طالبوا بمراقبين دوليين.. ورفعوا شعارات لتوحيد المعارضة وحيوا المحامي العام المستقيل في حماه

السوريون يواصلون الانتفاض.. وأوروبا تفرض الحظر النفطي

تاريخ الإضافة الأحد 4 أيلول 2011 - 6:05 ص    عدد الزيارات 2996    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

السوريون يواصلون الانتفاض.. وأوروبا تفرض الحظر النفطي
طالبوا بمراقبين دوليين.. ورفعوا شعارات لتوحيد المعارضة وحيوا المحامي العام المستقيل في حماه
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط» بروكسل: عبد الله مصطفى
استمرار القتل وإطلاق النار العشوائي على المحتجين > دروز سوريون يتضامنون مع علي فرزات والشيخ الرفاعي> فرنسا تطور علاقاتها مع المعارضة
* انتفضت سوريا أمس في اول جمعة بعد انتهاء العيد، والتي أطلق عليها ناشطون جمعة «الموت ولا المذلة». وشهدت مدن عدة مظاهرات حاشدة لقي خلالها 14 متظاهرا حتفهم برصاص قوات الأمن التي اطلقت نيران اسلحتها عشوائيا على المتظاهرين وانتشرت قرب المساجد في «المدن الساخنة» لمنع تدفق المصلين إلى الشوارع.
وسقط أغلبية القتلى في ريف دمشق، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «8 أشخاص قُتلوا أمس بنيران رجال الأمن أثناء تفريق مظاهرات في مدن عربين وكفر بطنا ودوما وحمورية» في ريف دمشق. وأضاف: «كما قتل 3 أشخاص في مدينة حمص (وسط) بينهم اثنان سقطا فجرا، بينما قتل الثالث في تلبيسة (ريف حمص) وقتل 3 أشخاص في دير الزور (شرق)». وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن «مظاهرات حاشدة من قريتي كفر نبودة وكرناز (ريف حماه) جرت أمام منزل المحامي العام عدنان بكور تأييدا له»، بعد أن أعلن انشقاقه عن النظام الأسبوع الماضي. وتركزت هتافات المتظاهرين عموما على مطالب بدعم دولي, وارسال مراقبين دوليين لمواجهة النظام ، بينما حثت لافتاتهم على توحيد المعارضة.
من جانبهم، اعتصم نحو 150 درزيا في سوريا في إحدى قرى السويداء ذات الأغلبية الدرزية. وقالت إحدى الناشطات من مدينة شهبا ان الاعتصام يأتي «اعتراضا على سلوك النظام في انتهاك حرمة الجوامع والتعدي على علماء ومثقفي البلد وآخرها الاعتداء السافر على الشيخ أسامة الرفاعي والفنان علي فرزات».
إلى ذلك، وبينما أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن بلاده تسعى إلى تطوير صلتها بالمعارضة السورية، وافق الاتحاد الأوروبي على قرار بحظر استيراد النفط من سوريا وتشديد العقوبات عليها، كما قرر إضافة 4 شخصيات متهمة بتمويل النظام، و3 كيانات، إلى قائمة العقوبات.
 
دروز سوريون يدينون الانتهاكات ويتضامنون مع فرزات والرفاعي
عبروا عن تضامنهم مع «جمعة الموت ولا المذلة»
دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»
أصدر عشرات من المواطنين الدروز في سوريا بيانا استنكروا فيه انتهاك حرمة المساجد والاعتداء على الأئمة وعلى المثقفين، وذلك خلال وقفة اعتصام جرت في إحدى قرى السويداء ذات الأغلبية الدرزية، وقالت إحدى الناشطات من مدينة شهبا إن نحو 150 رجلا وامرأة اعتصموا في إحدى قرى السويداء كنوع من «المشاركة في جمعة الموت ولا المذلة واعتراضا على سلوك النظام في انتهاك حرمة الجوامع والتعدي على علماء ومثقفي البلد وآخرها الاعتداء السافر على الشيخ أسامة الرفاعي والفنان علي فرزات».
وأعلن المعتصمون من بنات وأبناء جبل الدروز الأحرار تضامنهم معهما و«طالبوا بمحاسبة النظام الذي يرتكب الجرائم بحق الشعب السوري» وتم قراءة بيان وقعوا عليه مع رفع صور المعتقلين من أبناء السويداء وهم طارق عبد الحي وضياء العبد الله وعمر الأسعد وشادي أبو فخر وعاصم حمشو وأدهم القاق.
وجاء في البيان «كنا وما زلنا مكونا أساسيا من نسيج الشعب السوري، ومن ثورة الكرامة، وإننا نرفض وندين كل الانتهاكات التي مورست بحق هذا الشعب السلمي وبخاصة انتهاك حرمة الجوامع والاعتداء على علماء ومثقفي هذا البلد» وطالب البيان «بمحاسبة مرتكبي كل الجرائم المرتكبة بحق السوريين والتي تتكشف يوما بعد يوم».
