قراءة في تمرد ميليشيات فاغنر الروسية ..هل سيصيب لبنان ما اصاب روسيا..؟؟؟..

الأحد 25 حزيران 2023 - 3:57 م     449     0

قراءة في تمرد ميليشيات فاغنر الروسية ..هل سيصيب لبنان ما اصاب روسيا..؟؟؟..

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات..حسان القطب..

كثيرة هي التحاليل والتفسيرات التي ناقشت ... انتفاضة او ثورة او تمرد مرتزقة فاغنر الروسية على السلطة السياسية في روسيا التي يمثلها ديكتاتور روسيا فلاديمير بوتين الذي يحكم روسيا الاتحادية منذ العام 2000، وعلى سوء اداء قيادة الجيش الروسي، في الحرب الروسية المعلنة على اوكرانيا منذ ما يقرب من العام والنصف تقريباً..

معظم هذه القراءات تمحورت حول ادانة مرتزقة فاغنر، واعتبار ان تمردها، انما هو:

نتيجة ارتباط بمخابرات خارجية وبهدف اضعاف روسيا:

والبعض الآخر اعتبر ان هذه التحركات كان فيها دلالة على طموحات سياسية لمؤسس فاغنر والمعروف بطباخ بوتين..(يفغيني بريغوجين)..وقد اشار الطباخ في كلمة له الى ان روسيا سوف يكون لها رئيس جديد قريباً..؟؟؟

هذه التعريفات لم تناقش صلب الموضوع وتداعياته، بل حاولت الصاق اتهام بقيادة المرتزقة، وتبرئة او اعطاك صك براءة لرئيس روسيا الديكتاتور فلاديمي بوتين..

بدايةً:

إن مرتزقة فاغنر، هي صنيعة القيادة السياسية الروسية، واستخدمتها القيادة الروسية للتدخل حيث تريد في دول متعددة، من سوريا الى ليبيا، ومالي، وافريقيا الوسطى والسودان، وموزامبيق..دون ان تكون السلطة الرسمية الروسية مسؤولة عن ممارساتها او ارتكاباتها، وهذا ما سبق ان فعلته الولايات المتحدة حين اسست او سمحت بانشاء مرتزقة (بلاك ووتر).. التي لعبت دوراً اجرامياً في العراق وافغانستان، واعتبرت الادارة الاميركية انها غير مسؤولة عن ممارساتها، وكل ما فعلته هو الاعلان عن تحقيق لمعرفة حقيقة ما جرى وتحديد المسؤوليات انما دون تحديد...فالنفس والروح والدور الاستعماري لا يختلف بين روسيا والولايات المتحدة.. منطق الاقوى هو الذي يحدد المسؤوليات.. ويتغاضى عن الجرائم..؟؟

استخدم النظام الروسي مرتزقة فاغنر في الحرب الدموية على الشعب الاوكراني، بهدف تغيير نظامه السياسي والتلاعب بديموغرافيته، وعندما فشل بوتين في حربه، اكتفى باعلان ضم اربعة مقاطعات اوكرانية للاتحاد الروسي، مع ان قواته لم تستطع السيطرة بالكامل على المقاطعات الاربع ولا زالت الحرب بعنفها ودمويتها مستمرة..

الوقوف عند ما جرى...

• اعتبر البعض في تحليلاته ان مرتزقة فاغنر باعلانهم التمرد هم في حالة خيانة، وهذا ما اكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين اتهم المرتزقة بانهم خونة... واذا كان صحيحاً انهم خونة ويتمردون على الدولة المركزية ويستهدفون الاستقرار السياسي للحكومة المركزية والاراضي الروسية، فكيف عفا عنهم بوتين عقب وساطة رئيس روسيا البيضاء (لوكاشينكو)..؟؟
• وكيف تم السماح بمغادرة رئيس المرتزقة، بريغوجين، بمغادرة روسيا الى روسيا البيضاء والطلب من القضاء الروسي وقف التعقب عنه وعن ميليشياته..؟؟ اذ كان خائناً او متورطاً في خيانة مع مخابرات اجنبية..؟؟؟ والبعض حدد المخابرات الالمانية كطرف متورط..؟؟؟
• منذ اشهر كان زعيم المرتزقة يحذر من تخلف القيادة العسكرية الروسية عن تقديم الدعم اللوجيستي من ذخائر ومواد تموينية لمرتزقته، واعلن عن هذا في تسجيلات مصورة تم توزيعهان واتهم في آخر تسجيل له الطيران الروسي بقصف معسكرات عناصره..ومع ذلك لم يتصرف بوتين ولم يتدخل لوقف هذا الصراع الداخلي ومعالجة التباين بين الفريقين..؟؟ وهو الرئيس الاعلى للقوات المسلحة الروسية..
• اشار طباخ بوتين الى ان انتفاضته هي ضد الفساد في القيادة السياسية والعسكرية..؟؟؟

