بري: إطلاق هيئة إلغاء الطائفية السياسية تنفيذ لنص دستوري ملزم وفق خطّة مرحلية والقرارات بالإجماع

تاريخ الإضافة الخميس 14 كانون الثاني 2010 - 5:32 ص    عدد الزيارات 3444    التعليقات 0    القسم محلية

        


أكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المجلس، امس ، تناول فيه بشكل مفصّل دعوته الى إطلاق الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، ان إلغاء الطائفية السياسية هو هدف وطني وليس خياراً على الصعيد الدستوري، ويقتضي العمل لتحقيقه خطة مرحلية، مذكراً بأن قادة الاستقلال كانوا متقدمين على هذا الصعيد. وشدد على ان مهمة الهيئة الإعداد والتمهيد ومراعاة النفوس وتقديم النصوص لمجلس نواب ومجلس وزراء معروفة تركيبتهما، وان قراراتها ستكون بالإجماع، مشيراً الى ان من شأنها أيضاً تقديم مقترحات تؤدي الى التخفيف من الطائفية السياسية.
استهل الرئيس بري مؤتمره بتوزيع أقراص مدمجة على الحضور ورحب بالصحافيين «في هذا اليوم الذي آمل أن يكون منعطفاً في تاريخ هذا البلد على نحو قد يؤثر بعد 83 سنة». وأوضح أن التسجيل الذي وزعه «هو من إنتاج محطة «الجزيرة» وكالعادة قطر تحمل همّ اللبنانيين أكثر من اللبنانيين أنفسهم. ولم أكن أعلم على الإطلاق أن مثل هذا الفيلم موجود. وهذا الفيلم هو بتاريخ نيسان 2009، وهو محاولة لإنتاج وثائقي، عن درس تاريخ. حيث قامت «الجزيرة» بزيارة مؤسسات وبالتحديد مدارس: سيدة الجمهور، ثانوية الإمام الحسن، المبرات الخيرية، الإنجيلية، ثانوية الإمام والمدارس الألمانية. ووصف الشريط بالكارثة لجهة الوضع النفسي اللبناني والوضع اللبناني بالنسبة لانعكاسات الطائفية، وهو بحجم الكارثة».
وقال: السؤال الموجه للطلاب كان عن استقلال لبنان، وأجابوا بحسب طوائفهم.
أحدهم أجـاب أن الإستــــقلال لبنان كان عند جلاء الجيش الفرنسي.
وآخر قال عند خروج الجيش السوري، وثالث اعتبر أن الاستقلال هو يوم التحرير...
أما عن الزعماء التاريخيين فأجابوا أيضاً بحسب طوائفهم، مع حفظ الألقاب، بشارة الخوري، رياض الصلح، الإمام الخميني، جمال عبد الناصر، تشي غي فارا، السيد حسن نصرالله، بشير الجميّل، هتلر، نابوليون، صائب سلام والأمير بشير.
أما حين سئل الطلاب عن الدولة الصديقة، أجابوا على الشكل التالي: السعودية، قطر، فرنسا، أميركا، إيران، لا أحد...
وحين طلب من الطلاب إنشاد النشيد الوطني، وهذا أمر جداً مهم، معظمهم لم يعرفوه باستثناء طالب خرّيج مدرسة علمانية أي المدرسة الألمانية.
وطلاب الصف التاسع (بريفيه) حينما سئلوا عما درسوا في كتب التاريخ أشاروا الى تاريخ الثورة الفرنسية والفينيقيين والعثمانيين والحرب العالمية، وانهم مؤخراً بدأوا بدراسة تاريخ لبنان.
اضاف: أبدأ بالقول إن إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطّة مرحلية (الفقرة ـ ح ـ من مادة الدستور).
وقبل أن نصل الى المادة 95، فمقدّمة الدستور هي الميثاق الجديد. وهذا الميثاق الجديد، يقول إن هدفاً وطنياً أساسياً يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطّة مرحلية، وبالتالي هو ناظر للناحية النفسية وناحية النفوس.
وأوضح أن دعوته الى تشكيل الهيئة الوطنية لدراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية لم تكن خياراً، يمكن لرئاسة المجلس النيابي أن تقدم عليه أو لا. «فقد نصّت المادة 95 من الدستور المبنية على اتفاق الوفاق الوطني اتفاق الطائف، وما يعني النص الدستوري حرفياً بالفاصلة بالكلمة بالحرف مثله مثل وثيقة اتفاق الطائف، جاء فيه: على المجلس النيابي المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين تشكيل الهيئة الوطنية.
