الدول العربية تدعو سوريا لـ«الحوار» وإيقاف «آلة القتل»

مظاهرات في «ثلاثاء الغضب من روسيا» بالتزامن مع حملة اعتقالات ومداهمات واسعة

تاريخ الإضافة الخميس 15 أيلول 2011 - 5:45 ص    عدد الزيارات 2758    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حمد بن جاسم لسوريا: لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة
القتل مستمر في سوريا.. رغم دعوة الوزراء العرب لوقف «آلة القتل» * السفيران الأميركي والفرنسي يعزيان عائلة الناشط غياث مطر * الجامعة العربية تشيد بالإجراءات البحرينية الخاصة بالانتخابات وتدعو إيران لوقف تصريحاتها الاستفزازية تجاه دول الخليج
القاهرة: سوسن أبو حسين
على وقع دعوات وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة أمس، ووجهوا نداء للنظام السوري بوقف العنف، استمر القتل في سوريا واعتقال عشرات الناشطين، في وقت اعتبرت فيه منظمة العفو الدولية أن كل معتقل في السجون السورية «هو في خطر حقيقي». ودعا وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم أمس إلى «إحداث تغيير فوري يؤدي إلى وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل». وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس الوزاري للجامعة العربية، إن «آلة القتل يجب أن تتوقف في سوريا». وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع العربي، «لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة». وفي سياق آخر عبر المجلس عن تأييده لجهود البحرين من أجل إعادة الأمن للبلاد واجراء الانتخابات.
كما عبر وزراء الخارجية العرب عن القلق الشديد من استمرار التصريحات الاستفزازية الإيرانية تجاه عدد من دول الخليج.
من جهة أخرى، أفاد ناشطون سوريون لوكالة الصحافة الفرنسية أن سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك واليابان لدى سوريا وصلوا إلى بلدة داريا بريف دمشق مساء أمس للتعزية في الناشط غياث مطر الذي قتل خلال اعتقاله من شدة التعذيب. وبعد مغادرة السفراء هاجم الأمن السوري مجلس العزاء بإطلاق غاز مسيل للدموع وأعيرة نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين.
 
الجيش السوري يحكم إغلاق المعابر غير الشرعية في شمال لبنان مانعا سلوكها بالاتجاهين
جنود سوريون فروا إلى لبنان يلتحقون بكتيبة خالد بن الوليد المنشقة في حمص
بيروت: يوسف دياب
كشفت مصادر ميدانية، أن «الجيش السوري عزز أمس وجوده وانتشاره على طول الحدود مع لبنان، لا سيما في مقابل البلدات اللبنانية الشمالية التي يقصدها النازحون السوريون بشكل يومي». وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المعابر غير الشرعية باتت مقفلة بنسبة 90 في المائة بسبب الانتشار الكثيف للجنود السوريين والدوريات الراجلة والمؤللة التي يسيرونها على طول هذه الحدود، لمنع العبور بالاتجاهين بعد حركة النزوح الكثيفة التي شهدتها هذه المناطق في الأيام القليلة الماضية، على أثر تجدد المداهمات لبلدات هيت والبويت وتلكلخ والقصير القريبة من لبنان»، مؤكدين أن «الجيش السوري يطلق النار على كل من يحاول مغادرة الأراضي السورية أو دخولها». ولفتت إلى أن «عناصر الجيش السوري غالبا ما يعمدون إلى احتجاز رعاة المواشي الذين غالبا ما يوجدون مع قطعانهم بين بلدات هيت والبويت السورية ووادي خالد اللبنانية، ويطلقون النار باتجاههم لترويعهم».
إلى ذلك، أعلن ناشط سوري من بلدة تلكلخ السورية القريبة من بلدة وادي خالد اللبنانية، أن «عناصر الأمن السوري مشطت ليل أول من أمس البلدة واعتقلت عددا من الأشخاص الذين عادوا إليها بعد فرارهم منها قبل نحو الشهرين». وقال الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن وجه الأمن السوري دعوات متكررة إلى أهالي بلدة تلكلخ للعودة إلى منازلهم، على أثر ما سموه تنظيف البلدة من المسلحين وعودة الحياة الطبيعية إليها، وبعد أن لبى عدد لا بأس به من أبناء تلكلخ هذه الدعوة ورجعوا إلى منازلهم، فوجئوا بعد ساعات من وصولهم بعملية دهم واسعة نفذتها قوات الأمن والشبيحة، وكانت نتيجتها اعتقال العائدين، في حين عمدت القوات المهاجمة إلى إحراق منازل من تخلفوا عن العودة بعد نهب أثاثها ومحتوياتها بالكامل»، لافتا إلى أنه «على أثر إحراق منازل المواطنين، وقعت اشتباكات ما بين عناصر الأمن والشبيحة من جهة والجيش من جهة ثانية، الذين تمردوا على هذه التصرفات». وأفاد ناشطون سوريون لـ«الشرق الأوسط»، بأن «عناصر من الجيش السوري ممن كانوا تركوا الخدمة العسكرية إثر اندلاع الانتفاضة وفروا مع عائلاتهم إلى لبنان، ويبلغ عددهم نحو الـ20 عادوا إلى سوريا في اليومين الماضيين عبر معابر حدودية وعرة، والتحقوا بكتيبة خالد بن الوليد المنشقة عن الجيش السوري في مدينة حمص، التي تضم نحو الألف جندي وضابط، والتي يكثف الجيش النظامي والأمن السوري العمليات اليومية ضدها منذ أكثر من أسبوع».
 
قوات الأمن تفتح النيران على مشيعين في ريف حماه.. وتشن حملة اعتقالات في عدة مدن
منظمة العفو الدولية: كل معتقل في السجون السورية في خطر حقيقي
لندن: «الشرق الأوسط»
فتحت القوات الأمنية النيران على مشيعين في بلدة كفر نبودة بريف حماه أمس، وأوقعت عددا من القتلى، بينما جرح 10 أشخاص آخرين بينهم 5 تعرضوا لجروح خطرة، بحسب ما أكد ناشطون أمس. وفي الوقت نفسه، شنت القوات السورية حملات أمنية واسعة ونفذت عددا كبيرا من الاعتقالات في ريف دمشق وحمص ودير الزور وريف درعا، بحسب ما أكد لـ«الشرق الأوسط» رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشطين محليين في حماه أمس أن القوات السورية قتلت أمس بالرصاص 5 أشخاص حين فتحت النار على جنازة قرويين قتلوا في اليوم السابق في بلدة كفر نبودة في ريف حماه. ونقلت عن ناشطين على صلة بالسكان، أن قناصة من قوات الأمن قتلوا الخمسة من فوق سطح مدرسة حكومية وصهريج مياه في البلدة حين بدأ مئات المشيعين يرددون هتافات مطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
وأضاف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن شخصين قتلا في حمص أمس، أحدهما اختطف قبل 4 أيام وسلم جثمانه إلى ذويه وعليه آثار تعذيب، والآخر أصيب بجراح خلال العمليات الأمنية والعسكرية يوم السبت الماضي في بابا عمرو. وقال المرصد في وقت لاحق إن مواطنا آخر يبلغ من العمر 32 عاما، قتل في حمص متأثرا بجراح أصيب بها عصر أمس إثر إطلاق رصاص من حاجز أمني في مدينة الرستن. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عن إصابة 5 أشخاص بجراح، 3 منهم بحالة حرجة إثر إطلاق رصاص من حاجز أمني في الرستن.
