يوم دموي في جمعة «تجميد العضوية».. والمتظاهرون يطالبون بسحب الغطاء السياسي عن نظام الأسد
الأحد 13 تشرين الثاني 2011 - 3:27 ص 3393 0 عربية |
متظاهرو سوريا للجامعة العربية: إياكم ومهلة أخرى
عداد القتل يتصاعد في جمعة التجميد > قيادي بالمجلس الوطني: دول خليجية أبلغتنا استعدادها للاعتراف بنا > سعود الفيصل يحضر اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بسوريا
القاهرة ـ لندن: «الشرق الأوسط» واشنطن: محمد علي صالح ـ بيروت: بولا أسطيح
عشية اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية للبحث في الأزمة السورية، وتجاوب السلطات السورية مع المبادرة العربية، حذر المتظاهرون السوريون الجامعة من إعطاء النظام السوري مهلة جديدة. ورفع السوريون، الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة في أنحاء البلاد، أمس، في جمعة «تجميد العضوية»، لافتات كتب عليها: «إياكم ومهلة أخرى.. إما التجميد والحل العسكري وإما أنكم شركاء جرائمه». واجتمعت أمس اللجنة العربية الوزارية المعنية بسوريا وحضر الاجتماع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل رغم أن بلاده ليست عضوا في اللجنة، إلا أن قرار تأسيس اللجنة يسمح لأي دولة بالانضمام إليها.
من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني، أحمد رمضان، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن «دول خليجية أبلغتنا تأييدها لمطالبنا واستعدادها للاعتراف بالمجلس». وفي هذه الأثناء، يستمر عداد القتل في سوريا بالارتفاع، وقد سقط، أمس، نحو 26 قتيلا في صفوف المدنيين، بحسب ناشطين. وجددت الخارجية الأميركية أمس دعوتها للمعارضين السوريين حتى لا يسلموا أنفسهم لنظام الأسد. وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية: «من غير الحكمة لمعارضي النظام تسليم أنفسهم لحكومة لها سجل مثل سجل الأسد».
إلى ذلك، هدد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، بأن «الحرب على إيران وعلى سوريا لن تبقى في إيران وسوريا وإنما ستتدحرج على مستوى المنطقة بأكملها»، مؤكدا للمراهنين «أن نظام الأسد لن يسقط».
يوم دموي في جمعة «تجميد العضوية».. والمتظاهرون يطالبون بسحب الغطاء السياسي عن نظام الأسد
تحذيرات من خدع جديدة للنظام.. وعربات عسكرية باللون الأزرق تطلق النار في حمص
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
سقطت حصيلة جديدة من المدنيين في سوريا أمس في مظاهرات جمعة «تجميد العضوية»، غالبيتهم سقطوا في حمص وحوران. وفيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 16 مدنيا سقطوا أمس، 10 منهم في حمص، و5 في درعا، وواحد في أريحا بإدلب، قالت لجان التنسيق المحلية إن 26 قتيلا مدنيا على الأقل سقطوا، 13 منهم في حمص، و6 قتلى في درعا، و4 قتلى في حماه، بينما سقط قتيل في كل من قطنا والرحيبة في ريف دمشق وإدلب.
وفي هذه الجمعة التي كرست فيها المظاهرات للمطالبة بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وسحب الغطاء السياسي عن النظام السوري ردا على استمراره في استخدام العنف المفرط في قمع الثورة ضده، صب المتظاهرون غضبهم على النظام السوري والمعارضة السورية المتمثلة في «هيئة التنسيق الوطنية» بزعامة حسن عبد العظيم وبعض المعارضين المستقلين في مقدمتهم هيثم مناع وعبد العزيز الخير. وترفض الهيئة التي التقت بالأمين العام للجامعة العربية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، التدخل الخارجي في الأزمة السورية. ووصل الغضب الشعبي إلى حد تخوين هؤلاء المعارضين ونفي تمثيلهم للشارع السوري المناهض للنظام.
وخرجت المظاهرات أمس بزخم كبير في مختلف أنحاء البلاد، من حوران جنوبا إلى ريف حلب وإدلب شمالا، ومن الساحل غربا إلى الحسكة ودير الزور والبوكمال شرقا، مرورا بالمنطقة الوسطى في حمص وحماه. كما سجلت تطورات جديدة في دمشق التي انطلقت فيها يوم أمس مظاهرات طيارة في قلب العاصمة، حيث لوحظ في بعض المناطق انسحاب شكلي لعربات الجيش وارتداء قوات الأمن والشبيحة والجيش لملابس مدنية.
وفي حمص تحدث ناشطون عن عربات عسكرية بلون أزرق، وذلك تمهيدا لاستقبال اللجنة العربية للتأكيد على أن النظام سحب قواته من الشوارع، بحسب ما قاله الناشطون الذين نبهوا من خدع جديدة سيقوم بها النظام. كما لاحظ ناشطون يوم أمس كثافة عالية في أعداد شرطة المرور في الشوارع وسط العاصمة، وكفرسوسة، والأمويين، والروضة، والحمرا، والمزرعة على خلاف أيام الجمع عادة، حيث تكون حركة السير خفيفة كيوم عطلة، وبالتالي تكون أعداد شرطة المرور أقل.
وفي حمص، اشتد القمع بعد ظهر أمس وسمعت أصوات انفجارات متتالية في حي البياضة، وإطلاق رصاص بشكل جنوني لدى اقتحام الحي من قبل قوات الجيش بعد ظهر يوم أمس، بحسب ناشطين. كما قال ناشطون إن إطلاق نار كثيفا جرى في حي الخالدية عند دوار القاهرة وشوهدت مدرعات زرقاء اللون تشارك في إطلاق النار. وسجل إطلاق نار من قبل القناصة. وقال ناشطون إن اشتباكات وقعت بين الجيش وعناصر الجيش الحر (الجنود المنشقين)، وشوهدت أعمدة دخان أسود تتصاعد من جهة شارع الستين. وترافق ذلك مع حملة اعتقالات عشوائية في أحياء عدة. ورغم العملية العسكرية العنيفة على حي باب عمرو منذ أيام، فقد شهد مظاهرة خرجت بعد صلاة الجمعة. وفي حي جنوب الملعب، قامت قوات الأمن والجيش بالهجوم على مظاهرة خرجت من مسجد عمر بن الخطاب. وفي منطقة تيرمعلة خرجت مظاهرة حاشدة بعد الظهر طالبت بتجميد العضوية وإعدام الرئيس.
وقال ناشطون إن أصوات انفجارات قوية سمعت في حي دير بعلبة بعد مظاهرة حاشدة. وفي منطقة الغنطو خرجت مظاهرة بعد الظهر، كما تم إطلاق النار على المتظاهرين في حي القصور وفي حي باب الدريب.
وفي ريف حمص خرجت لأول مرة مظاهرة حاشدة في بلدة جندر جنوب شرقي حمص، تطالب بإسقاط النظام وتجميد العضوية. وفي تلبيسة سمع صوت تحليق طيران حربي قادما من الشمال باتجاه الجنوب. وفي القصير، قال ناشطون إن مظاهرة حاشدة خرجت بعد صلاة الجمعة في وقت كانت فيه قوات الجيش تقوم بإخفاء المدرعات في حفر الوادي على طريق تل أحمر، كما قالوا إنه تم العثور على جثث مجندين منشقين على حاجز طريق الطاحونة. وفي مدينة تدمر وسط البادية السورية، جرى إطلاق نار لتفريق المتظاهرين في الساحة العامة.
وفي حماه، خرجت مظاهرة حاشدة في كازو بعد صلاة الجمعة من جامع عمار بن ياسر منددة بهيئة التنسيق وبحزب البعث. وفي حي القصور خرجت مظاهرة أخرى جرى إطلاق النار لتفريقها مما أسفر عن سقوط قتيلين، كما سجلت حالات اختناق داخل المنازل نتيجة قنابل الغاز المسيلة للدموع التي ألقيت لتفريق المتظاهرين. وخرجت المظاهرات في جميع بلدات ومدن ريف حماه التي اعتادت على التظاهر اليومي.
