جوبيه لـ «الشرق الأوسط»: مستعدون للاعتراف بالمعارضة السورية..الحريري يؤكد أن الأسد لن يستطيع إحراق لبنان

المعارضة السورية تطالب بإعلان حمص مدينة «منكوبة» وإرسال مراقبين دوليين...الجيش السوري يقتحم حي بابا عمرو في حمص بعد مواجهات مع منشقين

تاريخ الإضافة الأربعاء 9 تشرين الثاني 2011 - 4:37 ص    عدد الزيارات 2273    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

جوبيه لـ «الشرق الأوسط»: مستعدون للاعتراف بالمعارضة السورية
الجيش السوري يقتحم حمص > مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط»: لا نثق بالأسد ولا بوعوده > الوزير الفرنسي اعتبر أن الخطة العربية ماتت.
دمشق - بيروت: «الشرق الأوسط باريس: ميشال أبو نجم واشنطن: محمد علي صالح
في موقف فرنسي لافت، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن مبادرة الجامعة العربية للحل في سوريا قد «ماتت»، مؤكدا أن الدول العربية تتحمل مسؤولية «كبرى» تجاه الوضع في سوريا وعليها ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق من أجل أن «تتطور» الأمور فيها، كما على تركيا لعب دور لما لها من «إمكانيات كبيرة» للتأثير على سوريا. وكشف الوزير الفرنسي في حوار لـ«الشرق الأوسط» أنه ونظراءه الأوروبيين سيدرسون فرض سلة عقوبات اقتصادية ومالية جديدة على سوريا في اجتماعهم القادم، معلنا أن باريس «مستعدة» للاعتراف بالمجلس الوطني السوري, شريطة تنظيم انفسهم».
الى ذلك, ناشدت المعارضة السورية أمس المجتمع الدولي والجامعة العربية إعلان حمص «مدينة منكوبة» بعد أن اقتحمتها أمس قوات نظامية سورية وسط تغطية نارية هائلة. وقال ناشطون سوريون إن المدينة المحاصرة منذ 5 أيام باتت تفتقد إلى مقومات الحياة الأساسية من مواد غذائية وطبية ما يتهدد بكارثة إنسانية.
واتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم في رسائل بعث بها إلى الجامعة العربية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن واشنطن «بالتورط مباشرة» في أعمال العنف في سوريا. ورد مسؤول في الخارجية الأميركية بالقول: «إن الحكومة الأميركية لا تثق بالأسد، ولا بوعوده، ولا بإعلانات عفوه عن المعارضين».
الجيش السوري يقتحم حي بابا عمرو في حمص بعد مواجهات مع منشقين
شهود عيان تحدثوا عن «جثث مكدسة في الشاحنات»...وانقطاع في الإمدادات الطبية والغذائية
لندن – دمشق: «الشرق الأوسط»
اقتحم الجيش السوري أمس حي «بابا عمرو» في حمص بعد 5 أيام من الحصار وسط تغطية نارية هائلة أدت إلى سقوط العشرات من القتلى في صفوف السكان والجيش السوري ومن يعتقد أنهم جنود انشقوا عنه وتمترسوا في الحي الذي يقع في وسط المدينة المعروفة في أوساط المعارضة السورية بـ«عاصمة الثورة».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان «إن الجيش السوري دخل أمس حي بابا عمرو في مدينة حمص التي تتعرض لقصف وحصار منذ خمسة أيام. وذلك بعد مواجهات بين الجيش وعناصر يشتبه في أنهم منشقون فجرا وخلال الليل (...) ثم بدأت بهدم المتاجر» في الحي. وأوضح المرصد أن الاشتباكات العنيفة بالمدفعية الثقيلة التي اندلعت بين جنود وعناصر يشتبه أنهم منشقون في حمص أوقعت «عشرات القتلى والجرحى من الجانبين»، مشيرا إلى أن السكان شاهدوا شاحنة «مكدسة بالجثث». كما أكد المرصد نقلا عن ناشطين ميدانيين سماع أصوات إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في العديد من أحياء حمص. وقال في بيان أصدره: «تسمع أصوات إطلاق رصاص كثيف وانفجارات في حي باب السباع، كما دوت انفجارات في حي باب الدريب، إضافة إلى أصوات إطلاق رصاص كثيف في أحياء كرم الزيتون وجب الجندلي والبياضة، في حين شهد حي الغوطة انتشارا أمنيا كثيفا». وأعلن أن «إطلاق رصاص كثيف سمع في حي التوزيع الإجباري الذي تعرض مساء الأحد لقصف عنيف بالرشاشات الثقيلة وسمعت فيه أصوات أكثر من 40 انفجارا هزت الحي». وأضاف أنه في حي دير بعلبة سمع أيضا صوت «إطلاق رصاص كثيف بالتزامن مع دخول آليات مدرعة إليه وتمركزها جنوبه».
وقال نشطاء سوريون معارضون إن ما لا يقل عن ستة مدنيين، بينهم طفلة، قد لقوا حتفهم على يد قوات الجيش السوري في الهجوم. وقال الناشط السوري في لبنان عمر ادلبي إن «القصف اشتد طوال الليل وخلال الساعات الأولى من اليوم الاثنين في بابا عمرو». وأعلن ادلبي أن المدينة تعاني من نقص في الإمدادات الغذائية والمياه والكهرباء.
وقالت مصادر في حمص إن ليلة أول من أمس كانت عصيبة في حمص، حيث سمعت أصوات القصف في كافة أرجاء المدينة، وسط حصار خانق ووضع إنساني كارثي، وأنباء عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، مع نقص حاد في المواد الطبية الإسعافية وشح بالمواد الغذائية وفقدان للمواد الأساسية كالمازوت للتدفئة والغاز في كل أحياء المدينة، وقالت المصادر إنه حتى لو توفرت المعونات والمواد الغذائية لا يمكن إيصالها، تحت القصف وإطلاق النار. وأضافت: «في أول أيام العيد ذهب رجل إلى الحاجز العسكري واستأذنهم لعبور الشارع ليأخذ من قريبه طعاما جلبه من حي آخر لأطفاله، وبعد أن وافق الحاجز وسمح له بالعبور، أطلق قناص رصاصة فأصابته برأسه واستشهد على الفور». كما نشر ناشطون يوم أمس تحذيرا للأهالي في حي بابا عمرو أن عناصر الأمن والجيش اعتقلوا شخصا يدعى أبو بري لديه مشفى ميداني سري، وقال الناشطون في تحذيرهم إنه تم اعتقال أبو بري وكل الشباب الذين يساعدونه في المشفى الميداني الذي تم تخريبه أيضا وسرقة محتوياته. ونشر التحذير كي لا يقوم الأهالي بإسعاف الجرحى إلى المشفى الميداني ويقعوا في فخ عناصر الأمن والجيش. كما قال ناشطون في حمص إن الشبيحة قاموا بحرق سوق الخضار في حي بابا عمرو ونهب المحلات، تشديدا للحصار على الأهالي ليقوموا بتسليم المنشقين الموجودين في الحي.
في غضون ذلك بث ناشطون على شبكة الإنترنت يوم أمس فيديو يظهر فيه جنود بالزي العسكري ويحملون أسلحة في سيارة نقل صغيرة قالوا إنهم جزء من كتيبة الفاروق التابعة لـ«الجيس السوري الحر»، وقال الملازم أول وليد العبد الله (أبو عرب) المنشق عن الجيش السوري والذي عرض هويته العسكرية بأن كتيبة الفاروق دخلت بابا عمرو أول أيام عيد الأضحى لحماية المدنيين العزل في حي بابا عمرو المحاصر والذي يتعرض للقصف المدفعي. ودعا الجامعة العربية لـ«اتخاذ قرارات حاسمة مع النظام السوري الذي وصفه بالمراوغ والثعلب الماكر». وقال للجامعة العربية: «إنه يخدعكم» فحي بابا عمرو «ما زال محاصرا ويقصف بالمدفعيات». وعرض قذيفة مدفع هاون قال إنها من القذائف التي يرميها الجيش على الحي. وطالب بـ«التدخل الخارجي للحماية الدولية وحظر جوي وبإرسال هيئات إغاثة دولية للمجيء إلى حمص وحي بابا عمرو». وكان يسمع خلال تصوير مقطع الفيديو أصوات إطلاق نار. كما تحدث الملازم أول المنشق عبد الرزاق طلاس وقال إن الثورة لا تزال سلمية وإن كتيبة الفاروق جاءت إلى بابا عمرو للتصدي لعصابات الأسد والشبيحة وحماية المتظاهرين العزل، كما تحدثت امرأة منقبة أعلنت أنها من الحي وقالت: «نحن لم نطلب من الجيش السوري المجيء إلى بابا عمرو، كنا نعيش بسلام حين دخلوا الحي وراحوا يقصفون بيوتنا، وقد جاء الجيش الحر لحمايتنا»، وطالبت دول العالم أجمع بحماية المدنيين. وقالت: « كل يوم يقتل منا شخص والصغير قبل الكبير».
وتحدث شخص مدني كان في استقبال الجيش الحر حاملا غصن زيتون ومصحفا وقال إنه من سكان بابا عمرو وإن الجيش السوري قتل أخاه يحيى الحمد أبو شاكر وهو يحاول إنقاذ امرأة. وأضاف: «قصفوا بيتنا بمدافع الهاون».
وأعلنت كتيبة الفاروق التابعة للجيش الحر عن تنفيذ عملية في ريف حمص قريبا من الحدود مع لبنان إذ تم تفجير ثلاثة حواجز للجيش السوري ومصفحة لتخفيف الضغط عن بابا عمرو.
من جانب آخر خرجت يوم أمس عدة مظاهرات في دمشق وريفها لنصرة حمص وحي بابا عمرو حيث خرجت مظاهرة طيارة في حي الزاهرة القديمة من أمام مدرسة التوحيدي بدمشق، ومظاهرة حاشدة في برزة البلد نادت بإسقاط النظام ونصرة مدينة حمص. وفي مدينة دوما في ريف دمشق خرجت مظاهرة حاشدة عند الجامع الكبير وأخرى عند جامع البغدادي بعد خروج الأمن والجيش من المدينة. وفي حي القابون خرجت مظاهرة من الجامع الكبير بعد صلاة الظهر. وتسود البلاد أجواء من القلق من توتر الأوضاع في محافظة حمص وتصعيد القصف على أحياء المدينة التي تعد مركزا حيويا يتعيش عليه أكبر ريف في الخارطة السورية.
المعارضة السورية تطالب بإعلان حمص مدينة «منكوبة» وإرسال مراقبين دوليين
سرميني لـ «الشرق الأوسط» : السوريون لا قيمة لهم عند الأمم المتحدة والجامعة العربية
لندن - دمشق: «الشرق الأوسط»
فجر عنف المواجهات في حمص حالة من الغضب في أوساط المعارضين السوريين انصبت في معظمها على الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي لعدم قيامهما بأي تحرك لوقف «مسلسل القتل الوحشي» كما قال عضو المجلس الوطني السوري مجمد سرميني لـ«الشرق الأوسط»، فيما طالب المجلس الوطني السوري بإعلان المدينة «منكوبة» وبإرسال مراقبين دوليين إليها.
