وسط تأكيد بعض النواب ونفي آخرين واستغرابهم
"حوثيون" في النجف... وصنعاء تستنكر
الأحد 6 أيلول 2009 - 10:18 ص 4798 0 عربية |
بغداد – "النهار":
يبدو ان السنوات الست التي اعقبت نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وما رافقها من مشاكل وصراعات كبيرة على الصعيد المحلي، لا تزال عقبة ماثلة لم تمكن العراق حتى اليوم من تجاوز دائرة العواصف المتعددة والدخول في نادي الدول الآمنة والمستقرة. اكثر من ذلك، وبدل الانتهاء من ملف الامن الداخلي وترميم الجبهة الداخلية، صار عنف الداخل بوابة صراع تطل على دول الجوار والمحيط الاقليمي التي اثبتت الوقائع ضلوع بعضها فيها. وليس ادل على ذلك من الازمة الحالية التي تعصف بعلاقات سوريا والعراق على خلفية مطالبة الاخير دمشق بتسليمه مطلوبين عراقيين يقيمون فيها بعد تفجيرات الاربعاء الدامي في آب الماضي. وهي ازمة قائمة وتتواصل جهود دول عدة لتطويقها وحلها من خلال التوسط بين البلدين، الى ازمة اخرى سبقتها وربما تسير على الخط نفسه وان كانت اقل حدة واثارة، وهي اخبار استضافة العراق بعض جماعات "الحوثيين" المناوئة للحكومة اليمنية.
وسبقت دعوة قادة عراقيين ايواء جماعات معارضة للنظام في سوريا رداً على ايوائها قيادات بعثية سابقة تتهمها الحكومة العراقية بالضلوع في اعمال العنف وتهديد امن العراق، دعوات لايواء جماعة "الحوثيين"، وهي دعوة تعود الى بداية آب الماضي عندما عرض القيادي في "المجلس الأعلى الاسلامي" همام حمودي استضافة جماعة "الحوثيين" في العراق ردا على ايواء اليمن قيادات بعثية سابقة .
وفي هذا السياق، اثار اعتراف النائبة عن "المجلس الاعلى الاسلامي" جنان العبيدي الثلثاء الماضي بوجود "مكاتب للحوثيين في النجف" جدلا واسعا داخل الاوساط السياسية خصوصا مع سعي بغداد الى تعزيز علاقاتها بالعواصم العربية من جهة وانشغالها بالازمة الديبلوماسية القائمة بينها وبين دمشق من جهة اخرى.
وجاء كلام العبيدي في سياق تعليقها على استدعاء الخارجية اليمنية السفير العراقي في صنعاء، وهو الامر الذي اكدته وزارة الخارجية العراقية على لسان وكيل الوزارة لبيد عباوي الذي قال ان "الخارجية اليمنية استدعت سفيرنا في صنعاء في شأن ما تردد عن استضافة العراق مقرات للحوثيين في بعض وسائل الإعلام"، معتبرا انه "امر طبيعي ولا يحتاج الى اي رد فعل. فالسفير سيرد عليهم بشكل طبيعي وينفي صحة الموضوع نهائيا".
وكانت وزارة الخارجية اليمنية استدعت السفير العراقي، احتجاجا كما قيل على مواقف عراقية في شأن معارك الحوثيين والجيش اليمني.
غير ان العبيدي اكدت ان "وجود مكاتب للحوثيين في النجف لا يعني دعم العنف في اليمن ولا يعني ايضا ان المرجعية الشيعية تدعم العنف المسلح في اليمن"، وهو تصريح تعاملت معه وسائل الإعلام بصفته اعترافا بوجود للحركة الحوثية داخل العراق.
من جهته، بادر مجلس محافظة النجف الذي يرئسه عضو حزب الدعوة الشيخ فائد الشمري، الى إصدار نفي قاطع لأي وجود "حوثي" في المدينة، واصفا تصريحات النائبة التي تنتمي الى "المجلس الأعلى"، بأنها ربما تهدف الى "احراج الحكومة" التي يرئسها حزب رئيس الوزراء نوري المالكي.
هذا الامتعاض الذي صدر عن الحكومة المحلية في النجف التي يمتلك حزب الدعوة نفوذا كبيرا داخلها، ورد كذلك على لسان النائب في البرلمان عن حزب الدعوة كمال الساعدي، الذي قال ان "الحكومة العراقية لم ولن تتدخل في الشأن اليمني ولن تتبنى اي معارضة او مكاتب للحوثيين، ولا اعرف من اين جاءت السيدة جنان العبيدي بهذا التصريح". واضاف: "لا ادري ماذا تقصد السيدة العبيدي من تصريحها، لكن اقل ما يقال فيه انه يضر بموقف الحكومة العراقية وحرصها على توطيد العلاقات بمختلف البلدان".
وحاول النائب عن "المجلس الأعلى" الشيخ ضياء الفياض تهدئة الوضع، معتبراً ان للقصة علاقة بـ"طلاب دراسات دينية يمنيين يدرسون في النجف". وقال انه سمع تصريحات العبيدي "لكن مثل هذه التصريحات لم تأت على لسان قياديين كبار في المجلس الأعلى مثل الشيخ همام حمودي او سواه، الامر الذي يعني ان المجلس الاسلامي في هذه الفترة على الاقل لا يتبنى سياسة تصعيد حيال اليمن على رغم دعوة حمودي استضافة الحوثيين في وقت سابق".
وشرح الفياض اصل القضية كالآتي: "وجود شيعة يمنيين يدرسون في المعاهد الدينية والحوزات العملية في النجف الاشرف، اما الحوثيون كحركة سياسية يمنية مسلحة فلا وجود لها في النجف ولا في غيرها من المدن". ورأى ان "هذا الامر طبيعي، لان الطلاب في النجف هم من جنسيات مختلفة، مثل الباكستاني والسعودي والأفغاني والايراني، ووجود هؤلاء قديم من عمر الحوزة العلمية".
ويرى مراقبون ان لقضية الحوثيين علاقة بطريقة او بأخرى بتصاعد التنافس السياسي حالياً بين حزب الدعوة و"المجلس الأعلى" الذي شكل ائتلافا شيعيا لخوض الانتخابات المقبلة ولم يفلح بعد في إقناع المالكي بالانضمام إليه، حيث يرجح ان يخوض رئيس الوزراء الاقتراع البرلماني بمفرده، استنادا الى نتائج جيدة حققها خلال انتخابات مجالس المحافظات.
الى ذلك قد تطرح ازمات العراق الخارجية هذه الايام مسائل عدة، منها الاثار السيئة التي تسببت بها احداث الاربعاء الدامية وانعكاسها ارتباكاً واضحاً في الاداء الحكومي، كما قد تطرح تساؤلاً في شأن اختيار حكومة المالكي هذا الوقت بالذات للرد على ما تعتبره الدور المؤذي للدول المجاورة والاقليمية، ومحاولتها تدويل ملف الامن من خلال مطالبتها المنظمات الدولية التحقيق في اعمال العنف.
والسؤال هو هل هي قادرة فعلا على المضي قدماً في هذا الملف حتى النهاية، ام ان ذلك كله لا يعدو كونه محاولة من جديد للامساك بـ"ورقة التوت" الامنية التي خسرها المالكي في موجة التفجيرات الاخيرة؟
المصدر: جريدة النهار