العراق اليوم أمام مفترق طرق

تاريخ الإضافة الأحد 7 آذار 2010 - 6:44 ص    عدد الزيارات 3814    التعليقات 0    القسم عربية

        


افتتاحية

توضح سلسلة التفجيرات التي استهدفت بعض مناطق العراق في الأيام الأخيرة بقصد تعطيل الانتخابات التي تعقد اليوم الأحد السابع من مارس، مدى المخاطر التي تحيط بهذه الانتخابات وما تتضمنه من رهانات كبرى على المدى البعيد.
فرئيس العراق المقبل سيتولى السلطة لأربع سنوات، أي أن فترته هذه ستستمر الى ما بعد انتهاء فترة الرئيس أوباما، والى ما بعد انسحاب الجنود الأمريكيين من العراق وهي تأتي في وقت يصل فيه التهديد النووي من ايران المجاورة الى مستوى مخيف.
على أي حال، من المستحيل معرفة في هذه الانتخابات البرلمانية المفتوحة على كل الاحتمالات من هم المرشحون والأحزاب والتحالفات السياسية التي ستفوز بثقة الناخبين العراقين. لكن بصرف النظر عن الفائز، سيكون لنجاح أو فشل الحكومة الجديدة عواقب كبيرة، ليس فقط على العراق بل وعلى الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

هواجس ومخاوف

فمهما كانت القيادة الجديدة المنبثقة عن الانتخابات، يتعين عليها وعلى قوات الأمن مواصلة التقدم الذي تحقق حتى الآن نحو السلام والاستقرار، والتصدي للصراع الطائفي الذي تحاول بعض المجموعات إذكاء نيرانه من جديد. إن العراقيين بحاجة الآن للسير في الشوارع والتسوق دون خوف من التعرض للقتل والانفجارات.
ولاشك أنهم بحاجة أيضاً اليوم بعد سبع سنوات من الإطاحة بصدام حسين، الى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء مع توفر فرص العمل.
لكن ثمة هواجس ومخاوف من الفترة التي تعقب الانتخابات وذلك لأنها ستشهد على الأرجح - كما حدث في الانتخابات البرلمانية عام 2005 - أشهراً من الجدل السياسي قبل تشكيل التآلف الحاكم.
وسوف يؤدي هذا بالطبع لفراغ أمني يمكن ان تستغله المجموعات المتطرفة لخدمة مصالحها كما حدث في الهجوم الإرهابي على المسجد الذهبي عام 2006 مما أدى الى أعمال عنف وفوضى كادت أن تتحول لحرب أهلية بعد ذلك.
وعلينا أن نتذكر الآن أن الصلاحية الدستورية لحكومة «الوحدة» الراهنة التي تضم السنّة، الشيعة والأكراد، ستنتهي مع هذه الانتخابات. فهل ستتمكن القيادة الجديدة من مد يدها الى الطوائف الأخرى لمعالجة مشكلات البلاد معاً، أم تعزل ممثلي شرائح مهمة من السكان لتثير بذلك لهيب الغضب الطائفي؟
الحقيقة أن عدم الاستقرار في العراق لابد أن يعيق عملية الإصلاح والتقدم الى الأمام كما يمكن ان يعرقل خطط الانسحاب الأمريكي من العراق في وقت تسعى فيه وزارة الدفاع الأمريكية لتعزيز قواتها في أفغانستان وتنتهي من جبهة العراق.
بدوره، يحتاج الرئيس أوباما بالطبع الى هذا الانسحاب لأسباب سياسية، فقد كان الانسحاب من العراق واحدا من وعود حملته الانتخابية. لكن بالرغم من ذلك، لاتزال وزارة الدفاع الأمريكية تؤكد أن لديها خطة طارئة لإبقاء الجنود في شمال العراق الى ما بعد الأول من سبتمبر 2010.

مضامين بعيدة

كما أن لتطور الأوضاع في هذا البلد مضامين بعيدة المدى للشرق الأوسط. فالعراق يتحرك - ولو ببطء - نحو الديموقراطية في منطقة تحكمها نظم سلطوية استبدادية في معظهما. فإذا ما تحول زحفه البطيء هذا الى خطوات قوية وثابتة يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي عندئذ على سكان الدول المجاورة ويخيف زعماءها.
لكن تبقى المسألة الأكثر اهمية للمنطقة وللولايات المتحدة هي ايران وطموحاتها النووية ودور العراق فيها.
فبعد أن جعل صدام حسين العراق متراساً صلباً أمام ايران، تتمتع طهران اليوم بنفوذ كبير لدى زعماء شيعة العراق.
إلا أن ممارسة مثل هذا النفوذ لا تعني دائماً تغيير الوقائع على الأرض، فقد تمكن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من قمع احدى ميليشيات الشيعة رغم علاقاتها الوثيقة بإيران.
بالطبع، هناك الكثير مما يتعين عمله بعد لترسيخ الديموقراطية الوليدة في العراق، لكن تطورات السنوات القليلة الماضية تفتح الطريق أمام بعض الأمل.
فالشعب العراقي سئم الإرهاب والانقسام الطائفي وتحول للعمل ضد القاعدة، وتمكن الى حد كبير من كبح الميول الانتقامية.
ورغم العنف والمشاجرات السياسية تمكن البرلمان العراقي من إصدار 50 مشروع قرار السنة الماضية بالإضافة للميزانية.
كما بدأت بعض المؤسسات كالجيش والهيئة القضائية تحظى بالاحترام ولو ببطء، وهذا عدا سعي المرأة بقوة لتأكيد دورها في السياسة وفي مجالات اخرى.
أخيراً، يتوقع محللون كثيرون ان تكون الأشهر المقبلة حافلة بالمشاحنات السياسية بل وربما يتحرك العراق باتجاه مثير للقلق، لكن رغم أن الأوضاع لم تستقر تماماً في هذا البلد، إلا أنه لايزال يتحرك للأمام. ولو تذكرنا ما كان عليه العراق قبل سنوات قليلة، وأين هو الآن، لأمكن لنا أن نعتبر هذا سبباً يدعو للتفاؤل والأمل.

تعريب: نبيل زلف

المصدر: جريدة الوطن الكويتية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,198,672

عدد الزوار: 6,940,110

المتواجدون الآن: 103