بلمار ينصح بتفادي التخمينات و6 إلى 10 أسابيع أمام فرانسين

"حزب الله" يطرح "لا شرعية" المحكمة

تاريخ الإضافة الجمعة 10 كانون الأول 2010 - 6:07 ص    عدد الزيارات 2664    التعليقات 0    القسم محلية

        


بلمار ينصح بتفادي التخمينات و6 إلى 10 أسابيع أمام فرانسين
مسعى الحريري لجلسة السبت يحسم اليوم
"حزب الله" يطرح "لا شرعية" المحكمة

مع ان المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في مجلس النواب لم يترك بمضامينه وايحاءاته انطباعات متفائلة باحتمال تليين الشروط التي وضعها الحزب وحلفائه لعقد جلسة لمجلس الوزراء، بدا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري جاداً في المضي في مسعاه لتوفير حد معقول من التفاهم الذي يكفل كسر حلقة التعطيل.
وافادت المعلومات المتوافرة ليل أمس لدى "النهار" ان مسعى الحريري الذي واصل مشاوراته في اليومين الاخيرين، سيستمر اليوم بغية توجيه الدعوة الى عقد جلسة السبت المقبل، مما يفترض توجيه الدعوة اليوم، أي قبل 48 ساعة من الموعد، وتوزيع جدول الاعمال على الوزراء وفق الاصول، في حال اكتمال الموافقات على عقدها. وفهم ان الحريري كان ابلغ المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل الذي زاره قبل يومين موفداً من بري، انه سيدعو الى الجلسة وان ملف "شهود الزور" سيدرج على جدول الاعمال لكنه لن يكون بندأ اول كما تطالب قوى 8 آذار.
وافادت مصادر نيابية قريبة من الرئيس الحريري ان رئيس الحكومة يعتزم توجيه الدعوة اليوم على هذه القاعدة، اي بادراج ملف "شهود الزور" ولكن ليس بندا اول، ذلك انه اذا كان رئيس الحكومة يراعي وجهة نظر قوى 8 آذار في جدول الاعمال من خلال ادراج هذا البند، فان ذلك لا يكون بالضرورة من خلال ترتيب اولويات الجدول والا فان الاشتراط لا يعدو كونه رغبة في التعطيل وليس في التسهيل. واوضحت المصادر ان الحريري يريد لهذه الجلسة ان تكون جسراً للعبور من التعطيل الى العمل ودعوة للتواصل وليس للتحدي ولذا تريث في توجيه الدعوة الى اليوم من اجل مزيد من المشاورات.
ولفتت الى ان ثمة استحقاقات عدة تفرض على الحكومة الاجتماع واتخاذ قرارات، منها على سبيل المثال موضوع الانسحاب الاسرائيلي من الغجر، والخرق الاسرائيلي لشبكة الاتصالات والحملات على قوى الامن الداخلي، والحاجة الى التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتعيين خلف للمدير العام للامن العام المحال على التقاعد اللواء وفيق جزيني، علما ان ثمة تجاذبات عدة حيال هذا المنصب في ضوء وجود مرشحين لنافذين رسميين وسياسيين.
وقالت مصادر وزارية في قوى 8 آذار انه في حال توجيه الرئيس الحريري الدعوة اليوم فان وزراء هذا الفريق سيعقدون اجتماعا تنسيقياً ليقرروا موقفا موحداً من هذه الدعوة مع استبعاد عقد الجلسة هذا الاسبوع اذا لم توجه الدعوة اليوم تحديداً.
وقال النائب علي حسن خليل لـ"النهار": "نحن نريد بالطبع عقد جلسة لمجلس الوزراء ونرحب بالدعوة لانعقادها ليستمر مجلس الوزراء في المهمات المطلوبة منه، لكننا مع استكمال النقاش في البند الذي توقفت عنده الحكومة الا وهو ملف شهود الزور ونقبل في النهاية ونحترم النتيجة التي يتوصل اليها مجلس الوزراء في هذا الشأن".
واشار في مجال آخر الى "اننا نلمس كل يوم جدية اكبر حيال التسوية السعودية – السورية وقد ظهرت اشارات ايجابية ومشجعة في الفترة الاخيرة".
وفي هذا السياق استوقفت زيارة قام بها امس السفير السوري علي عبد الكريم علي للرئيس الحريري في السرايا عشية زيارة الرئيس السوري بشار الاسد لباريس اليوم ولقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساكوزي. ونقل السفير السوري عن الحريري "تفاؤله في ما يخص الجهود السورية – السعودية لانتاج وفاق وطني لبناني وحلول ترضي الجميع". وقال ان "سوريا متفائلة بان يتوافق الافرقاء والاخوة في لبنان على حلول تجنب هذا البلد اي انعكاسات سلبية"، مؤكداً ان "ابواب دمشق مفتوحة للرئيس الحريري". واستبعد أي انتكاسة امنية في لبنان نتيجة صدور القرار الظني للمحكمة الخاصة بلبنان آملا ان "تكون الحصانة مانعة لأي استهداف او استثمار سلبي".
وفي اطار التحركات الديبلوماسية المتصلة بالوضع اللبناني، وصل أمس الى بيروت نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري كالفر، ولم يعلن شيء رسمياً عن برنامج زيارته.كذلك افادت معلومات ان نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف سيصل الى بيروت بعد ظهر غد وسيلتقي المسؤولين الكبار.

