تهدئة ميدانية لجنبلاط بعد إستشهاد زين الدين
الإثنين 16 شباط 2009 - 11:41 ص 5594 0 محلية |
جسّد قادة "14 آذار" القول بالفعل عبر ترجمتهم الدعوات التي اطلقوها لبناء دولة المؤسسات وإمساك القوى المسلحة الشرعية وحدها بأمن البلاد في الذكرى السنوية الرابعة لـ"14 شباط" على ارض الواقع بعد الاعتداءات الدموية التي تعرضت لها جماهير "14 آذار" في اكثر من منطقة - خصوصاً في بيروت حيث اودت بحياة المواطن لطفي عباس زين الدين متأثرا بجروح أصيب بها جراء تعرضه لطعنات بالسكاكين على يد مناصرين لقوى "8 آذار" في رأس النبع – عبر ضبطهم ردّات الفعل ومنعهم تفاقم الوضع والتسليم بأن الدولة هي المعني الاول والوحيد بكشف الجناة ومعاقبتهم.
فقد سارع رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط وهو المعني الاول – كون زين الدين ينتمي الى الحزب "التقدمي الاشتراكي" – الى احتواء ردود الفعل الغاضبة. فأكد، خلال تقديمه واجب العزاء لأهل زين الدين في الشبانية، ان "العقل يملي علينا الا نقوم بأي ردة فعل"، وسأل: "في هذا الموقف الصعب والأليم والخطير كيف نتصرف؟ نتصرف كما تصرفنا في بيروت يوم الزيادين، هكذا تنصرف، هكذا يتصرف الرجال، هكذا يتصرف العقل، هكذا يتصرف الذين يريدون الدولة". وكرر جنبلاط ما قاله السبت الماضي في كلمته في ساحة الشهداء: "لا عدو لنا في الداخل.. عدونا فقط هو إسرائيل، هناك خلاف سياسي في الداخل".
وقال جنبلاط لصحيفة "السفير" ليلا ان المناخ الامني والشعبي قد انضبط في المناطق التي شهدت احتقانا، مشيرا الى ان تمكن الجيش والقوى الامنية من توقيف الجناة ساهم بفعالية في تبريد النفوس. وأفادت معلومات أمنية لصحيفة "النهار" ان الجيش قام بحملة توقيفات وملاحقات لعدد من المشتبه في قيامهم بالاعتداءات على مجموعات من المشاركين في تظاهرة 14 شباط، وأن عدد الموقوفين لديه فاق السبعة، بينما علم ان المطلوبين يفوق الـ50. وأبلغت مصادر عسكرية رفيعة المستوى في الجيش اللبناني "السفير" ان الجيش يملك لوائح اسمية بالأشخاص الذين تسببوا في أعمال العنف والشغب أمس وأمس الاول، وهو مصمم على ملاحقتهم فردا فردا للقبض عليهم تباعا وتسليمهم الى القضاء المختص، أيا تكن انتماءاتهم السياسية او الحزبية، مؤكدا ان الجيش لا يأخذ بالاعتبار سوى المعيار الامني والقضائي، وبالتالي فلا مظلة فوق رأس أحد ممن خالفوا القانون.
وأكد جنبلاط لـ"السفير" ان الحوادث التي وقعت في أعقاب مهرجان ذكرى استشهاد الرئيس الحريري تندرج في الاطار الفردي ولا ابعاد سياسية لها، داعيا الى تكريس الهدوء من خلال الكلام الاعلامي الهادئ، كاشفا عن ان النائب أكرم شهيب كان طيلة نهار أمس على تواصل مع أحمد البعلبكي من حركة "أمل" ووفيق صفا من "حزب الله" لمعالجة الوضع. وفي هذا الاطار، اتصل الرئيس نبيه بري ليلا بالنائب جنبلاط وقدم له التعازي بمقتل زين الدين. وفي اطار الاتصالات الساعية لضبط الوضع، كشفت مصادر نيابية ووزارية لصحيفة "الحياة" ان رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري تواصل ايضاً مع المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل الذي نفى علاقة الحزب بهذه الحوادث، وهذا ما أشارت إليه التقارير الأمنية التي استبعدت أي دور له في استهداف أنصار قوى 14 آذار بحسب "الحياة". وأضافت المصادر أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بقي طوال يوم أمس على اتصال مع قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي موصياً إياهما بتعقب الفاعلين وتوقيفهم وإحالتهم فوراً على القضاء العسكري بتهمة الإخلال بالأمن والاعتداء على الممتلكات والحريات العامة وإنزال أشد العقوبات بالذين يُثبت التحقيق ضلوعهم في حوادث الشغب.