وفي إدلب، خرجت عدة مظاهرات حاشدة في المدينة وريفها، طالبت بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وبالحماية الدولية. وفي مدينة معرة النعمان التي خرجت فيها المظاهرات من عدة مساجد، جرى إطلاق نار عشوائي على المواطنين في شارع الكورنيش وإطلاق قنبلتين صوتيتين وقذيفة على مبنى الدكتور عبد الرحمن عابدين وإصابة سيارة مدنية بطلقات عشوائية. وفي بلدة كفرومة أسفر إطلاق النار على المتظاهرين عن مقتل شخص وجرح الكثير من المتظاهرين.
وفي العاصمة دمشق، قال ناشطون إن مظاهرة حاشدة خرجت بعد الجمعة في حي الشاغور الجواني في حارات دمشق القديمة طالبت بإعدام الرئيس وإسقاط النظام، ولتنتصر لحمص وبرزة والمناطق المحاصرة، وجرى رمي مناشير قبل انفضاضها بسرعة. وكانت قد سبقتها مظاهرة في منطقة تنظيم كفرسوسة في الحارات الخلفية الواقعة وراء «مول شام سيتي سنتر»، وبالقرب من تجمع المقرات الأمنية ومنازل المسؤولين والأثرياء الجدد، وذلك في الساعات الأولى من صباح أمس، أعقبها تدفق عناصر الأمن إلى المنطقة مع الشبيحة. وجرى نشر عناصر الأمن والشبيحة عند الجوامع الكبيرة.
وفي حي برزة المحاصر بعد أحداث دامية شهدها أيام العيد، ومقتل نحو تسعة من أبناء المنطقة جرى تشييعهم يوم أول من أمس وسط حالة غضب عارم، قال ناشطون إن كاميرا تلفزيون قناة «الدنيا» الموالية للنظام السوري كانت تجري لقاءات يوم أمس مع الشبيحة على أنهم من أهالي برزة أمام جامع السلام بعد رفض الأهالي التحدث إليهم. وتمت مداهمة عدة أبنية في منطقة الضيعة، وفي محيط ساحة الخضر نشر القناصة مع نصب رشاشات وجهت إلى الساحة. كما تم نشر قناصة على الأبنية العالية حول ساحة البلدية وجامع السلام بشكل واضح. وفي حي القابون فرض حصار على محيط الجوامع مع نشر كثيف للجيش والأمن عند الجامع الكبير، ومنعت حركة السير أمام الجامع حين كان التلفزيون السوري هناك لتصوير أن الحياة طبيعية.
وفي ريف دمشق، قال سكان إن الجيش والأمن استبدلوا بملابسهم هناك لباسا مدنيا مع خوذ ودروع واقية وأسلحة (روسيات) وأجهزة لا سلكية. وفي مدينة الكسوة جرى تطويق المدينة من الخارج من جهة الكبانية مع انتشار أمني كثيف مع نشر للقناصة على أسطح المنازل. وفي داريا انطلقت مظاهرة بعد صلاة الجمعة نادت بإسقاط النظام وبإعدام الرئيس، وانفضت قبل تدخل الأمن. وفي عربين، خرجت مظاهرة من الجامع الكبير وتوجهت إلى ساحة الحرية رغم الوجود الأمني الكثيف في المدينة منذ الصباح. وكان الشبيحة يرتدون بدلات حفظ النظام «جديدة»، بحسب ما قاله سكان هناك.
وخرجت المظاهرات في مدينة درعا وعموم قرى وبلدات حوران. وفي مدينة جاسم أسفر إطلاق النار من قبل قوات الأمن عن إصابة أكثر من 16 شخصا، بينهم حالات خطيرة. وفي قرية المسيفرة، قتل حسين حمدان الشرع نتيجة انفجار قنبلة مسمارية، وأصيب نحو ستة أشخاص آخرين. وفي حلب، خرجت مظاهرة في منطقة صلاح الدين وقرى ريف حلب، مارع وتل رفعت وحريتان. وفي حي صلاح الدين، أطلقت قوات الأمن الرصاص والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين ترافق مع هجوم للشبيحة بالسيوف والسواطير على متظاهرين خرجوا بعد انتهاء الصلاة في جامع الناصر وتوجهت إلى جامع أويس القرني.
وفي الساحل السوري، خرجت مظاهرة في مدينة بانياس نصرة لحمص، طالب فيها المتظاهرون بإعدام الرئيس. وقامت قوات الأمن بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين وجرى اعتقال عدد من المتظاهرين، منهم الطفل ياسر أحمد شيخة (10 سنوات). وفي جبلة قال ناشطون إن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين مما أسفر عن عدة إصابات، وإن هناك عملية انسحاب شكلي لقوات الجيش مع تكثيف لنشر القناصة.
وفي اللاذقية، خرجت مظاهرة مسائية بعد منتصف ليل أول من أمس خلف فرع الشبيبة في حي الصليبة رفع فيها المتظاهرون لافتات «هيئة التنسيق لا تمثلنا»، و«الشعب يريد إعدام الرئيس». وتزامن ذلك مع إطلاق قنبلة صوتية من قبل الأمن لتفريق المتظاهرين. ويوم أمس بعد أذان الظهر أخذت سيارات الأمن والسيارات المدنية للشبيحة تجوب الأحياء المنتفضة والعناصر يشهرون أسلحتهم وتمت محاصرة العديد من الجوامع من قبل الشبيحة المدججين بالأسلحة قبل خروج المصلين. وقال ناشطون إن نحو 400 عنصر مدججين بالأسلحة، مع 30 سيارة أمن، ومعهم مصور قناة «الدنيا»، انتشروا بين جامعي الرحمن وأبو الدرداء في حي الطابيات.
وبعد الظهر، قام عناصر من الجيش والشبيحة في حي الرمل الجنوبي بإزالة حاجزين أمنيين من أمام مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين، بحسب ما قال ناشطون. وأكدوا أن الأمن يقوم بكنس الشارع استعدادا لزيارة اللجنة العربية. وفي مدينة الحفة التابعة لمحافظة اللاذقية، انتشر الأمن والشبيحة عند جميع المفارز الأمنية في المدينة، حيث يوجد عشرات عناصر الأمن والشبيحة يرتدون اللباس الميداني الكامل.
وفي مدينة طرطوس، سجل انتشار أمني كثيف يوم أمس أمام مساجد طرطوس مع وجود العمداء رؤساء أقسام الشرطة والأمن، وسيارات الأمن والشبيحة تجوب شوارع المدينة.
وفي دير الزور شرق البلاد، خرجت مظاهرات في المدينة وعدة قرى وبلدات تابعة لها وجرى إغلاق شارع التكايا في مدينة دير الزور بالكامل من قبل مجموعات كبيرة من الأمن والشبيحة. وخرجت مظاهرة حاشدة في قرية القورية وأخرى في مدينة البوكمال انطلقت من جامع الرحمن بالمدينة، قامت قوات الأمن بإطلاق نار كثيف لتفريقها.
وفي القامشلي شمال شرقي البلاد، حيث يتركز الأكراد، انطلقت مظاهرة حاشدة من أمام جامع قاسمو تطالب بتجميد العضوية ورحيل النظام، وأخرى في عامودا من أمام الجامع الكبير. وفي مدينة الحسكة، خرجت مظاهرة في حي غويران بعد صلاة الجمعة تم تفريقها من قبل قوات الأمن وجرت اعتقالات في صفوف المتظاهرين. وفي منطقة الشدادي في الحسكة تظاهر عدد من المناهضين للنظام أمام جامع أبو بكر في مظاهرة طيارة هتفت لإسقاط النظام، وكذلك كانت المظاهرة في قرية رأس العين. كما خرجت، وللمرة الأولى، مظاهرة في مدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة من مسجد الحمزة بعد صلاة الجمعة وتم الهجوم عليها من قبل قوات الأمن وجرى تفريقها بسرعة.