وفي دير الزور، قال المرصد إن شابا يبلغ من العمر 18 عاما، قتل إثر إصابته برصاص طائش خلال حملة مداهمة نفذتها الأجهزة الأمنية السورية أمس في قرية البصيرة، بحثا عن مطلوبين متوارين عن الأنظار، مشيرا إلى أن الحملة أسفرت عن اعتقال 27 شخصا.
من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية أمس عن مقتل 10 أشخاص أمس برصاص قوات الأمن والجيش، وقالت إن 5 منهم سقطوا أثناء تشييع شهداء كفر نبودة بريف حماه، بينما سقط اثنان في دير الزور وشخص في كل من سهل الغاب وحمص وريف دمشق.
ونفذت السلطات الأمنية أمس حملة اعتقالات واسعة، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الحملة طالت أحياء باب السباع وباب الدريب وباب هود في حمص، أسفرت عن اعتقال 19 شخصا. وأضاف المرصد أنه في ريف دمشق، نفذت قوات أمنية سورية تضم سيارات رباعية الدفع مثبتا عليها رشاشات وعشرات الحافلات فجر أمس، عمليات مداهمة واعتقالات في بلدات الزبداني ومضايا وبقين، أسفرت عن اعتقال العشرات.
وأكد ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية أن حملة «التوقيفات والمداهمات التي شنتها القوى الأمنية تتكثف على جميع الأراضي السورية». وروى أحد الناشطين «يتعرض الموقوفون للضرب بوحشية وسوء المعاملة، والمنازل للتخريب». وأضاف أن هذا الأسلوب يرمي إلى الحد من المظاهرات لكنها «تتواصل في جميع المناطق».
وقالت لجان التنسيق المحلية إن الجيش السوري انتشر فجرا في الزبداني، على بعد 50 كلم غرب دمشق حيث اعتقل أكثر من 25 شخصا.
وفي المقابل قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن رقم الأمم المتحدة قائم على «مصادر موثوق بها على الأرض». وأبلغت بيلاي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «عدد القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات في منتصف مارس (آذار) 2011... وصل الآن إلى 2600 على الأقل». ولم تحدد هوية المصادر. ومنعت الحكومة السورية فريق التحقيق التابع لبيلاي والصحافيين الأجانب من دخول البلاد.
وكانت القوات السورية قد قتلت 22 شخصا على الأقل يوم أول من أمس، في مداهمات في محافظتي حمص وحماه في إطار حملتها العنيفة على الاحتجاجات المطالبة بسقوط الرئيس بشار الأسد والتي قالت الأمم المتحدة إنها أودت بحياة 2600 شخص. وأضاف ناشطون أن من بين القتلى رجلا وابنه سقطا في بلدة الرستن قرب مدينة حمص و15 قرويا قتلوا في مداهمات في ريف حماه فيما قالوا: إنها واحدة من أكبر المداهمات العسكرية منذ اندلاع الانتفاضة المناهضة لحكم الأسد في مارس.
وأفاد سكان وناشطون بأن 2000 جندي على الأقل تعززهم عشرات من المركبات المدرعة أطلقوا نيران الرشاشات بشكل عشوائي واقتحموا بضع قرى وبلدات في سهل الغاب شمال غربي حماه أول من أمس. وفي وقت سابق قال سكان ونشطاء إن بضعة آلاف من الجنود تعززهم مئات من المركبات المدرعة احتشدوا في الأربع والعشرين ساعة الماضية في مناطق شمالي حماه التي شهدت أكبر الاحتجاجات المناهضة لحكم الأسد.
وتلقي دمشق بالمسؤولية في العنف على جماعات مسلحة. وأعطت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان أثناء زيارة لموسكو تقديرا لعدد القتلى أقل مما أعلنته الأمم المتحدة وقالت إن نصف القتلى من قوات الأمن. وأبلغت الصحافيين في موسكو أنه وفقا للأرقام الرسمية قتل 700 من الجيش والشرطة و700 من المسلحين.
إلى ذلك، عبرت منظمة العفو الدولية أمس عن قلقها من تزايد أعداد القتلى بين الناشطين المعتقلين، ودعت في تقرير أمس السلطات السورية إلى الإفصاح عن مكان 4 ناشطين اعتقلوا الأسبوع الماضي في داريا بالقرب من دمشق، بعد أن أعيد جثمان الناشط غياث مطر الذي قتل في الاعتقال إلى عائلته. وقالت المنظمة إن هناك مخاوف متزايدة حول أمن الناشطين الأربعة، ومن بينهم الأخوين يحيى ومعن شربجي.
وذكر تقرير للمنظمة الشهر الماضي أن 88 شخصا توفوا في الاعتقال منذ أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن 7 آخرين قتلوا في الاعتقال في الأسابيع القليلة الماضية، ما يرفع عدد المعتقلين القتلى إلى 95 شخصا. وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إنه «من الواضح أن هؤلاء الناشطين من داريا هم في خطر جسيم، نظرا للظروف المشكوك بها التي أحاطت مقتل الصديق والناشط غياث مطر». وأضاف أن «العدد المتزايد للقتلى بين المعتقلين، وفشل السلطات السورية بفتح أي تحقيق مستقل، يدل على نمط منهجي... يدعو إلى اعتبار كل معتقل في خطر حقيقي».
وقالت السلطات السورية لعائلة مطر الذي اعتقلته قبل أيام من تسليمه جثة لأهله، إنه قتل «برصاص عصابات مسلحة»، علما بأن شرائط فيديو أظهرت آثار التعذيب على جسده. وذكرت منظمة العفو الدولية أن مطر ويحيى شربجي كانا اعتقلا من قبل رجال الأمن في 6 سبتمبر (أيلول) بعد أن اتصل شقيق يحيى، معن، ليقول: إن قوات الأمن شنت حملة على منزلهما. ونقلت المنظمة عن مصادر، أن معن شربجي كان في الاعتقال في ذلك الوقت، وأجبر على إجراء الاتصال لكي يورط أخاه بالاعتقال. وقال فيليب لوثر إن «يحيى شربجي هو في خطر بسبب دوره الفعال في تنظيم المظاهرات السلمية منذ مارس، وعلى السلطات السورية أن تكشف فورا عن مكان المعتقلين وتسمح لهم بالاتصال بمحامين وعائلاتهم وبإيصال المساعدة الطبية اللازمة».
