ملخص التقرير السنوي التاسع لحالة حقوق الإنسان في سورية 2010

تاريخ الإضافة الخميس 18 شباط 2010 - 6:44 ص    عدد الزيارات 3480    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حاولت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الجديد الذي يغطي الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر 2009؛ أن ترصد بعض الجوانب الأساسية من حالة حقوق الإنسان في سورية، لا سيما حق الإنسان في أن يعيش سالماً من الاعتقال التعسفي ومن المعاملة الحاطة بالكرامة البشرية. ولاحظ التقرير الذي يقع في 42 صفحة من الحجم المتوسط أن السلطة في سورية التي تفرض حالة الطوارئ على البلاد منذ سبعة وأربعين عاماً بدون مبرر مقنع لا تزال مستمرة في كبت الحريات وخنق حرية التعبير السلمي عن الرأي بكل صوره.
 
 
صعدت السلطة السورية حملتها ضد نشطاء حقوق الإنسان، فاستهدفت أكثرهم نشاطاً وفاعلية، ولم تتوقف حملتها على الأشخاص بل تعدته إلى البنيان الحقوقي الذي لم تعترف به منذ بدايات نشأته.
ومن أبرز الحالات هذا العام اعتقال رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية) المحامي مهند الحسني؛ على خلفية حضوره جلسات محكمة أمن الدولة العليا وتدوين مجرياتها ونشرها، واعتقال الناشط الحقوقي المحامي هيثم المالح (79 عاماً) على خلفية تصريحات عن الفساد في السلطة.
واتسعت قوائم الممنوعين من السفر على خلفية نشاطهم الحقوقي. وتصنف جداول الممنوعين من السفر إلى فئات يبلغ كل منها آلاف الممنوعين من السفر على خلفية نشاطهم في الشأن العام أو تصنيفهم كمعارضين أو ممنوعين احترازياً من السفر، كما يشمل المنع من السفر المعتقلين السياسيين السابقين.
وبينما رفضت الوزارة ترخيص كل منظمات حقوق الإنسان التي تقدمت بطلبات للترخيص، شرعت في هذا العام باستهدافها كياناً وأعضاءً وتجريمهم بتهم النيل من عزيمة الأمة وتوهين نفسيتها ونشر الأكاذيب.
المهجرون القسريون وملف القانون 49/1980
 
استمرت السلطة السورية باستهداف المهجرين القسريين الذين مضى على محنتهم أكثر من ثلاثة عقود، فاعتقلت الكثير من العائدين منهم وقدمتهم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا في دمشق؛ بموجب القانون 49/1980 الذي يحكم عليهم بالإعدام ولو لمجرد صلة القربى بأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين. وبالرغم من جهود الجماعة المذكورة الحثيثة لإيجاد مدخل مناسب لحل قضايا المهجرين والمفقودين والمعتقلين والقانون 49/1980، إلا أن السلطة أدارت ظهرها لإعلان الحماعة عن إيقاف أنشطتها المعارضة ولكل المبادرات والوساطات لإنهاء معاناة عشرات الآلاف من المواطنين السوريين الذين يلاقون الأمرين، حيث كثير منهم يعيشون في ظروف معاشية سيئة في المهجر والشتات. ولقد جاءت تصريحات غاية في التطرف لوزير الأوقاف السوري، ويُعتقد أن الهدف منها كان إرسال رد السلطة في سورية على اليد الممدودة من جانب جماعة الإخوان المسلمين.
وإلى جانب الحالات التي تمكنت اللجنة من توثيقها خلال العام المنصرم، جهدت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في الحصول على معلومات عن 13 حالة اعتقال بين أبناء المهجرين العائدين إلى سورية في العام 2009 لكنها لم تتمكن من توثيق هذه الحالات لأن الخوف استبد بأسر المعتقلين على مصير أبنائهم مما جعلهم يحجمون عن تقديم المعلومات. وأما الحالات التي وصلت اللجنة عن محاكمات المهجرين بموجب القانون 49/1980 فمحدودة إذ أعاق نشرها العودة إلى ممارسة الحجب الجزئي لحضور جلسات محكمة أمن الدولة العليا، وخصوصاً بعد اعتقال المحامي مهند الحسني الذي كان يوثق مثل هذه المحاكمات.
من جهة أخرى، وثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان خلال عام 2009 معلومات كثيرة تفيد بمنع بعض السفارات السورية للمهجرين منحقوقهم القانونية في الحصول على جوازات السفر في أماكن اقامتهم وخصوصاً في اليمن والسودان والأردن والعراق. فقد نُقل عن العديد من السوريين المهجرين هذا العام أن موظفي السفارات السورية قامو بحجز جوازات سفرهمعند تقدمهم لتجديدها أو تمديدها بعد انتهاء مدتها وعدم تجديدها أو منح جوازاتجديدة، وأصبح في حكم المتواتر أن من يبلغ عمره الرابعة عشرة من غير المسجلينفي قيود سجلات الأحوال المدنية، يُرفض تسجيله لدى السفارات السورية أو عبرها، ولا يمنح جواز سفر، ويطلب منهذه الفئة العمرية السفر إلى سورية لتصحيح أوضاعهم، وعندما يسافرون يعتقلون، ويحاكم كثير منهم بموجب القانون 49/1980 على الرغم من حداثة سنهم وعدم انتمائهم إلى أي جماعة، فيمحاولة للضغط على ذويهم. ولقد نُقلَ الكثير في هذا العام عن سوء معاملة المواطنين السوريين من قبل سفارات بلدهم، خصوصاً أن السلطة السورية قامت في فترة سابقة بتعيينات جديدة في السفارات السورية، كثير منها لمسؤولين قادمين من خلفية أمنية ، لا سيما في البلدان التي يكثر فيها عدد المهجّرين.
 
