أخبار لبنان..أموال "حزب الله" ليست كلها من إيران.. المخدرات والتبييض وغيرهما.. لا حرب ولا ترسيم حدود بين لبنان وإسرائيل!..مخاوف من رئيسٍ للبنان... «على الساخن».. وساطات مع حزب الله لمنع الانفجار وتقدّم ينتظر الحسم خلال أيام | «قانا مقابل كاريش» و«كل الحقول مقابل كل الحقول».. معركة «مواصفات الرئيس» تحتدم بين جعجع وباسيل..علاقة «التقدمي» بـ«القوات» تمر بفتور.. لكن لا قطيعة..

تاريخ الإضافة الأربعاء 17 آب 2022 - 4:59 ص    عدد الزيارات 1081    التعليقات 0    القسم محلية

        


أموال "حزب الله" ليست كلها من إيران... المخدرات والتبييض وغيرهما...

المصدر... النهار العربي- حسين الحاج حسن... أثبتت التجارب التاريخية عموماً، والحديثة منها على وجه التحديد، المرتبطة بنشأة تنظيمات سياسية، ذات أهداف ومساعٍ اجتماعية، فكرية، قومية، دينية، وعقائدية، أن نجاحها في الاستمرار والبقاء متعلق بشكل جذري بما تقدمه من مساعدات اجتماعية، خيرية وإنسانية، والمناداة بحقوق الشعوب والطبقات الكادحة والمهمشة، كما ورفع راية منع الظلم والاستغلال. الأمثلة على ذلك عديدة ولا تنحصر بحقبة واحدة من التاريخ، منها ما أسسه الفكر الشيوعي، الى حركة "نمور التاميل"، الى الحركات الانفصالية، اليسارية، والمناهضة للرأسمالية والنظام العالمي في عدد من الدول. إنما يبقى تنظيم "حزب الله اللبناني" المثال الأبرز والأنجح في كيفية استخدامه شعارات وأهدافاً، تبدو في الظاهر ذات نوايا حسنة، نحو خدمة المجتمع ومساعدة المحتاجين، أو المناداة بتحسين ظروف الأقليات المهمشة. وقد عمل "حزب الله" ولا يزال منذ التأسيس على تطوير برنامج العمل الاجتماعي ضمن برامج عديدة وفي مناطق مختلفة من لبنان، تفوّقت الى حد كبير على كل البرامج الاجتماعية والخيرية التي قامت بها الحكومات اللبنانية المتعاقبة. ورغم فعاليته، فإن الحفاظ على هذا الحيّز من العمل الاجتماعي لدى "حزب الله" يتطلّب تخصيص موازنات سنوية وأموالاً طائلة باستمرار، وتشير التقديرات في هذا السياق الى أن الخدمات الاجتماعية المقدّمة تشكّل نحو 50 في المئة من موازنة الحزب السنوية. في أحد خطاباته يصف نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الغرض والهدف الأساسي من الخدمات الاجتماعية بالتالي:

"أولى حزب الله اهتماماً خاصاً للعمل الاجتماعي، ولم يتم إهمال جانب واحد من جوانب مساعدة الفقراء حيث عمل الحزب على تحقيق المسؤولية الاجتماعية المشتركة وتلبية الاحتياجات الملحة وإدخال البرامج المفيدة. كان هذا العمل يعتبر ببساطة واجباً للحزب، وساعدت الجهود المركّزة من جمع الأموال وإتاحة موارد الخدمة الاجتماعية في تحقيق هذه الأهداف. كما وعمل الحزب بكل ما في وسعه متعاوناً مع المؤسسات الرسمية للاستجابة لاحتياجات المجتمع. بالعودة الى التاريخ، كانت المنظمات الإرهابية تعمل على استخدام قنوات غير مشروعة أو سرية لجمع الأموال وتحويلها خدمةً لمشاريعها ولتمويل أهدافها، ما يجعل العملية معقّدة كما ومحفوفة بالمخاطر. ومع ذلك، فقد استطاع حزب الله" منذ التأسيس جني الأموال الطائلة من خلال تطوير أي مسعى ربحي، داخلي أو عالمي. كانت البنية الأساسية لعمل الحزب في هذا المجال تقوم على ثلاثة أفرع مترابطة وقوية ساهمت في تكوينه وضمان استمراريته، وهي الجناح السياسي، الجناح العسكري/ القتالي والجناح الاجتماعي. وبعكس ما يعتقد البعض، فإن الجهود التي بذلها الحزب على الشق الاجتماعي كانت وما زالت الأولية من أجل الحفاظ على بيئته واستمالة تعاطف الجمهور والرأي العام حوله. هذه الرؤية وبنية العمل، قام حزب الله" باستنساخها وتطويرها بحسب نموذج عمل الحركات التمردية/ الإرهابية مثل حركتي ماو تسي تونغ (Mao Zedong) وتشي غيفارا. ولمن لا يعرف، ماو تسي تونغ هو المؤسس لدولة الصين الشعبية ومن القادة الشيوعيين الأوائل بعيد منتضف القرن الماضي. تنعكس مراحل ماو الثلاث من حرب العصابات في الفروع الثلاثة التي بناها حزب الله". ففي المرحلة الأولى من النموذج، وهي الأكثر أهمية، يعمل التنظيم على بناء قاعدة دعم أيديولوجي شعبية أو كما هو الحال في نموذج "حزب الله" من خلال قسم الخدمة الاجتماعية. المرحلة الثانية تكون عبر الاشتباك والانخراط في حرب عصابات تحت عناوين مقاومة الظالم، وزيادة حجم خبرة العسكر استعداداً للمرحلة النهائية، ويشغل الجناح العسكري لـحزب الله" هذا الدور. المرحلة الثالثة والأخيرة تكون عبر تنفيذ حملة عسكرية وسياسية تقليدية تهدف الى السيطرة الكاملة على كل مفاصل السلطة والحكم، يحقق حزب الله" ذلك الهدف عبر جناحه السياسي. إن أيديولوجيات ماو وحزب الله" في ما يتعلق بالبنية التنظيمية متشابهة إلى حد كبير، اذ تميزت "فترة تأسيس" الحزب بإقامة قاعدة دعم مناسبة وحشد عسكري لمقاومة الوجود الإسرائيلي في لبنان. يصف ماو أهمية القواعد الداعمة الشعبية في كتاباته العسكرية بالتالي: من دون مثل هذه القواعد الإستراتيجية، لن يكون هناك ما نعتمد عليه في تنفيذ مهامنا الأساسية أو تحقيق هدف الحرب، فمن سمات حرب العصابات وراء خطوط العدو أنها تخاض من دون خلفية، لأن القوات العسكرية منفصلة عن العمق العام للبلاد. ومع ذلك فإن حرب العصابات لا يمكن أن تستمر طويلاً أو تنمو من دون قاعدة شعبية أساسية. من أجل تأمين استمرارية تدفّق الأموال اللازمة للحفاظ على الخدمات الاجتماعية، لم يوّفر حزب الله" جهداً إلا وعمل عليه من قبول تجارة المخدرات أو تبريرها، الى الإتجار بالبشر والتهريب عبر الحدود وعمليات الابتزاز على غرار المافيا أو أي نشاط غير قانوني آخر قد يؤمن له ربحاً. عملياً، يعتمد حزب الله" على أربعة مصادر أساسية لتمويل مشاريعه الى جانب الموازنة السنوية المخصصة له من النظام الحاكم في إيران وهي: الدعم الحاصل عليه من اللبنانيين المغتربين، الأنشطة غير القانونية العابرة للقارات، الأموال التي يحصلّها عبر ما يسمى فريضة الزكاة، وأخيراً أموال المنظمات الخيرية. وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المغتربين اللبنانيين كانوا ولا يزالون أكبر مصدر تمويل لـحزب الله" الى جانب النظام في إيران. ففي عام 2003 على سبيل المثال، أدى تحطم طائرة مدنية غادرت كوتونو في طريقها إلى بيروت، الى مقتل عدد من الأشخاص الداعمين للحزب، كانوا يحملون على متن رحلتهم ما يقدر بمليوني دولار نقداً، وهو ما كان يعتبر مساهمة منتظمة من المغتربين الذين يعيشون في غرب أفريقيا. على صعيد آخر، يشكل النشاط الإجرامي مصدر دخلٍ رئيسيٍاً آخر للحزب، ومن الأمثلة على ذلك الأنشطة غير القانونية الأساسية التي تشمل الاتجار بالمخدرات، انتهاك حقوق النشر والاشتراك بعمليات التهريب العالمية، كذلك فإن الحزب قد ينخرط في أي مسعى غير قانوني يدرّ عليه ربحاً من تهريب السجائر بين الولايات الى سرقة وإعادة بيع حليب الأطفال. ولا تقتصر نشاطات حزب الله" الإجرامية على ما سبق ذكره، فالتنظيم أيضاً عمل على فتح شركات وهمية في مناطق التجارة الحرة في كل أنحاء أميركا الجنوبية بما في ذلك كولومبيا وتشيلي. فارتبط اسم أنصاره خلال السنوات المنصرمة بأنشطة مثل تهريب المخدرات في فنزويلا، كولومبيا والأورغواي، حيث تقدر الأرباح السنوية في تلك المناطق بما يتراوح ما بين 200 الى 500 مليون دولار. الى جانب أميركا الجنوبية، يقوم أنصار الحزب بتنفيذ نشاطاتهم في دول غرب أفريقيا، لما تتمتع به مناطقها من مساحات شاسعة من الأراضي غير الخاضعة للحكم وعدم الاستقرار السياسي والمستوى المرتفع من الفساد والحد الأدنى من إنفاذ القانون. وتشير التقارير الى أن حزب الله" جمع ملايين الدولارات من خلال تجارة الألماس غير المشروعة على سبيل المثال، وتتركز تلك النشاطات في دول مثل سيراليون، ليبيريا، والكونغو. تدرّ فريضة الزكاة - وهي المصدر الثالث من التمويل - مبالغ كبيرة على الحزب ومعظمها يأتي من السكان المحليين او المغتربين، وهم من أنصار حزب الله الشيعة" الذين يلتزمون التبرّع بنسبة 2.5 في المئة من صافي ثروتهم للأعمال الخيرية تنفيذاً لفريضة دينية موجبة عليهم. اما المصدر الرابع والأخير من التمويل الذي يعتمده حزب الله" أيضاً بشكل أساسي ومتسمر فهو الجمعيات الخيرية التي تورد للحزب الملايين من الدولارات، وتوفر مستوى كبيراً من الشرعية والتستر على أنشطته الفعلية. فمنذ انطلاقة الحزب، تم إنشاء العديد من المنظمات كما تم احتواء منظمات أخرى عبر خداع المانحين في ما يتعلق بالنوايا الحقيقية لتلك المنظمات. عرف العديد من المنظمات الدولية التي قامت بتقديم الدعم المالي لـحزب الله"، كما وضع عدد آخر منها على لوائح العقوبات، ومنها على سبيل المثال في الولايات المتحدة، منظمة "دعم المقاومة الإسلامية"، "مؤسسة علوي الخيرية"، "منظمة الدعم التربوي"، "منظمة النوايا الحسنة الخيرية"، و"مؤسسة الشهيد". كذلك جمع "حزب الله" الأموال في أوروبا من خلال منظمات تحت اسم "لجنة الرعاية اللبنانية"، مؤسسة HELP، وجمعية الأبرار. تبقى الحلقة الأصعب في عملية تمويل نشاطات حزب الله" هي في طريقة نقله الأموال وتحويلها دولياً وإقليمياً من دون أي تعقب او مراقبة، لذا عمد الحزب الى استخدام ثلاث طرق أساسية للتحويل وهي الصيرفة الإسلامية، نظام التحويل غير الرسمي للقيمة أو الحوالة، وغسيل الأموال العابر للقارات. وعادة ما يمنح غسيل الأموال "حزب الله" الوسيلة الأهم لنقل مبالغ كبيرة من دون أن يتم اكتشافها أو معرفة طريقة كسب المال، فينشئ أنصار الحزب شركات وهمية وحسابات عالمية متعددة، يستغلون بها منظمات غير حكومية (NGO) أو خيرية لنقل الأموال وتبييضها. بعد عملية جمع الأموال ونقلها الى لبنان، يتم توزيعها عبر الوحدة المالية وبتوجيه صارم من مجلس الشورى للحزب الذي يتمتع بالسيطرة الكاملة على عملية توزيع الأموال وإدارتها. خلاصة القول، يبدو أن هدف إيران الاستراتيجي المتمثل في إقامة دولة إسلامية في لبنان هو أمرٌ قابل للتحقيق ولو بكلفة باهظة، ولكنه يبقى فعالاً ومنتجاً. كما يمكن القول إن نموذج حزب الله" كتنظيم لا يمكن تصديره كما هو بسبب الظروف الفريدة التي ساهمت في نشأته ويصعب تكرارها، ومع ذلك، فإن المستفيدين الأساسيين من النموذج يتبعون جميعاً نمطاً مشابهاً يوازن بين دعم السكان المحليين تليه حرب العصابات لتنتهي بثورة سياسية.

مصادر تؤكد لـ «الراي» أنّ تل أبيب ستوقف التنقيب في «كاريش» لكي لا تستفز «حزب الله»

لا حرب ولا ترسيم حدود بين لبنان وإسرائيل!

إسرائيل ستعيد سفينة «إنرجين باور» إلى اليونان لسحب فتيل التفجير

الراي... | بقلم - إيليا ج. مغناير |

- الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستتحمّل مسؤولية الترسيم من عدمه

علمت «الراي» من مصادر معنية، أن «إسرائيل لن ترسم أي حدود بحرية مع لبنان في المدى القريب، أقله إلى حين تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة يائير لابيد لتتحمل مسؤولية الترسيم من عدمه». وقالت المصادر، «إن إسرائيل ستوقف التنقيب في حقل كاريش ومحيطه لكي لا تستفز حزب الله، الذي أعطى مهلة لغاية منتصف سبتمبر المقبل قبل إعلان الحرب تحت عنوان - الجميع يُنقب أو لا أحد - وتالياً تعتقد إسرائيل أنها تنزع فتيل التفجير ومن دون ان ترسم الحدود بالتوافق مع الإدارة الأميركية». ورأت أن «أميركا لا تريد للبنان أن ينهض اقتصاده في الوقت الراهن، ما دام حزب الله قوياً وما دامت الحكومة والمجلس النيابي الجديد، غير قادرين على إضعافه، وتالياً سيبقى مصير لبنان مرتبطاً بمصير سورية وتبقى العقوبات غير المباشرة فعالة في إرهاق اقتصاد الدولتين». وأضافت المصادر أن «من غير المقرر تغيير الواقع اللبناني الحالي وإعادة عجلة الاقتصاد إلى ما كانت عليه سابقاً، إذ سيتواصل منع تدفق المساعدات العربية والأجنبية، ومحاولة إبقاء اللاجئين السوريين ليستمر العبء على الدولة. ولهذا فان من غير المقبول أن يسمح للبنان بدء التنقيب واستلاف الأموال من المؤسسات الدولية على خلفية ما سيجنيه من ثروته النفطية والغازية». وأكدت المصادر أن «إسرائيل ستعيد سفينة إنرجين باور، إلى اليونان لسحب فتيل التفجير وإظهار تجاوب مع المطلب اللبناني بالتوقف عن استخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها والقريبة منها أيضاً». وثمة من يعتقد أن واشنطن تعتمد على حلفائها ونفوذها في لبنان، لمنع عودة التعافي الاقتصادي والمالي، خصوصاً أن لدى أثريائه وبعض المسؤولين فيه، حسابات ضخمة في المصارف الأميركية والأوروبية. وتشكل خشية هؤلاء من تعرضهم للعقوبات ومن مصادرة أو تعرض حساباتهم للتجميد، سبباً كافياً لمنعهم من قبول هبات إيرانية أو مشاريع روسية أو صينية لإعادة بناء البنى التحتية اللبنانية، وتالياً فإن الولايات المتحدة لا تمتلك سياسة جديدة تملي إعادة لبنان إلى دائرة الاهتمام والانتعاش، بل تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه منذ العام 2020 ودفعه نحو الأسوأ، لأن ذلك ينسجم مع سياستها في سورية ومصلحة حليفتها الأساسية، إسرائيل. ومن غير المتوقع أن تعطي إسرائيل وأميركا موقعاً متقدماً لـ«حزب الله» بالرضوخ للتهديد الذي أطلقه أمينه العام السيد حسن نصرالله، والذي، إذا ما استجابت تحت وطأته، سيصبح لدى الحزب شعبية أكبر وموقع أهم في لبنان والشرق الأوسط، وتالياً فان الذهاب إلى حرب مكلفة، ليست هي الحل المثالي، بل تجميد ملف التنقيب للجميع يبدو أفضل الحلول لأعداء الحزب، ما سيدفع لبنان إلى العودة للمربع الأول من دون تحقيق أي مكتسبات. وإزاء ذلك، من المتوقع أن يسجل «حزب الله» انتصاراً بأنه منع إسرائيل من التنقيب وفرض معادلة جديدة «التنقيب للجميع أو لا أحد». وستخرج إسرائيل أيضاً غير خاسرة، لأنها تجنبت الحرب وخسارة سياسية لحكومة جديدة من الممكن أن يقودها وزير الدفاع بيني غانتس، بدلاً من إعطاء مسببات لعودة بنيامين نتنياهو، الذي لا يريده الطاقم السياسي الموجود في السلطة اليوم، ولا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تعتبر رئيس الحكومة السابق، الحليف المدلل للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ولن تجد إسرائيل صعوبة في طلب تعويضات مالية من أميركا، التي لطالما كانت سخية بدعمها اقتصادياً وعسكرياً. ويعتقد تحالف واشنطن - تل أبيب، أنه يستطيع بأخذه قرار تجميد التنقيب، الخروج بأقل أضرار ممكنة وتحقيق أهداف إستراتيجية بمنع عودة التعافي إلى لبنان ما دام «حزب الله» قوياً ويزداد قوة وشعبية.