وعندما يكون النص ملزماً وبصيغة آمرة ينتفي الخيار، وتتحوّل ممارسة الحق الى واجب لا يحتاج تطبيقه لتوافق او حوار. أن الدستور اللبناني منذ صدوره في زمن الإنتداب الفرنسي في 23 أيار 1926 نصّت المادة 95 منه على التالي:
بصورة موقتة والتماساً للعدل والوفاق، تمثّل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الحكومة دون ان يؤول الى الإضرار بمصلحة الدولة. فمن هذا النص يتبيّن أن الدستور منذ ولادته اعتبر أن اللاطائفية هي القاعدة والبعد الطائفي موقت أي استثناء. وأشرت الى ذلك لأتوقف عند ملاحظتين هامتين:
الاستثناء أي اعتماد الطائفية بصورة موقتة قد تحوّل الى قاعدة بعد استمراره لـ 83 سنة حتى اليوم. وان استمرار هذه الظاهرة يخالف المبادئ ذات القيمة الدستورية. وسأكتفي لتأكيد ذلك بما جاء في قرار المجلس الدستوري في لبنان سنة 1996 وفيه الرقم ـ 4 ـ لا يجوز للمشروع ان يجعل من حالة مؤقتة واستثنائية ليس لها طابع الديمومة قاعدة عامة او أن يبني عليها قاعدة ثابتة دائمة.
ثانياً: أما الملاحظة الثانية فهي من الأهمية بمكان ايضاً، كونها تردّ على بعض ما أثير من ردود فعل على دعوتي وتوضيح كيفية تعامل قادة الاستقلال الأوائل الذي صنعوا ما يعرف في لبنان الميثاق الوطني في ظل الصيغة الطائفية، وما جاء في نص المادة 95 من الدستور المشار اليها سابقاً، ففي جلسة المجلس النيابي المنعقد في 30 أيلول سنة 1947، كان المجلس لا يزال يعمل على لبننة الأحكام التي كانت سائدة أيام الانتداب ويناقش مشاريع قوانين جديدة منها المشروع المتعلق بالانتخابات البلدية.
منذ سنة 1947، سعوا الى ايجاد قوانين بلدية تتعلق بالمخترة. فعندها طرح المشروع الأول، تكلّم فيه ثلاثة نواب قبل تلاوته مادة مادة، فأيّده رئيس الحكومة الأسبق آنذاك سامي الصلح. وقال النائب فيليب تقلا، ويذكر الزملاء الذين رافقونا في المجلس الماضي، ان الحكومة كانت قد تقدّمت بمشروع من هذا النوع الى المجلس وبعد درسه أعاده المجلس الى الحكومة لتعديله وان تلغى الطائفية منه واني أطلب التصويت على أساسه. وقال إني أرى فتحاً جديداً في قضية إلغاء الطائفية في هذا القانون، واعتبر أن تصويتنا عليه خطوة أولى في سبيل الإصلاح الذي لن يتم ما لم يتوارَ شبح الطائفية الذي لن يتوارى من النفوس ما لم يتوارَ من النصوص.
أضاف: وما يهمني قوله إن الخطوات اللاحقة لم تظهر أبداً في لبنان، إلا بعد إقرار اتفاق الطائف سنة 1989 والتعديلات الدستورية التي بنيت حرفياً على أساسه سنة 1990.
فقد ركّز الاتفاق في مقاربته للبعد الطائفي على التالي:
أولاً: التمييز بين إلغاء الطائفية في المطلق وبين إلغاء الطائفية السياسية. أي إننا منذ فترة 1947 الى حين اتفاق الطائف، لم يتم الحديث عن إلغاء الطائفية أبداً، بل صار الكلام عن إلغاء الطائفية السياسية.
أما الأولى فلم يقاربها احد لا من قريب ولا من بعيد بل جاء ليدعم الطائفية وبقائها اي الطائفية غير السياسية.
وعندما نتكلّم بإلغاء الطائفية السياسية كالتالي: وكأننا ندعم إبقاء الطائفية بالمطلق.