 

"حزب الله"

في غضون ذلك، مضى "حزب الله" في حملته التصاعدية على المحكمة الخاصة بلبنان. وتميزت محطته الجديدة باختيار مجلس النواب منبرا لشرح موقفه من "لا دستورية" المحكمة و"لا شرعيتها" طاعنا بذلك في "مرحلة سياسية امتدت لأعوام وتاسست في ضوء التحقيقات والتسريبات وأدت افادت شهود الزور الى تغيير السلطة السياسية في البلاد".
وفي مؤتمر صحافي أعد باتقان تولى النائب محمد رعد عرض الموقف من "تسييس المحكمة الخاصة بلبنان وتعارضها مع معايير العدالة"، وشاركه في تقديم مطالعات قانونية عضو المجلس الدستوري سابقا سليم جريصاتي.
وركز رعد وجريصاتي على سبع نقاط أبرزها "انشاء المحكمة بآلية تخطت الدولة اللبنانية ودستورها، وتنصل المحكمة من شهود الزور، وانتهاك مبدأ السرية وقواعد الاجراءات والاثبات المريبة، واعتماد الادلة الظرفية من دون وجود شهود مباشرين".
واعتبر ان "محكمة مسيسة لا تلتزم أعلى معايير العدالة هي في النهاية محكمة لا ينتظر منها إحقاق حق ولا إقامة عدل بل لن يفاجئنا ان تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وأمنه واستقراره وسيادته". وإذ رفض القول إن تراجع لبنان عن التزامه المحكمة سيضعه في مواجهة الشرعية الدولية، اعتبر انه "اذا توحد اللبنانيون وتفاهموا على موقف جديد يحفظ مصلحة لبنان الوطنية فستتغير حتما المصالح والنظرة الدولية". ورأى "أن ملف شهود الزور هو الآن في ملعب رئيس مجلس الوزراء وهو نقطة أولى مدرجة على جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء ومن يستنكف ويؤخر انعقاد مجلس الوزراء هو الجهة التي يخولها الدستور ان تدعو حصرا الى انعقاد مجلس الوزراء".
ولوحظ ان رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وصف مؤتمر رعد وكذلك الخطاب الاخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بأنهما "خطوتان في الاتجاه الصحيح خلافا لما يفكر فيه البعض اذ ان لكل حزب او مجموعة او قيادي الحق في إبداء رأيه وعلينا احترام رأيه مثلما عليه احترام رأينا".
غير أن أوساطا في قوى 8 آذار قالت لـ"النهار" تعليقا على "بعض الردود الايجابية" على كلام رعد ان "أداء حزب الله" لن يبقى على الوتيرة نفسها عندما تقع الواقعة"، في اشارة الى صدور القرار الظني. وأضافت ان "لا فصل بين المحكمة والقرار الظني لان الموقف من المحكمة صدر مستندا الى سلسلة وقائع بدأها السيد نصرالله بعد 24 ساعة من لقاء بين وفد من الحزب والمحققين الدوليين في 30/3/2010 وبقي طي الكتمان حتى البارحة" حيث |أشار اليه النائب رعد في مؤتمره.
وقالت الاوساط نفسها ان نصرالله "رسم خريطة الطريق في التعامل مع المحكمة ثم جاءت اطلالاته في تموز وآب الماضيين والقرائن التي قدمها داعيا الى الافادة منها لعدم اغفال اتهام اسرائيل بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري".
وتوقعت ان تكون كلمة نصرالله في العاشر من محرم، ذكرى عاشوراء، في 17 من الجاري وافية في استكمال هذا البعد.

 

بلمار

في المقابل، قال مكتب المدعي العام الدولي دانيال بلمار ردا على سؤال لـ"النهار" كانت طرحته في موضوع الاتصالات الهاتفية ذات الصلة بالتحقيق الدولي، ان "سياسته هي عدم التعليق" على التحقيق، ونصح "بتفادي التخمينات".
وعما يشاع عن قرب صدور القرار الظني، كرر ما كانت أدلت به المسؤولة في مكتب الاتصال التابع للمحكمة الخاصة بلبنان في بيروت وجد رمضان من أن المدعي العام سيصدر بيانا عندما يقدم القرار الظني.
ونقلت وكالة "الاسوشيتد برس" امس عن الناطق باسم المحكمة الخاصة بلبنان كريسبين ثورولد ان مضامين القرار الظني ستبقى سرية الى ان يصادق عليها قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين وقد يتطلب ذلك مدة تروح بين ستة و10 اسابيع على الاقل، اعتبارا من التاريخ الذي يتم فيه تسليم القرار. ولفت ثورولد الى انه لدى تسليم القرار قد تمر أسابيع قبل نشر أسماء المتهمين أو أي اثبات ضدهم علنا وخلال هذه الفترة سيتولى قاضي الاجراءات التمهيدية مراجعة القرار الظني والمواد المدعمة له وتوضيح أي مسائل قانونية قبل المصادقة عليها او صرف النظر عن القرار الظني أو جزء منه.
 