ويقول مراقبون إن أبناء الدروز من المتضامنين مع الثورة والمشاركين فيها «يعانون من تضييق كبير من قبل أهالي منطقتهم من الموالين للنظام، والذين تمت السيطرة عليهم عبر منحهم امتيازات سلطوية جعلتهم يتمادون في قمع أقاربهم»، ويعتقد المراقبون أن وضع هؤلاء الدروز في السويداء يعتبر الأصعب «إذ يتم تسليط زعران من أبناء منطقتهم لقمعهم، ما يجعل الأمور تزداد تعقيدا وتفتت المجتمع هناك القائم على هرمية اجتماعية يصعب تجاوزها».
 
مقتل 17 في احتجاجات جمعة «الموت ولا المذلة».. ومظاهرات تأييد لمحامي عام حماه أمام منزله
أغلب القتلى سقطوا في ريف دمشق.. ورجال الأمن يكثفون تواجدهم قرب المساجد
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
لقي 17 سوريا حتفهم، على الأقل، برصاص قوات الأمن خلال الاحتجاجات المناوئة للنظام، التي انطلقت أمس في أول جمعة بعد العيد، التي أطلق عليها ناشطون جمعة «الموت ولا المذلة». وسقط أغلبية القتلى في ريف دمشق؛ حيث قتل 8 منهم هناك، بينما أفادت السلطات السورية بمقتل 3 من قوات حفظ النظام.
وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن قوات الأمن أحاطت بالمساجد في «المدن الساخنة» مثل درعا، جنوب سوريا، لمنع المصلين من التدفق على الشوارع وتنظيم احتجاجات مناوئة للنظام.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «8 أشخاص قُتلوا اليوم (أمس) بنار رجال الأمن أثناء تفريق مظاهرات في مدن عربين وكفر بطنا ودوما وحمورية» في ريف دمشق. وأضاف: «كما قتل 3 أشخاص في مدينة حمص (وسط) بينهم اثنان سقطا فجرا، بينما قتل الثالث في تلبيسة (ريف حمص) وقتل 3 أشخاص في دير الزور (شرق)». وأضاف المرصد أنه «يجري إطلاق نار كثيف في حي باب السباع في حمص على كل من يتحرك أو يخرج من منزله من الحواجز المحيطة»، لافتا إلى «تجدد إطلاق النار في بلدة تلبيسة من الجهة الشمالية من جهة الحاجز وبشكل عشوائي وكثيف على المنازل».
كان المرصد قد أورد أن «القناصة انتشروا في المنطقة الواقعة بين شارع الحمرا والغوطة في مدينة حمص (وسط)؛ حيث خرجت مظاهرتان في أحياء الوعر والخالدية وصل عدد المشاركين فيهما إلى نحو 40 ألف شخص».
وأظهر فيديو بث على موقع «يوتيوب» الإلكتروني متظاهرين يهتفون في حشد ببلدة كفر زيتا في ريف حماه ويقولون: «الموت ولا المذلة». وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن «مظاهرات حاشدة من قرى كفر نبودة وكرناز (ريف حماه) جرت أمام منزل المحامي العام عدنان بكور تأييدا له»، وأعلن مدعي عام مدينة حماه استقالته الخميس احتجاجا على أعمال القمع التي تنفذها السلطات السورية التي اعتبرت أن الاستقالة انتزعت منه تحت التهديد بعد اختطافه.
وردد حشد آخر في بلدة كفر نبل في محافظة إدلب الشمالية هتافات تفيد بأن الأسد في أيامه الأخيرة. كما خرجت مظاهرة في مدينة عامودا (شمال شرق) تنادي بإسقاط النظام؛ حيث رفع المتظاهرون لافتات تطالب روسيا بوقف تصدير السلاح إلى النظام السوري. وخرجت عدة مظاهرات في درعا، وريفها، التي انقطعت عنها الاتصالات؛ حيث «خرجت مظاهرة نسائية في جاسم (ريف درعا) بالإضافة إلى مظاهرات أخرى على الرغم من الوجود الأمني الكثيف» بحسب اتحاد التنسيقيات.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنه «سمع صوت إطلاق رصاص كثيف في مدينة نوى (ريف درعا)»، مشيرا إلى «سقوط جرحى». وقال المرصد: «إن تشييع شهيد سقط مساء الخميس برصاص قوات الأمن في مدينة تل رفعت (ريف حلب) تحول إلى مظاهرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام». وفي ريف دمشق «خرجت مظاهرات على الرغم من الانتشار الأمني الكثيف وحملات الاعتقالات الواسعة مطالبة بإسقاط النظام في مدن داريا والزبداني والكسوة، كما خرجت مظاهرات في أحياء ركن الدين والقابون والحجر الأسود وكفر سوسة» في العاصمة.
وأرسل الرئيس السوري الجيش، الشهر الماضي، إلى عدة مدن لقمع المعارضة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 473 شخصا قتلوا، 360 مدنيا و113 من قوات الأمن. وعلى الرغم من حملة القمع، فإن المتظاهرين السوريين تشجعوا، بعد سقوط القذافي وزيادة الضغوط الدولية على سوريا ومن بينها العقوبات التي فرضت أمس.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «3 من عناصر قوات حفظ النظام قتلوا أمس الجمعة وأصيب عدد آخر بنيران مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت حواجز هذه القوات في حمورية وعربين وتلبيسة»، وأضافت الوكالة: «كما قتل 4 من المسلحين خلال رد الأجهزة المختصة على عناصر تلك المجموعات الإرهابية بعد اعتدائها على حواجز قوات حفظ النظام في المناطق آنفة الذكر».