وذكرت المنظمة أن هناك مخاوف تكبر أيضا حول 6 ناشطين من داريا لم تتمكن عائلاتهم من الوصول إليهم منذ اعتقالهم في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين. وأضافت أنه يعتقد أنهم معتقلون من قبل مخابرات سلاح الجو، مثل الذين اعتقلوا في 6 سبتمبر.
 
اختفاء المحللة النفسية رفاه ناشد في مطار دمشق الدولي.. ولا معلومات عنها
أبلغت زوجها عبر الهاتف أن حاجز التفتيش يفتش حقائبها بعصبية ثم انقطع الاتصال
بيروت: «الشرق الأوسط»
منذ يوم السبت الماضي، غداة مظاهرات «جمعة الحماية الدولية» في سوريا، والغموض يلف خبر اختفاء المحللة النفسية السورية رفاه ناشد، من مطار دمشق الدولي، حيث كانت المرأة الستينية تستعد لركوب الطائرة والتوجه إلى باريس. وفي الوقت الذي اتهمت فيه مواقع المعارضة على الإنترنت أجهزة الأمن السورية باعتقال إخصائية الطب النفسي من إحدى قاعات مطار دمشق الدولي، أصدر زوجها الدكتور فيصل محمد عبد الله، أستاذ مادة التاريخ القديم في جامعة دمشق، بيانا أكد فيه أن زوجته «قد اعتقلت من قبل حاجز تفتيش الحقائب في قسم المغادرة في مطار دمشق من قبل عناصر المخابرات الجوية».
ويسرد عبد الله، في البيان الذي تناقلته صفحات الـ«فيس بوك» في الأيام الماضية، تفاصيل ما حدث في تمام الساعة الواحدة والنصف من فجر يوم السبت الماضي قائلا: «كانت زوجتي المحللة النفسية د. رفاه توفيق ناشد، قد وصلت إلى نقطة تفتيش الحقائب في مطار دمشق الدولي، بنية السفر إلى باريس لأسباب عائلية وصحية، حيث اتصلت بي في تلك اللحظة، وقالت: «إنهم يفتشونني بعصبية، ولديهم قائمة... أخذ الباسبور وذهب...»، وتوقفت عن الكلام عندها، ولكن هاتفها الجوال ظل مفتوحا فسمعت قرقعة وتحريكا، وكلمات (مدام.. ارفع... هذا...) وانقطع الخط نهائيا». ويضيف: «عندها توجهت مباشرة إلى المطار، فوصلت إليه نحو الثانية والربع صباحا وتوجهت إلى بوابة التفتيش الأولى ورجوت الشرطي أن يسأل عن (سيدة بعمر الـ66 سنة، إذا كانت قد عبرت)، فقال لي الشرطي ذي الزي المدني: (سأسأل في الداخل). فدخل وخرج ليقول لي: «لا نعلم، وعليك أن تسأل مكتب الأمن»، عندها قلت له: «تلقيت اتصالا من زوجتي منذ قليل قالت خلاله إنها على حاجز تفتيش الحقائب قبل الميزان والتوجه إلى الطائرة... فأجابني أن لا أحد يدري، وطلب مني أن أسأل الأمن».
ويوضح الزوج الذي يخشى على صحة زوجته التي تعاني أمراضا عدة، توجهت بسببها إلى باريس: «طلبت منهم السؤال عن زوجتي أمام حاجز التفتيش، فأجابني بأن الأمن لا يعلم، ولو كان يعلم لقال لي بالضبط ما حصل، فقلت: لكن زوجتي دخلت من هنا واتصلت بي من أمام نقطة تفتيش الحقائب وقالت إنهم يفتشونها وانقطع الاتصال، وأنا ومنذ تلك اللحظة أعتبر زوجتي مفقودة في قلب المطار وبالضبط عند نقطة التفتيش الأولى وقبل الميزان».
وحين توجه الزوج إلى الأمن العام بناء على نصيحة من أحد موظفي الأمن في المطار، ليستفسر عن مصير زوجته المفقودة، طلب منه اسمها الكامل، كما أعطاهم صورة هويتها، ليقولوا له: «لم تعبر زوجتك بوابة الأمن العام، وبالتالي هي لم تسافر بعد، انظر عند نقطة تفتيش الجمارك الأولى والأمن الجوي، نحن قمنا بواجبنا وزوجتك لم تعبر من عندنا، فاسأل الأمن ثانية».
ويؤكد فيصل أن زوجته «لم تغادر حاجز التفتيش الأول، واسمها موجود على قوائم حجز الركاب على الطائرة الفرنسية المتوجهة إلى باريس، ولكن مكتب الشركة أعلن أنها غير موجودة على لائحة ركاب الطائرة المغادرين، مما يعني أنها أوقفت عند حاجز التفتيش الأول». وقال: «رد علي الضابط الكبير بلطف وأفهمني أن الأمن العام لم يسجل عبور زوجتي، وأن جهة أمنية أخرى، ويقصد بها الأمن الجوي، هي المسؤولة عن ذلك». وبينما لم تؤد محاولات الزوج مرارا وتكرارا في العودة إلى مكاتب الأمن الجوي في الحصول على أي معلومات عن زوجته المفقودة، ولم يتمكن من مقابلة أحد الضباط، أعلن أنه «سيبدأ بإجراءات قانونية في وزارة العدل للحصول على جواب من السلطات عن مصير زوجته».
 
بوادر خلاف بين حزب الله وجنبلاط على خلفية مواقف البطريرك الماروني من الملف السوري
الراعي يتحدث عن «اجتزاء متعمد لكلامه» و«الجماعة الإسلامية» تأمل تصويب مواقفه
بيروت: بولا أسطيح
توترت العلاقات بين حزب الله والنائب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، إثر الردود التي ساقها جنبلاط على مواقف البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، فيما خص الملف السوري، واعتباره «الكلام التخويفي الذي قيل حول صعود التيارات السلفية أو الأصولية غير دقيق ويستعمل كالفزاعات». وخرجت قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله، لترد عليه معلنة تضامنها الواضح والصريح مع البطريرك الراعي، قائلة: «إن اللافت كان اقتراب رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، من (القوات اللبنانية) ومتفرعاتها بانضمامه إلى منتقدي البطريرك مار بشارة الراعي، أكان لجهة الموقف من سلاح المقاومة أو التوطين، أو مما وصفه جنبلاط بالكلام التخويفي من التيارات السلفية الصاعدة».
