8 أعوام على مصالحة الجبل

تمنيات مسيحية على جنبلاط "المنفتح"

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 تموز 2009 - 10:49 ص    عدد الزيارات 4255    التعليقات 0    القسم محلية

        


كتب إيلي الحاج:
تحل في 4 آب المقبل الذكرى الثامنة لمصالحة الجبل التي كرست انتقال اهله من حال الى حال، ومهّدت شيئا فشيئا لظهور أفق اوسع للبنان بأكمله.
يستذكر هذه الايام بعض من سعوا ونظروا وحضّروا الاذهان والقلوب لتلك النقلة النوعية، ظروف المصالحة التاريخية التي اقبل عليها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، ليستنتجوا ان العقد الصعبة تحتاج احيانا الى وقت ولكن ايضا الى ظروف مواتية وفوق ذلك الى جهد فكري لتظهير اقتناعات ومواقف داخلية تناسب سياق التاريخ واتجاهاته. فلقاء 4 آب 2001 في الجبل ما كان لينجح ويتحقق لولا اكتمال انسحاب اسرائيل من الاراضي التي كانت محتلة في الجنوب يوم 25 ايار عام 2000، وبعده لولا صدور نداء الاساقفة الموارنة الاول الشهير الذي دعا الى استقلال لبنان اثر انجاز التحرير والى انسحاب الجيش السوري تاليا من اراضيه، وبعده لولا مسارعة مجموعة من السياسيين والمفكرين والشخصيات الى الالتفاف حول البطريرك في ما عرف بـ"لقاء قرنة شهوان"، وبعده لولا اقتناع اكيد في نفوس اعضاء اللقاء ذاك باستحالة تحقيق اي تقدم ونتيجة ايجابية على طريق الاستقلال اذا ظلت المناداة به مقتصرة على فئة من اللبنانيين مسيحية يطغى عليها طابع ماروني، وفي ظل نظام قاس لم يتردد في ابراز عضلاته ومخالبه في مناسبة جديدة كان ابرزها في 7 آب بعد 3 ايام من مصالحة الجبل.
يد واحدة لا تصفق في المطلق، فكيف في لبنان المتفرق آنذاك ايدي سبا؟
كان يجب الانتظار بعد نداء بكركي ولقاء قرنة شهوان لعل يدا اخرى تمتد لرفع الحمل الثقيل، والخطر جدا آنذاك. وفعلا لم يتأخر جنبلاط وهو ايضا كان استقر على اقتناع بان استمراره مع النظام الامني السوري مستحيل ولا افق له.
يستذكر بعض من حضّروا لتلك المصالحة انها لم تأت من فراغ بل سبقها بناء اقتناعات تحقق على مهل ولكن بدأب،  بدأت مع وضع ورقة سياسية للمناقشة سميت "الورقة الدرزية – المسيحية". وحصل لقاء حولها في "المكتبة الوطنية" في بعقلين عام 1996 بمشاركة النائب جنبلاط وعدد من اركان حزبه، وكانت لحزب الكتائب برئاسة كريم بقرادوني مساهمة عام 1998 في لقاء مصالحة مع الحزب التقدمي الاشتراكي كرسه لاحقا الرئيس امين الجميل بعد عودته من المنفى في فرنسا.
كانت عودة المهجرين بدأت الى الجبل بعد انتهاء الحرب وبدء تطبيق اتفاق الطائف، لكن المصالحة الكبيرة عجلت فيها، والاهم انها ادخلت اطمئنانا وامانا الى النفوس من الطرفين بعد صفحة سوداء راعبة، واتاحت الصفحة البيضاء الجديدة ما يتجاوز مرحلة "تجاوز الماضي" الى صنع المستقبل معا وبمشاركة الجميع في كل لبنان، الامر الذي مهد لتحالفات اكبر على مستوى الوطن اتاحت قلب الامور رأسا على عقب في الوقت والظرف المناسبين. ولعل اكبر دليل على نهائية مصالحة الجبل وجذريتها تمسك جنبلاط والناس بها، رغم كل التقلبات السياسية التي تبرز بين وقت وآخر. وكل مدة يتوجه رئيس "اللقاء الديموقراطي" الى بكركي او الديمان، خصوصا عند المفاصل، الرئيسية ليذكر ويشدد على معاني ما حصل في 4 آب 2001. وفي المقابل فاجأه مسيحيو الجبل بنسبة تصويتهم العالية للوائح قوى 14 آذار التي ترأسها او كان مساهما رئيسيا فيها، بما يدل على ثقة كبيرة بالمصالحة وبه. ثقة لم تزعزعها حملات استهدفت جوهر تلك المصالحة احيانا باستذكار اجراس ورموز ومشكلات لا تزال تعترض استكمال العودة في بعض القرى.
هكذا كسر المسيحيون والدروز جدار الخوف المتبادل فأنهوا حرباً باردة كان النظام السابق يحرص على ادارتها بين الطوائف وداخل كل طائفة ومهدوا لحركة سياسية استثنائية في تاريخ لبنان الحديث اوصلت الى "انتفاضة الاستقلال" اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وانضمام جمهوره الى المنادين بخروج الجيش السوري من لبنان فتحقق ما كان حلما عام 2000.
واليوم مع تطلع جنبلاط الى تقارب مشابه مع الشيعة بممثليهم الرئيسيين: "حزب الله" وحركة "امل" لا يملك الفريق المسيحي الذي دفع في اتجاه مصالحة الجبل سوى تأييد التوجه الانفتاحي الجنبلاطي، خصوصا ان المسيحيين يفهمون طابعه الالحاحي بعد ما جرى في 7 ايار 2008 في عدد من مناطق الجبل، الا ان هذا الفريق المسيحي يطالب جنبلاط بالا يكون تقربه من الشيعة على حساب ما تحقق في مصالحة الجبل التاريخية من اجل لبنان كله.
كما يتمنون الا تكون المصالحة الجديدة ماسة بصيغة لبنان او تكرس الامر الواقع فيه. وايضا الا تكون نتيجة لموازين قوى، فتحمل مشروعا سياسيا مشتركا يكون ثمة مكان للجميع فيه.
ويستذكر المساهمون في مصالحة الجبل انها كانت نتيجة لأزمتين ادتا الى اقتناعات متشابهة، ولم تحمل على الاطلاق سمة تواطؤ درزي – ماروني، كما لم تكن مصالحة الضرورة، او خطوة سياسية اقبل عليها احد الجانبين بمرارة تحت وطأة التهديد ملبيا دعوة الى الالتحاق.
كانت ببساطة مشروعا مستقبليا للبنان يتمنى المسيحيون ان يتوصل اليه جنبلاط مع الشيعة ايضا.


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,045,967

عدد الزوار: 6,749,525

المتواجدون الآن: 114