العيد في سوريا مظاهرات وقتل

تاريخ الإضافة الخميس 1 أيلول 2011 - 5:00 ص    عدد الزيارات 2756    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

العيد في سوريا مظاهرات وقتل
الأسد يصلي بمسجد والده ويردد: الله أكبر على «المتآمرين».. وأئمة الجوامع في خطب العيد: لن نركع * أبرز وجوه النظام في القائمة السوداء ..و مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط» : المعلم يقرع الطبول وشعبان بوق النظام
دمشق - واشنطن: «الشرق الأوسط»
بخلاف العادة، أدى الرئيس السوري بشار الأسد صلاة العيد أمس في جامع والده الرئيس حافظ الأسد الواقع قرب المباني التابعة للقصر الرئاسي في دمشق، بدلا من الجامع الأموي في دمشق القديمة، وسط إجراءات أمنية مشددة بدأ التحضير لها مسبقا. وفي غضون ذلك، واصلت قوات الأمن ضرب الاحتجاجات المناوئة للأسد، التي انطلقت في مدن عدة، مما أدى إلى مقتل 7 أشخاص على الأقل، بينما منعت إقامة الصلاة في بعض المناطق.
وذكرت قناة «الإخبارية» السورية إن الأسد ردد مع المواطنين السوريين خلال الصلاة «الله أكبر الله أكبر على المؤامرة الله أكبر على المتآمرين».
وبينما غابت عن البلاد عموما أجواء العيد، لتخيم أجواء من الحزن في معظم المناطق، وذلك بعد أنباء عن سقوط قتلى وعدد من المصابين خلال أكثر من 50 مظاهرة حاشدة بعد صلاة العيد في مدن ومناطق كثيرة, كان دعاء رجال الدين في كثير من الجوامع «لن نركع إلا لله».
إلى ذلك، أعلنت واشنطن أمس فرض عقوبات جديدة على النظام السوري، مستهدفة هذه المرة أبرز رموز النظام من المسؤولين عن التواصل الخارجي ومن أشد المدافعين عنه، وعلى رأسهم وزير الخارجية وليد المعلم، ومستشارة الأسد بثينة شعبان، وسفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم علي. وقال الناطق باسم دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، ارون سنايب، لـ«الشرق الأوسط»: وليد المعلم يواصل قرع الطبول بأن هناك مؤامرة دولية.. وبثينة شعبان عملت بوقا للنظام».
 
واشنطن تستهدف الوجه الخارجي للنظام السوري.. وتعاقب أبرز المدافعين عنه
مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط» : المعلم يواصل قرع الطبول.. وشعبان بوق النظام.. وعلي يرتبط باستخبارات دمشق
واشنطن: «الشرق الأوسط»
أعلنت الولايات المتحدة أمس فرض عقوبات جديدة على النظام السوري، مستهدفة هذه المرة أبرز رموز النظام السوري المسؤولين عن التواصل الخارجي، وعلى رأسهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ومستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان، وسفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم علي.
ويعد هذا آخر تطور في سلسلة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على النظام السوري منذ أشهر، وهي أول خطوة تتخذها الإدارة الأميركية منذ مطالبة الإدارة الأميركية قبل أكثر من أسبوعين بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وقامت وزارة الخزانة الأميركية أمس بإدراج اسم وزير الخارجية السوري المعلم ومستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية والإعلامية بثينة شعبان والسفير السوري علي عبد الكريم علي في لائحة العقوبات ضد المسؤولين السوريين لدى الولايات المتحدة. وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركي ديفيد كوهين «بناء على عقوباتنا التي تستهدف الحكومة السورية كلها، نحن نضع المزيد من الضغوط مباشرة على 3 من كبار مسؤولي نظام الأسد الذين هم من أبرز المدافعين عن أعمال النظام».
واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أن علي هو «الرابط السوري الأساسي إلى لبنان، فعلي عبد الكريم علي عمل سفيرا لسوريا لدى لبنان منذ مايو (أيار) 2009». وبموجب هذه العقوبات الجديدة، يتم تجميد أي ممتلكات لدى هذه الشخصيات الثلاث في الولايات المتحدة، كما يُمنع الأميركيون من التعامل التجاري معهم. وقال الناطق باسم دائرة الشرق الأوسط لدى وزارة الخارجية الأميركية ارون سنايب إن «هؤلاء الأشخاص الثلاثة من أشد المدافعين عن تصرفات النظام (السوري)، وسنواصل توسيع عقوباتنا لاستهداف الحكومة السورية ككل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «وزيرة الخارجية (الأميركية هيلاري) كلينتون قالت إننا في الولايات المتحدة وشركاءنا الدوليين، سنواصل الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام الأسد لنفرض على الرئيس التنحي والسماح للشعب السوري بتحقيق انتقال سلمي (للسلطة) يكون ديمقراطيا وعادلا ويشمل كل السوريين».
وقال سنايب إن «علي عبد الكريم علي أبقى روابط وثيقة مع الاستخبارات السورية خلال عمله الدبلوماسي، ووليد المعلم يواصل طرق الطبول بأن هناك مؤامرة دولية، ويحاول تغطية النشاطات الشنيعة للنظام من خلال ادعاءات بأن الإرهابيين مسؤولون عن عدم الاستقرار». وأضاف أن «بثينة شعبان عملت بوقا للنظام المضطهد لأكثر من 3 سنوات». ولفت سنايب إلى إمكانية فرض عقوبات جديدة مستقبلا، قائلا «سنواصل فرض عقوبات على مسؤولين سوريين كل على حدة، آخذين بعين الاعتبار دورهم في النظام ونشاطاتهم المحددة».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أصدر أمرا في مايو الماضي يفرض عقوبات على كبار رموز النظام السوري، لكن كان التركيز حينها على الجانب الأمني والمسؤولين الأمنيين. وفي 18 من الشهر الحالي، أعلن أوباما أشد عقوبات ضد الحكومة السورية تشمل المصرف المركزي السوري وقطاع النفط والغاز.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نبقى قلقين جدا من التطورات في سوريا»، مضيفا أنه لدى الولايات المتحدة خطط عدة للضغط على النظام السوري في الفترة المقبلة. وأضاف أن هناك ترقبا لفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الصادرات النفطية السورية، حيث إن 90 في المائة من الصادرات النفطية السورية تتوجه إلى أوروبا، كي تزداد تلك الضغوط. ومن الأرجح أن يصدر القرار من الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع المقبلة.