ثانياً: لكون إن مرحلية إلغاء الطائفية السياسية، تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس وتقترح الطرق الآيلة الى إلغائها، محدداً بذلك سقف مهمتها ووضع صيغة لتشكيلها برئاسة رئيس الجمهورية ومشاركة رئيس المجلس والحكومة وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.
ثالثاً: إن ما تتوصّل اليه الهيئة لا يكون تقريرياً أبداً (وهذه النقطة تزيل اي تخوّف) بدليل أنه مجرّد اقتراح ولا يعقل القول إن تقديم الاقتراح الى مجلسي النواب (الذي هو مناصفة) والوزراء (الذي هو ايضاً مناصفة) والهيئة التي هي بالتأكيد (ستكون مناصفة)، وكأن ذلك ميزان الألماس.
والاقتراح يقدّم الى مجلسي النواب والوزراء لأخذ العلم فقط وإعطاء أمر التنفيذ. وهذا الكلام غير قائم أبداً.
رابعاً: إن نفاذ الخطّة اقترن بخطوة إجرائية تمثّلت في إقرار المناصفة بين عدد النواب المسيحيين والمسلمين.
وما يهمني قوله في هذه اللحظة ان تشكيل الهيئة الوطنية وبصرف النظر عن إلزامية تشكيلها لا يمكن ان يعني ان الطائفية قد ألغيت وأنا ضمن جلسات خاصة مع السادة النواب: إذا أردت أن أكون متفائلاً أتكلّم انه بعد 20 أو 30 سنة قد نصل الى شيء ما. وإذا أردت أن اكون متشائماً، ممكن ان تقول الهيئة إنها لا تريد الأمر كله.
ولفت الى أن «الطائفية السياسية قد تقرّرت، وصيغة تشكيل الهيئة كافلة بتوفير الضمانات للجميع، الرؤساء الثلاثة حاكمون بالطوائف الكبرى في لبنان والشخصيات التي ستشارك لا يمـــكن ان تكون من دون طوائف دون اخرى، فالمشاركة فيها مفتوحة للجــــميع من دون تحديد اي سقف ومناصفة ويمكن لأي طائفة ان تنتدب من يمثّلها لإبداء رأيه ومناقشته.
وبهذه الصيغة فإن القول بضرورة التوافق حول تشكيل اللجنة ليس مبرراً. فالتوافق المطلوب يكون حول أن يطرح أثناء عملها، فعلى ماذا يمكن التوافق قبل تشكيلها يا ترى؟ وإذا كانت مثل هذه التشكيلة لا تضمن العدالة لجميع الطوائف، فكيف يمكن تحقيق مثل هذه الضمانة إذاً؟
ووظيفة هذه اللجنة هي: الإعداد والتمهيد ومراعاة النفوس وتقديم النصوص لمجلس نواب معروفة تركيبته ولمجلس وزراء معروفة تركيبته.
والأهــم من هذا، فرضت النصوص استحداث مجلس للشـــيوخ تتمثّل فيه جميع العائلات الروحيــة مع انتــخاب أول مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي.
إن هذه النصوص وغيرها تكشف جانباً من حدود الفصل بين الهيئة الوطنية ونفاذ ما تقترحه، وبين الاعتقاد القائل إن التشكيل يعني إلغاء الطائفية في لبنان وبالتالي الفارق بين نظرة الاستقلاليين الأوائل لإلغاء الطائفية والعمل بموجب أحكام الطائف والدستور اليوم، ولا بدّ من لفت النظر هنا الى أن تعطيل تشكيل الهيئة الوطنية لا ينعكس على استمرار تعطيل درس طرق تطبيق مادة دستورية اي المادة 95، إن ما يؤدي ـ وهذا الخطر ـ الى استمرار تعطيل مواد دستورية أخرى يرتبط تطبيقها بتطبيق المادة 95. ومنها مثلاً: المادة 22 من الدستور المتعلّقة بإنشاء مجلس الشيوخ. وإذا لم نصل الى إلغاء الطائفية لا نصل الى مجلس الشيوخ.
والمادة 24 المتعلّقة بقانون الانتخابات الذي وضع خطوطه العريضة اتفاق الطائف على أساس المحافظة التي تشكّل نواة لكل الوحدة الوطنية بعد إعادة النظر بالتقسيم الإداري.
وأضاف: إن تشكيل الهيئة الوطنية وإن كان يأتي اليوم عملاً بوصية رجال الاستقلال الذي وضعوا أسس الميثاق الوطني الذي هو أساس الكيانية اللبنانية، إلا أنه يأتي أيضاً استكمالاً لميثاقنا المتجدد في اتفاق الطائف.
