أحداث "ساحة النخيل": اختبارات ورسائل

الأردن: النظام لا يعبأ بالمعارضة الشعبية ولا يريد الإصلاح

تاريخ الإضافة الإثنين 18 تموز 2011 - 7:47 ص    عدد الزيارات 3118    التعليقات 0    القسم عربية

        



 

النظام لا يعبأ بالمعارضة الشعبية ولا يريد الإصلاح
أحداث "ساحة النخيل": اختبارات ورسائل

 عمان - عمر عساف:
لم تكن أحداث "جمعة الثبات" أو "ساحة النخيل" اعتيادية ضمن تطورات الحراك الإصلاحي والحراك المضاد له، وإنما أنبأت عن استراتيجيات وقرارات بالحسم، وكانت مناسبة لتوجيه رسائل من وإلى بين جميع الأطراف بمن فيهم الإعلام.

 هذه الأحداث، التي تتكرر للمرة الثانية منذ بدء الحراك السلمي لتنفيذ إصلاحات سياسية، قبل ستة أشهر، ستنتج منها بالضرورة ردود فعل قد يكون مبكرا التنبؤ بقوتها.
ما جرى في ساحة النخيل في وسط البلد العــــــــاصمة عمان، كان اعتداء بالقوة المفرطة، وتأكد للجميع أنه مبيت ومخطط له سلفاً على أعلى مستـــــويات القرار، وخصوصا ضد الجسم الإعلامي.
ونتيجة الاعتداء كانت إصابة 16 إعلاميا و25 من المتظاهرين المشاركين في ثاني اعتصام مفتوح لم يكتب له الاستمرار، وكذلك إصابة 31 شرطيا، على ما أفادت بيانات الأمن العام.

اختبارات ورسائل
تجرُّؤ النــــظام على تكرار ما فعله في 25 آذار من فض الاعتصام المفتوح بالقوة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، ان لا نية لديه للإصلاح، ويسقط كل مقولاته وادعاءاته في هذا الشأن.
وما جرى يثبت أن النظام بات لا يخشى إطلاقا من الشارع، ولا يعيره أي انتباه، أو أنه أراد أن يكتشف إلى أي مدى يمكن الشارع، بمختلف أطيافه، أن يتصدى لمعركة التغيير وحجم الكلفة التي يستطيع تحملها في سبيلها.
 قبل جمعة الثبات، بات المشهد الأردني مملا وباعثا على السأم، فهو منذ ستة أشهر يخرج أيام الجمعة ويكرر المطالب نفسها بإصلاح النظام ومحاربة الفساد.
بينما في اليمن، وسوريا المجاورة، التي تأخرت دعوات الإصلاح فيها عن الأردن، تطورت الأحداث هناك على نحو دراماتيكي ومتسارع.
 ومنذ أحداث 25 آذار لم يجرِ اختبار حقيقي لمدى قدرة الحراك الشعبي على الحشد، وخصوصا لاعتصام مفتوح كذاك الذي جرى في ميدان التحرير بالقاهرة وغيّر مجرى التاريخ في مصر.
 كما لم يجر اختبار  لمدى جدية النظام في مقاومة الإصلاحيين في الشارع أو رغبته في التوافق معهم، إذ إنها كانت تتوقف فقط عند حدود الدعوة الى الحوار على الطاولة بدل النزول إلى الشارع، وما يرافق هذه الدعوة من حملات إعلامية منظمة ملأى بالمزايدة على الإصلاحيين.
 كما أن الإصلاحيين أنفسهم، لم يتمكنوا من اختبار مدى تأثيرهم في الشارع،  ومدى قدرتهم على التورط في اعتصام مفتوح. وهم كانوا يركزون جهودهم عبر الشبكة الافتراضية  للتواصل الاجتماعي "فايسبوك وتويتر"، وعقد اجتماعات ولقاءات تحتضنها بعض الهيئات والجمعيات المدنية في مقراتها التي لا تتسع لأكثر من بضع عشرات.
 وأبلغ أحد قياديي الحراك "النهار"  أن التجمع الشعبي للإصلاح طلب من قادة الحركة الإسلامية سحب كوادرها من الاعتصام يوم الجمعة، بغية معرفة حقيقة موقف النظام منهم، وما إذا كان يعادي الحركة الإسلامية فقط أم الجميع. ووفقا للقيادي، تأكد للتجمع وللإسلاميين أنه يعادي أي حراك للإصلاح دونما تمييز.
 أجهزة النظام أوصلت رسالة واضحة أنها لن تسمــح لأحد اطلاقاً بأن يقوم باعتصام مفتوح، وأنها على استعداد لاستخدام القوة المفرطة للحؤول دون ذلك.

نظام "مطمئن"
ما يميز أحداث 25 آذار عن 15 تموز أن النظام في  الأولى كان تحت الضغط الخارجي (الإقليمي والدولي) والداخلي، وكانت نشوة النصر في تونس ومصر تدير رؤوس الإصلاحيين في الأردن وتحني هامات النظام أملاً في مرور العاصفة بسلام.
 لكن الأشهر الأربعة الفاصلة بين الموقعتين غيرت الأوضاع لمصلحة النظام الذي كان يرزح تحت وطأة الضـــغط الغربي لإتاحة الفرصة لحرية التعبير في الشارع.
إلاّ أن تعقّد الأمور وتشابكها وتأثيرات تهشم الصورة الجميلة لثورة شباب مصر والصراع الدموي في سوريا، وتخوف الناس من تكرار هذه المشاهد في المملكة، أفقدت الإصلاحيين بعضا من وهجهم والتعاطف معهم.
 ويعتقد مراقبون أن ثمة تفاهمات غير معلنة جرت بين النظام وعواصم صنع القرار الغربي، وخصوصا واشنطن، أدت إلى إعلان رضاها عن الإجراءات الإصلاحية  التي اتخذتها عمان، بينما يرى الإصلاحيون أنها "ديكورية" ولا ترقى إلى الحد الأدنى من مطالبهم.
 ويخشى هؤلاء أن تكون هذه التفاهمات حول توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، في مقابل دعم مادي للمملكة ذات المديونية الآخذة في التضخم، وغض النظر عن دعم الحركات الإصلاحية فيها، والاكتفاء ببعض التنازلات البسيطة للشارع.
كما أن الدعم الخليجي الآخذ في التزايد للنظام، خصوصا في الجانب المالي، الذي كان آخره منحة سعودية بقيمة 400 مليون دولار، والسير قدما في ضم المملكة الهاشمية إلى مجلس التعاون الخليجي، يساعدان في تنفيس بعض الاحتقانات الاقتصادية.  
هذان العاملان كانا سببا  لأن يدير النظام ظهره للإصلاحيين ويتجاهلهم ويتخلى عن الجدية التي أظهرها سابقا في التورط الحقيقي في الإصلاح.
وفوق ذلك، عاد النظام مجددا إلى ما كان تخلى عنه من رعاية أبوية للمجتمع.
فهو بعدما انخرط في اقتصاد السوق وغاص في تفاصيله، وتخلى عن الدور الراعوي الأبوي البطركي الذي على أساسه تثبتت أركانه عبر سنوات تأسيس الإمارة والمملكة، عاد مجددا لممارسة بعض مظاهر سيطرة الدولة على المجتمع.
فهو، وبأسلوب لا يمكن وصفه بأنه رشوة، عاد ليوظف في الجيش وأجهزة الأمن، ولكن هذه المرة لأبناء القبائل وليس لعموم الشعب، ووفق نظام حصص، خلال زيارات الملك الأخيرة لعدد من القبائل والمحافظات لإسكات أصوات المعارضة فيها التي بدأت سيطرة وكلاء النظام عليها تفلت.
 الطرف الوحيد الذي ظل يشكل خطرا على الحكومة هو الإعلام، ولذلك ضربت ممثليه بقوة خلال الاعتصام، في رسالة لا تحتاج إلى توضيح أكثر، بعدما طوعت معظم وسائله المحلية، وهي ماضية في القضاء على آخر قلاع الإعلام المستقل، وهي يومية "العرب اليوم"، عبر صفقات لشرائها والسيطرة عليها، وهو ما جعل رئيس تحريرها فهد الخيطان يقدم استقالته قبل أسبوعين والتي طلب إليه تأجيلها للتوصل إلى حل وسط.
 فإلى أي مدى يستطيع النظام الركون إلى ضعف زخم الحراك الشعبي للإصلاح، وما الذي سيفعله الإصلاحيون لمواجهة "عضلات" النظام، وما الأدوات التي يملكونها لإعادة الاعتبار الى حراكهم؟ والأخطر من ذلك، إلى متى يبقون ينادون بإصلاح النظام فقط ولا يستخدمون ورقة التهديد بالمطالبة بالتغيير؟ 
 

المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,372,222

عدد الزوار: 6,988,750

المتواجدون الآن: 58