2010 في سياسة أوباما الخارجية: إخفاق في الشرق الأوسط.. وتقدم في مواجهة التحدي النووي

الناطق باسم الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: نجحنا في العقوبات على إيران.. والتواصل مع سورية أحبطنا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 كانون الأول 2010 - 7:07 ص    عدد الزيارات 2665    التعليقات 0    القسم دولية

        


2010 في سياسة أوباما الخارجية: إخفاق في الشرق الأوسط.. وتقدم في مواجهة التحدي النووي

الناطق باسم الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: نجحنا في العقوبات على إيران.. والتواصل مع سورية أحبطنا

 
بي جي كراولي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

واشنطن: مينا العريبي
كان عام 2010 مليئا بالتقلبات السياسية والاقتصادية والأمنية الأميركية والدولية التي أثرت على السياسة الخارجية الأميركية، وشغلت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، منذ بداية العام بالزلزال الهائل في هايتي إلى نهايته مع تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية.

وبينما تشدد الإدارة الأميركية على نجاحها في تحقيق إنجازات، مثل إنهاء العمليات القتالية للقوات الأميركية في العراق خلال هذا العام، هناك إخفاقات كثيرة، على رأسها فشل إدارة أوباما في إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي أنها أولوية في برنامجه للسياسة الخارجية هذا العام.

وبينما شهد العام الماضي تثبيت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أقدامها في مركزها كالدبلوماسية الأولى للإدارة الأميركية، قرر مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال جيمس جونز، الاستقالة من منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ليصبح أرفع مسؤول في إدارة أوباما يستقيل من منصبه. ولكن بقي الرئيس الأميركي باراك أوباما الوجه الأبرز للسياسة الخارجية الأميركية خلال العام، على الرغم من انشغاله الشديد بالقضايا الداخلية، وعلى رأسها الملف الاقتصادي المتعثر في البلاد.

وبدأ عام 2010 بعدم تنفيذ الرئيس الأميركي أول وعد تعهد به أمام الشعب الأميركي والعالم، وهو إغلاق معتقل غوانتانامو. وكان أوباما قد تعهد في أول قرار رئاسي له بعد توليه الرئاسة الأميركية بالعمل على إغلاق المعتقل المثير للجدل خلال عام، أي بحلول يناير (كانون الثاني) 2010، ولكن جاء ذلك الموعد من دون تحقيق هذا التعهد بسبب حيرة الإدارة الأميركية حول كيفية التعامل مع المعتقلين المشتبه في تورطهم في قضايا متعلقة بالإرهاب. وأكد مستشار الرئيس الأميركي لمكافحة الإرهاب والأمن القومي جون بيرنان بداية ديسمبر (كانون الأول): «نحن نهدف لإغلاق غوانتانامو»، موضحا أن قضايا المعتقلين فيه تدرس بشكل انفرادي، لكن لا يوجد أفق واضح لإغلاق المعتقل خلال العام المقبل.

ودافع الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، بي جي كراولي، عن سجل السياسات الخارجية الأميركية، لافتا إلى مدى انتشار اهتمامات الولايات المتحدة وكثرة القضايا على أجندة وزارة الخارجية الأميركية، إذ قال: «الولايات المتحدة متواصلة مع كل ركن في العالم».

وأضاف كراولي في حوار مطول مع «الشرق الأوسط» أن «العام بدأ بالزلزال في هايتي، التي لم تكن على الكثير من قوائم الأولويات، وانهمكت وزيرة الخارجية في هذه القضية، مثل غيرها»، وتابع: «ننهي العام ونحن نصارع من أجل مساعدة هايتي مع انتخابات مهمة جدا، التي يجب أن تظهر على أنها ذات مصداقية، وللخروج بحكومة تتمتع بدعم شعبي كاف لقيادة جهود إعادة الإعمار».

وركز كراولي على هايتي في توضيح صعوبة قياس نجاحات سياسية خلال عام، قائلا: «لم يتوقع أحد مننا أن نغير هايتي خلال عام، وهي دولة تواجه تحديات كبيرة قبل الزلزال، ولكن التحدي الأهم من إزالة الركام هو الخروج بحكومة يمكنها العمل على المدى البعيد لشعب هايتي».

