إيران تُفاوِض بأيدٍ ملأى: الاتفاق نووي فقط... والضمانات أولوية..

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 كانون الأول 2021 - 6:22 ص    عدد الزيارات 866    التعليقات 0

        

مفاوضات فيينا: يد إيران هي العليا..

الاخبار... على رغم التفاؤل الذي طغى على اليومَين الأوّلَين من الجولة السابعة من محادثات فيينا، في ما يُعدّ بذاته تطوّراً إيجابياً بعد أشهر من التوتّر والتراشق، إلّا أن الطريق إلى إنجاز اتفاق نهائي وفي فترة معقولة لا يبدو ممهّداً. إذ إن الخلافات الأساسية لا تزال على حالها تقريباً، فيما فجوة الثقة باقية على عُمقها من دون بروز مؤشّر إلى نيّة لردمها قريباً. من جهة واشنطن، فإنه في الوقت الذي يفاوِض فيه الإيرانيون شركاءهم في فيينا، ثمّة في الجمهورية الإسلامية مَن يواصل العمل على الوصول بالتخصيب إلى نسبة 90%، وهو ما سيجعل أيّ اتفاق محتمل لاحقاً غير ذي جدوى جوهرياً. ومن جهة طهران، فإن الغربيين، وبينما يُبدون اهتماماً كبيراً بإحياء «خطّة العمل المشتركة الشاملة»، يواصلون فرْض العقوبات، بل ويساوقون إسرائيل في بعض ما تمارسه من تحريض. أمّا بالنسبة إلى تل أبيب، فإن المصيبة قد تكون الأكبر؛ إذ إنه مهما كان السيناريو الذي ستؤول إليه مفاوضات فيينا، سواءً اتفاقاً تُرفَع بموجبه العقوبات عن إيران أو فشلاً ينغلق عقبه باب الدبلوماسية، فإن «التهديد الإيراني» سيظلّ متعاظماً، فيما البيئة الاستراتيجية تتضاعف خطورةً، وحدود استخدام القوّة الإسرائيلية أو فاعليتها تزداد تراجعاً...

إيران تُفاوِض بأيدٍ ملأى: الاتفاق نووي فقط... والضمانات أولوية

الاخبار.. محمد خواجوئي ... برز بعض التفاؤل بإمكانية إحياء الاتفاق النووي في مقابل الحديث عن صعوبة الظروف التي تُستأنف فيها المحادثات ...

طهران | استؤنفت، أخيراً، المحادثات النووية الإيرانية في فيينا، بعد انقطاع دام أكثر من خمسة أشهر. وعلى نقيض الكثير من التوقّعات التي اتّسمت بالتشاؤم، فإن انطلاقة الجولة السابعة بدت هادئة، ومُظلَّلةً بمواقف متفائلة، مشوبةٍ في الوقت نفسه بنوعٍ من الحذر. هذا على الأقلّ ما أوحت به تصريحات المنسّقة الأوروبية لمفاوضات فيينا إنريكي مورا، وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، في ختام الجلسة الأولى، إذ تحدّثت مورا عن «حرص إيراني جادّ» على إحراز تقدّم، بينما أكد باقري وجود «اتفاق في وجهات النظر» على اعتبار مسألة رفع العقوبات الأميركية أولوية على جدول أعمال المحادثات، معبّراً عن تفاؤله في الوصول إلى نتيجة. وأفضى اجتماعُ ليل الإثنين - الثلاثاء للجنة إحياء «خطّة العمل المشتركة الشاملة» التي يرأسها كلّ من مورا وباقري، إلى تشكيل مجموعتَي عمل: إحداهما حول «رفع العقوبات»، والأخرى حول «الإجراءات النووية». وعلى الرغم من أن هذا التفاؤل في أعقاب أشهر سادها التوتّر والتراشق الكلامي، يُعدّ تطوّراً ذا أهمّية، إلا أنه لا يعني أن الطريق إلى الاتفاق بات ممهّداً وسالكاً، إذ إن أطراف التفاوض لم تدخل بعد في التفاصيل، حيث تبدو الفجوة كبيرة إلى حدّ يُصعّب التوصّل إلى اتفاق نهائي بشكل سريع. وتطالب إيران برفع جميع العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من الخطّة (أكانت نووية أم غيرها)، فيما تقول واشنطن إنها جاهزة لرفع العقوبات التي تتعارض مع اتفاق 2015، فحسب. أيضاً، تشدّد إيران على رفضها تخطّي الملفّ النووي في المحادثات، في حين يتحدّث الأميركيون عن «اتفاق أشمل» يغطّي القضايا الأخرى، بما فيها الصاروخية والمتعلّقة بالطائرات المسيّرة. كذلك، تطالب طهران بآلية للتحقّق من رفع العقوبات، وضمانات بألّا تنسحب واشنطن مجدّداً من الاتفاق، وهو ما لا يبدو متوفّراً إلى الآن. لكنّ الطرفين سيظلّان يسعيان، بأدواتهما المتاحة، إلى انتزاع المزيد من التنازلات، في مقابل إعطاء الحدّ الأدنى منها. وفي هذا الإطار، تتمثّل الأداة الأهمّ بيد إيران في الاقتراب من مرحلة «الطرد النووي»، بينما تتسلّح أميركا وحلفاؤها بمواصلة العقوبات والتهديد بالمزيد من الضغوط، بما يشمل التلويح بالخيار العسكري.

