اتصال واحد عوَّض سنوات من المطاردة الفاشلة

تلميح أميركي إلى دعم باكستاني لبن لادن

تاريخ الإضافة الخميس 5 أيار 2011 - 6:30 ص    عدد الزيارات 2394    التعليقات 0    القسم دولية

        


تلميح أميركي إلى دعم باكستاني لبن لادن
واشنطن تتردد في نشر صورة "بشعة" لجثته

* بن لادن لم يكن مسلحاً، وزوجته لم تقتل بل جرحت في ساقها
 

* إسلام أباد: العملية أحادية غير مصرح بها ويمكن أن تهدد السلام العالمي

بدا واضحاً أمس أن واشنطن تنوي البناء على قتل أسامة بن لادن للتخلص من منظمته الارهابية "القاعدة"، في خطوة تالية بعد الغارة الجريئة التي قضت فيها على المطلوب الاول حول العالم برصاصة قاتلة فوق عينه اليسرى، في مجمعه المحصن في أبوت اباد غير البعيدة من اسلام أباد. أما باكستان التي واجهت انتقادات داخلية لسماحها لواشنطن بالتعدي على سيادتها، واتهامات أميركية بـ "شبكة دعم" لبن لادن على أراضيها، فردت باستياء على العملية، واصفة اياها بأنها "عمل أحادي غير مصرح به".
وصحح البيت الابيض أمس الرواية الرسمية للغارة، قائلاً إن بن لادن لم يكن مسلحاً، وإن زوجته لم تقتل، وانما جرحت في ساقها وهي تهاجم أعضاء فريق الكوماندوس الاميركي في الطبقة الثالثة من المجمع.
 وتلا الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بياناً مقتضباً لوزراة الدفاع "البنتاغون" جاء فيه :"كانت ثمة مخاوف من ان يقاوم بن لادن عملية اعتقاله، وفعلاً فقد قاوم". وأوضح ان زوجته كانت في الغرفة نفسها معه عندما اقتحم رجال القوات الخاصة المجمع ليل الاحد - الاثنين، وانها "تقدمت نحو المهاجم الاميركي وأصيبت في ساقها ولكنها لم تمت... بعد ذلك تم اطلاق النار على بن لادن وقتله. ولم يكن مسلحا". وأضاف  انه كان هناك العديد من المسلحين في المبنى وحصل "اشتباك مسلح عنيف".
وكان مساعد الرئيس الاميركي للارهاب المضاد جون برينان صرح الاثنين بأنه يعتقد أن زوجة بن لادن قتلت عندما حاولت حماية الزعيم الاصولي خلال الغارة.بيد أن الرواية التي نشرت أمس رجحت أن المرأة التي قتلت كانت تنتمي الى عائلة أخرى تعيش في المجمع، مشيرة الى أنها قتلت بالرصاص في الطبقة الاولى من المبنى لا في الطبقة الثالثة حيث عثر على بن لادن وقتل.
وقال كارني: "في الطبقة الاولى للمبنى، قتل الرسولان للقاعدة مع امرأة قضت في تبادل للنار... بن لادن وعائلته وجدا في الطبقتين الثانية والثالثة للمبنى".

 

سجلات مهمة

الى ذلك، أفاد مسؤول أميركي أن العملية نجحت في ضبط سجلات مهمة على الارجح لـ"القاعدة"، بينها وثائق وأقراص مدمجة وغيرها من الامور التي يمكن أن توفر للاستخبارات الاميركية تفاصيل عن عمليات التنظيم الاصولي وربما قادت الى الرجل الثاني فيه أيمن الظواهري المطارد أيضاً.

 

صورة الجثة "بشعة"

ومع ورود مزيد من التفاصيل عن العملية، ينكب المسؤولون الاميركيون على درس الايجابيات والسلبيات لنشر شريط فيديو وصور سرية لبن لادن مقتولاً.
وقال كارني ان صورة جثة بن لادن "بشعة"، وأنه يخشى اثارة الحساسيات اذا نشرها، مع ورود معلومات عن أن الرصاصة التي أودت ببن لادن أدت الى تفجير جزء من جمجمته.
 وصرح جون برينان في سلسلة من المقابلات التلفزيونية أمس بأن  "الامر يحتاج الى تأن"، مع مراعاة اي نوع من الردود قد تثيره الصور.
 

