لبنان: تحريات عن سر الهجوم المباغت لعون واندفاعته «عكس سير» قطار التهدئة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 7 أيلول 2010 - 8:24 ص    عدد الزيارات 3056    التعليقات 0    القسم محلية

        


بيروت - من وسام ابو حرفوش

«القطبة غير المخفية» ترتبط بملف التعامل لفايز كرم
 
لبنان: تحريات عن سر الهجوم المباغت لعون واندفاعته «عكس سير» قطار التهدئة

لم تكن هدأت على الجبهة المفتوحة بين رئيس الحكومة سعد الحريري و«حزب الله» بعد تدخل «كاسحة الالغام» السورية ـ السعودية، حتى فجر زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون معركة متعددة الطرق، عبر فتحه النار دفعة واحدة على رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري وبعض الوزراء القريبين من الرئيس سليمان، اضافة الى اجهزة امنية.
ورغم ردود بعض من اصابتهم «شظايا» الهجوم المباغت للعماد عون، فإن الوسط السياسي انخرط في محاولة لـ «تقصي» الاسباب الكامنة وراء «الدفرسوار» التصعيدي الذي شقه العماد في اللحظة التي «كللت» المساعي المحلية والاقليمية لـ «وقف النار» السياسية بين الحريري و«حزب الله» بالنجاح، اقله حتى اشعار آخر.
وبدا من الواضح ان «القطبة المخفية» في هجوم عون تتمثل في ملف القيادي في «التيار الوطني الحر» العميد المتقاعد فايز كرم، الموقوف لدى استخبارات قوى الامن الداخلي (فرع المعلومات) للاشتباه بتورطه في التعامل مع اسرائيل، اذ شكل ما يصفه عون بـ «التسريبات» نقطة الارتكاز في هجومه الكاسح على رئيس الجمهورية «الذي لا يعرف إلا البكاء»، وعلى الوزراء المعنيين، اي وزراء الداخلية، الدفاع، العدل والاعلام، اضافة الى فرع المعلومات.
اوساط «التيار الوطني الحر»، قالت لصحيفة «الديار» ان عون قرر فتح معركة في ملف العميد كرم ضد كل من يعتقد انه يخالف القانون في توقيفه، بدءاً من فرع المعلومات وصولاً الى الوزراء المختصين والى الرئيس الذي يطالبه عون بلعب دور في منع تجاوز القانون في طريقة توقيف كرم والملابسات التي احاطت بملفه. واضافت ان عون بات يتجه اكثر فأكثر وخصوصاً بعد التواصل مع وكلاء كرم الى الاعتقاد بأن ملفه لا تنطبق عليه معايير التعامل مع العدو، متسائلة لماذا الى اليوم يرفض فرع المعلومات تسليم وكلاء كرم «الصورة المزعومة» التي التقطت له في فرنسا وهو يجتمع مع اسرائيليين».
وعلمت «الراي» من مصادر موثوقة ان «الصورة» المشار اليها كانت وراء اعتراف العميد كرم في «الساعة الاولى» من التحقيق معه بعد توقيفه، بعلاقته مع اسرائيل، اذ لم يكن امام القائد السابق لجهاز مكافحة التجسس والارهاب اي فرصة للتنصل من تلك العلاقة بعد مواجهته بصورة تجمعه بالاسرائيليين في باريس، وعلى عكس عمليات توقيف الاخرين التي غالباً ما كانت تستند الى «الصوت» عبر رصد الاتصالات مع مشغليهم.
واللافت من خلال اداء عون والضغوط التي يمارسها على فرع المعلومات والوزراء المعنيين، محاولته كشف سر هذه «الصورة»، خصوصاً في ظل ايحاءات مصدرها المعارضة السابقة (قوى 8 مارس) بان «الموساد» بدأ بـ «بيع عملائه» لاعتبارات سياسية داخلية، وكأن المقصود بذلك القول ان انفضاح امر العميد كرم كان الهدف منه احراج «حزب الله» في علاقته مع حليفه «الاستراتيجي» العماد عون.
