الماكينات الانتخابية تجهّز محرّكاتها بانتظار البلديّات

الأحزاب تتهيّب العائلات وتخشى صراعاتها التقليدية

تاريخ الإضافة الأحد 9 آب 2009 - 6:32 ص    عدد الزيارات 3398    التعليقات 0    القسم محلية

        


لم تطفىء الماكينات الانتخابية محركاتها بعد الانتخابات النيابية بل عرفت استراحة قصيرة قبل الانطلاق الى التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية التي يتوقع ان تجري في ربيع 2010 او صيفه على ابعد تقدير في انتخابات تتفق كماً وشكلاً مع الانتخابات النيابية الاخيرة لكنها تختلف عنها نوعاً لجهة السلطات المحلية التي سيتعين على اللبنانيين اختيارها لادارة شؤونهم اليومية، والتي يقيمون على تماس معها في احيائهم وبلداتهم وقراهم بعيداً عن معركة اختيار النواب، والتي تحولت معركة سياسية على امتداد الجمهورية اللبنانية بين خطين سياسيين قرر كل منهما رؤيته الخاصة الى لبنان ومفهومه له.
وفي تفسير احد المخضرمين في العمل المحلي ان اهتمام الاحزاب والنواب والشخصيات ومؤسسات الدولة بانتخاب المجالس البلدية لا يستند الى الرغبة في تفعيل العمل الانمائي والخدماتي فحسب، بل يعود الى الدور المفصلي الذي تضطلع به البلديات في مسار الحياة السياسية للجماعات اللبنانية المختلفة في البلدات والقرى والمدن لجهة تأثيرها في خيارات الرأي العام ودفعه الى تبني هذا الموقف او ذاك. والأمر اكثر أهمية على مستوى انتخاب المخاتير الذين يضطلعون بدور رئيسي في عمليات حشد الراي العام وتعبئته، وربما توجيهه في سياق سياسي معين بدليل ما شهدته الانتخابات النيابية الاخيرة. وفي اختصار يرى السياسيون انفسهم معنيين بالبلديات في سبيل مصالحهم الخاصة وليس للعمل الانمائي المحلي وحده.
المعركة بعد سنة تقريباً او اقل، لكن ذلك لا ينفي ان التحضيرات المحلية قائمة على قدم وساق، وفي مختلف الانحاء همس حول الموعد الجديد، فقوى الاقلية تريد ان تؤكد انها تملك الاكثرية الشعبية كما اعلن زعماؤها، والاكثرية بدورها تريد ان تؤكد انتصارها وحجم شعبيتها من خلال الامساك بالمجالس المحلية، ولكن بين امنيات هذا الفريق وذاك تقف العائلات والعشائر والاجباب والافخاذ والحزبيات الموروثة حاجزاً كبيراً امام مختلف الطموحات والشهوات.
ينتشر نحو الف بلدية و3500 مختار على اراضي الجمهورية واستناداً الى تجربة انتخابات 2009 وبعض متابعي هذا الموضوع فالأمور محسومة في المناطق الشيعية نتيجة التوافق بين ثنائي حركة "امل" و"حزب الله" ولن يبقى الا الاتفاق على بعض التفاصيل، مثل انتقاء الاشخاص لهذا الموقع او ذاك او توزيع المجالس البلدية والمخاتير بين الحزبين الرئيسيين مع احترام شروط التنافس العائلي في بعض المناطق التي تقوى فيها النزعات العائلية والعشائرية. اما في المناطق السنية فالأمور شبه محسومة لـ"تيار المستقبل" الذي لن يلقى مشكلة على الارجح في ترتيب صورة البلديات مع حلفائه في الحزب التقدمي الاشتراكي و"الجماعة الاسلامية" والعائلات الكبيرة التي تلتف حوله، خصوصا ان تجربة 2009 اكدت ان لا صحة لكل كلام مناقض على اختراقات من هنا او هناك علما ان الانتخابات البلدية تولد دينامية كبيرة لدى الرأي العام وتدفع اعداداً كبيرة من الناخبين الى صناديق الاقتراع.
 اما في الطائفة الدرزية فالامور لا تبدو سهلة وسيتعين على زعيم دار المختارة رئيس اللقاء الديموقراطي تنسيق وادارة الموروث الكبير من الانقسامات العشائرية والعائلية التي تعود الى ازمنة تاريخية. واذا كانت الأمور شبه محسومة في عاليه وبعقلين على سبيل المثال فان ذلك لا يعني ان الأمور سهلة في المتن الاعلى والشويفات ومناطق الجرد حيث تنقسم العائلة الواحدة وتدخل الاحزاب العقائدية بقوة على خط التنافس الانتخابي. كما سيتعين على زعيم المختارة مواجهة قيادات جديدة ناشئة لدى الرأي العام الدرزي مثل رئيس "تيار التوحيد" وئام وهاب الذي تمكن سابقاً من حصد 6000 صوت، ما يطرح مشكلة حقيقية في مناطق المناصف (الجاهلية ومحيطها).