وقال سرميني إن «مدينة حمص تعرضت لقصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة والطيران الحربي»، مشيرا إلى أن «السوريين لا قيمة لهم عند الأمم المتحدة والجامعة العربية؛ فلم يتحركا». واستغرب سرميني تأجيل انعقاد الاجتماع العربي حتى السبت المقبل: «وكأن الشهداء الذين يسقطون في سوريا هم مجرد أرقام. فإذا اعتمدنا معدل القتل اليومي بـ20 شهيدا سيكون ثمن الانتظار حتى السبت نحو 100 شهيد هم برسم الجامعة العربية». وأضاف: «هل الجامعة والمجلس ليسا معنيين بالوقوف مع شعب يتعرض لإبادة حقيقية، ولماذا تتم معاملة الشعب السوري معاملة مختلفة؟».
ودعت الهيئة العامة للثورة السورية الجامعة العربية إلى سحب مبادرتها بشأن الأزمة في سوريا، وأعلنت عن إضراب عام الخميس احتجاجا على قصف القوات السورية مدينة حمص وسط البلاد. وطالبت الهيئة في بيان أصدرته «الإخوة العرب بسحب مبادرتهم والإسراع في تأمين الغطاء الآمن للمدنيين الذي يضمن سلامتهم بحسب الأعراف الدولية»، معتبرة أن «الانتظار للاجتماع الطارئ بعد عدة أيام يمهل هكذا نظام فرصة أخرى ليقصف ويضرب ويحرق الأرض والشجر والإنسان».
واتهمت الهيئة النظام السوري «بعدم تنفيذ أي من بنود المبادرة»، التي كان قبولها «غاية واضحة لقمع الثورة في عاصمتها (حمص) وصولا إلى قمعها في كل أنحاء سوريا». واتهمت الهيئة النظام السوري «بقصف أهلنا في حمص بشتى أنواع القذائف والأسلحة المحرمة دوليا»، معتبرة أنه «دليل على ضربه بكل المعايير والالتزامات الدولية والإنسانية عرض الحائط». ودعت إلى «إضراب عام في أنحاء سوريا كافة لأجل عاصمة الثورة حمص ودعما لأهلنا فيها».
أما «المجلس الوطني السوري» الذي يتخذ من إسطنبول مقرا له، فقد أشار إلى أن «النظام السوري يفرض لليوم الخامس حصارا وحشيا على مدينة حمص الباسلة، مستهدفا كسر إرادة أهلها، والبطش بشعبها الصامد الذي تجرأ عن بكرة أبيه على رفض سلطة النظام ووصايته، وأصر على المطالبة المشروعة بحقه في الحرية والكرامة». وأشار في بيان أصدره إلى أن «ميليشيات النظام وقواته وأجهزة أمنه تقوم بالاستعانة بالشبيحة بفرض حصار خانق على مدينة حمص، حيث بدأت حلقاته تشتد عشية اعتراف النظام مرغما بمبادرة الجامعة العربية، وقد حال ذلك دون إدخال المواد الطبية والتموينية لما يزيد على مليوني نسمة، وأدى إلى منع الأسر والنساء والأطفال من المغادرة والانتقال إلى مناطق آمنة مع استخدام النظام المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطيران الحربي في قصف الأحياء السكنية المأهولة، ومنع وسائل الإعلام وممثلي المنظمات الدولية من الاطلاع على ما يجري ونقل الحقائق إلى الرأي العام»، وأضاف المجلس في بيانه: «في ظل المعلومات التي تؤكد قيام النظام بشن هجوم واسع النطاق ليلة الأحد - الاثنين على أحياء حمص من عدة مداخل، وحدوث عمليات قتل عشوائية تقوم بها ميليشيات النظام، وانتشار الجثث وعدم تمكن الأهالي من دفنها أو الوصول إلى المشافي بسبب القصف وعمليات القنص، فإن المجلس الوطني السوري يعلن للرأي العام العربي والعالمي حمص مدينة منكوبة ويطالب على نحو مستعجل كلا من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية وكافة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بإدانة هجوم النظام السوري على مدينة حمص بأقوى العبارات ومطالبته بوقفه فورا، وإعلان حمص مدينة منكوبة إنسانيا وإغاثيا وتطبيق التشريعات الدولية الخاصة بتقديم العون الطبي والإغاثي، وتحرك المنظمات على المستوى الدولي لوقف المجزرة التي ينفذها النظام، وتوفير الحماية الدولية المطلوبة للمدنيين، وتأمين انتقالهم بعيدا عن المناطق التي تتعرض للقصف والتدمير، ومساعدتهم في إيجاد ملاذ آمن. وإرسال مراقبين عرب ودوليين بصفة فورية إلى مدينة حمص للإشراف على مراقبة الوضع الميداني ومنع النظام من الاستمرار في ارتكاب مجازره الوحشية، وتوثيق الجرائم التي يرتكبها النظام ورفعها إلى محكمة الجنايات الدولية تمهيدا لمحاكمة المسؤولين عنها».
وانتقد تيار «بناء الدولة السورية» المعارض الذي يرأسه الناشط السياسي لؤي حسين الجامعة العربية واللجنة الوزارية باكتفائهما بالدعوة لاجتماع طارئ بعد ستة أيام، هذا بدل أن ترسل وفدا إلى دمشق، أو لجان مراقبة، أو تحفز مؤسسات إعلامية لدخول سوريا ومراقبة الأوضاع فيها «أمام عدم التزام السلطة السورية ببنود الاتفاق الذي وقعته مع اللجنة الوزارية العربية المكلفة بمتابعة المبادرة لليوم الرابع على توقيع الاتفاق».
وعاد التيار للتأكيد على أن «السلطة السورية التي لم تف بوعدها الذي صرحت به يوما عن سحب قطعاتها العسكرية من المدن» وقال إنها «بدل أن تبرر أو تفسر عدم التزامها بتنفيذ وعدها، انبرت شخصيات وزارة الخارجية السورية لمهاجمة الأمانة العامة للجامعة العربية ولمهاجمة التصريحات الأميركية، في الوقت الذي استمرت فيه الأجهزة الأمنية في قمع المحتجين والمعارضين والمتظاهرين وفي إطلاق النار عليهم، والاستمرار في اعتقال آلاف الناشطين السياسيين السلميين». وذكر البيان السلطات السورية بأن بنود الاتفاق الذي عقدته مع الجامعة العربية «يخصها هي حصريا ما عدا بند الحوار الوطني الذي لا يمكن بحثه أو الحديث عنه قبل تنفيذها بقية البنود الأخرى».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إن فرنسا ستتشاور مع شركائها في الأمم المتحدة بشأن النداء الذي وجهته المعارضة السورية لتوفير حماية دولية لأهالي مدينة حمص التي تتعرض لقصف القوات السورية. وقال جوبيه للصحافيين ردا على سؤال بشأن طلب توفير «حماية دولية» لمدينة حمص: «استمعنا إلى الدعوات التي أطلقتها المعارضة السورية. سننظر في ذلك بتشاور وثيق مع جميع شركائنا في مجلس الأمن»، وأكد أن «طريقة تصرف النظام غير مقبولة ولا يمكننا أن نثق فيه»، وأضاف: «تحدثت في هذا الأمر في (مدينة) كان مع بعض أعضاء مجلس الأمن مثل البرازيل».
لبنان: 12 حالة اختفاء لسوريين و4 موقوفين لدى القوى الأمنية
ناشط حقوقي لـ «الشرق الأوسط» : حزب الله و«الكردستاني» يبلغان السفارة السورية بأسماء المعارضين
بيروت: كارولين عاكوم
أعلن الناطق باسم المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان في بيروت، نبيل الحلبي أنه منذ 20 سبتمبر (أيلول) الماضي لغاية اليوم قد تم تسجيل والتأكد من 12 حالة اختفاء لمعارضين سوريين على الأراضي اللبنانية، إضافة إلى نشاط كثيف يقوم به كل من حزب الله وحزب الطاشناق بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني، في بعض المناطق اللبنانية لإجراء مسح شامل حول أسماء المعارضين السوريين. وقال الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: «حالات الاختفاء والتوقيف التي نرصدها مبنية على شهادات أهالي المعارضين وأصدقائهم، وقد أبلغنا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة عن توقيف السلطات اللبنانية لـ4 معارضين سوريين، اثنان منهم أوقفا في مطار رفيق الحريري الدولي وهما في طريقهما إلى السعودية بتهمة تجارة الأسلحة وإرسالها إلى الأراضي السورية، أحدهما يدعى محمد شاكر بشلح والثاني عمار الأديب الذي كان قد أوقفه حزب الله لأيام معدودة ثم أطلق سراحه بعد التحقيق معه. مع العلم أن الأمن العام لم ينكر توقيفه للأديب الذي لا يزال موقوفا لدى المحكمة العسكرية. وهناك معارض سوري كردي آخر، قد تم توقيفه في المطار عندما كان برفقة أصدقاء له متوجهين إلى باريس، وعندما سألت عائلته عنه نفى الأمن العام علمه بمكان وجوده. وهناك معارض رابع اسمه محمد عدوان تم توقيفه وهو يدلي بشهادته حول إشكال ما، وذلك لعدم حيازته أوراقه الشرعية التي تخوله الدخول إلى الأراضي اللبنانية». ويعتبر الحلبي أن هذا الوضع مخالف لقانون اللاجئين الذي يمنع توقيفهم إلا إذا ثبت ارتكابهم أي مخالفات أو إذا كان هناك أي أحكام جزائية بحقهم.
من جهة أخرى، يلفت الحلبي إلى أن المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان، قد سجلت نشاطا مكثفا لكل من حزب الله وحزب العمال الكردستاني عبر قيامهم بمسح شامل لتواجد المعارضين والموالين السوريين في عدد من المناطق اللبنانية، إذ في حين يتولى الأول المهمة في مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت حيث سجل عدد كبير من حالات الاختفاء، بالتعاون مع مواطنين لبنانيين مناصرين له، يقوم الثاني وبطلب من حزب الطاشناق الأرمني بالمهمة نفسها في منطقتي برج حمود والنبعة وابتزاز السوريين الأكراد المعارضين بأسلوب الترهيب والترغيب، ليتم بعد ذلك إبلاغ الأسماء إلى السفارة السورية في لبنان، وذلك بعدما فشل الطاشناق في إجلاء السوريين الأكراد المعارضين من هذه المناطق.
وردا على ما اعتبرها «اتهامات مردودة لا تمت إلى الحقيقة بصلة»، قال النائب عن حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان لـ«الشرق الأوسط» لم نكن يوما عملاء لا للسوريين ولا لغيرهم، ولاؤنا للبنان ووطنيتنا ليست للبيع. مؤكدا «لا دخل لنا بالموضوع السوري ولا الكردي، ولسنا بحاجة إلى من يثبت أننا لا نخالف القانون».
وعن التعاون القائم بين المؤسسة والقوى الأمنية اللبنانية في ما يتعلق بهذا الملف، يقول الحلبي «السلطات اللبنانية تتعامل معنا بشكل سلبي للغاية وهي لا تفصل بين الجانب الإنساني والجانب السياسي للقضية. ورغم أننا كنا قد توصلنا معها في 15 يونيو (حزيران) الماضي إلى اتفاق على عدم توقيف هؤلاء المعارضين، فإن الأمر لم يتغير على الأرض ولا تزال عمليات التوقيف مستمرة».
من جهته، أكد النائب اللبناني عن تيار المستقبل معين المرعبي الذي يتابع أوضاع النازحين السوريين، المعلومات التي أوردتها المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وعما إذا كان هناك أي اتصالات تجرى مع القوى الأمنية في هذا الإطار، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «علاقتنا بالقوى الأمنية ترتكز على مبدأ المواجهة الإعلامية، ليس هناك من تواصل بل تهديد إما أن يفرجوا عن الموقوفين أو نلجأ إلى الإعلام، وفي حال لم يستجيبوا لمطلبنا نستعين بالإعلام، مع العلم أن هناك حالات كثيرة لم نعلن عنها بعدما تم الإفراج عنهم».