قراءة في تداعيات ما جرى وتأثيره على مستقبل روسيا

• تبين ان وجود قوى مسلحة غير رسمية الى جانب الجيش في روسيا هي مشروع فتنة وصراع قد يقع في اية لحظة.. وثلاثية ...بوتين، الجيش، فاغنر، فشلت فشلاً ذريعاً.. وهذا الفشل ينطبق على كافة الثلاثيات..؟؟ ولذلك من ضمن الحل المطروح هو ضم المرتزقة الى الجيش الروسي..؟؟
• إن كان زعيم فاغنر يملك طموحاً سياسياً نتيجة مشاركته في حروب روسيا المتعددة والمتنوعة، معتبراً ان تضحيات مرتزقته، تسمح له بذلك فهذا ينطبق على سواه من اصحاب الرايات والتسميات والميليشيات.. وقد يندفعون لطلب مواقع سياسية او فرض واقع سياسي معين كما يجري في لبنان اليوم...؟؟
• إن الدفع بقوات شيشانية (كتيبة احمد) ذات الالتزام والتوجه الاسلامي، لمواجهة تمرد فاغنر، هو مشروع صراع وحرب اهلية ودينية في الداخل الروسي.. وقد يكون قبول زعيم فاغنر بالحل المطروح حلاً مقبولاً وبديلا لانهيار الداخل الروسية ودخوله في حربٍ اهلية ودينية..
• إن امتناع الجيش الروسي عن مواجهة مرتزقة فاغنر براً وجواً، خلال تحركها باتجاه موسكو يدل على ان هناك تململ وروح تمرد بدات تنشر ضمن الجيش الروسي، بعد الفشل الذريع في حسم الحرب على اوكرانيا والخسائر البشرية والمادية الضخمة التي تكبدها الجيش الروسي في هذه الحرب وهذا ما اشار اليه زعيم فاغنر في اكثر من تسجيل صوتي..
• إن عدم تحرك الشعب الروسي للوقوف في وجه ميليشيات فاغنر في شوارع مدينة روستوف، وغيرها من المدن التي تم عبورها، يدل على الغضب الذي يشعر به الشعب الروسي من القيادة السياسية الروسية واداء القيادة العسكرية ايضاً..
• اكد المشهد الروسي الذي كان جلياً امام العالم بأسره، ضعف القيادة الروسية السياسية كما العسكرية، وعجزها عن ادارة شؤون البلاد، بحكمة، كما تبين غياب الديموقراطية بالكامل عن المشهد السياسي الروسي، حيث تحرك القضاء لمحاكمة المرتزقة وزعيمهم، وتوقف القضاء عن ملاحقتهم، بطلب من ديكتاتور روسيان بعد الاتفاق السياسي.. مما يعني ان القضاء غير مستقل، كما ان المؤسسات الدستورية التي يجب ان تتفاعل مع هذا الواقع الخطير كانت غائبة بل بالاحرى غير موجودة..؟؟؟؟
• إن الدور الروسي الدولي، كدولة عظمى اصبح موضع شك وتساؤل..
• إن دولة الصين وهي المعنية باستقرار جارتها روسيا، اصبحت تتساءل عن مدى استقرار نظام موسكو، وتأثير وتداعيات اي حالة فوضى قد تصيب روسيا وهي تخوض صراعاً مريراً للحفاظ على دورها الدولي..

الخلاصة:

إن كل تشكيل مسلح خارج المؤسسات الرسمية هو مشروع فتنة، وصراع دموي قد يقع في اية لحظة، ودون سابق انذار، او في حال وقع خلاف شخصي بين قيادة الجيش وقيادة هذه التشكيلات او المجاميع..؟؟ وهذا ما جرى في العراق، منذ فترة قريبة بين الجيش والشرطة العراقية، وميليشيات الحشد الشعبي..؟؟ وما يدور الان من صراع مسلح في السودان بين الجيش السوداني وقوات الرد السريع الرديفة..؟؟ وهذا ما اصاب اليمن ايضاً حين تحالف علي عبد الله صالح رئيس اليمن حينها مع ميليشيات الحوثي، فانقلبت عليه وسيطرت على الدولة والجيش ولا زالت..؟؟

إن الديموقراطية، ليست مجرد تصويت في صندوقة الاقتراع بل هي مؤسسات تتابع عمل السلطة التنفيذية، وتسمح بمحاسبتها وتغييرها اذا فشلت في ادارة شؤون البلاد كما يجب مراجعة من قام بتاسيس هذه الميليشيات وسمح لها بالعمل في داخل البلاد كما في خارجها.. وازهاق الارواح دون مبرر او دون قرار سياسي يتحمل مسؤوليته الفريق الحاكم..

إن مرتزقة فاغنر سمحت لنفسها بتجنيد عناصر من السجون اي من المجرمين، كما من خارج البلاد من غير المواطنين، وهذا ما نراه ايضاً في ميليشيات اخرى في العراق ولبنان واليمن، حيث يتم تجنيد عناصر من خارج البلاد تحت مسمى مستشارين، او مناصرين او متضامنين مع محور سياسي واقليمي مسلح..

لذا فإن ما نخشاه ويثير قلقنا ومن حقنا ان نتساءل امام ما نشهده في روسيا وهي دولة نووية وعظمى ولاعب اساسي في السياسة الدولية.. هل سيصيبنا في لبنان ما اصاب العراق والسودان واليمن وروسيا مؤخراً...