سليمان: تأخر تشكيل الحكومة يدعونا الى التفكير في الثغرات الدستورية وإطلاق عملية إصلاح واسعة

تاريخ الإضافة الأحد 2 آب 2009 - 5:56 ص    عدد الزيارات 3561    التعليقات 0    القسم محلية

        


ألقى رئيس الجمهورية كلمة هذا نصها: "أيّها الضباط المتخرجون تشمخون اليوم بسيوفكم المعقودة في ساحات المجد والعزة والكرامة. وما العميد الشهيد نجيب واكيم سوى بطل من أبطالها ما رضي بالغدر والعدوان فكان مع كوكبة من الضباط والجنود من الأوائل الذين قدموا دمهم فداء لعقيدتهم الوطنية فتخلد هو والرفاق ليخلّد العلم وينهض الوطن.

ترى ما الذي يمنعنا من تحقيق حلم كل شهيد بوطن ديموقراطي حرّ بعيداً عن الطائفية والمحاصصة؟ وما الذي يثنينا عن القيام بخطوات إصلاحية لازمة فنعزل الفاسد ونكف يد السارق ونتبرأ من حامل السلاح لغاياته الخاصة لتتمكن القوى الأمنية من ضرب المخلين؟ هلمّوا نقف وقفة ضمير أمام أرواح شهداء الجيش الذين تصدوا للإرهاب وللعدو الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع شهداء المقاومة وأيضاً مع الشهداء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء الذي آمنوا فصمدوا بوجه آلة العدو المجرمة وغدر الإرهاب. هلمّوا نقف وقفة تأمل أمام أرواح الشهداء الرؤساء والقادة والسياسيين والإعلاميين والمثقفين الذين عملوا فأغنوا الوطن وكانوا قرابين على مذبحه. منهم نستلهم مسيرتنا وبإرادتكم نقارع المستحيل وبالمؤسسات نبني وطنا".
واشار رئيس الجمهورية: "إن التاريخ لن يرحم والشباب الذين شاركوا في العملية الانتخابية وأولئك الذين سيشاركون مستقبلاً عندما يبلغون الثامنة عشرة من العمر وأقرانهم المغتربين الذين لبوا دعواتنا فأتوا ليلمسوا أن وطنهم بخير والذين سيمارسون حقهم في الانتخاب عام 2013 كلهم سيحاسبوننا على أي تقصير أو تقاعس أو تفريط فصوت الشعب من صوت الله ومن غير المسموح أن نخذلهم. حرام علينا بعد كل ما جرى أن نقع أسرى الأرقام. حرام على الوطن أن نأسره بأرقام وتواريخ طبعت سجالاتنا ومعاركنا الانتخابية الطائفية بل المذهبية. لنخرج لبنان من هذا السجن فهو والحرية صنوان. تعالوا نتّحد حول كل تاريخ يحررنا بدل أن يأسرنا. إن العالم يثق بقدراتنا وما من زائر أو متابع خارجي لأوضاعنا إلا ويعرب عن إعجابه الشديد بحيوية الشباب اللبناني سواء في الوطن أو في بلاد الاغتراب. فما العلة إذاً؟ إذا كانت العلة فينا كمسؤولين فلنذهب ونعطي مكاناً لهؤلاء. وإذا كانت في الدستور فلنعمل على تعديله أو تصحيح ما يعتريه من شوائب وضمن روحية اتفاق الطائف ما يكفل تحقيق التوازن بين السلطات. أما إذا كانت العلة في الطائفية فلنعمل على تطبيق ما دعا إليه الطائف في هذا المجال فنباشر فوراً في وضع قانون انتخابي جديد يزيل شوائب الماضي ويعكس تمثيلاً حقيقياً لأصوات الناخبين. ووضع تصور منهجي متدرج يفضي إلى إلغاء الطائفية السياسية التي ما زالت تفرز المطبّات المعيقة لتطور الحياة السياسية في لبنان. إن ذلك لا يعني التفريط في المشاركة الكاملة للطوائف وفقاً لميثاق العيش المشترك المنصوص عنه في البند "ي" من مقدمة الدستور بل تحصين هذه المشاركة بتطوير قواعد الاختيار ليبقى لبنان حاجة للإنسانية ونموذجاً حياً وخلاقاً للتنوع والحوار والتفاعل بين الطوائف. فلا مبرر لأن يتملكنا خوفٌ أو ترددٌ أو خشية من المحظور في مقاربة هذا الموضوع. كما لا يجب ألا تكون لدينا خشية من مقاربة موضوع الإشكالات الدستورية التي ظهرت خلال الأزمات التي واجهها لبنان خلال السنوات الماضية بشأن دور رئيس الجمهورية والمسؤوليات الواضحة التي يجب أن تلقى على عاتقه كي يتمكن من إدارة البلد وإخراجه من مأزق التجاذبات المعطّلة لمصالحه وشؤون المواطنين".