من جهتها، اكدت أوساط بارزة في المعارضة لـ"السفير" ان الحوادث التي وقعت في أعقاب إحياء ذكرى اغتيال الحريري هي مؤسفة فعلا، بعدما كان يؤمل ان تمر الذكرى بهدوء ومن دون توتر، مشددة على انه من غير المقبول ان تراق نقطة دم واحدة في غير موضعها الطبيعي. وإذ دعت القضاء الى ان يأخذ دوره في محاسبة كل المشاركين في الاشكالات الامنية، أشارت الى ان بعض الخطابات المتشنجة التي ألقيت في مهرجان 14 شباط ربما ساهمت في تحريض بعض الجمهور وإنتاج المناخ المؤاتي للصدامات التي حصلت.
تحرك جنبلاط لم يقتصر فقط على المواقف الكلامية والاتصالات السياسية بل تدخل شخصياً على الارض اذ توجه الى بحمدون، حيث تم التعرض لسيارة تحمل لوحة سورية ما أدى الى وقوع ثلاثة جرحى، وعمد جنبلاط الى طرد الشبان المتجمعين في المكان. ولم يقتصر التوتر على بحمدون والشبانية، بل بلغ البقاع الاوسط حيث جرت محاولات في جلالا وتقاطع تل عمارة – رياق وبر الياس لقطع الطرق ردا على ما جرى في بحمدون. وسارعت القوى الامنية الى تسيير دوريات مع نزع الغطاء الحزبي عن المجموعات التي قامت بتلك المحاولات، مما ساهم في احتواء الموقف سريعا. وقالت أوساط سياسية وأمنية معنية لصحيفة "النهار" ان كل القيادات المعنية في فريقي 14 آذار و8 آذار أبلغت الى قيادة الجيش انها ترفع الغطاء عن أي ممارسات أمنية او افتعالات من شأنها تعكير الامن، وأن كل ما جرى أدرج في اطار احتكاكات لا تحظى بأي غطاء حزبي. وأشارت الى ان لا شيء يوحي بامكان اتساع ردود الفعل لان القرار السياسي واضح وهو منع أي اخلال بالامن والاحتكام الى القضاء للاقتصاص من المعتدين على المتظاهرين.
ودق وزير الداخلية زياد بارود ناقوس الخطر، فاشار عبر "السفير" الى ان ما حصل أمس وأمس الاول من حوادث، في أعقاب احياء ذكرى اغتيال الرئيس الحريري، يؤشر الى ظاهرة سيئة ومثيرة للقلق لا تبشر بالخير، معتبرا انه ليس طبيعيا ان تواكب أعمال الشغب كل تظاهرة تجري في البلد. ورأى انه أيا يكن السبب فليس هناك ما يبرر الطعن بالسكين وإطلاق النار، لافتا الانتباه الى انه كانت وردت معلومات عن إمكان حصول مشاكل على هامش الاحتفال بذكرى اغتيال الحريري، وقد اتخذت القوى الامنية في ضوئها الاجراءات اللازمة ونفذت الانتشار المناسب، وبالتالي فإن تبعات ما حصل تقع مباشرة على عاتق المشاركين في الاعتداءات والاشكالات التي كان بالمستطاع تلافيها لو ان المعنيين بها تحسسوا بالمسؤولية. ونبه بارود الى محاذير الاحتقان السائد وانعكاساته على المناخ الامني للانتخابات النيابية، متسائلا عما يمكن ان يحصل لاحقا بحجة الاحتقان الانتخابي إذا تركت الامور على غاربها. وشدد على ان أمن الانتخابات ليس مرتبطا بوزيري الداخلية والدفاع حصرا، بل هو من شأن الافرقاء الموجودين في مجلس الوزراء، معتبرا ان التحدي الاول لهذه الحكومة هو إنجاز الانتخابات في ظل أجواء سليمة وديموقراطية، وهذا أمر يجب ان يكون مطروحا على طاولة مجلس الوزراء.
وفي وقت يشيّع الشهيد زين الدين في الشبانية وسط حضور كثيف يتقدمه النائب جنبلاط، تتجه الانظار اليوم الى الضاحية الجنوبية حيث يقيم "حزب الله" مهرجان حاشد في الذكرى السنوية الاولى لاغتيال المسؤول العسكري في "حزب الله" عماد مغنية في دمشق، حيث سيلقي الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله كلمة عبر شاشة عملاقة، من المنتظر ان يتطرق فيها الى التطورات الاقليمية بعد فوز اليمين الاسرائيلي في الانتخابات والانعكاسات المحتملة لذلك على المنطقة ولبنان، كما انه سيقارب الوضع الداخلي من زاوية المستجدات السياسية والامنية خلال الايام القليلة الماضية بحسب ما ذكرت "السفير". من جهتها، اشارت "الحياة" الى انه رغم تركيز نصر الله سيركّز في خطابه اليوم على الظروف التي رافقت اغتيال مغنية في دمشق، فإنه سيتطرق الى المواقف التي صدرت عن قادة قوى 14 آذار في ساحة الشهداء.
المصدر: موقع لبنان الآن