مناشدة الى بري ونصر الله للتحقيق
الثلاثاء 12 كانون الثاني 2010 - 6:46 ص 3905 0 محلية |
تلقت«السفير» كتابا مفتوحا من العسكري المتقاعد في قوى الأمن الداخلي حسين علي خنافر، من بلدة عيناتا، يناشد فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، التدخل وتكليف لجنة تحقيق من خارج المنطقة، «من أجل وضع اليد على ما يجري حاليا في المنطقة الحدودية»، «وهو الأمر الذي لم يحصل لا في زمن الاحتلال الإسرائيلي وميليشيات سعد حداد وأنطوان لحد ولا قبل ذلك في زمن الإقطاع السياسي».
أضاف خنافر في كتابه: «هناك العشرات من الوقائع المخزية في عيناتا وغيرها من البلدات العاملية حول ما يجري على مسمع ومرأى من نواب المنطقة والبلديات والمخاتير... وإذا استمر الأمر على حاله فإننا سنستفيق ذات صباح وتكون كل المشاعات مصادرة، من النافذين الذين يشجعون الناس على التهرب من الدفع للخزينة بحجة ان هناك مهلة معينة وأن تجاوزها يرتب مبالغ طائلة عليهم»...
وأعطى خنافر أمثلة تجري في عيناتا، منها أن احدهم اشترى اربعة دونمات ونصف دونم وسجل عبر المساح (في المحضر) انه يملك 11 دونما! كما أنه يصار الى ضم بعض الطرقات او اقتطاع قسم منها الى الاملاك الخاصة ما يؤدي الى تضييق الطرق في المناطق البعيدة عن وسط القرية.
وقال ان بعض النافذين يسجلون الأراضي باسمهم بحجة أن غيرهم لا يملك اية أوراق رسمية، بينما هم لا يملكون أية أوراق ولكن يصار الى استخدام النفوذ.
وقال في كتابه ان هذه العملية تجري في بلدة عيناتا في أحد المكاتب العائدة لبلدية عيناتا، فيما تقول البلدية ان لا علاقة لها بما يجري لا من قريب ولا من بعيد.
معلومات عن ضم وفرز عشوائي ورشى
المسح العقاري في منطقة بنت جبيل: اعتداءات على الملكيات الخاصة والعامة
أراض محددة بأعمدة حديدية
علي الصغير- بنت جبيل :
بدأت الدوائر العقارية في الجنوب منذ حوالى سنة عمليات المسح العقاري في عدد من قرى وبلدات قضاء بنت جبيل التي لم تكن قد وصلتها هذه النعمة بعد، خاصة في القرى المحررة، أو تلك التي كانت محاذية للشريط الحدودي السابق.
قبل ذلك، كانت عمليات التحديد العقاري في تلك القرى ما تزال تخضع لما يعرف بمعاملة «العلم والخبر» التي تتم عبر افادة مختار مع موافقة الجيران على الخريطة المرفقة مع ما كان يرافق هذه العملية البدائية من مشاكل ونزاعات بين الجيران من جهة، والورثة من جهة اخرى.
كان يفترض بمشروع المسح القعاري أن يحل جملة من المشاكل التي كانت تدفع بالخلافات والخصومات أحيانا إلى حد ارتكاب الجرائم، إلا أن الواقع الحالي، أتى مخالفا للاماني في ظل ما يتردد ومعظمه في حكم المؤكد، عن «تمريقات» من هنا، وتعديات على المشاعات من هناك، بالإضافة إلى قيام عدد من المساحين بطلب مبالغ مالية من اصحاب العقارات لقاء القيام بهذه المهمة التي اوكلته إليهم الدولة.
يجري ذلك كله منذ أكثر من سنة، في ظل علم وخبر بعض الفعاليات وبعض البلديات وبتواطؤ من بعضها الآخر ومعهم عــــدد من المخاتير، بالإضـــــافة إلى الدور الذي تلعبه شخصيات نافذة دينيا وسياســــيا في المنطقة، مقابل، تسهيلات أو إعفاءات أو أحـــــيانا «شلف» بعض المشاعات، كما يقــــول أحد أبناء المنطقة.