لا رهانات إيرانية كبرى

خلّفت انطلاقة محادثات فيينا ردود فعل متباينة في الداخل الإيراني، حيث برز بعض التفاؤل بإمكانية إحياء الاتفاق النووي، في مقابل الحديث عن صعوبة الظروف التي تُستأنف فيها المحادثات، ووجود خلافات عميقة بين أطرافها، مع التأكيد أن «اليد الإيرانية هي العليا» على طاولة التفاوض. وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة «إيران»، في تقرير بعنوان «التصميم الإيراني والتسويف الغربي»، إلى أن «طهران اتّخذت قرارها الحاسم بالخروج من المحادثات بالنتيجة المرجوّة، لكن على الجانب الآخر، ثمّة نهج متناقض تتبعه الدول الغربية... يتمّ على أساسه الزعم بالجهوزية للعودة إلى الاتفاق، فيما يستمرّ إيقاع العقوبات على إيران، والتواطؤ مع أعدائها بِمَن فيهم الكيان الصهيوني، واتّهامها بالعمل على إطالة أمد المحادثات». وأضافت الصحيفة أن «طهران لا تطيق هذه المرّة التسامح والتساهل، وقد دخلت ميدان المحادثات مع القوى الكبرى بأيدٍ ملأى».

خلّفت انطلاقة محادثات فيينا ردود فعل متباينة في الداخل الإيراني

وفي السياق نفسه، كتبت صحيفة «كيهان»، القريبة من مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، أن «الجمهورية الإسلامية تملك في هذه الحقبة من حياتها وفي عهد الحكومة الثالثة عشرة، اليد العليا، ولن تتراجع على طاولة المفاوضات عن مواقفها المبدئية التي أكّدها القائمون الجدد على الجهاز الدبلوماسي: رفع جميع العقوبات، والتحقّق من ذلك، وتقديم الضمانات». من جهتها، أشارت صحيفة «وطن امروز» إلى التوقيع على اتفاقية مقايضة الغاز بين إيران وتركمانستان وآذربيجان، قبل يوم واحد من انطلاق الجولة السابعة، عادّةً ذلك مؤشّراً إلى «القبضة المملوءة لإيران في المحادثات». وقالت إن «التوقيع على اتفاقية ثلاثية لنقل الغاز مع دول الجوار، كنموذج موفّق للإفادة القصوى من طاقات المنطقة وتوسيع سلّة الدبلوماسية، يمكن أن يسهم في تطوير أسلوب السياسة الخارجية للبلاد». وتابعت أن «إيران لا تبحث عن الحصول على نتيجة سريعة في المحادثات، وفي الحقيقة فإن تبعية البلاد للمفاوضات آخذة بالانحسار، وهذا يؤدي إلى أن تكون يد إيران هي الطولى». أمّا صحيفة «شرق» الإصلاحية والناقدة للحكومة، فاعتبرت التطوّرات الجارية في فيينا انعكاساً لتَغيّر رؤية إدارة رئيسي، إذ إنه بعد «النزعة الهجومية لرجال الإدارة الجديدة تجاه الاتفاق النووي، ومواقفهم الناقدة لستّ جولات من محادثات فيينا، تَغيّر اتجاه البوصلة بشكل محسوس صوب التوصّل إلى اتفاق». وهو ما عزته الصحيفة، قبل كلّ شيء، إلى إدراك «الحاجة الماسّة» للخروج من الظروف الحالية. واعتبرت «شرق» أن على إيران الدخول في حوار مباشر مع أميركا، قائلةً: «إن كان مقرّراً أن تتمثّل حصيلة المحادثات في رفع العقوبات، فإن عدم حضور العامل الرئيس خلف العقوبات (أميركا) على طاولة المفاوضات، لا يتناغم مع هذه الاستراتيجية والمحادثات الرامية إلى تحقيق النتيجة والاتفاق الجيّد الذي تحدّث عنه وزير الخارجية، لا بل إن ذلك بحاجة إلى مراجعة».