أما الجهود في الأمم المتحدة لإصدار عقوبات دولية فما زالت تراوح محلها مع المعارضة الروسية، وهناك تردد من دول أخرى في مجلس الأمن مثل لبنان من اتخاذ موقف واضح من مشروع القرار الأميركي – الأوروبي لفرض عقوبات وحظر للأسلحة على سوريا.
 
كاثرين آشتون تندد بالقمع في سوريا والهجوم على مسجد الرفاعي وعلي فرزات
الاتحاد الأوروبي: العقوبات على صادرات النفط ستكون جاهزة قبل نهاية الأسبوع
بروكسل: عبدالله مصطفى
جدد الاتحاد الأوروبي إدانته لما وصفه بـ«القمع الوحشي والعنف» من جانب النظام في سوريا ضد المدنيين، وفي الوقت نفسه قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، الجهاز التنفيذي للاتحاد، إن «الحظر المقرر فرضه من دول الاتحاد الأوروبي على واردات النفط من سوريا سيكون جاهزا قبل نهاية الأسبوع».
ونددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بالقمع «الوحشي» للمظاهرات في سوريا وعبرت عن «قلقها العميق» إزاء أحداث القتل..
وقالت المتحدثة باسم أشتون في بيان إن «الممثلة العليا تعبر عن قلقها العميق إزاء استمرار العنف الذي يمارسه النظام السوري ضد متظاهرين مسالمين وناشطين في مجال حقوق الإنسان والشعب السوري بمجمله».
وأضاف البيان «إنها تجدد إدانتها الشديدة للقمع الوحشي».
واعتبرت أشتون خصوصا أن الاعتداء الأسبوع الماضي على رسام الكاريكاتير علي فرزات «كان أحد الأمثلة على الانتهاك المعمم لحقوق الإنسان» في سوريا. وتابعت «الكثير من الناشطين الآخرين والأحرار في الفكر ومدافعين عن حقوق الإنسان تعرضوا لأعمال همجية مماثلة في ازدراء لحقوق الإنسان وبينها حالات تعذيب مفترضة».
وأدانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أيضا الهجوم على مسجد الرفاعي في غرب دمشق السبت معتبرة ذلك «دليلا آخر على العنف العشوائي لأجهزة الأمن السورية».
وفيما كانت أشتون تنشر بيانها أمس قتلت قوات الأمن سبعة أشخاص خلال تفريق مظاهرات نظمت في عدة مدن عند الخروج من المساجد في اليوم الأول من عيد الفطر.
وكان الاتحاد الأوروبي قد شدد الأسبوع الماضي العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإضافة 15 شخصا وخمس مؤسسات للقائمة السوداء الخاصة بحظر السفر وتجميد الأصول.
وقال دبلوماسيون في بروكسل إن ذلك سيتبع سريعا بحظر نفطي وحصل القرار على الموافقة على المستوى الفني أول من أمس. وكانت أشتون قد أعلنت في 19 أغسطس (آب) أنه تم «التوصل إلى اتفاق سياسي بين الدول الأعضاء على توسيع نطاق العقوبات ضد دمشق، من خلال فرض حظر على واردات النفط الخام السورية إلى الاتحاد الأوروبي»، ومن بين التدابير الأخرى التي أعلنت عنها أشتون كذلك، تعليق المساعدة التقنية التي يقدمها بنك الاستثمار الأوروبي في دمشق، وتجميد الأصول وحظر تأشيرات الدخول «للمؤيدين والمستفيدين من النظام، وليس فقط لأولئك المتورطين بشكل مباشر في أعمال العنف في البلاد أو مرتكبيه».
وفي غضون ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل، الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، أن الحظر المقرر فرضه من دول الاتحاد الأوروبي على واردات النفط من سوريا سيكون جاهزا قبل نهاية الأسبوع.
وأوضح جون كلانسي المتحدث باسم المفوضية أنه «ينبغي الانتهاء من عملية وضع الصيغة النهائية للعقوبات، قبل انعقاد مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي بشكل غير رسمي في سوبوت ببولندا يومي الجمعة والسبت» القادمين، ولفت إلى أن «السيناريو المثالي سيكون في الموافقة الرسمية على العقوبات صباح يوم الجمعة عن طريق إجراء كتابي».
 
حرب الشعارات تنطلق على الجدران.. بين «بخاخي» الثورة والنظام
العبارات الأكثر تكرارا للثوار السوريين: «ارحل يا بشار».. والشبيحة ورجال الأمن يردون «ربكم بشار»
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
حدثت جلبة كبيرة في المدرسة، عندما تم اقتياد إحدى الطالبات في الصف الحادي عشر من قاعة الدرس إلى غرفة الإدارة ليتم اعتقالها من قبل رجال الأمن، كان للحدث وقع الفضيحة بما صاحبه من شائعات وتقولات انتشرت بسرعة البرق همسا، لم يجرؤ أحد على الكلام والسؤال العلني، حتى الإدارة تكتمت على أسباب اعتقال الطالبة، ليعلم لاحقا وأيضا همسا أن الطالبة المشتبه بها، وراء كتابة بالطبشور (حوار) وجدت على باب دورة المياه من جهة الداخل المخصصة للمدرسين هي عبارات مناهضة لنظام الرئيس حافظ الأسد ومؤيدة للنظام العراقي.
حصل هذا أواخر الثمانينات ولا تزال تتذكر أمل تلك الحادثة، فالطالبة التي اعتقلت كانت صديقتها المقربة، وتعلم كل تفاصيل حياتها، وفوجئت بتوجيه اتهام سياسي لها، لأن جل اهتمامها كان متابعة أخبار الفنانين والموضة في مجلات المنوعات حينذاك. بعد الحادثة منعت أمل من السؤال عن صديقتها التي سيفرج عنها بعد عدة سنوات، فقدت خلالها مستقبلها الدراسي وتحولت إلى شخص منبوذ اجتماعيا، حتى أهلها قلة من الجيران حافظوا على التواصل معهم.
