عاشوري لـ «الراي»: قررنا المسح الثلاثي البُعد لمسرح اغتيال الحريري عندما تبيّن أنّه ضروري للتحقيق وأنّ تنفيذه أصبح ممكناً لوجيستيّاً

تاريخ الإضافة الجمعة 26 آذار 2010 - 5:04 ص    عدد الزيارات 3254    التعليقات 0    القسم دولية

        


بيروت - من ليندا عازار|
... «فتِّش عن المحكمة الدوليّة». عبارة تكاد ان تكون «نجمة» الصالونات السياسية في بيروت بعدما قفز التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الى الواجهة من خلف «خطوط التماس» السياسية التي ارتفعت على تخوم ملفين «ساخنين» هما الهبة الاميركية لقوى الامن الداخلي لتدريب عناصرها على مكافحة المخدرات وملاحقة مهرّبيها، والحملة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان تحت عنوان... «استقِلْ».
فمن خلف «الغبار» الكثيف الذي لفّ المشهد اللبناني في غمرة «فتح النار» على سليمان وعلى الاتفاقية اللبنانية الاميركية، أطلّ ملف «المحكمة الخاصة بلبنان» كأنه «الملعب الخلفي» لـ«الملاكمة» السياسية التي انطلقت على «حلبتين» متوازيتين، وسط «كلام تحذيري» للوزير السابق وئام وهاب (مطْلق الحملة على سليمان) من «فخ المحكمة الدولية» ومن «حصول مشكلة في البلد لأن لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري ستخلق فتنة»، كاشفاً ان اللجنة «طلبت قبل ايام عناصر في «حزب الله» للتحقيق معهم»، وهو ما عاودت الإشارة اليه صحيفة «الأخبار».
وقبل المعلومات التي كشفها وهاب، قرأ نواب في فريق «14 مارس» التصويب على الهبة الأميركية لقوى الامن على أنها تمهيد «لإصابة المحكمة الدولية» ومحاولة لـ«نزع الصدقية» عن أي عناصر او أدلّة قد تكون وصلت اليها من خلال «خيط الاتصالات».
وفي حمأة الكلام «من فوق»، كان التحقيق الدولي يتحرك بقوة «من تحت» اي على الأرض، مع المعلومات المتواترة عن وصول 11 محققاً من مكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بيلمار الى بيروت وإطلاق عملية مسح ثلاثي البُعد لمسرح جريمة اغتيال الحريري، وهي الخطوة التي لم يسبق ان قامت بها لجنة التحقيق منذ بدء مهماتها صيف العام 2005. كما تحدثت تقارير عن ان من مهمات «فريق الـ 11» إعادة مسح أقوال الشهود «القدامى» والاستماع لعشرات الشهود الجدد في إطار «إفادات الفجر»، بعدما كانت لجنة التحقيق طلبت بصمات عشرات اللبنانيين ولوائح بأسماء الطلاب المسجلين في الجامعات والمعاهد العليا في لبنان.
الا ان الناطقة باسم مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية راضية عاشوري الموجودة في لاهاي رفضت التعليق لـ «الراي» على هذه المعلومات. واذ أجابت على «رزمة» من الأسئلة التي وجّهناها اليها، امتنعت عن الإجابة على «سلة» من 13 سؤالاً وضعتها في خانة «الجوانب العملانيّة للتحقيق» (operational aspects)، وهذه الأسئلة هي: «ما حقيقة وصول 11 محققاً من مكتب المدعي العام بيلمار الى بيروت، وما مهمتهم؟ ما صحة المعلومات عن ان مهمة الوفد اعادة مسح اقوال الشهود القدامى والاستماع لعشرات الشهود الجدد؟ هل عملية الاستماع الى شهود او اي اشخاص آخرين مستمرة من جانب فريق التحقيق سواء الموجود في لبنان او الذي وصل اخيراً؟ هناك تقارير عن اتجاه لاعادة مسح الجرائم الكبرى التي حصلت منذ 1 اكتوبر 2004 ماذا يعني ذلك؟ قيل الكثير عن الاستماع الى إفادات عناصر من «حزب الله»... ما صحة هذا الكلام؟ هل استمع التحقيق لأشخاص منتمين الى احزاب؟ اين يتم سماع الافادات (في مقر لجنة التحقيق ام في منازل المستمع اليهم ام...)؟ هل كل من يتم الاستماع اليهم هم شهود ام هناك مشتبه بهم ام...؟ ما دور القضاء اللبناني في ابلاغ المطلوب الاستماع اليهم؟ هل طلب مكتب بيلمار الاستماع الى اشخاص ولم تتم الاستجابة لطلبه؟ ما عدد الذين استمعت اليهم لجنة التحقيق منذ بدء عمل المحكمة؟ هل صحيح ان مكتب بيلمار طلب لوائح باسماء الطلاب المسجلين في الجامعات والمعاهد العليا في لبنان... ولماذا؟ ما صحة ما قيل عن طلب الحصول على بصمات عشرات اللبنانيين؟ وهل ذلك لمطابقتها ببصمات من مسرح الجريمة (اغتيال الحريري) او جرائم اخرى؟».
وفي موازاة تحفّظ عاشوري عن اي تعليق على هذه الأسئلة، حرصت على توضيح «الأسباب التي تحول دون تعليقي على الجوانب العملانيّة للتحقيق بما في ذلك التفاصيل المتعلّقة بمسار التحقيق»، وقالت: «تنبع هذه السياسة من متطلّبات السريّة الضروريّة في أيّ تحقيق، لا سيما عندما يكون المجرمون طليقين»، مضيفة: «كلّ ما قد نقوله عن جوانب عملنا المضمونيّة قد يستعمله هؤلاء المجرمون لتغطية آثارهم وبالتالي للإفلات من العدالة والمحاسبة. لذا من جهة، تستوجب السياسة التي نعتمدها في تزويد المعلومات منّا انفتاحاً وشفافيةً بقدر المستطاع بما أنّنا نتفهّم اهتمام الرأي العام بأعمالنا والأهميّة التي يوليها اللبنانيّون وسواهم إلى أعمال المحكمة، ولكن من جهة أخرى علينا الحفاظ على سريّة بعض المعلومات بهدف حماية نزاهة المسار العدلي والقضائي. باختصار، تُوازن سياستنا بين الحاجة إلى الانفتاح وبين مقتضيات السريّة. ونُطبّق سياسة عدم التعليق على كلّ الأسئلة المتعلّقة بهويّة الأشخاص الذين يستدعيهم مكتب المدّعي العام لإجراء مقابلات».
تابعت: «بالنسبة إلى أعمالنا في بيروت: إنّ وجود محقّقين في مكتب المدّعي العام في بيروت ليس بالأمر الجديد كما يخال البعض، فالاتفاق الذي أبرِم بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانيّة لتأسيس المحكمة ينصّ على أنّ هذه الأخيرة سيكون لديها مكتب في لبنان ولدى مكتب المدّعي العام فريق اتخذ له مقرًّا دائمًا في مكتب بيروت بالإضافة إلى نائبة المدّعي العام، كما أنّ محقّقين مقرّهم لاهاي يسافرون بانتظام إلى لبنان لتأدية أعمالهم، إذًا محقّقونا موجودون بشكل دائم في بيروت وذلك منذ انطلاق عمل المحكمة في 1 مارس 2009».
• وما صحة المعلومات عن تصوير ثلاثي البُعد لمسرح جريمة اغتيال الحريري؟
- صحيح أنّنا بصدد تنفيذ هذه المهمة.
• هناك مَن يرى ان المسح الثلاثي البُعد لمسرح اغتيال الرئيس الحريري بعد اكثر من خمس سنوات على الجريمة يعني إما ان الخطوة متأخرة كثيراً وتالياً التحقيق لا يزال في اوله، او ان التحقيق حقق اختراقات مهمة وبات في نهاياته؟
- لن أتطرّق إلى أيّ تكهّن عن مسألة تقدّم العمل. فالقسم الخاصّ بمكتب المدّعي العام في التقرير السنوي لأعمال المحكمة الذي قدّمه الرئيس كاسيزي يعطي فكرة عن عملنا وعن تقويم المدّعي العام للتقّدم الذي أحرِز. لذا وبدل أن يلجأ البعض إلى التخمين، أنصحهم فعلاً بالعودة إلى ما جاء في التقرير الذي لم نذكر فيه أنّنا عدنا إلى نقطة الصفر ولا أنّنا على وشك إصدار قرارات اتهام. أمّا بالنسبة إلى موضوع توقيت مشروع المسح الثلاثي البُعد، فقد قّرّرنا القيام بالمشروع عندما تبيّن أنّه ضروري للتحقيق وأنّ تنفيذه أصبح ممكنًا من الناحية اللوجيستيّة.
• ماذا يفيد التصوير الثلاثي البُعد، وماذا يمكن ان يقدم اضافة الى ما سبق ان حققه المسح السابق؟
- أحد الأعمال المهمّة للتوصّل إلى حلّ أيّ جريمة هو توثيق مسرحها. وتتيح تقنيّة المسح الثلاثي البُعد عن طريق الليزر التوثيق الشامل والسريع وشبه الكامل لمسرح الجريمة. باختصار، تكمن ميزة هذه التقنيّة في الحصول على مقاييس وبيانات أكثر دقّةً لمسرح الجريمة يمكن استعمالها لتقديم الخلاصات التقنيّة والجنائيّة للادّعاء على أساس إعادة خلق مسرح الجريمة من خلال التصوير الثلاثي البُعد. وبما أنّ صورة واحدة تساوي ألف كلمة، تسهّل هذه التقنيّة على جميع المعنيّين الاطلاع بصريًّا على المعلومات وفهم ماذا جرى في مسرح الجريمة.
• هل التحقيق الدولي مستمر في الجرائم الاخرى التي أُعلن انها مترابطة باغتيال الرئيس الحريري؟
- أجل، لكن لا تنسوا أنّنا لم نذكر قطّ أنّ الجرائم مترابطة، بل قلنا إنّنا وجدنا عناصر ترابُط بين بعض الاعتداءات والاعتداء على الحريري. بمناسبة الحديث عن ذلك، أودّ أن أحيلكم إلى الفقرتين 180 و181 من التقرير السنوي للمحكمة الخاصّة بلبنان:
«180. تُعدد المادة 1 الفقرة (1) من النظام الأساسي، والتي تنصّ على اختصاص المحكمة، ثلاث فئات للجرم: أ ) الاعتداء على الحريري، ب) اعتداءات أخرى وقعت في لبنان في الفترة بين 1 أكتوبر 2004 و12 ديسمبر 2005 في حال كانت مترابطة مع الاعتداء على الحريري، وج) غيرها من الاعتداءات التي وقعت بعد 12 ديسمبر 2005 بناءً على اتفاق بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، وبموافقة مجلس الأمن.
181. يعتمد اختصاص المحكمة المتعلق باعتداءات الفئتين الثانية والثالثة، على وجود ترابط مع الاعتداء على الحريري وفًقا لأحكام المادة 1 من النظام الأساسي. ومن أجل إيجاد الترابط، ينبغي على المدعي العام أن يواصل التحقيق في الاعتداءات الأخرى من خلال متابعة وثيقة ومنتظمة للتقدم الذي أحرزته السلطات القضائية اللبنانية. كما أن التحقيق في الاعتداءات الأخرى يساعد على تقدّم التحقيق في قضية الحريري».
• تضرب مواعيد عدة لصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري، ورئيس المحكمة الدولية توقع شيئاً ما بحلول ديسمبر... هل هذا هو المتوقع؟
- أحيلكم مجدّدًا إلى ما ذكرناه في التقرير وإلى ما كرّره المدّعي العام مراراً: لن نحدّد أي مهلة زمنيّة لإصدار قرارات الاتهام وبالمناسبة، لم يذكر رئيس المحكمة أنّه يتوقّع شيئًا في ديسمبر بل أعرب عن أمله في حصول تطوّر إيجابي، أي بإصدار قرار اتهام قبل نهاية ديسمبر 2010 والفارق شاسع بين ما قاله الرئيس (انطونيو) كاسيزي وبين ما نُسب إليه خطأ. المدّعي العام وحده يقرّر متى يقدّم قرارات اتهام وذلك استناداً إلى المعلومات والأدلّة التي بحوزته وبحوزة مكتبه وإلى تقويمه بأنّ ما لديه يكفي لدعم قرار اتهام من شأنه أن يصمد بوجه التدقيق القضائي. ومجدّداً، لا تُجدي التكهّنات بتوقيت إصدار قرار اتهّام نفعاً بما أنّها لا تستند إلى أي معلومات من شأنها أن تدعم مثل هذه التكهّنات.
• ما الدور الذي تضطلع به القاضية جوسلين تابت نائبة القاضي بيلمار في لبنان؟ وما المهمة التي قامت بها قبل اسابيع عندما زارت مقر المحكمة؟
- بموجب الفقرة 4 من المادة 11 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان، يساعد نائب المدّعي العام المدّعي العام في تأدية المهمات «المسندة إليه أداءً يتّسم بالفعالية والكفاءة».
وتعمل القاضية تابت من مقرّها في مكتب المحكمة في بيروت حيث تساعد المدّعي العام على تأدية مهماته، بما في ذلك ضمان التنفيذ الفعّال لطلبات المساعدة التي يقدّمها المدّعي العام للسلطات اللبنانيّة المعنيّة. وقد أثبت وجود نائبة المدّعي العام القاضية جويس تابت في مكتب المحكمة في بيروت أهميّته الكبرى لناحية إدارة جهود مكتب المدّعي العام في لبنان وتعزيزها، وذلك بفضل معرفتها العميقة بالملفّ وبالثقافة اللبنانيّة وبنظم وطرق عمل مؤسّسات الدولة.
 


المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,564,143

عدد الزوار: 6,955,329

المتواجدون الآن: 59