طائرة لبنانية «خرجت عن الموجة» تستنفر مقاتلات «الناتو» في أجواء اليونان

مخاوف من رئيسٍ للبنان... «على الساخن»

«إف - 16» تُلاحق الطائرة اللبنانية

الراي.... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

أسبوعان يفصلان لبنان عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، وهو الاستحقاق الذي بدأ يحتلّ الحيّزَ الأوسعَ والأوحدَ من الاهتمام السياسي وسط تحميةٍ للاتصالات الداخلية، لجسّ النبض أو محاولة إرساء «مناطق حظر» على مرشح أو آخَر، من دون أن يُنافِسَ تَصاعُد الحمى الرئاسية، ولو على البارد، إلا عصْف الأزمات المعيشية المرشّحة لمزيدٍ من حرْق آخِر الخيوط التي يتعلّق بها الوطن المهشَّم فوق هشيم الانهيار الشامل. ورغم أن لا أجواء تشي بأن حلول الأول من سبتمبر يعني أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدشّن الدعوةَ سريعاً إلى جلسات الانتخاب الذي يملك لوحده «مفتاحها» حتى الأيام العشر الأخيرة الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (21 اكتوبر) إذ يصبح البرلمان بحال انعقاد حُكْمي (حتى حصول الانتخاب)، إلا أن مجرّد حلول الزمن الرئاسي سيكرّس الطيّ الرسمي لكل العناوين السياسية الأخرى وأبرزها تشكيل الحكومة العتيدة التي كانت من «الأضرار الجانبية» للحرب مع كواتم صوت على كرسي بعبدا. وإذ كان بري أعطى في معرض تمهيد الأرضية لتعديل توجُّهه لافتتاح جلسات الانتخاب في الأسبوع الأول من المهلة الدستورية، إشاراتٍ إلى أن فترة الـ 50 يوماً الفاصلة عن تحوُّل البرلمان هيئة ناخبة حُكمياً لا تعني وقف عمله التشريعي ومسار إنجاز القوانين الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي لبلوغ اتفاق نهائي على برنامج التمويل بـ 3 مليارات دولار على 4 سنوات، فإنّ الأكيد أن لبنان سينتقل في شهر الخريف إلى مرحلة مختلفة تماماً ستنطبع بالكمائن الرئاسية وربما «الانتفاضات» السياسية العابرة للاصطفافات، رغم الاقتناع بأن «حزب الله» يبقى الأكثر قدرة على التحكم بمسار هذا الاستحقاق الذي «كيفما أَمْطَرَ فإن خراجه سيكون عنده». وفي ضوء تحرّي الأجواء لدى مختلف الأطراف الرئيسية محلياً، فإن الحِراكُ الذي يزداد داخلياً في الحلبة الرئاسية لا يوحي أن بالإمكان استشراف أفق واضحٍ لانتخاباتٍ لا يزال البعض يشيع حتى أنها قد لا تحمل في 31 اكتوبر نهاية عهد بل تفتتح فوضى شاملة تحوم فوق القصر أو داخله وتعمّ البلادَ القابعة في برميل بارود مالي - اجتماعي، ويمكن أن تكون «من صُنع» الاختناقات المعيشية التي تعتمل «على السكت» كما بصوت عالٍ، أو «موجَّهَة» أو مُنَظَّمة، أو بالحد الأدنى «يُستفاد منها» لتشكل قوةَ الدفعِ نحو «مسار أصلي» خفيّ يحتاج استيلاده إلى العبور في «منطقة نار». ولا تقلّل أوساطٌ مطلعة من الاتصالات التي بدأت وستُستكمل في الفترة المقبلة داخل كل من معسكريْ «حزب الله» – حلفاؤه وخصومه كما على مستوى الحركة الانعطافية التي أطلقها زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه «حزب الله» والتي قد تحمل قراءتها الهادئة استنتاجاتٍ بأنها أقرب إلى «قطع ورقة» سياسية لحظوظ زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية الرئاسية التي يُعتبر رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الكابِح الرقمي و«المسيحي» لها داخل الائتلاف الذي يقوده الحزب. ولكن هذه الأوساط ترى أن من الصعوبة بمكان التقاطُ «طرف الحبْل» الرئاسي الذي لا يمكن عزْله بأي حالٍ عن المشهد الاقليمي ومقتضياته، وإن كانت تقرّ بأن الديناميات الداخلية هذه المرة تبقى الأكثر حضوراً في تحديد مصير الاستحقاق ومساره في ضوء الأريحية الاستراتيجية لـ «حزب الله» بإسقاطاتها المحلية والتي لا يعطّلها توازنٌ سلبي في البرلمان أفرزتْه انتخاباتُ مايو الماضي ولا يُسْقِط أن حارة حريك تبقى الممر الإلزامي الرئاسي ولو اقتضتْ المرونةُ الذهابَ إلى خيارٍ في التوقيت المناسب لا يمكن إلا ان يكون وفق شروط الحزب وينطلق من عندياته ويكون للآخَرين في الداخل والخارج حق الفيتو عليه. في هذا الوقت تتأجّج الاهتراءاتُ المعيشيةُ بالتوازي مع تَعَمُّقِ التشوّهاتِ في صورة لبنان، الدولة والمؤسسات وحتى الشركات، وسط مخاوف من أن يتحوّل الواقع الاجتماعي أحد فتائل تحريك الأرض أو ترْكها «تسخن» لتكون أحد العناصر التي توجّه الاستحقاق الرئاسي وفق الإطار المرسوم وتفرض أمراً واقعاً على الجميع. وفي حين مضى سعر صرف الدولار في تسجيل قفزاتٍ كبيرة في السوق الموازية حيث ناهز أمس 32 ألفاً و400 ليرة، فإن تقديرات سادت بأن المسارَ التصاعدي للعملة الخضراء قد يستمرّ مستفيداً من قرار مصرف لبنان تخفيف النسبة التي يؤمّنها للشركات المستوردة للمحروقات وفق سعر منصة صيرفة (نحو 26300 ليرة) من 85 في المئة إلى 70 في المئة على أن توفّر الشركات الباقي من السوق السوداء، وهو ما تسبب في الساعات الماضية بعودة الطوابير على محطات البنزين وسط عدم وضوح الآلية الجديدة لفتْح الاعتمادات، الأمر الذي يشي بمزيد من موجات التضخّم المفرط «الكاسِر» لِما بقي من قدرة «بقاء» لدى الفئات القليلة «الصامدة» على حافة خط الفقر المدقع. ولم يكن ينقص «سمعة» لبنان المتآكلة والمتهالكة إلا مشهد مقاتلتيْن من طراز «إف - 16» تعترضان في الأجواء اليونانية طائرة لبنانية تابعة لشركة طيران الشرق الاوسط، كانت أقلعت في 10 اغسطس من مدريد في اتجاه بيروت وذلك نتيجة عدم استجابة الطيار لاتصالات الرادارات الأرضية. وضجّ لبنان يوم الاثنين بما ذكره حساب «انتل سكاي» على «تويتر» من ان السلطات اليونانية تأهبت بعد تلقيها إشارة من مركز المراقبة الجوية التابع لحلف الناتو في إسبانيا (CAOC Torrejón)، لاعتراض طائرة مدنية طراز Airbuss A321 على متنها 145 راكباً لا تستجيب للاتصالات. ووفق الحساب (وهو معني برصد حركات الطائرات) فقد كانت هناك محاولات للاتصال بالطائرة، لكن لم يتم تلقي أي رد عبر «الراديو» «الأمر الذي أثار القلق»، فـ «أقلعت مقاتلتان من طراز إف - 16 كانتا في وضع الاستعداد من منطقة سودا الساحلية في اليونان، واقتربتا من الطائرة المدنية تقريباً فوق منطقة أرجوليدا في اليونان أيضاً». ونشر الحساب مقطع فيديو يظهر مقاتلة تقترب من الطائرة المدنية، مشيراً إلى أن الطيار «نسي تحويل الموجات إلى التردد الصحيح لذلك لم يردّ على أي من المكالمات». ولم تجد وزارة النقل والأشغال اللبنانية في بيانٍ أصدرته، إلا أن توضح «أن الطائرة المذكورة، كان يقودها طاقم مؤلّف من قائدي طائرة ومساعد، لديهم كل المؤهلات الفنية المطلوبة للقيام بمهامهم المعتادة، وكانو يتواجدون ثلاثتهم في قمرة القيادة خلال الرحلة». ولفتت إلى «أن الطائرة اللبنانية تواصلت مع سلطات الملاحة الجوية المعنية مرتين عند دخولها الأجواء اليونانية وقد زودت الطائرة بموجات للتواصل كما يحدث كالمعتاد، وبعد فترة وجيزة من دخول الطائرة الأجواء اليونانية، وفي هذه الأثناء اقتربت طائرة من سلاح الجو اليوناني وتواصلت مع الطائرة للاستفسار عن أي طارئ يحدث معها، ولما كان الجواب بالنفي، حيّا قائد المقاتلة اليونانية، الطائرة اللبنانية، التي تابعت مسارها الطبيعي». لكن الوزارة اللبنانية لم تحدد طبيعة «الطارىء» الذي استدعى تحركاً «غير معتاد» لطائرتين حربيتين يونانيتين بناء على إشارة من مركز تابع لـ «الناتو».

وساطات مع حزب الله لمنع الانفجار وتقدّم ينتظر الحسم خلال أيام | «قانا مقابل كاريش» و«كل الحقول مقابل كل الحقول»

الاخبار... ابراهيم الأمين ... دعوا الجماعات اللبنانية التابعة لأميركا والسعودية تدير الأمور على طريقة الزواريب. عندما يكون النقاش متعلقاً بملف له بعده الإقليمي والدولي، لا يبقى لهؤلاء أي دور سوى الانتظار والتفرّج. صحيح أن وليد جنبلاط، مثلاً، يكثر من دورانه، لكنه يتصرف بواقعية شديدة إزاء ملفات حساسة كملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو. فهو، بمعزل عن قناعاته الفعلية، ليس من أنصار المكابرة، ويجد طريقة للتعبير عن الأمر بما يجعله يبدو مسكيناً عبر القول: سنعرف من حزب الله ما الذي يحصل؟..... استعارة موقف جنبلاط ليست انتقاصاً من أحد من بقية القوى اللبنانية، الرسمية منها أو السياسية أو «ما بين بين». لكنها ضرورية حتى لا يُفاجأ أحد إذا ما استفقنا يوماً على مشروع اتفاق أو مشروع حرب مع العدو. أما الأطراف المعنية بالملف فيمكن تحديدها، وفق الأهمية، كالآتي:

في لبنان، هناك موقف المقاومة وموقف الدولة اللبنانية ممثلة بالرؤساء الثلاثة. وفي الخارج، هناك موقف الولايات المتحدة وإسرائيل، وموقف العواصم المعنية بملف الغاز في شرق المتوسط، بما فيها تلك التي تنتظر استخراج الغاز من حقول السواحل الشرقية للمتوسط. في هذه الحال، يمكن التقدير بأنه إلى جانب المفاوضات العلنية عبر الموفد الأميركي عاموس هوكشتين، سيكون هناك كثير من القنوات الخلفية التي يستخدمها كل المفاوضين في العالم، وتشمل سياسيين وديبلوماسيين وخبراء وإعلاميين وغيرهم. وهو ما يمكن تصوّر أنه يحدث في حالة لبنان اليوم، خصوصاً أن العدو الإسرائيلي ينطلق من قاعدة جديدة في التفاوض بعدما دخل حزب الله على الخط بإعلان استعداده لشن حرب واسعة إن لزم الأمر. حتى لحظة الإعلان الرسمي على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، كان الجميع خارج لبنان يتعامل مع هذا الملف بخفّة. واصلت إسرائيل خطواتها التحضيرية للاستخراج من دون اعتبار لرأي أحد، وحوّل الوسيط الأميركي وساطته إلى «كزدورة» بين العواصم وصولاً إلى الشركات المعنية بالعمل. لكن، بعد إعلان نصرالله موقفه، ثم عملية المسيّرات، انقلب المشهد تماماً. بادر الإسرائيليون من تلقاء أنفسهم، وسريعاً، بإبلاغ كل من يهمه الأمر، في المنطقة والعالم، أن تجربتهم مع حزب الله تجعلهم يتصرفون على أساس أنهم أمام تهديد جدي وفعلي وكبير. وسارعت الجهات المعنية في كيان العدو إلى درس المخاطر من النواحي الأمنية والعسكرية والمادية، حيث يدور الحديث عن خسائر لا تقل عن ثلاثين مليار دولار قبل احتساب خسائر عدم الاستخراج. والعدو كان أول من أبلغ الأميركيين بضرورة التصرف بحذر وجدية. وهذا كلام قيل مرات عدة لهوكشتين الذي كان يعتقد أنه يدير الملف على طريقة إدارة السفيرة الأميركية في بيروت للقوى الحليفة لها والجمعيات والمنظمات غير الحكومية التابعة لها، متسلحاً بعناصر الضغط التي يملكها الأميركيون على أركان السلطة بما يمنعهم من إغضابها. لكن السفارة الأميركية في بيروت، كما الأجهزة والجهات المعنية في الولايات المتحدة، تعرف أن الأمر يصبح مختلفاً عندما يتعلق بحزب الله. عملياً، أدرك الجميع أن الوضع بات مختلفاً، وصار البحث ينطلق من القاعدة الرئيسية التي حدّدتها المقاومة: لديكم مهلة شهر، تنتهي قرابة منتصف أيلول، فإما أن تسلموا للبنان بحقوقه كاملة ويسمح للشركات بالعمل، وإما لن يكون هناك تنقيب ولا استخراج ولا حتى منشآت في الجهة المقابلة.

إسرائيل تتعهّد القبول بحقوق لبنان وتأجيل الاستخراج في كاريش مقابل سحب التهديد بالحرب

وبعد جولات عدة لمبعوثين، معلنين وغير معلنين، إلى بيروت وتل أبيب، تطور الموقف في الأسابيع الماضية إلى أن تشكلت صورة جديدة كالآتي:

أولاً، سحب من التداول العرض الإسرائيلي بالمقايضة بين حقل قانا والبلوك 8، كما سُحبت كل الأفكار الأخرى، الإسرائيلية والأميركية والخليجية (الإماراتية)، بإقامة إطار تعاون غير مباشر من خلال اعتماد مبدأ «الحقول المشتركة» أو الشركات التي تعمل في حقول البلدين، أو صندوق العائدات المشترك.

ثانياً، أقر العدو بالخط 23 بعدما انتزعت من لبنان ورقة التفاوض الخاصة بالخط 29، وانتقل البحث في طلب لبنان السيطرة على كامل حقل قانا، وتم رفض الخط المتعرج الذي قدمه هوكشتين، فعاد الإسرائيليون وعرضوا الإقرار بحق لبنان في ملكية كل ما يحويه حقل قانا، لكن مع طلب تأجيل البت بالسيادة على هذه المنطقة. وهناك نقاش مستمر في كيان العدو حول ما إذا كان لهم الحق في جزء من حقل قانا. وهذا النقاش إن استمر، سيضطر أي حكومة في إسرائيل إلى طرح استفتاء عام قبل التنازل عن «الحق السيادي».