والكوارث الطبيعية الخارجية أخذت حيزا كبيرا من وقت الإدارة الأميركية، فبعد زلزال هايتي، انشغلت وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية الأميركية «يو إس ايد» بمعالجة تبعات الفيضانات في باكستان. وعطلت تلك الفيضانات الكثير من العمل التنموي التي كانت واشنطن تسعى من أجل تمويله ضمن جهودها لمكافحة التطرف في البلاد. ولكن التحديات السياسية والأمنية كانت الأقوى في تأثيرها على سجل وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض.

وبينما يأتي تقييم إنجازات السياسات الخارجية الأميركية بنتائج متفاوتة، فإن هناك عوامل فشل في سياسات أوباما في منطقة الشرق الأوسط. وربما إخفاق أوباما الأكبر كان في تحقيق تقدم فعلي في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام؛ على الرغم من 23 شهرا من الجهود الأميركية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإطلاق مفاوضات مباشرة بينهما بهدف تحقيق سلام شامل.

وكان المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل قد عبر عن ثقته في أنه من الممكن تحقيق السلام خلال عامين من إطلاق مفاوضات السلام.

وكان ميتشل قد صرح في برنامج «تشارلي روز» في الأسبوع الأول من عام 2010 بقوله: «نعتقد أنه يجب ألا تطول المفاوضات أكثر من عامين بعد إطلاقها، نؤمن بأنه من الممكن تحقيق ذلك خلال هذه الفترة الزمنية»، وأضاف: «نأمل أن تتفق الأطراف على ذلك، شخصيا أعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك في فترة أقصر».

ولكن تفاؤل ميتشل لم يكن في محله، إذ إن إطلاق مفاوضات السلام لم يبدأ حتى سبتمبر (أيلول) الماضي، واستمرت العملية أسبوعين قبل أن تتعطل، وما زالت معلقة مع انتهاء العام.

وبعد أشهر من الجهود لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف النشاط الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية من أجل بناء أرضية سليمة للتفاوض، أعلنت وزيرة الخارجية، كلينتون، في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التخلي عن هذه الجهود.

ويعتبر هذا القرار دليلا على ضعف الإدارة الأميركية في فرض الشروط اللازمة لبناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتفاوض، ولكنها ما زالت الدولة الأبرز المتوقع منها قيادة تلك الجهود. وأكدت كلينتون أن الهدف ما زال التوصل إلى اتفاق سلام شامل، موضحة أنه «لا يوجد بديل للاتفاق المتبادل» بين الطرفين.

وبينما تؤكد إدارة أوباما رفضها تقديم «خطة أميركية» لإحلال السلام، حيث يرفض الإسرائيليون هذا الخيار، فإن كلينتون أعلنت أن واشنطن ستعمل باتجاه التوصل إلى «إطار اتفاق» بمفاوضات متوازية مع الفلسطينيين والإسرائيليين في المرحلة المقبلة، مع اقتراحات أميركية «لسد الفجوات».

وقال كراولي ضاحكا: «لم نتوقع أن نحل التحدي في عام 2010، ولم نفعل ذلك»، ليرد عند سؤاله حول التوقعات بحله عام 2011 بالقول: «ستكون هذه قصة تفرض نفسها خلال 2011»، وأضاف: «نحن نؤمن بأننا أقمنا أرضية في البحث عن سلام في الشرق الأوسط.. نحن شعرنا بإحباط.. ولكن تم استئناف العملية ولا ينفي أحد أن هناك خطوات إلى الأمام وإلى الخلف».

وبدا التعثر على كراولي في الحديث عن هذه القضية ومدى تأثيرها على صورة إدارة أوباما في المنطقة، بعد تعثر الجهود في دفع عملية السلام، ليقول بضحكة مرتبكة بعض الشيء: «هذا هو الشرق الأوسط فأهلا به».

ولكنه تابع أن «عام 2010 يجهز الأرضية لعام 2011، خلال عام 2010 التركيز على العملية ولكن ليس المضمون، الكثير من العام خصص لتجميد (الاستيطان) الذي كان وسيلة للدخول في المفاوضات حول المضمون»، موضحا: «لقد غيرنا أسلوبنا وقد قالت وزيرة الخارجية الأميركية للأطراف إن الوقت حان لمعالجة المضمون».