ورفضت مصادر واسعة الاطلاع في الحزب التقدمي الاشتراكي التعليق على ما يحكى عن بوادر خلاف مع الحزب، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن مواقف النائب جنبلاط مواقف مبدئية لا حياد عنها، وتنطلق من تفاهمات لبنانية يجدر أن تبقى مكان إجماع». وهذا ما أكده وزير الشؤون الاجتماعية، وائل أبو فاعور، الذي استغرب ما سماه بـ«الحملة»، وكل هذه التفسيرات على كلام رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، متسائلا: «هل النائب وليد جنبلاط هو الوحيد الذي علق على كلام غبطة البطريرك؟ وهل في كلام النائب جنبلاط ما هو جديد وما يمثل انقلابا على المواقف السابقة؟ وهل إذا تحدث جنبلاط عن ربط المقاومة بالتوطين يكون ذلك بمثابة كفر؟ وهل إذا ذكّر وليد جنبلاط بمقررات الحوار يكون قد كفر؟ وهل قال وليد جنبلاط يوما بأن سلاح حزب الله يجب أن يرتبط بمسألة التوطين أو حل كل المشكلات في المنطقة؟ وهل قال وليد جنبلاط غير أنه يتمسك بسلاح المقاومة كخيار استراتيجي دفاعي؟».
وكان جنبلاط رد على مخاوف البطريرك بما خص الوجود المسيحي في لبنان، معتبرا أن «الطريقة المثلى التي يمكن للبطريرك الراعي، وهو الحريص والمؤتمن على هذا الوجود في لبنان والشرق، ويمتلك خبرة واسعة في عمل الكنيسة، اتباعها هو تشكيل لجنة من المتموّلين المسيحيين للحؤول دون بيع الأراضي، وربما تسييل أملاك الكنيسة لصالح الفقراء من المسيحيين الذين يهاجرون في سبيل لقمة العيش». وفي السياق عينه، رأى جنبلاط أن «الكلام التخويفي الذي قيل حول صعود التيارات السلفية أو الأصولية هو كلام غير دقيق، ويستعمل كالفزاعات، لأن المطالب الشعبية غير قابلة للتجزئة كما سبقت الإشارة، وهي حقوق بديهية وأساسية لكل الشعوب على وجه الأرض دون تمييز»، مضيفا: «هذا الكلام يذكرنا بالمنطق القديم الجديد الذي يقول بتحالف الأقليات الذي دمر لبنان».
في هذا الوقت تصاعدت النقاشات بين مسيحيي 8 و14 آذار على خلفية المواقف الأخيرة للراعي التي أطلقها من باريس، والتي دعا فيها لمنح الرئيس السوري بشار الأسد فرصة لتطبيق الإصلاحات، وعبر فيها أيضا عن مخاوفه من وصول جماعات متطرفة إلى الحكم في حال سقوط الأسد. وقد شكلت زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، إلى بكركي، وهي أول زيارة لقطب لبناني بعد عودة البطريرك من فرنسا، عاملا فاقم احتجاجات قوى 14 آذار على المسار الجديد الذي اتخذته بكركي. وقد عمد البطريرك الماروني لتوضيح ما صدر عنه من فرنسا، مؤكدا أن «ما نقل عنه كان مجتزأ».
وتعليقا على تصريحات الراعي حول سوريا، قال رئيس المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية»، عزام الأيوبي: «نحن كـ(جماعة إسلامية) كان لنا موقف واضح وصريح بالنسبة لموقف البطريرك الراعي، فنحن اختلفنا معه في قراءته للتحليل فيما يخص موضوع الثورة في سوريا، إلا أننا نعتبر تصريحه في المطار لدى عودته من فرنسا عبارة عن تصويب، ويفترض خلال فترة قريبة أن يكون هناك لقاء بيننا وبينه من أجل استيضاح الأمر أكثر».
 
الاتحاد الأوروبي اتفق مبدئيا على منع الشركات الأوروبية من الاستثمار في سوريا
لندن: «الشرق الأوسط»
قال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن حكومات الاتحاد توصلت إلى اتفاق مبدئي أمس، يمنع الشركات الأوروبية من القيام باستثمارات جديدة في مجالات التنقيب عن النفط وإنتاجه وتكريره في سوريا. وقالوا إنه إلى حين الموافقة النهائية فإن أحدث جولة من العقوبات الاقتصادية الأوروبية على حكومة الرئيس بشار الأسد قد يبدأ نفاذها الأسبوع القادم. وقال دبلوماسي أوروبي، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز»، إن «الهدف هو ضرب قدرة النظام على الحصول على أموال في الأجل الطويل». وأضاف الدبلوماسيون أن العقوبات الجديدة ستمنع الشركات الأوروبية من إنشاء مشاريع مشتركة جديدة مع مؤسسات في قطاع الطاقة في سوريا ومنحها قروضا وكذلك شراء حصص في الشركات السورية أو زيادة هذه الحصص.
إلى ذلك، أعرب وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه في بكين أمس عن اعتقاده أنه لم يؤثر على موقف الصين حيال قمع المظاهرات في سوريا، لاتخاذ موقف مشترك في الأمم المتحدة. وردا على سؤال حول ما إذا كان لديه انطباع بأنه تمكن من حمل الصين على «تطوير» موقفها، عبر التشديد على إصدار إدانة أو فرض عقوبات على سوريا في مجلس الأمن، أجاب جوبيه: «ليس فعلا». وأضاف جوبيه «قلت إن علاقاتنا (بين باريس وبكين) ممتازة، لكن هذا لا يعني أننا نتفق على كل الأمور».
وأكد أنه دافع لدى محاوريه الصينيين عن موقف فرنسا التي تنادي بصدور قرار من مجلس الأمن يدين القمع في سوريا. وقال جوبيه «أعربت عن أملي أن يطور الصينيون موقفهم في مجلس الأمن، على غرار ما فعلت الأسبوع الماضي مع (نظيري الروسي) سيرغي لافروف».
الدول العربية تدعو سوريا لـ«الحوار» وإيقاف «آلة القتل»
حمد بن جاسم: لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة
القاهرة: سوسن أبو حسين لندن: «الشرق الأوسط»
دعا وزراء الخارجية العرب أمس القيادة السورية لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف في سوريا. وقال الوزراء في بيان عقب اجتماع بالجامعة العربية إن الوضع الحالي في سوريا ما زال خطيرا للغاية ويتعين حدوث «تغيير فوري لوقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين التعرض لمزيد من العنف». وأكد البيان ضرورة إجراء حوار وطني في البلاد.
وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس الوزاري للجامعة العربية، إن «آلة القتل يجب أن تتوقف في سوريا»، مؤكدا أن «الجيش لا بد أن ينسحب من المدن».