وقال الناشطون على صفحة «الثورة السورية» في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «في جمعة (الموت ولا المذلة) كلنا رايحين شهداء بالملايين»، مؤكدين أن مظاهراتهم «سلمية.. سلمية»، بينما ذكرت صفحة «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» على الموقع نفسه: «لكل أهل شهيد من بعد العيد سنبدأ من جديد»، مشيرين إلى أنهم «كل يوم طالعين حتى سقوط النظام».
وأسفرت عمليات القمع التي تمارسها السلطات السورية بحق المتظاهرين منذ اندلاعها في منتصف مارس (آذار) عن مقتل 2200 شخص، بحسب حصيلة للأمم المتحدة.
وتتهم السلطات «جماعات إرهابية مسلحة» بقتل المتظاهرين ورجال الأمن والقيام بعمليات تخريبية وأعمال عنف أخرى لتبرير إرسال الجيش إلى مختلف المدن السورية لقمع المظاهرات.
 
باريس تسعى لتطوير علاقتها مع المعارضة السورية
جوبيه: لن ندخر جهدا لوقف القمع
باريس - لندن: «الشرق الأوسط»
بينما لم تحسم المعارضة السورية أمرها في تشكيل جبهة موحدة لمواجهة النظام السوري الذي يواصل حملته في قمع المحتجين المناوئين له، أعلنت فرنسا أنها تسعى لتطوير صلتها بالمعارضة السورية وأنها «لن تدخر جهدا» من أجل إيقاف العنف وانطلاق الحوار.
وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس في المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا «سنطور اتصالاتنا مع المعارضة» السورية، مؤكدا أنه «في سوريا لن نوفر جهودنا للتوصل إلى إنهاء القمع وبدء حوار ديمقراطي». ولم يدل الوزير الفرنسي بأي توضيح حول كيفية تطوير الاتصالات مع المعارضة السورية كما لم يوضح هوية الشخصيات المعارضة التي سيتم الاتصال بها. وفي 23 أغسطس (آب)، أعلن معارضون سوريون من اسطنبول تشكيل «مجلس وطني» يهدف إلى تنسيق تحركهم ضد النظام السوري. وأوضح المشاركون في المجلس أنه يضم ممثلين للمعارضة السورية من الداخل والخارج.
وأكد جوبيه أيضا أن فرنسا لا تزال تأمل أن يتبنى مجلس الأمن الدولي عقوبات بحق النظام السوري. وقال إن «هدفنا هو الحصول في مجلس الأمن على قرار يدين استخدام العنف ضد السكان ويبلور نظاما من العقوبات. إنها معركة صعبة لكننا لن نستسلم»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال مشاركتها في باريس أول من أمس في مؤتمر دولي حول ليبيا إلى تشديد العقوبات بحق سوريا وخصوصا في مجال الطاقة، لدفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي.
وفي غياب أي قرار للأمم المتحدة، أقرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على نظام الأسد.
ودعا جوبيه أمس إلى «استخدام الأداة الفاعلة لعقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل (...) مما يتيح معاقبة النظام السوري حين لا يتمكن مجلس الأمن من ذلك»، معتبرا أن هذه الأداة مارست «ضغطا كبيرا على البرنامج النووي الإيراني وساهمت في العزلة المالية لنظام (معمر) القذافي»، في ليبيا.
 
 
الاتحاد الأوروبي يحظر النفط السوري.. وعقوباته تمتد لـ4 شخصيات متهمة بتمويل النظام
أوروبا تتبع أسلوبا تصاعديا في العقوبات ضد الأسد لإجباره على إنهاء حملات القمع
بروكسل: عبد الله مصطفى
وافق الاتحاد الأوروبي على قرار بحظر استيراد النفط من سوريا، وأقر المجلس الأوروبي بتشديد العقوبات على هذا البلد نظرا لخطورة الوضع هناك، كما قرر المجلس إضافة 4 أشخاص و3 كيانات على قائمة الأشخاص الذين شملتهم قرارات حظر السفر وتجميد أصولهم.
وقال المجلس الأوروبي إنه قد يستثني لأغراض إنسانية بعض الهيئات التي تعمل في أنشطة مختلفة مثل إيصال إمدادات طبية ومواد غذائية أو إجلاء الرعايا الأجانب من سوريا، كما يظل حظر السلاح المفروض على سوريا ساريا منذ التاسع من مايو (أيار) الماضي، وجرى اعتماد القرارات السابقة بشكل مكتوب إلى جانب الأسماء الإضافية على أن يتم نشرها في جريدة الاتحاد الأوروبي الرسمية غدا. وجاء ذلك في بيان صادر عن المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، في وقت يعقد فيه وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اجتماعا غير رسمي في بولونيا، التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، وهي اجتماعات تستغرق يومين. وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي قرر حظر دخول النفط السوري إلى دول أوروبا، وذلك تنفيذا للاتفاق القائم بين مختلف الدول الأعضاء بتشديد الضغط على سوريا، نظرا لخطورة الوضع هناك.