تبدأ «القصة»، كما يقول احد العارفين، من أن الأصل في عمليات التحديد والتحرير هو مجانية بالنسبة لاصحاب العقارات حيث يقوم مهندس المساحة بالتزام الأعمال في القرى من الجهات الرسمية المعنية (وزارة المالية) لقاء مبلغ مقطوع عبر مناقصة عمومية. إلاَّ أن مهندسي المساحة يلجأون الى تخفيض بدلاتهم في هذه المناقصة للفوز بها، على امل استكمال المبالغ من اصحاب العقارات أنفسهم وهم بالآلاف لقاء المسح والتحديد وتاليا الضم والفرز واستصدار السندات وإجراء التسويات، والتي تخضع لتقديرات مهندس المساحة ووضعية صاحب العقار، وكل ذلك دون اي وصل او وثيقة تثبت أن المساح قبض أي مبلغ من المال.
ووفقاً للقانون فإن عمليات المسح تكون مجانيةً، وكذلك المحاضر والدعاوى التي ترفع أمام القاضي العقاري، ولا نصّ قانونيا يوجب على المسّاح طلب رخصة البناء أو رخصة الأشغال.
ويشير مصطفى فقيه الى ان هناك ما يشبه العرف بأن يعطى المساح اكرامية او بدل اتعاب رمزي يتراوح ما بين ثلاثين إلى خمسين دولارا عن كل دونم ارض إضافة إلى مقطوعة على المحل التجاري او الشقة يتراوح بين مئتين وخمسمئة دولار، إلاَّ أن ما يحصل في القرى حاليا يتعدى المنطق حيث يصل المبلغ احيانا الى خمسة او ستة آلاف دولار وكل ذلك دون اي وصل او اثبات يحفظ حقوق الناس التي انتظرت هذه الخطوة منذ سنين، وبالتالي يخرج كل مهندس مساحة من كل قرية يعمل فيها بمبالغ قد تصل إلى مليونين أو ثلاثة ملايين دولار، بحسب حجمها العقاري في حين يكون الالتزام بعشرات آلاف الدولارات!
ومن المعروف أن المبالغ التي تجبى لا تذهب إلى جيوب المساحين الرسميين وحدهم، بل يتم اقتطاع جزء منها لمن يتولون تغطيتهم محليا.
ويوضح احد المهندسين ممن رفض ذكر اسمه أن المبالغ تؤخذ لقاء الفرز فقط، والمنزل المبنيّ قبل عام 1971 لا يكلّف صاحبه شيئاً، أمّا ما بني بعد ذلك فإنه يحتاج إلى إنشاءات خاصة تتراوح كلفتها ما بين مئتين إلى ثلاثمئة دولار فقط، اما القصور والفيلات والشقق الكبيرة فإن كلفتها تختلف باختلاف القيمة التخمينية لها في الدوائر العقارية.
ويشير المهندس نفسه إلى أن عملية الفرز والإنشاء هذه غير ملزمة لاصحاب العقارات، موضحا بان المناقصة تتم لاجراء اعمال التحديد والتحرير فقط والتي يتم رفعها لوزارة المالية، في حين ان المهندس غير ملزم بإعطاء خريطة مساحة لاصحاب العقارات او متابعة اوضاعهم في الدوائر العقارية.
وإذ ينفي المهندس - المصدر علمه بأي استغلال للموضوع من قبل بعض المهندسين، يلفت الى ان هناك بعض الحجج التي يلجأ اليها البعض لتغطية هذه الاعمال «مثل القول بأن الاملاك المبنية هي غير شرعية ومخالفة للقانون، وتحتاج إلى رسوم كبيرة لإزالة المخالفات، وبأن دفع المال للمسّاح سيؤدي إلى تجاوز هذه الكلفة لانه يكون عارفا بخبايا الأمور وسيوفر مبالغ كبيرة على اصحاب العقارات فيما لو قاموا هم مباشرة بإنجاز المعاملة».