وتابع: "إن ما يدفعني إلى طرح هذه النقاط والتساؤلات هو وفقاً لأحكام الدستور بالذات مسؤوليتي كرئيس للدولة تجاه شعبي خاصة ونحن نجري المشاورات لتأليف حكومة جديدة تعكس وحدة اللبنانيين وروح المشاركة الحقيقية. وفي هذا الإطار دعوني أؤكد من جديد على دور رئيس الجمهورية الضامن لهذه المشاركة إلى جانب دوره كحام لهذا الدستور. ويشكّل المسار الذي تتخذه عملية التشكيل تجربة متجددة لروح الديموقراطية وصيغة العيش المشترك بعد سنوات طويلة لم نكن نقرر فيها الاستحقاقات الدستورية الرئيسية حيث كانت تغلب طيلة هذه الفترة تدخلات خارجية مساعدة أو معيقة لمثل هذه الاستحقاقات أكان ذلك على مستوى إجراء الانتخابات أو تشكيل التركيبة الوزارية. إلا أن تأخر ولادة الحكومة بالسرعة التي يتوق إليها اللبنانيون وتستلزمها حاجات البلاد واستحقاقاتها يدعونا إلى التفكير في الثغرات الدستورية التي تعيق قواعد اللعبة الديموقراطية ودوران عجلة الحكم وحسن سير المؤسسات الدستورية والسلطات المحرّكة للدولة. وعلينا معاً أن نضع الإصبع على هذه الثغرات ونبتدع لها الحلول والمخارج وفقاً لروحية الدستور اللبناني. لذا أمام حكومتنا العتيدة مهمات ومسؤوليات كبيرة. فهي إذ تضم مختلف الأطياف السياسية يتوقع اللبنانيون منها أن تباشر عملية إصلاح واسعة في القطاعات الإدارية والاقتصادية والمالية والخدماتية والاجتماعية بحيث تنقل البلاد إلى عتبة الحداثة والتطور وتغلق مزاريب الهدر وتضع خطة واقعية وواضحة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتخفيف أعباء الديون التي ترهق خزينة الدولة والمواطنين وإيجاد حلول ناجعة لمشاكل الكهرباء والمياه وقطاع الاتصالات والنقل وغيره".
وقال: "إن بناء الوطن لن يكون إلا بتقديم التضحيات والتنازلات لأجله. ولا تقوم قائمة وطن إلا بمقدار ما يتنازل كل منا عن أنانيته ومصالحه لصالح الخير العام فخير الوطن خير للجميع وخير الجماعات شر لغيرها. إن العالم يتحرك ويتقدم بسرعة يكفينا أن نتابع ما يجري على مساحة الحداثة والاختراع لذا لا يجوز أن نقف مكتوفي الأيدي نراوح مكاننا بل السعي بإيمان وعزم ومنهجية وثبات لحل مشاكل اللبنانيين الحياتية والعمل لبناء مستقبلهم وتحقيق آمالهم والأحلام. إن الشعب تواق إلى الإصلاح الإداري والسياسي والى تطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف الذي يعتبر ضمانة للجميع وما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني في العام 2006 انطلاقاً من روحية وميثاقية اتفاق الطائف الذي يجب أن يقرأ بتمعن وعمق. والشعب تواق بالتأكيد إلى أن يلمس خطوات جدية وهادفة لتحديث المؤسسات ولتعزيز الديموقراطية والمواطنية وآليات قيام المجتمع المدني وتحقيق اللامركزية الإدارية تمكيناً من تحقيق الإنماء المتوازن والمستدام. فالعمل كثير ومتراكم وآخر ما يتوقعه اللبنانيون من المسؤولين هو أن يغرقوا في التجاذبات السياسية التي تعرقل العمل على تحقيق تطلعاتهم وتجهض أحلامهم وآمالهم بالعيش الكريم والآمن".
وختم قائلا: "أيها الضباط المتخرجون لنا أن نفتخر بكم دماء جديدة تضخ في عروق المؤسّسات العسكرية فيتحوّل الأول من آب إلى ربيع متجدد على تراب الوطن سياجاً وقدوة. ولكم أن تكونوا مثالاً للوطنية ورسالة لبنان إليكم تشخص العيون وبكم يطمئن الوطن إلى غده وأحلام أبنائه. فلا تترددوا يوماً أمام كبر المسؤولية والواجب. عشتم عاش الجيش وعاش لبنان".


المصدر: جريدة المستقبل

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,228,798

عدد الزوار: 6,941,320

المتواجدون الآن: 134