الوقائع على الأرض

معهد واشنطن...بواسطة ماثيو ليفيت, أساف أوريون

عن المؤلفين

ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن.

أساف أوريون هو عميد إسرائيلي متقاعد واستراتيجي للشؤون الدفاعية، وزميل عسكري في معهد واشنطن.

تحليل موجز: يوثق التقرير الأخير "للأمين العام للأمم المتحدة" الانتهاكات المتزايدة لـ "حزب الله" - والدور المتزايد الذي يلعبه مسؤولو الحكومة اللبنانية والقادة العسكريون في التحريض على هذه العمليات.

عندما تم اعتماد "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2695" الشهر الماضي، كان ذلك بمثابة نهاية للمعركة الدبلوماسية الأخيرة حول ولاية "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" ("اليونيفيل")، حيث كانت الغلبة للولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة على لبنان وفرنسا، بينما امتنعت الصين وروسيا عن التصويت (انظر الجزء الأول من هذا المرصد السياسي). ولكن على الرغم من هذا النصر السياسي المرحب به، إلّا أن هذا القرار الجديد لا يساهم سوى القليل في تفسير الواقع المتدهور على الأرض أو معالجته.

واستعرضت السفيرة الإماراتية لانا نسيبة بكل صراحة هذا الواقع بعد وقت قصير من التصويت: "الواقع هو أن التوترات على «الخط الأزرق» قد بلغت مستويات لم تُشهد منذ حرب عام 2006. وخلال العام الماضي... أقام [حزب الله] ثكنات عسكرية وأبراج مراقبة خرسانية، وأجرى تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية، ومنع "القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان" ("اليونيفيل") من حرية التحرك، وهاجم بصفاقة قوات حفظ السلام... هذا الى جانب تعمده إطالة أزمات لبنان التي لا تعد ولا تحصى، وعرقل التحقيقات المتعلقة بانفجار «مرفأ بيروت» الكارثي، وشل المؤسسات الرئيسية للدولة. وتُنذر هذه الأعمال الاستفزازية بتصعيدٍ خطير في منطقتنا". إن نقاط البيانات الداعمة لوصفها مثيرة للقلق، إلا أن تقارير الأمم المتحدة تميل إلى التعامل معها كحوادث عرضية بدلاً من اعتبارها اتجاهات خطيرة تستوجب اهتماماً عاجلاً.

الاستفزازات الحدودية والأنشطة غير المشروعة في الجنوب

وثق التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة حول "اليونيفيل"، والذي نُشر في 13 تموز/يوليو ويغطي الفترة من 21 شباط/فبراير إلى 20 حزيران/يونيو، العديد من انتهاكات "حزب الله" التي كانت مسؤولة عن إثارة التوترات على الحدود مع إسرائيل هذا العام. ففي نيسان/إبريل، ووفقاً لبعض التقارير، تم إطلاق وابل كبير من الصواريخ على إسرائيل، على يد نشطاء فلسطينيين من حركة "حماس" في المناطق التي يسيطر عليها "حزب الله" في جنوب لبنان. والجدير بالذكر أنه تم العثور على صواريخ إضافية لم يتم إطلاقها في هذه المناطق. وشملت الاستفزازات الأخرى على "الخط الأزرق" ما يلي:

توسيع نطاق الوجود غير المشروع لعناصر "حزب الله" المسلحة في الجنوب

نصب الخيم على الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق في منطقة جبل دوف/مزارع شبعا

إجراء أكثر من 600 عملية عبور متعمدة إلى إسرائيل في انتهاك "للخط الأزرق"

إتلاف الحاجز الأمني ​​الحدودي

ولم يأتِ التقرير على ذكر حوادث أخرى. على سبيل المثال، لوحظ وجود أعضاء مسلحين من قوات "الرضوان" الخاصة التابعة لـ "حزب الله" بالقرب من "الخط الأزرق". وفي 6 تموز/يوليو، تم إطلاق صاروخين مضادين للدبابات باتجاه إسرائيل، ربما على يد نشطاء فلسطينيين في جنوب لبنان.

مضايقة قوة "اليونيفيل" ومهاجمتها

على الرغم من أن المسلحين الذين يرتدون ملابس مدنية ويواجهون بانتظام دوريات "اليونيفيل" معروفون على نطاق واسع بأنهم أعضاء في "حزب الله"، إلّا أن تقارير الأمم المتحدة نادراً ما تشير إليهم بهذه الصفة. وفي هذا العام، أصبح هؤلاء الأفراد حتى أكثر عدائية ضد قوات حفظ السلام.

ويذكر "الملحق الأول" من تقرير تموز/يوليو تفاصيل 18 حالة من الهجمات والمضايقات وإعاقة الحركة ومنع الوصول، بمتوسط ​​4.2 حادثة شهرياً بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو. ويبلغ المتوسط ​​التاريخي لهذه الحوادث 2.37 حادثة شهرياً منذ عام 2007، لكن هذا العدد قفز إلى 5.2 في عام 2022، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، وظل مرتفعاً هذا العام. بعبارة أخرى، ضاعف "حزب الله" ضغوطه على قوات "اليونيفيل" في العامين الماضيين.

بعد قتل جندي حفظ السلام الإيرلندي التابع "لليونيفيل" شون روني في كانون الأول/ديسمبر، أظهرت لقطات كاميرا المراقبة وفقاً لبعض التقارير رجالاً مسلحين يحيطون بدوريته ويعلنون: "نحن «حزب الله»". واتهمت محكمة عسكرية لبنانية رسمياً عدة أعضاء من "حزب الله" بجريمة القتل، ووفقاً لبعض التقارير، سلم التنظيم المشتبه به الرئيسي إلى السلطات اللبنانية. لكن الإجراءات القانونية اللاحقة كانت بطيئة كالمعتاد.

وفي نيسان/إبريل، أوقف سبعة عشر مسلحاً ملثماً - اثنان منهما يحملان مسدسات - دورية تابعة "لليونيفيل" بالقرب من القرية الحدودية ميس الجبل. وأفاد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أن قائد الدورية "ضُرب على رأسه"، وعندما حاولت الوحدة المغادَرة، "قام الأفراد بإتلاف نوافذ مركبة الدورية وإطاراتها بفأس". وأصيب ثلاثة من قوات حفظ السلام في الحادث.

ولا تشكل هذه الهجمات سوى جزء واحد من الجهود الأوسع نطاقاً التي يبذلها "حزب الله" لمنع الأمم المتحدة من إنجاز وظيفتها الرقابية بالقرب من المناطق التي يعتبرها التنظيم حساسة. وتشمل "المواقع المهمة" العديدة التي تعذر على قوات "اليونيفيل" مراراً وتكراراً الوصول إليها بالكامل، ميادين إطلاق النار غير المصرح بها، والمواقع الحدودية التي تحرسها جمعية "أخضر بلا حدود" التي تعمل كواجهة لـ"حزب الله"، والمواقع التي يشتبه في قيام الميليشيا فيها بحفر أنفاق عابرة الحدود (بما في ذلك المواقع التي سبق وأن حددت فيها إسرائيل أنفاقاً في عام 2018). وفي شباط/فبراير، وآذار/مارس وأيار/مايو، على سبيل المثال، عثرت "اليونيفيل" على "فتحات" جديدة "في الأرض" بأحجام مختلفة في مواقع قريبة من "الخط الأزرق" بالإضافة إلى معدات حفر.

تواطؤ "الجيش اللبناني"

وفقاً لتقرير تموز/يوليو، "استمر «الجيش اللبناني» بالاعتراض على بعض الطرق التي تسلكها الدوريات، والتي اقترحتها "اليونيفيل" لتوسيع وجودها خارج الطرق الرئيسية والمراكز البلدية، بحجة أنها إما طرق خاصة أو مناطق ذات أهمية استراتيجية لـ [«الجيش اللبناني»]". ورداً على ذلك، حصرت "اليونيفيل" فعلياً نشاطها بالطرق الرئيسية والمراكز البلدية، تاركةً معظم المواقع الأخرى دون مراقبة.

ويكشف هذا المقطع أيضاً ذريعتين شائعتين لدى "الجيش اللبناني" لعرقلة قوة "اليونيفيل". فمنذ عام 2012 - وخاصة منذ عام 2018 - استخدمت السلطات اللبنانية عبارات مثل "طرق خاصة" و"ملكية خاصة" لمنع وحدات حفظ السلام من الوصول إلى أجزاء كثيرة من الجنوب. وبالمثل، تشكل عبارة "مناطق ذات أهمية استراتيجية «للجيش اللبناني»" ستاراً واهياً لمواقع "حزب الله" التي تتمتع بغطاء عسكري لبناني.

وأشار تقرير الأمم المتحدة أيضاً إلى الاحتكاك اللبناني مع القوات الإسرائيلية. على سبيل المثال، قام أفراد من "الجيش اللبناني" و"جيش الدفاع الإسرائيلي" بتصويب أسلحتهم على بعضهم البعض عبر "الخط الأزرق" في عدة ظروف متوترة.

"أخضر بلا حدود" على الحدود

خلال فترة التبليغ الحالية، لاحظت "اليونيفيل" وجود ثماني عشرة حاوية شحن وستة أبراج مراقبة في تسع عشرة نقطة مراقبة على طول "الخط الأزرق"، اثني عشرة منها تحمل لافتات جمعية "أخضر بلا حدود". كما أبلغت "اليونيفيل" عن وجود معدات مراقبة في هذه المواقع، بما في ذلك كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة.