والأخطر من ذلك، أن ما لم يحصل في عز زمن التقليد والاقطاع السياسي في منطقة بنت جبيل يحصل اليوم، اذ يجري الحديث في القرى عن الاستيلاء على مساحات واسعة من مشاعات القرى بالتواطؤ بين المساحين والمختارين وبعض الأهالي، وأحيانا يتم التعدي على مساحات من اراضي الجيران نتيجة غيابهم عن بلداتهم بدواعي مختلفة لا سيما الهجرة، وهو ما بدأ ينذر بمشاكل وخصومات محلية جديدة.
ويشير رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل المهندس عفيف بزي الى ان اعمال تحديد وتحرير العقارات تتم عبر اجراءات معينة ما بين مهندس المساحة من جهة وصاحب العقار والمختار من جهة ثانية ويقتصر دور البلديات بالعموم على المراقبة فقط الا في حالة التعدي على المشاعات او الاملاك العامة التي تكون قد حددت سابقا وقبل البدء بالعقارات الخاصة.
وقد شكل هذا الموضوع محور لقاء دعت إليه الدائرة العقارية في صيدا مخاتير المنطقة، وتم خلاله التأكيد على ضرورة التشدد حـــيال إفادات الملكيات العـــقارية التي يضعها المخاتير كي لا تتكرر الخلافات على تحديد الملكيات العقارية بين المالكين.
وفي السياق نفسه، أصدر أهالي بلدة ياطر قضاء بنت جبيل بيانا دعوا فيه المسؤولين إلى التدخل من اجل وقف الاعتداءات الحاصلة على مشاعات البلدة من قبل «البعض» للحفاظ على المشاعات والبيئة فيها. وناشدت اللجنة، الجهات المعنية ووزارات البيئة والزراعة والداخلية الإسراع في إرسال لجنة للكشف على المشاعات التي وضعت عليها اليد من قبل بعض المواطنين وذلك قبل أن تصبح المشاعات ملكا لهم وأمراً واقعا». ولفت الأهالي في بيانهم إلى «أن المشاعات بمثابة محميات طبيعية تساهم في تحسين البيئة والحفاظ على المناخ ويقصدها المرضى بالحساسية والربو وهي حدائق حرجية تعطي للبلدة والمنطقة طابعها البيئي النظيف، وتقدر مساحاتها بمئات الدونمات».
وكانت دائرة المساحة قد وعدت بالكشف على المشاعات المصادرة والمعتدى عليها وإعادتها إلى ملــــكية الدولة إلاَّ أن الأهالي يتخوفون من تسويــــف معالجة القضية. ويقدر الأهالي مساحة العقـــارات المشار إليها بأكثر من خمسة آلاف دونم.
كما كرر أهالي بلدة السلطانية الطلب من خلال بيان مماثل أشاروا فيه إلى «الاستيلاء على مساحات واسعة من مشاعات البلدة، تزيد على مئتين وخمسين ألف متر مربع، وتجيير ملكيتها إلى شركة عقارية خاصة يملكها أشخاص معروفون من بلدة دير انطار».
ويتحضر أهل الســــلطانية ومجلسها البلدي لمزيــــد من التـــحركات باتجاه العـــديد من المراجـــع السياسية والدينية لاستعادة عقـاراتهم.
ويشير رئيس بلدية السلطانية مصطفى فخر الدين إلى «أن الأهالي والبلدية سيحاولون تأمين لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيـــس كتلة الوفــــاء للمقاومة محمد رعد، والمرجع الديني السيد محمد حســــين فضل الله، للالتفاف على القضية ومحاولة استعادة عقارات البلدة بعيداً من القضاء»، مؤكدين أنهم لن يتخلوا أبداً عن الدعوى القضائية التي قدموها، مع الاستمرار فيها حتى النهاية.
وإذا كان من نافل القول أن هذه المنطقة تميل سياسيا نحو جهات معينة، وبالتالي فإن بلدياتها ومعظم مخاتيرها يسيرون في هذا الاتجاه، وهم أطراف رئيسية في عمليات التحديد والمسح العقاري، فإن ذلك يستتبع بالتالي مسؤولية ما على تلك الجهات لمتابعة وملاحقة هذه التجاوزات لا سيما ان الألسن في تلك القرى بدأت بتداول أسماء معينة تحتمي بجهة هنا ومسؤول هناك، بعلمهم أو من وراء ظهورهم...
المصدر: جريدة السفير