شائعات

ويتعلق الامر بصور جثة بن لادن وشريط دفنه السريع في البحر. ويبدي مسؤولون تردداً حيال اثارة مشاعر المسلمين باظهارهم صوراً لجثته، الا أنهم متلهفون أيضاً للرد على الشائعات التي تسري في باكستان وأماكن أخرى أن بن لادن لا يزال حياً.
وقد يزيد قول حركة "طالبان" الافغانية ان التقارير عن مقتل بن لادن "سابقة لاوانها"، وأن واشنطن لم تقدم أدلة كافية على مقتله، الضغط على واشنطن لنشر الصور.
 

واشنطن - اسلام أباد

في غضون ذلك، زادت العملية الاميركية في باكستان التوتر بين اسلام أباد وواشنطن والمستمر منذ فترة.
وقال برينان :"من الواضح أنه كان ثمة نوع من شبكة دعم" لبن لادن داخل باكستان. الا أنه رفض اتهام الحكومة الباكستانية مباشرة بهذا الامر، واصفاً اسلام أباد بأنها "شريك قوي في الارهاب المضاد". وذكر أن اسلام أباد تجري أيضاً تحقيقها الخاص لمعرفة كيف تمكن بن لادن من خداع السلطات كل هذه المدة، وأنه"ليس معروفاً عند هذه المرحلة" ما اذا كان أفراد داخل الحكومة الباكستانية ساعدوا بن لادن.
ولاحقاً، وصف الناطق باسم البيت الابيض العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان بأنها "معقدة لكنها مهمة".   وقال: "نعمل بدأب كبير على هذه العلاقات، انها علاقات مهمة ومعقدة تعرضت للاختبار بطرق متعددة خلال سنوات وحتى هذه السنة".
 وردت باكستان باستياء على العملية "الاحادية"، معتبرة ان "مثل هذه الاعمال غير المصرح بها" يمكن ان تهدد السلام العالمي.ونفت أن يكون لدى قيادتها المدنية او العسكرية اي علم مسبق بالعملية، وأكدت ان المروحيات الاميركية التي نفذت العملية لم تقلع من قواعد باكستانية.
 

و ص ف، رويترز، ي ب
 

واشنطن تحقق في "شبكة دعم" باكستانية لبن لادن
إسلام أباد تنتقد الغارة الأميركية "الأحادية وغير المصرّح بها"

باكستاني يبيع صحفاً حملت في عناوينها الرئيسية خبر مقتل أسامة بن لادن، في لاهور أمس. (رويترز)
خرجت التوترات بين واشنطن واسلام أباد أمس الى العلن، مع انتقاد السلطات الباكستانية العملية التي قامت بها قوات خاصة أميركية لقتل بن لادن في أبوت أباد على مسافة 50 كيلومتراً شمال اسلام أباد، معتبرة إياها "عملاً أحادياً غير مصرح به"، ومحذرة واشنطن من عدم شن عمليات مماثلة مستقبلا.