المفقودون في السجون السورية:
استأنفت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في العام (2009) سعيها الحثيث للبحث عن مصير المفقودين في السجون السورية الذين يناهز عددهم السبعة عشر ألف مفقود، في ظل صعوبات كبيرة تكتنف عملها. فما زالت السلطة السورية ما تزال تفرض من جانبها حظراً على الحديث في هذا الموضوع، ويتعرض من يتحدث فيه للاعتقال والعقوبة الشديدة. وفي نفس الوقت تواجه اللجنة صعوبات جمة في إقناع ذوي المفقودين أو أصحابهم ومعارفهم في إبراز هذه القضية البالغة الأهمية. وترجّح اللجنة أن السلطة قد قامت بتصفية هذا العدد الضخم من المعتقلين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، ناهيك عن الذين قضوا تحت التعذيب أو بسبب انتشار الأوبئة الفتاكة في مهاجعهم أو نتيجة سوء التغذية والشيخوخة.
 
الأكـــراد
شنت السلطة في سورية حملة لا هوادة فيها هذا العام على المواطنين الأكراد، فاعتقلت المئات منهم على خلفية انتماءاتهم لأحزاب كردية تطالب بالحقوق الكردية على تفاوت فيما بينها، ولم تتوان عن اعتقال ومحاكمة المحتفلين بعيد النوروز أو المهتمين باللغة والثقافة والفن الكردي، وحكمت محكمة أمن الدولة بقسوة بالغة على المعتقلين الأكراد واصمة إياهم بمحاولة سلخ أجزاء من الأراض السورية وضمها إلى دولة أجنبية وإثارة النعرات العنصرية والمذهبية وتوهين الشعور القومي.
وتكررت حوادث موت المجندين الكرد أثناء أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وتعتقد مصادر كردية أن تكرر حوادث الوفاة ليس أمراً عرضياً لا سيما أن بعضهم توفي نتيجة التعذيب والبعض الآخر أصيب إصابات مباشرة بالرصاص في أماكن قاتلة بينما مات آخرون في حوادث غامضة لم يفصح عنها. ويعتقد الناشطون الكرد أن قادة القطعات العسكرية أو القادة الميدانيين تسببوا بالموت على خلفية الانتماء الكردي للمجندين لا سيما أن هذا النوع من الوفاة ظهر لأول مرة بعد أحداث 13 آذار/ مارس 2004.
 