في المناطق المسيحية الامور ليست على حماوة اختيار النواب، والاحزاب والتيارات التي أكبّت لخوض غمار انتخابات2009 بشعاراتها وخطاباتها ومشاريعها السياسية تتهيب الخوض في غمار البلديات والمخاتير وتصفها بـ"وجع راس كيفما برمتها"، نتيجة التداخل الكبير بين مختلف القوى والاحزاب وتشرذم العائلة الواحدة بين هذا الحزب وذاك. وتكاد الاحزاب المسيحية تتفق على ان الانتخابات المحلية عائلية بامتياز وان التورط فيها لمصلحة هذا الفريق او ذاك قد يشكل هفوة كبيرة يؤدي الى مشكلات لا لزوم لها داخل الحزب الواحد. ويقول النائب آلان عون ان تجربة "التيار الوطني الحر" مع الانتخابات البلدية سابقا لم تكن مشجعة والافضل ترك الامور لهمة العائلات واهالي الاحياء والبلدات والقرى الذين يعرفون مصلحتهم. لكن هذا الامر في رأي عون لا ينفي وجود محازبين مرشحين سيبرز دورهم اكثر على مستوى البلدات والمدن الكبرى حيث يصبح الولاء السياسي والمشروع الانمائي قاسماً مشتركاً وبديلاً من الولاءات العائلية التقليدية التي تقوى في القرى والبلدات الصغيرة.
وفي المقابل، يعتبر القيادي في حزب "القوات اللبنانية" ادي ابي اللمع ان الانتخابات البلدية قد تؤدي الى مشكلات كثيرة خصوصا في صفوف الحزب الواحد حيث تنقسم العائلات ذات الانتماء السياسي الواحد وتخوض صراعات في ما بينها من اجل الفوز برئاسة البلدية او كرسي المخترة. ويضيف ابي اللمع ان حزبه يستعد للانتخابات المقبلة بهدوء وروية. اما حزب الكتائب فيبدو انه بادر الى التعامل مع البلديات والمخاتير بكل جدية وقد شكل مجلس العمل البلدي والاختياري وعيّن غابي سمعان (رئيس بلدية ترشيش سابقا) مسؤولا عنه. ويوضح سمعان اسوة بـ"التيار الوطني الحر" و"القوات" ان الكتائب لن تتدخل في الصراعات المحلية وستحاول التوفيق بين العائلات، خصوصا اذا كانت من ابناء الصف الواحد، ويقول: "لن نخوض صراعا مع حلفائنا في 14 آذار بل سنحض العائلات على التوافق، اما في المناطق التي ستطرح فيها عناوين سياسية فسندخلها بكل ثقلنا". وفي حسابات الكتائبيين ان ثمة نحو 100 مختار و30 رئيس بلدية من صفوفهم وسيحاولون رفع العدد لأن دور هؤلاء اساسي في حركة الرأي العام والتواصل مع الجماهير.
في بيروت الاولى وقسم من بيروت الثانية او تحديداً في المناطق المسيحية من العاصمة الكلام على الالسن عن الانتخابات المقبلة، ويقال ان النواب والاحزاب اخذوا يتحركون بقوة ايضا لانتقاء اسماء المخاتير واعضاء المجلس البلدي، وتثار مناقشات حول الآلية الفضلى لتفعيل العمل البلدي في العاصمة وتأمين الخدمات لكل احياء العاصمة وسبل المحافظة على دور محافظ مدينة بيروت مع تأمين التواصل والمردود الخدماتي لأحياء العاصمة بالتساوي، خصوصا ان ثمة ملاحظات كثيرة تساق على شؤون العاصمة ومستوى الخدمات العامة وثمة ما يدعو الى اعتماد نموذج العاصمة الفرنسية بتقسيم بيروت الى دوائر عدة. اما على مستوى المخاتير فالأمور أعقد بكثير ويقال ان المعركة المقبلة ستتركز على انتخاب مخاتير الطائفة الارمنية المؤثرين جداً في محيطهم، والذين شكلوا رافعة اساسية للمرشحين خلال الانتخابات الاخيرة.

بيار عطاالله  


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,080,150

عدد الزوار: 6,751,843

المتواجدون الآن: 117