ثالثاً، بادر الأميركيون بالعمل على احتواء أي خلافات داخل إسرائيل حول ملف الترسيم، سواء بإبلاغ حكومة يائير لابيد بأن لا حجة لديها لوقف التفاوض. أو من خلال التفاهم مع زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو على إبقاء هذا الملف خارج الاستثمار في الانتخابات النيابية، مع وضعه في أجواء المفاوضات ليلتزم بها في حال تمكّن من الفوز بالانتخابات وعدم الانقلاب عليها.

رابعاً، ثبت لدى المستوى الأمني والعسكري في كيان العدو بأن حزب الله قادر على تدمير كل المنشآت قبالة ساحل فلسطين المحتلة، وأن هناك صعوبات حقيقية في منعه من ذلك، وأن أي رد على عمل يبادر به الحزب قد لا ينتهي بأيام قتالية، بل قد يقود إلى حرب شاملة لا يبدو أن إسرائيل مستعدة لها الآن. وقد لعبت توصية المستويات الأمنية والعسكرية دوراً حاسماً في قرار حكومة لابيد الانخراط في التفاوض بشكل مختلف.

لنمنع الحرب!

عند هذا الحد، صار هاجس الجانبين الأميركي والإسرائيلي ضمان عدم مبادرة حزب الله إلى عمل عسكري يقود إلى حرب شاملة. وهنا، يبدو أن وساطات انطلقت من قبل جهات أو شخصيات تملك قدرة على التواصل غير المباشر مع الجانبين، وتوصل الوسطاء إلى نتيجة أساسية مفادها أن حزب الله لا يريد الحرب للحرب، لكنه مستعد للدخول فيها في حال تجاهل العدو مطالب لبنان. مع تأكيد الحزب أنه ليس معنياً بأي تفاوض حول الملف نفسه، وأن الرؤساء الثلاثة هم المرجعية الرسمية اللبنانية الصالحة للبت في أي اتفاق. وفي الوقت نفسه، التشديد على أن المقاومة لن توافق على ما قد ينتقص من حقوق وسيادة لبنان. وهذا بند جرى حسمه أصلاً بين الرؤساء الثلاثة وحزب الله قبل الشروع في الجولات الأخيرة من المفاوضات.

لكن كيف يمكن تجنب الحرب؟

السؤال الذي طرحه من يمكن وصفهم بالوسطاء كان جوابه بسيطاً للغاية. وهو أنه يجب المضي سريعاً في التفاوض لتكريس الحقوق اللبنانية من خلال اتفاق غير مباشر برعاية الأمم المتحدة. وفي حال حصل ذلك ضمن مهلة زمنية معقولة، فإن الحرب تصبح غير ذات معنى. لكن يبدو من بعض المعطيات أن العدو ليس جاهزاً تماماً لإنجاز الاتفاق الآن، وثمة تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت حكومة لابيد تفضل تأجيل الملف إلى ما بعد الانتخابات. لكنها إن قررت ذلك، ستكون مسؤولة عن أي تدهور أمني أو عسكري يحصل، وفي الحالتين عليها ابتداع المقترحات المقنعة لعدم اندلاع الحرب.

ضمن هذا الإطار، قال الأميركيون والإسرائيليون إنهم مستعدون للمضي في التفاوض. وفي انتظار الوصول إلى اتفاق كامل، فإن ذلك قد يستغرق وقتاً يتجاوز أيلول المقبل. بالتالي، فإن إسرائيل مستعدة لوقف كل الأعمال في حقل «كاريش» حتى حصول الاتفاق، وإنها مستعدة حتى لإزالة المنشآت القائمة حالياً، إضافة إلى موافقتها على منح حقل «قانا» للبنان بما يلبّي الشرط الأساسي الذي اسمه «قانا مقابل كاريش». ويبدو، في هذا السياق، أن المشرفين على شركة «إنيرجيان» اليونانية يدرسون مع حكومة بلادهم السير بخطوات تجعل السفينة بعيدة من الحقل أو خارج المنطقة المتنازع عليها بمسافة واضحة في سياق طمأنة لبنان إلى أنه لن يكون هناك استخراج في مرحلة التفاوض.

مباشرة الشركات العالمية عملها في بقية حقول لبنان شرط لازم لعمل الشركات في الحقول قبالة فلسطين

لكن الجانبين الأميركي والإسرائيلي يعرفان أنه يمكن للعدو أن يوقف العمل في «كاريش» فيما يواصل العمل في الحقول الأخرى، وهو ما لفت إليه الجانب اللبناني مطالباً بضمان السماح للشركات العالمية ببدء العمل في التنقيب أو الاستخراج في الحقول اللبنانية الأخرى، إلى أن يتم حسم ملف الترسيم والذي يخص «كاريش» و«قانا».

عند هذه النقطة، حاول الجانب الإسرائيلي المماطلة لكسب الوقت للقيام بعمليات استخراج لكميات كبيرة من الغاز في الحقول الجنوبية لتلبية حاجات أسواقه الداخلية أو بيع كميات إلى الخارج. لكن الجواب اللبناني جاء أكثر وضوحاً، وتضمّن الآتي:

- إن منع الحرب يقتضي أولاً وقف العمل في حقل «كاريش» بعد الإقرار بحقوق لبنان في حقل «قانا» والخط 23، وأن يصار إلى تنظيم اتفاق كامل في أسرع وقت ممكن.

- إن مباشرة الشركات العالمية العمل في الحقول اللبنانية الأخرى صار شرطاً لازماً لمنح العدو الإذن بالعمل في الحقول الأخرى.

عملياً، صرنا أمام معادلتين لمنع الحرب: «كاريش مقابل قانا» و«العمل في كل الحقول مقابل العمل في كل الحقول».

فرنسا: «توتال» تنتظركم

في هذه الأثناء، كانت الجهات الأوروبية والشركات العالمية تتابع المحادثات عن كثب. وبادرت الحكومة الفرنسية باستطلاع المواقف من جميع الأطراف. وعندما زار هوكشتين بيروت التقى طاقم السفارة الفرنسية بعيداً من الإعلام، وتواصلت السفيرة الفرنسية آن غريو مباشرة مع حزب الله، كما تولت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا إطلاع سفراء أوروبيين آخرين على نتائج الاتصالات. ومع تقدم البحث، والانتقال إلى النقطة التي تخص عمل الشركات العالمية في حقول لبنان، بادر الفرنسيون بالحديث السياسي لأول مرة، بعدما كانوا يكررون لازمة أن «توتال» شركة خاصة تدرس خياراتها من تلقاء نفسها، ولا سلطة للحكومة الفرنسية عليها. واضطر الفرنسيون الذين يظهرون قصوراً كبيراً في التفاوض ولعب الأدوار الجيدة إلى «التواضع» قليلاً وأن يحملوا أجوبة واقعية تظهر الآتي:

أولاً، إن الحكومة الفرنسية ستقف إلى جانب الاتفاق، وستضمن لـ«توتال» التوجه إلى العمل مباشرة في الأراضي اللبنانية.

توتال: مستعدون للعودة مباشرة إلى لبنان إذا حصل اتفاق ومقابل ضمانة أميركية بعدم شمولنا بأي عقوبات

ثانياً، إن هذا الإذن مرهون بأن تتبلغ فرنسا من الولايات المتحدة وإسرائيل والحكومة اللبنانية وحزب الله ضمانات بأنه ليس هناك حرب أو مواجهات عسكرية أو أمنية تهدد مصالح الشركة ومنشآتها والعاملين فيها.

ثالثاً، إنه فور تبلغ الاتفاق ستكون «توتال» مستعدة للعمل في أي حقل تقرره الحكومة اللبنانية وليس فقط في البلوكات الحدودية مع فلسطين المحتلة.

رابعاً، إن الشركة الفرنسية مضطرة لتبلغ إعفاء أميركي واضح من أي عقوبات مفروضة على من يعمل مع لبنان خلافاً للقوانين الأميركية. وتبين أن السبب يعود إلى أن صناديق الائتمان الاجتماعي الأميركي تستثمر أكثر من 30 في المئة من أسهم «توتال»، وهذا يعني أن الشركة تخضع كلياً للقوانين الأميركية (أي شركة يملك فيها أميركيون أكثر من عشرة في المئة وتسجل حصصهم في أميركا تجعل الشركة خاضعة للقوانين الأميركية)، بالتالي فإن الشركة تحتاج إلى إذن رسمي واضح ومكتوب من الولايات المتحدة للمباشرة في أي عمل في لبنان.

