عون: سينتصر الشر إذا بات المشرق بلا مسيحيين

تاريخ الإضافة السبت 25 أيلول 2010 - 6:07 ص    عدد الزيارات 2877    التعليقات 0    القسم محلية

        


وجّه رسالة إلى السينودس حضّ فيها على الانفتاح على الآخر
   عون: سينتصر الشر إذا بات المشرق بلا مسيحيين
ندعو إلى وقف محاولة أبلسة الدين الإسلامي

عون يتلو رسالته الى السينودس في فندق "لو-رويال" في الضبيه امس. (حسن عسل)
لأنه من الخطأ "مقاربة الواقع المشرقي الحالي من منطلق أقليات وأكثريات"، كان لا بد لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون من اغتنام فرصة انعقاد السينودس، ليوجه رسالة هي الأولى من سياسي لبناني – مسيحي  الى البابا بينيديكتوس السادس عشر عن "السينودس من أجل المشرق".
إنها رسالة إلى المشرقيين، مسيحيين ومسلمين، وفيها فنّدّ عون الواقع المسيحي، ليخلص الى انه في حال فرغ المشرق من المسيحيين "سينتصر الشر في العالم ويبطل فعل القيامة".
ولم يلطّف عون الواقع بعبارات تجميلية، اذ أقر بـ"اننا وصلنا الى آخر نقطة من الانحناء"، فيما المطلوب، في رأيه "استنهاض الجمهور والرأي العام، لانه في هذه المرة، يجب الا يكون الصوت في الصحراء، واذا لم يسمعوا فتلك كارثة، لانه في هذه الحال سيتصحر العالم كلّه وليس لبنان فقط".
رسالة صغيرة في الحجم لكنها حملت في مضمونها عرضا لتاريخ، وتخوّفا من المستقبل، ومطالبة متعددة الاتجاه، اوجزها عون بمناشدة السينودس اتخاذ "قرارات تكون بحجم هذا الوضع".
لم يغفل عون مقاربة النظرة الى الآخر، متحدثاً عن العلاقة المسيحية – الاسلامية. دعا اكثر من مرة الى " فتح شرايين الرأس"، والتعرف الى الآخر وقبوله، وهو استخدم تعبير "ابلسة الدين الاسلامي"، ليعبر عن رفضه " التطرف الديني"، مطالباً "حكومات العالم الغربي بالعمل على وقف محاولة أبلسة الدين الإسلامي الذي يؤمن به أكثر من مليار إنسان، في تقاليده وعاداته، كي تتم الدعوة إلى النظر في جوهره ونصّه الديني الأصلي فقط، لا عبر أفعال مجموعات تكفيرية إرهابية، يرى المسلمون أنفسهم أنهم ضحاياها مثل بقية العالم، وأنها لا تمت إلى دينهم بصلة".
اما عن الشريك المسيحي، فناشد عون كنائس المسيحيين المشرقيين "السعي الى وقف التخويف من الشركاء في الوطن وإلغاء مفهوم الآخر".
في 4 ايلول الجاري، وجه عون الرسالة، وعقد أمس لقاء في فندق "لو رويال" الضبية، ليتلو نصها. وحضر المطران رولان ابو جودة ممثلاً البطريرك الماروني والمطران نقولا حكيم ممثلاً بطريرك انطاكية والاسكندرية واورشليم للروم الكاثوليك والشيخ نزيه العريضي ممثلاً شيخ عقل الموحدين الدروز والمطران كوميتاس ادهانيان ممثلاً كاثوليكوس الارمن الارثوذكس لبيت كيليكيا وعبود بوغوس ممثلاً بطريرك كيليكيا للارمن الكاثوليك.
وكذلك، حضر رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية ونواب من "تكتل التغيير" والوزراء السابقون كريم بقرادوني وماريو عون وسيبوه هوفنانيان ويعقوب الصراف والامين العام لحزب الطاشناق اغوب مخيتاريان وممثل عن الطائفة الكلدانية جورج سمعان ورئيس الرابطة السريانية حبيب افرام ورئيس المجلس الوطني الاعلى للاعلام عبد الهادي محفوظ وعدد من ممثلي الرهبانيات وكوادر من " التيار الوطني الحر" وشخصيات فكرية واعلامية وفاعليات.
قدّم اللقاء المنسق العام لـ " التيار" بيار رفول، وتلاه الباحث غسان الشامي الذي اعد دراسة عن حال المسيحيين المشرقيين.

 

رسالة عون  

وتلا عون الرسالة وفيها: "كان دور المسيحيين المشرقيين عبر التاريخ طليعياً في الثقافة والعلم والمعرفة، وكانوا إلى جانب المسلمين مذ وطئت أقدامهم بلاد المشرق ووقفوا قرب الخلفاء كروّاد إدارة وعلوم وطب وترجمة حتى غروب العصر العربي الإسلامي وسقوط الدولة العباسية، لا بل تنكبوا مهمات تنويرية صعبة في عهود حالكة أتت على المشرق إبان انهمار البرابرة والتتار عليه ، لذلك لم يكن مستغرباً تنطحهم الى التنوير الثاني خلال النزْع الأخير للسلطنة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، في ما سمّي عصر النهضة العربية، وكانوا الجسر المعرفي الذي أوصل المشرق الإسلامي إلى الغرب وأتى بمنجزات النهضة العلمية الغربية إلى البلاد المشرقية".
واعتبر انه " من الخطأ مقاربة الواقع المشرقي الحالي من منطلق أقليات وأكثريات، فهذه البلاد منذ فجر التاريخ هي ثمرة تراكم معرفي ثقافي لشعوب كثيرة وديانات شتى منذ ما قبل التوحيد . تراكم جمّعته الأقليات والأكثريات معاً في مزيج عزّ نظيره وتقلبات غيَّرت التوجهات السياسية وأبقت على التنوع المجتمعي والثقافي داخل الجغرافيا، ولطالما كانت هناك أكثرية باتت أقلية ، وبالعكس، وهذا نموذج فريد للغنى الروحي والثقافي والمعرفي، يقتضي منّا جميعاً المحافظة عليه وحمايته في إطار احترام حرية المعتقد والرأي والتعبير وحق الاختلاف، مع التشبث بهذا المشرق. هذه  فحوى الإرشاد الرسولي لسلفكم قداسة البابا يوحنا بولس الثاني".

