تحليل سياسي

حلفاء سوريا يراجعون بمرارة خيارات <النشوة القاتلة>! وميقاتي يُراهن على أن <الحزب المأزوم> لا يمكنه المخاطرة بخسارة الحكومة

تاريخ الإضافة الجمعة 16 أيلول 2011 - 8:23 ص    عدد الزيارات 2674    التعليقات 0    القسم محلية

        


ميقاتي يُراهن على أن <الحزب المأزوم> لا يمكنه المخاطرة بخسارة الحكومة
حلفاء سوريا يراجعون بمرارة خيارات <النشوة القاتلة>!
<الالتزام بالمحكمة يتعدّى الاعتبار الأخلاقي بالنسبة للشهيد الحريري ويرتبط بالحماية الأكيدة لكل رئيس حكومة مقبل>

في رواية مجالس الرئيس نجيب ميقاتي أنه حين طُرح اسمه كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة بعد الإطاحة بحكومة زعيم الأكثرية البرلمانية سعد الحريري، عقد مفاوضوه من حزب الله أربع جلسات بغية الحصول منه على ضمانات في جملة ملفات، وفي مقدمها تمويل المحكمة الدولية· كان جواب ميقاتي واضحاً لمفاوضيه أن الضمانة الوحيدة التي يُعطيها هي حماية المقاومة، وليس في وارد تقديم أي التزام آخر· في اللقاء الأخير الذي عُقد عشية يوم الاستشارات، كرّر ميقاتي موقفه، والذي على أساسه انتظر بضع ساعات قبل أن يَبلُغه قرار قوى الثامن من آذار السير به رئيساً للحكومة·

في تلك اللحظة السياسية، اعتبرت الدولة المُرشدة سياسياً ودينياً لـ <حزب الله> ومعها الشريك السوري في المحور المناوئ لسياسة دول الاعتدال العربي الحليفة لواشنطن والغرب، أن الظروف الإقليمية تسمح بليّ ذراع هذه القوى، من بوابة إقصاء الحريرية السياسية، التي تحظى بمظلة وثقل السعودية، وعنوانها هذه المرة: سعد الحريري·

على المقلب الميقاتي، كانت ثمة قراءة سياسية مفادها أن طرح اسمه للرئاسة الثالثة، يعني أن <حزب الله>، وحليفيه الإقليميين، ليسوا في وارد الذهاب بعيداً في مواجهة ومصادمة المجتمع الدولي، إما لعدم رغبتهم أو لعدم قدرتهم المطلقة· ذلك أنهما يُدركان أن شخصية ميقاتي ليست شخصية تصادمية مع محيطه العربي، ولا سياسته سياسة مواجهة المجتمع الدولي·

ويذهب بعضٌ من طاقم ميقاتي السياسي إلى التأكيد على أنه تمّت دراسة كل التحديات التي يمكن أن تواجهه في سدة الرئاسة الثالثة، بدءاً من التركيبة الحكومية، ومزاجية وأهواء وأطماع بعض القوى السياسة التي ستتكون منها الحكومة، مروراً بالتعيينات الإدارية ومحاولة ممارسة الكيدية السياسية فيها، وصولاً إلى سُبل التعاطي مع القرارات الدولية، وأبرزها المحكمة الدولية·

وإذا كانت الثابتة، التي انطلق منها النائب والوزير الطرابلسي الذي دخل نادي رؤساء الحكومة كرئيس حكومة انتقالية عام 2005 جرّاء تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قوامها أنه لن يعود إلى السراي الكبير هذه المرحلة كرئيس انتقالي، بل كرئيس لحكومة تعمّر حتى الانتخابات النيابية لعام 2013، فإن الربيع العربي الذي عصف بالمنطقة بعد تكليفه قد أعطاه هامشاً أوسع من المناورة·

وحين بدا له أن لا مفرّ من تأليف الحكومة، بفعل العوامل السورية الضاغطة، حقّق في لعبة المكاسب الداخلية ربحاً إضافياً· وتكرّر الأمر يوم طرح وزير الطاقة جبران باسيل خطة الكهرباء، وحولّها رئيس تكتل التغيير والإصلاح إلى معركة حياة أو موت للحكومة·

