وماذا بعد الانتخابات؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 10 آذار 2010 - 7:13 ص    عدد الزيارات 3954    التعليقات 0    القسم عربية

        


(افتتاحية)

بالطبع ربما لا تتوفر لنا معرفة نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية إلا بعد بضعة أيام، لكن هذا لا يمنعنا من القول بثقة إن المواطنين العراقيين أظهروا من جديد شجاعة وتصميماً كبيرين بتحديهم القنابل والمتفجرات والكثير من العقبات التي سبقت موعد الانتخابات ليتوجهوا الى صناديق الاقتراع من أجل ممارسة حقهم الدستوري في التصويت.
لذا، نأمل أن يكشف زعماء العراق السياسيون عن نفس هذه الشجاعة على الأقل خلال الأسابيع المقبلة وهم يعملون على تشكيل الحكومة الجديدة. فمع اقتراب موعد انسحاب الجنود الأمريكيين من العراق بحلول نهاية أغسطس المقبل، ليس هناك متسع من الوقت أمام الحكومة لمعالجة الكثير من المسائل التي تتطلب حلولاً عاجلة.
من الملاحظ، على أي حال، أن نسبة تصويت العراقيين في هذه الانتخابات كانت أقل من مثيلتها في الانتخابات السابقة (62 مقابل 76)، وهذا نتيجة جزئية لفرض قيود مشددة على متطلبات الانتخابات كي يتمكن المواطن من المشاركة فيها. ورغم مقتل 30 شخصاً على الأقل في هجمات خلال يوم الانتخابات، يشير التقييم العام الى أن الأوضاع كان يمكن أن تكون أكثر سوءاً على نحو كبير لو لم تتمكن قوات الأمن من ضبطها.

مشاركة

ومن الأشياء المشجعة أيضاً كان قرار العرب السنّة المشاركة في التصويت بأعداد كبيرة رغم الجهود المشينة والظالمة التي بذلتها الأحزاب الشيعية الحاكمة لإبعادهم عن الانتخابات من خلال اعتبار المئات من السنّة ومن المرشحين الآخرين غير مؤهلين لخوضها لأسباب مختلفة منها مسألة اجتثاث البعث. لقد كان بإمكان السنّة، الذين حكموا العراق في عهد صدام حسين وأمضوا معظم السنوات السبع الماضية في مواجهات مع الحكومة العراقية التي هيمن عليها الشيعة، النزول الى الشوارع ثانية من أجل المطالبة بحقوقهم لكنهم اختاروا بحكمة بدلاً من ذلك التوجه لصناديق الاقتراع والمشاركة في الانتخابات.
إن هذا تطور جيد جداً لكل العراقيين بالتأكيد. لذا، يتعين على الحكومة الجديدة الآن القيام بواجبها على أفضل وجه حتى تضمن لأن يكون للسنّة ولكل أقليات العراق صوت كامل ومسموع في صنع مستقبل هذا البلد.

مساومات

النتائج الأولية للانتخابات تشير على ما يبدو الى وجود تآلفين في المقدمة، الأول بقيادة رئيس الحكومة نوري المالكي والثاني يقوده إياد علاوي - رئيس الحكومة سابقاً. لكن يبدو أيضاً أن أياً من هذين التآلفين لن ينل ما يكفي من مقاعد البرلمان (325 مقعداً) ليتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة بمفرده مما يعني أننا سنشهد أسابيع، ونأمل ألا تكون أشهراً، من المساومات والمناقشات السياسية في وقت توجد فيه الكثير من المسائل المهمة العالقة بانتظار البت فيها ومنها قانون النفط المؤجل منذ وقت طويل.
وإذا كان على زعماء العراق تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن إلا أن عليهم أيضاً توخي الحذر عند اتخاذ قرارات لابد أن تكون صعبة. فالأكراد الذين لعبوا دور (صانع الملوك) في الماضي سوف يطالبون حتماً بالتزامات معينة هذه المرة تتعلق بمستقبل كركوك، وهذا بخلاف وجود لاعبين آخرين سيضغطون كذلك من أجل مصالحهم الطائفية. ولاشك أن اللعبة السياسية سوف تبدأ من جديد وبحماسة منذ اللحظة التي تتقاسم فيها الكتل المختلفة مقاعد البرلمان. عندئذ ستنهار تآلفات وتشكل تحالفات جديدة، ويصبح لكل مقعد من مقاعد البرلمان ثمن مهم مع تسابق الزعماء السياسيين للحصول على الأغلبية.
وفي هذا الإطار، أنجز علاوي عملاً طيباً بتشكيله تآلفاً متوازناً عرقياً، وبقيادته حملة انتخابية ضد الانقسامات الطائفية المريرة في العراق.
لذا، نأمل أن يستمرعلاوي في الدفاع عن هذه الرؤية الوطنية حالما تبدأ المساومات السياسية.
بالمقابل، نجد المالكي قد وقف قبل الانتخابات بجانب أولئك المخادعين الذين عملوا على إبعاد العراقيين السنّة عن صناديق الانتخابات، وبذلوا كل طاقاتهم لخدمة قاعدتهم الشيعية.
إننا نأمل الآن أن يتطلع المالكي الى اداء علاوي القوي الذي لم يكترث بالانتماءات الطائفية، ويدرك أن مشاركة جميع أبناء العراق على اختلاف أعراقهم وطوائفهم هي أمر أساسي وحيوي لمستقبل هذا البلد.

تعريب: نبيل زلف
 

 


المصدر: جريدة الوطن الكويتية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,162,647

عدد الزوار: 6,758,159

المتواجدون الآن: 118