بكركي نحو لقاء جديد لدرس مشروع قانون انتخاب
الثلاثاء 2 آب 2011 - 8:15 ص 4344 0 محلية |
بكركي نحو لقاء جديد لدرس مشروع قانون انتخاب
إصرار بطريركي على وضع سقف للعلاقة المسيحية - المسيحية
هل يتوافق الموارنة ومعهم المسيحيون على مشروع واحد لقانون الإنتخاب ويتمكن نوابهم في الأكثريتين القديمة والجديدة من ولوج المؤسسات الدستورية ومنها الإدارية ويعودون الى كنف الدولة؟
لم تحل "مستجدات" بلدة لاسا، التي تؤرق عدداً غير قليل من المسؤولين الزمنيين وغير الزمنيين، بدءاً برئيس الجمهورية ميشال سليمان وصولاً الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي و"بعض" سياسيين من جبيل، دون استمرار البطريرك الراعي في مشروعه الذي بدأه منذ انتخابه رئيساً للكنيسة المارونية، وهو "لملمة الأرض" المسيحية نظراً الى تداخل هذه الأرض، تمهيداً لتحرك في أطر اوسع تحقيقاً لشعار الشركة الذي اطلقه. وهو وجّه دعوات الى لقاء جديد في بكركي، على مستوى القادة، يكون الثاني بعد اللقاء الأول الذي عقد في الصرح يوم الثلثاء 19 نيسان وضم الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه والدكتور سمير جعجع. وقد حدّد الموعد المبدئي للقاء الثاني يوم الخميس 25 آب الحالي، في انتظار أجوبة المدعويين التي بدأت تصل.
وهدف البطريرك من هذا اللقاء الذي سيكون مخصصاً لمناقشة مشروع قانون للإنتخاب، الى سلسلة أمور، منها:
1 - إبقاء جو اجتماع بكركي الأول سائداً، ومثله الإجتماع الموسّع في الصرح الذي ضم نواباً وشخصيات لا يمكن "استغيابها"، وهو جو انفتاح، اثمر - ولو الى حين - وداً كان مفقوداً ونتائج ايجابية في أوساط الطائفة المارونية خصوصاً والطوائف المسيحية عموماً.
2 - محاولة "ضبط الإيقاع" بين القيادات المسيحية في ضوء السجال المتجدد في الفترة الأخيرة بين موارنة 8 آذار وتحديداً العماد عون وقوى 14 آذار ومنها الدكتور جعجع، وهو سجال أثار "نقزة" في أوساط عدة، وعدم ارتياح لدى البطريرك الراعي، مما جعله يدعو الى هذا اللقاء جاهداً الى تطويق ما حصل وجعل النقاش بطريقة مباشرة وخصوصاً أن المرحلة المقبلة تؤشّر الى معركة قاسية بين 8 آذار و14 آذار في محاولة صمود من الفريق الأول واسترجاع "مكتسبات"من الفريق الثاني.
3 - إصرار الراعي على السير نحو هدف اسمه انجاح عملية وضع سقف للعلاقة المسيحية - المسيحية، وهو "رايح للآخر" في هذا المجال، انطلاقاً من توجه بطريركي وفاتيكاني في آن واحد، نحو حد أدنى من الجمع بين القيادات وعبرها بين القواعد.
4 - إقتناع الراعي أن القيادات المسيحية قابلة للتفاهم على مشروع قانون للإنتخاب، وخصوصاً لجهة حجم الدائرة الإنتخابية وهو ما ظهر لدى بدء مناقشة المشروع في عهد البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير إذ أعرب معظم القيادات عن مقاربتهم لما طرحته بكركي آنذاك عن أن صغر الدائرة، وصولاً الى الدائرة الفردية، هو الأمثل لجهة سهولة التعرف الى المرشح والى الناخب في آن واحد الأمر الذي يحد من ظاهرة المحادل الإنتخابية.
ويبدو أن الرد الإيجابي الأول جاء من النائب فرنجيه الذي أعلن بعد زيارته الديمان يوم الجمعة الفائت أنه يدعم أي مشروع قانون تقترحه بكركي، وتبقى "القطبة المخفية" عند العماد عون الذي يتزعم كتلة نيابية كبيرة ويتمتع بنقطة ثقل في مجلس الوزراء، يمكن الإفادة منها ما دام الموضوع لا يتعلق بالإستراتيجية الدفاعية وسلاح "حزب الله".
وصحيح أن موضوع تعيين المدير العام للأمن العام كان علامة سلبية للعماد عون في رأي فريق المعارضة، ولكن مشروع قانون الإنتخاب هو الإختبار الفعلي الأول لمدى فاعلية الوزراء العونيين في مجلس الوزراء خصوصاً إذا كان لهم رأي آخر غير رأي حلفائهم الذين يشكلون معهم الأكثرية الجديدة.
من هنا، ونظراً الى ما يشكله قانون الإنتخاب بالنسبة الى بكركي من هاجس منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، وهو هاجس تكوين المؤسسات الدستورية انطلاقاً من مجلس النواب، ولأن القضية دقيقة وليست "مزحة"، فقد توجّه الدعوة الى خبراء للإستعانة بهم في اللقاء وفي مقدمهم الوزير السابق زياد بارود الذي كانت له مساهمات بارزة في صوغ مشروع لقانون الإنتخاب وفي مناقشات مشاريع عدة أخرى. كذلك قد تدعى الى اللقاء لجنة الإتصالات التي انبثقت من اجتماع القادة والنواب في بكركي.
بإزاء كل ذلك يرى مراقبون أن تحرك الراعي، فيه رسالة، وان كلامه في زياراته الراعوية هنا وهناك وهنالك فيه "امر اليوم"، الذي يشرح التوجهات، وهو استطاع في الزيارات الراعوية جمع الكل بين استقبالات وقداديس ولقاءات تنشئة، وتمكـّن خصوصاً في مسقطه حملايا من أن يُجلس الأضداد جنباً الى جنب في ما اعتبر rencontre forcée أو لقاء بالقوة إذا صح التعبير، حتى أنه أيقظ "الجمرات" النائمة تحت رماد السياسات القديمة، ونجح في تمرير "أمر اليوم" الذي يقول أن الخلاف لا يمكن أن يصل الى نقطة اللارجوع في الثوابت، وأن الإختلاف السياسي بين القادة يجب ألا يكون مميتاً للقاعدة، وفي رأيه أن القيادة شيء والقاعدة شيء آخر.
ثمة مشاريع عدة لقوانين انتخاب لدى معظم الأطراف، وهي مشاريع ستدرس وتناقش في أول لقاء بطريركي مخصص لهذا القانون، سواء عقد في 25 آب إذا كان الموعد موافقاً للجميع، أو في أي موعد يحدد، قبل زيارة الراعي لفرنسا أوائل أيلول أو بعدها.
حبيب شلوق
المصدر: جريدة النهار