  ارسال طباعة تصغير الخط تكبير الخط


 

الذكرى الخامسة لاستشهاد جبران تويني وعلامات الاستفهام هي هي
حرب لـ"النهار": جهة واحدة وراء كل الجرائم بدءاً من حماده
القضاء اللبناني عاجز وملفه فارغ والأمل بالمحكمة الدولية

لا يدرك المرء مدى الحاجة الى المحكمة الدولية الا متى اطلع على ملف الشهيد جبران تويني لدى القضاء اللبناني ليدرك مدى الظلم والاجحاف اللاحق بهولاء الشهداء، ذلك ان الملف يكاد يكون فارغاً الا من بعض الاوراق والمراسلات والافادات التي لا تقدم شيئاً ولا تفيد في الاشارة الى العدالة في تلك الجريمة المروعة التي اغتالت احد اعمدة الاعلام في لبنان ورمزاً متقدماً من رموز الشباب. وحال ملف جبران تويني في هذا الشأن لا يختلف عن ملف بيار الجميل وانطوان غانم وسمير قصير وجورج حاوي وفرنسوا الحاج ووسام عيد وكل قافلة شهداء الاستقلال الثاني الذين وقفت العدالة اللبنانية عاجزة عن حل طلاسم اغتيالهم واحاجيها المركبة، مما يستدعي حكماً تدخلاً يفوق قدرة قوس العدالة اللبنانية على ادارة التعامل مع ملفات وشؤون كهذه.
في الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد جبران تويني ترتسم علامات استفهام كبيرة حول طبيعة هذه الجريمة، وحقيقة ما جرى ومن يتحمل مسؤولية سفك الدم البريء؟. لكن رغم كثرة الاسئلة وحراجتها ودقتها، الملف فارغ تماماً وينام في الادراج نومة اهل الكهف، ولولا بعض أمل في العدالة الدولية لأمكن القول ان دم جبران تويني ورفاقه سفك هدراً ولا من يهتم ولا من يسأل.
انتقل ملف جريمة تويني من يد قاضي التحقيق العسكري رشيد مزهر سابقاً، الى قاضي التحقيق العدلي جهاد الوادي لينتهي بين يدي قاضي التحقيق العدلي جورج كرم، والنتيجة فراغ مدوّ وشهود "اختفوا من الوجود" وتهديدات بالقتل لم يحدد مصدرها، وهو ما يشير الى جملة استحالات وممنوعات تقف سداً منيعاً امام كشف الحقيقة بواسطة القضاء اللبناني، وهذا ما يشير اليه محامي آل تويني الوزير والنائب بطرس حرب الذي يتولى ادارة الملف في انتظار جلاء امر ما في لغز جريمة اغتيال تويني.
ويقول حرب: "الجريمة نفذت بإتقان وما من دليل واحد في الملف سوى رسائل التهديد والوعيد والانذارات التي تلقاها جبران عبر بريده الالكتروني او تلك التي وصلته عبر أرملته سهام عسيلي قبل اغتياله، ولما كان القضاء اللبناني عاجزاً عن التعامل مع هذه الادلة لكشف مصادرها نظراً الى التقنيات الحديثة التي تحتاج اليها، فقد ارسلت هذه الادلة الى لجنة التحقيق الدولية للتعامل معها وتحديد هوية اصحابها ومن ورائها، وخصوصاً ان عملية الاغتيال اعقبتها مباشرة".
ويأسف حرب لأن خمس سنوات مضت على الجريمة ولا جواب من القضاء اللبناني ولا من اللجنة الدولية عما تعرض له جبران تويني، والاجابة الوحيدة ان الابحاث لا تزال متواصلة ولم تحدّد هوية اي كان ولا البحث في نوعية المتفجرات ومصدرها كما مصدر السيارة الجانية وهويتها ومن وراءها.

"الجرائم المتلازمة"
الى هنا تبدو القضية عالقة في متاهة فقد الادلة والاحتراف العالي في ارسال التهديدات وتنفيذ الجريمة، مما يؤدي حكماً الى طريق مسدود، ويشرّع الباب امام ما يصفه الوزير بطرس حرب بـ"الجرائم المتلازمة" وذلك لجهة ارتباط اغتيال تويني بجريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، الامر الذي يؤهل لجنة التحقيق الدولية ورئيسها دانيال بلمار للربط بين مجموعة من جرائم الاغتيال بعد صدور القرار الظني ويتيح الفرصة لادخال جريمة تويني في اطار المحكمة الخاصة بلبنان لاقتفاء الادلة في جرائم الاغتيالات جميعاً. اما اذا لم يدخلها بلمار في هذا الاطار فستبقى جريمة تويني في عهدة القضاء اللبناني، وهنا يشرح حرب ان قاضي التحقيق العسكري السابق رشيد مزهر استمع الى عدد من اللبنانيين والسوريين، واوقف احدهم للاشتباه في أنه يملك معلومات ما، ثم عاد واخلى سبيله بعد حين قبل ان تنطلق اعمال المجلس العدلي الذي احيلت القضية عليه لتدخل في غياهب النسيان اسوة بالجرائم الاخرى المحالة عليه منذ 2005.

الشهود اختفوا !
والمفارقة في ملف الشهود في جريمة تويني ورفاقه، على ما يروي حرب، ان استنابات صدرت الى قوى الامن الداخلي منذ مدة لجلب بعض الشهود اللبنانيين والسوريين للاستماع اليهم مرة جديدة، لكن القوى الامنية لم تتمكن من العثور على هؤلاء، ولا تمكنت تالياً من ابلاغهم علماً ان بعضهم كانوا على صلة مباشرة بمسرح الجريمة، والاستماع اليهم او توقيفهم قد يوضح عدداً من النقاط في ملف الجريمة.
ويشير حرب الى مسألة ثانية، تتمثل في ما يصفه بـ"الاشاعات والتشويش على التحقيق القضائي ومحاولة اختراقه بروايات اعلامية وسيناريوات صدرت عن هذه الوسيلة الاعلامية او تلك، وخصوصاً ممن عرفوا جبران وناضلوا الى جانبه". ويتحدث تحديداً عن رواية تأجير سيارة تويني من الغير والتي كان يستقلها لحظة اغتياله. وفي رأي حرب، واستناداً الى التحقيقات الميدانية، ان ما قتل جبران كانت سيارة ركنت الى جانب الطريق وانفجرت لحظة مروره، وليست عبوة وضعت في سيارته، لأنه لو كانت تلك الرواية صحيحة لانفجرت السيارة في أي مكان وليس في هذا المكان بالضبط.

"جهة واحدة نفّذت"
ويتوسّع حرب في الشرح مشيراً الى "أن القضاة اللبنانيين لم يتمكنوا من السير بالتحقيق انطلاقاً من المعلومات المتوافرة عن الاغتيال بالذات، وكان جوابهم ان لا معلومات لدينا وتالياً اسقطوا في يدهم. ويرى ان مسار التحقيق اللبناني "لن يؤدي الى نتيجة لأن ثمة مؤامرة محّكمة قررتها ونفذتها جهة واحدة واستهدفت شخصيات لبنانية عدة بدءاً من مروان حماده الى آخر لائحة الشهداء، بدليل آلية التفجير المترابطة او المتقاربة في شكلها ووسائلها. وثمة سؤال كبير اطرحه على نفسي دائماً، وفحواه هل ستمر جرائم الاغتيالات هذه دون عقاب؟ وهل يفلت المجرمون من العدالة بسبب التجاذب السياسي الكبير حول مسلسل الجرائم الذي انطلق منذ اغتيال رفيق الحريري؟ ما يجري مدعاة للتساؤل عن قيم مجتمعنا وما اذا كان يقبل الانحراف عن المبادئ الاساسية التي تنظم حياة المجتمعات الانسانية وعلاقة الناس في ما بينهم لجهة اقامة العدل واحترام سلطة القانون، وكيف يمكن السياسة ان تعطل مسار تحقيق عدلي في جريمة طالت مسؤولين سياسيين ومواطنين لبنانيين".

إسكات جبران
يجزم حرب ان ثمة رابطاً كبيراً بين اغتيال رفيق الحريري وجبران تويني والجرائم الاخرى، وفي رأيه أنهم لم يقتلوا لأسباب شخصية بل لاسباب سياسية تتصل بموقفهم من النظام القمعي الذي كان قائماً ومطالبتهم بإسترداد القرار الوطني ورفع الوصاية وخروج الجيش السوري. ويشدد حرب على ان كلامه هذا لا يعني توجيه الاتهام الى اي طرف، "لكن هذه العناصر تشير الى قاسم مشترك بين كل هذه الجرائم. والمطلوب كان اسكات جبران تويني ومقالاته ومواقفه ونشاطه ورمزيته السياسية وشخصيته الكاريزماتية الشبابية والتي كانت تشكل ازعاجاً كبيراً لمن يخالفه الرأي".
ويضيف حرب "أن المحكمة الدولية لا تحصل حق جبران تويني ولن تعيده الى الحياة، ولا اعتقد ان ورثته طلاب جنية ولا ثأر، وغسان تويني اكد تكراراً انه يريد الحقيقة لا الثأر، لكن اهمية المحكمة انها تحقق امراً واحداً اذا ما تمكنت من اداء دورها كما يجب، وهذا الامر هو استمرار مراهنة اللبنانيين على مبدأ العدالة وعلى ان النظام الديموقراطي في لبنان لن يتحول قمعياً يعتمد العنف والقتل في الحياة العامة. جبران ورفاقه قتلوا لاسباب وطنية ولا يجوز لقاتلهم ان يعتقد ان القتل مباح في لبنان، هناك مليون جبران مستعدون للموت في سبيل لبنان، ولكن هؤلاء المليون سيتصدع ايمانهم بلبنان وبكل ما آمن به جبران اذا عرفوا ان العدالة لن تتحقق ولن ينزل العقاب بقتلته خصوصاً انه سقط من اجل خطاب وطني قائم على المساواة والديموقراطية والنظام السليم والحرية".
ويختم بأن "جبران كان مسيحياً ملتزماً رغم ان نصفه درزي، وكان مؤمناً بالوحدة الوطنية ويعي انه اذا انقسم لبنان فلن تكتب له الحياة، وأدرك ان مقتل الحريري ادى الى تحول كبير لدى المسلمين السنة بحيث جعلهم يؤمنون بلبنان وطناً نهائياً واسقطوا كل الاحلام والقضايا والمشاريع التي كانت سبباً للخلاف مع اللبنانيين الاخرين، فيما تراجعت غالبية الشيعة المؤيدة تاريخياً لسيادة لبنان واستقلاله عن التعلق بمفهوم الدولة الجامعة المتنوعة القادرة على حماية كل الناس، وذلك بتأثير من ظاهرة حزب الله ونتيجة التزام ولاية الفقيه ومفهوم الامة. وعلى اللبنانيين تصحيح اخطائهم لكي يبقى لبنان مساحة حياة مشتركة وملجأ للاحرار في هذه المنطقة، يتعايشون فيها معاً في اطار متنوع وديموقراطي. وفي الخلاصة فإن العمل على عدم صدور القرار الظني يجعل الشهادات طي النسيان ليتكرس مبدأ القتل السياسي في لبنان".

بيار عطاالله     

 

 


 

فنّد 7 نقاط وجريصاتي طالب  رئيس الجمهورية بموقف حاسم
رعد: كيف نأتمن محكمة تحوّلت قوس عبور للوصايات ؟
إذا تفاهم اللبنانيون على موقف جديد ستتغيّر المصالح الدولية

النائب رعد والقاضي جريصاتي خلال المؤتمر الصحافي في ساحة النجمة أمس. (علي فواز)
بعث رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد أمس الى من يعنيهم الأمر برسالة تتضمن موقف "حزب الله" من المحكمة الدولية، فسأل: "اذا كانت المحاكم الجنائية الدولية غير عصيّة على التسييس، وباقرار رئيس المحكمة نفسه، ووسط الانتقائية التي تسود عمل هذه المحاكم، كيف لنا ان نأتمن محكمة خاصة وهي محكمة تنفرد بخصائص تحوي كل عناصر الاستنسابية والتسييس، بدءاً بانشائها مروراً بعملها وانتهاء باجراءات التحقيق والمحاكمة؟".
ومن عنوان المؤتمر الصحافي الذي عقده رعد، تحت شعار "تسييس المحكمة الخاصة بلبنان وتعارضها مع معايير العدالة"، يمكن استنتاج مضمون المؤتمر الذي امتد ساعتين وفندّ نقاطاً سبعاً تظهر "انتهاك المحكمة الدولية للعدالة والقوانين ومبدأ سرية التحقيق"، من وجهة نظر "حزب الله".
وقد قدم رعد بمساعدة عضو المجلس الدستوري سابقا القاضي سليم جريصاتي، مطالعة قانونية تدعم الموقف السياسي لـ"حزب الله" من المحكمة.
اما في مكان المؤتمر، فقد آثر رعد، وفي وقت لافت، اختيار ساحة النجمة ليوجه كلامه، فكان ان اكمل سلسلة خطوات اتبعها "حزب الله" منذ فترة، فبعد كلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والمؤتمر الذي عقده الوزير شربل نحاس والنائب حسن فضل الله عن " الاختراق الاسرائيلي للاتصالات"، بدا مؤتمر أمس شبيهاً الى حد ما في الشكل بما سبقه في هذا الاطار من حيث طريقة تقديم المعلومات، عبر شاشة عملاقة والاعتماد على حجج قانونية لايصال الرسالة السياسية، والوعد بتحركات أخرى، من دون كشف تفاصيلها. وحين سئل رعد عن الخطوات اللاحقة، أجاب: "لا تستعجلوا، تابعونا خطوة خطوة".
وفي المضمون، لم يغب موضوع الاتصالات انما الهاتفية ايضا عن المؤتمر، وسأل رعد "ما حاجة التحقيق الدولي الى داتا كل الشعب، ولماذا تحديث هذه الداتا منذ ما قبل وقوع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اي منذ 2003 وصولا الى 2010؟ انها لمفارقة ان تشرع الحكومة مثل هذه الداتا بلا ضوابط، لمصلحة جهاز دولي متعدد الجنسية؟".
الى ذلك، يمكن تسجيل خمس نقاط قال رعد:
اولاً "ان المحكمة تجاوزت حدود اختصاصها في طلب قواعد البيانات، مما كشف شعبا بأكمله على جهات استخباراتية ودولية، واعلنت اعتمادها على ادلة ظرفية قاصرة. ولن يفاجئنا ان تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وامنه واستقراره".
ثانياً: "هناك مرحلة سياسية امتدت لأعوام وتأسست في ضوء التحقيقات والتسريبات وادت افادات شهود الزور الى تغيير السلطة السياسية في البلاد وترتب عليها توقيف عدد من الاشخاص، وعلى رغم اطلاق هؤلاء، لم تتوضح بعد موجبات التوقيف ومصير الشهود الذين ضللوا التحقيق".
وكذلك، ساهمت المحكمة في تفاقم "حالة التدهور الداخلي والانقسام بين اللبنانيين، فشرّعت البلاد على تدخل فاضح للقوى الغربية وباتت مدخلا واسعا للتسلل الاسرائيلي الى عمق قطاعات حيوية".
ثالثاً، "ان حزب الله طرح هواجسه على مندوبي المحكمة خلال اجتماع مشترك في 30 اذار 2010 ، وحتى الان لم يصل الى الحزب اي اجابة".
رابعاً، "ان ملاحقة الشهود هي المدخل الصحيح الى صدقية التحقيق".
خامساً، "لماذا سلك التحقيق مسار اتهام سوريا على مدى اربعة اعوام، وتحوّل الان نحو مسار آخر؟".
وبرز موقف لجريصاتي، اذ وضع الاخير الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، مطالباً اياه بـ"موقف رسمي واحد لبناني يعبر عما شرحناه من هواجس"، ويبرر كل الخطوات العملية التي ستتخذها الدولة اللبنانية مجتمعة وبإيعاز من رئيس البلاد".

"عريضة وتزوير"
 
استهل رعد المؤتمر بتسليط الضوء على نقاط عدة، فلفت الى ان "التسريبات الاعلامية متعمدّة ولها اهداف سياسية واضحة مكنت بعض الخصوم السياسيين من توظيفها واجراء محاكمات اعلامية وسياسية"، وسأل: "على اي جهاز امني في لبنان يعتمد محققو المحكمة؟، واذا كان الاعتماد عليه سابقا قد اوصل التحقيق الى نتائج مضللة، فان الاصرار على اعتماده في ما بعد، يعني اصرارا على الخطأ في توسل آليات لا يصح الاعتماد عليها. ثم ما هو الدور الاسرائيلي في التحقيق؟، وهل يعتبر العدو الغاصب واحدا من مصادر المعلومات التي اعتمدها المحققون؟".
وبدأ رعد تفنيد النقاط السبع، وكان جريصاتي يشرح "كل نقطة في مقاربة قانونية، والنقاط السبع هي: "انشاء المحكمة، تنصل المحكمة من شهود الزور، انتهاك مبدأ السرية، المريب في قواعد الاجراءات والاثبات، طلب قواعد بيانات كاملة وتحديثها بشكل دوري، اعتماد الادلة الظرفية من دون وجود شهود مباشرين، القيمة الثبوتية لدليل الاتصالات".
في النقطة الاولى، اشار رعد الى ان "آلية اقرار المحكمة تخطت الدولة اللبنانية ودستورها، اذ هرّبت من حكومة فاقدة الشرعية من دون ان يصادق عليها وفق الدستور، ولم يوقع الاتفاق رئيس الجمهورية، اختزلت صلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس النواب من حكومة هي في الاصل فاقدة للشرعية، وان نظام المحكمة اقرّته ارادة دولية تجاوزت الارادة الوطنية والمؤسسات الدستورية، واتت استجابة لمصالح الدول الكبرى الراعية لمجلس الامن".    
واوضح جريصاتي ان " آلية اقرار المحكمة تخطت المادة 52 من الدستور التي تولي رئيس الجمهورية صلاحية تولي المفاوضة في الاتفاقات الدولية، كما ان اعتماد اقرارها اتى استنادا الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير الشرعية آنذاك، عبر ارسال كتب رسمية الى الامين العام للأمم المتحدة يطلب فيها اصدار قرار عن مجلس الامن بنفاذ مشروع الاتفاق ونظام المحكمة، ومن دون موافقة السلطات الدستورية اللبنانية. واللافت ان الرئيس السنيورة وفي رسالته في 14 ايار 2007 ذكر ان الغالبية البرلمانية أيدت المحكمة، وكان المقصود عريضة من النواب وليس الهيئة العامة للمجلس، وهذا يعتبر تزويرا، اضف ان خمسة اعضاء من 15 عضوا في مجلس الامن لم يصوتوا على القرار 1757 القاضي بانشاء المحكمة، لا بل اعتبروا انه لا يجوز تخطي الامم المتحدة السيادة اللبنانية".

"شهود زور"
 
الى النقطة الثانية، "تنصل المحكمة من شهود الزور". واعلن جريصاتي ان "المادة 28 من النظام الاساسي الملحق بالقرار 1757 تنص على ان المحكمة ستعتمد اعلى المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائية. والسؤال، اي عدالة يكون فيها شاهد الزور محصنا وعصيا على كل مساءلة قضائية؟ كما ان عمل فريق مكتب المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار عمل على ايجاد الفتاوى القانونية التي تبرز عدم ملاحقة شهود الزور وليس العكس، وهي تبريرات واهية يتضح منها وجود نية مسبقة لعدم الملاحقة، فيما الحريص على معرفة الحقيقة يعمل على ايجاد التبريرات التي تتيح له الملاحقة وليس العكس باعتبار ان مساءلة شهود الزور تحمل قيمة تحقيقية تخدم في كشف المضللين والمستفيدين وربما الفاعلين".