ولم ير النائب عن «التيار الحر» نبيل نقولا حرجاً في القول «اننا لسنا ملتزمين التهدئة اذا كانت تلك التهدئة تعني الصمت عن اوجاع الناس». وقال لـ «الراي»: «ما قاله العماد عون صرخة في وجه كل المسؤولين الغارقين في السجالات»، متسائلاً: «لماذا لا يرون في السجالات بينهم خرقاً للتهدئة، ولا يرون إلا في كلام العماد عون مثل هذا الخرق»، لافتاً الى ان «العماد عون يصرخ في وجه كل الخروق، وهو خط احمر، وسنرد على كل من يتعرض له سياسياً بالسياسة او بالمثل».
اما نائب رئيس الحكومة السابق، القيادي في المعارضة في «التيار الحر» اللواء عصام ابو جمرا فرأى في اداء عون هروباً الى الامام. وقال لـ «الراي» ان التهجم على رئيس الحكومة «على الهواء» لا يعيد للعماد عون ما خسره من شعبيته، والنشاذ في المواقف والانحراف عن المبادئ ما هي الا محاولة الهروب من ازماته الداخلية والسياسية والحزبية عبر الصراخ، متسائلاً: «لماذا وبعد زوال الموانع الامنية لا يحضر العماد عون جلسات البرلمان لتقويم الاعوجاج وتصحيح القوانين قبل صدورها ومحاسبة الوزراء بدل التشهير بهم؟».
ووسط «الهجوم المباغت» لعون، بدا ان التهدئة على خط قريطم (حيث دارة الحريري) - حارة حريك (حيث مقر الامين العام لـ«حزب الله») صامدة بفعل «المقويات» السعودية - السورية لـ«هدنة رمضان» (أرستها القمة الثلاثية في بيروت) التي دخل على خط ضخّها الرئيس السوري بشار الأسد ومستشار الملك السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله، وتولى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط تعميم مفاعيلها في الداخل، وهو ما تُرجم في اتصال المعاون السياسي للسيد نصر الله الحاج حسين خليل بالرئيس الحريري الذي اعلن بدء مرحلة «الحوار الهادىء» بعد «حوار السكاكين». وعاود الحريري مساء الاحد التشديد على هذا المنحى، وقال في افطار اقامه في قريطم لفاعليات شمالية وحضره رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «منذ بداية هذا الشهر الفضيل ونحن ندعو الى الاقتداء بالكلمة الطيبة وكذلك الى التهدئة لان البلد ليس في حاجة الى مزيد من الاحتقان». واضاف: «علينا ان نعرف كيف نعيش جميعاً في كنف الدولة وان نلتزم دستورنا، دستور الطائف الذي حدد المناصفة»، مشدداً على ان حكومته «تضع نصب اعينها اولويات الناس».
ولم تكن مساعي التهدئة غائبة عن اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة وجنبلاط ليل الأحد في «بيت الوسط» في حضور وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي العائد من زيارة لدمشق التي يرتقب ان يزورها رئيس «اللقاء الديموقراطي» قريباً للقاء الرئيس الأسد.
وأعرب جنبلاط عن ارتياحه للاتصال الذي تم بين الحريري والحاج حسين خليل وما تخلله من اتفاق على التهدئة، وقال: «الحمد لله أنهم اتفقوا على التهدئة. هذا هو الحد الادنى المطلوب، والحاجة الكبرى هي إلى ترسيخ التهدئة سياسيا أكثر، والحؤول دون تكرار ما حصل، لعل ذلك يؤدي إلى تراجع التوتر الموجود».
وعن الدور الذي قام به، قال: «لا يهمني أي دور، أنا همي النتيجة التي تؤدي إلى التقاء الجميع، وأنا كنت وما زلت أدعو ليس الى الخطاب الهادئ فقط، لا بل الى التلاقي الدائم، وإلى حل الأمور بالحوار العقلاني».
ولاقى وزير «حزب الله» (للزراعة) حسين الحاج حسن «الاتجاه التبريدي» اذ اعلن خلال حفل افطار في بعلبك «نحن متجهون الى تهدئة بعد اسبوعين من التوتر السياسي، ونحن ملتزمون اصلا بالتهدئة، ولم نرد الا ردا على حملة سياسية تحريضية و«حزب الله»ولا مرة هو البادىء بالتوتير السياسي».