وأضاف بن جاسم في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب: «لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة»، لذلك «قررنا أنه لا بد من وقف إطلاق النار قبل إيفاد وفد من الجامعة العربية إلى سوريا». وجاء هذا في تعليق الوزير القطري على البيان الصادر عن المجلس الوزاري للجامعة العربية الذي أكد أن «الموقف الراهن في سوريا لا يزال في غاية الخطورة، ولا بد من إحداث تغيير فوري يؤدي إلى وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل، الأمر الذي يتطلب من القيادة السورية اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما وافقت عليه من نقاط أثناء زيارة الأمين العام، خاصة ما يتعلق بوقف أعمال العنف بأشكاله كافة وإزالة أي مظاهر مسلحة والعمل على تنفيذ ما جرى إقراره من إصلاحات».
وقد قال الشيخ حمد بن جاسم، في خطابه الذي ألقاه في افتتاح اجتماع مجلس وزراء الخارجية في مقر الجامعة العربية أمس، إن الدول العربية تريد من سوريا أن تستخدم الحوار وليس السلاح في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ خمسة أشهر ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي يستخدم الدبابات والقوات، في محاولة لسحق الاحتجاجات. وقال الشيخ حمد: «نرى أن الحل لا بد أن يتوافر من خلال وقف استخدام السلاح، ووضع حد لإراقة الدماء، واللجوء إلى الحكمة والحوار»، حسب «رويترز».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كانت هناك بدائل في حال عدم تنفيذ سوريا وقف إطلاق النار وإذا ما كان البديل هو تجميد مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية، قال الشيخ حمد: «نأمل أن يتوقف القتال، وبحل سوري – سوري، أو سوري – عربي، وعلينا مسؤوليات نحن كعرب للحفاظ على الاستقرار في سوريا». وردا على سؤال حول النقاط التي وافقت عليها سوريا من المبادرة العربية أثناء زيارة الأمين العام، قال العربي: «إن هناك تجاوبا مثل وقف إطلاق النار والحق في ملاحقة المجرمين وتشكيل لجنة تحقيق، والإفراج عن بعض المعتقلين وفتح المجال أمام وسائل الإعلام لنقل الحقائق».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تراجع الوعد الأميركي بوجود فلسطين دولة عضوا في الأمم المتحدة وفق خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ عامين، قال الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني: «صحيح أعلن أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي ذلك، وأميركا دولة مهمة ومحورية، وإلى الآن نأمل أن الساسة في أميركا يدرسون مصالحهم حتى يأخذوا القرارات، وهى ليست معادية لإسرائيل وإنما هي إحقاق للحق».
وعلق الدكتور نبيل العربي قائلا: «الدول تتحمل مسؤولياتها، والدول التي تطلق وعودا قد تأخذ وقتا، ولكن العالم أصبح اليوم أكثر جدية في ضرورة إنهاء النزاع وإقامة دولة فلسطين المعترف بها من الدول والأمم المتحدة». وأضاف: «من حق المنظمة الدولية أن ترفع تمثيل دولة فلسطين وأن تطالب بالاعتراف بها إلى مستوى مراقب»، وقال: «شهادة ميلاد دولة إسرائيل هي نفسها شهادة ميلاد دولة فلسطين في القرار 181، وحتى إسرائيل عندما أعلنت استقلالها في عام 1948 أشارت إلى هذا القرار». وتوقع العربي أن يكون هناك تأييد حاشد من الدول بشأن قضية فلسطين. وفي السياق نفسه، بعثت 176 منظمة تعمل في البلدان العربية برسالة أمس إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، طالبة منه التحرك لإنهاء أعمال العنف في سوريا، ومعلنة دعمها لتوقيع عقوبات على المسؤولين عن القمع.
وكتب موقعو الرسالة المفتوحة التي تحمل عنوان «الصمت لم يعد خيارا.. السوريون لا يستطيعون الانتظار»: «نأمل أن تضطلع الجامعة العربية من الآن فصاعدا بدور أكثر فعالية وحزما لإنهاء الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان التي ترتكب ضد الشعب السوري».
وقال الموقعون: «نطلب من الجامعة العربية أن تدرج في خطتها طلب وقف أعمال العنف والإفراج عن جميع السجناء السياسيين والتعويض على ضحايا القمع»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأشار الموقعون إلى أنه «إذا كانت السلطات السورية ترفض التعاون، فإننا نطلب من الجامعة دعم اتخاذ عقوبات ضد سوريا ومسؤوليها، بما في ذلك عبر مجلس الأمن الدولي».
ومن الموقعين على الرسالة المفتوحة، الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، و«هيومان رايتس ووتش»، و20 منظمة مصرية غير حكومية، ومنظمتان سوريتان غير حكوميتين، وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية السودانية واليمنية والمغربية والموريتانية والأردنية واللبنانية والفلسطينية والتونسية.
 
سوريا تقدم مبادرة للإصلاح والديمقراطية عربيا.. واجتماع المجلس يرفضها
مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط»: الأمين العام وجه اتهامات للسلطات السورية بعدم كبح جماح عناصر الأمن السوري
القاهرة: صلاح جمعة
طرحت سوريا مبادرة تتعلق بتعزيز الديمقراطية والإصلاح في الدول العربية على اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ136 أمس، غير أن المجلس رفض التعامل معها. ووزع الوفد السوري في الاجتماع المبادرة على الإعلاميين، وقال إن مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري رفض التعامل معها.
وتتضمن المبادرة العمل على رفع حالة الطوارئ في البلدان العربية التي لا تزال تطبق هذه الحالة وإلغاء محاكم أمن الدولة في البلدان التي لديها مثل هذه المحاكم، كما تدعو المبادرة إلى حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الفعاليات للوصول إلى صيغة دستورية تضمن مشاركة الجميع وسيادة القانون، وعدم التمييز وتأكيد الحقوق الأساسية للإنسان وإعداد قوانين الانتخابات البرلمانية والإدارة المحلية.
وتضمن المبادرة وضع دساتير تضمن كافة الحريات وضمان إنشاء مجالس الشعب وتشكيل الأحزاب وحرية عمل المنظمات غير الحكومية، وتطبيق الأسس الديمقراطية والشورى والحكم الرشيد والمساواة، وصياغة قوانين فورية لحرية الإعلام، وحق التظاهر السلمي.
وعرض الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي على وزراء الخارجية العرب في جلستهم المغلقة الثانية التي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة أمس تقريرا حول نتائج زيارته الأخيرة لسوريا في ضوء تكليف مجلس الجامعة له في اجتماعه الطارئ يوم 27 أغسطس (آب) الماضي بنقل المبادرة العربية إلى القيادة السورية لمعالجة الأزمة هناك في إطارها العربي.
وصرح مصدر دبلوماسي عربي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن العربي عرض خلاصة مباحثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد، ورؤيته لكيفية تنفيذ ما ورد في المبادرة العربية والخطوات والإجراءات التي تم الاتفاق عليها مع القيادة السورية لحل الأزمة، خاصة ما يتعلق بحقن الدماء والإسراع في تنفيذ حزمة الإصلاحات وإطلاق الحوار الوطني، واستعداد الجامعة العربية للمشاركة في تسهيل هذا الحوار وفق آلية يتم التوافق حولها وفي إطار زمني محدد.
