فتفت لـ «الراي»: اذا صحّت فهي ليست لتسهيل زيارة رئيس الحكومة وتعني وجود قرار سياسي وراءها

الاستنابات السورية بحقّ «فريق الحريري» تثير «دوياً مكتوماً» في بيروت

تاريخ الإضافة الثلاثاء 8 كانون الأول 2009 - 7:00 ص    عدد الزيارات 3085    القسم محلية

        


بيروت - من ليندا عازار|
... انتظَروها من لبنان زيارة «استثنائية» تحمل رئيس وزرائه سعد الحريري لدمشق على قاعدة «التجاوز السياسي» للاتهام الذي وجّهته قوى «14 مارس» للنظام السوري بالوقوف وراء اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وسائر الجرائم المتصلة، فجاءتهم «المفاجأة» من سورية على شكل استنابات قضائية «تستدعي» الفريق السياسي والإعلامي والأمني لـ «الضيف» الذي كانت زيارته حتى الأمس القريب لـ الشام «ضرباً من الخيال»، للمثول امام قاضي التحقيق الأول في دمشق، لاستجوابهم في دعوى المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد حول «شهادة الزور والافتراء الجنائي وحجز الحرية» في ملف اغتيال الرئيس الحريري.
الأكيد ان الاستنابات التي شملت 24 شخصية لبنانية، بينهم وزراء سابقون ونواب حاليون ورؤساء أجهزة امنية وإعلاميون وقضاة (منهم النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا) والمستشار الإعلامي لرئيس الحكومة هاني حمود، جاء وقعها في بيروت على طريقة «الدوي المكتوم» وأحدثت «صدمة» لناحية «توقيتها» الذي تزامن مع وضع التحضيرات لزيارة الحريري لسورية على «نار قوية» وضرْب مواعيد «وشيكة» لها بعد نيل حكومته الثقة في البرلمان، وربما في مستهلّ جولة عربية له.
كثيرة علامات الاستفهام التي ارتسمت في بيروت، حيال خطوة دمشق التي شملت ايضاً رئيس لجنة التحقيق الدولية السابق ديتليف ميليس وأحد مساعديه وترافقت مع مذكرات توقيف بحق نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام ومحمد زهير الصدّيق. ورغم اقتناع كثيرين بانها «حركة بلا أفق» على المستوى القضائي، فان «الرمزية» السياسية لـ «الرسالة السورية» بدت كبيرة، وإن برز حرص من فريق رئيس الحكومة وإعلامه على محاذرة الاندفاع في ردود «ساخنة» وإبقاء هذا الملف في عهدة المعالجة «على البارد» خشية إعادة الأمور الى «النقطة الصفر» في موضوع زيارة رئيس الحكومة لدمشق والتي ستتم تتويجاً لتفاهُم سعودي - سوري بات يظلّل مجمل المشهد اللبناني المسترخي.
وفي رأي أوساط «14 مارس» ان سورية التي كانت تعتبر زيارة الحريري لها بمثابة «حاجة» في لحظة عودتها الى «البيت العربي» عبر «الحضن السعودي» ومعاودتها «ربْط» الخطوط مع الغرب، تحاول عشية «فوزها المضمون» بمصافحة نجل الرئيس رفيق الحريري لرئيسها بشار الأسد ان تُظهر ان زيارة سعد الحريري «ضرورة» له في «خطواته الأولى» على رأس حكومته الاولى، وان بإمكانها ان تحاول انتزاع المزيد من «التنازلات» منه وإن المعنوية من دون ان يُمس «مبدأ» الزيارة المقررة والتي تحكمها، من وجهة نظرها، «تفاهمات كبرى» ربما تكون تجاوزت ملف اغتيال الرئيس الحريري والمحكمة الدولية.
وفي قراءة الأوساط نفسها لـ «الراي»، فان الاستنابات الصادرة عن القضاء السوري والتي لم يكن لبنان حتى يوم امس تسلّمها رغم اشارة تقارير صحافية الى انها باتت في «أدراج» القاضي ميرزا تشكل محاولة لإرباك جدول أعمال زيارة الحريري لدمشق بملفات «طارئة»، و«الأهمّ» إزاحة الانظار عن «الطابع الرمزي» لهذه الزيارة والذي يربط سورية بشكل مباشر او غير مباشر باغتيال الرئيس الحريري.
وتستحضر هذه الدوائر مذكرات الجلب التي كانت سورية أصدرتها في مايو 2006 بحق رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والوزير آنذاك مروان حمادة والصحافي فارس خشان (الأخيران مشمولان بالاستنابات الجديدة) بتهمة «تحريض الادارة الاميركية على احتلال سورية» و«التشهير» بدمشق عبر تحميلها مسؤولية التفجيرات والاغتيالات في لبنان، وهي المذكرات التي سُلمت الى الانتربول في دمشق ولم تنفَّذ.
ومعلوم ان آلية تسليم لبنان بلاغات الاستجواب، التي لفت الإعلان عنها مع وجود مدّعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار في بيروت حيث التقى امس مدير عام الأمن العام اللواء وفيق جزيني، يفترض ان تمرّ عن طريق القنوات الديبلوماسية، من خلال الحقيبة الديبلوماسية التي تنتقل من وزارة العدل في دمشق إلى وزارة الخارجية ومنها إلى السفارة السورية في بيروت، فإلى وزارة الخارجية اللبنانية ثم وزارة العدل، ومن ثم الجهات القضائية المعنية، علماً ان مصادر قانونية اشارت الى أن الصلاحية هي بين يدي القضاء اللبناني لتنفيذ هذه الاستنابات أو عدمها.
وفي حين يُرتقب ان يحضر هذا العنوان المستجد في مداخلات نواب مسيحيي «14 مارس» في البرلمان ابتداء من اليوم في إطار التطرق الى بند العلاقات اللبنانية السورية، لم يكن اتضح حتى عصر امس كيف سيتعاطى نواب «تكتل لبنان اولاً» (يترأسه الحريري) مع هذا المعطى في مداخلاتهم في جلسات الثقة، مع العلم ان رئيس الحكومة كان ابلغ اليهم في الاجتماع الاخير الذي ترأسه ضرورة التعامل بكل انفتاح وجدية وإيجابية خلال مناقشة البيان الوزاري، بما في ذلك، إذا جرى التطرق للعلاقات مع دمشق.
وفيما رفض المعنيون بالاستنابات السورية التعليق عليها باستثناء النائب حماده الذي اكتفى بإعلان «يرضى القتيل ولا يرضى القاتل»، دعا النائب في «كتلة المستقبل» احمد فتفت الى وجوب التأكد اولاً اذا كانت الاستنابات جدية ام لا.
وقال فتفت لـ «الراي»: «ما قيل عن صدور الاستنابات جاء على لسان شخص واحد هو المعني (بالدعوى اي اللواء السيد)، ولكن لا شيء يؤكد حتى الساعة ان هذه الاستنابات موجودة، ولا معلومات لديّ عن ان المراجع والقضاء اللبناني تسلّمها».
ورداً على سؤال، أوضح انه «اذا كانت هناك فعلاً استنابات من هذا النوع، فهذا يعني ان ثمة مَن لا يريد تطوير العلاقات اللبنانية السورية وان هناك مَن يسعى الى عرقلة المناخ الايجابي الذي يبرز في لبنان في اتجاه تحسين العلاقة مع دمشق وبنائها على اسس متساوية على ان تكون من دولة الى دولة».
واذا صح أمر الاستنابات هل سيؤثر ذلك على زيارة الحريري لسورية؟ اجاب: «لا اعرف. هذا موضوع يعود الى دولة الرئيس ان يقرره. ولكن بالتأكيد ان هذه، اذا صحّت، ليست استنابات لتسهيل الزيارة». وهل يؤيد شخصياً ان يزور الحريري سورية اذا كانت الاستنابات صدرت فعلاً؟ قال: «قبل التعليق يجب الوقوف على الإطار الحقيقي للموضوع. ولكن اذا صح أمر الاستنابات، فهذا يعني ان ثمة قراراً سياسياً وراء الموضوع، فالجميع يعلمون ان القضاء السوري كما الإعلام في سورية مسيّس ولا استقلال له».
واكد النائب عمار حوري (من كتلة الحريري) لـ «الراي» «اننا لا نزال في مرحلة التأكد اذا كانت الاستنابات وصلت الى الجانب اللبناني، وحتى الساعة يمكن القول ان لا شيء ورد على المستوى القضائي ولا على المستوى الديبلوماسي».
ورأى النائب نهاد المشنوق، «أن توقيت الاستنابات القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق الأول في دمشق في حق عدد من المواطنين والمسؤولين اللبنانيين، أقل ما يقال فيه انه غير لائق سياسيا وديبلوماسيا، وهو بمثابة اعتداء على الجو الذي ساد في الفترة الأخيرة عن إيجابية سياسية سورية تجاه لبنان وتجاه استقرار لبنان للمرة الاولى منذ عشر سنوات».
اضاف: «أخاطب الرئيس السوري بشار الأسد بأن يعالج هذا الملف بسعة صدره ومسؤوليته القومية عن حسن سير العلاقات اللبنانية السورية من دون الالتفات إلى الأساليب الثأرية التي يطالب بها لبناني من بيروت فيستجيب له سوري من دمشق أياً كانت صفة الاثنين».


المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,179,385

عدد الزوار: 6,981,933

المتواجدون الآن: 58