أبو الحسن بني صدر لـ «الشرق الأوسط»: رفسنجاني مهندس الانقلاب ضدي وهو من جاء بخامنئي مرشدا

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 حزيران 2013 - 8:04 ص    عدد الزيارات 505    التعليقات 0

        

أبو الحسن بني صدر لـ «الشرق الأوسط»: رفسنجاني مهندس الانقلاب ضدي وهو من جاء بخامنئي مرشدا
الرئيس الإيراني الأسبق يكشف عن أن عملية «إزالة الخمينية» بدأت باغتيال أحمد الخميني ويعرض نفسه «بديلا ديمقراطيا»
فرساي: عادل الطريفي
اتهم الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر، هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية، بأنه كان مهندس الانقلاب ضده، وأنه كان وراء سنوات الحرب الثماني بين العراق وإيران. وقال بني صدر في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في منزله بمدينة فرساي الفرنسية إن رفسنجاني «هو من أتى بالسيد علي خامنئي من مدينة مشهد وجعل منه مرشدا خلفا لآية الله الخميني».

كما اتهم بني صدر المرشد الحالي في إيران بأن له علاقة باغتيال أحمد ابن الخميني، وذلك بغرض «إزالة الخمينية» والتخلص من جميع الذين كانوا مرتبطين بالخميني وعلى رأسهم رفسنجاني نفسه.

وعن الانتخابات الإيرانية المقبلة قال بني صدر إن مفهوم الجمهورية لا يمكن أن يتوافق مع مبدأ ولاية الفقيه، مؤكدا أنه من مميزات هذه الانتخابات أنه لو انتُخب مرشح مثل سعيد جليلي الذي قال صراحة في زيارة له إلى مدينة قم إن الرئيس ليس لديه رأي ودوره أن يطيع المرشد، فلن يعود للجمهورية من وجود سوى اسمها.

وعن إمكانية أن يتحرك الشعب الإيراني كما هو الحال في دول «الربيع العربي» قال الرئيس الإيراني الأسبق إنه بخلاف الشعب المصري الذي كان يطالب برحيل الرئيس الذي كان ممثلا للنظام فإن محور النظام في إيران هو ولاية الفقيه، ولا يمكن بحال من الأحوال الإصلاح أو التغيير في ظل ولاية الفقيه.

بني صدر اعتبر نفسه بديلا ديمقراطيا، مشددا على أن الدفاع عن حقوق الإنسان بالنسبة إليه يعتبر أولوية ولذلك فهو من المدافعين عن أمير حسين موسوي ومهدي كروبي وكل دعاة التغيير في إيران. وفي ما يلي نص الجزء الثاني والأخير من الحوار:

* هناك معارضون في الخارج منذ قبل رحيل الشاه وحتى الآن. لماذا لم تتشكل معارضة موحّدة طوال الثلاثين سنة الماضية؟ - أولا، ماذا تعني المعارضة؟ عندما تكون معارضا تحدّد نفسك كمعارض للآخر. والآخر هو النظام. المعارضة في الغرب لها معنى. لأن النظام مقبول من الجميع. مثلا، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يحكم الآن فرنسا، واليمين يعارضه وهي المعارضة. في إيران، هل نقبل بهذا النظام؟ كلا. بالتالي، نحن نحدّد أنفسنا كأنصار للديمقراطية. ونعدّ النظام عائقا يجب التخلّص منه. وعلى صعيد الديمقراطية.. الديمقراطيون لا يعارض بعضهم البعض. أما المعارضون الذين يعتمدون على البلدان الغربية، مثل الملكيين أو السيد مسعود رجوي ومجموعته، فكيف يمكن أن نتحّد مع الذين يجهلون ما هي الديمقراطية؟ والذين هم مرتبطون بجهات خارجية..