ومن جهة أخرى، لم تفلح إدارة أوباما في تحقيق تقدم من الانفتاح على سورية والعمل على تحسين العلاقات مع دمشق؛ فمن جهة، فشلت الإدارة في الحصول على دعم مجلس الشيوخ الأميركي للمصادقة على إرسال سفير أميركي جديد إلى دمشق بعد أكثر من 10 أشهر من ترشيح أوباما روبرت فورد لهذا المنصب.

ومن جهة أخرى، بقي التوتر يسود العلاقات بين واشنطن ودمشق، وردا على سؤال حول ما حققته إدارة أوباما في إعلانها العزم على تحسين العلاقات مع دمشق، قال كراولي: «الحوار ليس هدفا في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق هدف، سيكون لدى سورية تأثير في المنطقة، والمنطقة مهمة بالنسبة لنا؛ فمن المناسب أن نتواصل مع سورية، وقد فعلنا كل ما في مقدرتنا للتواصل مع سورية بطريقة بناءة».

وأضاف: «من العدل القول إننا شعرنا بالإحباط من نتائج ذلك التواصل، في بعض النواحي سورية ربما إيجابية، لكن في نواح كثيرة لدينا قلق من التصرفات السورية، ولم نكن خجولين في إعلان ذلك».

وربط كراولي ذلك بالتطورات في لبنان، والمخاوف من الوقوف ضد المحكمة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وقال كراولي: «دعمنا للبنان والمحكمة الدولية واضح جدا، وعبرنا عن قلقنا بصوت عال. نحن نرى جهودا لإضعاف المحكمة.. نحن لا نؤمن بتسييس المحكمة»، وأضاف: «نحن ندعم السيادة في لبنان ونريد إزالة الشعور بإمكانية الإفلات من العقاب، آخرون قد يحاولون إضعاف عمل المحكمة ومن خلال ذلك إضعاف سيادة لبنان، وهذه قضية تثير قلقنا مع سورية وقد تحدثنا معهم حولها».

أما بالنسبة للعراق، فتشير الإدارة الأميركية إلى نجاحها بالالتزام بخفض وجودها العسكري في البلاد إلى 50 ألف جندي، وإنهاء عملياتها القتالية في يوليو (تموز) الماضي. كما أنها حققت أبرز وعودها للحكومة العراقية بتبني قرار مجلس الأمن 1956 و1957 و1958 لإنهاء برنامج «النفط مقابل الغذاء»، ورفع العقوبات المتعلقة ببرنامج أسلحة الدمار الشامل عن العراق. ولكن مر الجزء الأكبر من عام 2010 من دون تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد انتخابات مارس (آذار) الماضي.

وبين مارس وديسمبر، دخل العراق في مخاض سياسي مطول، وتدخلت الإدارة الأميركية في مراحل عدة من نقاشات تشكيل الحكومة، خاصة فيما يخص ضمان حقوق قائمة «العراقية».

وبينما كان الموقف الرسمي الأميركي عدم التدخل، شدد مسؤولون أميركيون على ضرورة أن تعكس الحكومة الجديدة نتائج الانتخابات، وبذل مسؤولون أميركيون جهودا حثيثة لتكون جميع المكونات العراقية ممثلة في الحكومة.

وقال كراولي: «هناك دائما إغراء للنظر إلى العراق على أنه كأس نصف فارغة، ولكن علينا النظر إلى ما تم إنجازه هنا»، وأضاف: «كانت هناك انتخابات حقيقية وعملية سياسية حقيقة. الأمر استغرق وقتا أكثر مما توقعنا، ولكن العملية تمت ضمن الدستور العراق، ولكن ضمن عملية سياسية حقيقية»، وتابع: «عند النظر إلى العراق، علينا عدم النظر فقط لما حدث، بل لما يحدث أيضا، المتمردون في العراق فعلوا كل ما يقدرون عليه لإعادة إشعال العنف السياسي، وإضافة الطائفية إليه، ولكن فشلوا في ذلك».

ومع تشكيل الحكومة العراقية، برئاسة نوري المالكي، قال كراولي إن على الحكومة «المضي قدما في خدمة الشعب العراقي»، وأضاف أنه بالنسبة للولايات المتحدة خلال عام 2011، فإن «استراتيجيتنا واضحة، لدينا اتفاق إطار مع العراق يطالب بسحب جميع القوات الأميركية بحلول نهاية 2011، ونحن نقوم بذلك»، وأضاف: «لدينا شراكة مع العراق وسنواصلها وستكون مدنية الطابع وسنخلق علاقة مماثلة مع العراق لتلك العلاقات التي نتمتع بها مع دول أخرى في المنطقة».

