دراسة إسرائيلية تحمل مناهج التدريس العبرية مسؤولية استمرارية الصراع مع الفلسطينيين

تاريخ الإضافة الأحد 12 أيلول 2010 - 6:41 ص    عدد الزيارات 3377    التعليقات 0    القسم دولية

        


دراسة إسرائيلية تحمل مناهج التدريس العبرية مسؤولية استمرارية الصراع مع الفلسطينيين

في الوقت الذي تطالب تل أبيب بغربلة مناهج التدريس الفلسطينية

غزة: صالح النعامي
قبيل وبعيد قمة واشنطن التي أطلقت فيها المفاوضات المباشرة، تعالت الدعوات الجديدة القديمة داخل إسرائيل المطالبة بوقف كل أشكال التحريض ضدها في المؤسسات التعليمية والدينية الفلسطينية. وطالب وزير التعليم الإسرائيلي جدعون ساعر ووزير الدولة يوسي بيليد بغربلة مناهج التدريس الفلسطينية و«تنقيتها» من كل إشارة سلبية تجاه إسرائيل. ورغم أن الوزيرين لم يفصلا ما يقصدانه بـ«غربلة» مناهج التدريس، فإنه سبق لمسؤولين إسرائيليين أن حددوها بمادتي التاريخ والجغرافيا، إذ طالب الوزير السابق داني نافيه بأن تعتمد مادة الجغرافيا التي تدرس في المدارس الفلسطينية خريطة تظهر إسرائيل، في حين يشار إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بـ«فلسطين».

واللافت أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين هذه جاءت في الوقت الذي صدرت فيه دراسة إسرائيلية تؤكد نتائجها أن كتب التعليم الإسرائيلية حالت دون تحقيق السلام مع العرب. وحسب الدراسة التي أعدها الباحث الإسرائيلي إيلي بوديا المحاضر في جامعة حيفا فإن كتب التدريس الإسرائيلية أشعلت طيلة نصف القرن الماضي جذوة الصراع الإسرائيلي العربي، وكرست حالة الحرب، وحالت دون التوصل للسلام.

ووصف بوديا مناهج التدريس اليهودية بـ«المنحرفة»، مشيرا إلى أنها تتميز بطغيان الصورة النمطية والأفكار المقولبة حيال العرب، وزرع كراهيتهم في نفوس التلاميذ الإسرائيليين إلى حد الاستنتاج بأن ما يجري داخل جدران المدارس يؤثر إلى مدى بعيد في قرار الحرب والسلام لدى قادة إسرائيل. وأشار البحث الذي جاء تحت اسم «الصراع الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية العبرية»، إلى أن الكتب المدرسية رعت نوعا من الصراع الصامت بين الطرفين وحافظت عليه، وقادت بطريق غير مباشر إلى إثارة الصراع المسلح.

وأكد بوديا، أن جهاز التعليم الإسرائيلي اختار النهج القومي الذي يخضع الماضي لاحتياجات الراهن والمستقبل على حساب الحقيقة والموضوعية في كتابة التاريخ بهدف خلق ذاكرة جماعية متميزة، موضحا أن ثلاثة أرباع الكتب المدرسية ليست مجازة مما يعني تعرض التلاميذ إلى مواد أكثر خطورة. وأكد أن كتب التاريخ الإسرائيلية التي أخضعها للبحث انشغلت بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد بأبطالها ضمن صهر المهاجرين في بوتقة وذاكرة جماعية واحدة.

ولفت الباحث إلى أن تلك الكتب وصفت الصراع بطريقة تبسيطية أحادية الأبعاد ومشبعة بعدم الدقة إلى حد التشويه وشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم، مما أدى إلى ترسيخ صورة نمطية لدى الإسرائيليين الذين ظهروا دائما بصورة الغربيين المتحضرين صانعي السلام مقابل صورة العرب «الخونة العدوانيين المتخلفين والمجرمين والخاطفين القذرين والمبادرين دوما نحو التدمير».