وفي سياق متصل، وفي ما يتعلق بقرار رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي كان قد اتخذه منذ أيام قليلة وقضى بإيقاف التغطية الاستشفائية التي تقدمها الهيئة العليا للإغاثة للاجئين السوريين، ثم عاد وتراجع عنه بعد ظهر يوم أمس، أصدر عدد من الشخصيات السياسية والدينية الشمالية التي ضمت النائب المرعبي وعددا من نواب تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، بيانا بعد الاجتماع الذي عقد للتشاور بشأن هذا القرار. واعتبر البيان أن هذا القرار خرق لقواعد معاملة اللاجئين التي تنص عليها شرعة حقوق الإنسان والاتفاقات وقوانين الأمم المتحدة.
الحريري يؤكد أن الأسد لن يستطيع إحراق لبنان
بري يهزأ من قوله إنه يمارس الغوص ويتمنى لو أنه لم يغص في السياسة
بيروت: «الشرق الأوسط»
هدد رئيس تكتل «لبنان أولا» ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري من يتعرض للمعارضين السوريين في بيروت «بدفع الثمن والمحاسبة من خلال المجلس النيابي»، معتبرا أن «من يخطف المعارضين السوريين في بيروت لأي فريق أو أي حزب انتمى فهو يرتكب أكبر ضرب من الغباء».
وفي حديث ثان من نوعه للحريري عبر صفحته الخاصة على موقع «تويتر»، وردا على سؤال حول إذا ما كان الرئيس السوري بشار الأسد سيحرق لبنان إذا تأكد من سقوطه، أجاب: «هو لن يتمكن من ذلك وشعبه سيأخذ حريته. انظروا ما حصل في تونس وليبيا في النهاية الشعب سينال الحرية».
وإذ وعد الحريري أنه «وفي حال فوز فريقه السياسي في الانتخابات النيابية المقبلة فهو لن يصوّت بعد اليوم لنبيه بري رئيسا للمجلس النيابي»، قال إنه حاليا في الرياض وإنه سيعود في كل الأحوال وحين يقرر هو ذلك وعلى طريقته الخاصة.
وعن المرحلة الماضية قال الحريري: «كنت على استعداد لتقديم الكثير لتوحيد اللبنانيين وسأسعى دائما لهذا. أبي علمني أنه يمكن حل كل المشكلات بسلام وليس من خلال الاقتتال». ولفت الحريري إلى أنه «لا علاقة مع رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون»، بينما وصف العلاقة مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بـ«المتينة جدا»، وقال: «سامي الجميل رجل ممتاز وننسق ونعمل معا».
وتطرق للعلاقة مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط فقال: «جنبلاط زعيم ونتعامل وسنتعامل معه كزعيم فعندما اختلفنا كان صريحا معي كما كنت صريحا معه. قال لي حينها، لا أستطيع أن استمر معك وبالتالي أنا لا أستطيع أن أجبر الناس على القيام بما أريد».
وردا على سؤال «هل تندم على خيارات اتخذتها منذ عام 2005»، أجاب: «نعم كثيرا كان يجب أن نكمل طريقنا حتى القصر الجمهوري»، مشددا على أنه ليس ضد حزب الله، مردفا: «هم ضدنا وضد أنفسهم كونهم لا يحترمون آراء الآخرين».
وردا على سؤال عن كيفية تمضية وقته، قال الحريري: «أمارس رياضة الغوص، ركوب الدراجة والطهو».
وفي وقت لاحق، رد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على ما أعلنه الحريري بأنه «لن يصوت له في انتخابات رئاسة المجلس النيابي»، قائلا: «أما وقد كشف سعد الحريري في متن مقابلته الإلكترونية ذاتها عن انصرافه في هذه الأيام على ممارسة هواياته الشخصية ومنها (الغوص) فقد اكتشف اللبنانيون هواية جديدة من هوايات (الشيخ)، هي هواية السياسة، ليته غاص في الأولى ولم يغص في الثانية».
ميقاتي وكاميرون يناقشان في لندن فصل الاقتصادين اللبناني والسوري
دبلوماسي غربي: الأسد فقد الكثير من تأثيره في لبنان
لندن: راغدة بهنام
بدأ رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، زيارة رسمية إلى بريطانيا، أجرى خلالها محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي استقبله بعد ظهر أمس في داونينغ ستريت. وقال مسؤول بريطاني إن اللقاء تناول الوضع في لبنان في ظل الأزمة السورية، وتحديدا مساعي فصل الاقتصاد اللبناني عن الاقتصاد السوري؛ كي لا يتأثر بالعقوبات المفروضة على دمشق.
وتأمل بريطانيا وحلفاؤها في الغرب أن يبقى لبنان مستقرا، وألا تمتد التوترات في سوريا إلى أراضيه. وقد أبدى دبلوماسي غربي تفاؤله لأن لبنان سيتمكن من الحفاظ على «حياديته» في القضية السورية، مشيرا إلى أن حديث المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، عن وجود حالات اختطاف لناشطين سوريين من لبنان، هو أمر مشجع ويدل على إرادة وضع حد لتدخل سوريا في لبنان.
وأكد الدبلوماسي أن الرئيس السوري بشار الأسد «بدأ يفقد الكثير من تأثيره على لبنان»، مشيرا إلى أنه «كلما مر الوقت وضعف النظام السوري، تشجع اللبنانيون على تحديه». وتحدث الدبلوماسي الذي رفض الإفصاح عن اسمه، عن «آراء كثيرة ومختلفة» داخل حزب الله، وعن «تأملات» تجري داخل الحزب حاليا لاتخاذ قرار حول أي مدى على الحزب أن يلصق نفسه بنظام الأسد، وأضاف: «حزب الله لم يعد يأخذ أوامر من دمشق كما في الماضي».
وجدد ميقاتي تأكيده خلال لقاءاته في لندن، التزام لبنان بدفع حصته للمحكمة الخاصة بلبنان، التي يرفض حزب الله الاستمرار في تمويلها. ولم يدفع لبنان حصته (49 في المائة من ميزانية المحكمة) عن العام 2011 بعد، وأمامه مهلة حتى الأسبوع الثاني من ديسمبر (كانون الأول) لإعلان وفائه بالتزاماته الدولية.
وعادت بريطانيا وقطعت علاقتها بحزب الله منذ سبتمبر (أيلول)، بعد أن أصدرت المحكمة الخاصة بلبنان لوائح اتهام في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق، سمت فيها 4 أعضاء من حزب الله. وكانت لندن قد اعتمدت قبل نحو عامين، سياسة فصل الجناح السياسي لحزب الله عن الجناح العسكري، علما بأنها تصنف الحزب في لائحة المنظمات الإرهابية.
وكان ميقاتي قد أكد في تصريحات للصحافيين اللبنانيين المرافقين له في زيارته إلى لندن، على أن «الحكومة باقية ومستمرة في العمل لتنفيذ بيانها الوزاري الذي ينص على احترام القرارات والالتزامات الدولية». ورفض ميقاتي الرد على سؤال حول موضوع تمويل المحكمة، وسأل: «لماذا التلهي بالجدال منذ الآن وإدخال البلد في جو من التوتر قبل موعد استحقاق التمويل؟».
كذلك طمأن ميقاتي، في لقاء مع عدد من الشخصيات اللبنانية المقيمة في بريطانيا، بحسب بيان صادر عن مكتبه، إلى أن «الأوضاع في لبنان مستقرة، بالمقارنة مع ما يجري من حولنا». وقال: «هذا الاستقرار قائم على مرتكزات ثلاثة، هي الحفاظ على وقف إطلاق النار في الجنوب والتمسك بالقرار الدولي رقم 1701، والمرتكز الثاني هو المحكمة الدولية، وموقفي الثابت من هذا الموضوع هو وجوب التعاون مع القرارات الدولية تعاونا كاملا، ومنها القرار رقم 1757 المتعلق بإنشاء المحكمة الدولية وتمويلها.. والعامل الثالث للاستقرار في لبنان هو الموضوع السوري»، معتبرا أن «الأساس في هذه الظروف الصعبة أن ننأى بأنفسنا عن أي أمر يضر بالمصلحة اللبنانية الداخلية». وأضاف: «نحن نسعى بكل جهد للحفاظ على الاستقرار في لبنان، ومتى تمكنا من بت موضوع حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية، وأعطينا إشارة إلى المجتمع الدولي، يمكننا المضي بقوة في معالجة سائر الملفات الأساسية المطروحة، لا سيما المالية والاجتماعية والتنموية، وإعادة التوازن بين إمكانات الدولة ومتطلبات الإنفاق».
وزير الخارجية السوري يتهم واشنطن بـ«التورط المباشر في الحض على العنف»
الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: المعلم حرف تصريحاتنا
واشنطن: محمد علي صالح القاهرة: سوسن أبو حسين بروكسل: عبد الله مصطفى
قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم «تويست» (لَوَى) تصريحات كانت أدلت بها يوم الجمعة فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ليتهمها بتشجيع المتظاهرين في سوريا على اللجوء إلى العنف.
وقال المسؤول: «كل ما قالته المتحدثة هو أن سجل نظام الرئيس الأسد ليس جادا في التعامل السلمي مع المعارضين، وأن وعد العفو عن المعارضين الذين أعلنه الأسد في الأسبوع الماضي كان ثالث عفو من نوعه، وأن الأسد ليس جادا في عروض العفو، وأنه يريد الانتقام من المعارضين بجرهم إلى شبكة العفو حتى يقدر على أن يتخلص على أكبر عدد منهم». وأضاف المسؤول أن الحكومة الأميركية لا تثق بالأسد ولا بوعوده ولا بإعلانات عفوه عن المعارضين، ولهذا قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن المعارضين يجب أن لا يثقوا في عروض الأسد. وأضاف: «فيكتوريا لم تدعُ المعارضين إلى حمل السلاح ضد حكومة الأسد. فيكتوريا قالت إن المعارضين يجب أن لا يثقوا في وعود الأسد. وهذا ينطلق من موقف الحكومة الأميركية بعدم الثقة بالأسد».
وكانت وكالة الأنباء السورية نقلت من دمشق تصريحات أدلى بها وليد المعلم في دمشق تتهم واشنطن بـ«التورط مباشرة» في أعمال العنف في سوريا. وأشار المعلم إلى دعوة الخارجية الأميركية للمعارضين السوريين بعدم الاستجابة لعرض النظام بالعفو عنهم مقابل تسليم أنفسهم. وقال المعلم إن هذه «محاولة لتعطيل» المبادرة العربية التي «تبذل دمشق كل الجهد لتطبيقها». وأضاف المعلم أن «سوريا ترى في دعوة الخارجية الأميركية للمسلحين عدم تسليم أسلحتهم تورطا مباشرا للولايات المتحدة بإحداث الفتنة والعنف في سوريا، وهي الأحداث التي كلفت الشعب السوري جيشا وشرطة ومواطنين الكثير من الضحايا الأبرياء». وأضاف أن «سوريا ترى في دعوة الولايات المتحدة هذه تشجيعا للمجموعات المسلحة للاستمرار في عملياتها الإجرامية ضد الشعب والدولة. وترى فيها نفيا واضحا لسلمية التحركات في سوريا. وترى فيها رغبة وعملا ومحاولة لتعطيل عمل جامعة الدول العربية، ومبادرتها التي تعمل على وضع حد للأزمة في سوريا، وعلى استعادة الأمن والاستقرار للمواطنين».