إسرائيل لا تداري غضبها: الخطر باقٍ... مهما فعلنا

الاخبار.. علي حيدر ... دفع هذا الواقع بينيت إلى وصْف المرحلة بـ«المعقّدة» و«الأكثر جوهرية في الصراع المتواصل ضدّ إيران»...

لا تُخفي إسرائيل قلقها العميق ممّا ستؤول إليه مفاوضات فيينا. مردّ ذلك إدراكها أنه أيّاً كانت السيناريوات المقبلة، فهي ستواجه مأزقاً حقيقياً. فلا إيران التي وقّعت الاتفاق النووي عام 2015، هي نفسها الآن، سواءً نووياً أو صاروخياً أو إقليمياً؛ ولا معادلات القوة التي تَطوّرت منذ ذلك الحين تُوفّر لإسرائيل أو للولايات المتحدة هامشاً عملياتياً لإعادة قلْب المشهد. ومن هنا، يُفهَم وصْف رئيس وزراء العدو، نفتالي بينت، حالة الكيان عشيّة بدء المفاوضات بـ«القلقة جدّاً»، لا من إمكانية «رفْع العقوبات عن إيران وضخّ مليارات الدولارات إليها، مقابل فرْض قيود غير كافية على برنامجها النووي» فقط، بل أيضاً ممّا قد يعقب فشل المحادثات من خطوات نووية إيرانية إضافية. ولا يعود غريباً، والحال هذه، لجوء إسرائيل إلى خطاب تهويلي - تعويضي مُفاده أنها غير ملزمة بنتيجة التفاوض، خصوصاً في ظلّ إدراك مؤسّسات التقدير والقرار فيها أن الأمور على المستويات كافة لا تسير لصالحها، بدءاً من تطوّر برنامج إيران النووي، مروراً بتحوّل أولوية الإدارة الأميركية نحو منطقة المحيطَين الهادئ والهندي، وصولاً إلى التحوّلات النوعية التي استجدّت في معادلات القوّة الإقليمية. هذا الواقع دفع بينت إلى وصْف المرحلة التي تمرّ بها إسرائيل، خلال مؤتمر لـ«معهد هرتسيليا» في «جامعة رايخمن»، بـ«المعقّدة» و«الأكثر جوهرية في الصراع المتواصل ضدّ إيران»، لاسيّما أن ما كانت تتخوّف منه تل أبيب، وتسعى للحؤول دون تَحقّقه، بات الآن أمراً واقعاً، مع تحوّل إيران إلى دولة «حافّة نووية». وما يعقّد المشكلة بالنسبة إلى الكيان، وفق ما يشرح رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، اللواء عاموس يادلين، أنه حتى لو عادت الجمهورية الإسلامية إلى اتفاق عام 2015، فإنها لن تكون على مسافة سنة من القدرة على إنتاج قنبلة نووية، وفقاً لمقتضيات الاتفاق، وإنما ستكون على مسافة شهرَين. ويعود ذلك، بحسب الخبراء الإسرائيليّين، إلى التطوّر الذي أحرزته في تطوير أجهزة الطرد المركزي، والخبرات التي اكتسبتها خلال السنتَين الأخيرتَين، وهو ما وضع الجميع أمام وقائع جديدة لم يَعُد بالإمكان العودة عنها، فضلاً عن أن طهران أكّدت بنفسها أنّها ستردّ «بشكل متناسب على أيّ ضغط»، وفق ما جاء على لسان كبير المفاوضين، علي باقري كني.