 
الاعتقال العشوائي والتعسفي
 
شهد هذا العام الكثير من حوادث الاعتقال العشوائي والتعسفي، ولا يصل إلى المواطنين ومجموعات حقوق الإنسان عادة إلا القليل النادر من أخبارها التي تتم بتكتم شديد من قبل الأجهزة الأمنية، حتى أن أسرة المعتقل لا تعلم باعتقاله ولا بمكان احتجازه وتطول معاناتها. كما تطول معاناة المعتقل الذي يلقى المعاملة السيئة والمهينة والتعذيب، بل إن كثيراً من المعتقلين يجهلون سبب اعتقالهم الذي يكون غالباً بسبب تقرير كيدي من المخبرين الكثر المنتشرين في كل مكان.
وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، ظل الإسلاميون هدفاً أساسياً للاعتقال التعسفي، بالإضافة إلى نشطاء حقوق الإنسان والشأن العام. وشهد هذا العام استهداف عناصر على علاقة بحزب العمل الشيوعي، بينما تابعت الأجهزة الأمنية اعتقال كل من يجرؤ على ممارسة حقه في التعبير عن الرأي. وقد شملت الاعتقالات هذا العام عدداً من النساء.
واعتقل عضو التيار الإسلامي الديمقراطي المستقل يوسف عبد الله الذيب (دير الزور) في 15/11/2009 ولا يزال معتقلاً. واعتقل كل من مريم خالص وياسر أحمد وهما بريطانيا الجنسية يدرسان اللغة العربية بدمشق على خلفية ما زعم بمحاربة الإرهاب واحتجزا في فرع فلسطين ثم أفرج عنهما بعد ثلاثة شهور. واعتقلت الطالبة الجامعية ريم نخلة على خلفية نقاش مع بعض زميلاتها عبرت فيه عن رأيها وبعد أسابيع من اعتقالها أودعت مشفى للأمراض النفسية قبل أن يطلق سراحها. واعتقلت رويدة حمود رهينة عن زوجها المعارض في بريطانيا ثم أفرج عنها لاحقاً. واعتقل الداعية عبد الرحمن كوكي إثر عودته من قطر ومشاركته في برنامج الاتجاه المعاكس الذي كان يناقش قضية النقاب وقرار شيخ الأزهر بمنعه. ثم أحيل إلى محكمة الجنايات حيث حكم عليه بالسجن لعامين قبل تخفيضهما إلى عام واحد بتهمة إثارة النعرات الطائفية والمذهبية. واعتقل الصحفي في صحيفة الثورة السورية معن عاقل من مقر عمله، ثم صدر قرار بفصله من عمله خلال 48 ساعة من اعتقاله. وهو سجين سابق على خلفية انتمائه لحزب العمل الشيوعي.
 
الموت في السجون تحت التعذيب
 
تعتمد عقيدة السلطة الأمنية في سورية على التعذيب السريع والعنيف للمعتقل لانتزاع أكبر قدر من المعلومات في أسرع وقت ممكن، وهذا ما أكسبها رواجاً وتعاوناً أمنياً مستمراً مع الأجهزة الاستخبارية الأمريكية التي رحلت إليها معارضين تعرضوا لأقسى صنوف التعذيب.
وفي كل عام تضيف السلطات الأمنية مبتكرات جديدة من أدوات ووسائل التعذيب المادية والمعنوية والنفسية لتمارسها على المعتقلين العزل وسجناء الرأي الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً.
ومن بين حالات الوفاة تحت التعذيب التي وثقتها اللجنة هذا العام: المعتقل محمد أمين الشوا (دير الزور)، ويوسف جبولي الذي سُلمت جثته بعد أسبوع من اعتقاله لأسرته، ولم يسمح لهم بفتح التابوت الخشبي الذي وضع فيه، ومنعوا من الإعلان عن وفاته ودعوة الناس للصلاة عليه، ولقد رافقتهم دورية من المخابرات حتى اكتمال عملية دفنه. كما عُلم أن النيابة العسكرية قد أرسلت شهادة وفاة لأسرة المعتقل خوشناف سليمان تفيد بوفاته في 31/3/2003 دون مزيد من التفاصيل. والصيدلي سليمان معتقل منذ شهر 9/1998 عند عودته من روسيا على خلفية انتمائه لحزب العمال الكردستاني، ثم نقل إلى صيدنايا وزارته أسرته وكان من المؤكد أنه على قيد الحياة عام 2005 مما يوحي بأن الوفاة حديثة ونتيجة التعذيب أو القتل.
سجن صيدنايا العسكري
 