* قالت مريم رجوي مؤخرا إن «الربيع العربي» سيطال طهران، وقالت إن المعارضة -ممثلة بمجاهدين خلق - مستعدة لأن تكون بديلا للنظام. فهل تعتقد أن هناك من يحاول وضعهم كبديل للنظام؟ وهل تطرح نفسك أنت كبديل؟ - بالتأكيد. أعتبر نفسي بديلا وكذلك جميع الاتجاهات الديمقراطية. ولكن كيف يمكن اعتبار فصيل كان معتمدا على صدّام خلال كلّ سنواته في الحكم ديمقراطيا؟ واليوم، ها هي تدّعي أنها تلعب دور «اللوبي» في واشنطن. أهذا هو البديل عن النظام الإيراني؟ مجموعة ضغط بيد واشنطن؟

* لقد جرى رفع تهمة الإرهاب عنهم في الاتحاد الأوروبي ومؤخرا من قبل الخارجية الأميركية، ألا يعدّ ذلك تمهيد لدور محتمل لهم في المستقبل؟ - أعرف، نعم. هذا يعني أنك عندما تكون معتمدا على قوّة خارجية، فأنت يوما إرهابي وفي يوم آخر لستَ إرهابيا. ولهذا السبب، لا تملك تلك المجموعات أي قاعدة في إيران. فهي لا تمثل عنفوان شعب. إنهم رمز الاحتقار. أن تخضع للأجنبي، بالنسبة للإيرانيين، شيء لا يمكن القبول به. لا ننسى أننا قمنا بثلاث ثورات خلال قرن. وفي هذه الثورات الثلاث، كان شعارنا الاستقلال والحرية. فكيف يمكن أن يكون المرتهنون للخارج مقبولين من شعب كان شعاره ولا يزال الاستقلال والحرية؟

* في 1996 خرجت مظاهرات الطلبة وكتبت أنت في حينه مستبشرا بهذا الحراك.. هل أنت مؤمن بإمكانية إصلاح النظام من الداخل؟ - تحرّك الشعب الإيراني منذ أربع سنوات، ضدّ الانتخابات، كان شعاره: «أين بطاقة اقتراعي؟ هذا يعني أني أقبل بالنظام، لكني لا أقبل بالتزوير». هذا هو الفارق الكبير، مع الشعب المصري، على سبيل المثال. عندما تحرّك الشعب كان شعاره: «مبارك.. ارحل». لهذا السبب استطاع النظام أن يقمع هذه الحركة. ثانيا، لا يمكن تغيير نظام أو إصلاحه في الاتجاه المعاكس لمحوره الرئيس. محور هذا النظام ولاية الفقيه. كيف يمكن الإصلاح ضدّ ولاية الفقيه؟ مستحيل. في اتجاه هذا المحور، الأمر ممكن، أي العمل أن تتوطّد ولاية الفقيه نهائيا، هذا أمر ممكن. ونلاحظ أنه منذ خاتمي.. خامنئي في ظلّ ولاية الفقيه تثبّت. الآن، فإن الدولة بين يديه.. الإصلاح إذن لا معنى له. ولذلك لا يمكن للإصلاحيين أن يشرحوا ما هو الإصلاح. أحيانا يتحدّثون عن إصلاح البنية، دون شرح ذلك وماذا يدور في أذهانهم عندما يتحدثون عن الإصلاح البنيوي. إذا جاءوا واجتمعوا بي يقولون إن ذلك يعني إلغاء ولاية الفقيه. أما إذا كان الحديث علنيا، فيكتفون بالقول إنهم إصلاحيون. في الدستور ما يكفي للإصلاح. ولكن لا يشرحون أبدا كيف. لأنهم يعرفون جيدا أن الدستور لا يسمح بذلك.

* خلال هذه المدة، هل حدث تواصل بينك وبين الإصلاحيين في إيران، في 1996 مثلا. هل تتواصل معهم ويتواصلون معك؟ - هناك اتصالات نعم، منذ أربع سنوات..