في انتظار هوكشتين!

عند هذه النقطة، ينتظر الجميع الجولة الجديدة من المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة مستعينة بجهات دولية وعربية. ومع أن الجانب الإسرائيلي يظهر استعداداً للتنازل. إلا أن التجارب التاريخية تمنع المقاومة من تصديق هذه الأقوال، ولذلك فقد أبلغت من يهمه الأمر تثبيتها لمبدأ التسوية مع الحكومة اللبنانية على أن يصار إلى ترجمته وضمانته أميركياً وأوروبياً خلال وقت سريع، وإلا فإن خيار الحرب سيظل مطروحاً على الطاولة. بناء على ما تقدم، بادر هوكشتين إلى اتصالات مع جهات لبنانية خلال الأيام القليلة الماضية لإبلاغها بأن «كل الأجواء السلبية إنما تصدر من قبل جهات عندكم، ولا علاقة لنا أو للإسرائيليين بها، بل نرى أن هناك تقدماً يتيح التوصل إلى اتفاق». وأضاف: «عندما زرت لبنان أخيراً انتقلت ليلاً عبر الناقورة إلى تل أبيب، لكن كان المسؤولون في إسرائيل منشغلين بالحرب على غزة ولم يتطرق الاجتماع الوزاري المصغر إلى مسألة ترسيم الحدود، وقابلت رئيس الحكومة واتفقنا على الإطار الإيجابي». وختم: «أنا بانتظار موعد مرتقب لي في إسرائيل خلال أيام قليلة وسوف يبنى على أساسه الكثير من الخطوات».

الجميع في الانتظار!

عون يحض القضاة على «الانتفاض لكرامتهم» وملاحقة حاكم «المركزي»

إخلاء سبيل لبناني اقتحم بنكاً للحصول على مدخراته

بيروت: «الشرق الأوسط».....حضّ رئيس الجمهورية ميشال عون القضاة في لبنان على «أن ينتفضوا لكرامتهم وسلطتهم ولا يهابوا ظلم أصحاب النفوذ»، داعياً إياهم إلى أن «يواجهوا كل من يقيّد العدالة» و«التحرر الكامل من أي ترغيب أو ترهيب»، وتحديداً في قضية ملاحقة حاكم مصرف لبنان (المصرف «المركزي») رياض سلامة. وجاءت دعوة الرئيس عون، في كلمة وجّهها إلى الجسم القضائي أمس، قال فيها: «في 9 يونيو (حزيران) الماضي، وبناء على المادة 13 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، حرّك القضاء المختص دعوى الحق العام بحق المدعى عليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركائه والمتدخلين معه بجرائم مالية خطيرة، ويزيد من خطورتها أن المشتبه به الأول بارتكابها هو حاكم مصرف مركزي، وهي تحديداً جرائم الاختلاس والتزوير واستعمال المزور وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وبعدما تم إنجاز كامل التحقيق الذي أظهر الارتكابات والمسؤوليات، وتقديم ورقة طلب، تقضي بإحالة المدعى عليهم من قبل النيابة العامة الاستئنافية في بيروت أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت». وأضاف: «منذ ذلك الحين تقاسم القضاة المعنيون التهرب من المسؤولية، من دون أن يتم الادعاء وفق الأصول القانونية، ما يجعلني، من موقعي ودوري كرئيس الدولة، وبموجب قسمي الدستوري، أطالب القضاء بالتحرر الكامل من أي ترغيب أو ترهيب، وهما جرمان لا يليقان بالسلطة القضائية». وأضاف عون: «أنا أعرف أن القضاء المسيّر أو المأسور يعني في مكان ما أن هناك من يقيده، وقد يكون متضرراً من عدالته، وهو حتماً صاحب نفوذ كي يجد إلى تعطيل سلطة دستورية كالقضاء سبيلاً، ولكنه حتماً يجد أذناً صاغية. من هنا أطلب من القضاء أن يواجه كل من يقيد عدالته في المصرف المركزي، كما في انفجار مرفأ بيروت الذي حلت الذكرى الثانية لآثاره القاتلة والمدمرة في الرابع من الشهر الحالي؛ حيث لا تزال أنفس الضحايا والجرحى وأهاليهم والمتضررين مضطربة، كما هي حال الموقوفين المظلومين وأهاليهم أيضاً». على صعيد آخر، قالت مجموعة قانونية وشقيق رجل كان قد احتجز رهائن في الأسبوع الماضي في بنك ببيروت في محاولة للوصول إلى مدخراته التي جُمدت بعد الانهيار المالي للبلاد في 2019، إن قاضياً أمر بالإفراج عن الرجل، بحسب وكالة «رويترز». ودخل بسام الشيخ حسين (42 عاماً) فرع بنك فدرال اللبناني في حي الحمراء ببيروت، قبيل ظهر يوم الخميس الماضي، وهدّد الموظفين بسلاح ناري، ولم يوافق على المغادرة إلا بعد أن تعهد البنك بمنحه 35 ألف دولار من إجمالي وديعته التي تتجاوز 200 ألف دولار. وقال حينها إنه بحاجة إلى الأموال لدفع قيمة فواتير المستشفى لأحد أقاربه. وقال شقيقه عاطف لـ«رويترز» ومجموعة المراقبة القانونية (ليغال أجندة) إن بسام اعتُقل الخميس بعد الإفراج عن جميع الرهائن الستة، لكن أطلق سراحه عصر أمس (الثلاثاء) دون توجيه أي اتهام إليه. وأضاف عاطف أن أخاه ينال الآن قسطاً من الراحة مع عائلته، مضيفاً أنه لم يتم توجيه أي اتهام له. ولم يرد القاضي على الفور على طلب للتعليق على ملابسات إطلاق سراح بسام الشيخ حسين. وقال فؤاد دبس، المحامي الذي تولى الدفاع عن حسين الأسبوع الماضي، إن البنك وجه إليه اتهامات يوم الجمعة، وأسقطها بحلول أمس (الثلاثاء). وأضاف أنه لا يزال من الممكن أن تجهز النيابة العامة اتهامات أخف له. وأوضح دبس: «نأمل ألا يكون هذا على حساب حصوله على باقي الأموال في حسابه». وقال حسن حلاوي، رئيس الفرع الذي وقع فيه الحادث، إنه ليس لديه تعليق على ما إذا كان يجب أن يتعين توجه اتهامات له، لكنه أكد أنه «لا أحد يقبل ما حدث» في البنك. وأثناء عملية احتجاز الرهائن، تجمع حشد خارج البنك لإبداء الدعم للرجل، وهتفوا: «يسقط حكم البنوك». منذ ذلك الحين، أشاد به كثيرون في البلاد، باعتباره بطلاً وقف في وجه القيود على رأس المال التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بموجب القانون، وتمنح البنوك سلطة تقديرية واسعة لتحديد من الذي يُسمح له بالحصول على أموال ومقدار ما يمكنه الحصول عليه.

علاقة «التقدمي» بـ«القوات» تمر بفتور... لكن لا قطيعة

الموقف من طروحات جعجع لا يتعلق بالرئاسة وإنما بـ«أسلوبه الحاد»