ويرتبط الملف العراقي بملف الحرب في أفغانستان التي دخلت عامها التاسع هذا العام، حيث تكرس الإدارة الأميركية المزيد من مصادرها ومخصصاتها العسكرية فيها مع تقليص التواجد في العراق.

وفي حين شهد الجانب العسكري تفاقم المواجهات مع عناصر طالبان واسترجاع السيطرة على مناطق مهمة في جنوب البلاد، عانى الجانب المدني للحرب من ضربة قوية نهاية العام مع وفاة الممثل الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك. ووفاة هولبروك المفاجئة، جراء أزمة قلبية، خلال عمله في وزارة الخارجية الأميركية هذا الشهر، يترك الإدارة الأميركية تبحث عن بديل له.

إلا أن المراجعة الأميركية للاستراتيجية في أفغانستان وباكستان التي تم الكشف عنها في ديسمبر أكدت مواصلة الإدارة الأميركية استراتيجية مكافحة الإرهاب ودعم المؤسسات المدنية والحكومة الأفغانية والباكستانية، ولكن الخلافات العلنية بين إدارة أوباما والرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، تكررت خلال عام 2010، مما أضعف الجانب المدني في الاستراتيجية، ومن المتوقع أن يؤثر عليها مجددا العام المقبل.

وكان محور أساسي في السياسة الخارجية الأميركية هذا العام معالجة انتشار الأسلحة النووية، خاصة فيما يخص التعامل مع إيران. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي كان قد عبر عن رغبته في التحاور مع إيران وحل القضايا العالقة بين البلدين المتخاصمين بطرق دبلوماسية، فإن عام 2010 كان عام فرض العقوبات وتشديد اللهجة الأميركية إزاء إيران.

وتعتبر واشنطن أنها نجحت في كسب تأييد الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وخاصة روسيا والصين، لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران في يونيو (حزيران) الماضي بموجب قرار مجلس الأمن 1929. وقال كراولي: «خلال الخريف الماضي كان من الواضح أن إيران لم تستجب للمطالب الدولية برد على أسئلة حول برنامجها النووي، التي جاءت بعد الزعزعة التي حدثت بعد الانتخابات الإيرانية».

وخلال تلك الفترة، عملت واشنطن على الخروج باتفاق بين دول مجلس الأمن على العقوبات الجديدة، لتليها عقوبات أحادية من الولايات المتحدة وأوروبا وكندا وأستراليا وغيرها من الدول ضد إيران، وعبر كراولي عن اعتقاد واشنطن أن العقوبات لديها «تأثير على إيران، وقد حصلت على انتباه الحكومة الإيرانية.. وربما دخلت في الحسابات خلال الأيام الماضية حول تقرير من سيكون وزير خارجية إيران»، في إشارة إلى إقالة وزير الخارجية الإيراني السابق منوشهر متقي. ولكنه أردف قائلا: «ذلك لا يعني أننا حللنا تحدي إيران خلال عام واحد، لم نفعل ذلك، ولكن وضعنا أنفسنا في أقوى موقف ممكن للتأثير على إيران، ونحن نمضي قدما».

وأضاف: «لا توجد ضمانات على أن إيران ستتخذ القرارات الصائبة، وهي تسير قدما، ولكن يجب أن ننظر إلى ذلك كنجاح». إلا أن ذلك يأتي على حساب الإخفاق في إنجاح المفاوضات مع إيران؛ إذ لم تكن هناك أي مفاوضات بين إيران والدول الست الكبرى بين شهري أكتوبر 2009 وديسمبر الحالي.

وحتى اجتماع 8 ديسمبر في جنيف خرج باتفاق فقط على عقد اجتماع تال في تركيا في يناير (كانون الثاني) المقبل. ورد كراولي على ذلك، بالقول: «من أجل إجراء الحوار، هناك حاجة ليكون هناك طرفان أو أكثر؛ فإذا رفض طرف ما، هذا ما يحصل».

وأضاف: «لهذا السبب نحن اتبعنا استراتيجية المسارين في التعامل مع إيران»، موضحا: «الحوار ليس أمرا من الممكن فرضه على الطرف الثاني، ولكن كان القرار 1929 له تأثيره الذي تمثل في قرار إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن لا يوجد هناك ضمان بأنها ستتواصل».