على رغم المسار التصاعدي للتهديدات، لا تزال إسرائيل ممتنعة عن اللجوء إلى خيارات عمليّاتية دراماتيكية

على المستوى العسكري، يقرّ الطرفان الأميركي والإسرائيلي بالقفزات التي حقّقتها إيران خلال السنوات الستّ الماضية، في مجال تطوير قدراتها الصاروخية النوعية ومُسيّراتها ودفاعاتها الجوية. وبموجب ذلك، أصبحت حسابات كلفة أيّ اعتداء تختلف كثيراً عمّا كانت عليه سابقاً، في ظلّ تعزيز طهران موقعها في معادلات الرّدع الإقليمي والدولي، الأمر الذي يُضيّق خيارات تل أبيب (وواشنطن) العسكريّة، ويعمّق مأزقها الاستراتيجي. وممّا يعزّز موقف المفاوِض الإيراني، أيضاً، أنه على الرغم من الأثمان الكبيرة التي دفعتها إيران في مواجهة الضغوط الاقتصادية الأميركية القصوى عليها، إلّا أنها نجحت في إحباط هدف إسقاط النظام أو إخضاعه، كما حافظت على وحدتها الداخلية حول خياراتها الاستراتيجية بعدما اتّضح لجميع فئات شعبها عُقم الرهان على الانفتاح على الولايات المتحدة. وهكذا، لم يبقَ أمام الغرب وإسرائيل سوى المزيد من الشيء نفسه، في حين تلمِس تل أبيب أداءً أميركياً سياسياً وعملانياً، ترى فيه تشجيعاً لطهران على المُضيّ في خياراتها النووية والصاروخية والإقليمية، مع قدْر أكبر من الاطمئنان على أمنها ومصالحها. بناءً على ما تَقدّم، لم يبقَ أمام الإسرائيليّين سوى محاولة التأثير على النهج الأميركي، بما يشمل الإلحاح على تصعيد الضغوط على نحْو يكفل دفْع إيران إلى التراجع وتقديم التنازلات. والظاهر، في هذا الإطار، أن الإسرائيليّين لا يثقون بتلميحات الأميركيين إلى استعدادهم لدراسة خيارات بديلة في حال فشل الخيار الديبلوماسي، في ظلّ إدراك تل أبيب حرص واشنطن على عدم التورّط في مواجهة عسكرية واسعة مع طهران وحلفائها، فضلاً عن احتدام التنافس الأميركي مع الصين ومفاعيله على استراتيجية إدارة بايدن في المنطقة. ولعلّ المُتغيّر الذي لا يقلّ حضوراً في كيان العدو، عن التهديد النووي الإيراني، هو التعاظم الكمّي والنوعي في قدرات «حزب الله» ومحور المقاومة عموماً. فإلى جانب المواقف والدراسات التي تتوالى عبر قنوات متعدّدة، تَكشف مناورات الجيش الإسرائيلي حجم مخاوف الكيان من تداعيات أيّ مواجهة، على الجبهة الداخلية، خصوصاً في ظلّ طروء مستجدّ نوعي غيَّر معادلات القوّة بشكل جوهري، والمقصود به تفعيل الصواريخ الأكثر دقّة، والمسيّرات التي تحوّلت إلى سلاح استراتيجي يراه بعض الخبراء أكثر خطورة من الصواريخ الدقيقة. هذه التحوّلات تَحضُر بقوّة على طاولة القرار الإسرائيلية، لدى دراسة الخيارات البديلة من زاوية كلفتها التي قد لا تُطاق، سواءً في فعل ابتدائي، أو حتى في خضمّ مواجهة متدحرجة. وما لا ينبغي أن لا يغيب عن البال، في هذا السياق أيضاً، هو أنه في عام 2015، كانت «داعش» وأخواتها تسيطر على أجزاء واسعة في سوريا والعراق وعلى مناطق جبليّة في شرق لبنان، أي أنه كانت هناك جبهة عسكرية مفتوحة ضدّ محور المقاومة لا تقلّ خطورة عن التهديد الإسرائيلي، أمّا اليوم فإن الوضع اختلف جوهرياً من هذه الزاوية. مع ذلك، وعلى رغم المسار التصاعدي للتهديدات، لا تزال إسرائيل ممتنعة عن اللجوء إلى خيارات عمليّاتية دراماتيكيّة، كما فعلت في العراق عام 1981، وسوريا عام 2007، وفي حرب عام 2006 ضدّ «حزب الله» في لبنان. وهو ما يكشف، إلى جانب استنجادها العلني والمباشر بالولايات المتحدة، أثر التحوّلات الأخيرة على حدود قوّتها التي تزداد ضيقاً بمُضيّ الوقت. ومع أن الإسرائيليّين كثيراً ما يشخصنون الفشل، وتحديداً بوجه بنيامين نتنياهو وطاقمه السياسي والأمني بوصفهما مسؤولَين عمّا آلت إليه الأمور - وهذا صحيح -، إلّا أن الأدق هو أن إسرائيل والولايات المتحدة، كدولتَين، فشلتا في مواجهة إيران. وما استئناف المفاوضات في فيينا إلّا إقرار أميركي ودولي بالتوازنات المستجدّة في المنطقة، ومؤشّر إضافي إلى طبيعة اتجاهاتها المستقبلية، والتي لا تفتأ تُعظّم التوتّر الإسرائيلي، على رغم محاولة قادة الكيان تلطيف حدّته.