* وهل دعوك إلى العودة إلى إيران؟ - كلا لم يدعوني للعودة إلى إيران. أصدقائي في إيران لديهم أحيانا اتصالات، تفسيرات.. لأن الدفاع عن حقوق الإنسان بالنسبة لنا أولويّة. يستطيع أي كان أن يدافع عنها إذا لم تكن حقوق الإنسان محترمة. لذا، نحن ندافع عن أمير حسين موسوي ومهدي كروبي بالنسبة لمسألة حقوق الإنسان.

* ما رؤيتك لمختلف الفترات الرئاسية التي عقبتك. كيف تقيّمها؟ - هناك ميزة عامة إذا جاز التعبير. أنا والخميني.. ثم الخميني والخميني.. ثم هاشمي رفسنجاني وخامنئي.. خاتمي وخامنئي.. ثم أحمدي نجاد وخامنئي. لا وجود دائما لأي معارضة. الواحد ضد الآخر. وهذا يعني أن الجمهورية لا يمكن أن تتوافق مع مبدأ ولاية الفقيه. ومن مميّزات هذه الانتخابات أنه لو انتُخب جليلي، على سبيل المثال.. لقد ذهب إلى قم وهناك قال إن الرئيس ليس لديه رأي، بل إنه يطيع المرشد. وهذا يعني أنه بهذه الحالة، لن يعود للجمهورية وجود سوى اسمها، لتصبح كلمة بلا مضمون. إلى جانب هذه الميزة العامة، أي التناقض بين الجمهورية وولاية الفقيه، السيد رفسنجاني يختلف عن خاتمي وأحمدي نجاد، باعتباره أحد مؤسّسي هذا الوضع. لقد كان مهندس الانقلاب ضدّي، وهو وراء سنوات الحرب الثماني، ثم انتهى في الإرهاب وهو الذي جعل من خامنئي مرشدا وذلك بإبراز خطاب من الخميني إلى اية الله علي مشكيني الذي كان في حينه رئيس مجلس الخبراء ويقول فيه إنه يمكن للمرشد ألاّ يكون من أعلام المجتهدين. أخضعت هذه الرسالة لخبيرين دوليّين وأكّد الاثنان أنها مزوّرة. وأنها ليست بخطّ الخميني. وقد نشرت صحيفة «لوموند» في حينه تقرير الخبرة. منذ أيّام.. أو ربما منذ أسبوعين، شرح السيد هاشمي رفسنجاني، متحدثا إلى والي إحدى المحافظات سابقا، «كيف جئت بخامنئي من مشهد وجعلته عضوا في مجلس الثورة وكيف جعلتُ منه مرشدا». هذه هي الحقيقة. والفساد تفشّى أيضا في عهده. المافيا المالية العسكرية تكوّنت في أيّامه. خاتمي، مقارنة برفسنجاني، كان أكثر طاعة للمرشد. أو قل إنه كان أقلّ معارضة له. وهو لم يكن فاسدا. قد أقول إنه كان أكثر ضعفا، إزاء خامنئي، من هاشمي رفسنجاني. أمّا أحمدي نجاد، فظاهرة أخرى. فهو تكوّن على يد هؤلاء: خامنئي، هاشمي رفسنجاني.. كان طالبا في أيّام الثورة. وهو يجسّد النظام. إنه صنيعة هذا النظام. يراوغ مثلهم وبسهولة تجعلنا نتصوّر أنه يقول الحقيقة.. يتصوّر من ينصت إليه أنه يقول الحقيقة، وفي الواقع هو يراوغ. لا شيء غير السلطة له معنى بالنسبة إليه. تماما مثل رفسنجاني.

* هل فاجأك تمرّد أحمدي نجاد على خامنئي؟ - لقد قلتُ للتوّ إنه صنيعة أولئك الناس. وتمرّده شبيه بتمرّد الابن على أبيه. كان يعتبر نفسه «من السراي» ولم يكن يفهم لماذا يتدخّل خامنئي يوميا في مجاله.

* لماذا يصر المرشد على استبعاد رفسنجاني رغم عدم تحديه لسلطته؟ - أوّلا، إنها القاعدة في السلطة. بوفاة الذي كان يجسّد السلطة، يحاول من يخلفه أن يلغي كلّ ما كان له علاقة بسلفه الراحل. فهو بحاجة إلى أشخاص يطيعونه هو. وفي الحكم، يسري الأمر نفسه. عندما يموت الحاكم يقوم الابن الذي يخلفه بإبعاد جميع الذين كانوا يعملون مع أبيه ويستبدل المقربين منه بهم. ما إن استطاع السيد خامنئي أن يُمسك بزمام الأمور، بدأ عملية «إزالة الخمينيّة». وبدأ بالتخلّص من جميع الذين كانوا مرتبطين بالخميني، بدءا باغتيال ابنه، أحمد.

* تقول إن لخامنئي علاقة مباشرة باغتيال أحمد ابن الخميني؟ - نعم.. سعيد إمامي، الذي كان نائب وزير «السافاك».. وهي مثل سافاك الشاه إن لم تكن أكثر دموية.. إذن، سعيد إمامي قال إن أحمد الخميني كان يتخذ مواقف مناهضة للمرشد الجديد. نقلنا كلّ ما كان يقوله في اجتماع العلماء، مصباح يازدي وخوشباه واثنان غيرهما الذين قالوا «إن رجلا كهذا، حتى لو كان ابن الخميني، يجب قتله. وقد قتلناه». وقال وكيل المحاكم العسكرية لحسن الخميني، ابن أحمد: «لقد اغتيل والدك». إزالة «الخمينيّة» بدأت إذن باغتيال أحمد. وحتى اليوم، كل من كان قريبا من الخميني تمّ إبعاده. وبالنسبة لهاشمي رفسنجاني، فإن خامنئي يتّصف بأنه انتقامي. انتقامي جدا. عندما كان رئيسا للجمهورية وكان هاشمي رفسنجاني رئيسا للبرلمان، لم يكن رفسنجاني يترك لخامنئي أي صلاحية أو دور. والآن.. اختار أحمدي نجاد رئيسا بالضبط بسبب هاشمي رفسنجاني. ومنذ ثماني سنوات، لم يتوقف إلغاء هاشمي رفسنجاني كإحدى دعائم النظام.. حتى بالنسبة لإمكانياته الاقتصادية.. وحيث كان يعمل أبناؤه فقد تمّ طردهم. وعلّقت البنوك منح الاعتمادات لهم. إذن تمّ الحدّ من نشاطهم الاقتصادي. والدعاية ضدّ هاشمي رفسنجاني لم تتوقّف حتى اليوم. وأظنّ أن خامنئي سيكمّل عملية إزالة الخمينيّة. ولذلك تمّ استبعاد هاشمي رفسنجاني.

* ولكنه لم يقض على رفسنجاني، فقد مدد له في مجلس تشخيص مصلحة النظام. لماذا خامنئي لا يريد التخلّص تماما من رفسنجاني؟ - كيف تريدون أن يتخلّص منه؟ بإلغائه؟ لقد فعل ذلك إلى حدّ كبير. رفسنجاني لم يعد شيئا، لم يعد سوى رئيس «مجمع تشخيص مصلحة النظام»، وهذا لا يمثل شيئا ولا يغنيه عن الخضوع للمرشد. هو الذي كان يُعتبر فوق المرشد بات الآن تحته. وينظر إليه الجميع على أنه رئيس ذلك المجمع ويخضع للمرشد وهذا ما يتعيّن على الجميع أن يفعلوه.

* هل هناك نيّة في حفظ ماء وجهه؟ - كلا! كيف تحفظ ماء وجهه باحتقاره؟ أعطاه المرشد منصبا لا أهميّة له على صعيد السلطة التنفيذية أو القضائية. ولكنه في الوقت نفسه يمثل الطاعة للمرشد. وهذا ما يناسب تماما خامنئي. احتقاره، تحديدا. أنت لست سوى ما عيّنتك فيه.

* هناك روايات كثيرة حول طريقة هربك. منها أنك تدثرت بعباءة امرأة كما يقول خصومك. ما هي القصّة الحقيقية؟ - القصة الصحيحة أني ذهبت إلى القاعدة الجوّية في ثياب عسكرية؛ لأنها كانت الوسيلة الوحيدة للدخول إليها. أعطاني أحد أعضاء هذه القاعدة بطاقته. وبهذه البطاقة دخلنا ونحن في سيّارة. هذا ما في الأمر.

* لديك مكتبة كبيرة. ماذا تقرأ؟ - أولا أقرأ عندما أعمل على موضوع ما. منذ ربع قرن، أعمل على الديمقراطية. ومجمل هذا العمل يمثل 10 مجلّدات. ولكلّ من هذه المجلّدات، علي أن أقرأ. وقد قرأت الكثير. على سبيل المثال هناك كتاب عن العدالة. العدالة في الغرب منذ زمن الإغريق وحتى النظريات الحديثة. وكذلك عندنا في الشرق. وخصوصا في القرآن. فكم من كتب يجب أن تقرأ لتطّلع على كلّ هذا. لا أدري.. أكثر من 400 كتاب.. حول العدالة.

* ما الجديد في مشاريعك الكتابية؟ - لقد أنهيت مؤخرا الكتاب الثاني حول أجهزة الديمقراطية. وآخرها المجتمع المدني. هذا آخر مؤلفاتي. وآخر جزء في هذا الكتاب يدور حول المجتمع المدني. وأما الكتب التي قرأتها لذلك، فكثيرة. مثلا، مؤلفات هابرماس.. وحقوقيين.. لنلق نظرة على المراجع.. هناك 357 مرجعا.

* هل تشاهد أفلاما؟ - كلّ مساء. أفلام إيرانية مثلا. أنا بعيد عن إيران وهذه وسيلة لأكون على صلة يومية بها. المشاهد، الوجوه.. وأحيانا أشاهد أفلاما أخرى.

* هل شاهدت فيلم «الافتراق»؟ وهل أعجبك؟ - نعم، شاهدته. وأعجبني. إنه فيلم جيد جدا. فرادي مخرج جيد. وقد حازت الممثلة بطلة فيلمه («الماضي») المعروض في «كان» جائزة أفضل ممثلة.

* وعبّاس كياروستامي، هل تشاهد أفلامه؟ - نعم، طبعا. فيلم «طعم الكرز»..

* هل ندمت على أشياء في حياتك؟ - أشياء كثيرة، نعم. في كتاب «الأمل المغدور»، عددتُ 12 خطأ ارتكبتها. والأكثر مرارة كان.. السيّد الخميني. كانت ثقتي عمياء. وقد تمت خيانة هذه الثقة المطلقة.

* في كتاب إحسان نراغي.. يذكر أنك كنت تلميذا له، وأنك ساهمت في وصول الخميني إلى السلطة. - لا، لم أكن تلميذه، بل هو كان تلميذي.. فيما يتعلّق بخطاب الثورة. هنا، كان الصحافيون يطرحون أسئلتهم قبل الذهاب إلى السيد الخميني. وكانت هناك لجنة تهيّئ الأجوبة. والخميني كان يردّد فقط هذه الأجوبة. لم يكن الخطاب من الخميني، بل مني. والدليل أنني منذ الثورة وحتى الآن، ما زلت أردّد الخطاب نفسه. عندما وصل هو إلى طهران، نسي هذا الخطاب. ومع الأسف، لم يستعِد أحد هذا الخطاب. إذن بالنسبة لخطاب الثورة، أنا علّمتُ السيّد الخميني. كيف كان يمكن أن يجيب صحافيي العالم عن أمور يجهلها؟ ومن الخطأ القول إني ساعدت الخميني، لأن الثورة قام بها الشعب الإيراني. إلاّ أنه أنجزها بذلك الخطاب عن الإسلام. إسلام الحرية. إسلام التقدّم. إسلام الاستقلال. إسلام العدل. تقدمة مهمة. إنها ثورة عظيمة بالنسبة للعالم الإسلامي. الخروج من ذلك الانقسام بين السني والشيعي وما إلى ذلك لتصبح مسلما بمعنى خطاب إسلام الحرّية. الإسلام كخطاب حرّية. بيان الحرّية.

* ميشال فوكو.. ومثقفون فرنسيون آخرون اتصلوا بالثورة. هل تعتقد أنهم تسرّعوا في قراءة الحدث؟ - لا.. زارني فوكو مرّتين. كان يريد أن يعرف كيف استطاع شعب أن يصنع ثورة عفوية في تنظيمها. وكما تعلمون، كان يقول في كتبه إن جميع الخطابات هي خطابات سلطة. وفي نقاشي معه، سألته: برأيك ألا نستطيع التفكير وتقديم خطاب حرية؟ لم يكن يعتقد ذلك. وعلى أساس الثنائية الفلسفية، لا بدّ لي من القول إنه لا يستطيع، بل لا يمكنه تصوّر خطاب حرية. قلت له إن الأمر ممكن انطلاقا من التوحيد. وبرأيي إن القرآن هو خطاب الحرية هذا. غير أن الغرب يجهل ذلك. باستثناء الفيلسوف إنغلز. لأنه يقول إن العرب هم الذين اكتشفوا التوحيد.

* لقد تجاوزت الثمانين قبل بضعة شهور، كيف ترى نفسك الآن، مثقفا أوّلا أم سياسيا أوّلا؟

- أعتبر نفسي شخصا عمل كلّ حياته تحديدا من أجل العودة إلى خطاب الحرّية هذا. النشاط السياسي أقوم به بحكم المسؤولية وليس كمهنة. لم أعتبر نفسي يوما شخصية سياسية، بل كمناضل.

* ما أقرب كتبك إليك؟ - مبادئ القرآن. حقوق الإنسان في القرآن. العقل أو الإدراك الحرّ.

* هل يقرأون كتبك الآن في إيران؟ - (كلّ الكتب) متاحة في إيران، حتى كتب ستالين. بني صدر وحده تمنعه الرقابة. لكن كتبي قرئت وتقرأ. مثلا على موقع بني صدر، كتابي عن المرأة هو الأكثر قراءة. لا أستغرب ذلك. فنسبة الشباب بين الإيرانيين كبيرة. وهم لهذا السبب يهتمون بهذه الكتب.

* هل تقرأ روايات إيرانية؟ - من حين لآخر أقرأ الروايات. آخر رواية قرأتها هي «كيميا خاتون» لسعيدة قدس هي قصة فتاة تحكي قصة حياتها. توفي والدها وتزوّجت أمها جلال الدين الرومي. تحكي قصّة حياتها وسط حريم جلال الدين الرومي.

* كيف ترى علاقة دول الخليج بإيران؟ - مع رفسنجاني كانت العلاقات جيدة. وهي الآن سيئة. أعتبر أنه لو بدأت شعوب المنطقة، ابتداء من الاستقلال، بالتعاون فيما بينها، لتمكّنت من أن تتقدّم على نحو لا يمكن تصوّره في الوضع الحالي. انظروا كيف نهضت آسيا. لا يمكن للعالم الإسلامي أن يتأخّر عنها. فجزء كبير من آسيا مشكّل من بلدان إسلامية. والحضارة هي أيضا حضارة البلدان الإسلامية. إننا أكبر دائرة حضارية في العالم. من أقصى الشرق حتى جبل طارق. إنه عالم كبير. لماذا نترك العنف يدمّرنا؟ ونترك الآخرين يصنّفوننا بأننا «إسلام العنف» وأن المسلمين شعب يستبسل في تدمير نفسه؟

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,615,232

عدد الزوار: 6,957,446

المتواجدون الآن: 57