أمل التي تعد اليوم من أشد المؤيدين للثورة السورية تعيش في بلد عربي وتتابع أخبار بلادها بكثير من الألم تقول لـ«الشرق الأوسط» كان بإمكان مستخدم المدرسة الذي اكتشف العبارة «محوها بكفه وأن يجنب صديقتي كل تلك المآسي»، لكن في ذلك الوقت كان «كل مواطن سوري مخبرا للأمن حتى يثبت العكس».
تتذكر أمل تلك الحادثة التي غيرت مجرى حياة صديقتها وتقول «المفارقة أن كتابة على جدران المدرسة من الخارج وبالدهان البخاخ غير مجرى تاريخ سوريا»، في إشارة إلى الكتابة على جدران المدرسة في درعا «الشعب يريد إسقاط النظام» و«اجاك الدور يا دكتور» واعتقل على خلفيتها أطفال صغار وكان تعرضهم للتعذيب الوحشي شرارة الثورة السورية.
وتؤكد أمل أن «كل شعار يكتب اليوم على الجدران في الشوارع السورية هو رد اعتبار لصديقتي التي حرمت من لقائها والسؤال عنها بل رد اعتبار لكل سوري قطع لسانه ليكون شاهدا أخرس على فظائع الديكتاتورية التي حكمتنا».
لهذا يرى فداء، ناشط من تلكلخ، أن «كل ما يكتبه الإعلام عما يجري في سوريا سيبقى ناقصا ما لم ترصد كاميرا الإعلام الساحات والشوارع التي تشهد مظاهرات، قبل وبعد اقتحام الجيش والأمن»، ويضيف فداء على صفحته في موقع «فيس بوك» «الجدران التي يصفها المثل الشعبي بألواح المجانين غيرتها الثورة وباتت مدونة أو صحفا نقرأ فيها توجهات وآراء ومواقف الشارع وأيضا الردود عليها».
يلاحظ مراقبون أن أول شيء يفعله الجيش لدى اقتحامه لأي مدينة احتلال الساحات وإغلاقها، والمسارعة إلى طمس الكتابات الموجودة على الجدران، واستبدالها بشعارات مناقضة. ويشير المراقبون إلى أن الإعلاميين الذين ذهبوا في الرحلات التي نظمتها السلطات إلى بعض المناطق مثل جسر الشغور وحماه ودير الزور لم يسمح لكاميرات الإعلام بالوصول إلى الساحات التي كانت تشهد مظاهرات واعتصامات، بل كانوا يأخذون إلى أحياء نظيفة وهادئة ولا أثر فيها لأي دليل يشير إلى وجود محتجين فيها.
لكن الزائر لتلك المدن سيدهش من كم الكتابات التي تملأ الساحات والتي تبدأ بشعارات «الشعب يريد إسقاط النظام» ولا تنتهي عند حد توجيه أقذع الشتائم لرموز النظام ومطالبتهم بالرحيل، مع استخدام عبارات ساخرة ورسوم كاريكاتيرية، والتي تتناثر متباعدة على امتداد الجدران في الشوارع الرئيسية لتتكثف في الساحات، مشكلة لوحة سريالية من كلمات منها ما كتب على عجل ومنها ما رسم بتأن وإتقان، تمتد لترسم على الإسفلت وكل موجودات الشارع من حاويات قمامة وأعمدة مصابيح الكهرباء ولوحات الإعلان التجارية، وفي بعض يكتب على الحاويات «رحم فلانة» وفلانة تكون أم أحد رموز النظام، أو منزل فلان وهكذا.
إلا أن العبارة الأكثر تكرارا أو تأكيدا «ارحل يا بشار» وتتبع العبارة بصفات مشينة أو برسائل واضحة المعاني «ما منحبك ما منحبك ارحل عنا أنت وحزبك» أو تحوير اسم الرئيس بشار إلى بشارون على وزن شارون، وكلام آخر يتهم النظام بالكفر والإلحاد، ويدين الإجرام والقتل.
ومنذ انطلقت الثورة في سوريا كان هناك مجموعات من الشباب على موقع «فيس بوك» سموا أنفسهم بالبخاخين أي الذين يقومون ببخ الشعارات على الجدران، وكانت البداية مع دعوات إلى بخ عبارات واحدة في وقت واحد في مناطق متفرقة من البلاد. لبعث رسالة للسلطة بأن هناك شرائح واسعة في كل البلاد تناهضه، كما ظهر كثر يستخدمون أسماء مستعارة لناشطين مشتقة من هذه التسمية مثل البخاخة السورية أو البخاخ السوري أو بخاخ مندس.. إلخ.
وفكرة البخاخ استلهمت بالأساس من المسلسل السوري الكوميدي «بقعة ضوء» الذي تضمن لوحة لاقت نجاحا منقطع النظير اسمها «الرجل البخاخ»، الذي يملأ جدران المدينة بعبارات احتجاجية ويدوخ أجهزة الأمن دون أن تتمكن من القبض عليه، فيتم منع الدهان البخاخ وكل من يشتريه يصبح موضع شبهات.
ولعل هذه اللوحة التي قدمت قبل عدة أعوام تعكس جانبا مما يجري اليوم على الساحة السورية، حيث باتت الدهانات البخاخة من ضمن عتاد الأمن والشبيحة خلال الاقتحام، فيتم تغطية الكتابات المناهضة واستبدالها بعبارات للرد على عبارات الثوار بأقذع منها، بل تصل إلى حد الإلحاد، مثل عبارات «ربكم بشار» وهذه تنتشر في المناطق المعروفة بتزمتها الديني مثل تلكلخ والرستن وتلبيسة وبانياس وجسر الشغور وحماه، ورب «العرب بشار» فهذه في المناطق ذات الكثافة البدوية التي توجد فيها عشائر لها امتدادات عربية، أما العبارات المعتدلة - في عرف النظام - فهي «سورية الأسد».. إلخ.