أميركا في مفاوضات فيينا: جزَرٌ بائِت... وعِصيّ ليّنة!

الاخبار... نادين شلق ... شارك لويد أوستن أخيراً في «حوار المنامة» في سبيل طمأنة الحلفاء بشأن التزام واشنطن بأمن المنطقة ...

من يقرأ التحليلات والتصريحات الأميركية، الصادرة أخيراً، مع ما ترفدها به الاستخبارات الإسرائيلية من «ذُعر»، يتخيّل المشهد التالي: إيران جنّدت فريقَين، الأول مكوّن من خبراء نوويين يعملون بكدّ في سبيل إيصال تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90% الذي يمكّنها من صناعة السلاح النووي، أمّا الثاني، فيتفاوض مع الأوروبيين في فيينا، كسباً للوقت، من أجل الفريق الأول. طبعاً، السيناريو أعلاه، ليس مبنيّاً على الخيال العلمي الأميركي، ولكن على ما فاضت به العديد من الصحف والأوراق البحثية الصادرة عن مراكز الدراسات، والتي سخّرت العديد من طاقاتها في الفترة الماضية من أجل تقديم توصيات إلى إدارة الرئيس جو بايدن، الهدف منها وضع خططٍ بديلة، في حال لم يجرِ التوصّل إلى أيّ اتفاق في فيينا، أو لم يكن هناك تقدّم في هذا الاتجاه. في الواقع، ليس من الممكن، الآن، معرفة مآل المفاوضات التي بدأت قبل أيام فقط، بعد توقّف دام ستة أشهر، ولكنّ الركون إلى الأفكار المطروحة، إن كان نقلاً عن مصادر رسمية أو عن خبراء، ليس من شأنه المساهمة في تذليل أيّ عقبات، ولا سيّما أنّ جلّ ما تتمحور حوله تلك الأفكار هو الخطّة «ب» مع ما تحمله من تهديدات، في الوقت الذي لا يزال فيه الطرف الأميركي رافضاً لمطالب إيران برفع العقوبات، والالتزام بعدم خروج واشنطن، مرّة أخرى، من الاتفاق النووي. مطالبُ قد تُعتبر بديهية بالنسبة إلى الجانب الإيراني، بناءً على التجربة السابقة مع الرئيس دونالد ترامب، ولكنّها تزيد من تخبّط إدارة بايدن، التي تسعى إلى التخفيف من حدّة الانتقادات التي تطاولها في الداخل، ومنح الطمأنينة لحلفائها في الخارج. ويبدو أنّ تحرّكات مسؤوليها وزياراتهم للمنطقة أخيراً، لم تتمكّن من تحقيق الهدف الثاني، على الأقلّ، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام، وآخرها موقع «أكسيوس»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين. فبحسب ما ذهب إليه الموقع، ناقش العديد من المشاركين العرب والإسرائيليين، في حوار المنامة، التصوّر القائل بأن الولايات المتحدة تغادر المنطقة، ولا تملك القوة الكافية لردع إيران. ولم يفلح تأكيد واشنطن استعدادها لاستخدام وسائل أخرى، إذا فشلت الدبلوماسية مع طهران، في تبديد هواجسهم.