وأضاف المصدر أن الأمين العام وجه اتهامات للسلطات السورية بعدم كبح جماح عناصر الأمن السوري في تعاملهم مع الاحتجاجات، مؤكدا حق السوريين في التظاهر، إلا أن السفير يوسف أحمد سفير سوريا بالقاهرة مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية الذي يرأس وفد سوريا في الاجتماعات نفى مثل هذه الاتهامات وقال «إن ما ينشر في وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة وإن ما يظهر على شاشات القنوات الفضائية من اشتباكات هو من صنع عناصر مندسة»، على حد قوله.
 
الناشطون السوريون يدعون الدول «الصديقة» للأسد إلى أن تقف مع «الشعب الباقي وليس مع النظام الزائل»
مظاهرات في «ثلاثاء الغضب من روسيا» بالتزامن مع حملة اعتقالات ومداهمات واسعة
بيروت: ليال أبو رحال
خرج السوريون للتظاهر أمس في عدد من المدن والقرى السورية تحت عنوان «ثلاثاء الغضب من روسيا - لا تدعموا القتلة! لا تقتلوا السوريين بمواقفكم»، موجهين رسائل مباشرة إلى روسيا، احتجاجا على «دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وعرقلتها فرض عقوبات عليه»، واستنكارا لما وصفوه بـ«موقفها المخزي حيال الجرائم التي تحدث».
ولم تخل المظاهرات الحاشدة من عمليات اعتقال ومداهمات واسعة، لا سيما في منطقة دير الزور، حيث تم اعتقال عدد من الناشطين ومقتل آخرين، ذكرت صفحة «الثورة السورية» على «فيس بوك» اسم أحدهم، وأفادت باعتقال كل من تركي شامخ السلامة، وعلي أحمد المشعل ورياض عبود الملحم.
وحمل الناشطون على أداء روسيا ودعمها لنظام الأسد، وكتب القائمون على صفحة «الثورة السورية»: «النظام في سوريا نظام واجب السقوط، حتمي الزوال، فهو ينتمي إلى المرحلة السوفياتية في كل أشكاله ومكوناته، وهو نظام لا يملك من مكونات بقائه، إلا القمع ودعم (الأصدقاء)». وأضافوا: «هل تدرك روسيا أن أسلحتها تقتل المدنيين، وتقصف بيوت العزل لا لشيء إلا لأنهم يريدون حريتهم، هل تدرك روسيا أن أطفالنا يقتلون برصاصها، وأنها عندما تقف في وجه قرار يطلب الحماية الدولية للمدنيين، فإنها تساعد على قتل المزيد من الأبرياء وتختار أن تكون شريكة في الجريمة».
وتوجهوا للدول الحليفة للأسد بالقول: «أيها (الأصدقاء) كونوا مع الشعب الباقي ولا تكونوا مع النظام الزائل، فلا أحد سيقف في وجه (البيريسترويكا) التي بدأها الشعب، والعاقل من اتعظ بتاريخه»، مشددين على أن «الشعب الروسي، يعرف معنى الحرية، فقد جرب ستالين، وجرب منافي سيبيريا، وجرب أجهزة الأمن السرية والموت في أقبية المخابرات، واليوم، من المفروض أن تقف الحكومة الروسية مع الشعب السوري، لأنها تعرف تماما مسار التاريخ وتعرف ما معنى المراهنة على طاغية».
وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد أعلن في وقت سابق عن «عدم وجود حاجة لممارسة ضغط إضافي بعد أن فرض كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العديد من العقوبات على سوريا»، بينما أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي ميخائيل مارغيلوف أن «موقف روسيا تجاه الأزمة السورية يبقى ثابتا»، مشيرا إلى أن «الموقف الروسي ينطلق من ضرورة حل الأزمة السياسية في سوريا بسبل سياسية وليس عن طريق استعمال القوة».
وعكست التعليقات على مواقع وصفحات الإنترنت امتعاضا شعبيا لافتا من الأداء الروسي حيال الأزمة السورية، وطالت سهام النقد الموقف التركي الذي يكتفي بالتصريحات الإعلامية، متهمين كل الدول بالسعي لتحقيق مصالحها أولا.
وفي هذا السياق، توجه أحد الناشطين ويدعى علي، إلى روسيا بالتحذير قائلا: «إذا استمررتم في دعم من يقتلنا فسنعتبركم شركاءه في الجرائم»، بينما اقترح ناشط ثان يدعى مالك أن «يحرق العلم الروسي كل يوم، لأن ذلك سيشكل ضغطا من الشعب الروسي على السياسيين المسيطر عليهم من عصابات المافيا الروسية»، موضحا أن «من عاش في روسيا يعلم حجم الإهانة التي يعنيها «إحراق العلم الروسي للنظام الروسي، وهو أمر يرفضه الشعب الروسي الذي يقف مع الثورة السورية».
ووصف ناشط يطلق على نفسه لقب «جرثوم حر»، روسيا بأنها «كما الحرباء، تتلون دائما مع مصالحها ولا يعنيها ولو مات الشعب العربي كله»، مشددا على أن «ما يهمها هو أن تبيع أكبر قدر من السلاح وأن تبقي أسهم بورصتها خضراء».
وكتب ناشط آخر على صفحة «الثورة السورية»: «النظام الأسدي تجاوز في فظائعه كل الأنظمة القمعية في التاريخ، والنظام السوفياتي أرحم منه بكثير، فهو لم يرق نقطة دم عندما انتفض الشعب الروسي بوجهه عام 1991 وسلم السلطة وسقط النظام الشيوعي».
وبدا لافتا أمس مواقف عدة عبر عنها الناشطون بشأن الدور التركي، إذ اعتبر أحدهم أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «يبدأ من جديد جولة علاقات عامة عربية لتلميع صورته وصورة حزبه»، مطالبا إياه «بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع النظام السوري وإسقاط الشرعية عنه وفتح مخيمات اللاجئين للمنظمات الدولية والإنسانية، لأن هذا الملف بحد ذاته يشكل ضغطا كبيرا على صديقك بشار»، على حد تعبيره. وسأل ناشط آخر: «لماذا لم يصرح أردوغان بوجوب تنحي الأسد ولماذا أخرت تركيا الكثير من القرارات الأممية ضد نظام الأسد...».