وينص القرار على وقف كل عمليات شراء واستيراد ونقل النفط ومشتقاته من سوريا باتجاه دول الاتحاد، ووقف كل الضمانات المالية المرافقة لمثل هذه العمليات، كما ينص القرار على إضافة أسماء 4 شخصيات متهمة بتمويل النظام و3 هيئات على لائحة العقوبات، حيث يتم تجميد أرصدة هؤلاء في أوروبا ومنع دخولهم إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. وكان الاتحاد الأوروبي قد شدد أواخر الشهر الماضي العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإضافة 15 شخصا و5 مؤسسات للقائمة السوداء الخاصة بحظر السفر وتجميد الأصول.
ويمثل الحظر النفطي خطوة مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي اتبع حتى الآن أسلوبا تصاعديا في العقوبات ضد الأسد في محاولة لإجباره على إنهاء حملته على المحتجين المناهضين لحكمه. وقال مسؤول من الاتحاد الأوروبي لوكالة رويترز أمس لقد «تم الاتفاق على العقوبات... حظروا استيراد النفط الخام السوري... للاتحاد الأوروبي. وشملت (العقوبات) 4 أفراد آخرين و3 كيانات».
وبينما لم يعلن الاتحاد أسماء المشمولين بالعقوبات الجديدة من الكيانات والشخصيات، ستضاف الأسماء الجديدة السبعة إلى قائمة خمسين شخصية، بينهم 3 مسؤولين إيرانيين، و8 شركات أو منظمات سورية أو إيرانية شملتها عقوبات سابقة، حسب تقرير أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وسيكون لحظر استيراد النفط السوري تداعيات أكيدة على النظام: فالاتحاد الأوروبي يشتري 95% من النفط الذي تصدره سوريا ما يمثل ما بين ربع أو ثلث عائدات البلد، إلا أن إيطاليا حصلت على ترتيب خلال المفاوضات هذا الأسبوع بحيث يمكن لعقود الشحنات الجارية الموقعة من قبل الشركات النفطية الأوروبية مع سوريا وشركتين تخضعان للدولة («سيريا بتروليوم» و«سيترول»)، أن تبقى قائمة حتى 15 نوفمبر (تشرين الثاني). وكانت إيطاليا أعربت في وقت سابق عن أملها في إمكانية احترام العقود حتى نهاية نوفمبر.
في المقابل، تقرر إرجاء الخيار التكميلي إلى وقت لاحق والمتعلق بحظر أي استثمار أوروبي في قطاع النفط السوري.
وهذه الإمكانية جزء من مرحلة جديدة من العقوبات الإضافية قيد الدرس والتي بدأت بشأنها محادثات على خط مواز الخميس بين الدبلوماسيين في الدول الأعضاء الـ27 في بروكسل.
من جهتها، أصدرت الولايات المتحدة قرارا بحظر استيراد النفط السوري، لكن هذه العقوبة رمزية لأن الأميركيين لا يستوردون النفط من سوريا. ويريد الاتحاد والولايات المتحدة وقوى غربية أن يوقف الأسد حملة القمع العنيف التي بدأت قبل 5 أشهر ضد احتجاجات تطالب بالديمقراطية وتنحي الأسد عن السلطة في سوريا لكن الرئيس السوري لم يبد إشارة على التراجع عن موقفه، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألفي مدني قتلوا منذ بدء الحملة. وقرارات أمس ستعتبر المرة الأولى التي يستهدف فيها الاتحاد الأوروبي الصناعة في سوريا، لكن محللين يقولون إن تأثير العقوبات التي لن تصل إلى حد حظر الاستثمارات الذي فرضته الولايات المتحدة الشهر الماضي سيكون محدودا فيما يتعلق بقدرة الأسد على الحصول على الأموال.
وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي من منتجع سوبوت البولندي حيث يجري وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مناقشات غير رسمية: «يرتكب الرئيس الأسد مذابح في بلده»، وأضاف: «يحثه المجتمع الدولي بأكمله على ترك السلطة».
وفي غضون ذلك، صرح دبلوماسيون في الاتحاد بأنه يمكن فرض المزيد من العقوبات في الأسابيع المقبلة. وقال دبلوماسي «أردنا فعل شيء بسرعة لكننا نعمل على المزيد من الإجراءات». وتخشى بعض العواصم من الإضرار بالمصالح التجارية للشركات الأوروبية لذلك يزيد الاتحاد الأوروبي الضغوط على سوريا تدريجيا.
وتقول مصادر في صناعة النفط إنه حتى عندما تتوقف صادرات النفط من سوريا فإن الشركات الأوروبية ستستمر في العمل داخل حدود سوريا حتى يفرض الاتحاد عقوبات على التعاون مع شركات الطاقة السورية.
وليس للتهديد بفرض عقوبات على سوريا تأثير كبير على أسواق النفط لأن سوريا تصدر 150 ألف برميل فقط يوميا من بين نحو 400 ألف برميل تنتجها يوميا.
وتخشى القوى الغربية أيضا من أن يتبدد تأثير الإجراءات الاقتصادية ضد سوريا بسبب عدم وجود تعاون دولي. ورفضت روسيا والصين مسعى تقوده الولايات المتحدة وأوروبا لاتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي لرسم ملامح المزيد من الإجراءات ضد سوريا.