وأشار المعلم إلى أنه بعد أن اتخذت سوريا «خطوة هامة جدا لوقف العنف بأن دعت حملة السلاح إلى تسليم سلاحهم، وأن يصار إلى إخلاء سبيلهم فورا، فوجئت بالدعوة الأميركية لهؤلاء المسلحين بعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية». وأوضحت وكالة الأنباء السورية أن المعلم وجّه رسائل احتجاجية على الموقف الأميركي إلى نظرائه في كل من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. وكذلك إلى رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن.
وأعلنت الجامعة العربية أمس تلقيها رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تتضمن الإجراءات التي قامت بها الحكومة السورية لتنفيذ خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية. جاء ذلك في وقت قررت فيه الجامعة عقد اجتماع يوم السبت المقبل لمتابعة تجاوب دمشق مع المبادرة العربية، وقال السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع يأتي في إطار المتابعة والمساهمة في تنفيذ الآليات، موضحا أن المجلس الوزاري سوف يساعد على تسريع وتيرة الإنجاز على الأرض حفاظا على أمن واستقرار سوريا.
وقال بيان للجامعة العربية أمس إن الأمين العام الدكتور نبيل العربي تلقى رسالة من المعلم تتهم فيها دمشق الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في الأحداث الدامية، ويطلب فيها المعلم مساعدة بلاده على توفير البيئة المناسبة لتنفيذ اتفاق حل الأزمة. وأكد البيان أن العربي قام بتعميم هذه الرسالة على وزراء الخارجية العرب، حيث تتعلق الرسالة بالرد السوري على تصريح الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي، التي دعت المسلحين السوريين لعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية.
وردت جامعة الدول العربية بتحفظ على الانتقادات السورية بشأن بيان أصدره الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي أول من أمس، دعا فيه دمشق إلى تنفيذ التزاماتها. وقال بن حلي لـ«الشرق الأوسط» إن الجامعة العربية ترفض «أي تصريحات أو استفزازات تتعلق بتعقيد الوضع»، موضحا أن تصريحات العربي تأتي في إطار متابعة تنفيذ قرار المجلس الوزاري بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، مشددا على أن التنفيذ الأمين والسريع للخطة العربية يجنب المنطقة التدخلات الخارجية.
وانتقد يوسف الأحمد سفير سوريا في القاهرة مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أول من أمس، الأمين العام ونائبه، قائلا في حديث للتلفزيون السوري إنه «من المفروض أن تقوم الأمانة العامة للجامعة العربية بالدور التنسيقي بين الحكومة السورية واللجنة الوزارية، وليس أن تنصب نفسها طرفا في مواجهة الحكومة السورية»، وتساءل: «هل ذلك (تصريحات العربي) من أجل أن تمتد الأزمة وتتعاظم فتأخذ منحدرات خطرة تستهدف سوريا بأرضها وشعبها وقرارها الوطني والقومي؟». وحول هذه الانتقادات قال بن حلي: «نحن ملتزمون بمتابعة تنفيذ قرار الجامعة وسبق أن أشرت إلى بعض الإجراءات التي قامت بها دمشق، من بينها إبلاغ بعض المنظمات التابعة للجامعة مثل البرلمان والمحامين العرب ولجان حقوق الإنسان، وتعميم ما وصلنا من سوريا حول السماح لبعض الفضائيات بدخول سوريا، وهي قنوات تابعة لروسيا ولبنان». وأكد نائب الأمين العام أن المبادرة العربية هي السبيل الذي يمنع أي تدخلات خارجية، قائلا إن «التنفيذ الأمين والسريع للخطة يجنبنا التدخلات الخارجية التي ترفضها الجامعة العربية، وطرحت مبادرتها لهذا الغرض».
إلى ذلك أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه لكل الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار إلى سوريا ووقف العنف، معلنا أنه لا يزال لديه أمل في أن يستجيب النظام السوري للدعوات الدولية والمبادرات المطروحة، وخلال مؤتمر صحافي بمقر المفوضية ببروكسل قالت مايا كوسيانتيش المتحدثة باسم كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية إن الاتحاد الأوروبي يراقب الوضع في سوريا، مضيفة: «نراقب الوضع من خلال بعثة المفوضية الأوروبية في دمشق والخبراء المتخصصين في بروكسل حتى نحدد التحرك المستقبلي». وأعربت المتحدثة عن الشعور بالإحباط الأوروبي نتيجة عدم الاستجابة من جانب دمشق لمبادرة الجامعة العربية، التي خرجت عن الاجتماع الوزاري العربي، وعن احتمالية فرض عقوبات جديدة على سوريا لم تستبعد المتحدثة الأوروبية أن يكون هناك تحضيرات جارية لفرض عقوبات في حال عدم استجابة النظام السوري للدعوات والمبادرات، ونوهت في هذا الصدد بتصريحات صدرت عن كبار المسؤولين الأوروبيين، وتضمنت التشديد على استمرار الاتحاد في مضاعفة العقوبات ضد النظام السوري ما دام استمر في استخدام العنف ضد المواطنين. وقالت: «فكرة العقوبات تخضع بشكل دائم للتقييم والمراجعة». وأشارت إلى أن اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيبحث في هذا الملف الأسبوع المقبل.
واستبعد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خيار التدخل العسكري في سوريا، مفضلا عليه تعزيز الضغوط الدولية على النظام ليوقف قمعه الدامي. وفي تصريح أدلى به في ستراسبورغ حيث تولى رئاسة لجنة وزراء مجلس أوروبا، وصف الوزير البريطاني أعمال القمع التي يقوم بها النظام السوري بأنها «غير مقبولة على الإطلاق»، على الرغم من موافقته على خطة عربية للخروج من الأزمة.
لبنان: مساعي الحريري لإقامة مخيم للنازحين السوريين لم تتخط بعد إطار النوايا
مصادر «المستقبل» لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة رفضت الفكرة
بيروت: بولا أسطيح
أثار إعلان الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رئيس تيار المستقبل المعارض سعد الحريري نيته إنشاء مخيم للنازحين السوريين إلى لبنان حركة لافتة في شمال لبنان، لكنه لا يبدو مرشحا للترجمة الفعلية قريبا مع تشكيك تيار المستقبل في نية الحكومة اللبنانية الترخيص لمخيم مماثل، مما جعل مساعي الحريري في هذا الإطار وبحسب مصادر واسعة الاطلاع في تيار المستقبل، «لا تتخطى بعد إطار النوايا».
وقالت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة أبلغت المعنيين بالموضوع من نواب عكار وغيرهم بشكل شبه رسمي رفضها فكرة إنشاء أي مخيم للنازحين في أي منطقة كانت». وأشارت إلى أن «عدم تعاون الحكومة معنا في هذا الإطار يعيق جهودنا ولكنه لن يثنينا عنها. ففي حال تفاقم الوضع وازدياد الأعداد لدرجة لم نعد نتمكن من استيعابها، عندها سننشئ المخيم شاء من شاء وأبى من أبى».
وتلفت المصادر إلى أن «أعداد النازحين السوريين في لبنان تتخطى بـ3 أضعاف العدد المسجل لدى الجهات الرسمية»، مشيرة إلى «رغبة من الدولة اللبنانية لعدم إظهار الرقم الحقيقي الذي قد يشكل لها إحراجا نظرا لتقاعسها عن إتمام واجباتها تجاههم، كما تشير إلى رغبة النازحين أنفسهم الذين يتخوفون من أن تصل أسماؤهم لأيدي المخابرات السورية فتقوم بعمليات انتقامية من أقاربهم الذين لا يزالون يتواجدون في سوريا». وتقول المصادر: «لن يمنعنا أحد من إقامة مخيم لإخواننا اللاجئين فنحن لا نتسلح أو نأتي بالصواريخ كما أننا لا نعتدي على أراض ليست ملكنا لتأمين إقامة لائقة لهم».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، كشف عضو تكتل «لبنان أولا» النائب خالد ضاهر أن «رئيس الحكومة السابق سعد الحريري دخل مباشرة على خط أزمة اللاجئين السوريين في لبنان بعد أن أطلعه وفد من نواب «المستقبل» زاره مؤخرا في الرياض على الوضع المأساوي الذي يرزحون تحته، لافتا إلى أن «الكل أجمع على أن إقامة مخيم للاجئين أصبح ضرورة قصوى وأنه قد حان الوقت لتدخل الحريري مباشرة». وأوضح ضاهر أنه «بعد عيد الأضحى المبارك سيتم التصدي لهذا الموضوع ومعالجته»، مشددا على أن «الصوت من الآن وصاعدا سيبقى مرتفعا لوضع الحكومة أمام واجباتها». وأضاف: «لن نسكت بعد الآن عن الممارسة العنصرية التي يتلقاها النازحون لدينا ولعل عدم وجود مخيمات حتى الساعة هو ما يحول دون تبيان الحجم الحقيقي للمأساة».
واستهجن ضاهر «اللامبالاة التي تتعاطى بها الحكومة مع الملف تاركة للمواطنين اللبنانيين حمل كل المهام التي يتوجب على الدولة تسلمها»، وأضاف: «الحكومة بالعكس تماما تضيق على اللاجئين وتعمل على تسليمهم للسلطات السورية ما يتناقض تماما مع القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان».
وتفيد آخر إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي وزعت أول الشهر الحالي أن هنالك حاليا 3500 لاجئ سوري في الشمال اللبناني مسجلين لدى المفوضية والهيئة العليا للإغاثة، بعدما كان شهر أبريل (نيسان) 2011، شهد تدفق نحو 5000 لاجئ سوري إلى شمال البلاد عاد قسم منهم في وقت لاحق إلى بلادهم. وتفيد المنظمة الدولية بأن اللاجئين في الشمال يعيش معظمهم لدى عائلات مضيفة، وذلك في ظل ظروف معيشية صعبة لافتة إلى أنهم يرفضون العودة قبل استتباب الاستقرار والأمن في القرى السورية. وتؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن معظم الوافدين حديثا قد دخلوا البلاد من خلال المعابر الحدودية الرسمية إذ أن المعابر غير الرسمية تخضع للحراسة المشددة من قبل السلطات السورية.
«لجان التنسيق» تطالب بإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا.. وناشطون يتحدثون عن «جرائم ضد الإنسانية»
تقرير لمجلس حقوق الإنسان نهاية الشهر الحالي يفضح «ارتكابات» النظام السوري بحق المتظاهرين
بيروت: ليال أبو رحال
تحفل صفحات المعارضة السورية ومواقعها على الإنترنت وكذلك موقع «يوتيوب» بمئات مقاطع الفيديو التي تظهر ما يقول الناشطون إنه «انتهاكات فاضحة بحق المتظاهرين»، متهمين قوات الأمن السورية وعناصر «الشبيحة» بأنهم «لم يوفروا كبيرا أو صغيرا، فاعتقلوا من تمكنوا من اعتقاله وعذبوا من عذبوه وأردوا من وصل رصاصهم إليه، ضاربين عرض الحائط كل المواثيق التي تحفظ حق الأفراد في التعبير عن آرائهم وحقوقهم».
