«الأونروا» تبدأ عامها الدراسي اليوم و«عودة» طلبة عين الحلوة... مؤجَّلة..
«الراي» تضيء على «خريطة الطريق» التربوية في ضوء تشظيات مواجهات المخيم...
«الأونروا» تبدأ عامها الدراسي اليوم و«عودة» طلبة عين الحلوة... مؤجَّلة
«الأونروا» أعلنت عن خريطة طريق بديلة لاستيعاب طلاب عين الحلوة في مدارس صيدا
| بيروت - «الراي» |....... تندب اللاجئة الفلسطينية مرام حجير (16 عاماً) حظَّها وتمسح دمعتها حزناً، بعدما أجبرتْها اشتباكاتُ عين الحلوة أولاً على الرحيل عن منزلها في «حي الطيرة» وسط أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين (صيدا)، واليوم على مغادرة مدرستها الثانوية «بيسان» الواقعة في قلب منطقة الطوارئ بعدما أعلنت وكالة «الأونروا» عن خريطة طريق بديلة لاستيعاب طلبة المخيم في مدارس صيدا المجاورة حتى إشعار آخر. ومن المقرَّر، أن يبدأ العام الدراسي الجديد في مدارس «الأونروا» في لبنان اليوم الإثنين. إلا أن مرام وآلاف الطلبة في مدارس صيدا وعين الحلوة يتوجب عليهم الانتظار أسابيع إضافية بسبب تداعيات الاشتباكات التي وقعت في المخيم بين حركة «فتح» و«تجمع الشباب المسلم» في 30 يوليو الماضي وأسفرتْ في جولتيْن عن سقوط 28 قتيلا وأكثر من 225 جريحاً، ناهيك عن أضرار جسيمة في الممتلكات ومن بينها مدارس «الأونروا». وتقول حجير لـ «الراي» إنها طالبة في صفوف البكالوريا الأولى في مدرسة بيسان. وتضيف: «شعرتُ بحزنٍ عندما علمتُ أن المدرسة تضرّرتْ بشكل كبير، وبغصةٍ لا تخلو من حرقة عندما قررتْ الأونروا تأجيل العام الدراسي شهراً على الأقل ونقْل الطلبة الى مدرسة الصخرة في منطقة النبعة – الفيلات وهذا بات يتطلب منا جهداً إضافياً ومشقة لتحصيل العلم الذي هو أبسط حقوق الإنسان». خلال الاشتباكات نزحت مرام مع عائلتها إلى أقارب لهم وأقاموا عندهم ومازالوا في منطقة سيروب المُشْرِفة على المخيم. وتقول: «كنتً أشاهد القذائف تتساقط على المنازل، قلبي يحترق عند دويّها وعند سماع أصوات الرصاص، واليوم يتعيّن علينا تحمُّل النتائج وأوّلها النزوح العائلي والمدرسي. نأمل أن يعود الأمن والاستقرار إلى المخيم ونرجع إلى بيتنا، ثم إلى مدرستنا، ولكن المنال يبدو بعيداً». في عين الحلوة، يوجد مجمعان تربويان فيهما 8 مدارس تقع بين منطقتي التعمير والطوارئ والشارع وبستان القدس - الشارع الفوقاني. ويضم المجمع الأول: «بيسان، الناقورة، صفد والسموع»، والمجمع الثاني «مرج بن عامر، حطين، الفالوجة وقبية»، وهي توفّر التعليم لنحو 5900 طالب في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة حتى الثانوية. وفي صيدا، توجد مدارس: الشهداء (قرب حسبة صيدا)، الصخرة ودير القاسي (الفيلات)، رفيديا (قرب سراي صيدا الحكومي) ونابلس (حي الست نفيسة)، ناهيك عن مدرسة عسقلان (مخيم المية ومية)، العوجا (منطقة عدلون)، بير زيت وبيت جالا (مركز سبلين المهني). وهي توافر التعليم لنحو 6000 طالب، ما يعني أن المجموع يصل إلى 11 ألف طالب. وقد تعرّضت مدارس المخيم إلى أضرار جسيمة بعدما تحصّن فيها المسلّحون من الطرفين، إذ تُعتبر مواقع مهمة واستراتيجية سواء في الدفاع أو الهجوم، ولذلك كان إخلاؤها محطّ اهتمامٍ سياسي وأمني باعتباره خطوة نحو تحصين الأمن والاستقرار في عين الحلوة، بعدما مارست «الأونروا» ضغوطاً سياسية على قاعدة أن استمرار «احتلالها» - وفق تعبيرها - يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي ولمنشآت الأمم المتحدة، وذلك قبل أن تتسلّمها وتوضح أنها بحاجة لمسح أمني للتأكد من خلوها من أي قذائف أو قنابل غير منفجرة، وتشكيل لجنة لإحصاء الأضرار التي وقعت فيها، تمهيداً للبدء بترميمها بعد توفير الأموال اللازمة. وتؤكد مصادر فلسطينية لـ «الراي» أن الأضرار التي أصابت المدارس ليست السبب الوحيد لنقل الطلبة إلى خارج حدود المخيم الجغرافية وفق ما قررت «الأونروا» على مضض، رغم إخلائها من المسلحين، بل هناك عوامل أخرى أبرزها أن الاستقرار الأمني مازال هشاً. فالاستنفار العسكري المتبادَل بين الطرفين على حاله خصوصاً في منطقة المجمعيْن التربوييْن «البركسات - الطوارئ - بستان القدس» والإصبع على الزناد، والطرق مقفلة والمتاريس والدشم والسواتر باقية، ربطاً بقرار حركة «فتح» بأن لا عودة للحياة إلى طبيعتها إلا بتسليم المشتبه بهم في جريمة اغتيال اللواء «أبوأشرف» العرموشي، ما يجعل الوصول إلى هذه المدارس محفوفاً بالمخاطر بل مستحيلاً. وهذا ما دفع «الأونروا» إلى وضع خريطة طريق تربوية بديلة لاستئناف العام الدراسي الجديد في مدارس منطقة صيدا والمخيم معاً، على قاعدة «الحفاظ على حقهم في التعليم ووجوب عدم المساس به تحت أي ظرف»، فقررت العودة إليها تدريجياً بعد تصنيفها بين «آمنة» أو «تحتاج إلى ترتيب وتحسين»، أو «تأمين المواصلات من وإلى المخيم»، وسط إرباك غير مسبوق. وتقوم الخطة، «على استيعاب طلبة عين الحلوة بشكل موقت في مدارس الأونروا القريبة من المخيم أو تلك الواقعة في مدينة صيدا وذلك باعتماد نظام الفترتين. وسيُنقل طلبة مدرستي بيسان والسموع الى مبنى مدرسة الصخرة (الفيلات)، وطلبة مدرستي قبية والفالوجة إلى مبنى مدرسة دير القاسي (الفيلات)، وطلبة مدرستي حطين وصفد إلى مبنى مدرسة شهداء فلسطين (صيدا). على أن يتم استيعاب طلبة مدرسة الناقورة في مبنى مدرسة رفيديا وطلبة مدرسة مرج بن عامر في مبنى مدرسة نابلس وأيضاً بنظام الفترتين. وتقول مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان دوروثي كلاوس «نحن ندرك التحديات الكبيرة التي يواجهها مجتمع عين الحلوة الآن، وخصوصاً طلبتنا. نشكر الطلبة وأولياء أمورهم وموظفي المدارس المضيفة والمدارس المستضافة من عين الحلوة مسبقاً على تضامنهم وقبول نظام الفترتين الضروري والترتيبات الانتقالية». وأضافت كلاوس «هذه إجراءات موقتة بسبب عدم توافر المدارس حالياً في مخيم عين الحلوة والتي تحتاج إلى أعمال صيانة وإعادة بناء كبيرتين وتأمين الظروف المطلوبة لتكون بمثابة مساحات تعليمية آمنة قبل استئناف العمل فيها. نحن نبحث في كل الحلول الممكنة لضمان حصول جميع الطلبة في صيدا على التعليم من دون انقطاع خلال العام الجديد. إن السلام المستدام في مخيم عين الحلوة يظل محورياً لتوفير بيئة آمنة حيث يمكن لطلبتنا أن يتعلموا ويحققوا النمو والنجاح». في المقابل، لم تنل خريطة الطريق التربوية البديلة تأييداً ودعماً من كل القوى السياسية والشعبية الفلسطينية التي وضعت عليها ملاحظاتها ولا سيما أن فيها مشقة وجهداً إضافياً وتكلفة مالية في ظل الأزمة المعيشية الخانقة. وقد استغربت «اللجان الشعبية الفلسطينية» عدم التشاور معها في موضوع مهمّ كهذا، فيما اقترحت جمعيات أهلية وحقوقية اعتماد نظام التعليم عن بُعد (أون لاين)، مع الاستفادة من تجارب وأخطاء الماضي أثناء زمن«كورونا». وفيما وصف أمين سر «اللجان الشعبية الفلسطينية» في لبنان عبدالمنعم عوض الخريطة التربوية البديلة بأنها «أفضل الممكن في هذه الظروف الراهنة»، أشار إلى أن الطلبة الفلسطينيين مصممون على تحصيل علمهم رغم كل الصعوبات والعقبات«ولدينا قناعة أن العلم سلاح يحب عدم التنازل عنه». أما مسؤول ملف «الأونروا» في حركة «الجهاد الإسلامي» جهاد محمد، فقال «إن وضع خطة بديلة أمر إيجابي رغم بعض الملاحظات الموجودة، لكننا وعلى الرغم من ذلك نفضّل أن يلتحق الطلبة بمدارسهم وبدء عامهم الدراسي على ألّا يتم تأجيله أكثر لحين الانتهاء من صيانة المدارس التي تضررت وتأمين خروج أهلنا الذين نزحوا إلى المدارس نتيجة تضرر ممتلكاتهم إلى أماكن أخرى بديلة تقوم الأونروا بتأمينها وذلك حتى لا يضيع على أبنائنا عام جديد من أعمارهم»....