هذا الميثاق الذي تحوّل خصوصاً في السنوات الأخيرة لا بل في الأشهر الأخيرة الى سلعة سياسية بين قائل بضرورة تطبيقه وبين متهم بالتنكّر له.
أشرت سابقاً الى أن تشكيل الهيئة يعني بدء العمل لنفـــاذ مواد دستورية ميثاقية أخرى. وأزيد على ذلك العمل لتطبيق نــصوص أخرى من اتفاق الطائـــف بقيت خارج الأحكام الدستورية، فهــناك أمور وردت في الطـــائف وهــي ميثاقية أصبحت بالنسبة إلينا كلبنانيين، لكنها لم ترد في الدســتور سيعطّلها عدم إلغاء الطائفية.
وأشير على سبيل المثال لا الحصر الى القانون القاضي بانتخاب المغتربين اللبنانيين في أماكن إقامتهم، وقانون اللامركزية الإدارية الموسّعة الذي استبقى هذه الدعوة إلى وضعه على نار حامية في اللجان النيابية فعقدت في هذا الإطار خمس او ست جلسات وهو بصدد الإقرار.
وختم: لننتخب لجنة من كل الفرقاء ونبدأ بالتفكير في كيفية إلغاء الطائفية وبالتالي تقدّم أمام هذه اللــجنة مقتــرحات لا تؤدي الى إلغاء الطائفية لكنها تخفّف منها.
إنها دعوة الى الوحدة والتوحّد وهذه الهيئة إذا قامت ان شاء الله ستعمل تماماً كطاولة الحوار لا تقرر شيئاً دون إرادة أي طرف من الأطراف فعلمَ الخوف بل علمَ البقاء في التخلّف.
وسئل بري هل الغاء القرار 1559 متعذر كما الهيئة الوطنية العليا؟ فأجاب: اريد ان اذكر انه في شباط 2008 تخلى الاميركي عن هذا القرار فلماذا لم يتطرق احد لهذا الامر. في العام 2008 اوردت جريدة
«الحياة» ان السفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان والذي اصبح الان مساعد وزير الخارجية، قال في حديث للصحيفة انه يعترف ويقر ان نبيه بري اقنعني بأن القرار 1559 لم يعد يحتاج الى تعديل الدستور كما كان عليه الامر عام 2004. اذن الاميركيون انفسهم يقولون ان هذا القرار انتهى. فلنأخذ مضمون كل هذا القرار نرى ان كل بنوده نفذت الا اذا كانوا ظنوا وقصدوا السلاح غير الشرعي كما يعتبروه، فهو موجود في متن القرار 1701، وكلنا يعرف ان القرار اللاحــــق يجبّ ما قبـــله، لذلك فالقرار 1559 هو لزوم ما لا يلزم، اما اذا كانت هــناك اعتبارات لتركه كسيف سياسي مصلت على رأسنا ورأس لبنان ورأس الاخوان في سوريا فهذا موضوع اخر.
وردا على من يعتبرون ان بعض بنود اتفاق الطائف مرّ عليه الزمن وبالتالي يقولون ان الغاء الطائفية اليوم ليس ضروريا؟ اجاب: هذا ليس كلاما. فليقدموا لنا مشروع قانون لالغاء الطائفية، هذا الامر من الدستور.
سئل عن طرح موضوع حياد لبنان؟ اجاب: كان موقفي ولا يزال لا يختلف ابدا عن موقف البطريرك الماروني عن حياد لبنان عام 1958، انذاك قال البطريرك نعم نحن طلاب حياد، ولكن الحياد الذي يقره لبنان على حريته، وبالاتفاق والانسجام والتناغم مع الدول العربية اولا، ثم قال هناك استثناءات لحياد لبنان اولا: لبنان ليس حياديا ضد اسرائيل. وثانيا لا يمكن ان يكون بعيدا عن الدول العربية فاذا كان هذا هو الحياد المطلوب فانا اصوت معه.
ونفى ان يكون طرحه لتحييد الانظار عن سلاح المقاومة والتغطية على هذا السلاح.
سئل: كيف تطمئنون الفريق المتوجس مـــن طرح هذا الموضوع؟ أجاب: هذا الموضوع ونقاشه والحوار حوله والكلام في صدده هو الذي يؤمن فعلا أن يبقى في الميزان كفتان متوازنتان الى الابد.
وكــــان بري زار، قــــبل مؤتمره الصحافي، الرئيس العــماد ميشال سليمان، في قصر بعبدا.

 


المصدر: جريدة السفير

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,025,929

عدد الزوار: 6,975,809

المتواجدون الآن: 82