 
موسكو تؤكد استمرار إمداد سوريا بالأسلحة وتكشف عن اهتمام سوري بمنظومات صاروخية بعيدة المدى
مسؤول عسكري روسي ينفي وجود خطط لإدخال تغييرات على نشاط القاعدة الحربية الروسية في طرطوس
موسكو: سامي عمارة
كشف الجنرال نيكولاي ماكاروف رئيس أركان القوات المسلحة الروسية، عن أبعاد التعاون العسكري مع سوريا على ضوء مشاركة وفدها العسكري في المناورات المشتركة التي جرت مؤخرا في منطقة شمال بحر قزوين. وأكد المسؤول العسكري الروسي عدم وجود أي خطط حول إدخال تغييرات على نشاط القاعدة الحربية البحرية الروسية في طرطوس، التي يسمونها مركز الصيانة، وإن أشارت المصادر إلى وجود عدد من الخبراء العسكريين الروس ممن يعملون في ميناء طرطوس لتطويره ماديا وتقنيا بما يتفق واحتياجات الأسطول الروسي في البحر المتوسط ودون الربط بين هذه التحركات والأحداث الجارية حاليا في سوريا.
وفي هذا الصدد نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مصادر عسكرية قولها إن سوريا وروسيا تسيران على طريق التعاون العسكري التقني بما يتفق والاتفاقيات المبرمة بينهما. وأشارت إلى اهتمام سوريا بإمدادها بمنظومات صاروخية للدفاع الجوي بعيدة المدى من طراز «إس - 300» ومتوسطة المدى من طراز «بوك» وقصيرة المدى من طراز «تور».
وكان الوفد العسكري السوري الذي شارك في المناورات المشتركة لبلدان الكومنولث قد شهد ما جرى من تدريبات على استخدام هذه المنظومات الحديثة وهو ما كشفت عنه صحيفة «كراسنايا زفيزدا» (النجم الأحمر) الناطقة بلسان وزارة الدفاع الروسية أبعاده بقولها إنه لم يكن من قبيل الصدفة حضور وفود من سوريا والجزائر والهند وماليزيا وإندونيسيا هذه المناورات وهي التي تعاقدت على شراء بعض من هذه التقنيات والمعدات العسكرية الحديثة.
وفي تصريحات سابقة لوكالة أنباء «إنترفاكس»، قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية إن بلاده تواصل التعاون مع سوريا في مختلف المجالات بما فيها العسكرية بموجب الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. أما عن صادرات روسيا من الأسلحة إلى سوريا أشار بوغدانوف إلى أنها لا تتناقض مع التزامات روسيا بتنفيذ كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية وهو ما يتفق أيضا مع الاتفاقيات الموقعة التي تستهدف تعزيز القدرات الدفاعية لسوريا.
وعلى صعيد آخر ذي صلة، كشفت مصادر روسية عن أن التدريبات الأخيرة للجيش الروسي استهدفت ضمنا التدريب على مواجهة احتمالات نشوب نزاعات مسلحة وأعمال شغب في روسيا على غرار ما تشهده بلدان ربيع الثورات العربية. وقالت صحيفة «آر بي كيه ديلي» الروسية نقلا عن مصادرها في قيادة الجيش إن هذه التدريبات جرت تحسبا لما وصفته بـ«الحروب الصغيرة الجديدة»، مشيرة إلى قرار وزير الدفاع الروسي حول تشكيل وحدات خاصة من القناصة سيجري تسليحها ببنادق قنص أجنبية الصناعة إلى حين تصنيع المناسب منها في الداخل وضمها إلى كل لواء في الجيش الروسي.
 
أردوغان لوزراء الخارجية العرب: نحن جسد واحد يشعر بعضنا بآلام بعض
رئيس الوزراء التركي: حان الوقت لكي يرفرف العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة
القاهرة: سوسن أبو حسين وصلاح جمعة
دخل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الجامعة العربية من البوابة التي يتزاحم أمامها المتظاهرون السوريون والتي كانت قد أغلقتها الجامعة وفتحت بدلا منها بابا جانبيا لاستقبال الوزراء العرب، وحيا أردوغان المتظاهرين الذين طالبوه بدعم حقوقهم المشروعة في الحرية والكرامة ودعم الثورة السورية والوقوف إلى جانب الشعب السوري.
وفي كلمته أمام اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية بمقر الجامعة العربية رفع أردوغان «العربي» كما أطلق عليه الشباب المصري، شعار أن «تركيا والعرب يد واحدة»، وانتقد المواقف والممارسات الإسرائيلية التي تنتهك كل القوانين والأعراف الإنسانية.
وجدد رئيس الوزراء التركي شروط بلاده لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقال إن على إسرائيل أن تعتذر وتعوض أسر الشهداء وترفع الحصار عن قطاع غزة، وإلا لن يكون هناك تطبيع للعلاقات بين تركيا وإسرائيل. وأشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين خفضت إلى مستوى سكرتير ثان وتم تعليق الاتفاقيات العسكرية، وتركيا لها سواحل في شرق البحر المتوسط وتستطيع اتخاذ كل التدابير لحماية الملاحة البحرية في البحر المتوسط.
وقال إن إسرائيل تحقق شرعيتها من جهة، وفي الوقت ذاته تقوم بممارسة غير مسؤولة، فهي تسحق الكرامة الإنسانية والقانون الدولي والاعتداء على المواكب الدولية (في إشارة إلى أسطول الحرية). وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت مطالبنا بالاعتذار، وتتجاهل القوانين الدولية، معلنا عن رفض تركيا للتقرير الأخير المعروف بتقرير بالمر، ووصفه بأنه أسير الذهنية الإسرائيلية، وأردف قائلا «إننا نعتبره كأنه لم يكن»، وحذر الأمم المتحدة وكل الأوساط الدولية بأنهم «إذا استمروا في دعم إسرائيل فإنهم سيكونون شركاء في الجريمة التي ترتكبها».
وقال رجب طيب أردوغان، موجها حديثه لوزراء الخارجية العرب، إننا نشاركم نفس العقيدة والدين والقيم والثقافة، وذلك سوف ينتقل للأجيال القادمة، فنحن جسد واحد يشعر بعضنا بالآم بعض. وأردف قائلا «إننا شعبان تم رسم قدرهما بشكل مشترك». وأضاف أن الطفل الفلسطيني الذي يبكي في غزة يجرح صوت الأمة في أنقرة، والصوت العالي في القاهرة يسمع في تركيا (في إشارة إلى صدى الثورة المصرية).
وأعرب أردوغان عن رؤيته المستقبلية التي تقوم على أن العرب والأتراك يستمدون قوتهم من بعضهم بعضا. وقال «يجب علينا توحيد صفوفنا، وأن نكون نحن أصحاب المستقبل، وأن نبرز ذلك للأجيال القادمة». وأضاف أن الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان يجب أن تكون شعارنا الموحد لكي ترى شعوبنا الأمل في المستقبل.
وقال رئيس الوزراء التركي إن نضال الشعب الليبي في مجال الحرية يستحق التقدير، منوها بقرار الجامعة العربية الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي.