وما بين كر وفر كل فريق يقوم بمسح عبارات الفريق الآخر. فعندما يكر المتظاهرون إلى مواقعهم، يمسحون كلمة الأسد ويبقون على كلمة سوريا. وعلى جدران الجوامع وأبواب المحلات يكتبون ما يكيد الأمن والشبيحة «عرعور يا كايدهم»، وفي الفر وتقدم الشبيحة يتم العكس تستبدل الكلمات لتنقلب المعاني، وهكذا يضيع لون الجدران تحت خرابيش غالبا سوداء وحمراء وخضراء، ينثرها بخاخون محتجون وشبيحة غاضبون، ليأخذ وجه المدن والقرى لونا جديدا لا يمت للجمال بصلة وإنما للحرية والتحدي، مشهد يتجاوز في دلالاته الكيديات والتحديات والقمع، ليظهر أهمية الكلمة وقوتها كسلاح ثوري أمام عسف النار والحديد. فعندما كتب أحد الناشطين الشباب على باب محل وسط دمشق في أحد أيام الجمع كلمة «حرية» استنفر جهازا أمنيا بكامله واعتقل أكثر من 10 أشخاص بشبهة البخ على الجدران.
 
منظمة لحقوق الإنسان تحث أنقرة على تحسين ظروف 7 آلاف لاجئ سوري وتدعو إلى حمايتهم دوليا
«الشبكة الأوروبية ـ المتوسطية» استنكرت منع وسائل الإعلام ومفوضية اللاجئين من زيارتهم
حثت بعثة الشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان إلى المخيمات التركية، الحكومة التركية على منح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين «إمكانية الوصول الكامل إلى المخيمات والسماح للسوريين بالتقدم بطلبات للحصول على وضع لاجئين مع توفير الحماية الكاملة لهم وفقا للاتفاقيات الدولية»، معتبرة أن «اللاجئين السوريين هناك بحاجة إلى حماية دولية».
وكان وفد من الشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان، وهي شبكة تتألف من 80 منظمة تعنى بحقوق الإنسان وموزعة في دول حوض البحر المتوسط، قد زار اللاجئين السوريين في مهمة ميدانية لتقييم وضعهم في المخيمات الموجودة في جنوب تركيا، وذلك في الفترة الممتدة من 22 إلى 28 أغسطس (آب)، وأفاد في تقريره بأن «الآلاف من السوريين، رجالا ونساءً وأطفالا، عبروا الحدود إلى داخل تركيا، فرارا من الهجمات العسكرية والأمنية على مدنهم وقراهم في أعقاب المظاهرات المناهضة للحكومة التي تستمر في البلاد منذ مارس (آذار) 2011، وينتمي معظم اللاجئين إلى بلدة جسر الشغور والقرى المحيطة بها، التي خلت تقريبا من سكانها بعد أن هددت الحكومة السورية علنا باقتحامها، كما وصل مؤخرا عدد من سكان حماة واللاذقية».
وأوضحت البعثة أن «هناك اليوم ما يقارب الـ7000 لاجئ سوري يقيمون في ستة مخيمات تنتشر في محافظة هاتاي الحدودية»، وأضافت «لقد أفاد اللاجئون الذين قابلتهم الشبكة بأن الجيش التركي يعاملهم معاملة حسنة على المعابر الحدودية غير الرسمية، حيث تُسجَّل المعلومات الخاصة بهم ثم يُنقلوا إلى مخيمات خاصة تديرها جمعية الهلال الأحمر التركي».
في المقابل، استنكرت البعثة «عدم السماح للمفوضية العليا للاجئين بالوصول بشكل منتظم إلى المخيمات»، لافتة إلى أن «من سُجِّلوا كطالبي لجوء هم فقط القلة القليلة من السوريين الذين تمكنوا بصعوبة من الوصول إلى مكتب المفوضية في أنقرة». وأضافت البعثة أن «تركيا لم تسمح لوسائل الإعلام بزيارة المخيمات، باستثناء زيارة في يونيو (حزيران) الماضي في حدود ضيقة، كما لم تسمح لمنظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية أيضا بالزيارة، بما في ذلك منسقية حقوق اللاجئين»، داعية الحكومة التركية بقوة «لأن تسمح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالوصول من دون قيود إلى المخيمات، وبتسجيل اللاجئين الذين يرغبون في ذلك وفقا للاتفاقيات الدولية».
كما حثت الشبكة أنقرة على «إعادة النظر في سياساتها، والسماح لوسائل الإعلام بالوصول إلى اللاجئين، شرط استيفاء الضمانات الأمنية، فضلا عن إشراف منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية على كيفية تشغيل وإدارة المخيمات»، معتبرة أن «هذا من شأنه تلبية مطالب اللاجئين، لا سيما أن البعض منهم أشار إلى ظروف صعبة، ومشكلات في المياه والصرف الصحي، وعدم كفاية الرعاية الطبية في بعض الأحيان».
وقالت الشبكة «كما نحث الحكومة التركية على سن لوائح واضحة تسمح للاجئين برحلات يومية خارج المخيمات، حيث إن تلك الرحلات سُمح بها على نحو عشوائي حتى الآن، وقد بات العديد من اللاجئين يشعرون وكأنهم محتجزون في سجن، وهو أمر من المرجح أن يزيد من حدة التوتر داخل المخيمات».
 
«هيت» السورية «مدينة أشباح».. و الأمن يطلق النار على الدواجن والأبقار
قذيفة على بلدة المونسة اللبنانية والذعر يسيطر على الحدود
بيروت: بولا أسطيح ويوسف دياب
خلت بلدة هيت السورية الواقعة قرب الحدود اللبنانية من أهلها تماما بعد العمليات الواسعة التي شنتها قوات الأمن السورية بمساندة الجيش أول من أمس. البلدة التي ما زالت تشهد طوقا أمنيا مشددا حولها يمنع أهلها الذين غادروها إلى القرى اللبنانية الحدودية من العودة إليها، استهدفت حتى الأبقار والدواجن فيها؛ إذ نقلت مصادر ميدانية أن «الشبيحة أحرقوا مزارع الدواجن ليلة أول من أمس كما أطلقوا النار على الأبقار والمواشي». وقالت المصادر: «البلدة أصبحت أشبه بمدينة أشباح بعد أن غادرها كل سكانها دون استثناء».