وفيما تشكل هذه المقاطع الملتقطة بغالبيتها عبر كاميرات الهواتف المحمولة من قبل مواطنين وناشطين مرجعا لفضح الانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا، خصوصا أن بعضها أثار ضجة كبيرة وتناقلته وسائل الإعلام حول العالم على غرار الفيديو الذي يظهر آثار التعذيب على جسد الطفل حمزة الخطيب، يعمل أفراد ومنظمات حقوقية على توثيق هذه التسجيلات بهدف تشكيل ملف يرفع في مرحلة لاحقة إلى الأمم المتحدة. ويؤكد أحد الناشطين السوريين لـ«الشرق الأوسط» حصول «أفعال يعتقد أنها تشكل جرائم ضد الإنسانية على الأراضي السورية منذ تاريخ 15 مارس (آذار) 2011»، مشددا على وجوب «إحالة مرتكبيها إلى المحاكمة العادلة.
ويستمر النظام السوري منذ بدء التحركات الشعبية في منتصف شهر مارس الفائت في منع لجان تقص للحقائق تابعة للأمم المتحدة من الدخول إلى سوريا والتحقيق في الانتهاكات الحاصلة. وكان أعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أعلنوا نهاية الأسبوع الفائت عن رغبتهم بـ«تسليط الضوء» على الانتهاكات التي يتم ارتكابها في سوريا، مشيرين إلى أنهم سيدفعون «باتجاه إجراء تحقيقات في سلوك النظام سواء سمح لمراقبي المجلس بدخول الأراضي السورية أم لم يسمح».
وفي حين تطالب منظمات حقوقية سورية «بإلزام النظام السوري باستقبال لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وللوقوف على حقائق وظروف وقوع تلك الانتهاكات، وتحديد مرتكبيها»، طالبت لجان التنسيق المحلية في سوريا بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع الانتفاضة السورية «جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتطبيق تدابير منع السفر وتجميد الأصول ضد كل من يعتقد أنه متورط بشكل مباشر أو غير مباشر في التحريض أو الاشتراك أو تمويل أو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا». وناشدت بـ«إحالة الوضع القائم في سوريا منذ 15 مارس 2011 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مع إلزام النظام السوري بالتعاون الكامل مع المحكمة والمدعي العام وتقديم ما يلزم من المساعدة لتمكين المدعي العام والمحكمة من أداء مهامهم».
وشددت لجان التنسيق، في بيان أصدرته، على وجوب «إرسال بعثة مراقبين من الأمم المتحدة، بموجب قرار من مجلس الأمن الذي يتصرف بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، على أن تركز مهمة بعثة المراقبين على الوقاية والمساعدة على بناء الظروف السياسية الملائمة لإنجاز تحول ديمقراطي سلمي في سوريا»، مشددة على أن «التجربة كشفت أن المهل لا تثني النظام السوري عن الإمعان في انتهاكات أكبر لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وهي تكلف الشعب السوري المزيد من القتل والتدمير».
ومن المرتقب أن تنشر لجنة التحقيق تقريرا حول سوريا في الثلاثين من الشهر الحالي، بعد أن جمعت شهادات من 150 من الضحايا والشهود الذين فروا إلى البلدان المجاورة. وصرحت نائبة رئيسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان كيونغ وا كانغ أنه على الرغم من عدم إمكان الوصول إلى شوارع المدن السورية كدمشق وحمص وغيرهما، فإن «التقنيات الحديثة لا تدعنا نواجه نقصا في المعلومات»، لافتة إلى أن مفتشي الأمم المتحدة «تحدثوا إلى المتظاهرين عبر برنامج (سكايب) وكان المتظاهرون موجودين في قلب الأحداث في الشوارع يوميا».
ناشطون سوريون ينتقدون تأخير الجامعة العربية انعقادها إلى السبت وسط سقوط القتلى يوميا
لأن كل ثانية في سوريا ثمنها شهيد
بيروت: ليال أبو رحال
استبق الناشطون السوريون إعلان جامعة الدول العربية توجه وزراء الخارجية العرب لعقد اجتماع طارئ السبت المقبل لبحث عدم التزام سوريا بتنفيذ المبادرة العربية لإنهاء أعمال العنف وقمع الاحتجاجات، بإعلانهم فشل المبادرة العربية. وسألت صفحة «الثورة السورية» على موقع «فيس بوك»: «ماذا بعد المبادرة العربية»، ليوجهوا بعد الإعلان عن القرار جملة انتقادات حول تأخير موعد الاجتماع الطارئ حتى يوم السبت المقبل.
وفي هذا السياق، سأل الناشط ساجد البدوي: «لماذا ستة أيام كاملة بينما كل ثانية في سوريا الحبيبة تساوي شهيدا؟ كيف تنعمون بالعيد وبالأكل والشرب والمسلمون يقتلون في الطرقات؟ ماذا ينقصكم لتجتمعوا الآن أو اليوم على الأكثر». وقال ناشط يطلق على نفسه اسم «حموي حر»: «علينا أن ننتظر للسبت والشهداء الذين يسقطون كل يوم؟»، فيما أردف ناشط آخر: «صح النوم للروضة العربية»، مشبها الشباب الذين سيسقطون بأنهم «أضاحي العيد».
وسمى ناشط يطلق على نفسه اسم «الملك السوري» جامعة الدول العربية بـ«جامعة الأغبياء العرب»، وأضاف: «فليعطوه مهلة شهرا»، متوجها للمتظاهرين بالقول: «يا شعبنا الأبي، جامعة الأغبياء مجرد إبرة تخدير للشعب السوري، انسوا أن هناك جامعة ودعوا إيمانكم بالله كبيرا، وأرجو من قادة الجيش العربي السوري الحر أن يفتحوا باب التطويع من أجل أن نصبح يدا واحدة ضد هذا النظام الفاشي».
وقال نسيم: «ماذا تطبخ جامعة الدول العربية للشعب السوري؛ إذ هي تكتفي بالتنديد والتهديد والاستنكار والوعيد»، واعتبر أنها «مهلة ثانية للعصابة الأسدية يراها كل ذي عقل رشيد وكل ذي رأي سديد». وتابع: «ماذا ينتظرون؟ أن تقضي العصابة الأسدية على الشعب السوري البطل العتيد؟ أن تذبحه من الوريد إلى الوريد»، مشددا على أن «ثورتنا لا تقبل حوارا أو تحييدا».
ووجه معاذ سؤالا إلى الوزراء العرب: «ألم تنته مهلتكم له بعد يا من تعطونه الأسبوع تلو الأسبوع وتتاجرون بدماء السوريين، أين بيانكم الوزاري الذي قلتم فيه إن المجلس على انعقاد دائم»، مشيرا إلى أنه «من الواضح أنكم في نوم دائم للأسف».
واقترح أحد الناشطين على المجلس الوطني أن «يعقد صفقة سياسية اقتصادية مع دول الغرب وسحبهم لقصف بشار النجس وتخليصنا منهم»، فما قال طارق متهكما: «الحمد لله أن الاجتماع طارئ بعد ستة أيام، يعني لو لم يكن طارئا لكان انعقد بعد شهرين.. معذورون الوزراء فهم في إجازة العيد».
 
جوبيه: مبادرة الجامعة العربية «ماتت».. ومستعدون للاعتراف بالمجلس الوطني السوري
وزير الخارجية الفرنسي في حوار شامل مع : سنشدد العقوبات إذا استمر النظام الإيراني في صم أذنيه
ميشال أبو نجم
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن مبادرة الجامعة العربية للحل في سوريا قد «ماتت»، مؤكدا أن الدول العربية تتحمل مسؤولية «كبرى» تجاه الوضع في سوريا وعليها ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق من أجل أن «تتطور» الأمور فيها، كما على تركيا لعب دور لما لها من «إمكانيات كبيرة» للتأثير على سوريا.
واستبعد جوبيه في حديث شامل خص به «الشرق الأوسط» القيام بعملية عسكرية ضد دمشق، معتبرا أن «عقيدة» بلاده تقوم على اشتراط تفويض من مجلس الأمن الدولي لأي تحرك ضد دمشق. وقدر جوبيه أن النظام السوري سيتغير لكن ذلك سيأخذ وقتا.
وكشف الوزير الفرنسي أنه ونظراءه الأوروبيين سيدرسون فرض سلة عقوبات اقتصادية ومالية جديدة على سوريا في اجتماعهم القادم. وعلى الصعيد الفرنسي المحض أعلن جوبيه أن باريس «جاهزة» للاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض شرط أن ينظم نفسه، وأن الموضوع «قيد الدرس» فرنسيا، داعيا المجلس إلى «بلورة برنامج حكم».
وأعرب الوزير الفرنسي عن قلقه لانعكاسات الأزمة السورية على لبنان واستقراره وعلى أمن اليونيفيل (قوات السلام الدولية في لبنان)، ودعا الحكومة اللبنانية إلى الامتناع عن تسليم المواطنين السوريين الهاربين من بلادهم لما يمكن أن يتعرضوا له من سجن وتنكيل وتعذيب في سجون بلادهم. كما نبه جوبيه الحكومة اللبنانية من انعكاسات عدم الوفاء بالتزامها تمويل المحكمة الدولية وتمديد انتدابها على العلاقات الفرنسية - اللبنانية.
وفي الموضوع الفلسطيني اعتبر جوبيه أنه «لا فائدة» من الاستراتيجية الفلسطينية الحالية في مجلس الأمن، وأن الرباعية فشلت ولا أحد يقدم لعباس أفضل مما تعرضه فرنسا في الوقت الحاضر. وكشف جوبيه أن الرئيس الفلسطيني أبدى في نيويورك انفتاحا على المقترح الفرنسي لكنه اختار في النهاية مسار مجلس الأمن.
* هناك اجتماع مقرر للجامعة العربية في الـ12 من الشهر الحالي لبحث الموقف في سوريا. ما الذي تطلبونه من الجامعة العربية؟
- سبق لنا أن عبرنا عن دعمنا لمبادرة الجامعة العربية، بل إننا نصحنا المعارضة السورية أن تقبل إجراء الحوار (مع النظام القائم)، غير أن الدليل أظهر مرة أخرى أننا لا نستطيع أن نثق بـ(الرئيس) بشار الأسد. لقد زعم أنه قبل خطة الجامعة العربية، لكنه في اليوم التالي عاود اللجوء إلى القمع ومعه استمرت أعداد القتلى في الارتفاع. أعتقد أن النظام فقد اليوم كليا شرعيته، وأنه في لحظة أو أخرى يتعين تغييره.
رأيي أن ذلك يمكن أن يأخذ وقتا طويلا لأن أهل النظام يتمسكون بالسلطة. وحتى الآن ترفض المعارضة اللجوء إلى العنف، وأعتقد أنها مصيبة في ذلك. وصباح اليوم (أمس) سمعت أن نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام يدعو إلى اللجوء إلى السلاح وإلى تدخل (عسكري) خارجي. لذا فإنني بالغ القلق لجهة توقع مزيد من تدهور الوضع، ولأنني أرى أن احتمالات حصول تحول للنظام قليلة للغاية. لذا فإن رأيي أن هناك مسؤولية كبرى تقع على كاهل الدول العربية التي يعود إليها أن تمارس ضغوطا متصاعدة من أجل أن تتطور الأمور (في سوريا). نحن في وضع مختلف تماما عما كان عليه الوضع في ليبيا. في الحالة الليبية كانت المعارضة تطالب الأسرة الدولية بالتدخل، وحظي طلبها بدعم من الدول العربية، كما أن القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن الذي طرحته الدول الغربية نال دعم لبنان (العضو في المجلس). أما في الحالة السورية، فإن الوضع مختلف، وحتى الآن ليس ثمة تفكير بعملية عسكرية.