وأضاف أن تركيا لا يمكن أن تتجاهل التطورات في الشرق الأوسط، لأننا لسنا فقط جزءا من جغرافية المنطقة، ولكن لأن لنا تاريخا مشتركا ومستقبلا واحدا.
ودعا أردوغان إلى إجراء الإصلاحات بالمنطقة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وقال يجب علينا تحقيق العدالة والحق والديمقراطية، وعلينا أن نقف صامدين في هذه المرحلة التي يكتب فيها التاريخ مجددا.
وقال إنني أحيي هذا الموقف العربي المشرف المطالب بالتغيير، وأردف قائلا «يجب أن يتحقق التغيير في المجتمعات العربية»، وأشار إلى أن «بعض الجهات تتعامل بحساب مع الثورات المدفونة داخل البلاد التي تشهد الثورات قبل أن تأخذ مواقف مؤيدة أو معارضة لرغبات شعوبها، ولكن تركيا لا تتعامل بهذا المنطق».
وقال أردوغان إن تركيا تقدم الدعم اللازم لكل المبادرات التي تطالب بحقوق كل من تضرروا من إسرائيل، فلا بد أن تدفع إسرائيل ثمن جرائمها.
وتابع قائلا إننا سنواصل جهودنا في محكمة العدل الدولية على كافة الجبهات لملاحقة إسرائيل.
وأكد أن القضية الفلسطينية هي قضية كرامة وتقتضي علينا أن نعمل في إطار هذه الحقيقة، معتبرا أن فلسطين هي قضية لكل الإنسانية ولكل المساندين للكرامة والعدالة، وأنها قضية حيوية حتى بالنسبة للسلام العالمي، لأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يقع في قلب هذه المنطقة، إذ اجتازت هذه القضية الحدود وأصبحت عالمية.
وقال إن الوضع الحالي في غزة لا يمكن استمراره، وإن على إخوتنا في فلسطين أن يعلنوا دولتهم المستقلة ويسعوا للاعتراف بها، فهذا ليس خيارا إنما ضرورة، وسوف ندعم هذا التوجه في كل المحافل الدولية، حتى نرى فلسطين في وضع مختلف تماما.
وأضاف «يجب أن نكون عازمين وحازمين في عملنا المشترك، وحان الوقت كي يرفرف العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة»، واختتم كلمته بالقول «تعالوا لنرفع علم فلسطين إلى السماء ليكون رمزا للعدالة والسلام في الشرق الأوسط».
 
الراعي والدفاع عن النظام السوري
عبد الرحمن الراشد
بطريرك الطائفة المارونية بشارة الراعي لم يخدم النظام السوري، بل أضر بالمسيحيين في سوريا، وبصورتهم في العالم العربي، عندما سافر إلى باريس وأبلغ الفرنسيين قلقه من سقوط النظام السوري ووصول جماعة أصولية سنية إلى سدة الحكم. فقد تلقف الخبر الجميع في المنطقة على أن بطريرك الموارنة يقوم بحملة للدفاع عن النظام السوري الذي يغرق في دماء مواطنيه، ويحرض ضد السنة في سوريا، ويريد من فرنسا الكاثوليكية، وهي لاعب رئيسي في محاصرة نظام الأسد، أن تقدم مخاوف المسيحيين السوريين واللبنانيين على دعوات إسقاط النظام بغض النظر عما يفعله في حق مواطنيه!
ولا أدري إن كان حرص البطريرك على سلامة رعيته يأتي من خلال وضعهم في مرمى الهدف بالدفاع عن نظام ساقط، أو بالاستنجاد بحمايتهم من نظام مفترض لا نرى له وجودا إلا في دعاية الإعلام الرسمي السوري الذي يخوف به العلويين والمسيحيين.
لا أحد سيقبل بنظام سني متطرف يستهدف أي فئة سورية، وسيحارَب من السنة كما حوربت الجماعات المتطرفة الأخرى وأُفشل وصولها إلى الحكم.
إن أكبر خرافة هي تلك التي تزعم أن النظام السوري ضمانة ضد التطرف الديني. الحقيقة أن النظام السوري هو الذي شجع التطرف في السنين القلقة الماضية، لولاه لما وجد اليوم حزب الله واستمر، ولولاه لما عاشت حماس و«الجهاد الإسلامي» التي ترعرعت في دمشق، ولولاه ما استطاع تنظيم القاعدة السني المتطرف التجمع في الشام، والانطلاق عبر الحدود وارتكاب جرائمه المروعة في العراق التي راح ضحيتها، من سنة وشيعة ومسيحيين، عشرات الآلاف خلال السنوات السبع الماضية، بحجة محاربة الاحتلال الأميركي. ولولا النظام السوري لما وجد الملالي في نظام إيران موطئ قدم في العالم العربي. فكيف يقول الراعي إنه يخاف من نظام سني متطرف يصل إلى الحكم في دمشق؟ إن أكبر راع للحركات الإسلامية المتطرفة كان ولا يزال النظام السوري، والبراهين ماثلة أمام أعين الجميع.
ولا يفترض أن يغيب عن القيادات المسيحية أن حرص النظام السوري على استخدامهم في الدفاع عنه لن يفلح في إنقاذه، بل سيورطهم فقط. لقد تجاوزت الأحداث إمكانية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وبات النظام يريد أن يجر معه، وهو يغرق، كل من يستطيع الإمساك به. وهذا ما يجعلنا نستغرب تورط رأس الكنيسة المارونية في الدفاع عن أسوأ نظام عرفته سوريا في تاريخها، نظام ولغ في دم المسيحيين والمسلمين في لبنان نفسه، بل إن هذا عبث سياسي خطير. ولا نستطيع أن نقارن شخصية في مكانة البطريرك مع سياسي مثل سليمان فرنجية ملتصق بالنظام السوري، أو سياسي متقلب مثل الجنرال عون، لأن كليهما سيسارع فور سقوط النظام إلى التبرؤ منه والالتصاق بمن يخلفه، كأي سياسي آخر يتنقل بحسب مصالحه. هل سيعود غدا الراعي ويتبرأ من أقواله ومن مشاركته في الدفاع عن النظام هناك؟ وماذا عن رعيته؟
وطالما أن البطريرك هو من يقول إن نهجه الصراحة والموضوعية، فإن الموضوعية تقتضي من القيادات المسيحية أن تشارك في الانتفاضة حتى تشارك في الكيفية التي تنتهي بها، وتشارك في صياغة مستقبل سوريا بدل أن تقف بعض هذه القيادات في الطرف الآخر من الشارع، إلى جانب النظام الذي لم يرتكب أخطاء جسيمة في ستة أشهر مضت فقط بل ارتكب أخطاء متسلسلة في أربعين عاما في حق السوريين وحق اللبنانيين بمن فيهم المسيحيون.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,637,389

عدد الزوار: 6,998,384

المتواجدون الآن: 77