صراع ديكة داخل حركة فتح في لبنان

تاريخ الإضافة الأربعاء 19 تشرين الثاني 2008 - 11:33 ص    عدد الزيارات 6065    التعليقات 0    القسم محلية

        


تُعدّ الأوضاع داخل حركة فتح عموماً وفي لبنان على وجه الخصوص، العنصر الأبرز في اهتمامات القوى الفلسطينية وجهات عربية أخرى، وخصوصاً أن المشاكل استدعت قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإيفاد أكثر من مندوب أمني وسياسي إلى بيروت لعقد اجتماعات مع قادة الأجنحة المتصارعة دون حسم الخلافات

قبل شهور عدة، قرر الرئيس الفلسطيني إيفاد أديب الحصان، وهو ضابط كبير في السلطة، إلى لبنان وتكليفه بإدارة الجهاز العسكري لفتح في لبنان. وعند وصول الحصان، كان التشنّج في ذروته بين أقطاب الحركة الأعرق عند الفلسطينيين، إن على مستوى القرار الأول بين ممثل منظمة التحرير عباس زكي وأمين سر المنظمة في لبنان اللواء سلطان أبو العينين، أو على مستوى القيادات الفتحاوية الأخرى التي كلّفت بمهمات جديدة بعد وصول زكي إلى لبنان، وصولاً إلى التنافس الميداني في مخيم عين الحلوة، الذي يمكن تجسيده أخيراً بالصراع بين العميد منير المقدح والعقيد محمد عبد الحميد عيسى (المعروف باللينو).

■ موفدو رام الله بالجملة

وقبل أسبوع، وجد عباس أن ما قرّره الحصان من إجراءات لم يؤدّ إلى حسم الأمر على الأرض، إذ إن ما وصف «بالتمرّد» ظلّ قائماً في كل مخيمات لبنان، حتى على مستوى القرار السياسي للحركة والتحالفات والاتصالات. فكان أن أوفد مجدّداً إلى بيروت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد مكلّفاً بدرس الملف والتوسّط لحل المشكلة الأبرز بين زكي وأبو العينين، إضافة إلى عقد اجتماعات أخرى مع قيادات فتح في لبنان. وقد سمع الأحمد انتقادات من زكي واتهامات لأبو العينين بأنه «فاتح على حسابه»، فيما طلب الأخير من الموفد «وضع حد لتجاوزات زكي الذي بات شغله الوحيد هو جمع السلاح والتفاوض على قضية اللاجئين».
كذلك أوفد عباس مدير الاستخبارات العامة الفلسطينية اللواء محمد ديب منصور بقصد متابعة ملف الخلافات الداخلية بين زكي وأبو العينين. وجاء قرار إيفاده بعد إلغاء اجتماع كان مقرراً عقده في عمان يوم الأحد (قبل عشرة أيام) يضم عباس زكي وسلطان أبو العينين لوضع حدّ لخلافاتهما. كذلك كلّف منصور بزيارة رؤساء الأجهزة الأمنية اللبنانية بقصد التعاون والتنسيق، علماً بأن نتائج الاجتماع الأخير للجنة التحضيرية لانعقاد المؤتمر العام لحركة فتح كانت قد تضمّنت قراراً بتكليف أبو ماهر غنيم بالإشراف على عقد مؤتمر الساحة اللبنانية، واعتبار نتائجه نافذة فوراً، وأخذ علماً بطلب عباس زكي إعفاءه من تولّيه مهمة سفير في لبنان.

■ اجتماع الكادر العسكري

وكان قد سبق وصول الأحمد دعوة زكي القيادات العسكرية في فتح ـــــ لبنان إلى اجتماع عقده في مكتبه في مبنى السفارة الجديد، وحضره أديب الحصان، منير المقدح، اللينو وآخرون. استهلّه زكي بالحديث عن الوضع المالي وكلفة المبنى الجديد للسفارة قائلاً إن المبلغ يساوي ستة ملايين دولار أميركي، وإنه حصل على أربعة ملايين من الرئيس عباس وحصل على مليونين من «أحد المحسنين». فكان أن سأله أحد المشاركين في الاجتماع عن حقيقة «أنّ آل الحريري تبرّعوا بالمبلغ»، فنفى زكي قائلاً «عرض الحريري الأمر عليّ لكنني رفضت». لكن المسؤول المالي الذي كان حاضراً في الاجتماع تدخّل قائلاً: «الصندوق القومي لا يعلم ولم يصرف مبلغ 4 ملايين».
ثم تحدث زكي عن «أهمية فصل إدارة القطاع العسكري عن إدارة التنظيم»، وعرض ما حقّقه هو خلال وجوده في لبنان. كما حذر «من تمرد قائم داخل الحركة، متهماً سلطان أبو العينين بالأمر». ثم تحدث الحصان قائلاً إن «وضع الساحة في لبنان غير طبيعي، ولا أحد يستطيع ضبط الأمور، والعناصر الموجودة لا تلتزم بقرارت القيادة ولا بقرار قادة الوحدات، والعمل يجري وفق منطق المحسوبيات. وهذا شيء خطير». ثم أبلغ الحضور أنه يسعى إلى شراء تجهيزات شتوية للقوات العسكرية، لكنّه لم يوّفق بالحصول على المال (علماً بأن الحصان اشترى هذا الشهر سيارة جيب من نوع فولزفاكن صنع 2006 بمبلغ قدره 40 ألف دولار).
ولم يكد الحصان ينهي مداخلته حتى واجهه المقدح بالقول: «أنا أتبع للرئيس أبو مازن، ولا أتلقّى أوامر منك أو من أحد غيرك». فردّ الحصان بحدّة، ما أدى إلى سجال توقّف من دون تدخّل زكي، فيما كان المقدح يسأله عن «حقيقة أن السفارة الأميركية في بيروت تقدم دعماً لبعض المسؤولين في فتح مقابل ضرب القوى الإسلامية (قاصداً اللينو دون أن يسمّيه)، فلم يجب زكي، فأصرّ المقدح على سؤاله، لكنّ الحصان قال له إن هذا الملف عندي أنا. ولم يقتنع المقدح، فكان أن تدخّل اللينو مباشرة وتبادل الشتائم والصراخ مع المقدح حتى وصل الأمر إلى حدود سحب السلاح بينهما، ما دفع زكي إلى رفع الاجتماع.