إصابة لبناني في وادي خالد بلغم سوري
النائب المرعبي لـ «الشرق الأوسط»: سكان المنطقة الحدودية يعانون من الألغام
بيروت: صهيب أيوب
أكد أحد الناشطين في «تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان» في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «أحد المواطنين اللبنانيين يدعى عماد خالد عويشي والبالغ من العمر 30 سنة أصيب بلغم في منطقة وادي خالد». وأشار الناشط الذي رافق عائلة المصاب إلى أحد المستشفيات المحلية في حلبا إلا أن «القوات العسكرية السورية زرعت صباح أمس 60 لغما في منطقة وادي خالد اللبنانية، هدفها إصابة كل من يعبر قرب الحدود السورية – اللبنانية». وأوضح الناشط أن «التنسيقية قامت بعرض مشاهد فيديو على صفحتها على الـ(فيس بوك) تظهر أماكن الألغام، حيث قام بعض الناشطين بتصويرها بعد حادث الإصابة بساعات».
وفي اتصال مع النائب معين المرعبي (تيار المستقبل) أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «عويشي أصيب أثناء زيارته لأرض يملكها في النطاق السوري حيث انفجر اللغم برجله»، مشيرا إلى أن «سكان المنطقة الحدودية يملكون أراض مشتركة في لبنان وسوريا وبعضهم يحمل الجنسيتين اللبنانية والسورية في وقت واحد، ولكنهم يعانون اليوم من مشكلة الألغام التي تزرعها القوات الأمنية السورية، لمنع السوريين من دخول لبنان هربا من حوادث القتل والترهيب والممارسات العنفية في الداخل السوري». وأشار إلى أن «السوريين لم يعودوا قادرين على الهرب إلى لبنان لعلاج جرحاهم بعد أن قامت القوات السورية بزرع الألغام وبعد احتلالها للمستشفيات الميدانية منعا لعلاجهم واستهدافهم»، مؤكدا أن «الحكومة اللبنانية مطالبة بحل مشكلة النازحين ومساعدتهم».
وقد علمت «الشرق الأوسط» أن المستشفى الذي تم فيه معالجة العويشي قد أخذت منه 15% من قيمة العلاج، رغم أن وزارة الصحة اللبنانية قد تكفلت بتغطية كل نفقات العلاج. وقد أكد أحد أقرباء المصاب من آل عويشي، رفض ذكر اسمه بعد أن قرر أفراد العائلة عدم التحدث عن الموضوع إعلاميا «خوفا من أي ملاحقة سورية قد تطالنا» وفق ما قال أحدهم، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «عماد كان يقوم بجمع الحطب من أجل استخدامه في التدفئة فانفجر اللغم فيه». مشيرا إلى أن «عماد قد تم بتر قدمه بسبب إصابته البليغة في غرفة العمليات أثناء علاجه».
السوريون للجامعة العربية: إياكم ومهلة أخرى.. إما التجميد والحل العسكري وإما أنكم شركاء في جرائمه
قالوا إن النظام السوري لا يستحق أن يكون عضوا في أي منظمة دولية
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
كرس المتظاهرون في سوريا شعارات ولافتات يوم جمعة «تجميد عضوية» سوريا في الجامعة العربية، لانتقاد قوى المعارضة السورية التي ترفض التدخل الخارجي، وفي مقدمتها «هيئة التنسيق الوطنية» - تحالف عدة قوى وأحزاب سياسية معارضة سورية بزعامة المحامي حسن عبد العظيم وشخصيات مستقلة - وتيار «بناء الدولة» بزعامة لؤي حسين ومنى غانم وريم تركماني، بالإضافة إلى شخصيات معارضة مستقلة.
ورأى المتظاهرون في لقاءات هؤلاء مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، التفافا على مطالب الشعب السوري بالتخلص من حكم آل الأسد وإسقاط نظامهم، ومحاولة إعطاء مهل عربية إضافية للنظام ليزيد في قمعه. كما عبر المتظاهرون عن سخريتهم من الجامعة العربية التي صدقت وعود الرئيس بشار الأسد بتنفيذ الإصلاحات. وكانت غالبية الشعارات والهتافات تتمحور حول هذين الأمرين، بالإضافة إلى انتقاد أهالي مدينة الرقة الذين استقبلوا الرئيس الأسد عندما أدى صلاة العيد هناك.
وحذرت لافتات رفعت في كفر نبل، في ريف إدلب، الجامعة العربية من منح أي مهلة جديدة وكتب المتظاهرون «إياكم ومهلة أخرى.. إما التجميد والحل العسكري وإما أنكم شركاء جرائمه». وقالوا للمعارضة: «تكاثرتم وتكالبتم نحن لسنا مطية.. اخرجوا من حياتنا.. لا نريد إلا المجلس الوطني». وردا على هيثم مناع الذي قال إنه سيناضل لإنجاح المبادرة العربية حتى لو كانت فرصة نجاحها 5 في المائة، قالوا: «هيثم مناع.. أنتم لا تمثلون حتى 5% من الشارع».
وفي تعليق على المهل العربية التي تمنحها الجامعة العربية، رفع المتظاهرون رسما كاريكاتيريا يظهر شخصا يعلن عن بشرى سارة وهي بيع تذاكر للمهل العربية، ويقف أمامه الرئيس الأسد وهو يجر كوما من الجماجم وخلفه مدفعية كتب عليها «خدمة القصف المجاني»، ويقول «بعني كل التذاكر ولك حلاوة».
وفي الوقت الذي أكدت فيه اللافتات على أن «هيئة التنسيق الوطنية» لا تمثل الشارع السوري الغاضب، أكدوا على أن الممثل الشرعي الوحيد له هو المجلس الوطني برئاسة برهان غليون. ووصف المتظاهرون بحوران في قرية حاس «هيئة التنسيق» بأنها «هيئة التشكيك والتشتيت بزعامة المحامي حسن عبد العظيم.. لا تمثلهم»، وقالوا إن «المجلس الوطني هو الممثل الوحيد للمعارضة». وفي قرية مارع في ريف حلب، طلب المتظاهرون من المعارض هيثم مناع أن يصمت، ومن المعارض رجاء الناصر أن «يقفل فاهه»، وهما كانا من المعارضين الذين تعرضوا لاعتداء بالبيض والبندورة على باب الجامعة العربية يوم الأربعاء الماضي.
ووصل انتقاد المتظاهرين لتلك المعارضة إلى حد الاتهام بالخيانة والحلم بالوصول إلى السلطة، وقالوا إن «هيئة التنسيق ابن غير شرعي نتج عن شبهة بين السلطة والحالمين بالسلطة». وسخروا من «اللاءات» الثلاث التي أطلقتها الهيئة «لا للتدخل الخارجي ولا للعنف ولا للطائفية»، بالقول إن «لاءات» هيئة التنسيق هي «اللاتنسيق واللاوطنية واللاشرعية». وقالوا إن «الحالمين بالسلطة + المعارضة الخضوعة = هيئة التنسيق».
وطالب المتظاهرون في أكثر من مكان، الجامعة العربية بـ«تجميد عضوية النظام السوري وأن تكون عونا للشعب السوري»، ووجهوا نداء إلى العالم يقول «النظام السوري لا يستحق أن يكون عضوا في أي منظمة دولية سوى (المافيا الدولية)».
وفي حوران كتبوا «الرئيس بشار الأسد طبيب عيون وقلعها من وجوه طلاب الحرية»، و«المجلس الوطني يمثلنا، والمعارضة التي لا تتبنى إسقاط النظام وحماية المتظاهرين هي ساقطة». وفي حمص كتب المتظاهرون في جورة الشياح معبرين عن استغرابهم من المواقف العربية والدولية «حمص تقصف والشعب يذبح والعالم ناطر الإصلاح.. أي إصلاح؟!»، وفي رسالة إلى الجامعة العربية قالوا «الحد الأدنى تجميد العضوية».
وفي حي الشماس، عبر المتظاهرون عن خيبة أملهم وكتبوا «الكذب والغدر هما بشار.. والغباء والخيانة هما الجيش السوري». وقالوا «حمص المنكوبة تطلب حماية المدنيين.. النظام السوري انتهى ويجب تجميد عضويته في الجامعة العربية».