واستنتج "ان ثمة ارتباطاً عضوياً بين صلاحية المحكمة في قضية اغتيال الرئيس الحريري وملاحقة شهود الزور الذين برزوا اثناء المسار التحقيقي الاول للقضية، اي خلال مرحلة عمل لجنة التحقيق الدولية، وان القاعدة الاولى من قواعد الاجراءات والاثبات تنص على ان كل القواعد تدخل حيز التنفيذ في 20 اذار 2009، وشهادات الزور السابقة لتلك القواعد لا تتناولها احكامها بصورة رجعية لان المحكمة التزمت 20 اذار 2009 كتاريخ لبدء نفاذ القواعد، واغفلت هذه الشهادات المعنية بهذا الجرم والتي اتت في معرض التحقيق الدولي السابق لهذا التاريخ، وهذه التجزئة الزمنية غير جائزة نظرا الى تلازم مراحل التحقيق الدولي وترابطها بمرحلة المحاكمة".
وخلص جريصاتي الى ان "محاولة المحكمة الفصل بين شهادة الزور بعد أداء اليمين وتحقير المحكمة حال الادلاء بشهادة كاذبة اثناء التحقيق هي بمثابة استحداث وصف جرمي جديد لشهادة الزور يخالف الوصف الوارد في المادة 408 من قانون العقوبات اللبناني".    
لم تغفل المطالعة القانونية "انتهاك مبدأ السرية"، وعدّد رعد الوسائل الاعلامية التي عمدت الى التسريبات، متناولة التحقيق الدولي، نقلا عن مصادر فيه ومنذ الساعات الاولى للاغتيال، ومنها، جريدة "السياسة" الكويتية موقع "ايلاف"، صحيفة "الفيغارو"، مجلة "دير شبيغل" الألمانية، وصحيفة "الموند"، واخيرا تقرير محطة "CBC” الكندية للتلفزيون. ورأى رعد ان "هذه التسريبات ليست عفوية بل هدفت الى القدح والذم والافتراء على المقاومة بمعزل عن القرار الاتهامي".    
 وشرح جريصاتي ان " المادة 53 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لحظت صراحة مبدأ سرية التحقيق، وان من شأن انتهاك المبدأ، عند اعتماد اعلى معايير العدالة الجنائية الدولية ان يبطل التحقيق، ولا سيما اذا استخدم لغايات سياسية محلية او اقليمية، من شأنها تقويض السلم الاهلي والاقليمي".
ثم عدّد المستويات التي تم خرق بهما مبدأ السرية، ومنها: "ألزمت قرارات مجلس الامن لجنة التحقيق الدولية نشر تقارير عن تقدّم اعمالها، وهذه التقارير، تنتهك مبدأ سرية التحقيق، والتقارير الاولى للمحقق ديتليف ميليس خير شاهد، كما ان العديد من المسؤولين اللبنانيين والاقليميين والدوليين وقادة عسكريين في كيان العدو الصهيوني ادلوا بتصريحات عن مضمون القرار الاتهامي المرتقب، وان تسريب بعض مفاصل التحقيق استخدم لاغراض سياسية محلية، فأصبح كأنه حلقة من مشروع سياسي كبير". وتوقف رعد عند ما يراه "مريبا في قواعد الاجراءات والاثبات"، وانطلق جريصاتي من النظام الاساسي للمحكمة، ليؤكد انه ان "وفق هذا النظام، فان قضاة المحكمة هم الذين يضعون قواعد الاجراءات والاثبات ويقومون بتعديلها عند الحاجة، مما يمس مبدأ استقرار القوانين الاجرائية الجزائية، وان القاعدة 5 من قواعد الاجراءات تتيح لقضاة المحكمة تعديل القواعد، التي تكون ممكنة بأصوات 7 قضاة من اصل 11 قاضياً، وهذا الامر يهمش الدور اللبناني، لان عدد القضاة اللبنانيين هو اربعة فقط، وهذا في ذاته، يفتح باب الاستنساب".
وشدد على ان " القاعدة 20 من قواعد الاجراءات تضع لبنان بأكمله تحت سلطة مجلس الامن من الناحيتين السياسية والقضائية، وتؤكد ان المحكمة هيئة غير مستقلة بل مرجعيتها مجلس الامن، وهذا الوصف ينطبق على وضع لبنان تحت الوصاية السياسية والقضائية الدولية. اما القاعدة 117 فتجيز للمدعي العام الاحتفاظ بسرية بعض المعلومات، اذا كان من شأن ابلاغها ان يؤدي الى المساس بالمصالح الامنية لاحدى الدول، فماذا اذا كانت اسرائيل هي الدولة التي يجب حماية مصالحها الامنية؟".    

داتا الاتصالات:
"كشف شعب"
 
وأثار رعد النقطة الخامسة المتعلقة " بطلب قواعد بيانات كاملة وطلب تحديثها بشكل دوري"، ومنها على سبيل المثال داتا الاتصالات الخليوية، وسأل : " ما حاجة التحقيق الدولي الى داتا كل الشعب، ولماذا تحديث هذه الداتا منذ ما قبل وقوع الجريمة، منذ 2003 وصولاً الى 2010؟ انها لمفارقة ان تقوم الحكومة بتقنين مثل هذه الداتا على الاجهزة الامنية اللبنانية، وتشرّعها بلا ضوابط، لمصلحة جهاز دولي متعدد الجنسيات؟".
ووفق الوجه القانوني، اوضح جريصاتي انه " لا وجود في مختلف مذكرات التفاهم مع لبنان، ما يلزم الحكومة تقديم مثل هذه المعلومات. وان تسليم كل معطيات داتا الاتصالات ومعلومات خاصة شخصية، من شأنه تشريع خصوصيات شعب بأكمله بحجة جريمة سياسية فردية، وفي هذا التصرف انتهاك للقوانين ولتنظيم ما يسمى الحقوق الاساسية والحريات العامة، وليس خافيا على احد ان انكشاف البلد بدأ منذ موافقة الحكومة على انطلاق بعثة تقصي الحقائق في شباط 2005 حين سمحت رسميا للمحققين التابعين لبيتر فيتزجيرالد ومن ثم للجنة التحقيق الدولية المستقلة، الاطلاع على وثائق ومستندات بطريقة لا يمكن ان تسمح بها اي دولة مستقلة".
وفي دراسة تبسيطية، قارب جريصاتي مسألة " اعتماد الادلة الظرفية من دون وجود شهود مباشرين"، ففسرّ ان " الادلة الظرفية هي ادلة غير مباشرة، وتتعلق باستخدام سلسلة من الوقائع لاثبات واقع معين، على خلاف الادلة المباشرة التي تثبت وجود واقع معين من دون استنتاج او افتراض، لذلك، فان الدليل المباشر هو اكثر موضوعية واثباتا من الدليل الظرفي. وفي تقريره السنوي في اذار 2010 ، قال رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي ان مرتكبي الجرائم الارهابية يؤسسون عادة خلايا سرية صغيرة، تعمل احيانا في شكل سري، ما يجعل الكشف عن هوية مرتكبي جريمة محددة، صعبا للغاية. اما المدعي العام دانيال بلمار فاعتبر في 24 اب 2010 ، ان ما يصل اليه من حزب الله من قرائن ومعطيات ومؤشرات عن احتمال تورط اسرئيل في اغتيال الحريري، منقوص، لذلك، ولو سلمنا جدلا بسلامة اللجوء الى الادلة الظرفية، فان التحقيق الدولي قد استخدمها بانتقائية واضحة تتجاوز معايير العدالة الجنائية الدولية".
واخيرا، تناول رعد وجريصاتي النقطة السابعة وهي "القيمة الثبوتية لدليل الاتصالات"، وقال جريصاتي: "الادلة الظرفية تقع في ادنى مراتب الاثبات لانها عرضة للخطأ او الزور، وهي لا تصلح دليلا ثبوتيا، ويمكن دحضها، وان دليل الاتصالات هو دليل ظرفي بحق، وقد اثبت الخبراء في مجال الاتصالات وجود عدد من الطرق التي تتيح التلاعب بالداتا واختلاق اتصالات وهمية، ومن اماكن جغرافية مختلفة، وبالتالي، فان دليل الاتصالات الذي بنى فريق المدعي العام تحقيقه وربما اتهامه عليه، غير صالح من الناحية القانونية".
وفي الختام، اوصل رعد الخلاصة الاتية: "إذا كانت المحاكم الجنائية الدولية التي تنظر في جرائم ارتكبت في الإنسانية غير عصية على التسييس، بإقرار من رؤساء هذه المحاكم والمدعين العامين لديها وقضاتها ومنهم أنطونيو كاسيزي عندما كان رئيساً لمحكمة أراضي يوغوسلافيا السابقة، وإذا كان القانون الجنائي الدولي لا يزال في بداياته المتعثرة ولا سيما في ضوء امتناع بعض الدول الوازنة من المساهمة في إنشاء المحاكم الجنائية الدولية الدائمة، وفي ضوء الانتقائية التي تسود عمل هذه المحاكم، كيف لنا أن نأتمن محكمة خاصة على الشكل والمضمون الموصوفين في هذا المؤتمر، وهي محكمة تنفرد بخصائص تحوي كل عناصر الاستنسابية والتسييس، بدءا بنشأتها، مروراً بعملها وانتهاء بإجراءات التحقيق والمحاكمة لديها؟
إن محكمة مُسيّسة لا تلتزم أعلى معايير العدالة، تجاوزت منذ نشأتها الدستور اللبناني وصاغت قرار إنشائها مصالح دولية تخطت إرادة اللبنانيين ومؤسساتهم الشرعية، وتنصّلت من صلاحيتها في ملاحقة شهود الزور وانتهكت تحقيقاتها مبدأ السرية، ونيط بها تغيير قواعد الإجراءات والإثبات بشكل مريب واستنسابي، وتجاوزت حدود اختصاصها في طلب قواعد البيانات وتحديثها مما كشف شعباً بأكمله على جهات استخبارية ودولية شتى، وأعلنت اعتمادها على أدلة ظرفية قاصرة وغير ذات قيمة ثبوتية، هي في النهاية محكمة لا يُنتظر منها إحقاقُ حق ولا إقامةُ عدل، بل لن يفاجئنا أن تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وأمنه واستقراره وسيادته".
وتلا جريصاتي رسالة كتبها كاسيزي في عام 2003، واعتبرها "شهادة من اهل البيت"، اذ كتب فيها كاسيزي "ان المحاكم الجنائية الدولية هي في مجملها شديدة التبعية للسياسة والديبلوماسية، وبتعبير اخر خاضعة لهما اكثر من اي محكمة وطنية".
وردا على سؤال، قال جريصاتي: "لبنان لم يوقّع بطريقة دستورية سليمة الاتفاق بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية كما لم يوقع بصورة دستورية سليمة نظام المحكمة. اذاً، ليس هناك من سحب توقيع، أما إذا اردنا وضع دفتي ميزان السيادة الوطنية في الشرعية الدولية فنحن لم نذهب هذا المذهب، لأننا لسنا في حالة صدام. انما يمكن الدولة اللبنانية أن تنازع في أي حين في موضوع المحكمة وفي تطبيق الاتفاق وتفسيره، ومن هنا ننطلق إلى الحل المنشود".
وأضاف: "المطلوب موقف رسمي واحد بإيعاز من رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور، كي يصار إلى توليد دينامية جديدة عبر موقف رسمي واحد لبناني يعبر عما شرحناه من هواجس، ووقائع محددة وثابتة في القانون، يقول إن هذه المحكمة لا تنتهك فقط دستورنا وسيادتنا الوطنية إنما أيضا تهدد استقرارنا. إن الموقف الرسمي الواحد يبرر كل الخطوات العملية التي ستتخذها في حينه الدولة اللبنانية مجتمعة بإيعاز من رئيس البلاد".
بدوره، سأل رعد "لماذا نفترض على المستوى السياسي، ان تراجع لبنان عن التزامه المحكمة سيضعه في مواجهة الشرعية الدولية؟ ان الاخيرة عندما أقرت المحكمة إنما أقرتها تبعاً لمصالحها آنذاك وهذه المصالح أخذت في الاعتبار الموقف اللبناني المنقسم، أما إذا اتحد اللبنانيون وتفاهموا على موقف جديد يحفظ مصلحة لبنان الوطنية فستتغير حتماً المصالح والنظرة الدولية".    
وكرّر ان "ملف شهود الزور الآن هو في ملعب رئيس مجلس الوزراء وهو نقطة أولى مدرجة في جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء.
ان من يستنكف ويؤخر انعقاد مجلس الوزراء هو الجهة التي يخولها الدستور أن تدعو حصرا إلى انعقاد جلسة مجلس الوزراء".
وسئل: "هل سيكون ثمة سيناريو فرض أمر واقع لإلغاء مفاعيل المحكمة على الأرض"، فأجاب: "لا تستبق الأمور، تابعنا خطوةً خطوة".
 

المصدر: جريدة النهار

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,749,099

عدد الزوار: 7,041,607

المتواجدون الآن: 104