هل تحقق الانتخابات المبكرة الاستقرار لتركيا؟..

تاريخ الإضافة الخميس 21 حزيران 2018 - 7:47 ص    عدد الزيارات 304    التعليقات 0

        

هل تحقق الانتخابات المبكرة الاستقرار لتركيا؟..

الحياة...كرم سعيد * .. على رغم استحواذ حزب «العدالة والتنمية» على مفاصل المشهد التركي، وتصاعد احتمالات فوز الرئيس رجب طيب أردوغان والحزب نفسه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، الأحد 24 حزيران (يونيو) الجاري، فإن ذلك لا يعد مؤشراً لانتهاء حال عدم الاستقرار التي تواجهها الدولة التركية. ويلاحظ أن الدعوة إلى الانتخابات المبكرة جاءت عقب إخفاق حزب «العدالة والتنمية» في إنهاء حال الاحتقان السياسي والاجتماعي التي تعيشها البلاد منذ العام 2013، على خلفية فضائح الفساد التي تورطت فيها نخب «العدالة والتنمية»، ناهيك بمحدودية نجاحات العمليات العسكرية التي شنّتها تركيا في الشمال السوري، إضافة إلى الغارات المتقطعة على الشمال العراقي، في القضاء على تهديدات حزب العمال الكردستاني أو منع تسلل العناصر الجهادية إلى تركيا. والأرجح أن التدخلات العسكرية التركية في العراق وسورية تأتي في سياق محاولة أردوغان تحقيق مكاسب داخلية ترتبط بإرضاء القوميين الأتراك، وتحسين فرصه في الانتخابات المبكرة، وهو ما تحقق بحصوله على دعم حزب «الحركة القومية» وحزب «الحركة الكبرى» في الاستحقاق الانتخابي المقبل.

تحديات

كما أن هذه الانتخابات تأتي عشية تحول البلاد إلى النظام الرئاسي، وما يحيط به من أخطار نتيجة غياب توافق عام على الأطروحات السياسية لحزب «العدالة والتنمية»، إذ انتهت نتيجة التصويت على التعديلات الدستورية في نيسان (أبريل) 2017 برفض نحو 49,5 في المئة لها، ما يعكس انقساماً في الرأي العام التركي في شأن توجهات الحزب الحاكم. في هذا السياق العام، فإن ثمة تحديات تواجه «العدالة والتنمية»، وتعوق إمكان القفز على حال التردي السياسي، والتباطؤ الاقتصادي الذي تحول إلى عقبة كأداء. وأول هذه التحديات يتمثل في التغيرات المتلاحقة في نخب السلطة الحاكمة والتحولات المتتابعة في الإطار المؤسسي للدولة بما يمكّن أردوغان من البقاء في صدارة المشهد. وبدا ذلك في إقرار البرلمان الشهر الماضي مقترح حزبي «العدالة والتنمية»، و «الحركة القومية» بتبكير موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتأتي هذه الخطوة في ظل تآكل شعبية «العدالة والتنمية»، وتراجع القواعد الانتخابية الداعمة لأردوغان، كما كشف التصويت لمصلحة التعديلات الدستورية التي حولت البلاد لجهة النظام الرئاسي، إذ نالت بالكاد 50,5 في المئة. تفصيل المشهد لمصلحة أردوغان، برز في كثافة الضغوط التي مُورست لمنع ترشح الرئيس السابق عبدالله غُل، وهو الذي كان ينظر إليه على أنه أكبر عامل ضغط على أردوغان نظراً إلى الشعبية الواسعة التي يتمتع به إضافة إلى القبول الإقليمي والدولي لتوجهاته السياسية.