واكد ضرورة «معالجة قضية شهود الزور ومعرفة حقيقة من موّلهم ومن حماهم ويحميهم، وهذه القضية لم تفتح حتى يتم اغلاقها بلا نتيجة، وليس من اجل الاستهلاك السياسي او لاجل التبادلات السياسية التقليدية، هذه القضية هي بحجم معرفة حقيقة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وعلى وقع هذا المناخ التهْدوي، حوّل العماد عون مناسبة الاحتفال بعيد شفيعه (مار مخايل) في منطقة نابيه (المتن) التي زارها الأحد، منصّة لهجوم «ناري» متعدد الاتجاه، تركّز على رئيس الجمهورية ووزرائه (للداخلية والدفاع)، ولم يوفّر رئيس الحكومة وفريقه الوزاري، في معرض حملته على شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي وضعها في خانة «أجهزة أمنية غير شرعية تقوم بخطف الناس»، وهو ما اعتُبر «انتقاماً» سياسياً» متأخراً على خلفية توقيف «المعلومات» العميد كرم بشبهة العمالة لاسرائيل.
وانطلق عون من عنوان المطالبة «بلبنان منزوع السلاح»، وقال: «يريدون لبنان منزوعاً من كلّ شيء، ورافعاً يديه، وايضاً رجليْه (...) نعم لبنان منزوع بسياسييه وبادارته وبصحافته وبكل شيء الا من السلاح، فليس السلاح هو الذي يقتل () ما يقتل هو ارادة القتل».
ورأى ان الحكومة «تقوم باجراءات وقرارات مخالفة للقانون، وأرجو الا نضطر الى الخروج على آداب السلوك عند مخاطبتنا للوزراء في المرة المقبلة». وهاجم شعبة المعلومات قائلاً: «منذ مدة ونحن نلفت نظر الحكومة إلى أنها تتخذ إجراءات مخالفة للقانون وكأنهم لا يسمعون، هذه المرة سنصمّ آذانهم ليسمعوا. أجهزة أمنية غير شرعية تخطف أناسا لشهور، كي تغطي عدم شرعيتها، وأعني شعبة المعلومات، فرع غير شرعي لا قانون له بات أمرا واقعا بأمر من؟ مَن هو الاله الذي يأمر في لبنان كي نكفر به وبمن جاء به واعطاه حق الامر؟هذا الفرع يبث الاشاعات باسم الأشخاص، هو مسؤول أمام مَن، إذا قلنا إنه تابع لقوى الامن نقول وزير الداخلية (زياد بارود) الذي لفتنا له نظره. نقول له هو نائم رغم أنه صديق، واين هو وزير العدل (ابرهيم نجار) وهو المسؤول عن سرية التحقيق فيما كل يوم نسمع اشاعات، أو وزير الإعلام (طارق متري) الذي يسهر على تسيير الاشاعات، أو وزير الدفاع (الياس المر) الذي لا يتحرك إلا عندما تطاله مسألة شخصيا، وزراء ماذا يفعلون، نائمون؟ نريد أن نعرف ماذا يفعلون وماذا ينتظرون ليستقيلوا؟ أين الأموال التي صرفت، أين قطع الحساب، مديرية المحاسبة ووزارة المال ورئيس الحكومة ماذا يفعلون؟ حتى رئيس الجمهورية وهو من اقسم على الدستور والمحافظة عليه ما الذي يقوم به غير البكاء (...) أين أموال الدولة؟ أين رئيس الجمهورية؟ ماذا يفعل، يجب أن نرى من اليوم وصاعدا إقالات واستقالات؟».
وتحت وطأة دويّ «الكلام الكبير» لعون، خرج سليمان عن صمته وردّ على «الجنرال» من دون تسميته اذ دعا «كل من يتعاطى الشأن العام أو السياسي وأتيح له منبر إعلامي أن يبتعد عن كيل الاتهام وإلقاء اللوم على الآخرين والتعالي عن الأنانية والمصلحة الخاصة في النظر إلى الأمور، واعتماد الخطاب المتزن والهادئ والبنّاء والاقتراحات المفيدة»، لافتًا إلى أن «السلبية وإحباط الناس والبكاء على الاطلال لا تنفع ولا تبني وطناً»، وقال: «صعوبة الأوضاع التي يمرّ بها لبنان تتطلب الترفع والتحلي بروح المسؤولية والابتعاد عن المهاترات والعمل على معالجة الأوضاع بهدوء وجدية».