وفي قرية داعل كان المتظاهرون أكثر مباشرة واستفزازا، وسألوا الرؤساء والملوك العرب الذين ما زالوا مترددين حيال الرئيس السوري ويمنحونه المهلة تلو الأخرى: «إلى الرؤساء والملوك العرب.. هل كان صادقا بشار عندما قال إنكم أنصاف رجال؟!». وهم يغنون متوعدين الرئيس الأسد «اصحى.. ارحل يا بشار.. اصحى رايح عالريكار.. اصحى جاينيك عالأمويين.. اصحى يا بن الجزار»، مما يعني أن عليه أن يصحو لأنه سيلاقي نفس مصير القذافي وسيذهب إلى مجاري الصرف الصحي لأنهم سيأتون إلى ساحة الأمويين. وقالوا لهيثم مناع ابن حوران إن «حوران بريئة منك يا هيثم مناع»، وإذا «لم تخجل من دماء شهدائنا فاخجل من دم أخيك»، في إشارة إلى أخو هيثم مناع، المهندس معن العودات الذي اغتالته قوات الأمن السورية. وفي حمص أكد المتظاهرون أن «سوريا ليست مزرعة حتى يحكمها أسد مفترس أو حمار أو أي حيوان من الحيوانات».
وفي حوران هزأوا من دعوات النظام لتسليم السلاح وكتبوا «لن نسلم أسلحتنا.. أسلحتنا حناجرنا.. خسئت يا بشار»، وهم يغنون «يا رئيس ويا سفاح لا توعدنا بالإصلاح ولا ترعبنا بالسلاح.. شوفوا الشعب شو بده - فيرد الجمهور - الشعب يريد إعدام الرئيس». كما طلبوا في قرية أخرى من «أحرار الرقة.. سارعوا إلى تطهير أرضكم من الدنس الذي حل بكم»، في إشارة إلى زيارة الأسد إلى الرقة خلال العيد. أما في حمص فقد أكدوا على أن «الجيش السوري الحر جيشنا، والجيش السوري الحر حامينا».. عبارات كتبت على علم الاستقلال الذي رفع في كل المظاهرات، في حين اختفى عنها تماما العلم الحالي.
«هيومن رايتس ووتش» تتهم سوريا بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» وتطالب بتعليق عضويتها في الجامعة العربية
مدير المنظمة في بيروت لـ «الشرق الأوسط» : نتمسك بدخول مراقبين مستقلين تحت مظلة «الجامعة» أو مفوضية حقوق الإنسان لتوثيق الانتهاكات
بيروت: ليال أبو رحال
اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» النظام السوري بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» بعد أن قامت قواته «بتجاوزات» بشكل منهجي ضد المدنيين في قمعهم حركة الاحتجاجات منذ ثمانية أشهر، داعية «جامعة الدول العربية إلى تعليق عضوية سوريا». وطالبت، في تقرير مفصل نشرته أمس، «الأمم المتحدة بفرض حظر على الأسلحة وكذلك عقوبات على أعضاء في النظام وإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية»، مشددة على أن «اللجوء المنهجي إلى تجاوزات ضد المدنيين في حمص من قبل قوات الحكومة السورية بما يشمل التعذيب والقتل التعسفي، يثبت أنه تم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية».
وتستند المنظمة الحقوقية على إفادات 110 من الضحايا والشهود في تقريرها الذي حمل عنوان «وكأننا في حرب: قمع المتظاهرين في محافظة حمص». والتقرير، الذي جاء في 63 صفحة ويبرز حمص بصفتها مركز المعارضة الأساسي لحكومة الرئيس بشار الأسد، يركز على انتهاكات قوات الأمن السورية منذ أواسط أبريل (نيسان) وحتى نهاية أغسطس (آب) الفائت، لافتا إلى أنه «أثناء تلك الفترة قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 587 مدنيا، وهو أعلى معدل للخسائر البشرية في أي محافظة».
وفي هذا الإطار، أوضح مدير مكتب «هيومن رايتس ووتش» في بيروت نديم حوري لـ«الشرق الأوسط» أن «المقابلات تمّت على مستويين، الأول من خلال مقابلات شخصية مع مواطنين سوريين عقدت في البلدان المجاورة بعد منع المنظمات الحقوقية من الدخول إلى سوريا، حيث التقاهم ممثلو المنظمة في لبنان وتركيا والأردن ومصر، في حين أن القسم الآخر من اللقاءات تم عبر (سكايب) مع مواطنين في الداخل السوري».
ووضع حوري منع الجمعيات الحقوقية ووسائل الإعلام من الدخول إلى سوريا في إطار «سياسة ممهنجة لممارسة التعتيم على حقيقة ما يجري في سوريا»، مذكرا «بتعرض من قام بنشر معلومات إلى التوقيف إلى درجة بات فيها من يحمل كاميرا كأنه يحمل سلاحا». وتابع: «نيّة التعتيم هذه تزيد من الشكوك بأنهم يخفون ما يقومون به، والأدلة التي نوردها في تقريرنا مبنية على إفادات أشخاص وشهود عيان».
وفيما أشار حوري إلى أن سوريا «لم تلتزم» بما تعهدت به في ورقة الحل العربية، و«من تمكن من الصحافيين من الدخول كان برفقة أمنيين»، أكد التمسك بمطلب «دخول مراقبين مستقلين تحت مظلة جامعة الدول العربية أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة لتوثيق الانتهاكات التي تحصل سواء أكانت صادرة عن النظام السوري أو عن الجماعات المسلحة كما يدعي النظام».
وكانت مسؤولة منطقة الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» ساره ليا ويتسون أوضحت أن «حمص هي المكان الذي تتركز فيه وحشية الحكومة السورية»، وقالت: «على الجامعة العربية أن تقول للرئيس بشار الأسد إن انتهاك الاتفاق له عواقب، وإنها تدعم من الآن وصاعدا تحركا من مجلس الأمن لوقف المذبحة».
وفي سياق متصل، كشف حوري أنه «منذ الإعلان عن موافقة سوريا على مبادرة جامعة الدول العربية في الثاني من الشهر الجاري، سقط أكثر من 140 قتيلا، 104 منهم في مدينة حمص وحدها»، مشددا على أن المطلوب هو «تحرك جدي وملموس يترجم بتعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية».
وتؤكد «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها أنها «تمكنت من التحقق من أن عشرات الهجمات شنتها قوات الأمن والميليشيات الموالية للنظام ضد مظاهرات كانت سلمية بشكل كامل تقريبا»، لافتة إلى أن «قوات الأمن استخدمت أسلحة رشاشة ثقيلة (...) لإطلاق النار على الأحياء وترويع الناس قبل أن تقتحمها بناقلات الجند. وقطعت الاتصالات ونصبت حواجز تحد بقوة من التحركات وحتى من توزيع المواد الغذائية والأدوية».
ويفيد التقرير عينه بأن القوات السورية «أوقفت بشكل تعسفي آلاف الأشخاص بينهم أطفال ونساء ومسنون وأخضعتهم لتعذيب منهجي، فيما مئات الأشخاص لا يزالون مفقودين». وفي هذا الإطار، نقلت المنظمة عن محتجزين مفرج عنهم أشارتهم إلى أن «قوات الأمن استخدمت قضبانا معدنية ساخنة لحرق مختلف أجزاء الجسد، وتم صعق المحتجزين بالكهرباء، وأُجبروا على اتخاذ أوضاع مؤلمة ومجهدة لساعات أو لأيام في كل مرة، مع استخدام أدوات مثل إطارات السيارات لإجبار المحتجزين على اتخاذ وضع يسهل من عملية ضربهم على مناطق حساسة في الجسد، مثل على أخمص القدمين أو على الرأس». ويورد التقرير وصف أحد الشهود للتعذيب الذي تعرض له في قاعدة للمخابرات العسكرية في حمص قائلا: «نقلوني إلى مكان أحسست أنه حجرة كبيرة فيها الكثير من الناس. كنت معصوب العينين لكن سمعت الناس حولي يصرخون ويتوسلون في طلب المياه. كنت أسمع صوت صواعق كهرباء وأوامر من المحققين بتعليق الناس من أيديهم. ما إن وصلوا إلى حتى بدأوا في الاستهزاء بي، وقالوا: (مرحبا يا زعيم الثورة) وسألوني عما يحدث في تلكلخ. قلت لا أعرف، ثم بدأ التعذيب». ويضيف: «ضربوني بالكابلات ثم علقوني من يدي إلى ماسورة تحت السقف، فكانت قدماي تلامسان الأرض بصعوبة. ظللت معلقا هكذا ست ساعات، رغم أنه من الصعب معرفة الوقت. ضربوني، وسكبوا علي المياه، ثم استخدموا صواعق الكهرباء. وفي الليل، وضعوني في زنزانة، مساحتها نحو 3 في 3 أمتار، ومعي نحو 25 محتجزا آخرين. احتشدنا جميعا داخلها. في الصباح التالي نقلوني لاستجواب آخر. هذه المرة قاموا بطي جسدي، وضعوا ساقي ورأسي في إطار، وقلبوني على ظهري، وبدأوا في جلدي على قدمي».
