«الراي» تنشر ملخصات لتقارير غربية عن قدرات الجيشين الاسرائيلي واللبناني... والمقاومة
«حزب الله» حوّل جنوب الليطاني عبر «خطة الخلد» إلى ما هو أدهى من شبكة أنفاق «مترو» باريس
الخميس 19 آب 2010 - 7:32 ص 3271 0 دولية |
خاص الرأي
لم تكن انتهت «الساعات العصيبة» من المواجهة «النادرة» بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي على الحدود «الهشة» عند اطراف بلدة العديسة في جنوب لبنان، حتى فُتح النقاش على مصرعيه في بيروت وتل ابيب وفي العواصم الغربية «ذات الصلة» حول «ملابسات» الحادث الدراماتيكي في المنطقة «الميتة» على الحدود ومعنى تصدي الجيش اللبناني بـ «النار» للقوات الاسرائيلية ومغزى «الانضباط» اللافت لـ «حزب الله».
والأهم من ذلك كان مسارعة مراكز ابحاث استراتيجية قريبة من مراكز القرار في اكثر من عاصمة غربية الى اجراء عمليات تقويم مثلثة الاضلع لإمكانات الجيشين الاسرائيلي واللبناني ولـ «الجيش الرديف» الذي يمتلكه «حزب الله»، وهي عمليات أشبه بـ «فحص» لقدرات القوى الثلاث وإمكاناتها وطرق عملها، استناداً الى معطيات لوجستية واستخباراتية.
واللافت ان ما اثير على هذا المستوى «البحثي» تزامن مع كلام كثير قيل في بيروت عن الحاجة الى تسليح الجيش اللبناني في «دوره الجديد»، و«صيحات» في تل ابيب تطالب بـ «تأديب» الجيش اللبناني لتدفيعه ثمن تهوره، وأصوات في واشنطن وباريس تناولت الموقف من المساعدات العسكرية للجيش اللبناني.
والاكثر اثارة في التقارير الصادرة عن مراكز الابحاث الغربية كانت «المقارنة» بين القوتين جنوب نهر الليطاني، اي الجيش اللبناني و«حزب الله»، عبر الاضاءة على امكاناتهما وطرق عملهما وتسليحهما وما شابه، اضافة الى خلاصات تظهر تعاظم قوة «حزب الله» على نحو مضطرد لا سيما منذ حرب يوليو 2006.
وقال خبير، لم يشأ الكشف عن اسمه لـ «الراي»، يعمل في احد المراكز الاوروبية انه في الوقت الذي يُعتبر الجيش الاسرائيلي من الجيل الرابع، فإن الجيش اللبناني من الجيل الثاني، اما الجيل الثالث فهو يشتمل على نوعية الجيوش العربية، كالمصرية والسعودية.
وكشف هذا الخبير عن تقارير تشير الى ان الجيش اللبناني يعمل بهيكلية قتالية وفق المفهوم العمودي التابع للقيادة المركزية (اي ان الجندي لا يطلق الرصاص دون اوامر القيادة العليا) بينما يعمل الجيش الاسرائيلي وكذلك «حزب الله» بأسلوب القيادة اللامركزية اي القدرة على اتخاذ قرار ميداني بناء للمشاهدات والمواجهات في منطقة العمليات. اضافة الى ان انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، هو لحفظ الامن وليس انتشاراً في اطار خطة عمليات قتالية يراد منها مواجهة الجيش الاسرائيلي الذي استطاع سحق الجيوش العربية خلال ستة ايام في حرب العام1967 ولا حاجة للحديث عن قدراته في عام 2010 والاسلحة المتطورة والحديثة التي يتمتع بها حالياً وهي تضاهي اهم الجيوش العالمية.