ولفت رئيس الجمهورية امام زواره إلى أن «حساسية الوضع اللبناني خصوصاً في المرحلة الحالية لا تتحمل المجازفات والإثارة، أما المحاسبة والمساءلة فهي ضرورية ولكن علينا دائماً البدء بأنفسنا واللجوء الى الطرق الدستوريّة والتزام آداب السلوك في المخاطبة».
وكان نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر رد على عون واتهمه في بيان له بانه «يتصرف لتدمير الموقع المسيحي الاول في لبنان ونسف منطق الدولة».
اما بارود، واذ قال متهكماً على اتهامه بالنوم «ربما كان ذلك بسبب انقطاع الكهرباء»، في إشارة إلى التدهور الحاصل في قطاع الطاقة في ظل تولي الوزير جبران باسيل الوزارة، ابدى استغرابه الشديد لما صدر عن زعيم «التيار الحر»، موضحاً انه لا يتحمل وحده عبء أزمة قوى الأمن الداخلي المزمنة والتي توارثها الجميع منذ 2005 على الأقل وفرع المعلومات في صلبها.
وفي موضوع كرم، قال بارود إن القضية تسير في سياق قضائي، «مثلها مثل تفكيك سائر شبكات التجسّس، وكل الإجراءات كانت تحصل بإشراف النيابة العامة التمييزية وبإشارة منها، وهي التي من المفترض أن يوجّه إليها السؤال ولماذا كلّفت قوى الأمن الداخلي بالتحقيق».
بدوره أشار وزير العدل (من حصة «القوات اللبنانية») إلى أن «اتهامات النائب ميشال عون لوزارة العدل تدور حول التسريبات الصحافية، وهو يعلم جيداً، كونه كان قائداً للجيش، أن وزارة العدل لا شأن لها في التسريبات».
كما ردّ وزير الاعلام في تصريح له على كلام زعيم «التيار الحر»، فقال: «في زمن الحاجة المتزايدة إلى الكلمة الطيبة والحوار العقلاني، نرى الانفعال واثارة الانفعال يأخذان الجنرال عون إلى افتعال معركة ضد رئيس الجمهورية والحكومة، متوسلا التهجم والتهكم. وعلى جاري العادة يطلق الأحكام يمنة ويسرة، وكأن تردادها يوجد لها أسسا لا وجود لها».
وأكد وزير الدولة عدنان السيد حسين (من فريق رئيس الجمهورية) رداً على عون «الموضوع ليس موضوع بكاء إنما كيفية حماية البلد وتخفيف آلام الناس وتحقيق مضمون البيان الوزاري (...) ونرجو ان يكون خطاب العماد عون في حدود الانفعال وأن يشارك الجميع في بناء الدولة من دون شخصانيّة».
وانتقد النائب رياض رحال (من تكتل الحريري) العماد عون بعنف واتهمه بانه يقود «مسيرة انقلابية تنطلق من فوبيا السلطة، ومن منطق السعي للاستيلاء على السلطة».
في موازاة ذلك، حيا الوزير السابق وئام وهاب المواقف الأخيرة الصادرة عن رئيس الحكومة، واصفاً اياها بالجريئة، معتبراً «ان الرئيس الحريري يتمتع بجرأة أدبية كبيرة وجرأة بالاعتراف بالخطأ»، لكنه تدارك: «نتمنى ألا يقول لنا سعد الحريري بعد خمس سنوات مقبلة، اننا اخطأنا في حق «حزب الله»، كما فعل الآن مع سورية».
وكرر وهاب هجومه على المحكمة الدولية، متهماً إياها بأنها «محكمة إسرائيلية والقرار الظني إسرائيلي». وقال: «اتكلم باسم المعارضة، المعركة على المحكمة مستمرة حتى اسقاطها () وكي لا نكذب على الناس، المحكمة لم تخرج بعد من ايدينا، فيجب حلها وانقاذ البلد لأنه الأهم». واعرب عن اعتقاده أنه « بعد سنة سيتغير كل شيء في لبنان، وسيتفاهم الاميركيون والسوريون، وسيُلزّم لبنان حكماً لسورية».
وتناول ما أدلى به النائب عون فقال ان «الجنرال» لديه الحق في وجهة نظره، من أنه اذا لم نسقط الحكومة فنسقط في فخ المحكمة الدولية».
 
 
 
 


المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,365,103

عدد الزوار: 6,946,822

المتواجدون الآن: 72