اليوم يواجه ميقاتي تحديات أكبر مع معركة تمويل المحكمة الدولية· وهو لم يُفاجأ بالحملة التي شُنت عليه من عون وحلفاء معروفين بانتمائهم لسوريا، إنما كان يتوقّع وتيرة أعلى· وتُدرج مجالس ميقاتي أهداف الحملة في إطار الضغط عليه في موضوع تمويل المحكمة· فرئيس الحكومة كان يطمح إلى تنفيذ التزامه بتمويل المحكمة قبل التوجه إلى نيويورك، إذ كان ذلك سيعزّز موقع حكومته إزاء المجتمع الدولي، ويُضفي المصداقية على تعهداته· إلا أن هذا الأمر بات صعب المنال في الفترة الفاصلة عن الحضور الرسمي اللبناني في الأمم المتحدة، حيث يشارك كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في اجتماعاتها هذا الشهر، إضافة إلى رئاسة لبنان لمجلس الأمن خلال أيلول الجاري·

ورغم خيبة الأمل الميقاتية، لا تُخيم على السراي الكبير أي أجواء من القلق حيال استحقاق تحويل مستحقات لبنان في التمويل· فما يتم درسه راهناً من المعنيين هو الآليات القانونية الممكنة لتنفيذ القرار المُتخذ من الحكومات السابقة، وأي منها هو الأقل ضرراً على صورة <حزب الله>، ولا يشكّل إحراجاً له أمام جمهوره، ولا سيما أن الهدف المُعلن للإطاحة بحكومة الحريري كان إسقاط المحكمة الدولية على أبواب لبنان· ويستند رهان رئيس الحكومة على أنّ الحزب المأزوم على جبهات عدّة، لا يمكنه أن يُخاطر اليوم بخسارة الحكومة، وهو الذي يُدرك أن المحكمة الدولية ستستمر مع تنفيذ لبنان التزامه أو من دونه، فضلاً عن أن ضرب القرار 1757 قد يحمل مخاطر على القرار 1701 الذي يُشكّل المظلة الدولية للبنان·

على أن لموقف ميقاتي جانباً أخلاقياً تجاه قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعدم التفريط بدمائه إزاء جمهور الحريري والحاضرة السنية في لبنان، لكن الأهم يكمن في ما يقدمه وجود المحكمة من حماية أكيدة لموقعه هو كرئيس حكومة، ولكل رئيس حكومة مقبل، ومن وقف لعمليات الاغتيال السياسي·

لكن الحملة السياسية على رئيس الحكومة لا تقف، برأي مراقبين، عند عنوان المحكمة، بل تتعداها في هجوم استباقي إلى كيفية تعاطي لبنان مع الآتي من القرارات الدولية، خصوصاً إذا تضمنت في المرحلة المقبلة عقوبات اقتصادية من مجلس الأمن ضد سوريا، مع احتدام المواجهة الدولية معها، ذلك أن رئيس الحكومة الذي يُدرك خصوصية العلاقة مع سوريا، سواء على المستوى الشخصي أو السياسي، أو على مستوى حقائق الارتباط التاريخي والجغرافي، يعلم علم اليقين أن هناك فارقاً كبيراً بين التصويت ضد القرارات الدولية وبين الالتزام بها·

فتصويت لبنان ضد أي قرار من مجلس الأمن ضد سوريا لا يُعفيه من الالتزام به، ذلك أنه ليس في مقدور لبنان أن يقف في وجه المجتمع الدولي مع تحوّله في نظره إلى دولة مارقة، ولا سيما أن أي خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تكشف لبنان أولاً، وتفجّر الساحة الداخلية المنقسمة سياسياً حول الموقف من سوريا· وقد كان لافتاً اتهام الوزير السابق ميشال سماحة - الذي يخوض المعركة الإعلامية لمساندة النظام السوري - عائلة ميقاتي بإعطاء التزامات لواشنطن بمحاصرة سوريا في لبنان، والدور الذي يمكن أن يقوم به رجال الأعمال والمصارف في هذا السياق، ما فسّره المراقبون بأنه يندرج في إطار الهجوم الاستباقي على خلفية الضغوطات المتوقعة، وكيفية تعاطي الحكومة اللبنانية علي ضوئها· فالموقف الحيادي لرئيس الحكومة حيال ما يجري في سوريا باعتباره شأناً داخلياً، هو في رأي حلفاء سوريا موقف سلبي، ذلك أنه كان يُفترض بميقاتي - حليف دمشق - أن يُشكّل وحكومته السند السياسي والاقتصادي والمالي للنظام بشار الأسد في محنته، وهو ما بدأ يطرح علامات استفهام حول صحة خيارات سوريا وحلفائها في لحظة النشوة القاتلة!·

رلى موفّق
 

 


المصدر: جريدة اللواء

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,150,673

عدد الزوار: 6,757,285

المتواجدون الآن: 124