ووفقاً لتصنيف وزارة الخزانة الأمريكية لجمعية "أخضر بلا حدود" في 16 آب/أغسطس، "شكلت" المنظمة "غطاءً لأنشطة «حزب الله» في جنوب لبنان على طول «الخط الأزرق»، حيث تملك جمعية «أخضر بلا حدود» مراكز عسكرية يديرها عناصر من «حزب الله» في أكثر من عشرة مواقع". على سبيل المثال، تم استخدام بعض هذه المواقع للتدريب على أسلحة "حزب الله" في ميادين الرماية غير القانونية. وفي حالة أخرى، وضع "حزب الله" حاوية بالقرب من البوابة الأمامية لموقع تابع "لليونيفيل" لمنع قوات حفظ السلام من الوصول إلى موقع تابع لجمعية "أخضر بلا حدود" في المنطقة. وطلبت "اليونيفيل" من "الجيش اللبناني" إزالة هذا العائق لكنها لم تتلق أي رد.

التسلح في وضح النهار

يعرض عناصر "حزب الله" أسلحتهم بشكل فاضح خلال تحركهم في مختلف أنحاء جنوب لبنان، في انتهاك آخر لـ "قرار مجلس الأمن رقم 1701". وقد أشار تقرير الأمين العام الصادر في تموز/يوليو إلى مخاوف جدية "بشأن وجود أسلحة غير مرخصة في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني و«الخط الأزرق»"، بما في ذلك ميادين الرماية غير القانونية المذكورة أعلاه.

وفي شهر أيار/مايو، ذهب "حزب الله" إلى أبعد من ذلك عندما أجرى ما أسمته "اليونيفيل" "تدريباً عسكرياً" بالقرب من قرية عرمتى الجنوبية. وخلال هذا الحدث، الذي وصفته وسائل الإعلام بأنه "استعراض هائل للقوة"، تمت محاكاة عمليات الاقتحام والاعتداء عبر الحواجز الحدودية الإسرائيلية باستخدام الأسلحة الثقيلة. وأشار تقرير الأمين العام إلى هذه الحادثة "بقلق بالغ"، ووصفها بأنها انتهاك "للقرار 1701".

قضايا الدفاع الجوي

وفقاً "للمادة 12" من تقرير تموز/يوليو، "استمر «جيش الدفاع الإسرائيلي» في دخول المجال الجوي اللبناني منتهكاً [«القرار 1701»] والسيادة اللبنانية... وسجلت «اليونيفيل» 131 انتهاكاً للمجال الجوي [هذا الربيع]، بإجمالي 187 ساعة". ويعكس هذا العدد تراجعاً في التحليقات الجوية الإسرائيلية لتبلغ أدنى مستوياتها منذ أن بدأت الأمم المتحدة في الإبلاغ عن هذه الأرقام، بانخفاض من 390 ساعة في ربيع عام 2022 و 1298 ساعة في ربيع عام 2020 - وهو اتجاه ينبع من بصمة الدفاع الجوي المتزايدة لـ "حزب الله" وتكيف "سلاح الجو الإسرائيلي" مع هذا التهديد.

الخاتمة

إذا أريد للدبلوماسية في مقر الأمم المتحدة وبين العواصم الأجنبية أن تحقق أي تقدم في سبيل التخفيف من التوترات الحالية، فمن الضروري أن تعكس الوقائع على الأرض، حيث لا تستطيع العبارات السياسية المبتذلة أن تخفي الوضع القاتم الحالي. فقرار الولايات المتحدة بتصنيف جمعية "أخضر بلا حدود" كان خطوة مهمة، ولكن لا بد من ممارسة المزيد من الضغط على مخالب "حزب الله" الاقتصادية والمالية والإجرامية. ولا ينبغي استخدام الأزمات الداخلية الحادة التي تمر بلبنان كذريعة لتجاهل عاصفة الحرب المتصاعدة.

وبغض النظر عن الصياغة المعتمدة في قرارات مجلس الأمن، فإن استقلالية "اليونيفيل" وحرية حركتها على الأرض يتم إقرارها في نهاية المطاف من قبل قادة "اليونيفيل"، الذين رضخوا حتى الآن لإكراه "حزب الله" وتواطؤ لبنان معه. ونظراً للوضع المتفجر على طول "الخط الأزرق"، يجب على "اليونيفيل" الآن استخدام صلاحياتها المتجددة للتصدي لاستفزازات "حزب الله" في الجنوب. ويتمثل خط دفاعها الأول في هذه المعركة بإعداد تقارير صادقة ومفصلة.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,888,807

عدد الزوار: 6,970,528

المتواجدون الآن: 90