يبقى العنصر الوحيد الواضح في المعادلة الحالية هو كمّ التهويل الذي تسوقه إسرائيل

مع الوقت، تخطّى الأمر مجرّد التشكيك والهواجس، ليصل إلى مستوى جديدٍ من الذعر، تبلور في ما أفاد به «أكسيوس» أيضاً، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، قالوا إن «إسرائيل تبادلت معلومات استخبارية، على مدار الأسبوعين الماضيين، مع الولايات المتحدة والعديد من الحلفاء الأوروبيين، تشير إلى أن إيران تتّخذ خطوات فنّية للتحضير لتخصيب اليورانيوم، حتى درجة نقاء 90%». وفيما اعترف الموقع بأنّ «التخصيب وحده لن ينتج قنبلة»، على اعتبار أن «التقديرات تختلف بشأن المدّة التي ستستغرقها إيران لإتقان المتطلّبات التكنولوجية الإضافية»، فقد نقل عن مصادر الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، تحديدها الجدول الزمني المطلوب لذلك بعام إلى عامين. إذاً، حتّى الآن، يبقى العنصر الوحيد الواضح في هذه المعادلة، هو كمّ التهويل الذي تسوقه إسرائيل، وبعض الأطراف الأميركية، في انتظار ما ستتمخّض عنه المفاوضات الجارية في فيينا. وهو المسار ذاته، الذي كان قد اتّبعه رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق بنيامين نتيناهو، توازياً مع المفاوضات التي أدّت إلى الاتفاق النووي، عام 2015. وقد دفعت هذه التطوّرات بعض المسؤولين الأميركيين السابقين إلى التحذير، من أنه في حال فشلت المفاوضات في فيينا، فقد يُشبه الوضع، قريباً، المواجهة المتوتّرة بين الولايات المتحدة وإيران، قبل الاتفاقية النووية لعام 2015، «عندما فكّرت إسرائيل بجدّية في توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، وفرضت واشنطن وأوروبا عقوبات صارمة على طهران». هؤلاء لم يغب عن ذهنهم أن عوامل عديدة قد لا تكون في مصلحة الولايات المتحدة في المفاوضات الحالية، وهي أن البرنامج النووي الإيراني أكثر تقدّماً بكثير ممّا كان عليه قبل 10 سنوات، ما يمنح واشنطن مجالاً أضيق لنزع فتيل الأزمة. وأكثر من ذلك، يتمتّع الحلفاء الأميركيون والأوروبيون بقدرة تفاوضية أقل ممّا كان لديهم خلال عهد إدارة باراك أوباما، عندما وفّرت إمكانية رفع العقوبات حافزاً جذّاباً لإيران، وعندما منح الخوف من المزيد من العقوبات الدبلوماسيين الغربيين نفوذاً قيّماً. ويتوازى كلّ ما تقدّم، مع واقع أن اتفاق عام 2015، فشل في توفير الدعم الاقتصادي الذي كانت تأمل فيه إيران، بينما يحمل التهديد بفرض مزيد من العقوبات وزناً أقلّ، حيث تعتقد القيادة الإيرانية الحالية أن البلاد صمدت أمام أسوأ ما يمكن للولايات المتحدة حشده. بناءً عليه، تناقش الولايات المتحدة وحلفاؤها قائمة خيارات «الخطّة ب»، إذا انهارت المفاوضات. ووفقاً لما تنقله شبكة «إن بي سي نيوز» عن دبلوماسيين أوروبيين ومسؤولين وخبراء أميركيين سابقين، فإن الخيارات الممكنة تشمل:

- إقناع الصين بوقف واردات النفط من إيران.

- تشديد العقوبات، بما في ذلك استهداف مبيعات النفط للصين.

- السعي لإبرام اتفاق نووي مؤقّت أقلّ طموحاً.

- شنّ عمليات سرّية لتخريب برنامج إيران النووي.

- الأمر بضربات عسكرية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية، أو دعم العمل العسكري الإسرائيلي. وهو ما حذّر منه مسؤولون أوروبيون وأميركيون، على اعتبار أنه قد يفتح الباب أمام مواجهة شاملة، وردّ إيراني.

في المحصّلة، «الجزَر لدينا أقلّ طعماً، وعِصيّنا أقلّ حدّة هذه المرّة»، على ما يقول مسؤول أميركي سابق، مطّلع على المناقشات الدبلوماسية، لـ«إن بي سي نيوز». تصريحٌ قابله آخر صادرٌ عن دبلوماسي أجنبي في الشرق الأوسط، أكّد فيه أنه لا يتوقّع أن تُسفر المناقشات في فيينا عن الكثير، مطالباً بـ«سببٍ واحدٍ وجيهٍ وراء رغبة إيران في العودة إلى الاتفاق».

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,777,487

عدد الزوار: 6,914,479

المتواجدون الآن: 114