وتؤكد المنظمة تحققها من «مقتل 17 شخصا قيد التوقيف في حمص، قضى 12 منهم من جراء التعذيب»، معتبرة أن من «أسوأ تداعيات حملة القمع المكثف على المتظاهرين في سوريا هي تزايد عدد الوفيات رهن الاحتجاز». وتوضح في هذا السياق أنه «تقريبا في جميع حالات الوفاة رهن الاحتجاز الـ17 التي تمكنت هيومن رايتس ووتش من أن تؤكدها، قال شهود إنه لم يكن لديهم معلومات عن مصير أو مكان أقاربهم بعد أن احتجزتهم قوات الأمن من مظاهرات أو نقاط تفتيش، حتى يوم تلقوا مكالمة، هي عادة من المشفى العام المحلي، يُطلب منهم فيها الحضور لأخذ جثمان القريب». وشددت على أنه «في 12 حالة على الأقل راجعت فيها هيومن رايتس ووتش صورا أو مقاطع فيديو للجثث، كانت عليها علامات تشير بوضوح للتعرض للتعذيب، ويشمل ذلك الكدمات والجروح القطعية والحروق».
واشنطن تجدد دعوتها للمعارضين السوريين بعدم تسليم أنفسهم للنظام
نفت اتهامات المعلم بأنها تشجع على العنف وإشعال حرب أهلية
واشنطن: محمد علي صالح
قبل يوم من اجتماع جامعة الدول العربية لمناقشة مصير مطالب الجامعة العربية التي كان الرئيس السوري بشار الأسد وافق عليها، شددت وزارة الخارجية الأميركية على موقفها المعلن بمقاطعة سوريا، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، وإرسال مراقبين عرب ودوليين إلى سوريا. وجددت الخارجية الأميركية دعوتها للمعارضين السوريين حتى لا يسلموا أنفسهم لنظام الأسد، رغم الحملة الدبلوماسية المكثفة التي شنتها سوريا بقيادة وزير خارجيتها وليد المعلم، بأن هذا الموقف الأميركي يشجع على حرب أهلية في سوريا.
وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، تعليقا على حملة المعلم أمس: «بدأ هذا الفصل في مسرحية نظام الأسد الجديدة عندما سئلت فيكتوريا (فيكتوريا نولاند، متحدثة باسم الخارجية) في الأسبوع الماضي ما إذا كانت توصي بأن يقبل المعارضون عرض نظام الأسد بقبول العفو مقابل تسليم الذين عندهم أسلحة أسحلتهم. ولا تزال إجابة فيكتوريا هي موقفنا الرسمي. وذلك لأن نظام الأسد نظام يقوم بحملة وحشية ضد المعارضة، وضد كل الشعب السوري الذي يحتج سلميا ضد الحكومة، ومن أجل التغيير الديمقراطي، ومن أجل تحول ديمقراطي». وأضاف تونر: «نحن نؤكد موقفنا هذا. سيكون من غير الحكمة لمعارضي النظام تسليم أنفسهم إلى حكومة لها سجل مثل سجل الأسد». ونفى تونر قول المعلم بأن الحكومة الأميركية، بموقفها هذا، تشجع على مزيد من العنف، وإشعال حرب أهلية.
وكان جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشرق الأدنى، تحدث أول من أمس أمام الكونغرس عن سوريا، وكرر أهمية أن تظل المعارضة سلمية. وقال إن المعارضة المسلحة «سوف تعطي نظام الأسد حجة لمزيد من القمع».
وعن اجتماع الجامعة العربية اليوم، قال فيلتمان: «نريد منهم اتخاذ تدابير واضحة للتعبير عن إدانتهم للنظام السوري وإظهار تضامنهم مع الشعب السوري». وقال فيلتمان أيضا إن مسؤولين عربا قالوا للحكومة الأميركية إنهم عرضوا على الرئيس الأسد اللجوء السياسي كخطوة فعلية لحل المشكلة.
وأمس، رفض تونر إعلان أسماء الدول العربية التي عرضت اللجوء السياسي. وقال إن فيلتمان لم يعلنها، وإن الخارجية الأميركية تعتبر أن هذه التفاصيل جزء من الحملة الدبلوماسية الأميركية لإقناع الدول العربية باتخاذ مواقف أكثر قوة نحو الرئيس الأسد.
وكرر تونر رفض المعارضة المسلحة، وقال إنها تعطي الحكومة السورية فرصة «أخلاقية أعلى» لاستغلالها. وأضاف: «حتى الآن، قد أظهر المعارضون شجاعة هائلة ورائعة لمواجهة حملة الحكومة العنيفة ضدهم. وما زلنا نعتقد أن الغالبية العظمى من هؤلاء ملتزمون بالاحتجاجات السلمية. لنكن واضحين في هذا الموضوع». وقال تونر: «هذا النظام وافق مرات عديدة، وآخر مرة بعد نداء جامعة الدول العربية، وأيضا بعد نداء من تركيا قبل أشهر، على أنهم سوف ينهون العنف، وسوف يسحبون القوات العسكرية، وسوف يجرون الإصلاحات المطلوبة. لكنه لم يفعل أي شيء من هذه الأشياء. بالعكس، زاد العنف ضد مواطنيه».
من ناحية أخرى، قالت نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان باسم الأمم المتحدة، في رسالة إلى مجلس الأمن، إن هناك بعض أوجه التشابه بين الحالة الآن في سوريا، وما حدث في ليبيا. وقالت إن الوضع في سوريا «يمكن أن يتحول إلى حرب أهلية».
نصر الله: نؤكد للمراهنين أن نظام الأسد لن يسقط.. ومحور الممانعة بأفضل أحواله
حذر من أن الحرب على إيران وسوريا ستتدحرج على مستوى المنطقة بأكملها
بيروت: بولا أسطيح
هدّد أمين عام حزب الله حسن نصر الله «أن الحرب على إيران وعلى سوريا لن تبقى في إيران وسوريا وإنما ستتدحرج على مستوى المنطقة بأكملها»، مؤكدا «للمراهنين أن نظام الأسد لن يسقط وأن محور الممانعة أفضل من أي زمن مضى بكل المقاييس والمعايير».
ودعا نصر الله في احتفال نظّمه حزب الله بمناسبة يوم الشهيد في ضاحية بيروت الجنوبية، «من يراهنون على سقوط النظام السوري إلى ترك هذا الرهان»، وقال «لكل الذين يؤجلون الملفات والخيارات والمعالجات أو يصنعون آمالا وأوهاما ويبنون على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا: ضعوا هذا الرهان جانبا فهو سيفشل كما فشلت كل الرهانات السابقة».
وفيما اعتبر نصر الله أن « كل حديث عن اعتداء أو حرب جديدة على لبنان يدخل في دائرة التهويل»، استبعد «قيام إسرائيل بعدوان من هذا النوع على لبنان بمعزل عن تطورات المنطقة والوضع الإقليمي»، لافتا إلى أنه «إذا لم يكن هناك مخطط لحرب على مستوى المنطقة نستبعد أن يكون هناك مخطط لحرب وشيكة على لبنان».
وفي هذا السياق، قال القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش: «كلنا يعلم تماما أن سبب وجود نصر الله وحزبه هو لتأمين حماية النظامين السوري والإيراني وتنفيذ مآربهما وبالتالي كل ما يُحكى عن مقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية مجرد عناوين باهتة لم تعد تمر على أحد».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، شدد علوش على أن «تصاريح نصر الله في هذا الإطار لا تخيف اللبنانيين بقدر ما يخيفهم بقاء الوضع في المنطقة على ما هو عليه»، وأضاف: «ما يخيفنا استمرار النظام السوري بإرهابه وبقتل شعبه.. ما يخيفنا تهديدات إيران اليومية واستمرار حزب الله بتنفيذ رغبات الولي الفقيه. نعلم تماما أن أي إصلاح ستسبقه بعض الصعوبات ولكن الصعوبة الأكبر أن تبقى الأمور على ما هي عليه».
وفي ملف المحكمة الدولية، أكد نصر الله أن «موضوع تمويل المحكمة يُترك للنقاش في مجلس الوزراء»، داعيا إلى «أخذ العبرة مما حصل في موضوع منظمة اليونيسكو عندما أوقفت أميركا تمويل هذه المنظمة لأنها اعترفت بفلسطين»، متسائلا «ألم يكن تمويل اليونيسكو التزاما لأميركا من التزاماتها الدولية فلماذا يجوز أن تتحلل من التزاماتها ولا يجوز ذلك للبنان؟» واستطرد في السياق ذاته قائلا: «نحن في لبنان (رأسنا يابس)، وبالتالي ما ترضونه لليونيسكو ارتضوه للحكومة اللبنانية، ودعوا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعرف كيف ينام مرتاحا».
وتوجه نصر الله لقوى المعارضة معتبرا أنّها «يئست في داخلها ولم تيأس من خطابها السياسي»، قائلا: «عندما تطالبوننا بأن نتخلى عن سلاحنا فكأنكم تطلبون منا أن نكون كالمغبون الذليل، ونسلم أهلنا لأبشع عدو». ولفت نصر الله إلى أنه «اليوم وللمرة الأولى يعيش لبنان وبالتحديد جنوب لبنان بالطمأنينة وبالثقة وبالارتياح»، وتابع «هذا ليس كرم أخلاق من أحد بل لأن لبنان لم يعد بلدا ضعيفا بل بلد قوي وهو بشعبه وجيشه ومقاومته قادر على الدفاع والانتصار، وأصبح قادرا أن يقلب الطاولة على من يعتدي عليه وأن يحول التهديد إلى فرصة حقيقية. وما دام هذا الإيمان وهذه البصيرة قائمة وهذا الثلاثي قائم فإن إسرائيل ستبقى عاجزة عن شن أي حرب وإذا جاء يوم وشنت فيه حربا ستكون المغامرة الأخيرة».
قدّ ردّت قوى المعارضة اللبنانية على مواقف نصر الله متهمة إياها «بجر لبنان إلى أزمات هو بغنى عنها»، معتبرة أن «تهديده بأن الحرب على إيران وعلى سوريا لن تبقى في إيران وسوريا وإنما ستتدحرج على مستوى المنطقة بأكملها»، بمثابة «إعلان واضح وصريح بأن حزب الله سيُقحم لبنان في أي مواجهة محتملة في الداخل السوري أو الإيراني».
أحمد الحريري لـ «الشرق الأوسط»: موقف الحكومة اللبنانية «مخزٍ».. والمطلوب وقف سفك الدماء في سوريا
وزير الخارجية اللبناني يؤكد اتخاذ «الموقف الأفضل لمصلحة لبنان» في الاجتماع العربي لبحث أزمة سوريا
بيروت: ليال أبو رحال
تترقب الساحة اللبنانية الموقف الذي سيتخذه لبنان اليوم في اجتماع وزراء الخارجية العرب المخصص لبحث الوضع في سوريا، بعد اتهام جامعة الدول العربية سوريا بعدم الالتزام بتطبيق البنود الواردة في ورقة الحل العربية. وبينما من المتوقع أن تجد الحكومة نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السير بالإجماع العربي وإما الانحياز إلى النظام السوري، أشار وزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور، أمس، إلى «أننا سنتخذ الموقف الأفضل لمصلحة لبنان»، مؤكدا «ألا خروج عن الإجماع العربي».
كان رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، قد كرر مؤخرا، أكثر من مرة، موقف لبنان «بالنأي» بنفسه عما تشهده سوريا من أحداث. وكان آخر هذه المواقف ما أطلقه خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة البريطانية لندن، مطلع الأسبوع الحالي. ويتبع لبنان الرسمي سياسة «النأي بنفسه» منذ بداية الأحداث في سوريا. وفي الثالث من أغسطس (آب) الفائت، نأى لبنان بنفسه عن البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن، وأدان بموجبه «الخرق الواسع لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية»، مطالبا السلطات السورية بـ«الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتصرف بموجب واجباتها وفق القانون الدولي».
في هذا السياق، أوضح الأستاذ في القانون الدولي، الدكتور شفيق المصري، أن سياسة «النأي بالنفس» عمَّا يجري في سوريا أشبه بـ«موضوع إنشاء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التوصيف القانوني لهذا الوضع هو الامتناع عن التصويت»، مذكرا بأن «لبنان في مجلس الأمن امتنع عن التصويت، بمعنى أنه لم يعلن رفضه أثناء الجلسة وصدر البيان، ليعلن ممثل لبنان، بعد ذلك، أن لبنان قرر «النأي بنفسه». وأشار إلى أنه «لو رفض لبنان التصويت داخل الجلسة لما كان البيان ليصدر».
وفيما يتعلق بموقف لبنان اليوم في اجتماع مجلس الوزراء العرب بشأن سوريا، قال المصري: «إذا أرادت الدول العربية التصويت وامتنع لبنان، فلا معنى لامتناعه؛ لأن موقفه لا يعني لا الرفض ولا القبول». وأوضح أن «المادة السابعة من ميثاق جامعة الدول العربية تنص على أن القرارات التي تصدر عن الجامعة تلزم من يصوت عليها فقط»، معتبرا أن هذه المادة هي «مشكلة جامعة الدول العربية وسبب عجزها». ولفت إلى أن «صدور أي قرار عن الجامعة من دون تحقيق إجماع حوله داخلها هو بمثابة إعلان فشلها؛ لأنه لن يكون ملزما لبقية الدول العربية، وعندها سيتم البحث في وسائل أخرى».
وتحمل قوى المعارضة اللبنانية على موقف الحكومة اللبنانية من الشأن السوري، ويشن نواب المستقبل و«14 آذار»، عموما، حملة على أداء الأجهزة الرسمية في ملف النازحين السوريين إلى لبنان. في هذا السياق، وصف أمين عام تيار المستقبل، أحمد الحريري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، موقف الحكومة اللبنانية بأنه «موقف مخزٍ، لا سيما أن الموقف الإنساني للشعب اللبناني بات واضحا جدا»، مشيرا إلى أن حكومة ميقاتي «لا تتحرك حتى من الناحية الإنسانية لمساعدة النازحين السوريين». وقال: «نحن نرى يوميا كيف تتم معاملة النازحين في ظل عمليات الخطف التي تحصل، وذلك كله بغطاء من الحكومة ورئيسها»، مؤكدا أن «ألاعيب الحكومة اللبنانية بدأت تنكشف، إن على صعيد تمويل المحكمة الدولية أو على صعيد الموقف مما تشهده سوريا؛ حيث أصبح واضحا أن الحكومة اللبنانية هي حكومة التغطية على سوريا».
وشدد الحريري على أن «المطلوب اليوم من جامعة الدول العربية هو اتخاذ موقف واضح من المبادرة السابقة، بحيث يتم عرض ما نفذ منها وما لم ينفذ»، مذكرا بأن «معدل 20 رجلا يُقتلون كل يوم منذ الإعلان عن بدء تطبيق المبادرة، والمطلوب بالدرجة الأولى وقف سفك الدماء، وهو ما لم يتحقق بعدُ، على الرغم من إعلان التزام سوريا بذلك».