فيما تشهد العلاقات الاميركية - الباكستانية تراجعاً كبيراً، أبدت وزارة الخارجية الباكستانية قلقها من العملية الاميركية التي ادت الى مقتل بن لادن قرب اسلام اباد ، وإن تكن قالت انها تتبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" عن المجمع المستهدف منذ 2009.ونفت ان يكون لدى قيادتها المدنية او العسكرية اي علم مسبق بالعملية، واكدت ان طائرات الهليكوبتر الاميركية التي نفذت العملية لم تقلع من قواعد باكستانية. واضافت ان "باكستان تعرب عن قلقها العميق وتحفظاتها عن الطريقة التي نفذت بها حكومة الولايات المتحدة هذه العملية من دون معلومات أو تصريح من الحكومة الباكستانية". وشددت على ان مثل "هذا العمل الاحادي غير المصرح به" لا يمكن ان يكون القاعدة المتبعة، ويجب الا يمثل "سابقة مستقبلا لاية دولة بما فيها الولايات المتحدة". وحذرت من ان "مثل هذه الاعمال تقوض التعاون وربما تشكل في بعض الاحيان تهديدا للسلام والامن الدوليين".
وافادت الوزارة، طائرات هليكوبتر أميركية دخلت المجال الجوي الباكستاني مستغلة ثغرات في شبكات الرادار بسبب التضاريس الجبلية المحيطة بابوت اباد.وقالت إن سلاح الجو الباكستاني سارع إلى إرسال طائراته في غضون دقائق من اخباره بالعملية، ولكن لم يحصل اشتباك مع القوات الأميركية لانها كانت قد غادرت المجال الجوي الباكستاني فعلاً. الا أنها أوضحت أن" وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية استغلت معلومات استخبارية اعطيناها اياها، في التعرف على اسامة بن لادن والوصول اليه مستفيدة من امكانات تكنولوجية اكثر تقدماً".
والى انتقاد واشنطن، قد تكون لهذا البيان أهداف داخلية أيضاً، وسط الانتقادات التي واجهها كل من الحكومة والجيش لسماحهما لواشنطن بانتهاك سيادة البلاد. وأثارت استياء اسلام أباد أيضاً الشبهات في أنها كانت تؤوي أسامة بن لادن والاتهامات بأنها لم تبذل جهوداً كافية للقبض عليه.
ودافع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري عن بلاده، قائلاً ان باكستان "شاركت" في العمل.
وكتب في صحيفة "الواشنطن بوست" أنه "لم يكن في أي مكان كنا نتوقع ان يكون فيه، لكنه الان رحل".

 

بانيتا

وكانت واشنطن اقرت بأنها لم تبلغ اسلام أباد امر العملية لاسباب أمنية.
وفي مقابلة مع مجلة "تايم"، صرح مدير وكالة الاستخبارات المركزية ليون بانيتا بأن المسؤولين الاميركيين استبعدوا العمل مع باكستان في الغارة لانه "تقرر أن أي مسعى للعمل مع الباكستانيين يمكن أن يعرض المهمة للخطر: ربما نبهوا الاهداف". وأوضح أن مساعديه كانوا واثقين بنسبة راوحت بين 60 و80 في المئة من أن بن لادن كان في المجمع. ومع ذلك، قال لاوباما في اجتماع مهم الخميس ان الامر يستحق المغامرة، وان "لدينا افضل دليل منذ (معركة) تورا بورا (عام 2001 والتي شوهد فيها بن لادن للمرة الاخيرة)، وهذا ما يرتب علينا واجب التحرك". واشار الى انه لدى متابعته العملية من مقر "السي آي اي" في لانغلي، كان جميع من في الغرفة قلقين ومتوترين، وأنه طلب من رئيس قيادة العمليات الخاصة المشتركة التي تشرف على العملية الاميرال وليم ماكرافين شرح التطورات العسكرية خلال العملية وتاكيد مصير بن لادن، الذي كان يشار اليه خلال العملية بالاسم الحركي "جيرونيمو". واضاف: "بقيت أسأل بيل ماكرافين :حسنا، ماذا يعني ذلك؟ وعندما قال ماكرافين في النهاية انهم تاكدوا من هوية جيرونيمو... تنفسنا الصعداء". وعندما خرجت المروحيات من المجمع بعد 15 دقيقة، ضجت الغرفة بالتصفيق.
ومع ذلك، قالت السناتورة الديموقراطية ديان فاينشتاين  التي تتولى رئاسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ إنها ستطلب مزيداً من التفاصيل من بانيتا وآخرين عن دور الحكومة الباكستانية. وهددت بقطع المساعدة الأميركية السنوية لباكستان المقدرة 1.3 مليار دولار إذا تبين أن الحكومة الباكستانية كانت تعرف مكان اختباء بن لادن.
وحذر الرجل الثاني في مجلس النواب الاميركي الديموقراطي ستني هوير باكستان من أنها اذا لم تبدد الشكوك في شأن التزامها مكافحة الارهابيين، سيدرس الكونغرس امكان خفض المساعدة الاميركية لها.
 ويضغط نواب أميركيون على باكستان للرد على سؤالين: ماذا كان جيشها وعملاؤها الاستخباريون يعرفون عن مكان بن لادن، ومتى عرفوا به؟

 

دعم باكستاني لبن لادن؟

وكان مستشار الرئيس الاميركي للارهاب المضاد جون برينان صرح بأن الادارة الاميركية تبحث في ما اذا كان بن لادن تمتع بنظام دعم في باكستان مكنه من البقاء في البلاد. وقال إنه "من الواضح أنه كان هناك نوع من شبكة دعم وفرت له المساعدة". وأضاف: "ليس معروفاً بعد ما اذا كانوا أفراداً  داخل الحكومة الباكستانية أم لا"، الا أنه لفت الى أن باكستان شريك قوي في الارهاب المضاد، وأن ارهابيين قتلوا فيها أو اعتقلوا في السنوات الاخيرة أكثر من اي بلد آخر.

