سورية في المشهد السياسي المتحرّك...

تاريخ الإضافة الأحد 21 تشرين الأول 2018 - 8:17 ص    عدد الزيارات 843    التعليقات 0

        

سورية في المشهد السياسي المتحرّك...

الحياة....عادل يازجي ... * كاتب سوري... يصعب على الشارع السوري أن يصدّق، أو يتوقّع، أو يحلم بتغيير سياسي حقيقي استجابة للضغوط الدولية السياسية والاقتصادية، وعدم التصديق ليس ترجمة لكلام وليد المعلم في نيويورك، أو نتيجة لفشل المعارضة ونجاح النظام ميدانياً، بل إحساسٌ بعدم صدقية هذه الضغوط، وقناعةٌ بان تغيير النظام لا مصلحة فيه لأولئك الضّاغطين، ليس حُبّاً بدهائه السياسي، ولا بعدم الاتفاق أممياً على بديل ممن هيّأ نفسه، فالبدائل كلها لا تبشّر براحة البال داخل الحدود وخارجها، بل لأن سنوات الأزمة ومفاجآتها غيّرت أولويات المحرّكين لها، والمتورطين فيها، وقراءة مآل الأزمة تظهر بوضوح فجٍّ أنّ الذين ناصبوا العداء للنظام، وشاركوا في حملة التجييش لتغييره، هم الذين تغيّروا لدرء طوفان الأخطار المستجدّة، وحماية الذات مما يمكن ان تؤول إليه الأوضاع الإقليمية سياسياً وجغرافياً وديموغرافياً، فمصائب الإرهاب، والتسابق الدولي والإقليمي للاستثمار فيه، غيّرت جذرياً في قراءة المشهد بمخاطره المرتدة على القوى الدافعة له، واستبدلت تغيير النظام بتعديله ولو شكلياً، أو تعديل سلوكه لحفظ ماء الوجوه بلغة الواقعية المستندة إلى نتائج الميدان، لتحاشي الدخول في أنفاق أكثر إظلاماً مما سبق وعانت منه دول الإقليم، بل المجتمع الدولي كله؟..
أقلام في الداخل والخارج، كتبت موسوعات حول معركة النظام ضد الإرهاب، وكافأهم النظام على إبداعهم، واعتُمدت آراؤهم فلسفة للإرهاب بمواجهة الإرهاب، ولأنظمة الحكم بمواجهة معارضيها، واعتبرت العمل المعارض للنظام ميدانياً وسياسياً (شيطنة ودهاء)، ليس بمستوى دهاء النظام وشيطنته، التي انتصر بها، ولن يبيع انتصاره بأي ثمن يقوم على النيّات الطيبة والوعود الخلّبية!
معركة الحل السياسي لم تبدأ عملياً حتى الآن، بواكيرها التي طفت على السطح في منتصف عام 2012 بحراك عالمي كبير، كان ينذر، ويهدد، ويتوعّد، ويُصدر القرارات الناظمة لمرحلة انتقال سياسي بدت وكأنّها قاب قوسين أو أدنى، لم يُفرملْها إلاّ ظهور الدواعش فجأة، ونجاحهم بلخبطة الصراع بين الفصائل في الميدان، واكبها اجتماعات جنيف السياحية التي لا لون لها، ولا طعماً، ولا رائحة؟.. كان في وهم كثيرين من قُرّاء السياسة وممارسيها، أنّ تلك الحملة الدولية صنعتها المعارضة الخارجية، التي تستطيع تحريك المجتمع الدولي بكامله لصالحها، ولم تتغيّرْ تلك القراءات إلاّ قبل عامين، إذ لم يعد من شكّ لدى المتتبع بأن تلك المعارضة التحقت بالحدث وفشلت في تمثيله، ولم تكن بمستوى طروحاتها المتناقضة مع انتماءات أطيافها، وهي انتماءات عَدَلَ المجتمعُ الدولي عن تبنّيها، وأعلن الحرب عليها عندما اتّضحت مخاطرها، لذلك خرجت تلك المعارضة من المشهد التفاوضي الذي وصل إلى التهدئة، وليس مجاملة لها العودة الى نغمة المرحلة الانتقالية بعد انتصار النظام بقوة طهران وموسكو، وإنما لأنّ انتصاره تم بصمت دولي، يتهرّب النظام وحليفاه من دفع ثمنه الذي تدور حوله مناورات وحرب مصادرات، واقتطع حصّته منها ألدُّ أعدائه أردوغان، مكتفياً بإمارة إدلب تحت معطفه الإخونجي بقلق من تأهّب النظام للانقضاض عليها، ومن الدعم الأميركي والدولي لغريمه الكردي الذي يختال تيهاً أمام عينيه، ولا يملك إمكان ردعه، بانتظار تفاصيل التطبيع مع واشنطن؟.....
الشمال السوري من أقصى غربه، إلى أقصى شرقه، بدأت تُزرع فيه حدائق خلفية، ألغازها يصعب تفكيكها مرحلياً، بعضٌ من أبناء الأرض يتعاملون معها كمنتجعات للمال والسلاح الأميركي والأممي، لا يكترثون بطروحاتها الملتبسة لفرض مرحلة انتقالية برعاية أممية كما يصرّحون على استحياء، ولا يعنيهم ان تكون كابوساً يقضّ مضاجع دول الإقليم بكامله، ودول القارّة العجوز التي تستشعر أخطارها من بُعد!....
الحل السياسي، الغائب الحاضر، لم يَعُدْ يُطرح أممياً بتغيير النظام، كما أوحت بدايات الأزمة، وتسلسل أحداثها خلال السنوات الفائته، ولا يُقرأ جغرافياً بحدود «سايكس بيكو»، فالخرائط يعاد النظر فيها كلما جدّ جديد، والباب مفتوح للمستجدّات، التي تغيِّر باستمرار في طبيعة الصراع، ما يقتضي الحفاظ على «داعش» من طرف، والنصرة من طرف آخر، لقلب الموازين الميدانية على ضوء مسارات المستجدات السياسية؟..
معركة موسكو ضد «داعش» لم تبدأ أصلاً لتدّعي أنها انتهت، فهذا التنظيم منضبط بأوامر مستثمريه، وجبهة النصرة المستهدفة من الدب الروسي، هي المعضلة بأبعادها التركية والإيرانية والقطرية، لأنها تتمرد بإرادتها، أو بلاإرادتها، على الجهاد الدعوي باعتباره أدنى مرتبة من الجهاد الميداني، لذلك يصعب على أردوغان ترويضها عقائدياً لتتحول إلى تنظيم سياسي معارض تنام فيه الخلايا المتطرفة، كحلٍّ مؤقت يمكن الاستثمار فيه، لدعم أو عرقلة ليس اللجنة الدستورية فحسب، بل الحل السياسي بكامله، وتسريبات الداخل تجهّز للدستور الأممي ومفاوضاته نفقاً مظلماً يصعب فيه تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟
بعض التسريبات (الخبيثة) توحي بتوجُّهٍ روسي للتخفيف من منسوب دعم النظام، استشعرها النظام، وما إسقاطه للطائرة الروسية (بالخطأ طبعاً) إلاّ رسالة لفرملة شطحات التخفيف، وهي في مرحلة قراءة احتمالات النتائج سياسياً واقتصادياً ووجوداً استراتيجياً في سورية، قبل اعتمادها عملياً؟
حرب المصادرات لم تتوقف، وفي أوجها دخلت لجنة الدستور على خط الصراع لتنغّص دمشق وموسكو، مع أنها ما زالت تراوح في مأزق أن تكون أو لا تكون، يناضل دي ميستورا لإبقائها على قيد الحياة، ولو شكّل نضاله خطراً على مهمته، وإنجازاته الأممية العظيمة!
لغة المجاملات الديبلوماسية الدولية، حطّمها ترامب بفجاجته البراغماتية التي تنغِّص صداقات بلاده، وما يهمّنا منها انها ليست واضحة المعالم تجاه الحل السياسي في سورية، ومزاجية متقلبة تجاه صديقاتها دول الخليج، وعدوتها إيران، ومشاكِسَةٌ لغريمها الودود اللدود الدب الروسي، وحليفته أنقرة، والأهمُّ من هذا وذاك وجودها العسكري في شمال سورية وشرقهاالذي توحي بوادره بأنّه استراتيجي دائم؟ على ضوء هذا وذاك إذا عُقد مؤتمر جنيف، فقد يفاجئنا بمناقشة تغيير الحل السياسي، بدلاً من تغيير النظام!


 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,181,619

عدد الزوار: 6,759,386

المتواجدون الآن: 107