ولفتت هذه التقارير الى انه اذا اراد الجيش اللبناني الانتشار ضمن خطة دفاعية واستخدام اجراءات العوارض السادّة (اي تحصين مواقع عسكرية بمواجهة محاور التقدم الاسرائيلية) ونقاط الاتكاء التي تشرف على مناطق القتال وتسيطر على مجرياتها، فان باستطاعة الجيش الاسرائيلي تدميرها عبر سلاح الجو او عبر سلاح المدرعات لامتلاكها قدرة عالية على السيطرة ومحو هذه الاجراءات من الوجود في ظرف زمني بسيط.
وفي تقدير هذه التقارير ان قتال «حزب الله» يختلف جوهرياً عن الجيوش الكلاسيكية من حيث الانتشار والحركة وهو يعتمد الحركة المنظمة غير النظامية (كلاسيكية) بدءاً من نقل المعركة بعد التجارب العدة التي خاضها مع اسرائيل، من فوق الارض الى «خطة الخلد» اذ حوّل اراضي الجنوب اللبناني وفي شكل متطور الى ما هو ادهى من انفاق مترو باريس، وتالياً نقل عنصر المفاجأة في المعركة لمصلحته وانتزعه من الجيش الاسرائيلي الذي اصبح عاجزاً عن رؤية ما تحت الارض للقضاء عليه من الجو قبل البدء بأي هجوم بري، وبهذا منع الجيش الاسرائيلي من رؤيته اثناء التحرك في ميدان المعركة ليلاً ونهاراً.
اما انتشار الجيش اللبناني التقليدي، بحسب تلك التقارير، فهو غير فعّال في مواجهة الجيش الاسرائيلي الذي يمتلك اجهزة حرارية للرؤية تخوّله من اصطياد جميع الافراد وآلياتهم المنتشرة في اي مكان على طول الجبهة ما دامت موجودة فوق الارض. وان قدرة اسرائيل المتفوقة على مستوى الاستطلاع والاشراف تستطيع اعطاء الاوامر لاحدى طائراتها من طراز «الاواكس» المتطورة بمسح الجبهة اللبنانية الاسرائيلية ومواقع الجيش اللبناني كلها خلال ساعة، ما يتيح للجيش الاسرائيلي القضاء عليها كونها مواقع علنية غير سرية، اذ لا يعتمد الجيش اللبناني مفهوم العمل السري الذي يشكل عمدة المواجهة التي يستخدمها «حزب الله». وهذا يعني تالياً ان آليات ومواقع الجيش اللبناني تكون مهددة بالتحول رماداً.
اما من حيث التسلح، فتشير هذه التقارير الى ان معدات القتال التي يمتلكها الجيش اللبناني غير فعالة في مواجهة معدات الجيش الاسرائيلي خصوصاً لاعتماد الاول على سلاح الـ «آر. بي. جي» ضد الدبابات في اي مواجهة تصادفه، لافتة الى ان دبابة «الميركافا» استهدفت في احدى عمليات المواجهة مع «حزب الله» بأكثر من 14 صاروخ «آر. بي. جي» وصاروخ «تاو» من الجيل القديم دون ان تحتاج حتى الى نفض البارود عنها، حيث اكملت عملها العسكري وكأن شيئاً لم يكن.
ولا تجد هذه التقارير حاجة للمقارنة بين قذائف دبابة «الميركافا» المعالجة نووياً وبين معدن دبابة الـ T.52 الروسية والمصنّعة بعد حرب العالمية الثانية التي يملكها الجيش اللبناني.
وتتحدث تلك التقارير عن مسائل اكثر اثارة للاهتمام حين تتناول المشكلات التي يعانيها الجيش اللبناني في تأمين دعم لوجستي لجميع المواقع الامامية المنتشرة مقابل الجيش الاسرائيلي اثناء المعارك، لا سيما ان الدعم اللوجستي هو احد اهم اركان الصمود لأي قوة قتالية نظامية او غير نظامية اثناء المعارك لاشتماله على حركة تأمين الطعام والماء والذخائر والمعدات ذات الصلة باحتياجات الآليات والاسلحة، ما يجعل صمود الجيش اللبناني مهما علت الروح القتالية لديه مهمة مستحيلة بمجرد ان يحاصَر وتتعامل معه اسراب الطائرات اولاً والمدفعية ثانياً والمدرعات ثالثاً.