 

جيران بن لادن

وخلافاً لما كان يعتقد، عثر على بن لادن في مجمع فخم شيد عام 2005 ويقع في ضواحي أبوت أباد على مسافة كيلومترات من اسلام أباد، ولا يبعد سوى كيلومتر عن الاكاديمية العسكرية "كاكو" وبعض الكتائب العسكرية.
وفي شهادات بعض القاطنين قرب المخبأ الاخير لبن لادن أن الزعيم المتشدد وأفراد عائلته نادراً ما كانوا يخرجون من المنزل، وأن غالبية سكان الحي لم تكن على علم بأن غرباء يعيشون هناك. ومع ذلك، بدأت تتسرب معلومات عن الحياة وراء تلك الأسوار المرتفعة.
وروت خورشيد بيبي ، وهي في السبعينات، أن رجلاً يعيش في المجمع أوصلها الى السوق في يوم ممطر.وقالت إن أحفادها لعبوا مع الاولاد الذين يعيشون في المنزل وأن أشخاصاً داخل المجمع أعطوهم أرانب.

 

الاسرة

وعن مصير أسرة بن لادن، أفادت وزارة الخارجية الباكستانية أن افراد العائلة في ايد امينة. وقالت: "لقد طرحت اسئلة عن مكان وجود افراد عائلة بن لادن... انهم في ايد امينة ويجري الاهتمام بهم بموجب القانون... بعضهم يحتاج الى رعاية طبية وهم يعالجون في افضل المرافق الممكنة"، و"طبقاً للسياسات العامة" سيسلم اقارب بن لادن الى بلادهم الاصلية.

و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ، ي ب أ     

 

اتصال واحد عوَّض سنوات من المطاردة الفاشلة
الرسول الكويتي قاد "السي آي إي" دون قصد إلى عتبة بن لادن