 
لافتات المتظاهرين السوريين تتركز حول مطالب بدعم دولي.. وهتافاتهم على إعدام الرئيس
في ريف دمشق رددوا: يا يامو يا يامو بشار الأسد في آخر أيامو
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
استجاب المتظاهرون السوريون في كل أنحاء البلاد لدعوات برفع لافتات تطالب بتدخل الأمم المتحدة وإرسال مراقبين دوليين لممارسات النظام، ومع توحد هتاف «الشعب يريد إعدام الرئيس» في أغلب المناطق، تمحورت مضامين اللافتات حول إدانة انتهاك حرمة المساجد والمطالبة بدخول وسائل إعلام عالمية ومراقبين دوليين لرصد ما يجري في البلاد. ورفع المتظاهرون في ريف معرة النعمان في محافظة ادلب لافتة كتبوا عليها «نطالب بإدخال وكالات الأنباء العالمية لكشف كذب وكالة الأنباء السورية»، وحيوا القنوات التي يصنفها النظام في خانة القنوات التحريضية المغرضة كـ«الجزيرة» و«العربية» و«الوصال» و«فرنسا 24» و«بي بي سي». وفي استهزاء بصدور القانون الجديد للإعلام، رفع المتظاهرون في الحي القديم بدمشق لافتة تساءلوا: «هل سيتوقف الإعلام السوري عن الكذب بعد صدور قانون الإعلام الجديد؟»، وأخرى سخروا فيها من كلام الرئيس السوري بشار الأسد لعلماء الدين مؤخرا واعترافه بوقوع بعض الأخطاء، ورفعت لافتة كتب عليها «بشار يعترف بالأخطاء - كلمة أخطاء بحرف حجم أكبر - مثل القتل والاعتقال والتعذيب والتجويع والتهجير وقصف المدن والمساجد بالأسلحة الثقيلة.. و.. وفقط لا غير»، والكلمتان الأخيرتين كتبتا بلون آخر وحجم أكبر.
وفي الزبداني رفع المتظاهرون لافتة طالبوا من خلالها «الأمم المتحدة بإرسال مراقبين دوليين على ممارسات النظام» ولافتة أخرى قالوا من خلالها «فقط في سوريا شهيد المساء يشيع شهيد الظهر»، وهم يرددون الأغنية الحورانية «عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد» مع إضافة جديدة «ارحل عنا يا قاتل ارحل عنا للأبد».
وفي مظاهرة خرجت في الشوارع الخلفية لمنطقة برزة حيا المتظاهرون الشيخ عدنان العرعور والقنوات العربية التي تنقل أخبار الثورة السورية ولبس عدد من الشباب قمصانا كتب على ظهرها أسماء تلك القنوات، وهم يرفعون لافتة كتبوا عليها «الشعب السوري يدين الصمت العربي والعالمي ضد المجازر» وفي حمص أكد المتظاهرون على أن المتظاهرين في سوريا «مثل الجميع يبحثون عن مكان تحت شمس الحرية»، كما كتب على لافتة نشرت على أحد الأبنية، وإلى جوارها لافتة أخرى تطالب كل العالم بكل ما يمكن أن يوقف القتل في سوريا. فيما ردد المتظاهرون في حمص وكالعادة هتافات تضمنت شتائم للرئيس وهم يصفقون بأحذية قديمة «علينا الراية علينا الراية بشار الأسد حقه صرماية».
وفي حوران أعطت اللافتات بعدا جديدا للمطالب، إذ غدت المطالبة بإسقاط النظام ضرورة من أجل الاستقرار في المنطقة، وهي المرة الأولى التي يربط فيها بين الاستقرار في المنطقة وبين رحيل نظام الأسد الذي كانت ذريعته وذريعة العديد من الدول أنه مفتاح الاستقرار، وكتبوا على يافطة قماشية بالخط الكبير «ارحل من أجل السلام في المنطقة» فيما حملت لافتات أخرى إشارة إلى ثورة حزب البعث في 8 مارس (آذار) 1963 وسموها ثورة الباطل فيما ثورة سوريا اليوم والتي انطلقت في 15 مارس الماضي أنها ثورة حق. فالشعارات التي رفعت في حوران عكست لأول مرة ما يشبه البرنامج السياسي، الذي يأخذ بحساباته الوضع الإقليمي والدولي، في حين وخلال ستة أشهر ماضية كانت معظم الشعارات تركز على انتقاد النظام والرئيس وكيل الشتائم له، وانتقاد كل المرحلة الماضية، والتي جاءت في عمومها تعبيرا عن غضب محتقن من أربعة عقود، ولافتات حوران يوم أمس يمكن اعتبارها أول الغيث لتحول الشارع من مرحلة الغضب الانفعالي. إلى التفكير السياسي الذي ما زال يحبو في الشارع، وبحاجة ماسة إلى توحد صفوف المعارضة وهو ما طالب به المتظاهرون في مدينة حماه وفي مدينة القصير في ريف حمص. إذ إن السمة العامة للحراك في سوريا أنه ما زال رهنا للفعل القمعي المتوحش ولرد الفعل المستاء، حيث لا تزال قضية انتهاك حرمة الجوامع تتصدر لافتات المظاهرات، لما أحدثه اقتحام مسجد عبد الكريم الرفاعي من إساءة مؤذية لعقائد الشعب السوري، ففي حمص تساءل المتظاهرون «إن لم تغضب لحرمة المساجد فمتى تغضب؟ يا لنخوة الرجال»، في رسالة إلى الصامتين عن الغي والانتهاك الحاصل في سوريا.
وفي ريف دمشق سأل أهالي مدينة عربين: «أين العرب والمسلمون من انتهاك المساجد والعلماء» في لافتة حملت رسما لدبابة تقصف جامعا. فيما ردد المتظاهرون بكل ثقة أغنية شامية «يا يامو يا يامو بشار الأسد آخر أيامو» و«ويا بشار ضب قواتك عند حدها هي ثورة شعب مالك قدها»، أي لست بقوتها وهتاف آخر «نحن أهل النشامى نحيي الشيخ أسامة» والشيخ أسامة الرفاعي الذي تم الاعتداء عليه بالضرب من قبل الشبيحة في جامع الرفاعي في كفر سوسة ليلة القدر.
واظهرت اشرطة فيديو بثتها عدة مواقع الكترونية معارضة الاف المتظاهرين وهم يحملون في اغلب المدن السورية لافتات باللغة الانكليزية تناشد المجتمع الدولي وقف العنف في سوريا وتطالب الرئيس السوري بالرحيل.
كما تظهر هذه الاشرطة المتظاهرين وهم يحملون لافتات كتب عليها «كنا بالعالم الثالث وصرنا بالعالم الخمسين» و»علي الصوت يا بنعيش بكرامة يا بنموت» و»يالله يا بشار حس على دمك وارحل».
 
الناشط السوري نوفل الدواليبي يسعى لتوحيد المعارضة تمهيدا لإعلان مجلس انتقالي
قال لـ «الشرق الأوسط»: ما جرى سابقا لم يؤد إلى شيء فعليا
بيروت: ثائر عباس
يراود الناشط السوري نوفل معروف الدواليبي حلم بتوحيد صفوف المعارضة السورية في الخارج والداخل لتشكيل مجلس انتقالي يضم أكبر قدر ممكن من المعارضين للنظام للبدء في خطوات عملية نحو تحقيق أهداف الانتفاضة السورية المندلعة منذ 6 أشهر.
فكل الاجتماعات التي عقدتها المعارضة السورية منذ ذلك الحين «لم تؤد إلى شيء فعليا» كما يقول الدواليبي، نجل السياسي السوري البارز معروف الدواليبي الذي شغل مناصب كثيرة في سوريا ما قبل البعث أبرزها توليه رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة ووزارات الدفاع والخارجية وغيرها. ويقول الدواليبي إنه يسعى إلى جمع «أكثر أجزاء المعارضة» بعد أن أعلن الشهر الماضي عن إنشاء «المجلس الوطني الموحد» من أنقرة، مشيرا إلى أن «معارضين آخرين سوف ينضمون إلى هذا المجلس». ويقول إن كل ذلك يجري «وفق خطوات مدروسة لمصلحة الشعب السوري الذي يحتاج إلى وجود جسم شرعي يقف في مواجهة النظام ويساعد الشعب في الداخل».
ويؤكد الدواليبي وجود «تأييد كبير لهذا المجلس من الداخل السوري والخارج أيضا»، مشيرا إلى أن التسميات غير مهمة ولهذا لا يتمسك باسم «المجلس الوطني الموحد» الذي يمكن تبديله في حال الاتفاق «لأن المهم هو وحدة المعارضة». ويتحدث الدواليبي بثقة عن «التحضير للقاءات مهمة ستتم خلال فترة قصيرة لإعلان انضمام جزء أكبر من المعارضة إلى هذا المجلس وصولا إلى إطلاق (المجلس الانتقالي السوري)»، مشيرا إلى أن ما أعلن من أنقرة عن «مجلس انتقالي» كان «خطوة ارتجالية وفقاعة انتهت فور إطلاقها»، مبديا شكوكه في أن «خطوات مماثلة قد تكون لبلبلة المعارضة، وقد تكون مدفوعة من النظام».
وقد انضوى حتى الساعة تحت لواء «المجلس الوطني الموحد» الذي يرأسه الدواليبي «كتلة أحرار سوريا» التي يمثلها الدواليبي نفسه، و«ائتلاف القبائل العربية» الذي يمثله الشيخ عبد الله بن عودة الغبين، و«العشائر العلوية» التي يمثلها وحيد صقر، و«هيئة دعم المؤتمر الكردي في سوريا» التي يمثلها محمد ملا رشيد، و«الحركة الكردية في سوريا»، و«اتحاد المثقفين والمهنيين والعلماء الكرد»، والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، وحركة تنسيقيات الشباب الكردي في سوريا، وحركة شباب الانتفاضة الكردية في سوريا، والأحزاب الكردية السياسية (11 حزبا)، و«تجمع سوريا للجميع» الذي يرأسه الشيخ عدنان العرعور، وتنسيقيات من الداخل؛ هي تنسيقيات: كناكر، التل، ريف دمشق، درعا، دير الزور، البوكمال، الميادين، اللاذقية، قطنا، جبلة، حمص، بانياس، الكسوة، حماة، الرقة، القامشلي، درعا وحلب، بالإضافة إلى ناشطين سياسيين عديدين.