وأكدت كلينتون في خطابها أمام مؤتمر سابان التابع لمعهد «بروكينغز» هذا الشهر أن «الولايات المتحدة ملتزمة بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية». ولكن ما زال من غير الواضح إذا كانت إدارة أوباما مستعدة لاستخدام القوة لمنع هذه الفرضية، بينما إيران تؤكد رفضها الكف عن تطوير برنامجها النووي.

وكان التقدم في زيادة الضغوط على إيران بناء على تحسين أوباما علاقات بلاده مع روسيا والصين وإقناعهما بدعم قرار جديد ضد إيران، مع إقناع المجتمع الدولي بجدية واشنطن في العمل على الحد من الأسلحة النووية. وشكلت قمة واشنطن النووية في أبريل (نيسان) الماضي نجاحا للإدارة الأميركية، بعد أن صادقت أكثر من 40 دولة على اتفاق للحد من انتشار الأسلحة النووية وحماية المواد النووية.

وقال كراولي: «نحن نحاول القيادة من خلال إعطاء مثال جيد. وأحيانا نخفق في المعايير الدولية، ولكن في هذه الحالة من الواضح على الدولتين الرائدتين القيام بدور القيادة».

ولذلك، وقع أوباما مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على معاهدة «ستارت» لتقليص الترسانتين النوويتين الأميركية والروسية خلال المرحلة المقبلة، مع إبقاء نظام إشرافهما على برنامجهما النووي في إطار ثنائي. وعلى الرغم من عرقلة أعضاء من الحزب الجمهوري المصادقة على المعاهدة لمدة 8 أشهر، تنهي الإدارة الأميركية العام بـ«إنجاز كبير»، بحسب كراولي، بعد المصادقة عليها.

وحرص أوباما خلاله يومه الأخير في البيت الأبيض قبل بدء إجازته لنهاية العام في هاواي بالاتصال بالرئيس الروسي يوم 23 ديسمبر الحالي، بعد أن صادق مجلس الشيوخ على معاهدة «ستارت» للحد من السلاح النووي.

وبحسب بيان من البيت الأبيض حول المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، التي قام بها أوباما، بأنهما بحثا «تعاونهما الوثيق المتواصل حول عدد من القضايا الجوهرية». وأضاف البيان أنهما اعتبرا مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على اتفاقية «ستارت» «حدثا تاريخيا للبلدين وللعلاقات الأميركية - الروسية».

ويركز أوباما جهوده على تحسين علاقات بلاده مع دولة عملاقة أخرى، الصين، خاصة مع زعزعة الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية، والحاجة إلى التعاون مع الصين لتهدئة الأوضاع بين سيول وبيونغ يانغ. وقال كراولي: «الكلمة الأساسية مع كوريا الشمالية هي عدم إمكانية توقع ما يمكن أن يحدث». ولكن إطار العلاقات مع الصين أوسع بكثير من أمن الكوريتين، بما في ذلك الاقتصاد. ويتجه الرئيس الصيني هو جينتاو إلى واشنطن في زيارة دولة في 19 يناير المقبل، في مؤشر جديد على تحسن العلاقات بين البلدين.

وفي ما يخص آسيا، كان هناك تقدم مهم في توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية، التي تأتي ضمن برنامج أوباما لمضاعفة نسبة الصادرات الأميركية إلى الخارج خلال السنوات الخمس المقبلة.

ووافق مجلس الشيوخ الأميركي على هذه المعاهدة يوم 15 ديسمبر الحالي، بعد مخاوف من عرقلتها. ومن المرتقب أن تسهم في دعم 70 ألف وظيفة أميركية، بالإضافة إلى زيادة الصادرات الأميركية بمبلغ 11 مليار دولار سنويا.

واعتبر توقيع اتفاقية التجارة الحرة بعد مفاوضات مطولة لصالح الأميركيين تدعم قطاع السيارات الأميركية، بالإضافة إلى تثبيت الموقع الأميركي في آسيا لمواجهة التقدم الصيني فيها. وقال عضو مجلس النواب الأميركي الجمهوري عن ولاية مين ديفيد كامب: «هذه الاتفاقية ستضمن أن الصادرات الأميركية تخلق فرص العمل، وتكون متنافسة في هذه السوق الحيوية، كما أنها ستمنحنا قوة ثقل توازن نفوذ الصين المتنامي في المنطقة».