طوال سنوات، لم تؤد المطاردة الدؤوبة لاسامة بن لادن الى أي مكان، الى أن رفع أحد أقرب مساعدي أسامة بن لادن الهاتف العام الماضي، وقاد من غير أن يدري، المطاردين الاميركيين الى عتبة معلمه، المطلوب الاول حول العالم،
أنهى ذلك الاتصال الهاتفي سنوات من البحث عن الرسول الشخصي لبن لادن، في اختراق أساسي في المطاردة التي شملت أنحاء العالم، كذلك أوصل الرسول الاستخبارات الاميركية الى المجمع المسور في شمال شرق باكستان حيث قتل جنود من القوات الخاصة للبحرية الاميركية الخاصة "نيفي سيلز" بن لادن برصاصة في رأسه، بعد مواجهة بين الجانبين، وتوجت الدقائق الاخيرة العنيفة سنوات من العمل الاستخباري، وداخل فريق وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي اي" الذي كان يطارد الزعيم المتشدد، كان واضحاً دائماً أن نقطة ضعف هذا الرجل تكمن في رسله، فهو كان أذكى من أن يسمح لمسلحي تنظيمه أو حتى قادته الكبار بمعرفة مكانه، ولكن اذا أراد  ايصال رسائل الى الخارج،  كان يتعين على أحد ما أن ينقلها، أحد يؤمنه على حياته،
بعيد هجمات 11 أيلول 2001، أبلغ معتقلون في سجون "السي اي اي" المحققين عن رسول مهم اسمه الحربي أبو أحمد الكويتي الذي كان مقرباً من بن لادن،وبعد اعتقال الرجل الثالث في "القاعدة" خالد شيخ محمد أكد معرفته بالكويتي، الا أنه نفى أية علاقة لهذا الرجل بـ"القاعدة"،وعام 2004، اعتقل القائد البارز في التنظيم الاصولي حسان غول في العراق، وأبلغ "السي آي إي" أن الكويتي كان رسولاً، وشخصاً أساسياً بالنسبة الى المنظمة الارهابية، وكشف خصوصاً أنه كان مقرباً من فرج الليبي الذي حل محل خالد شيخ محمد قائداً عملانياً لـ"القاعدة"، وهو ما شكل اختراقاً رئيسياً في مطاردة الرسول الشخصي لزعيم "القاعدة"، وأخيراً، اعتقل الليبي في أيار 2005، واقر لـ"السي آي إي" بأنه رقي ليخلف محمد، وأنه تسلم الرسالة عبر رسول، الا أنه أعطى اسماً له ونفى نفياً قاطعاً ومتعنتاً معرفته بالكويتي، وهو ما دفع الوكالة الى التأكد من أنه ومحمد يحميان الرسول، وعزز فكرة أن الكويتي مهم جداً بالنسبة الى "القاعدة"، وعندها، ساد اعتقاد أنهم إذا تمكنوا من معرفة الرجل المعروف بالكويتي، فسوف يصلون الى بن لادن،
واعتبر الاعلان أن المعلومات المستقاة مما يسمى المواقع السود لـ"السي آي إي" ساعدت في قتل بن لادن ، مثابة تبرئة لمسؤولين استخباريين كثر  استجوبوا وواجهوا انتقادات لتورطهم في  برنامج شمل اساليب الاستجواب الاكثر شناعة في تاريخ الولايات المتحدة، ولم يتطرق محمد الى الكويتي عندما واجه الاغراق الوهمي، ولم يقر الا بعد أشهر بأنه كان يعرفه، ومضت سنوات من العمل قبل أن تتمكن "السي آي إي" من تحديد الاسم الحقيقي للرسول، وهو شيخ أبو أحمد، الباكستاني المولود في الكويت، ولكن عندما عرفوا اسمه، لم يتمكنوا من العثور عليه، ولم تعرف مصادر "السي اي اي" مكان اختبائه، وكان يعرف عن بن لادن أنه يصر على عدم استخدام أية هواتف أو أجهزة كومبيوتر الى جانبه، لذلك لم يكن المتنصتون في وكالة الامن القومي يتمكنون من اقتفاء أثره.

 

لغز

وقال معتقلون إن أبو أحمد مسؤول ذو رتبة متوسطة ساعد أعضاء في "القاعدة" وعائلاتهم على ايجاد ملاذات آمنة، الا أن مكانه بقي لغزاً للمسؤولين الاستخباريين الاميركيين، الى درجة أن وثائق سجن غوانتانامو نقلت عن معتقل أن أبو أحمد جرح بينما كان هارباً من القوات الاميركية خلال غزو أفغانستان وتوفي لاحقاً بين ذراعيه،
ولكن بحلول منتصف العام الماضي، اتصل أبو أحمد بشخص تراقبه الاستخبارات الاميركية ،وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه أنه تم تحديد مكان أحمد في مكان بعيد من بن لادن، الا أنه كان كافياً لمساعدة الاستخبارات على مراقبة هذا الرجل.
وفي آب 2010، قاد أحمد من غير أن يدري السلطات الى مجمع في أبوت أباد بشمال شرق باكستان حيث كان يعيش الليبي، كانت الجدران المحيطة بالمجمع بارتفاع يزيد عن خمسة أمتار وتعلوها أسلاك شائكة، ومع أن الاستخبارات كانت على علم بالمجمع منذ سنوات، فانها اشتبهت دائماً في أن بن لادن سيكون محاطاً بحراسة أمنية مشددة، ولم تكن في المجمع أية دورية.
والواقع ان احداً، لم يكن يأتي الى المجمع أو يغادره، ولم يكن فيه لا هاتف ولا أنترنت، وسرعان ما باتت "السي اي اي" ترجح أن الزعيم المتشدد يختبئ في مكان عادي، في مخبأ شيد خصوصاً لعدم لفت الانتباه، ولكن نظراً الى أن بن لادن لم يسافر قط، ولم يكن أحد قادراً على دخول المجمع من دون المرور ببوابتين أمنيتين، لم تكن ثمة طريقة للتحقق.
وعلى رغم تلك الشكوك، رأى مسؤولون استخباريون أن هذه قد تكون الفرصة الفضلى للوصول الى بن لادن، وقرروا عدم مشاطرة احد المعلومات التي توصلوا اليها،  بمن فيهم الحلفاء الاقرب في الارهاب المضاد مثل بريطانيا وكندا وأوستراليا.