ويؤكد الدواليبي أن «المجلس له قبول من الأطراف والأعراق والأطياف السورية كافة ويعمل الآن على جمع بقية الأطراف، خصوصا المستقلين من النشطاء السياسيين، وقد حصل على تأكيد من قبل مؤتمري أنطاليا وبروكسل ومؤتمر الإنقاذ في إسطنبول للتوحد معنا في مجلس يمثل الأطياف السورية كافة لبناء مجلس انتقالي موحد يمثل الأطياف السورية كافة ويحصل على شرعية من الثوار في الداخل والاعتراف الدولي».
ولا يرى الدواليبي في «النموذج الليبي» ما يمكن أن يتم الاحتذاء به في الشق العسكري، مفضلا الشق السياسي الذي حقق فيه الليبيون الكثير من الإنجازات الذي يمكن «أن نحقق منه الكثير إذا ما عرفنا كيف نجمع كلمتنا في وجه الظالم الجائر». ويشير إلى أن الليبيين استطاعوا إيجاد مساحة من الأرض تجمعوا فيها (بنغازي) وانطلقوا منها في مواجهة النظام، أما الواقع السوري فيختلف «لأن أكبر مشكلة لدى المعارضة السورية أن الناس في الداخل يواجهون النظام بصدورهم العارية والمعارضة في الخارج مشتتة جغرافيا وسياسيا». ويقول: «لسنا إقصائيين.. نرحب بالجميع ومستعدون للتفاهم مع الجميع من أجل الوصول إلى الغايات التي ينتفض من أجلها الشعب السوري»، موضحا أن «عملية التوحد ضرورية للغاية لتشكيل جسم يمكنه أن يحاور العالم ويدعم الداخل فيشعر هؤلاء بأن ثمة من يقف إلى جانبهم ومعهم. أما في الخارج، فهذا المجلس لا بد له من العمل على نزع الشرعية عن النظام والحصول على اعتراف دولي واسع يمكنه من لعب دور أساسي في بناء سوريا الجديدة التي يجب أن تكون للجميع من دون استثناء». وأكد أن «أصحاب الثورة الحقيقيين هم الثوار في الداخل»، مبديا الإصرار على «سلمية الثورة لأنها السبيل الوحيد للنصر».
 
صور وتعليقات من سوريا
محمد جميح
وصلت الصورة، شكرا لعدسات الكاميرات على هذه الوجبة غير المتجانسة من الألم والأمل والرعب والإقدام والمعاناة والشجا. هي سوريا إذن.. الشام والأمويون والفتوحات والتاريخ.. الفرنسيون والأتراك ويوسف العظمة وعبد الرحمن الكواكبي وبدوي الجبل ونزار والماغوط.. و«البعث».. وعندما نذكر «البعث» فلا بد من الضغط على الحروف كثيرا لاستكناه الدلالات الغائرة لهذه الكلمة في المشهد السياسي والشعبي السوري. لا يمكن أن نقرأ لغز الصورة السورية ما لم نتكئ على خلفيتها التاريخية المبنية على جملة من التناقضات التي صنعت تاريخ البلاد التي ودعها هرقل ذات يوم بقوله المأثور عنه «وداعا دمشق.. وداعا لا لقاء بعده».
هذه هي سوريا وهذه صورتها التي تأتي هذه الأيام مؤطرة بكثير من الألم والشجا والدموع.
صورة مجلس الشعب السوري وقد التأم ليصفق لوريث «العرش الجمهوري» وهو يلقي خطابه المهم الذي مر فيه على ذكر الجراثيم التي تحاول أن تنال من قوة الجسد السوري، والعملاء الذين يعملون لصالح العدو.. صورة المجلس معبرة في دلالتها، جارحة في صراحتها، موغلة في سخريتها. أعضاء المجلس «ممثلو الشعب» يسمعون «الديكتاتور» يصف الشعب الذي يمثلونه بأبشع النعوت، ومع ذلك يصفقون له. الصورة تستدعي إلى الذهن صورة مماثلة للمكان ذاته والمشهد ذاته، عندما انعقد مجلس الشعب قبل سنوات لتعديل دستور البلاد للتهيئة لوريث العرش في «الجمهورية» العربية السورية، وكأن ميراث بني أمية آل إلى «بني الأسد» في مشهد مخز صفق فيه المصفقون لـ«الشاب الملهم» تحت سمع وبصر عيون الكاميرات وعدساتها وبمباركة عالمية منقطعة النظير. هكذا حدث أن زفت سوريا ذات زمان بتاريخها وتراثها وجمالها على حين غفلة من العرب في زواج أرغمت عليه، «زواج متعة» على الطريقة الإيرانية، حيث عزفت الموسيقى ورقص المهرجون في مهرجان الزفاف الشهير.