إثر الأحداث المؤلمة التي شهدها السجن والمجزرة المروعة التي بدأت بتاريخ 5/7/2008 وحصدت أرواح عشرات السجناء فيه منعت السلطات كل أنواع الاتصال بالسجن وألغت زيارة الأهالي ولم تستجب لاستفسارات الاطمئنان على سلامة من فيه وفرضت حالة كاملة من التعتيم على السجن. واستمرت هذه الحالة لفترة تربو على عام قبل أن تستأنف السماح بالزيارة لبعض المعتقلين دون البعض الآخر في أواخر شهر 7/2009. ووردت أخبار من داخل السجن تفيد بإحالة بعض المعتقلين إلى دمشق للمثول أمام محكمة أمن الدولة العليا أو المحاكم العسكرية بينما لا يزال بعضهم ينتظر مصيره الغامض منذ اعتقاله الذي مضى على بعضهم بضع سنين.
ويعتقد أن ما يناهز الألفي سجين يحتجزون حالياً في سجن صيدنايا غالبيتهم العظمى من الإسلاميين الذين اعتقلوا على خلفيتهم الفكرية أو الدينية أو من الذين استغلت السلطات عواطفهم وأرسلتهم إلى العراق ولما عادوا اعتقلوا ومنهم من قدم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة ومنهم من ينتظر. ولا يزال مصير عدد من المعتقلين مجهولاً ومنهم الذين انتهت مدة أحكامهم ولم يفرج عنهم أو يعلم ذووهم عن أخبارهم وفي مقدمتهم الناشط الحقوقي نزار رستناوي الذي أنهى مدة محكوميته (أربع سنوات في صيدنايا) في نيسان/ إبريل 2009.
استهداف مؤسسات المجتمع المدني والخيري
 
تتخذ السلطة السورية عادة كل الوسائل لإحكام سيطرتها وتسلطها على مؤسسات المجتمع المدني والخيري، فتارة تلجأ إلى وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل لمنع ترخيص بعضها مخالفة بذلك بشكل صريح قانون الجمعيات، وتارة أخرى تلجأ إلى إبعاد بعض أعضاء الإدارة والأعضاء المؤسسين واستبدالهم بآخرين من ذوي الانتماءات والخصائص التي ترضى عنها السلطة. وهذه التصرفات التي تنتهك حقوق المواطنين أضعفت الجهود لتحسين أداء هذه الجمعيات وأتت بفئة طفيلية مستفيدة غير مفيدة. وأما انتخابات النقابات المهنية والعلمية والعمالية فالتجاوزات فيها قائمة على أوسع نطاق لما يرضي السلطات الأمنية.
حرية الإعلام
 
لا تزال السلطات السورية تسيطر سيطرة كاملة على وسائل الإعلام بكل أنواعه المقروء والمسموع والمرئي والانترنت، ولئن تخلت قليلاً في الفترة الأخيرة عن الملكية التامة لوسائل الإعلام بسماحها لعدد محدود جداً من الفضائيات أو الصحف والمجلات غير السياسية المستقلة بالظهور، لكن نظرتها إلى الإعلام ظلت تتمثل في خدمة السلطة وشرح سياساتها وعدم المس بها وكل وسيلة إعلام تحيد قيد أنملة عن النظرة الرسمية الوحيدة تتعرض للحجب أو سحب الترخيص أو المنع من مزاولة المهنة بالإضافة إلى الملاحقة الأمنية والإجراءات العقابية الرادعة.
وكانت وقائع انتهاك الحقوق الإعلامية خلال العام 2009 عصية على الحصر لأنها تجري على مدار الساعة بواسطة أجهزة أمنية متشددة مخصصة لهذا الغرض، ومن قبل وزارة إعلام يرأسها وزير يمارس صلاحيات مطلقة في مجاله على نحو متعسف.
وقد صُنفت سورية عربياً بأنها الأكثر حجباُ للمواقع على شبكة الانترنت. فزادت المواقع الالكترونية المحجوبة على المتصفح السوري على شبكة الانترنت خلال العام 2009، حيث بلغ عدد المواقع المحجوبة 244 موقعاً في أواخر العام 2009 تعنى غالبيتها بالشأن العام وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والأحزاب السياسية السورية.
 


المصدر: اللجنة السورية لحقوق الانسان

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,179,087

عدد الزوار: 7,018,323

المتواجدون الآن: 63