وكانت حصيلة العمليات العسكرية في البلدة التي أسفرت أول من أمس عن وقوع 5 قتلى ونحو العشرة جرحى، ارتفعت لتشمل 7 قتلى بعدما توفي اثنان من الجرحى أمس جراء إصاباتهم البالغة. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»: «عندما ذهب أهالي القتلى لتسلم جثث أبنائهم، اشترطت قوات الأمن السورية أن يوقعوا على أوراق تفيد أنهم قتلوا جراء أزمات قلبية وأن الدفن يجب أن يتم خارج البلدة، وعندما وافق الأهالي ادعت قوات الأمن أن الجثث ليست عندها».
ويتوزع أهالي هيت على البلدات اللبنانية الحدودية؛ وادي خالد وأكروم والنصوب. وهم يشددون على أنهم لن يعودوا إلى بلدتهم في حال بقيت الأوضاع الأمنية على ما هي عليه. ويقول أحد أبناء هيت الذي رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستهدفون وبلدتنا مستهدفة لأننا ضد النظام.. هذه تهمتنا الوحيدة، ولطالما كانت الأنظار متجهة صوبنا للانقضاض علينا عندما تسمح الظروف. وهذا ما حصل».
ويتوقع خضر خليفة، أحد أبناء هيت، أن يكون السبب الرئيسي للعملية الحاصلة في بلدته «تحريض أهالي القرى المجاورة الموالية للنظام للشبيحة على ضرب هيت»، ويضيف: «نحن لن نترك بلدتنا مهما فعلوا كما أننا لن نسامح من أطلق النار على إخوتنا ولن نقبل بأقل من محاكمة السفاحين».
بدوره، يشرح محمد أبو حولي تفاصيل ما جرى أول من أمس ويقول: «في نحو الساعة السادسة والنصف صباحا هاجمت القوات السورية هيت من 3 اتجاهات؛ شمالا، وجنوبا، وشرقا، وأغلقت كل المنافذ والمخارج وقامت بإطلاق النار على كل من كان يحاول الخروج من بيته»، ويضيف: «هم يعلمون تماما أننا كأبناء هيت غير موالين للنظام، لذلك اعتدوا علينا، ولكن ما لا نفهمه هذا التعاطي الإجرامي معنا. عملياتهم تتخطى بأبعادها الإجرامية الإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. لماذا يحرقون أراضينا ومواشينا. وما الغاية من إطلاق النار على الأبقار؟».
في المقابل، وفي الناحية اللبنانية، استيقظ أهالي المناطق الحدودية صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك على دوي سقوط قذيفة صاروخية مصدرها الجانب السوري على بلدة المونسة اللبنانية الحدودية وبالتحديد على منزل حسن محمد خليفة. وعلى الرغم من سعي فعاليات البلدات الحدودية لاعتبار أن القذيفة سقطت نتيجة إطلاق النار العشوائي الذي تقوم به القوات السورية، فإنه لم يتردد عدد كبير منهم في الإعراب عن خشية حقيقية من أن تكون القوات السورية توجه رسائل لأبناء القرى اللبنانية الذين يستضيفون النازحين السوريين وبعض المطلوبين من قبل النظام.
وفي هذا الإطار، يقول ابن بلدة المونسة اللبنانية أحمد خليفة: «سقوط القذيفة على بلدتنا ليس بالأمر البريء؛ فلا جبهة لتسقط علينا قذيفة عن طريق الخطأ ولا مواجهات على الحدود». ويأسف خليفة «لغياب الدولة اللبنانية بالكامل عن تطور الأوضاع شمالا»، مؤكدا أنه «لا أحد زار موقع سقوط القذيفة أو حقق في الموضوع»، ويضيف: «وكأن المطلوب اليوم أن يحمي كل مواطن لبناني نفسه مع ترسيخ مفهوم غياب الدولة فعليا».
وكان الذعر قد سيطر على أبناء القرى والبلدات الحدودية اللبنانية صبيحة يوم العيد مع سقوط القذيفة على بلدة المونسة واعتبار أنفسهم مستهدفين لأن هناك نقمة عليهم من قبل القوات السورية لأنهم يسعفون اللاجئين إليهم.
 
قيادي كردي سوري شارك في مؤتمر إسطنبول: المجلس الانتقالي لا يمثلنا
اليوسف لـ «الشرق الأوسط»: مجلسنا سيكون الإطار الأشمل لقيادة المرحلة المقبلة
أربيل: شيرزاد شيخاني
قال كردي سوري شارك في مؤتمر إسطنبول الأخير إن المجلس الانتقالي الذي أعلن عنه مؤخرا «لا علاقة له بمؤتمرنا، وأن المؤتمر تداول في هذه المسألة، أي تشكيل مجلس انتقالي وطني لقيادة المرحلة المقبلة من النضال السوري ضد النظام الحالي، ولكن بسبب استمرار المشاورات لتحديد الأسماء سيتأخر الإعلان إلى أسبوعين آخرين ريثما يتم الاتفاق على أعضاء المجلس».
وقال القيادي في حزب الـ«يكيتي» الكردي عبد الباقي اليوسف في تصريح خص به «الشرق الأوسط»، إثر عودته من تركيا: «إنه كانت هناك أثناء مناقشات المؤتمر دعوة لتشكيل مجلس انتقالي على غرار ما حصل في ليبيا من أجل قيادة الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وتم الاتفاق على أن تكون الأسماء المرشحة له من القيادات الوطنية، وبالأخص من الشخصيات العلمية والكفاءات البارزة التي لها دور في الحياة السياسية والنضالية، وتوصل المؤتمرون إلى قرار بضرورة تشكيل ذلك المجلس، ولكن بعد دراسة الوسائل لاختيار وتحديد الأسماء، ولكننا في المكون الكردي المشارك بالمؤتمر طلبنا عدم الاستعجال في هذه المسألة، وإعطاء المزيد من الوقت للمداولات وتبادل الرأي بين كافة الأطر، لضمان إشراك الشخصيات الوطنية المهمة والفاعلة في ذلك المجلس».