اما «حزب الله» فيتبع بحسب المعلومات «خطة النمل» عبر إقامته مناطق تخزين ثابتة ونقالة فوق الارض، وأكثرها تحتها، ما يجعل الصمود لدى قواته في مواجهة اسرائيل عملية اقل خطورة بعدما كانت دفعت ثمناً باهظاً في حرب 2006 لعدم وجود خبرة سابقة لديها في مجال الدعم اللوجستي العسكري اثناء الحرب في ظل السيطرة الجوية الكاملة للطيران الاسرائيلي.
وبعدما تشير تلك التقارير الى ان الدعم القتالي الناري من اهم المكونات العسكرية التي يجب على كل جيش ان يتمتع بها لاستخدامها وحرية تربيضها في مناطق الدفاع لاستخدامها في إعاقة تقدم اي هجوم بري من الجيش المهاجم، فإن التفوق الجوي الاسرائيلي وعدم توافر اسلحة فعالة مضادة للطائرات لدى الجيش اللبناني يجعلان الدعم الناري عنصراً مفقوداً في كل معركة مقبلة، بالنسبة الى الجيش اللبناني.
اما بالنسبة الى القيادة والتحكم، فإن الجيش اللبناني يستخدم لغاية اليوم اجهزة BRC وراكال اللاسلكية والتي يمكن استهدافها بسرعة والتعامل مع مصدر الارسال اينما وجد. واذا حصل ذلك، تنقطع الاتصالات مع الوحدات الموجودة على الارض وقيادتها وتشل حركتها بالكامل، وهو الامر الذي نجح «حزب الله» في تجاوزه عبر اتصالاته السلكية السرية والخاصة به وقدرته على التعامل مع الطيران الاسرائيلي اضافة الى امتلاكه قدرة صاروخية تطال العمق الاسرائيلي وتمكنه من ضرب اكثر نقطة ضعف عند اسرائيل وهي الجبهة الداخلية لايجاد «توازن رعب» ومعادلة القصف الصاروخي مقابل القصف الجوي. كما لـ «حزب الله» القدرة على شل حركة الطيران المدني والحركة الملاحية المدنية لاسرائيل وارسال المدنيين والقيادة العسكرية الى الملاجئ وقدرة استخباراتية لا يستهان بها، وبهذا يشكل «حزب الله» الخطر الحقيقي على اسرائيل وأمنها القومي.
ولفتت تلك التقارير الى ما قاله قائد المنطقة الشمالية اللواء ايزنكوت حين تحدث عن انه قرر السعي الى نتيجة تجبي ثمناً من الجيش اللبناني عبر الهجوم على الاستحكام المتقدم له في الجبل واستحكامات اخرى، وكان امام قرار بإبادة الجيش اللبناني جنوب النهر، الا ان تصريح زعيم «حزب الله» حسن نصرالله فرض التوازن وقوة ردع موقتة اوقفت اسرائيل عن قرارها ضد الجيش اللبناني.
غير ان هذه التقارير تذكر بأن ما يقدمه الجيش اللبناني لـ «حزب الله» على مستوى الداخل لا يقدّر بثمن لأنه يحمي ظهره من اي عمل ضده ويعمل في شكل قوي على القبض على الشبكات التي تعمل لمصلحة اسرائيل ويسانده في الداخل، وهكذا فقد اصبح شريكاً لـ «حزب الله» وهما يشكلان معاً قوة داخلية ودفاعية لا يستهان بها ما جعل الجيش اللبناني عرضة لانتقاد بعض العواصم الدولية لأنه يعمل اكثر لـ «حزب الله» مما يعمل لمصلحة الاستراتيجية الدفاعية والتي من المفترض ان تعطي القوة الشرعية فقط (الجيش اللبناني) الشرعية اللازمة لمجابهة الاخطار التي تعصف بلبنان.
المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية