هل صحيح أن الالتزام الوطني بات في مرتبة أخيرة بعد <الشخص> و <المذهب> و <الطائفة>؟

تاريخ الإضافة السبت 17 تموز 2010 - 6:44 ص    عدد الزيارات 2957    التعليقات 0    القسم محلية

        


تطورات كشف شبكات التجسس أكدت انتصارات الأجهزة الأمنية اللبنانية على <الموساد>
هل صحيح أن الالتزام الوطني بات في مرتبة أخيرة بعد <الشخص> و <المذهب> و <الطائفة>؟
<137 عميلاً مكتشفاً لغاية الآن وهناك الكثير من الشبكات النائمة>

لم يعد من المفاجآت أن تطل علينا وسائل الإعلام في لبنان بخبر إلقاء القبض على <عميل> يعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، فأخبار من هذا النوع كانت في مرحلة الخمسينات والستينات تهز البلد وتقوم الدنيا ولا تقعد، أما في زمننا هذا الذي نعيش فصوله المأساوية فقد بات خبر إلقاء القبض على شبكة تجسس تعمل لصالح العدو الصهيوني خبراً عادياً، حتى وإن كان أعضاء الشبكة ينتمون إلى السنّة أو للشيعة أو للموارنة أو الارثوذكس وغيرهم، والخبر عادي أيضاً إن كان العميل ضابطاً في المؤسسة العسكرية، أو مهندساً يعمل في إحدى شركتي الاتصالات (الرسمية)، ومن ثم لا فرق إن كان حزبياً أو حتى من المقرّبين للمقاومة أو مواطناً عادياً·

خبر إلقاء القبض على المتعاملين مع العدو الصهيوني، بعد كشف هذا الكمّ الكبير من شبكات التجسس، أصبح جزءاً من الأخبار السياسية المتداولة في الشارع السياسي اللبناني·

تفيد المصادر الأمنية انه تمّ إلقاء القبض لغاية الآن على 137 متعاملاً مع العدو، 95 بالمائة منهم يحملون الجنسية اللبنانية منذ الولادة (أباً عن جد)، فالحقيقة تُشير إلى أن مخابرات العدو الصهيوني تتحرك في أرض <رخوة> بات يسهل تجنيد العملاء فيها

· يبدو أن حزب العملاء للعدو الصهيوني بات من الأحزاب الكبيرة في لبنان، وبفاعلية تفوق أكبر الأحزاب حجماً، لما لهذا الحزب من احتلال مواقع حسّاسة، ولما يتوفر لديهم من إمكانات·

لم تبادر لغاية الآن الجهات الرسمية المسؤولة، ولا الأحزاب الوطنية من يسارية ومقاومة ويمينية ··· إلخ، كذلك لم تتطرق مراكز الدراسات إلى المبادرة وطرح السؤال الكبير الواجب طرحه امام جميع المعنيين من رسميين وأحزاب وهو: ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الحجم الكبير من العملاء اللبنانيين الذين باعوا حياتهم وحياة اهلهم ووطنهم بأرخص الأثمان للعدو الصهيوني؟·

مما يؤسف له أن هذا السؤال لم يطرح لغاية الآن على طاولة البحث والتشريح، فعندما يطرح هذا السؤال بهدف معرفة الأسباب الحقيقية، وقتها تتم مساعدة الأجهزة الامنية اللبنانية التي تقوم بواجبها على اكمل وجه، بل رجالها حققوا إنجازات وبطولات في مواجهة العدو الصهيوني·

وبعيداً عن <جلد الذات> يمكن القول بكل فخر واعتزاز أن كشف هذا العدد الكبير من الجواسيس يشكل انتصاراً كبيراً لمؤسساتنا الأمنية وخاصة شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومخابرات الجيش اللبناني، على أجهزة مخابرات العدو الإسرائيلي والتي تفوقها بالإمكانات المادية والبشرية والتقنية·