وأضاف اليوسف: «تقرر في الاجتماع أيضا أن يبادر المؤتمر بتشكيل المجلس الوطني الانتقالي لقيادة المرحلة المقبلة من المواجهة مع السلطة، بالتنسيق مع قيادات الداخل والتنسيقيات المختلفة لضمان أكبر مشاركة شعبية وسياسية في المجلس، ولكننا تفاجأنا بالإعلان عن تشكيل مجلس انتقالي من أشخاص تفاجأ معظمهم مثلنا بإدخال أسمائهم في لائحة المشاركين بالمجلس، ولذلك أصدرنا نحن أطراف مؤتمر إسطنبول بيانا أكدنا فيه أن هذا المجلس لا يمثلنا، وأن جهودنا ما زالت متواصلة للبحث في تشكيل مجلس انتقالي يضم كافة المكونات والشخصيات والتنسيقيات، وهذا ما سيأخذ بعض الوقت قبل الإعلان عن المجلس الوطني الانتقالي».
وأشار اليوسف إلى أن «المؤتمر كرس جلسة خاصة للتداول بشأن القضية الكردية في سوريا، وجرى تقييمها بشكل إيجابي من قبل المؤتمرين، وتقرر تثبيت ما جاء في مبادرة الأحزاب الـ11 الكردية التي سبق أن طرحت موقفها من الوضع السوري واعتماد سبل ديمقراطية لحل القضية الكردية في سوريا».
من جهته، قال شلال كدو، عضو قيادة حزب اليسار الكردي السوري، إن هدف الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي «هو ركوب الموجة وفق أجندات إقليمية». وقال: «مما لاشك فيه أن الإعلان الارتجالي عن (المجلس الوطني الانتقالي السوري في أنقرة) الأحد الماضي، لعبة تندرج في إطار الركوب على موجة الثورة السورية وفق أجندات إقليمية مشبوهة، إذ تدفع تركيا الوضع في هذا الاتجاه كما هو واضح، بهدف إرباك المعارضة السورية، ودق إسفين بين تياراتها وإحداث انقسامات في صفوفها، فضلا عن خلق انطباع لدى الرأي العام الدولي، بأن المعارضة غير مؤهلة لقيادة الثورة السورية، وبالتالي لا بديل عن الحفاظ على نظام البعث الحالي للاستمرار في حكم البلد، أو تشكيل ائتلاف بينه وبين بعض التيارات الإسلامية على أحسن تقدير».
وانتقد القيادي الكردي نسبة التمثيل الكردي في المجلس، وقال: «إن التمثيل الكردي الوارد في هذا المجلس بثمانية مقاعد، لا يعكس حقيقة الثقل السكاني الكردي في سوريا، مما يعزز الاعتقاد بوجود توجهات عنصرية وشوفينية من قبل القيمين على هذه التشكيلة، ورضوخهم لأوامر وتعليمات صادرة عن جهات معادية للشعب الكردي في سوريا، إذ لا يُعقل أن يُمثّل المكون الكردي بثمانية مقاعد من أصل خمسة وتسعين مقعدا، مع العلم أن نسبة الأكراد في سوريا تبلغ 15 في المائة من مجموع السكان. كما لا يجوز تحت أي حجج أو ذرائع إقصاء المكون الكردي من مشاورات متعلقة بتشكيل مجالس وهيئات وأطر للمعارضة، سواء أكان في الداخل أو في الخارج، لا سيما أن الحركة السياسية الكردية منظمة في إطار واحد، تحت اسم (أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا)، ولها شخصيتها المرموقة، وهي معروفة من قبل الجميع، وبالإمكان التواصل معها حول هكذا أمور مصيرية تهم مستقبل البلاد».
وأشار إلى الأسماء التي وردت للعمل ضمن المجلس الانتقالي، قائلا: «الطريف في هذا الأمر، هو إقحام أسماء شخصيات ومناضلين وناشطين في مجالس أو هيئات دون علمها، ووضعها تحت الأمر الواقع لفرض أجندات تنطلق من العاصمة التركية أنقرة، وفق مبدأ «إن لم تكن معي فإنك ضد الثورة» على المشهد السوري المضطرب، وتثبت هذه الطريقة والآلية العشوائية لاختيار الأسماء إرباكا في الموقف التركي تجاه الوضع في سوريا، وتعاطيها الانتهازي مع ثورة الشعب السوري، التي قد تحول سوريا إلى دولة تعددية ديمقراطية يحصل فيها كل مكوناتها على كامل حقوقهم».
 
سوريون يبدون ارتياحهم لتعيين برهان غليون رئيسا للمجلس الانتقالي
يعتبرونه «مثقف الثورة».. ويتابعون ما ينشره على «فيس بوك»
بيروت: «الشرق الأوسط»
قبل بدء الانتفاضة السورية كان اسم المفكر والباحث السوري برهان غليون منحصرا في أروقة النخبة وصالونات المثقفين يتداولون أفكاره حول الدولة والعلمانية والديمقراطية، يختلفون مع بعضها ويوافقون على أخرى. لكن ما إن اشتعلت المظاهرات المطالبة بإسقاط حكم بشار الأسد في كل مدن ومناطق سوريا منذ 15 مارس (آذار) الماضي حتى صار اسم المعارض السوري الأكثر تداولا في أوساط الشباب السوري المنتفض. فبعد ظهوره المتكرر على العديد من الفضائيات وتوجيهه انتقادات لاذعة لممارسات النظام السوري بأسلوب ذكي وواضح، أصبح السوريون ينتظرون إطلالاته التلفزيونية ويتابعون مقالاته في الصحف العربية، إضافة إلى متابعتهم لبياناته التي ينشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قبل كل يوم جمعة، إذ شعر معظم المعارضين أن الرجل يعبر عن مطالبهم بطريقة فعالة، بعيدا عن الشتم والابتذال. وبمنطق عقلاني لا يستخدم التحريض أو التجييش ضد أحد، كما يلتزم بأخلاقيات العمل السياسي.
وأبدى العديد من السوريين ارتياحهم لانتخاب غليون الذي يتحدر من مدينة حمص ومن عائلة عريقة لها حضورها في نسيج المدينة المحاصرة بدبابات الجيش السوري منذ مدة، رئيسا للمجلس الانتقالي فيما شكك آخرون في فعالية هذا المجلس في ظل الصمت الدولي والإقليمي المدوي. فرأى طارق وهو طالب هندسة عمارة بجامعة دمشق أن «غليون يحظى باحترام كبير من قبل الشعب السوري وهو متعلم وحاصل على شهادات عليا ويستطيع أن يلعب دورا سياسيا، نتيجة خبرته الطويلة في العمل السياسي والفكري، فضلا عن أنه معارض شريف لم تتلوث يداه بأي مال خارجي ولم يلق أي دعم مشبوه».