* لا أتحدث عن تدخل عسكري. سؤالي يتناول الإمكانيات المتاحة أمام الجامعة العربية والتدابير والإجراءات التي تطلبونها منها: سياسية، دبلوماسية، اقتصادية...
- عمليا، وإذا استبعدنا استخدام القوة العسكرية، ما الذي يمكن أن نقوم به؟ يمكن أن نقوم بضغوط دبلوماسية، وهذا ما نمارسه مع حلفائنا ومع عدد من الدول العربية. يمكن نفرض عقوبات (اقتصادية)، والاتحاد الأوروبي فرض حتى الآن ثماني مجموعات منها، وذهبنا إلى منع بيع السلاح (لسوريا) ومنع التعامل بالنفط السوري أو الاستثمار في هذا القطاع، فضلا عن تدابير بحق عدد من المسؤولين والشخصيات. ونحن مستعدون كذلك لتصعيد العقوبات، وسنتدارس ذلك في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين القادم. وفي المقام الثالث تواصلنا مع المعارضة لمساعدتها على ترتيب أمورها ودعمها. وأخيرا، نحن مستمرون في تحركاتنا في مجلس الأمن الدولي في ظروف بالغة الصعوبة لأن روسيا مستمرة، من جهة، في تجميد الوضع عبر التهديد باستخدام حق النقض (الفيتو)، ومن جهة أخرى هناك عدد من الدول الناشئة ولأسباب تاريخية (حذر من القوى الكبرى أو من الدول المستعمرة السابقة) ترفض تدخل مجلس الأمن.
لقد تناولت هذا الموضوع مطولا مع نظيري وزير خارجية البرازيل (بمناسبة قمة العشرين في كان). وسأذهب هذا الأسبوع إلى جنوب أفريقيا وسأتباحث بشأنه مع الرئيس زوما. وكما ترى، نحن نعمل على تكثيف اتصالاتنا لوضع حد لحالة لا يمكن قبول استمرارها.
* الاحتجاجات في سوريا مستمرة منذ ثمانية أشهر، وأمس سقط 23 قتيلا. ويبدو أن التدابير التي اتخذت حتى اليوم ليست كافية لوضع حد لذلك. العقوبات الاقتصادية لم تثبت نجاعتها، والوضع في مجلس الأمن وصل إلى طريق مسدود. ما هي، حقيقة، الإجراءات الإضافية التي يمكن التعويل عليها والتي يمكن أن تكون فاعلة؟
- لقد أجبتك على هذا السؤال. هذه الإجراءات هي ضغوط البلدان العربية والعقوبات الاقتصادية التي من شأنها دفع النظام لتغيير نهجه ودعم المعارضة حتى تنظم نفسها والإدانة الواضحة والتهديد بالعقوبات، بل العقوبات نفسها ضد النظام السوري في مجلس الامن. وربما تكون هناك إجراءات أخرى سنقوم بالنظر فيها لأن الخيار العسكري غير مطروح. وفي كل حال، فإن لفرنسا عقيدتها الواضحة؛ وهي أنه ليس هناك تدخل عسكري من غير تفويض من الأمم المتحدة.
* هل نقطة الانطلاق يمكن أن تكون طلبا مقدما من جامعة الدول العربية؟
- بالطبع. لذا قلت لك إن الجامعة العربية تتحمل مسؤولية كبرى، وأنا على تواصل دائم مع أمين عام الجامعة العربية (نبيل) العربي. موقف الجامعة العربية تطور: بداية، التزمت إزاء النظام السوري موقفا متفهما. الأمور الآن تغيرت. الموقف التركي أيضا تحول. لقد تشددت أنقره في خطابها (إزاء دمشق). حتى في روسيا هناك وعي (جديد) لكون الاستمرار في الوضع القائم ليس ممكنا، وأنه يتعين ممارسة ضغوط متزايدة على بشار الأسد. أرى أن الوضع (في سوريا) مرعب. هناك أكثر من 3 آلاف قتيل. هناك لجوء إلى التعذيب، إلى السجن، وممارسات أخرى من هذا القبيل. وسبق لي أن قلت إن ما يجري في سوريا وصمة (عار) على جبين الأمم المتحدة.
* هل يمكن القول اليوم إن المبادرة العربية قد ماتت؟
- أعتقد أنها ماتت. ولكن هذا لا يعني أنه لا يتعين الاستمرار (في الجهود)، وليست المرة الأولى التي يعد بها بشار الأسد بالقيام بشيء ثم يقوم بعكسه. لقد تحدثت مطولا مع نظيري التركي (أحمد داود أوغلو) الذي التقى الأسد منذ عدة أسابيع لستّ ساعات. وفي نهاية اللقاء اتفقا (على عدد من الإجراءات)، ولكن في اليوم التالي سقط 10 أو 15 قتيلا. أعتقد أنه لم يعد من مجال للثقة في تصريحات بشار الأسد. لقد قلت ذلك لموفدي الجامعة العربية، وأعتقد أنه صدر تصريح للجامعة العربية يصب في هذا الاتجاه. هل يمكن للجامعة العربية أن تطلق مبادرات جديدة؟ لم لا؟
* ماذا تتوقع من تركيا؟
- نتوقع منها التزاما حازما وإدانة لما هو حاصل في سوريا.
* لقد أدانت عشرات المرات.
- صحيح أن لتركيا إمكانية لممارسة ضغوط قوية على النظام السوري، ويمكن أن تساعدنا في الأمم المتحدة. سأذهب إلى إسطنبول وأنقرة بعد أسبوعين، وأنا عازم على إثارة الموضوع مع نظيري التركي.
* كنت أول من قال إن النظام السوري فقد شرعيته وإنه يتعين على الرئيس السوري الرحيل عن السلطة.
- نعم، كنت أول من قال ذلك وآخرون قالوا ذلك من بعدي.
* ما الذي يمنعكم مثلا من الاعتراف بالمعارضة السورية وتحديدا المجلس الوطني السوري؟
- نحن مستعدون لذلك شريطة أن ينجزوا تنظيم أنفسهم. اليوم، المعارضة السورية ما زالت منقسمة على نفسها، بناها غير واضحة. ولكنني لا أستبعد أبدا الاعتراف بالمجلس الوطني السوري الذي يقوم جهود من أجل تجميع صفوف المعارضة. وعلى أي حال، كنت أول مسؤول غربي يذهب للقاء قادة المجلس الوطني في مسرح الأوديون، حيث التقيت ببرهان غليون وبسمة قضماني. نحن مستعدون للقائهم مجددا ولدينا اتصالات معهم ولا أستبعد أبدا الاعتراف به.
* ما الذي تطلبونه منهم؟ هل تريدون مثلا أن يبلوروا برنامج حكم؟
- نعم، نريد منهم أن يبلوروا برنامج حكم وأن يتخذوا مواقف تتصف أكثر بالانسجام بدل الأصداء المتضاربة التي تصل إلينا. وعلى أي حال فإن هذا الخيار (الاعتراف بالمجلس الوطني السوري) مسألة نحن بصدد دراستها.
* هل ستدرسون هذا الخيار لوقت طويل؟
- لأقصر وقت ممكن.
* اللبنانيون متخوفون من انعكاس الأحداث في سوريا على استقرار لبنان. هل أنتم قلقون بشأن استقرار لبنان؟
- بالطبع. ما يحصل في سوريا خطير بداية بالنسبة للشعب السوري بالنظر لتزايد أعداد القتلى، ولكنه أيضا تهديد للمس باستقرار كامل المنطقة. هناك بالطبع النتائج على لبنان، ولكن أيضا توتير العلاقات مع تركيا ونتائج محتملة على العلاقة مع إسرائيل. إذن هذه الأزمة مصدر قلق بالنسبة للاستقرار في مجمل المنطقة. لذا يتعين على مجلس الأمن أن يقول كلمته.
لا يتعين علينا أن نتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما، لكن في عام 2005 أقرت الأمم المتحدة مبدأ مسؤولية حماية المدنيين. وهذا المبدأ يسمح للأسرة الدولية أن تحل محل حكومة في حال كانت هذه الأخيرة عاجزة عن حماية سكانها. وهو الحال اليوم (في سوريا). ثم هناك مخاطر تهديد الاستقرار الإقليمي الذي هو من مسؤولية مجلس الأمن الذي عليه أن يحذر وأن يتخذ التدابير (اللازمة) لمنع الإخلال بالاستقرار في المنطقة وتحديدا في لبنان.
* هل ثمة مخاوف لديكم على أمن القوات الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان؟
- نعم، لدينا مثل هذه المخاوف. ونحن نعي جيدا ذلك، خصوصا أنه حصلت اعتداءات ضد اليونيفيل. وكنا طلبنا من الحكومة اللبنانية أن تتخذ التدابير اللازمة من أجل حماية مواكب اليونيفيل، وهذا ما حصل. وتلقينا تطمينات من السلطات اللبنانية بهذا الشأن. كذلك طلبنا من الأمم المتحدة أن تقوم بمراجعة استراتيجية لدور القوة الدولية، لذا من المفيد أن نطرح على بساط البحث (طبيعة) مهمتها وتنظيمها وعديدها، وأيضا علاقاتها بالقوات اللبنانية المسلحة (الجيش اللبناني).
* هل تعطون أنفسكم مهلة لإتمام هذه المراجعة؟
- أعتقد أنها ستتم مع نهاية العام الحالي.
* يعاني لبنان من مشكلات غير انعكاسات الوضع السوري، وأولها موضوع المحكمة الدولية، وتحديدا موضوعي التزام لبنان دفع الحصة المتوجبة عليه لجهة تمويلها وتجديد مهمتها في الربيع القادم. والأميركيون يحذرون لبنان من (الانعكاسات) المترتبة على عدم التزام واجباته إزاء المحكمة، ومنها على العلاقات الأميركية - اللبنانية. هل ستحذون حذو الأميركيين، ولا أقول إنكم تقلدونهم؟
- نحن نقول هذا منذ البداية. أعلمنا اللبنانيين بوضوح أننا نتمنى أن تنجز المحكمة الدولية مهمتها، وأننا نطلب من الحكومة اللبنانية مهما تكن أن تتيح للمحكمة إنجاز مهمتها وأن يمدد انتدابها. وقلنا ذلك بوضوح كامل لرئيس الوزراء اللبناني (نجيب ميقاتي) الذي أكد لنا أن هذا ما ينوي القيام به. وأنا أعلم أنه يجد معارضة من حزب الله (وليس حزب الله وحده). وعلى أي حال، هذه النقطة بالنسبة لنا بالغة الأهمية. وسيكون لها تأثير على علاقاتنا مع لبنان في حال لم تفِ الحكومة اللبنانية بالتزاماتها.
* إذن أستطيع أن أقول إن فرنسا «تنبه» لبنان؟
- نعم، باستطاعتك أن تقول ذلك.
* أعتقد أنه حصل لقاء بينكم وبين الرئيس ميقاتي؟
- لقد اجتمعت به في لقاء قصير.
* هل عبر عن التزامه في هذا اللقاء بتمويل المحكمة؟
- نعم، لقد فعل. ما قاله هو أنه عازم على التصرف بشكل يسمح للمحكمة بأن تعمل، أي أنه سيعمل على تمويلها. ولكننا ما زلنا ننتظر أن يترجم هذا الالتزام إلى واقع. وحتى الآن هذا الأمر لم يحصل.
* ثمة أحداث أخرى تحصل في لبنان مثل إعادة سوريين هاربين إلى بلادهم أو اختفاء معارضين على الأراضي اللبنانية.. ما تعليقكم على هذه الأمور؟
- من المؤكد أن إعادة هاربين سوريين إلى بلادهم يعرضهم لمخاطر الاعتقال في ظروف صعبة وللتعذيب وخلافه، ونتمنى باسم المبادئ الإنسانية عدم إعادة أي منهم.
* كثيرون لا يفهمون موقف باريس من موضوع انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن الدولي وتمنعها عن دعمه. لماذا لا يحظى هذا الطلب بتأييدكم؟
- جوابنا منسجم وواضح منذ البداية. قلنا منذ البداية لمحمود عباس إن تقديم طلبه لمجلس الأمن هو غلطة لأنه لن يقود إلى شيء.
* ولكن ما الذي يستطيعه محمود عباس؟
- اقترحنا عليه استراتيجية مختلفة أبدى (في البداية) إزاءها انفتاحا، غير أنه فضل نقل الملف إلى مجلس الأمن. لكن المشكلة أنه ليس لديه أي فرصة لتحقيق النجاح في المجلس، إذ الأصوات التسعة الضرورية (لإقرار الطلب الفلسطيني) غير متوافرة له. وحتى لو افترضنا أنه جمع هذه الأصوات، فالولايات المتحدة الأميركية ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضده مع النتائج التي ستترافق معه. ولذا لا أرى فائدة من هذه الاستراتيجية، ثم إنني لست وحدي من يرى ذلك، فدول مهمة في الجامعة العربية ترى الشيء نفسه. لذا نحن لا ندعم هذه المبادرة، وسنمتنع عن التصويت (في حال طرح في مجلس الأمن) لأننا لا نريد تشجيع الفلسطينيين على الذهاب في هذا الاتجاه الذي يقود إلى طريق مسدود.
أنا لا أعلم ما سيفعله محمود عباس في اليوم الذي يلي الاقتراع في مجلس الأمن، سيعود إلى بلاده ليقول: لقد فشلت! ألن ينفذ الأميركيون من جانبهم تهديدهم بمنع المعونات عن السلطة الفلسطينية؟... وكل هذا لا يفضي إلى شيء جيد. ولذا، سعينا إلى إقناع أصدقائنا الفلسطينيين بأن هناك استراتيجية أخرى، التي هي مرحلة أولى في الأمم المتحدة. هي لا تسمح لهم أن يتحولوا مباشرة إلى دولة عضو كاملة العضوية ولكنها تمكنهم من الحصول على صفة «دولة» مثل الفاتيكان أو سويسرا أو دول أخرى... مع امتيازات مصاحبة. وكان هذا الاقتراح يمثل أمرين إيجابيين: الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو تتمتع بصفة «مراقب» والحصول على دعم واسع في الجمعية العامة يمكن أن يصل إلى أكثر من 150 صوتا، ما يمكن أن يمثل نجاحا سياسيا. وطلبنا منهم بالمقابل أربعة التزامات: تكرار الاعتراف بدولة إسرائيل (وسبق لهم أن قاموا بذلك)، والتأكيد على توافر ضمانات لأمن إسرائيل، والعودة إلى طاولة المفاوضات من غير شروط، والامتناع طيلة فترة المفاوضات عن التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأنت تعلم أن الإسرائيليين والأميركيين قاموا بحملة قوية على هذه النقطة منبهين من وجود مخاطر بشأنها. وفهمت من خلال اتصالاتنا، رئيس الجمهورية وأنا، مع الرئيس محمود عباس أنه مستعد للسير في اقتراحنا. نحن نقول إن هذه المقترحات ما زالت مطروحة على الطاولة. ووفق هذا المنطق نقول: نحن لا نشجع الفلسطينيين على الذهاب إلى مجلس الأمن. وبالمقابل نحن مستعدون لدعم قرار في الجمعية العامة ووفق الشروط التي ذكرتها سابقا. ووفق المنطق نفسه قمنا بتأييد طلب الفلسطينيين الانضمام كدولة إلى منظمة اليونيسكو في مؤتمرها العام. إذن، وكما ترى، يتصف المسار الفرنسي بالانسجام.
* أنتم تريدون من كل ذلك المحافظة على فرص العودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن استمرار الاستيطان الإسرائيلي، بل تسريعه من جهة، والشروط التي تفرضونها على الفلسطينيين (ومنها العودة إلى المفاوضات من غير شروط) من جهة أخرى، تعني وكأنكم تطلبون من محمود عباس الانتحار سياسيا؟
- لا. أعتقد أننا نقترح على محمود عباس توفير انتصار كبير لجهة الاعتراف بفلسطين ومنحها صفة الدولة المراقبة مع الحصول على 150 أو 160 صوتا. أعتقد أن هذا انتصار كبير. وبالمقابل ليس الذهاب إلى مجلس الأمن ومواجهة الفيتو الأميركي انتصارا. هذا هو تحليلنا.
فضلا عن ذلك، قلنا دائما لشركائنا إننا لم نعد نؤمن بمبادرات اللجنة الرباعية. ونحن نرى ذلك جيدا. مبادراتها فشلت كلها. لذا لو تبنى الفلسطينيون المبادرة التي طرحها الرئيس ساركوزي من فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة لكنا ربما ربما نستطيع أن نحقق تقدما.
* لكنّ الإسرائيليين سارعوا إلى نسف المقترح الفرنسي.
- كلا، قالوا إنهم مستعدون لمفاوضات من غير شروط مسبقة. ولكن هذا لم يمنعهم من الإعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة في المستوطنات، وهو الأمر الذي أدنّاه من غير تردد لأنه مخالف للقانون الدولي.
* وهذا يعني أن ما تقدمونه لمحمود عباس لا يشكل مخرجا من المأزق الحالي.
- من الذي يقدم (لمحمود عباس) شيئا آخر مختلفا؟ ما المقترحات الأخرى المطروحة على الطاولة ومن أي طرف كان؟ أعتقد اليوم أن الاقتراح الوحيد الذي من شأنه أن يحرز تقدما هو الاقتراح الفرنسي.
* هل هذا يعني أنكم قطعتم الأمل من دور أميركي في المفاوضات وبانتظار الانتخابات الرئاسية وفوز أوباما بولاية ثانية؟
- لم أقطع الأمل، ولكن أين هي المبادرات الأميركية. أين هي المبادرات الأميركية؟ لقد ذكرت بنفسك أن هناك انتخابات أميركية وهناك احتمالات ضعيفة أن تظهر مبادرات أميركية. أنا أعرف أن مقترحاتنا لا تلبي كل طموحات الفلسطينيين، وأنا جاهز للنظر في أي فكرة أو خطة. ولكن أرى أن الوضع جامد وأن التوتر يرتفع من الجانبين وأن الإسرائيليين مستمرون في عمليات الاستيطان، وهي غير مقبولة. ومن الجانب الآخر ثمة أعمال عنف تزيد الأجواء توترا، ولذا أنا بالغ القلق من تدهور الموقف.
* إذن أنتم تدعون الرئيس عباس لترك مجلس الأمن والتوجه إلى الجمعية العامة؟
- ليس لي أن أقول له ما عليه أن يعمل.
* نصيحة صديق؟
- ليكن. أقول له كصديق إنه سيفشل في مجلس الأمن. ولكن حتى الآن يبدو أنه يرغب في الذهاب حتى النهاية في مجلس الأمن. ما الذي سيحصده من المواجهة مع الأميركيين؟ والمدهش أنني كل مرة ألتقي محمود عباس فإنه يقول لي إنه لا يريد مواجهة مع الأميركيين.
* الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس أعلن أمس أننا أقرب إلى الخيار العسكري بشأن الموضوع الإيراني منه إلى المخرج السياسي. هل لديكم معلومات تصب في هذا الاتجاه؟
- لا، ليست لدينا معلومات جديدة، كما أن هذه الشائعات ليست جديدة. هناك مناقشات دورية حول هذا الموضوع في إسرائيل. وبحسب ما أتلقى من تقارير، ثمة نقاشات واسعة داخل الحكومة الإسرائيلية، وهناك من يؤيد (ضربة عسكرية ضد إيران)، وهناك من يعارض.
أعتقد أنه يتعين القيام بكل ما هو ممكن لتفادي الأسوأ. أعتقد أن تدخلا عسكريا سيقود إلى نتائج لا يمكن التكهن بها، ليس فقط في المنطقة، بل أبعد منها. وفرنسا التزمت في الفترة الأخيرة مواقف متشددة للغاية من إيران التي تستمر في برنامج تخصيب اليورانيوم الذي نرى أنه لأغرض عسكرية، والذي لا يمكن أن نقبل به.
نحن ننتظر تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية قريبا. لن أستبق نشره، ولكن أعتقد أنه سيحمل عناصر مقلقة للغاية. ومؤخرا، حصل اتصال بيني وبين نظيري الإيراني صالحي الذي هو رجل بالغ التهذيب والدبلوماسية، وطمأنني أنه ليس علي أن أقلق من البرنامج النووي في بلاده لأن القرآن يحرم استخدام السلاح النووي.
الإيرانيون ينفون الواقع (النووي) عندهم، وهذا أمر لا يمكن أن نقبله. وفرنسا جاهزة دائما للحوار، ولذا قمنا بمبادرات مع (وزيرة الشؤون الأوروبية) كاثرين أشتون منذ عدة أشهر لتقديم مقترحات للحوار مع إيران. لكن الجواب الذي جاءنا تأجيلي ولكسب الوقت. نحن نريد حوارا حقيقيا وإلا فنحن مستمرون في العقوبات. قد يقول أحدهم: العقوبات لا تنفع. قد لا تكون كافية على المدى القصير ولكنني أعتقد أنه يتعين تشديدها إذا استمر النظام الإيراني في صم أذنيه. ثم يتعين علينا أن نظهر بعضا من التفاؤل، إذ قد ينجح المجتمع الإيراني في هز هذا الثقل الضاغط عليه مع ما يحمله من قمع وانتهاكات لحقوق الإنسان.
* المخاوف من النووي الإيراني قوية في محيط إيران المباشر والقريب. ما الذي يمكن أن تفعله فرنسا لطمأنة الدول التي أبرمتم معها اتفاقيات دفاعية في منطقة الخليج؟
- هذه الاتفاقيات التي تشير إليها تم توثيقها. لدينا قاعدة (عسكرية) في أبوظبي، وهناك اتفاق تعاون مع الإمارات. والرئيس ساركوزي قال أمام الأمم المتحدة إنه إذا حصل تهديد لأمن إسرائيل فإننا سنقف إلى جانبها. هذا التزام قوي من جانبنا.
* أنت متهم بأنك فتحت «صندوق الفرجة» عندما أعلنت في خطاب لك في معهد العالم العربي أن فرنسا جاهزة للتحاور مع الإسلاميين.
- اتهمنا سابقا ولوقت طويل بأننا أغلقنا الأبواب بوجه الحوار وغضضنا الطرف لسنوات عن أنظمة فاسدة تنتهك الحقوق الأساسية لشعوبها.