وأشار إلى أن «ثلاث دول موجودة في جامعة الدول العربية، هي تونس ومصر وليبيا، وهي تطالب بإعلان موقف حازم مما يجري في سوريا»، معتبرا أنه «من الضرورة بمكان أن يتم القيام بتحرك تصعيدي».
المجلس الوطني السوري يضغط باتجاه الجامعة العربية لإصدار قرارات تصعيدية وجريئة
رمضان لـ «الشرق الأوسط»: سنكشف أسماء الدول التي تعوق العقوبات
بيروت: بولا أسطيح القاهرة: سوسن أبو حسين
تسارعت حركة أعضاء المجلس الوطني السوري قبيل ساعات من انعقاد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث مدى التزام النظام السوري بالمبادرة العربية. وقد نشطت الأمانة العامة للمجلس ومكتبه التنفيذي في كل من إيطاليا والقاهرة للحث باتجاه اتخاذ قرار عربي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على سوريا وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية.
وأكدت الدكتورة بسمة قضماني لـ«الشرق الأوسط» أن وفد المعارضة التقى مع العربي ثلاث مرات في غضون أسبوع واحد للتشاور حول مطالب المعارضة والتحضير للاجتماع الوزاري العربي الذي وصفته «بالحاسم» من منطلق عدم استجابة النظام السوري لتنفيذ المبادرة العربية التي تقول: «إنها وصلت لطريق مسدود». وأكدت على أهمية نقل السلطة وفق آليات النظام الديمقراطي وأن الوفد يدرس وضع تصورات لنقل السلطة ومطالبة الأسد بالتنحي، مؤكدة أن هناك اتصالات مكثفة بشأن اعتراف الخارج بالمجلس الوطني السوري.
وشدّد عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني أحمد رمضان، على ضرورة أن تكون القرارات العربية المتخذة اليوم «تصعيدية وجريئة لأن إعطاء المزيد من المهل للنظام يعني السماح بالمزيد من القتل والدمار وهو مرفوض تماما» معتبرا أن «المبادرة العربية وصلت لطريق مسدود في ضوء رفض النظام لتطبيق بنودها على أرض الواقع لا بل إمعانه في عمليات القتل واعتقال المواطنين وبالتالي ارتفاع نسبة العنف في الشوارع السورية».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، لفت رمضان إلى أن «ما يدفع به المجلس كأولوية، يجب اتخاذ قرارات بصدده اليوم من خلال الجامعة العربية، تجميد عضوية النظام وتأمين الحماية الدولية بالتعاون مع الأمم المتحدة». وأضاف: «هذا بالإضافة لمساعينا المستمرة باتجاه فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على سوريا والاعتراف بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري». وأشار رمضان إلى أن «المجلس على تواصل يومي مع وزراء الخارجية العرب وأمين عام الجامعة العربية»، لافتا إلى أن «لقاءات عقدت بالأمس في القاهرة بين أعضاء من المجلس والأمين العام نبيل العربي لإيصال المطالب الواضحة والرسمية للمجلس». وقال: «دول الخليج أبلغتنا تأييدها لمطالبنا واستعدادها للاعتراف بالمجلس ولكن دولا أخرى تدفع اليوم باتجاه إعطاء مزيد من المهل للنظام وهو ما نحاول التصدي له». وإذ كشف رمضان عن «محاولات يقوم بها نظام الأسد باتجاه الجامعة العربية تندرج بإطار مناورة جديدة لطلب مهلة إضافية لتنفيذ بنود المبادرة»، لفت إلى أن «عدم استجابته لأي من مطالب وبنود المبادرة بعد 12 يوما على موافقته عليها يؤكد أن لا نية حسنة لدى النظام للتجاوب معها ولو بعد 100 يوم».
وشدّد رمضان على أنه «إذا لم تكن القرارات المتخذة اليوم على صعيد الجامعة العربية بالمستوى المطلوب لجهة تلبية مطالب الشارع السوري، فإن المجلس الوطني سيعلن وبصراحة أسماء الدول التي أعاقت وتعيق فرض عقوبات على سوريا وبالتالي تساهم بقتل الشعب السوري».
وتطرق رمضان للموقف اللبناني الرسمي المنتظر اتخاذه في اجتماع اليوم، فقال: «لا نتوقع كثيرا من موقف لبنان ولكننا في الوقت عينه نأمل منه كما فعل بوقت سابق أن ينأى بنفسه عن النظام السوري ويقف إلى جانب مطالب الشعب المحقة» وحذّر رمضان الحكومة اللبنانية «وفي حال لم تتخذ الموقف المناسب من أن تشهد العلاقة المستقبلية بين النظام السوري الجديد ولبنان مزيدا من الشروخ»، داعيا الحكومة «للتصرف بشكل مسؤول وأن تُدرك أن مصلحة لبنان مع خيارات الشعب السوري وليس مع نظام آيل للسقوط».
وأوضح عمر أبا زيد، أحد شباب الثورة السورية والذي تربطه اتصالات تنسيقية مع شباب الثورة في الداخل، أن مهلة الحل العربي راح ضحيتها طيلة الـ15 يوما الماضية 400 شهيد سوري. وقال أبا زيد: «من الصعب المقارنة بين الثورة السورية وغيرها من الثورات حتى الليبية، والتي كان استخدام السلاح فيها من الطرفين، أما في ثورة سوريا فالشعب يواجه الدبابات بصدور عارية»، مضيفا: « نظام الأسد لن يلتزم بخطة الحل العربي وإعطائه المزيد من المُهل سوف يؤدى إلى المزيد من الشهداء والجرحى، وأن تجميد العضوية لا يعني التدخل العسكري بالداخل السوري» مشيرا إلى أن الحراك الثوري في سوريا لديه آليات لنقل السلطة في حال تجميد عضوية الأسد ونظامه وأن الهيئة العامة للثورة ولجان تنسيقها ومجلسها الأعلى خرج من الداخل إلا أنه بقي على اتصال بالداخل ولم ينفصل عنه وليس لديه أية أجندات خارجية وإنما العمل مع الجامعة والدول العربية لإنهاء النزيف اليومي للشعب السوري.
العربي يقدم تقريرا حول مطالب المعارضة إلى اللجنة المعنية بمتابعة الأزمة السورية
230 فنانا ومثقفا وصحافيا سوريا يطالبون بتجميد العضوية
القاهرة - لندن: «الشرق الأوسط»
عشية انعقاد الاجتماع الوزاري العربي الطارئ بخصوص الأزمة السورية، اجتمعت أمس اللجنة العربية الوزارية المعنية بسوريا في أحد فنادق القاهرة برئاسة الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية، وبحضور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، لبحث مستجدات الأوضاع على الساحة السورية. وناقشت اللجنة تقريرا تفصيليا في هذا الإطار لعرضه على اجتماع مجلس الجامعة الطارئ المقرر انعقاده اليوم على المستوى الوزاري.
وقدم العربي تقريرا إلى اللجنة حول مطالب المعارضة السورية ونتائج الاتصالات مع الحكومة السورية وتقييم الالتزام ببنود المبادرة العربية والعقبات التي تحول دون تنفيذها.
ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها إلى الاجتماع الوزاري العربي اليوم حول الوضع السوري بشكل عام، والأوضاع في المناطق الملتهبة بشكل خاص ونتائج الاتصالات التي جرت بين الجامعة العربية ورئاسة اللجنة الوزارية مع مختلف الأطراف السورية والتقارير المرفوعة من قبل الحكومة والمعارضة من داخل وخارج سوريا.
وشارك في الاجتماع وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة، وهي قطر، والسودان، والجزائر، وسلطنة عمان. كما حضر الاجتماع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل رغم أن بلاده ليست عضوا في اللجنة، إلا أن قرار تأسيس اللجنة يسمح لأي دولة بالانضمام إليها.