أما رهام، التي فضلت عدم ذكر عملها وأعطتنا اسما مستعارا خوفا من مساءلة أمنية ما، فقالت «ليست المشكلة في الدكتور برهان نحن نثق به، المشكلة في بقية الأعضاء هل سيكونون على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم أم سيتلهون بالمهاترات والمشكلات الهامشية؟ هذا سؤال أساسي خاصة مع وجود أسماء داخل المجلس لا تستحق أن تكون هناك بسبب تاريخها المخزي وسوء الرؤية السياسية لديها».
يذكر أن برهان غليون هو أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون في باريس. وحاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الإنسانية وأخرى في علم الاجتماع السياسي. كما وضع العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية أهمها «بيان من أجل الديمقراطية»، و«المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات»، و«مجتمع النخبة»، و«اغتيال العقل»، و«نظام الطائفية»، و«من الدولة إلى القبيلة»، و«الاختيار الديمقراطي في سوريا»، إضافة إلى العشرات من المؤلفات الجماعية ومن الدراسات والتحليلات السياسية والاجتماعية المنشورة في المجلات العلمية والصحافة اليومية.
غادر غليون سوريا في أواخر السبعينات بعد أن تم تعيينه في أرشيف أحد مؤسسات القطاع العام ليجد الشاب العائد من باريس والحاصل على شهادة في العلوم الإنسانية نفسه عاطلا عن العمل بالمعنى الفعلي وسيتم تدمير مستقبله العلمي لو بقي في سوريا.
بدأ صراع غليون مع النظام السوري بالمعنى السياسي لحظة توقيع مجموعة من المثقفين بيانا يدين دخول الجيش السوري إلى لبنان سنة 1975 وضربه لمنظمة التحرير الفلسطينية، كان غليون من بين الموقعين مما كلفه الكثير من المضايقات حينها. تابع الرجل نشاطه المعارض بعد أن استقر في باريس، وسمح له بزيارة سوريا عام 2000 وتم استدعاؤه لأكثر من فرع أمني. وكان غليون قد صرح منذ مدة لوكالات الأنباء بأن «المعارضة جاهزة لملء الفراغ في حال سقوط النظام وهي جاهزة لتشكيل الحكومة». وأضاف «أتصور أن من يتابع المعارضة السورية يرى إجماعا على رؤية موحدة لقيام سوريا الدولة التي تساوي بين مواطنيها وتحترم حقهم في العمل والمساواة والحرية، والمعارضة واضحة في هذا، والمطلوب وجود قادة قادرين على اتخاذ القرارات لتدير البلاد».
 
الحياة اليومية في دوما.. هدوء صباحا ومظاهرات وقمع ليلا
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
تكشف مدينة دوما الواقعة في ريف دمشق عن وجهين، ففي الصباح تبدو هادئة بمتاجرها التي تعج بالزبائن ولكن عندما يحل المساء تغلي بالعنف لدى خروج المتظاهرين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد وقيام قوى الأمن بقمعهم.
ففي شارع القوتلي، الشارع التجاري الرئيسي للمدينة، تقوم النسوة عشية عيد الفطر بالتبضع وشراء الحلويات فيما يقوم الباعة بخدمة زبائنهم بكل مودة. وتشهد الطرق في المدينة حركة كثيفة للسيارات وسط أصوات الأبواق.
هذا ما تبدو عليه المدينة ظاهريا، إلا أنه يكفي رؤية نقاط التفتيش عند مداخل هذه المدينة الزراعية التي تقع على بعد 30 كلم شمال العاصمة ومشاهدة الجدران للاستنتاج أن الأمور تجري عكس المشهد السائد، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وبحسب السكان فإن أكثر من 300 مدني و45 عسكريا وعنصر أمن قضوا في المدينة منذ بداية موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام في منتصف مارس (آذار) الماضي. وهناك عبارات عدائية ومناهضة لنظام الأسد كتبت بالطلاء الأسود كما ألصقت أوراق نعي لأربعة «شهداء» بينهم سيدة قتلوا في الثاني عشر من أغسطس (آب). وكتب على هذه الملصقات عبارة «لا نركع إلا لله» داعية السكان إلى تهنئة عائلات الضحايا «الذين قتلوا على يد مجرمي الأمن وشبيحة (عناصر موالية للنظام) الأسد».
وعلى الرصيف المقابل، همس أحد الأشخاص إلى مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية بينما كان مستندا على واجهة متجر «هذا المساء سنقوم بحرق كل شيء». لم يكن ذلك مجرد تهديد إذ تم حرق القصر العدلي ثلاث مرات منذ أبريل (نيسان)عندما ألقيت عليه قنابل يدوية. واكتست بالرماد الأسود جدران هذا المبنى الذي يعود تاريخ بنائه إلى الثلاثينيات، كما سقط السقف وتهشمت النوافذ. كما بدت آثار الحريق على أطراف المستندات الورقية التي يستخدمها الموظفون. وقال كاتب العدل نايف عازار «إن من قام بذلك هم رجال ملثمون» مؤكدا أنهم «أرادوا إتلاف ملفاتهم الجنائية». وأوضح «إنهم يندسون بين المتظاهرين السلميين المطالبين بإصلاحات لكي يقوموا بهذه الأعمال الإجرامية».
ويشكل القصر العدلي الهدف الرئيسي للمحتجين كونه المكان الذي يشهد إحالة قسم من المتظاهرين للقضاء.
من جهته، أكد المدعي العام عبد الكريم خضير (45 عام) «منذ بداية الأحداث قمت باستجواب نحو 500 مشتبه بهم تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 60 عاما الذين نفوا جميعا اشتراكهم بالمظاهرات». وأضاف «لقد اقسموا بأنهم اعتقلوا بينما كانوا في أسرتهم أو فيما كانوا يتبضعون في المتاجر».