أنا أقول مجددا وبقوة إنني أعتبر أن التنديد من حيث المبدأ بأي حزب يرجع في مبادئه إلى الإسلام أو أن يكون إسلاميا موقف خاطئ، وبالتالي فإن وجود أحزاب في هذه الدول (العربية) ترجع إلى الإسلام لا يطرح عندي مشكلة. لكن علينا أن نبحث داخل هذه الأحزاب عمن لديهم رؤية معتدلة للأمور وعمن يعتبرون أن الإسلام يتلاءم مع الديمقراطية، ومع هؤلاء الذين أعتقد أنهم موجودون نستطيع الحوار. وعندما أسمع راشد الغنوشي يقول إنه لن يمس قانون الأحوال الشخصية ووضع المرأة، بل إنه سيحسنه، فلماذا علي أن لا أصدقه؟ سنرى وسنبقى متنبهين ونقول إنه لدينا مبادئ وسنرى ما إذا كانت هذه المبادئ ستُحترم. لكننا لن ننطلق من موقف مبدئي سلبي. وفي رأيي أنه داخل هذه التيارات الإسلامية هناك متشددون وأصوليون لا يقبلون التداول السلمي للسلطة، ولكن هناك أيضا من يقبل الحوار. أليس هناك حزب إسلامي يقود تركيا؟ في المغرب هناك حزب إسلامي ولديه نواب في البرلمان، فهل علينا أن نرفض النظر في هذه الحالات؟ علينا أن لا ننطلق من مبدأ أن من يرجع إلى الإسلام يتعين رفضه ورفض الحوار معه. وبالمقابل، كل من يدعو إلى العنف والسلاح والإرهاب والجهاد لن نقبل التعاطي معه بطبيعة الحال. إذن المطلوب احترام القواعد الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة والامتناع عن خطفها. ثم هناك مجموعة من الحقوق المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان التي تشدد على الحريات الأساسية والمساواة بين الرجل والمرأة... هذه الحقوق نعتبرها عالمية، ونحن نتمسك بها. بعد ذلك، لكل أن يقرر طبيعة النظام والديمقراطية التي يريدها.
من جهة أُتهم بأنني منفتح، ومن جهة ثانية بأنني أطرح شروطا، خصوصا عندما أقول إن مساعدتنا لهذه البلدان اقتصاديا مربوطة باحترام هذه المبادئ. عندها نتهم بالتدخل في شؤون هذه البلدان الداخلية وبفرض الشروط عليها. الحقيقة أن لدينا خطا متوازنا، انفتاح وتيقظ في الوقت عينه. ولذا سأذهب قريبا إلى تونس لاستئناف الحوار مع السلطات التونسية، وكذلك مع الحكومة الليبية الجديدة بعد تشكيلها.
 
الطريق إلى دمشق يمر بطهران
غسان الإمام
بعد هدوء نسبي استغرق أربعين سنة، عاد البركان السوري ليلقي بحممه على المشرق العربي. فقد تجدد الصراع على سوريا بين قوى عربية، وبينها وبين قوى إقليمية. وجاءت الانتفاضة لإثارة ولع أوروبا وأميركا القديم بمسرح العبث السوري الذي ازدهر في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.
كتم حافظ الأسد أنفاس السوريين. لكن حول سوريا من أداة في اللعبة إلى لاعب ماهر يلعب لصالح نظامه. بعد عشر سنين، فقد الورثة التوازن الدقيق الذي أقامه الأب: فكك الابن المحور السوري المقبول عربيا، مع السعودية ومصر، وعمق الحلف الغريب المرفوض قوميا، مع إيران!
لم تكن نكسة إخراجه عسكريا من لبنان درسا كافيا له. فقد ترك ليبرالية الفساد لتخلف هوة طبقية، بين طبقة سنية محرومة وجائعة في الريف، وطبقة سنية بازارية في المدن الكبيرة (دمشق وحلب) ترضى بالقليل من الكثير الذي يلتهمه فساد العائلة، وتسلط الطائفة.
تغيرت الظروف والتقنيات. تغيرت قواعد اللعبة. خرج لاعبون. دخل آخرون. لكن النظام لم يتغير. قابل الورثة الاحتجاج السلمي بقمع وقتل مروِّعَيْن. النظام، في انغلاقه وأميته، عاجز عن التفكير وإدراك المتغيرات. وفي مقدمتها، تراجع مبدأ السيادة أمام حقوق الإنسان، في التدخل.
الواقع كالشمس لا يمكن إخفاؤها بأصابع اليد. لم يعد بالإمكان إخفاء المجازر عن عيون العالم. قتل في زمن الأب عشرون ألف إنسان في حماه. لم يكلف الأب نفسه ونظامه مجرد إصدار بيان بالتأكيد أو النفي. ها هو الابن ينفي. صحفه وأجهزته تنفي.
لكن حصان طروادة (الإلكتروني) الذي أدخله هو بنفسه، بذريعة العصرنة الزائفة، يتولى فضح المجازر، عبر ألوف مواقع الوصل الاجتماعي. المبادرة العربية التي تحركها الدبلوماسية القطرية هي آخر فرصة لنظام غير قادر على انتهازها. فهي تشكل في شروطها تعجيزا للنظام. إخراج دباباته. أجهزة قمعه. وشبيحته من المدن المتمردة عليه، يعني استقلالها عنه. الحوار مع معارضة الداخل والخارج يفرض، في النهاية، قبوله بديمقراطية تجبره على التنحي، والتخلي عن مكاسب العائلة، وهيمنة الطائفة على الدولة. والجيش. والأمن. والإدارة المدنية. واحتكار السياسة الخارجية.
في السياسة، الخط المستقيم لا يصل بالضرورة بين نقطتين، كما في الهندسة. يوما بعد يوم، يتشكل لدى صناع القرار الدولي موقف يلقى قبولا عربيا متزايدا، حتى لدى الشارع السوري، بأنه لا بد من طريق التفافي، للوصول إلى دمشق.
هذا الموقف الدولي يستند إلى رأي استراتيجي بأن الطريق إلى دمشق لا بد أن يمر بطهران. لماذا طهران وليس دمشق مباشرة؟ لأن نظام بشار يهدد بزلزال يفجر سوريا والمنطقة، عليَّ وعلى أعدائي، إذا حدث تدخل عسكري مباشر ضد نظام العائلة والطائفة.
لا شك أن إيران، في حلفها مع نظامه، أقنعت بشار بأنها قادرة على حمايته عسكريا وأمنيا. هذه الحماية، في الواقع، كانت قد وفرتها له أميركا وأوروبا، عبر علاقة خفية وغامضة، قامت على أساس الإبقاء على نظام ضعيف داخليا، في مقابل محافظته على هدنة هادئة مع إسرائيل، كفلت لها استمرار احتلال الجولان نحو خمسين سنة.
وهكذا، بات الطريق إلى دمشق يمر مباشرة في طهران. أو بمعنى آخر، فإضعاف إيران بقصفها جوا، يهدهد من صلافة النظام الحليف لها في دمشق، ويجبره على التنحي، وتفكيك هيمنته الطائفية المطلقة، على الدولة والمجتمع، هذه الهيمنة التي لم تعد مقبولة دوليا، وفي الظروف والمتغيرات الجديدة في المنطقة العربية.
لكن لماذا هذا الهوى المتجدد، لدى الغرب في التعامل بالقوة مع إيران؟ الأسباب كثيرة. في مقدمتها، المعلومات الجديدة عن قرب امتلاك إيران القنبلة النووية. ثم الاعتقاد الأميركي بأن الانسحاب من العراق، والتموقع في الخليج، من شأنه تسهيل التصدي المباشر لإيران، قبل استكمال فرض هيمنتها، على نظام أشياعها في العراق. وهي هيمنة لا شك ستوفر لها نقل قوات إيرانية ضخمة إلى سوريا، مزودة بصواريخ بعيدة المدى، ربما قادرة على حمل أسلحة نووية.
الأهم من ذلك، اعتقاد أميركا وأوروبا بأن حلف الناتو، بعد التجربة الأورو/أميركية الناجحة في ليبيا. وأفغانستان. وباكستان. واليمن، بات يمتلك تقنية الحسم الجوي، بالصاروخ وطائرة النحلة (Drone)، لتغنيه عن التدخل البري المكلف بشريا وماديا. وإذا ردت إيران بقصف الخليج أو إسرائيل، عندها يتم تدمير حقولها وصناعتها النفطية أيضا من الجو.
الرهان الغربي هنا يقوم على الاعتقاد بأن التدخل الجوي كاف لتحريك المعارضة الوطنية الإيرانية لإسقاط نظام الملالي. غير أني أحذر سلفا من أي اعتقاد عربي، بأن نظاما قوميا فارسيا سيكون أقل شهوة في السيطرة على الخليج والمشرق العربيين، من النظام الثيوقراطي. بل سيمتلك هذا النظام قاعدة ضغط داخل أميركا، يشكلها مئات الأكاديميين الإيرانيين المؤمنين بالتفوق الفارسي، والمقيمين في أميركا، في حين لم تنجح 22 دولة عربية، بكل ما تملك من إمكانيات وطاقات، في تشكيل «لوبي» مماثل.
النظام الديمقراطي الغربي لا يملك صحفا. لكنه قادر، بخبرته، على فرض سياساته وقضاياه على الإعلام والرأي العام. إسرائيل نتنياهو تفرض، إعلاميا، أجواء الحرب المحتملة ضد إيران، على عالم غربي أنهكته الحروب. واستنزفته أخطاء الأنظمة الليبرالية في محاولتها إنقاذ الرأسمالية. هدف الثلاثي نتنياهو. باراك. ليبرمان، إخراج حكومة اليمين الديني/ الصهيوني المتطرف من عزلتها الدولية. ومن النكسات المريرة التي ألحقتها بها دبلوماسية محمود عباس الناجحة. ثم تفادي خطر انتفاضة الطبقة الوسطى الإسرائيلية التي تقدم ثقافة الرخاء والرفاهية، على ثقافة الأمن والردع المكلفة.
لكن هل يقبل منطق حرب خليجية جديدة، يجري الترويج لها إعلاميا على مستوى دولي، الواقع الطارئ في المنطقة والعالم، وبالذات في الولايات المتحدة، باراك أوباما لا يريد حربا جديدة، في سنة انتخابية صعبة. ولعله يرى، في «طوشة» الحرب الإسرائيلية، تهديدا إسرائيليا متعمدا، ضد فرصه الانتخابية، فيما فرنسا وبريطانيا المنتشيتان بنصرهما الليبي، لا تريدان حربا تثقل كاهلهما المالي، مع تردد ألمانيا في تعويم دول، كاليونان وإيطاليا، تعيث فسادا بنظام اليورو المترنح.
ولعل إيران ذاتها تريد من قنبلتها مجرد حماية نظامها. وتتستر على اختراقها العرب، بتقليد نجاد للمرحوم الشقيري في الدعوة لإلقاء اليهود في البحر. أما في المنطقة العربية، فلم تحقق إيران كسبا يذكر من الانتفاضة. الإسلام السياسي السني المرشح لتولي الحكم في تونس. وليبيا. ومصر، لا يبدو مستعجلا لإقامة نظام ديني، وليس راغبا في تنصيب فقيه شبه قداسي، يحرم الفقه السني منحه الحق «الإلهي» في التصرف بحياة ومصير مئات الملايين من المؤمنين.
من هنا، فالطريق إلى دمشق عبر طهران يبقى معطلا. أو مؤجلا. وبالتالي، سيستمر النظام السوري في الرهان على الاستئصال الأمني للسوريين، لتأمين انتحاره بيده، لا بيد مبادرة من زيد. أو عمرو.
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,046,596

عدد الزوار: 6,976,669

المتواجدون الآن: 72