 

 خيارات محدودة

وبحلول منتصف شباط، اقتنع المسؤولون بأن"هدفاً قيماً" يختبئ في المجمع، وأراد الرئيس الاميركي باراك أوباما التحرك.
وقال مستشار الرئيس الاميركي للارهاب المضاد جون برينان :"كانوا واثقين، وثقتهم كانت تتزايد، هذا مختلف، هذه القضية الاستخبارية مختلفة، ما رأيناه في المجمع مختلف عن أي شيء رأيناه من قبل، كنت واثقاً من أن لدينا الاساس  للقيام بتحرك".
وكانت الخيارات محدودة، اذ كان المجمع يقع في ضاحية سكنية ببلد ذي سيادة، واذا أمر أوباما بغارة ولم يكن بن لادن في المجمع، قد تحصل مشكلة ديبلوماسية كبيرة، وحتى اذا كان أوباما على حق، قد يجعل قصف المجمع تأكيد مقتل بن لادن مستحيلاً.
وقال برينان: "كان على الرئيس تقويم قوة تلك المعلومات، ثم اتخاذ ما أعتقد أنه أحد أكثر القرارات جرأة يتخذها أي رئيس في التاريخ الحديث"،وأبلغ شبكة "سي ان أن" الاميركية للتلفزيون أن المسؤولين أخذوا "قصاصات" المعلومات التي جمعت وحللت خلال فترة طويلة لجمع الخيوط التي يحتاجون اليها.
وكلف أوباما نحو 24 رجلاً من فريق "نيفي سيل" تنفيذ العملية بدقة عالية.

 

"جيرونيمو قتل"

وبينما كان مسؤولون في البيت الابيض و"السي آي إي" يتابعون العملية ، على الارجح عبر الاقمار الاصطناعية أو أجهزة فيديو حملها الجنود الاميركيون، اقتحم الفريق المجمع، وبفضل المراقبة الدقيقة عبر الاقمار الاصطناعية، عرفت القوات الاميركية أنها ستجد على الارجح عائلة بن لادن في الطبقتين الثانية والثالثة لاحد مباني المجمع،و لكن في البداية، تولى الفريق تأمين الاجزاء الاخرى من المجمع ثم انتقلوا الى الغرفة التي كان يختبئ فيها بن لادن، وقال برينان إنه حصل تبادل للنار،عندها قال أحد الجنود أن "جيرونيمو"، وهو الاسم الرمز الذي اختير لبن لادن، قتل في المعركة.

 

عينه اليسرى وجمجمته

وأوضح مسؤولون أن أبو أحمد وشقيقه قتلا، ثم قتل الجنود بن لادن برصاصة فوق عينه اليسرى مباشرة مفجرين جزءا من جمجمته.
وأمكن فوراً التعرف على بن لادن، الا أن واشنطن أجرت أيضاً اختباراً للحمض الريبي النووي "دي أن أي" الذي أكد هويته بنسبة 100 في المئة تقريباً،كذلك، ساهم تحليل "السي آي إي" صوراً وتأكيد امرأة كانت في المكان ويعتقد أنها زوجة لبن لادن، اضافة الى المواصفات الجسدية مثل طول بن لادن، في تأكيد هوية القتيل، وفي البيت الابيض، لم يكن ثمة مجال للشك.
وبعدما فتشت القوات الاميركية المجمع غادرته مع وثائق وأقراص مدمجة يمكن أن توفر معلومات استخبارية قيمة عن "القاعدة"، واستغرقت العملية كلها 40 دقيقة تقريباً.
من أبوت أباد، نقلت جثة بن لادن الى حاملة الطائرات "يو أس أس فينسون" في شمال بحر العرب، هناك غسلت وصلي عليها وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية ودفنت في ... البحر.

أب،"النيويورك تايمس"     


المصدر: جريدة النهار

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,439,465

عدد الزوار: 6,950,643

المتواجدون الآن: 93