وإن كان الكثير من سكان دوما يخشون التحدث فإن رجلا مسنا ملتحيا لم يخف غضبه. ويروي عمر بوضاني «لقد اقتحم الشبيحة منزلي يوم السبت وسحبوني من سريري أمام زوجتي وعندما سألتهم إلى أين تأخذونني وأنا أبلغ من العمر ثمانين عاما، أجابني أحدهم سنعتقلك ولو كان عمرك مائة عام، عندها أجبته: أطلق علي النار وسأكون عندها شهيدا». وأضاف «لقد أخذوا مالي رغم أنني قلت لهم إنه يعود إلى تبرعات جمعتها لصالح جمعية خيرية».
وفي مقر بلدية دوما حيث علقت صور عملاقة للرئيس السوري، أقر رئيس البلدية علي حيباني (30 عاام) الذي تم تعيينه من قبل رئيس الدولة في منتصف أبريل أن «مهمته صعبة». وقال «إن كان للمدينة وجهان فأنا لا أتكلم إلا بوجه واحد أمام الجمهور الذي أحاول إقناعه بأن الرئيس الأسد مصمم على إجراء إصلاحات». إلا أن حديثه لا يجدي نفعا على ما يبدو نظرا لأعداد المتظاهرين الذي يخرجون إلى شوارع دوما للمطالبة برحيل الرئيس.
 
شريط فيديو يظهر مؤيدي النظام السوري يتعرضون للسفير الأميركي في دمشق
الخارجية الأميركية تقلل من شأن الحادث.. والإعلام يهتم به
واشنطن: مينا العريبي
يظهر شريط فيديو بثته قناة «الدنيا» السورية وتم تناقله عبر موقع «يوتيوب»، تعرض السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، لملاحقة ومضايقة من عدد من أنصار النظام السوري. وبعد أن حرصت الإدارة الأميركية على إظهار فورد وهو يتحدث مع معارضين للنظام السوري في حماه وبعدها في بلدة جاسم، يأتي هذا التسجيل في محاولة من النظام السوري لإظهار معارضة بعض السوريين لوجود فورد بين المتظاهرين.
ويصور الشريط، الذي انتشر بعد أن أعاد بثه موقع مجلة «فورن بوليسي» الإلكتروني، أمس، عشرات من المتظاهرين الهاتفين تأييدا للنظام السوري والرئيس السوري، بشار الأسد. وكان فورد واقفا بالقرب من تجمعهم أمام نقابة المحامين، ليلتفت عدد منهم فجأة إليه ويهتفون ضده، مما دفعه للتحرك بسرعة مع سيدة مرافقة له ورجلي أمن إلى سيارته. ولاحق المتظاهرون فورد بينما حاول أحد المتظاهرين لفه بملصق كبير عليه صورة الرئيس السوري. ويدخل فورد سيارته قبل أن يعلق الملصق حوله، ولكن المتظاهرين كانوا يحيطون بسيارته. وقلل مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية من أهمية الخبر، معتبرا أن الحادث لم يعرض السفير لخطر حقيقي.
ويأتي تعرض السفير الأميركي لهذه المضايقة بعد شهر من تعرض مبنى السفارة الأميركية في دمشق إلى رشق بالحجار والبيض، مما أثار غضب الأميركيين حينها، وأدى إلى تقديم احتجاج رسمي إلى السلطات السورية. وقال المسؤول الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتوقع من الحكومة السورية أن تلتزم بالمعاهدات الدولية لحماية الدبلوماسيين والسفارات». لكن المسؤول لم يوضح ما إذا كانت واشنطن تنوي تقديم احتجاج رسمي على تعرض فورد للمضايقة أمام نقابة المحامين.
ويعود تاريخ التسجيل إلى 23 أغسطس (آب)، وقبل توجه فورد إلى بلدة جاسم في محافظة درعا، تلك الزيارة التي أثارت أيضا غضب السلطات السورية التي اعترضت على خرق فورد للقيود المفروضة عليه، بعدم التجول خارج دمشق من دون الحصول على موافقة الحكومة السورية. ومنذ توجهه إلى جاسم ولقائه عددا من المدنيين هناك، لم يقم فورد بأية زيارات خارج العاصمة السورية.
ويبدأ التسجيل، وطوله 4:33 دقيقة، بتقرير إخباري يقول: «تحسن الأوضاع الأمنية في سوريا لم يرق، على ما يبدو، للولايات المتحدة الأميركية ولا سفيرها في دمشق، روبرت فورد، الذي ظهر فجأة بالقرب من فندق الشام.. بالطبع لم يحمل فورد بين يديه حمامة سلام أو يوزع الحلويات على الشعب السوري».
ويتضمن الشريط التسجيلي مقابلة مع المتظاهر السوري المؤيد للنظام، الذي حاول لف الملصق على ظهر فورد. وقال المتظاهر لقناة «الدنيا» المؤيدة للنظام السوري: «طلعنا مسيرة تأييد للإصلاحات فتفاجأنا عند وقوفنا أمام فرع نقابة المحامين، صار يدخل مع المحامين ناس غرب، وهناك سيارة (جي إم سي) تصور.. وهناك أجانب وأميركيون». وأضاف أنه انتبه إلى أن فورد من بين الأجانب الموجودين، فتوجه إليه، وقال: «قلت له خليك بدنا نصورك بالجرم المشهود إنك أنت جئت لتقود المظاهرات في سوريا وتقود التخريب والدمار». وأوضح أنه بعدما توجه فورد إلى سيارته، حاول المتظاهر لف صورة الرئيس السوري حول فورد، وقال له «هذه هي سوريا وهذا بشار الأسد، لا تلعب بهذه البلد». وتنتهي مقابلة المتظاهر، الذي لم يذكر اسمه، بتكرار جملة: «لا تلعب بهذه البلد»، مع موسيقى تصويرية مثيرة، ليتواصل التسجيل في التذكير بزيارة فورد إلى حماه واتهامه بالتخريب.
وتناولت وسائل الإعلام الأميركية، أمس، هذا التسجيل بعد أن بثه الموقع الإلكتروني لـ«فورن بوليسي»، لتنقلها بعد ذلك مجلة «بوليتيكو» الإلكترونية، وعدد من الصحافيين عبر موقع «تويتر». وكان هناك اهتمام بالحادثة من حيث إمكانية تعرض السفير الأميركي لاعتداء مع تفاقم التوتر بين البلدين، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أمنية أكثر لحمايته خلال زياراته الميدانية.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,388,717

عدد الزوار: 6,989,258

المتواجدون الآن: 76