الشرق الاوسط.. بيروت: محمد شقير... (تقرير اخباري)... تسيطر حالة من البرود حالياً على علاقة حزب «القوات اللبنانية» بـالحزب «التقدمي الاشتراكي»، لكنها على الأرجح لن تبلغ مرحلة القطيعة بين حزبين تجمعهما قواسم مشتركة وإن اختلفا حول مقاربتهما لملف الاستحقاق الرئاسي، بحسب ما تقول مصادر مواكبة للعلاقة بين الطرفين. ولا تعود حالة البرود الحالية، بحسب المصادر ذاتها، إلى بدء «التقدمي» حواراً مع «حزب الله»، وإنما إلى البيان الذي أصدرته النائب ستريدا جعجع في ردها على موقف رئيس «التقدمي» وليد جنبلاط الذي رفض تخوين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على خلفية التداعيات المترتبة على ما حصل مع المطران موسى الحاج لدى عودته من فلسطين المحتلة إلى لبنان عبر بوابة الناقورة. وتؤكد المصادر المواكبة، أن الفتور الذي يحاصر علاقة «التقدمي» بـ«القوات» لا يعني بالضرورة أنهما أوشكا على إنجاز أوراق الطلاق بالمفهوم السياسي. وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن التواصل بين الحزبين لم ينقطع وإن كان قد استمر بصورة غير رسمية، وهذا ما حصل ليل أول من أمس؛ إذ سُجّل اتصال من الوزير السابق ملحم رياشي (القوات) بالنائب وائل أبو فاعور (الاشتراكي)، وجاء بعد ساعات على المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس «القوات» سمير جعجع وخصصه لشرح موقفه من انتخابات رئاسة الجمهورية. وتلفت المصادر إلى أن ربط الفتور بين الحزبين بمعاودة الحوار بين «التقدمي» و«حزب الله» ليس في محله، ولن يكون ثمنه الانجرار إلى قطيعة مع «القوات»؛ لأن ما يجمع بينهما من توافق يتراوح بين محلي واستراتيجي حول أبرز القضايا الشائكة التي لا تزال عالقة، أكثر بكثير من التباين في مقاربتهما للاستحقاق الرئاسي. وترى أن التباين بين الحزبين في مقاربتهما لانتخابات رئاسة الجمهورية لن يكون على حساب هدفهما المشترك برفضهما انتخاب رئيس جديد للجمهورية ينتمي إلى قوى «8 آذار» ويدور في فلك «محور الممانعة» الذي تقوده إيران وينوب عنها في بيروت حليفها الأول «حزب الله». وتعتبر المصادر نفسها أن جنبلاط لدى استقباله وفد «حزب الله» كان واضحاً برفضه انتخاب رئيس ينتمي إلى «8 آذار»، وأن المطلوب المجيء برئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد، وإنما على نقيض بالتمام والكمال عن الرئيس الحالي ميشال عون الذي يعتبره جنبلاط مسؤولاً عن انهيار البلد وتدمير علاقاته بالدول العربية وافتعال اشتباكات سياسية متنقلة مع أبرز القوى السياسية الفاعلة بمن فيهم بعض حلفاء «حزب الله»، في إشارة إلى صدامه برئيس المجلس النيابي نبيه بري. وتضيف، أن جنبلاط بمعاودة حواره مع «حزب الله» لا يتطلع إلى عقد صفقة ثنائية معه، وإنما إلى إشعاره بوجود ضرورة لإحداث صدمة سياسية تدفع باتجاه عدم التمديد لعون بانتخاب شبيه له لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من الانهيارات الكارثية. وتؤكد، أن جنبلاط لن يغامر بعلاقاته العربية في مقابل دخوله في صفقة ثنائية مع «حزب الله» أو بتفرّده بموقف من الانتخابات الرئاسية بخلاف المزاج الشعبي بداخل «التقدمي» وامتداداً إلى المزاج العام في البلد، وترى أن لا مبرر لإطلاق الأحكام على النيات ما دام أن الحوار يجري تحت سقف «ربط النزاع وتنظيم الاختلاف». وتكشف، عن أن تواصل «التقدمي» مع الدول العربية لم ينقطع، لكن لا شيء يمنع التواصل مع مكوّن أساسي في البلد يتمثل بـ«حزب الله». وتقول، إن لا اعتراض على الهدف الذي رسمه جعجع بقطع الطريق على إيصال مرشح من «8 آذار» إلى رئاسة الجمهورية، وإنما على العبارات التي استخدمها، خصوصاً لجهة «تخوينه» للنواب أكانوا من المستقلين أو المنتمين إلى القوى التغييرية في البرلمان في حال لم يتناغموا معه في موقفه. وتتابع المصادر نفسها، أنها لا تعترض على ضرورة رفع السقف كمدخل للتفاوض، لكن في منأى عن أسلوب التحدي، والتعاطي بواقعية مع الاستحقاق الرئاسي لأن الأكثريات في البرلمان لم تتوصّل حتى الساعة إلى بلورة موقف موحد و«بالتالي، يتوجب علينا أن نعطيهم الفرصة لتوحيد رؤيتهم ليكون في وسعنا أن نبني على الشيء مقتضاه... وبعدها لكل حادث حديث». وإذ تستبعد المصادر ما أخذ يُروّجه البعض حيال إمكانية الالتقاء بين «القوات» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في شأن الملف الرئاسي من موقع الاختلاف، فإنها تؤكد، في المقابل، أن باسيل يروّج لنفسه كمرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية، وإذا استعصى عليه الأمر فلا مانع لديه من أن يكون هو الممر الإلزامي لانتخاب الرئيس لأنه لم يقتنع حتى الساعة بأنه أصبح خارج السباق إلى الرئاسة. وتعتبر أن توصيف جعجع للوضع المأسوي الذي يتخبّط فيه البلد يشكل نقطة التقاء مع «التقدمي»، وهذا ما يفتح الباب أمام معاودة التواصل بين الحزبين بعد أن يُصار إلى خفض منسوب التوتر الذي كان وراء انقطاعه، من دون أن يصل وبقرار قاطع من الحزبين إلى مرحلة القطيعة. وتقول، إن هناك حاجة إلى التنسيق مع النواب المستقلين وزملائهم في «القوى التغييرية» لقطع الطريق على إيصال مرشح «8 آذار» إلى الرئاسة، وهذا ما يجمع بين «التقدمي» و«القوات» من موقع اختلافهما في مقاربة الملف الرئاسي. لذلك؛ فإن انتخاب الرئيس الجديد سيكون مع مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل موضع اهتمام المجتمع الدولي، ليس بسبب إصراره على إجراء الانتخابات في موعدها فحسب، وإنما لما للتقاطع الدولي والإقليمي من دور في إنضاج الظروف المواتية لمنع إقحام البلد في فراغ قاتل في حال تقرر ترحيلها إلى ما بعد انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس. وفي هذا السياق، تقول مصادر سياسية بارزة، إن الفترة التي تفصل عن بدء الحراك الدولي في سبتمبر المقبل لتهيئة الأجواء أمام تأمين ولادة طبيعية للرئيس العتيد ستشهد تبادل الحملات السياسية التي يراد منها حرق هذا المرشح أو ذاك، مع أن المرشحين لا يزالون يحبسون أنفاسهم ولن يحرّكوا ساكناً قبل مبادرة الدول المعنية بالاستحقاق الرئاسي إلى تشغيل محركاتها باتجاه الأطراف الداخلية ذات التأثير في العملية الانتخابية. واستغربت المصادر السياسية ما كان أشيع بأن سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو وقبل أن تغادر إلى باريس لتمضية إجازتها الصيفية كانت قد استمزجت رأي البطريرك الماروني بشارة الراعي بلائحة تضمنت أسماء 4 مرشحين للرئاسة، وأن الأخير أضاف اسماً خامساً عليها، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن لا صحة لمثل هذه المعلومات أسوة بما أشيع سابقاً عن أن الراعي رفع إلى الفاتيكان لائحة بأسماء أربعة مرشحين. ولفتت إلى أن الراعي لم يتدخّل حتى الساعة في لعبة الأسماء، وأنه باقٍ على موقفه بتحديده مواصفات رئيس الجمهورية. وقالت، إن بكركي ليست في وارد دعوة من يقدّمون أنفسهم على أنهم من المرشحين الأقوياء للقاء يُعقد برعاية الراعي، أو لآخر ثنائي يقتصر على باسيل وجعجع، مشيرة إلى أن الأخير «قال كلمته في خصمه اللدود (باسيل)... ونقطة على السطر». وأكدت المصادر، أن الراعي لن يعيد التجربة بدعوة المرشحين الأقوياء للقاء في بكركي كما فعل في السابق بدعوته الرئيس أمين الجميل وعون وجعجع وسليمان فرنجية، رغم أن ذلك اللقاء جاء بطلب منهم. وقالت، إن نظرية «الرئيس القوي في طائفته» كإحدى مواصفات رئيس الجمهورية «سقطت نهائياً لأن القوي هو من يجمع بين اللبنانيين لا من يفرّقهم، والقادر على أن يكون فوق الانقسامات والاصطفافات السياسية وإلحاق لبنان بمحور معين». وعليه، فإن الحوار يُسهم في إنقاذ البلد، وإن هناك ضرورة، كما تقول المصادر، لتلاقي الجميع في أوقات اشتداد الأزمات، وبالتالي فإن لا مفر من إحياء التواصل بين «القوات» و«التقدّمي» الذي «لن يغرّد وحيداً» في الملف الرئاسي، بحسب ما تؤكد المصادر ذاتها.