صورة أخرى موغلة في قسوتها، تكتنز بدلالات التوحش الإنساني، تنثال منها معاني الحقد والقبح والكراهية، صورة إبراهيم القاشوش «بلبل الثورة السورية» وهو محمول على الأعناق وقد قطعت حنجرته بعد قتله في مشهد لا يقدر على ابتكاره إلا «حماة الديار» الذين حموها بالطبع في الجولان وفوق سماء دير الزور. تُظهر الصورة الملتفة بكثير من الرهبة الضحية وقد قطعت رقبته من الوريد إلى الوريد، في مشهد باعث على الرعب، الرعب ليس من المصير الذي لقيه هذا البلبل وحسب، بل من جرأة البشر على قتل البلابل، ومن بشاعة الطريقة التي يسلكها الطغاة في ذبحها. إبراهيم القاشوش صورة مكتنزة بسوريا، بالشام، بحماه التي يبدو أنها أصبحت «هابيل» النظام السوري، الذي ناء بحملها على ظهره وذهب يبحث عن الغربان والشبيحة ليعلموه كيف يواري «جثتها» في مقابر الأحلام الجماعية علها تخلصه من قلقه جراء ترقب وصول فرق البحث والتحقيق، «حماه» التي يبدو أن النظام مصمم على أن يغرق في نهاية المطاف في بحر من دماء بلابلها وأطفالها. لقد عرت الصورة كل معاني القبح التي كانت تستتر تحت ركام من العبارات التي نمقها فصحاء النظام الطائفي السوري تحت طلاء من القومية العربية الزائفة، تلك القومية التي قاتلت العراق مع إيران ذات عقد من ثمانينات القرن المنصرم في اصطفاف طائفي ما انتبه العرب إليه كعادتهم إلا متأخرين. لست أدري لماذا انهالت إلى الذاكرة كل صور القتلى الذين مُثل بهم على امتداد التاريخ وأنا أشاهد «البلبل الذبيح». قدر البلابل أن تكون إما مغردة أو ذبيحة في البلاد التي أصبحت تحترف الموت كما يحترف الآخرون الحياة، قدرها أن تكون كذلك تحت سلطة لا تتورع عن سجن طل الملوحي وتقلع أظافر الأطفال للإدلاء باعترافات أو للكشف عن أماكن وجود آبائهم.
صورة أخرى رمزية جادت بها علينا «فرشاة» الآلة العسكرية السورية التي يبدو أنها أخطأت طريقها إلى مرتفعات الجولان لتنحدر إلى حمص، لتخرج لنا صورة موحية للمآذن التي انهالت عليها قذائف «حماة الديار» في مفارقة عجيبة بين الديار وحماتها. مآذن حمص التي التهبت تحت حمم قذائف دبابات الجيش السوري صورة شاهدة على افتقار النظام السوري لأدنى القيم التي يتشدق بها. أخرج النظام السوري صورة المآذن التي قصفت إخراجا يوحي بأنه ينتمي إلى مدرسة سريالية عبثية في الفنون حطمت الحواجز والقيود. تقول الصورة إن قصف المآذن لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو أن النظام منزعج من أصوات تكبير المتظاهرين الذي ينسكب على جنوده وشبيحته رعبا وهزيمة.. وإلا فإن المآذن لا يمكن أن يتحصن بها المقاتلون «السلفيون الإرهابيون والقاعديون». صورة المآذن المحترقة تضاف إلى سلسلة صور الحرائق التي تشهدها «سوريا الحرائق» على يد نظام لبس ثوبا عربيا ليغطي حقيقة انتمائه الطائفي البشع إلى معسكر معادٍ للعرب ومتآمر عليهم، معسكر تقوده إيران.
صورة أخرى بل مشهد متكامل للمظاهرات السورية يبدو غنيا بشعاراته الرافضة لخامنئي وحسن نصر الله وبشار على حد سواء.. الشعارات السورية في اللوحة تنم عن انفلات شعب بأسره من قيود أدمت روحه سنوات طوالا. عاد لسوريا ألقها، عادت للسوريين روحهم الحقيقية التي عكستها لوحة من الفسيفساء الجميل، امتزجت فيها العناصر العربية والكردية، الإسلامية والليبرالية، التي انضفرت أصواتها في موال واحد تجسد في الصرخة الكبرى «ارحل»، بكل ما تعنيه هذه الصرخة من عقود القهر والمعاناة، وبكل ما تفصح عنه من توق كبير لتخطي قيود «الحزب» الذي قتل روح الشعب باسم «البعث» وسلب العروبة معناها باسم القومية التي ارتمت مؤخرا في أحضان الغير.
صور الأمواج المتدفقة من المساجد على الشوارع تعكس إصرار وحيوية «روح الشعب» التي تظلل السوريين اليوم وهم يعيشون فصولا مرعبة من مأساة بحجم إغريقي. وعلى الرغم من أن الصورة لم تعجب منظّر الحداثة العربية «أدونيس» فإن ذلك يعني أن الشعوب في لحظات تأريخية معينة، وفي فصول معينة من كتاب مأساتها، لا تجد من ملجأ على الأرض إلا الرموز التي تشير إلى السماء.
مئات الصور التي سكبتها علينا الفضائيات للسوريين الذين ربطت أيديهم وأرجلهم وداستهم أحذية رجال الأمن والشبيحة تعكس حالة من الإفراط في الشيزوفرينيا، وحالة من الإفلاس والهزيمة.
الصورة السورية تحترق هذه الأيام، والأفق غائم ملبد بدخان مدافع دبابات «الجيش العربي» حامي الديار وحارس القومية العربية. وختاما إذا كان النظام في سوريا قد تكفل بإخراج معظم الصور المذكورة فإن الشعب السوري سوف يكون له شرف إخراج الصورة الأخيرة في مشهد الصور السوري، سوف تجسد الصورة الأخيرة الممثل الكبير وقد توارى عن المسرح وانحسرت عنه الأضواء، وذهب إلى تاريخ لا يرحم ولكن الطغاة لا يعقلون.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,225,039

عدد الزوار: 6,941,183

المتواجدون الآن: 132