الولايات المتحدة تدين بالكثير للإيغوريين....

تاريخ الإضافة الخميس 5 آب 2021 - 9:31 م    عدد الزيارات 1265    التعليقات 0

        

الولايات المتحدة تدين بالكثير للإيغوريين....

الجريدة....كتب الخبر فوراين أفيرز... السلطات الصينية تعتقل ملايين الإيغوريين...

من المستبعد أن تبدي الصين استعدادها لتغيير سياساتها تجاه الإيغوريين، لكن ذلك لا يعني أن جميع الجهود المبذولة لن تكون مجدية، فمن خلال تنسيق الرد الأميركي القوي مع مواقف الآخرين في المجتمع الدولي، يمكن تخفيف معاناة ملايين الإيغوريين والتأثير على تصرفات الصين وإثبات رفض واشنطن وحلفائها لحملة الإبادة التي يطلقها الحزب الشيوعي الصيني.

يمكن اختصار ما يحصل في إقليم "شينغيانغ" الصيني بعبارة واحدة: إبادة جماعية، فقد احتجزت السلطات الصينية ملايين الإيغوريين وأعضاء أقليات أخرى كجزءٍ من حملة اضطهاد وإلغاء ثقافي تام، إذ يقول المعتقلون والسجناء السابقون إنهم تحمّلوا التعذيب والاغتصاب والسخرة والإجهاض اللا إرادي والإخصاء في المنشآت التي تديرها الدولة، كذلك، انفصل نحو 800 ألف طفل على الأقل عن عائلاتهم.

تقول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريحاتها العلنية إن تصرفات الحكومة الصينية تدخل في خانة الإبادة الجماعية، وقد دعم الديمقراطيون والجمهوريون في مجلس النواب والكونغرس هذا الاستنتاج المريع، كما فعلت إدارة ترامب سابقاً. اليوم، تحمل الولايات المتحدة، بصفتها جزءاً من "اتفاقية منع الإبادة الجماعية"، واجباً قانونياً وأخلاقياً لمحاولة إنهاء هذه الأعمال الوحشية الجماعية، فقد سبق أن أحرزت إدارة بايدن بعض التقدم البارز في هذا الملف، فحشدت حلفاءها لفرض عقوبات مشتركة ومستهدفة ضد المرتكبين في شهر أبريل، ثم انتزعت التزاماً غير مسبوق من مجموعة الدول الصناعية السبع لمعالجة مشكلة السخرة التي يواجهها الإيغوريون في سلاسل الإمدادات العالمية في شهر يونيو، لكن ثمة حاجة إلى بذل جهود أخرى.

نظراً إلى قوة النفوذ الاقتصادي والسياسي الذي تتمتع به الصين عالمياً، يسهل أن نفترض أن أوراق الضغط التي يمكن استعمالها للتأثير على طريقة تعاملها مع مسائل حقوق الإنسان تبقى محدودة، لكن تتعدد الأدوات التي تستطيع إدارة بايدن اللجوء إليها لفرض تكاليف حقيقية على مرتكبي تلك الأعمال الوحشية والمشرفين عليها، حيث تسمح هذه الخطوات مُجتمعةً بالضغط على بكين وعكس مسارها، وتقدّم مساعدات إنسانية إلى شعب الإيغور، وتضمن ألا تتورط الشركات الأميركية في الانتهاكات الحاصلة، كذلك، ستؤكد هذه التدابير على الوعد الذي أطلقه بايدن بجعل حقوق الإنسان محور سياسته الخارجية وتوجّه رسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة لن تتحمل الجهود الرامية إلى إبادة جماعات عرقية أو دينية كاملة.

محاسبة بكين

على المستوى الدبلوماسي، يجب أن يطلب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، زيارة "شينغيانغ"، حيث تحمل هذه الخطوة أهمية رمزية واستراتيجية في آن، لأن أي زيارة تاريخية يقوم بها دبلوماسي أميركي مرموق تسلّط الضوء على جرائم الصين الدولية، وتثبت التزام الحكومة الأميركية بتحسين حياة الإيغوريين، وتُمهّد لتنسيق الجهود الدولية على نطاق أوسع. تسمح هذه الزيارة أيضاً بإقناع الدول المجاورة وتركيا بضرورة تأمين ملاذ آمن للاجئين والمهاجرين الإيغوريين رغم تصاعد الضغوط الصينية لترحيل هؤلاء المواطنين بالقوة.

كذلك، يجب أن تنشئ إدارة بايدن تحالفاً للمطالبة بتنظيم جلسة خاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (إنها الهيئة الدولية المسؤولة عن دعم حقوق الإنسان) للتعامل مع الجرائم الصينية. حان الوقت كي تطلق الأمم المتحدة تحقيقاً رسمياً، كما فعلت في سورية وميانمار، بناءً على الأدلة القوية المتاحة حتى الآن، وحتى لو رفضت الصين التعاون مع المحققين، تتعدد الخطوات التي يمكن اتخاذها من خارج البلد، منها استعمال تقنيات تحقيق مفتوحة المصدر ومنصات التكنولوجيا الجديدة.

يستطيع بلينكن أيضاً أن ينظّم قمة "أصدقاء الإيغوريين" لحشد الدعم من حلفاء واشنطن والموقعين على "اتفاقية منع الإبادة الجماعية". يسهل أن تنسّق الدول مواقفها من الإبادة المستمرة عبر هذا المنتدى، ويمكن تسليط الضوء على الانتهاكات الحاصلة بهذه الطريقة أيضاً، وعلى الولايات المتحدة أن تُشجّع الدول ذات الأغلبية المسلمة على رفع الصوت ضد جرائم بكين.

يمكن تعزيز هذه الجهود الدبلوماسية كلها عبر توثيق انتهاكات الحكومة الصينية على نطاق واسع، إذ يُفترض أن تسارع الإدارة الأميركية إلى جمع ملفات شاملة حول المرتكبين تمهيداً لاتخاذ تدابير إضافية لمحاسبتهم على أفعالهم، حتى أنها تستطيع أن ترفع قضايا جنائية ضدهم.

قد لا يطاول القانون جميع المسؤولين السياسيين، لكن يمكن محاسبة البعض بناءً على صلاحيات المحاكم الأميركية والأجنبية أو المحاكم الدولية. يمنح "القانون الأميركي الخاص بالإبادة الجماعية" المحاكم الأميركية صلاحيات خارجية لملاحقة مرتكبي الإبادات الجماعية إذا كانوا موجودين في الولايات المتحدة. لهذا السبب، يجب أن تفهم الحكومة الأميركية خلفية المسؤولين الصينيين الذين يصلون إلى الأراضي الأميركية وخلفية رجال الأعمال والشركات التي تُسهّل إبادة الإيغوريين عبر استيراد منتجات من صنع عمال السخرة.

الضغوط الاقتصادية

يجب أن تتوسع العقوبات الأميركية كي تشمل مهندسي السياسة الصينية في "شينغيانغ"، فضلاً عن منفذيها على أرض الواقع. قد لا يقوم جميعهم برحلات دولية ولا يضعون أموالهم في أماكن تخضع لسيطرة النظام المصرفي الأميركي، لكنّ أي عقوبات أميركية ضدهم ستحمل رسالة قوية لأنها تسمّي المرتكبين وتُهينهم، مما يعني الكشف عن هوياتهم علناً وعزلهم كي يعجزوا عن تمويل ارتكاباتهم أو الاستفادة منها، وتُعبّر هذه المواقف أيضاً عن تضامن واضح مع الضحايا والناجين.

ستكون العقوبات المنسّقة بين مختلف الأطراف أساسية لإغلاق القطاعات التي تحصد الأرباح نتيجة استغلال الإيغوريين وإجبارهم على أعمال السخرة. تتكل سلسلة إمدادات الطاقة الشمسية بالكامل مثلاً على مواد تأتي من "شينغيانغ" وتنتجها شركات صينية متورطة بهذه الانتهاكات، اتخذ البيت الأبيض خطوة مهمة في أواخر شهر يونيو حين منع دخول منتجات الطاقة الشمسية إلى الولايات المتحدة لأنها من إنتاج شركة صينية متورطة في أعمال سخرة من تنظيم الدولة، كما أنه شدّد العقوبات ضد الشركات الأميركية لمنعها من تصدير منتجاتها إلى خمس شركات في "شينغيانغ". توضح هذه الخطوات كلها للقطاع الخاص أن متابعة استيراد أو تصدير منتجات الشركات الصينية تترافق مع مخاطر تنظيمية عالية، ويُفترض أن تتشجع الحكومة الأميركية أيضاً على تطوير استراتيجية واضحة لتنفيذ أجندتها الخضراء من دون الإغفال عن انتهاكات حقوق الإنسان.

في هذا السياق، قالت ممثلة التجارة الأميركية، كاثرين تاي، خلال جلسة التأكيد على ترشيحها: "قد يكون اللجوء إلى السخرة أوضح مثال على "السباق نحو القاع" في مجال التجارة العالمية"، كانت التدابير الرامية إلى منع بعض المنتجات من دخول الولايات المتحدة تهدف في الأساس إلى كبح الأعمال الوحشية كتلك التي تشهدها "شينغيانغ" والتأكد من عدم تورط الشركات الأميركية في مظاهر الاستعباد والاستبداد في الخارج. يجب أن تقوي إدارة بايدن الآن طريقة تنفيذ سياساتها الراهنة وتدعم قوانين جديدة لضمان عدم تواطؤ الشركات الأميركية مع مرتكبي الجرائم ضد الإيغوريين.

لتعزيز الضمانات في هذا المجال، تقضي خطوة أساسية بتمرير "قانون منع سخرة الإيغوريين"، علماً أن الكونغرس بدأ بتقييم هذا الطرح، ويُفترض أن يرسّخ هذا القانون الفكرة القائلة إن جميع السلع التي تنتجها "شينغيانغ" هي من صنع عمال السخرة، باستثناء المنتجات التي تصادق عليها المديرية الأميركية للجمارك وحماية الحدود. سيرتكز هذا التدبير على تنفيذ تدريجي للتكتيكات التي تستهدف منتجات معينة ومجموعة محددة من الموردين.

على صعيد آخر، يجب أن يضمن الكونغرس عدم استفادة أي أميركي من بناء السجن الرقمي المفتوح الذي يجتاح معظم مناطق "شينغيانغ"، كذلك، يُفترض أن يمنع المشرّعون الأميركيين من شراء الأسهم في شركات التكنولوجيا الصينية التي تُشغّل شبكة المراقبة في "شينغيانغ"، بما في ذلك الجهات التي تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وخدمات التعرّف على الوجوه. يَرِد عدد كبير من شركات التكنولوجيا الصينية المتداولة علناً في مؤشرات الأسواق الناشئة التي تديرها صناديق التقاعد العامة، والمِنَح الجامعية، وخطط التقاعد الفردية، والمحافظ الاستثمارية. حان الوقت إذاً لاستبعاد هذه الشركات من أسواق الرساميل الأميركية.

أخيراً، تشكّل الألعاب الأولمبية الشتوية المقررة في بكين في عام 2022 ورقة ضغط استثنائية وقوية ضد الصين، وفي عام 2008، حين استضافت الصين الألعاب الأولمبية الصيفية، نكثت الحكومة وعودها المعلنة حول احترام حرية الصحافة والسماح بتنظيم تجمعات سلمية خلال المباريات، فارتكبت انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان، وطردت السكان من منازلهم بالقوة لإفساح المجال أمام مشاريع البناء، وضيّقت الخناق على حرية التعبير والتجمّع. في تلك الفترة، بقي العالم صامتاً إزاء ما يحصل، حتى أن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن حضر حفل الافتتاح، يجب ألا يُكرر التاريخ نفسه.

لقد حوّلت الحكومة الصينية الألعاب الأولمبية في بكين إلى استفتاء حول الإبادة الجماعية بحق الإيغوريين نتيجة تصرفاتها الشائبة، ويجب ألا يتوقع أحد موافقة الرياضيين العالميين على التنافس بالقرب من معسكرات الاعتقال، وفي الحد الأدنى، يجب أن تنظّم واشنطن والحكومات التي تحمل العقلية نفسها حملة قوية لمقاطعة الألعاب الأولمبية دبلوماسياً، وإذا لم يتحسّن الوضع في "شينغيانغ"، يجب أن يجد هذا التحالف طريقة فاعلة لتغيير مكان إقامة الحدث. تسمح هذه الخطوات بإضعاف مواقف الحكومة الصينية التي تعتبر استضافتها للألعاب الأولمبية مؤشراً على التزامها بالقوانين ونجاحها في نيل إعجاب العالم.

أفضل نهج مرتقب

يصعب أن يتغير سلوك الحكومة الصينية في "شينغيانغ"، ومن المستبعد أن تعترف بكين يوماً بأنها تشعر بقوة الضغوط الدولية أو أن تبدي استعدادها لتغيير سياساتها تجاه الإيغوريين، لكن ذلك لا يعني أن جميع الجهود المبذولة لن تكون مجدية، فمن خلال تنسيق الرد الأميركي القوي مع مواقف الآخرين في المجتمع الدولي، يمكن تخفيف معاناة ملايين الإيغوريين والتأثير على تصرفات الصين وإثبات رفض الولايات المتحدة وحلفائها لحملة الإبادة التي يطلقها الحزب الشيوعي الصيني.

أخيراً، تحمل هذه المقاربة رسالة أساسية مفادها أن العالم مستعد لفرض تكاليف ملموسة على الجهات التي تحاول إبادة جماعات عرقية ودينية كاملة. كانت الولايات المتحدة محقة حين وضعت الأعمال الوحشية المريعة التي يتعرّض لها الإيغوريون في خانة الإبادة الجماعية. اليوم، يجب أن تنظّم إدارة بايدن رداً دولياً مؤثراً، إنه أبسط ما يستحقه شعب الإيغور.

 

* نوري تيركل، بيث فان شاك

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,100,921

عدد الزوار: 6,752,732

المتواجدون الآن: 110