حملة أردوغان

على صعيد ذي شأن يسيطر الرئيس التركي على مفاصل الدولة التركية، وبرز ذلك في انعدام المساواة في التغطيات الإعلامية لحملات المرشحين. ففي مقابل اهتمام إعلامي بمؤتمرات أردوغان وتصريحاته، تشكو المعارضة من قلة قيام منافذ الإعلام الرئيسة بإفساح المجال لمرشحيها، خصوصاً محرم أنجي الذي دعا أردوغان لمناظرة علنية رفضها الأخير. ويرتبط العامل الثاني بالتضييق على المعارضة، وكان بارزاً، هنا، اعتقال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح ديمرطاش، إضافة إلى توبيخ المعارضة العلمانية. وبدأ أردوغان حملته الانتخابية لموقع الرئاسة بخطاب يسخر فيه من المعارضة، فوصف كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري بـ «الديكتاتور». خلف ما سبق تشهد تركيا احتقاناً غير مسبوق بفعل الملاحقات المسيّسة، فبينما قضت محكمة مطلع الشهر الماضي بسجن 20 صحافياً وموظفاً في وكالة «جيهان» للأنباء وصحيفة «زمان» للاشتباه في علاقاتهم بالانقلاب الفاشل، تلاحق الأجهزة الأمنية المشتبه بصلتهم بجماعة غولن. فقبل أيام أصدر الادعاء العام مذكرة اعتقال بحق 25 من عناصر القوات الجوية، كما احتُجز 70 ضابطاً في آذار (مارس) الماضي للاشتباه في صلتهم بالداعية فتح الله غولن، ليصل عدد من احتجزتهم السلطات التركية منذ محاولة الانقلاب، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة إلى نحو 160 ألف شخص. ويرتبط العامل الرابع بتصعيد الانتقادات الخارجية لإجراء انتخابات مبكرة في ظل استمرار العمل بقانون الطوارئ، فمن جهتها أكدت لجنة المراقبة التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أن شرعية الانتخابات مهددة، بعدما مددت تركيا حالة الطوارئ التي فرضت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) 2016، وإعلانها تحويل البلاد إلى نظام رئاسي. وأضافت اللجنة أن هذا السلوك قد يعرض الانتخابات للخطر. وأكد الشركاء الأوروبيون لتركيا أن باب «الاتحاد الأوروبي سيبقى موصداً في وجهها، ما لم تتوقف عن تقويض الديموقراطية». كما منعت دول أوروبية، منها النمسا وهولندا وألمانيا، إقامة تجمعات للانتخابات التركية على أراضيها. في الموازاة، أشار التقرير الذي أصدرته مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية في واشنطن في 13 آب (أغسطس) الماضي، إلى «استغلال أردوغان لمحاولة الانقلاب الفاشل في تقويض الديموقراطية، ما أدى إلى آثار كارثية على البلاد»، وأضاف أن «أردوغان استغل قانون الطوارئ لتأسيس حكم المراسيم المباشرة». على جانب آخر، تتصاعد حالة القلق في تركيا بفعل التباطؤ الاقتصادي، وكان بارزاً، هنا، إعلان وكالة «ستاندرد بورز» الدولية للتصنيف الائتماني خفض الديون السيادية لتركيا، وأوضحت في تقرير صدر أخيراً، أن ثمة اختلالات تعانيها مالية البلاد، بما في ذلك ازدياد التضخم. ويواجه الاقتصاد التركي سلسلة من المعوقات التي تهدد بأزمة طويلة، خصوصاً في ظل ارتفاع أرصدة الديون التي وصلت وفق ما أعلنته وزارة الخزانة التركية إلى ما يقرب من 223,4 بليون دولار. أما العامل السادس لعدم الاستقرار في تركيا، فيعود إلى تصاعد الأنماط المختلفة للعنف السياسي، مثل الشغب والتظاهرات والاضطرابات، فضلاً عن صراعات النخب واختلال التوازن بين الدولة والمجتمع. ويعود العامل السابع إلى التوجهات الانفصالية للأكراد، في ظل صراع عنيف منذ العام 1984، تفاقم أخيراً في ضوء التطورات السياسية المتمثلة في صعود حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية، الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة وقوى أوروبية عدة. القصد أن إجراء انتخابات مبكرة قد لا يسعف أردوغان في تحقيق الاستقرار، ويبقى مرجحاً تحقيق استقرار هش لبعض الوقت، خصوصاً أن طيفاً واسعاً من المعارضة يصطف ضد توجهات الرئيس، ناهيك ببروز ملامح انشقاقات داخل «العدالة والتنمية» رفضاً للسلوك السياسي للقوة المهيمنة على أداء الحزب، إضافة إلى تصاعد الانتقادات الدولية لإجراء الانتخابات المبكرة، وكلها أمور تنذر بتصاعد حدة عدم الاستقرار، وقد لا تفلح الانتخابات المبكرة في تسكين أوجاعها.

• كاتب مصري

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,123,022

عدد الزوار: 6,754,685

المتواجدون الآن: 105