وحول تناول هذه الكتب لأول مواجهة مع المسلمين التي حدثت في المدينة المنورة، فإن هذه الكتب تصف القبائل اليهودية في تلك الفترة بأنها «شريفة ومحترمة وشجاعة، بينما وصف العرب بأنهم ماكرون وخونة وبأنهم هزموا اليهود بالخدعة والمؤامرة». وأشار الكاتب إلى أن تعابير مثل متوحش ومحتال ومخادع ولص وسارق وإرهابي، كانت كثيرا ما تستخدم في وصف العربي بينما ما يرتكب ضد اليهود يسمى عداوات ومذابح ومجازر بغية خلق صلة بين العرب وبين اللاسامية المتأصلة في تجارب التاريخ اليهودي في أوروبا، مشيرا إلى أن العرب يوصفون بأنهم النسخة الحديثة من العماليق، ألد أعداء الإسرائيليين في التوراة. ويؤكد الكاتب أن كتب التدريس عززت عملية ابتعاد اليهود عن العرب، وهذا بدوره زاد من مستوى أسطرة الصراع وعزز الميل إلى تجريد العرب من إنسانيتهم».. ونوه الكاتب بأن التحامل الإسرائيلي ضد العرب كان إسقاطا للموقف اليهودي تجاه الغريب في الشتات.

ويقتبس بوديا قول الباحث اليهودي سيغريد ليحمان، الذي قال: «نحن كيهود نميل إلى رؤية العربي كغير اليهودي كأحد الأغيار، نحن كأوروبيين نراه آسيويا خصما لتطلعاتنا القومية وكاشتراكيين نحن نراه كممثل لأشد أنماط الرجعية سوادا».. وأشار بوديا، إلى أن رد فعل غريبا جاء في إسرائيل على زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حيث حرص كبار المسؤولين في الدولة على الدعوة إلى تعميق القيم الصهيونية على حساب ثقافة السلام. واقتبس من كلام الوزير التعليم السابق زبولون هامر قوله: «هناك زعماء عرب يظنون أنهم إن لم يكونوا قادرين على القضاء علينا في ميدان المعركة، فإنهم سينجحون في فعل ذلك عن طريق عملية السلام».

ويؤكد الباحث أن كتب التدريس الإسرائيلية تحاول أن تكرس قناعة مفادها أن السلام مع العرب، «يهدد إسرائيل المهزوزة ويستلزم تحصين الناشئة بتقوية الوعي الصهيوني».. ويوضح أنه عندما حاول وزير التعليم الأسبق إسحاق نافون إحداث تقارب بين التلاميذ العرب واليهود، لم يشارك في هذه الأنشطة إلا 2% من المربين اليهود، مشيرا لموقف المؤسسة الدينية الرافض لعقد مثل هذه اللقاءات، مما يثبت أن الذاكرة الجماعية لليهود كضحايا لمخططات الاضطهاد والإبادة جعلتهم «سجناء ماضيهم الخاص».

وحسب الباحث كان الإسرائيليون يعرفون عن الاسكندينافيين أكثر مما يعرفونه عن جيرانهم العرب، وهو ما ساهم في تعقيد الصراع وخلق أرضية بررت استخدام القوة ضد العرب، مشيرا إلى أن 4.1% فقط من الوقت المحدد للتاريخ في المدرسة الإسرائيلية خصص للتاريخ العربي، مؤكدا رأي باحثين أجانب بأن اليهود نقلوا صورة الأغيار من الشتات لإسرائيل وسلطوها على العرب بشكل خاطئ.

من ناحيته يقول الناقد والفلسطيني أنطوان شلحت، الذي كتب مقدمة البحث إن سنوات ما بعد 2000، شهدت صعودا يمينيا متطرفا إلى رأس هرم جهاز التعليم في إسرائيل، بعد تسلم ليمور لفنات من حزب الليكود حقيبة التعليم. واقتبس شلحت الباحث سامي شالوم، الذي اعتبر فترة لفنات الأخطر على التعليم الإسرائيلي، باعتبارها «قاب قوسين أو أدنى من الفاشية التامة». ونوه إلى أن لفنات أسقطت كل ما ليس مستمدا من الرواية الصهيونية التاريخية، أن فلسطين كانت خالية من العرب باستثناء القليل الذين فروا عام 1948.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,647,792

عدد الزوار: 6,906,476

المتواجدون الآن: 101