وتبتعد الإدارة الأميركية عن تحديد نجاحات محددة في دول محددة، بل تشير ظواهر محددة تدعمها، مثل دعم الحكومات المسؤولة أمام شعبها. وقال كراولي: «نحن نساعد في تقوية مؤسسات الحكم التي بإمكانها أن تواجه التحديات المحلية أو الإقليمية أو العالمية، ونقوم بذلك في أرجاء عدة من العالم، مثل باكستان وأفغانستان، وفي أنحاء من أفريقيا»، وأضاف: «نحن نساعد على ظهور حكومات ذات كفاءة عالية، وتلك التي تتمتع بدعم شعوبها هي الأكثر ديمقراطية. ومكان آخر لا ترونه كثيرا في عناوين الأخبار، كينيا، وما حدث بعد الانتخابات هناك».

وقضية مؤسسات الحكم هي قضية جوهرية من المرتقب أن تشغل الإدارة الأميركية العام المقبل، خاصة مع اقتراب موعد استفتاء جنوب السودان في 9 يناير المقبل، ومع انتظار تداعيات تقرير المحكمة الدولية للبنان.

وقال كراولي: «الناس تريد وقف شعور البعض بإمكانية الإفلات من العقاب. الأمر الذي يعرقل التقدم في بعض الدول، ولهذا في دولة مثل لبنان، فإن دعم المحكمة الدولية يهزم مثل هذا الشعور بالحصانة (من العقاب)»، وأضاف: «الناس حول العالم يسعون إلى العدالة»، وتوقع كراولي أن تكون السودان ولبنان «قصتين تفرضان نفسيها» على المسرح الدولي العام المقبل.

وسيفرض الملف العراقي نفسه أيضا على جدول أعمال الإدارة الأميركية مع اقتراب موعد انتهاء صلاحية الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن، التي تنص على سحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام 2011.

وربما الحدث الأبرز بالنسبة للدبلوماسية الأميركية كان خارج سيطرة وزارة الخارجية الأميركية، عندما أصبحت هي الحدث. فتسريب موقع «ويكيليكس» لـ250 ألف برقية من سفارات أميركية حول العالم ومقر الخارجية نفسها في نهاية نوفمبر، كان له وقع كبير على الدبلوماسية الأميركية.

ومن المؤكد أنه سيكون له تبعات واسعة على تنفيذ الدبلوماسية الخارجية، بعدما أحدث شرخا في الثقة الدولية بالدبلوماسيين الأميركيين. وقال كراولي: «نحذر من النظر إلى وثيقة واحدة من دون فهم المضمون العام، والصورة الأوسع هي أن الولايات المتحدة تسعى من أجل ضمان مصلحتها الوطنية، وهذا ما تقوم به كل الدول في كل أرجاء العالم»، وأضاف: «ما نقوله في الجلسات المغلقة هو ما نقوله علنا»، مدينا ما قامت به «ويكيليكس» التي قال إنها تحاول «إضعاف التعاون الدولي المهم لكل القضايا الإقليمية والعالمية».

وقد قام عدد من المسؤولين الأميركيين، وعلى رأسهم أوباما، بالاتصال بحلفائهم، كما أرسلت وفودا للتعبير عن «أسف» أميركي لهذه التسريبات، وبينما يواصل موقع «ويكيليكس» نشر البرقيات السرية المسربة، إذ وصل العدد إلى 1870 في الأسبوع الأخير من ديسمبر، وسيزداد العدد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

واعتبر كراولي أن العبارة الأهم بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية هي «الصبر الاستراتيجي»، حيث إن أمامها تحديات كبيرة العام المقبل، على رأسها بدء عملية نقل السلطات الأمنية من القوات الأميركية وقوات «الناتو» إلى الأفغان بحلول يوليو (تموز) المقبل.

وقال كراولي إنه «عند التعامل مع النزاعات فإن الأمر يحتاج إلى الوقت، وقد يستغرق أجيالا لشفاء الجروح في المجتمع، ولكن المهم أن لا نكون سجناء الماضي».


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,261,880

عدد الزوار: 6,942,652

المتواجدون الآن: 137