يرى مصدر سياسي أن حالة الانقسام القائمة في البلد وانعدام الوفاق الوطني، وتشتت الولاءات على الطوائف والمذاهب داخلياً وخارجياً على مراكز النفوذ اقليمياً ودولياً، كل ذلك اضعف الولاء الوطني، فالولاء للوطن بات بعيداً عن ثقافة المواطن اللبناني، وإن حضر فهو ليس في المراتب الأولى، فعندما يتقدّم عليه الولاء <للشخص> و <المذهب> و <الطائفة>، وقتها يسهل تجنيد البعض للعمل لصالح العدو·

ورأى آخر أن اضعاف مؤسسات الدولة لصالح مؤسسات الأحزاب والتيارات، وهذه الخلافات التي لم تنته منذ بداية السبعينات، أي منذ أكثر من أربعين عاماً، فرّقت وشوّهت المفاهيم والثقافات، فأصبحت مفاهيم <التخوين> و <الوطنية> و <اليمين> و <اليسار>، مغلفة بضبابية دفعت إلى هذا التشويه الحاصل في مفاهيم الوطن والوطنية·

ورأى آخرون أن استمرار التوترات وعدم الانسجام حتى داخل المؤسسات الرسمية وبين الطوائف والمذاهب، أنتج ظاهرة الشخص <غير الملتزم>، وهي ظاهرة خطيرة نمت مع أجيال منذ سنوات طويلة، وقد ساعد على انتشار ظاهرة انعدام الالتزام هذه انتشار البطالة والفساد، وفشل الأحزاب التي كانت تدّعي الوطنية وغيرها من الاوصاف والمبادئ السامية·

ما سبق ليس دفاعاً عن العملاء، فهؤلاء يجب إنزال أقسى العقوبات بحقهم، وإنما دفاعاً عن الوطن وعن عموم اللبنانيين وعن تضحيات الشهداء، وعن الأجيال الحالية والمقبلة، دفاعاً عن البلد من الانهيار، فالعلاج بالعقوبة وحدها لن تشكّل رادعاً، ويجب الا تترك الأجهزة الأمنية اللبنانية لوحدها في مواجهة العدو وإمكاناته الكبيرة·

رداً على سؤال حول الأسباب الكامنة وراء النجاحات المتتالية لشعبة المعلومات وكشفها لـ22 شبكة تجسس قال مرجع أمني <هناك عدد من الأسباب اهمها: التخطيط والتدريب، توفير تقنيات حديثة، استخدام عناصر شابة متخصصة استطاعت ان تستخدم بكفاءة عالية هذه التقنيات مما جعلها تتغلب على العدو الصهيوني، وتحقيق انتصارات في هذا الخصوص، ونحن نعمل بصورة دائمة لتطوير خططنا وتنمية قدرات العناصر الشابة، فنحن ندرك أن العدو يطور اساليبه دائماً ويستخدم تقنيات حديثة جداً>·

ما حققته الأجهزة الأمنية في مواجهة العدو شكّل انتصارات مطمئنة، وعدد العملاء القابع في السجون اللبنانية وهو 137 عميلاً رقم خطير خاصة وان هناك الكثير من شبكات التجسس النائمة وغير المكتشفة لغاية الآن (كل المعطيات تُشير إلى ذلك)·

على كافة الجهات المسؤولة من رسمية وحزبية ومراكز أبحاث ودراسات أن تطرح هذه القضية الخطيرة على طاولة البحث، بهدف معرفة الأسباب التي دفعت بهذا العدد الكبير ليعمل لصالح العدو، وبهدف القضاء على هذه الحالة المرضية من جذورها، فاستئصال الأسباب سيساعد أجهزتنا الأمنية على تحقيق انتصارات أكثر، فهذه الأجهزة بدل التهجم عليها والطعن في مسيرتها، علينا أن نقدّم لها كل ما هو مطلوب لدعم دورها في حماية الوطن كلّه·

حسن شلحة


 

المصدر: جريدة اللواء

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,701,884

عدد الزوار: 7,000,778

المتواجدون الآن: 80