وكان العربي قد التقى أمس وفدا يمثل الهيئة العامة للثورة السورية المعارض برئاسة خليل الحاج صالح. وقال خليل صالح، في تصريحات للصحافيين عقب اللقاء، إن الوفد تقدم بمذكرة للجامعة العربية تشرح الأوضاع في سوريا وتوضح أن النظام السوري استغل تعقيدات الأوضاع العربية والإقليمية والدولية وماطل في الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري، وفرغ كل ما طرح عليه من مبادرات سياسية من مضامينها الفعلية الملموسة. وأضاف أن المذكرة «أشارت إلى تزايد أعداد الشهداء في الوقت الذي استمرت فيه آلة النظام العسكرية والأمنية وشبيحته في إلحاق الدمار والخراب بالبنية المادية والاجتماعية للشعب السوري»، موضحا أن المذكرة تطالب الأشقاء العرب بضرورة العمل على تخفيف آلام وعذابات الشعب السوري وحماية أرواح شبابه الثائر.
كما طالبت المذكرة الجامعة العربية بسرعة الاستجابة لمطالب الشعب السوري، والتي تتمثل في ما يرفعه المتظاهرون في لافتاتهم ونداءاتهم اليومية، وخاصة تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية وكافة منظماتها وطرد سفرائه من العواصم العربية، والاعتراف بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري.
وفي السياق نفسه، استقبل العربي أيضا وفدا يمثل المجلس الوطني برئاسة بسمة القدماني، عضو المكتب التنفيذي للمجلس، وأطلع الوفد الأمين العام على رؤية المجلس لكيفية الخروج من الأزمة الراهنة. وأفاد مصدر مسؤول شارك في الاجتماع بأن الوفد طلب من الأمين العام للجامعة العربية تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية باعتبار ذلك أحد مطالب الثوار السوريين.
من جهة أخرى، ينظم تجمع «قوى الربيع العربي» برئاسة المعارض السوداني الدكتور إبراهيم الأمين ومنسقه العام المعارض اليمني الدكتور محمد كمالي، وقفة احتجاجية أمام جامعة الدول العربية للتضامن مع المواطنين السوريين واليمنيين المعتصمين أمام الجامعة منذ ما يقرب من شهر، وذلك بالتزامن مع انعقاد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم.
وطالب منسق الجالية السورية بمصر محمد مأمون الحمصي، عضو الأمانة العامة لتجمع «قوى الربيع العربي» الجامعة العربية بأن تتخذ قرارا إيجابيا في الدقيقة الأخيرة وفي الوقت الحرج، وذلك بالإسراع في تجميد عضوية نظام الأسد.
وشدد الحمصي على ضرورة إرسال الجامعة العربية ملف القضية السورية إلى مجلس الأمن من أجل اتخاذ قرارات سريعة لحماية الأبرياء والحظر الجوي الذي يطالب به 99% من الشعب السوري، معتبرا أنه لم يبق وقت للكلام الدبلوماسي بعدما تأكد العالم أجمع من دموية النظام السوري. وناشد الكاتب السوري مؤمن كويفاتيه، عضو الأمانة العامة للتجمع الجامعة العربية، تأييد مطالب الشعب السوري برفع الغطاء العربي عن النظام السوري وتجميد عضويته ودعم مطالب الشعب السوري بحماية دولية والعمل على إجراءات نقل السلطة إلى يد الشعب ممثلا في المجلس الوطني السوري.
إلى ذلك، أعلن ناشطون في المعارضة السورية إقامة ما يشبه مراسم تشييع وعزاء رمزية لجامعة الدول العربية، ردا على عدم اتخاذها إجراءات حاسمة بشأن الأزمة السورية، مطالبين الجامعة بإعلان إلغاء المبادرة العربية نهائيا في حين وقع عشرات المثقفين والأكاديميين السوريين على بيان يطالب بتجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية.
وقال بيان، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، إن عشرات النشطاء السوريين شاركوا صباح أمس في مراسم «عزاء» إسلامي ومسيحي يضم صلاة جنازة وقداسا «على روح جامعة الدول العربية» مع توزيع نعي مطبوع لها في الشوارع المحيطة بمقرها في وسط القاهرة.
وكتب في نص النعي الرمزي وفق البيان: «آل فقيدة الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وأبناء الفقيدة مندوبو الأنظمة العربية، ينعون إليكم بمزيد من الحسرة والألم فقيدتهم الغالية التي وافاها الأجل عام 2011 إثر أحداث الربيع العربي».
ومن يتحمل الأسد؟
طارق الحميد
يقول جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية: إن بشار الأسد «قد انتهى»، وإن الدول العربية أدركت أن أيام الأسد في الحكم معدودة، وإن معظم الزعماء العرب باتوا «مقتنعين أن حكم الأسد يشهد نهايته»، وإن «عددا من القادة اقترح على الأسد توفير ملاذ آمن له لدفعه للتخلي عن السلطة بهدوء وبسرعة».
والسؤال هو: مَن مِن الدول العربية، أو القادة العرب، سيتحمل تبعات استضافة الأسد بعد كل ما فعله بسوريا والسوريين؟ بل أين هي علاقاته الجيدة مع الزعماء العرب المؤثرين في المنطقة؟ فاستضافة الدول العربية - أي دولة كانت - لزين العابدين بن علي، أو حتى حسني مبارك، كانت أمرا يمكن الدفاع عنه، فأيديهما لم تلطخ بالدماء مثل ما فعل النظام الأسدي، وببشاعة.. فالنظام الأسدي تجاوز حتى ما فعله معمر القذافي في ليبيا؛ فهناك كانت المعركة مختلفة؛ حيث وقعت بين طرفين: نظام العقيد والثوار، وكلاهما يحمل السلاح بوجه الآخر: الدبابة مقابل الدبابة، والرشاش مقابل الرشاش.. بينما العكس تماما في سوريا؛ حيث إن النظام الأسدي هو من يحمل السلاح، وهو من يعربد به، بينما الثوار السوريون مسالمون إلى الآن، ورغما عن كل ما يقوله المسؤولون الروس الذين تحولوا إلى ما يمكن أن نسميهم الشبيحة السياسيين، فبعدما شهدنا شبيحة الإعلام السوريين، نشهد اليوم شبيحة السياسة الروس، وهم يستميتون للدفاع عن النظام الأسدي المنتهي لا محالة.
لذا، فإن القول إن النظام الأسدي قد انتهى، حقيقة، والقول إن معظم الحكام العرب قد اقتنعوا بنهايته، قد يكون أمرا صحيحا، لكن الاستعداد لاستضافة بشار الأسد في إحدى الدول العربية أمر بالغ الصعوبة اليوم، خصوصا أن النظام الأسدي قتل ما لا يقل عن 3500 سوري، هذا عدا عن المفقودين. فمن الذي سيتحمل تبعات هذا الدم كله؟ أمر صعب تخيله! وعليه، فإذا كانت الدول العربية - كما يقول فيلتمان - حريصة على سلامة سوريا وشعبها، فإن خير ما تفعله هذه الدول الآن - بدلا من منح اللجوء لبشار الأسد – هو أن تباشر بتجميد عضوية النظام الأسدي في الجامعة العربية التي يقول فيلتمان إن مصداقيتها اليوم باتت على المحك، وبالطبع فإن على الجامعة الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وسحب جميع السفراء العرب من دمشق فورا. وإذا كان القادة العرب أيضا حريصين على سوريا فعلا، فلا بد من موقف حازم تجاه ما تفعله موسكو بدفاعها المؤسف عن النظام الأسدي.
أما قصة لجوء بشار الأسد السياسي من عدمه، فهو أمر يجب ألا يشغل العرب الآن، حتى إن كان فيلتمان يقول إن جميع القادة العرب تقريبا باتوا مقتنعين بأن «نظام الأسد على وشك الانتهاء»، وأن «التغيير في سوريا الآن لا مفر منه». فالواضح أن خيارات النظام الأسدي عندما تحين لحظة الفرار ستكون محدودة، إن لم تكن محسومة، فليس أمام هذا النظام الوحشي إلا اللجوء لإيران، وإن كان المرء يشك في أن يقبل عقلاؤها بفعل ذلك؛ فالنظام الأسدي بات عبئا على الجميع، بما فيهم طهران.
المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية