"التناقض لا يوقف التفاوض".. ما المتوقع بين أنقرة ودمشق بعد "شرطي الأسد"؟...

تاريخ الإضافة الثلاثاء 17 كانون الثاني 2023 - 9:18 م    عدد الزيارات 426    التعليقات 0

        

"التناقض لا يوقف التفاوض".. ما المتوقع بين أنقرة ودمشق بعد "شرطي الأسد"؟...

الحرة .. ضياء عودة – إسطنبول... تساؤلات تثار حول الأجندة المتوقع طرحها خلال الاجتماع المحتمل بين الأسد وإردوغان

لمرتين وفي لقائين منفصلين مع الروس والإيرانيين اشترط رئيس النظام السوري، بشار الأسد، خلال الأيام الماضية "إنهاء الاحتلال ووقف دعم التنظيمات الإرهابية"، للدفع بالحوارات مع أنقرة، ولكي تكون "اللقاءات مثمرة".

ورغم أن الجانبين قطعا مرحلتين على صعيد العلاقة المستجدة بينهما، إلا أن هذين المطلبين قد يعرقلان الانتقال للمرحلة الثالثة، وهي اللقاء على مستوى الساسة.

وبعدما أعلنت أنقرة ودمشق، قبل أسبوعين، عن اجتماع جمع وزراء دفاعهما ورؤساء الاستخبارات في العاصمة الروسية، موسكو، اتجهت الأنظار إلى اللقاء الذي كان من المقرر أن يتم بين وزيري الخارجية، مولود جاويش أوغلو، وفيصل المقداد، في النصف الثاني من شهر يناير الحالي.

وفي حين أطلقت الكثير من التصريحات التركية بشأن الموعد المذكور، إلا أن التوقيت بقي مثار جدل وتباين، فيما أعلن جاويش أوغلو مؤخرا أنه قد يجتمع مع نظيره المقداد، في أوائل فبراير المقبل، بينما لم يعلّق الأخير، مكررا "شرطي الأسد" في مؤتمر صحفي، وفي أعقاب لقائه مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في العاصمة السورية، دمشق.

ولطالما اعتبر مراقبون أتراك وسوريون أن الطريق الخاص بإعادة العلاقات بين تركيا والنظام السوري سيكون "وعرا"، لاعتبارات تتعلق بطبيعة الملفات الخلافية القائمة، منذ سنوات طويلة، وفي حين فتح اللقاء على مستوى وزراء الدفاع في موسكو بابا هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقد، إلا أن الرياح التي هبّت منه بعد ذلك حملت تفاصيل المشهد المعقّد. ومع ذلك وعلى الرغم من التناقض الذي بدا في وجهة نظر كل من أنقرة ودمشق، منذ بداية العام الحالي، إلا أن مراقبين أشاروا في حديثهم لموقع "الحرة" إلى أن ذلك "لن ينهي بالضرورة مسار المفاوضات القائم"، والذي ترعاه بالأساس وتحاول المضي به روسيا، حليفة الأسد.

"تناقض وتفاوض"

وبعد اللقاء الوزاري، في 28 ديسمبر من العام المنصرم، لم تتكشف الكثير من التفاصيل التي ناقشتها تركيا مع النظام السوري، بينما تلّخص ما ساد لاحقا بأن الملفات التي تم بحثها تركزت على مسألة "مكافحة الإرهاب" ومسار عودة اللاجئين، بصورة آمنة وطوعية.

علاوة على ذلك أشار مسؤولون أتراك على رأسهم وزير الدفاع، خلوصي آكار، إلى أنه تم التوصل إلى جميع الاتفاقات اللازمة خلال "لقاء موسكو"، متحدثا عن الاتفاق على إنشاء مركز مشترك وتطوير تسيير الدوريات المشتركة في الشمال السوري، بالإضافة إلى استمرار اجتماع الخبراء مرة أخرى.

وأضاف في إحدى تصريحاته، في الرابع من يناير، أن "الاجتماع سيستمر.. ويمكننا تطوير الدوريات المشتركة مع روسيا في شمال سوريا، وستستمر هذه العملية في شكل اجتماع للخبراء مرة أخرى". في المقابل، وبينما لم تترجم أي خطوة على الأرض، لم يبد النظام السوري أي تصريح لتوضيح ما تمت مناقشته مع الجانب التركي، لكن، وبموازاة ذلك، نقلت وسائل إعلام مقربة منه عن "مصادر مطلعة" بأن دمشق طلبت انسحاب القوات التركية بالكامل من سوريا، وهو ما نفته أنقرة، خلال الأسابيع الماضية. ويوضح المحلل والباحث التركي المقيم في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، أن الشروط التي وضعها نظام الأسد "تُظهر أن دمشق لا تزال غير مستعدة للانخراط بشكل بناء ولا تزال تنظر إلى المعارضة السورية الشرعية على أنها التهديد الأساسي". ويقول الباحث التركي لموقع "الحرة": "حتى يظهر النظام استعداده لحل سياسي يتماشى مع قرار الأمم المتحدة 2254، سيكون من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق"، معتبرا أن "مطالب نظام الأسد غير مقبولة وغير قابلة للتفاوض بالنسبة لتركيا". "نعلم أن النظام صاغها كشرط مسبق لأي حديث مع تركيا، لكن الضغط الروسي أجبره على حضور الاجتماع الوزاري"، أواخر العام المنصرم، وفق الباحث. من جهته، لا يعتقد المحلل السياسي المقيم في دمشق، غسان يوسف، أن "العملية السياسية التي بدأت بين أنقرة ودمشق ستتوقف"، لثلاثة أسباب، أولها أن هذه العملية جاءت بعد إجراء محادثات استخباراتية ومن ثم على مستوى وزراء الدفاع. يقول يوسف لموقع "الحرة": "لو لم يتوصل الجانبان في محادثات الاستخبارات لأي نتيجة لما رأينا اجتماعهما على مستوى وزراء الدفاع في العاصمة موسكو". ويضيف المحلل السياسي ومدير "المركز السوري للحوار والفكر" أن "ما قاله الأسد والمقداد هي ثوابت لدى سوريا. في حال كانت تركيا جادة فإن هذا الموضوع لا يؤثر على سير العملية السياسية، كون اللجان المشكّلة ستعمل على وضع جدول للانسحاب وتفكيك المجموعات الإرهابية"، بحسب تعبيره.

"مطالب غير واقعية"

ومنذ سنوات طويلة لم يكن هناك أي اتصال سياسي بين أنقرة ودمشق، وكذلك الأمر بالنسبة للمسار العسكري، لكن الجانبين اتجها للخوض بمحادثات استخباراتية، تكشفت على نحو أكبر بعد عام 2019. لتركيا قوات كثيرة داخل الأراضي السورية، في محافظة إدلب وريف حلب ومناطق أخرى في شمال وشرق سوريا ضمن تل أبيض ورأس العين، كما أنها تدعم عسكريا تحالفا مناهضا للأسد، هو "الجيش الوطني السوري". وكذلك الأمر بالنسبة للشق السياسي، إذ تعتبر تركيا الملاذ الرئيسي لعمل ونشاطات الأجسام السياسية المعارضة للأسد، مثل "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، بينما تنخرط أنقرة في المحادثات الخاصة بالملف السوري، وتؤكد باستمرار رؤيتها للحل في البلاد، بموجب قرار مجلس الأمن 2254. وفي حين ترى أنقرة "وحدات حماية الشعب" في شمال وشرق سوريا على أنها "إرهابية" وترتبط بـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب الدولية يعتبرها النظام السوري بأنها تسعى لـ"الانفصال عن سوريا"، وبالتالي يتقاطعان في هذا القاسم المشترك. ومع ذلك وبينما تدعم تركيا فصائل "الجيش الوطني السوري" في شمال سوريا وتعتبرها جسما عسكريا "حليفا" إلا أن النظام السوري يعتبرها "مجموعات إرهابية" ويجب وقف الدعم عنها. وحتى الآن، "تشبه المفاوضات بين تركيا والنظام السوري بوساطة روسية، المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف"، حسب أنطون مارداسوف، المحلل والباحث الروسي غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد الشرق الأوسط. ويقول إن "دمشق تطالب بمطالب غير واقعية وتستمر في العيش بدعاية لها".

ويوضح الباحث الروسي لموقع "الحرة" أن "الأسد يدرك جيدا أن تركيا قادرة، لكنها لن ترغب في إجراء عملية واسعة النطاق في شمال سوريا، حيث سيتعين عليها إشراك قواتها البرية، ولذلك يبدأ الآن في طرح مطالب غير واقعية، متناسيا الوعود التي تقدمها روسيا، في محاولة للتأثير على مواقف أنقرة التفاوضية القوية إلى حد ما".

ويشير الباحث التركي، أوزكيزيلجيك، إلى أن "روسيا ستواصل الضغط على نظام الأسد للتواصل مع تركيا وإجباره على المشاركة في الاجتماع الوزاري الأول".

وفيما يتعلق بإيران، ورغم أنها ليست جزءا من المفاوضات، إلا أن "لديها القدرة دائما على الإفساد وعرقلتها"، ويضيف "هذا هو أحد المخاطر العديدة لهذه المحادثات"، و"من المرجح أن يلعب نظام الأسد دور إيران وروسيا لتحقيق أقصى استفادة كما فعل في الماضي".

من جهته اعتبر المحلل السياسي في دمشق، غسان يوسف، أن طرح الأسد للشرطين "يؤكد أن سوريا لم تدخل العملية لو لم تكن متيقنة أن أنقرة ستلبي هذين المطلبين".

ويعتقد يوسف أن الأمور ستتضح في الأيام المقبلة، وأنه قد "يكون هناك اجتماع لوزيري الدفاع قريبا أو إعلان نتائج أو بوادر حسن نية وفتح طريق 'إم فور'".

"الروس سيضغطون"

ويعتبر المسار الذي تمضي به أنقرة ودمشق "روسي بامتياز"، ولطالما دفعت به موسكو خلال الأشهر الماضية، بينما تأمل الانتقال إلى اللقاء على مستوى وزارات الخارجية، كما أخبر المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، الأسد، في زيارته إلى دمشق، قبل أيام.

وبينما عبّرت إيران، حليفة الأسد الثانية، عن "سعادتها" مما تشهده العلاقة بين تركيا والنظام السوري، على لسان وزير خارجيتها، عبد اللهيان، أكدت أن "لديها ثقة كاملة بالمواقف والقرارات السورية وهي ترى أن أي حوار بين سوريا وتركيا، إذا كان جادا، فهو خطوة إيجابية لصالح البلدين والمنطقة".

ولا يعرف الباحث الروسي، مادراسوف، إلى أي مدى تقف إيران وراء مثل هذا الموقف من جانب النظام السوري، لكنه يشير إلى أن الأخير "لطالما كان يتأرجح في عصيره الخاص بينما دبلوماسيته منخفضة للغاية".

ويتوقع الباحث أن "تدفع موسكو النظام لإجراء مفاوضات، لأنه ليس من المربح لروسيا شراء عواقب عملية تركية أحادية الجانب أو تحريك قوات كبيرة خاصة بها للقيام بعملية موازية متفق عليها مع تركيا لطرد وحدات حماية الشعب الكردية".

وتحدث مارداسوف أن "أطروحة الاحتلال التي يرددها الأسد ضعيفة للغاية"، لأن الجيش التركي موجود في إدلب، بموجب الاتفاقيات الثلاثية التي تم إقرارها في الجولة السادسة من محادثات "أستانة".

ومن المرجح أن تستمر الاجتماعات الوزارية وأن تستمر المفاوضات، وعلى الرغم أن وجهات النظر بين دمشق وأنقرة "لا تتوافق"، إلا أن كلا الجانبين لهما مصلحة في الحفاظ على صورة العلاقات، لأوزكيزيلجيك، الذي أوضح أنه "بالنسبة للأسد، هذه العملية ستفيده فقط. بالنسبة لتركيا، قد يكون لهذه العملية تأثير كبير على الجبهة الداخلية، وخاصة قبل الانتخابات".

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,327,814

عدد الزوار: 6,945,609

المتواجدون الآن: 75