■ مهرجان... مهرجانان

وكان أوّل انعكاس للخلاف العاصف بين مجموعتي زكي وسلطان هو الخلاف على آلية تنظيم مهرجانات الذكرى السنوية لرحيل الرئيس ياسر عرفات، إذ إن الطرح التوافقي قال بأن يلقي زكي كلمة منظمة التحرير وأن يلقي أبو العينين كلمة فتح. لكنّ زكي رفض بحجة أنّ ذلك سوف يكرّس قاعدة وجود رأسين للحركة في لبنان. وتدخّل وسطاء من داخل فتح ومن فصائل أخرى لإيجاد آليات للتوفيق، ولكنّ الأمور ظلّت على حالها. وعندما تقرر عملياً إقامة أكثر من مهرجان، اتهم أبو العينين زكي بأنه مارس الضغوط على السلك الدبلوماسي وعدد من الشخصيات اللبنانية لعدم حضور مهرجانه. وكان لافتاً غياب أنصار زكي عن مهرجان الأونيسكو، وغاب أيضاً ممثّلو الصف الأول من قوى منظمة التحرير، بينما حضرت قيادات رفيعة في تنظيمات قريبة من سوريا مثل الصاعقة والقيادة العامة.
وكان أبو العينين قد أعلم كوادر وقيادات في فتح أنه تبلّغ من مسؤول تنظيم الصاعقة في لبنان أبو حسن «قرار فصائل قوى التحالف الفلسطيني لجهة اعتبار سلطان أبو العينين مرجع حركة فتح في لبنان، ومن خلاله يجري التنسيق، لا مع كمال مدحت، لكن دون مقاطعة عباس زكي الذي يجري التعامل معه بصفته سفير فلسطين وممثّل منظمة التحرير». ونقل أبو العينين عن مسؤول الصاعقة أن «قرار القيادة المركزية في دمشق يعتبر سلطان أبو العينين ضمانة سياسية في المخيمات، وأنّ الآخرين مكلّفين بتنفيذ مشروع سياسي أميركي عربي».
من جهة أخرى، وعلى هامش تقديم واجب العزاء بوالد ناظم اليوسف (نائب الأمين العام ج.ت.ف.) تحدث أسامة حمدان مع سلطان أبو العينين عن ضرورة اللقاء بينهما.

■ تهمة أبو العينين: لقائه مع حماس

ويبدو أن زكي الذي يواجه مشكلة في حسم الأمور مع أبو العينين قد أثار أخيراً أن الخلافات لم تعد محصورة في الإطار التنظيمي، وأن هناك أبعاداً سياسية لها، ليتبيّن لاحقاً أنه يقصد ما أشيع عن لقاء بين أبو العينين ومسؤول حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، علماً بأن الأخير نفى لـ«الأخبار» حصول اللقاء قائلاً «مع الأسف، لم يحصل اللقاء، ونحن نرغب في الاجتماع والحوار مع الجميع، بما في ذلك قادة فتح».
إلا أنّ الأكيد هو أنّ حمدان وأبو العينين صودف أن اجتمعا في مناسبة تقديم العزاء بوفاة قريب أحد المسؤولين الفلسطينيين في لبنان، وتشاورا في إمكان عقد لقاء، فطلب أبو العينين بعض الوقت لمشاورة قيادته، وخصوصاً أنه كان بانتظار وصول موفدي الرئيس الفلسطيني عزام الأحمد واللواء منصور.
(الاخبار)


المصدر: جريدة الأخبار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,165,843

عدد الزوار: 6,758,371

المتواجدون الآن: 129