معركة «مواصفات الرئيس» تحتدم بين جعجع وباسيل

«التيار» يؤيد لقاء موسعاً للقيادات المسيحية يدعو له البطريرك بشارة الراعي في بكركي وحزب «القوات» لا يرى جدوى له (رويترز)

الشرق الاوسط... بيروت: كارولين عاكوم.... مع بدء احتدام معركة رئاسة الجمهورية والسباق على طرح المواصفات التي يرفعها كل فريق، يبدو الصراع واضحاً بين الخصمين اللدودين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» على هذا الاستحقاق، فيما كان لافتاً طرح رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، لجهة التمثيل الشعبي الذي يجب أن يتمتع به الرئيس المقبل وأن يكون ابن بيئته، في إشارة إلى الطائفة المسيحية. وفيما بدا من كلام باسيل محاولة استبعاد النائب السابق سليمان فرنجية، المعروف على أنه مرشح «حزب الله» الذي لا يملك كتلة نيابية وازنة، واستدراج رئيس «القوات» سمير جعجع للمساومة، جاء رد الأخير برفضه أن «يلدغ من الجحر مرتين» مجدداً الدعوة للمعارضة للاتفاق على مرشح يتحدى باسيل و«حزب الله» واصفاً الرئيس ميشال عون بأنه «أضعف رئيس في تاريخ لبنان». وفيما يبدو مستحيلاً التقارب بين الحزبين المسيحيين اللذين يملكان أكبر كتلتين نيابيتين، أو أن يتم التوافق على أحد رئيسيهما، باسيل وجعجع، يعتبر حزب «القوات» أن أي دعوة، إذا حصلت، من قبل البطريرك بشارة الراعي لجمعهما أو جمع القادة المسيحيين هي دون جدوى في ظل الخلاف الوطني الحالي، فيما يعتبر «التيار» أن مثل هذا اللقاء «أساسي» في التحضير لاستحقاق رئاسة الجمهورية. وترفض مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» القول إن رئيسه حصر المنافسة بنفسه أو حاول استدراج جعجع للمساومة على رئاسة الجمهورية، مع تأكيدها أن خيار التوافق مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لم يسقط شرط أن يترافق مع الشروط التي وضعها باسيل وهي إما أن يكون للرئيس كتلة نيابية وازنة أو يكون مرشحاً من قبل كتلة نيابية مسيحية وازنة. وفيما تقرّ المصادر بوجود كتلتين مسيحيتين وازنتين هما «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، تؤكد أن «ما قاله باسيل لم يقصد به حصر الترشح بنفسه أو برئيسي الحزبين اللذين يمثلان هذه الكتل»، مذكرة بقوله إنه «ليس مرشحاً للرئاسة ولا يسعى لها». وتوضح: «ما قاله باسيل يرتكز على أمور أساسية هي أن يكون المرشح ابن بيئته أي أن تخرج العروس من بيت أبيها وألا تتم مصادرة قرار ترشيح الرئيس من قبل الكتل المسلمة، ولا يمكن تخطي هذا المبدأ الميثاقي لا سيما بعد الرئيس ميشال عون الذي أثبتت الانتخابات في عام 2018 وفي عام 2022 أنه يملك أكبر كتلة نيابية». من هنا، تشرح المصادر مقصد باسيل بمستويين: «الأول هو أن يكون المرشح رئيس كتلة نيابية مسيحية وازنة على غرار الرئيس ميشال عون أو أن يكون مرشحاً من قبل كتلة نيابية وازنة، وهذا الخيار ليس محبذاً لأنه وبكل بساطة قد تعمد الكتلة إلى سحب الثقة منه لاحقاً إذا حصل خلاف بين الطرفين، وبالتالي يفقد الشرعية المسيحية التي حصل عليها». وتشدد المصادر، في هذا الإطار، على دعم «التيار» لأي طرح يقدمه البطريرك الماروني بشارة الراعي لجمع القيادات المسيحية للبحث في انتخابات الرئاسة، و«قطع الطريق أمام استيلاء الأطراف الأخرى على القرار الرئاسي». وترفض المصادر اعتبار توصيفات باسيل استدراجاً لكل من جعجع وفرنجية أو طرح نفسه كصانع للرؤساء. وتؤكد أن «باسيل ليس طامحاً للرئاسة، لكنه سيخوض معركة إذا كانت هناك محاولة لمصادرة قرار ترشيح الرئيس من قبل الكتل الإسلامية، لأنه وبكل بساطة هو يدعو لتطبيق الميثاقية». في المقابل، تجد مصادر في «القوات» اللبنانية غياب أي مساحة مشتركة أو إمكانية التقارب مع «التيار»، معتبرة أن باسيل تحوّل من الحديث عن التمثيل المسيحي إلى التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية، بعدما فقد «التيار» التمثيل المسيحي لصالح «القوات» وبات يعتمد على «الرافعة الشيعية»، أي «حزب الله»، مشيرة إلى أن هناك غضباً شعبياً ضده من مختلف الطوائف وعلى رأسها المسيحية. وتوضح المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة «مقاربتين لرئاسة الجمهورية: تلك التي يقدمها باسيل التي اختبرناها في العهد الحالي وتهدف لتغطية جمهورية حزب الله في لبنان وأوصلت لبنان إلى الكارثة والانهيار والعزلة، وتلك التي تقدمها القوات لجهة قيام جمهورية مختلفة تماماً وهدفها إخراج لبنان من هذا الواقع». من هنا، تعتبر المصادر أن «القوات» باتت اليوم «الممثل الأقوى الشعبي والمسيحي وتعكس الخط التاريخي للمسيحيين في لبنان، بينما باسيل وعون عندما كانا الأكثر تمثيلاً انقلبا على الخط المسيحي التاريخي من خلال ضرب كل ثوابت المسيحيين لجهة قيام دولة وسيادة وتعددية وحرية وديمقراطية واستقلال وأعطيا كل هذه المقومات لدولة حزب الله». وعن إمكانية القبول بحضور لقاء يجمع القادة المسيحيين في بكركي إذا دعا إليه البطريرك بشارة الراعي، تقول المصادر إن الراعي ليس في وارد الدعوة لمثل هذا اللقاء. وتوضح: «نحن نعتبر أن الخلاف هو خلاف من طبيعة وطنية حول مشروعين سياسيين، مشروع لبناني وغير لبناني مع حزب الله. وبالتالي هناك انقسام وطني كبير وهو لا يستدعي اجتماعاً مسيحياً بين فريقين مسيحيين أو أكثر، كما أنه لا جدوى منه في ظل هذا الخلاف بين رؤيتين». 



السابق

أخبار وتقارير.. الحرب الروسية على اوكرانيا.. انفجارات قرب محطة زابوروجيا النووية في أوكرانيا..باستخدام أسلحة جديدة.. أوكرانيا تغير استراتيجيتها الحربية لإبطاء التقدم الروسي..بوتين يفاخر بقوة جيشه... ويشيد بـ«حلفاء لا ينحنون».. نيوزيلندا للمشاركة في تدريب قوات أوكرانية ببريطانيا.. موسكو تصعّد في الشرق الأوكراني وكييف تكثّف ضرباتها في الجنوب..وزارة الدفاع الصينية: زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى تايوان خرق لسيادتنا..طالبان: نطالب العالم بالاعتراف بحكومتنا لتجنب تكرار الماضي.. أفغانستان... كابوس يطارد بايدن وانتقادات تهدد حظوظه في الانتخابات المقبلة..عام من حكم «طالبان» يمنح أفغانستان الأمن... ولكن من دون أفق.. أمستردام: الحكم في كارثة إسقاط الطائرة الماليزية في نوفمبر..طاجكستان: تواصل التدريبات الأميركية - الإقليمية..

التالي

أخبار سوريا..أنقرة للمعارضة السورية: التفاهم شرط السلام..22 قتيلاً بغارة تركية استهدفت قوات النظام السوري..دمشق: ماضون على طريق النصر وإعادة الاستقرار..دمشق تعلن تشكيل «مجلس أعمال سوري - عراقي»..هجوم لـ«قسد» على مركز شرطة جنوب تركيا وأنقرة ترد بقتل 13..استنفار شمال سوريا للفصائل الموالية لتركيا.. قصف يُخرج شركة مطاحن الحبوب بريف حلب الشرقي عن عملها.. مقتل قيادي ثانٍ من «داعش» في درعا..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,083,562

عدد الزوار: 6,977,862

المتواجدون الآن: 75