 

الجذور ودعوة المسيح

وتوجه الى البابا قائلا: " لا يخفى على قداستكم أن لا سبب واحداً وحيداً لنزوع المسيحيين إلى الهجرة، وأن مسؤولية النزف البشري في المشرق لا تقع على الخوف من التطرف الديني فقط، بل إن الوضع الاقتصادي المتردي والسياسي المتقلب والحروب المتتالية منذ الحرب العالمية الأولى والفقر والجوع اللذين لحقا بالمشرق، والحرب العالمية الثانية واستعمار المنطقة وتأسيس إسرائيل وتقسيم فلسطين والتطهير العرقي ضد سكانها العرب من مسلمين ومسيحيين، واستكمال الضغوط عليهم لتهجير ما تبقى منهم، ورفض حق عودتهم إلى بلادهم، شكّلت أسباباً أكثر من وجيهة للهجرة، وهنا يندرج مخطط توطين الفلسطينيين في البلدان التي هجّروا إليها، وهو ما نرفضه ونسعى الى عدم وقوعه، لأنه يصبُّ في خانة تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وجعل مهد السيد المسيح من دون مسيحيين وشطب الهوية الجامعة للأرض المقدسة".

 

"أبلسة الإسلام"

واكمل قراءته لواقع المشرق الحافل بالتعاون الإسلامي - المسيحي، واشار الى ان "المشرقيين ينتظرون من الفاتيكان بما يمثله من سلطة روحية لدى المسيحيين الكاثوليك، ومعنوية بالنسبة الى العالم، وحضور لكرسي بطرس في قلوب المؤمنين، ومن رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية، العمل لدى حكومات العالم الغربي على وقف محاولة أبلسة الدين الإسلامي الذي يؤمن به أكثر من مليار إنسان، في تقاليده وعاداته. وأن تقوم دعوة إلى النظر في جوهره ونصّه الديني الأصلي فقط، لا عبر أفعال مجموعات تكفيرية إرهابية، يرى المسلمون أنفسهم أنهم ضحاياها مثل بقية العالم، وأنها لا تمت إلى دينهم بصلة، لأن الاستمرار في إطلاق نعوت التطرف على الدين الإسلامي وتعميم مفهوم الرُهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) سيؤدي حتماً إلى مزيد من الصدامات وعدم الاستقرار في المشرق والعالم ، وربما إلى صراع ديانات وحضارات لا نهاية له إلاّ التدمير الذاتي للعالم".    
وقال: "ينتظر المسيحيون المشرقيون من الحبر الأعظم ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف تهويد القدس وإحلال السلام في المشرق بناء على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والسعي الى وقف هجرة الأقوام التاريخية من آشوريين وكلدان وسريان، كما ينظرون إلى الكرسي الرسولي كمساعد على ترسيخ حضورهم في بلادهم ووقف تهجيرهم أو هجرتهم منها، وخصوصا في فلسطين والعراق ولبنان، في ظل سياسات تديرها حكومات غربية ودولة إسرائيل للوصول إلى هذه النتيجة".
وفيما اعتبر ان " السينودس هو فرصة تاريخية يمكن الا تتكرر"، شبه انعقاده "باجتماع الرسل بعيد العنصرة"، قائلا: "ننتظر منكم قرارات بحجم هذا الوضع، بحجم الصخرة التي بنى عليها السيد كنيسته، وكان مؤمناً بأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها، وهو الذي حض إيماننا، ولو كحبة خردل، على زحزحة الجبال. لقد آمنا جميعاً أن المسيح معنا إلى أبد الدهر، ترك لنا رسالته وبُشراه فلا تدعوا أرضه نهباً للظُلم والظلام، وتصوروا للحظة واحدة مشرقاً من دون مسيحيين، اذذاك فقط سينتصر الشر في العالم ويبطل فعل القيامة، ويذهب الكون إلى مذبحة لا سابق لها".
وركزت المداخلات في النقاش على اهمية دور المسيحيين ومسؤولياتهم في الشرق الاوسط، ورد عون قائلا: " نحن وصلنا الى آخر نقطة من الانحناء. هذه المرة، يجب الا يكون الصوت في الصحراء، واذا لم يسمعوا فتلك كارثة كبيرة، لانه في هذه الحال سيتصحر العالم كلّه وليس لبنان فقط".
وذكر انه في عام 2000 تحدث عن "معادلة اما الحوار واما الصدام"، اسفا لان "هذا المسار لا يزال مستمرا". امام هذا الواقع، لا بد من حل واحد، رآه عون عبر "استنهاض فكري، لان اللبنانيين مؤهلون اكثر من غيرهم للعمل، بسبب ما عاشوه من تجارب متراكمة".
 


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,061,765

عدد الزوار: 6,750,749

المتواجدون الآن: 98