مخاوف دولية وإقليمية من نشوء وزيرستان يمنية

تاريخ الإضافة الإثنين 4 كانون الثاني 2010 - 6:54 ص    عدد الزيارات 3613    التعليقات 0    القسم دولية

        


جدة...ياسر باعمر

بعد الضربات الأمنية التي تلقاها تنظيم القاعدة في أكثر من جبهة عسكرية، خاصة الجبهة السعودية، حيث أعلنت القاعدة منذ مايو الماضي 2008 أنها خسرت المعركة على أرض السعودية، وطالبت قياداتها وأعضاءها وكوادرها بالتوجه إلى اليمن ،تلقى التنظيم ضربة أخرى في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي 2009 في غارة جوية شنها الطيران العسكري اليمني على معسكر تابع للتنظيم بمحافظة شبوة اليمنية
(المنطقة التي يتمركز فيها مقاتلو  القاعدة). ورغم الملاحقات الأمنية لعناصر التنظيم وقياداته، إلا أن قلق المسؤولين الأمريكيين في تزايد بسبب تنامي قوة التنظيم في الصومال المجاورة وفي شرق إفريقيا، وتخوفهم من أن يصبح اليمن مركز القاعدة العملياتي وينافس بذلك مناطق القبائل الباكستانية "وزيرستان"، التي يعمل فيها كبار زعماء القاعدة وذلك بحسب الخبير السياسي إريك شميت في تقرير مطول نشرته صحيفة "النيوزويك" الأمريكية في 29 ديسمبر الماضي.

وزيرستان اليمنية
هناك مصادر قلق دولية وإقليمية من سعي القاعدة الحثيث لاستنساخ وزيرستان أخرى يمنية،ولكن بنكهة باكستانية، فالقبيلة تلعب دوراً كبيراً في الحياة اليمنية السياسية والعامة،بل وربما يفوق أحياناً كثيرة سلطة الدولة المركزية في صنعاء، فيسعى قياديو القاعدة في اليمن إلى اللعب بورقة القبائل واستمالتهم عبر أدوات مختلفة. وهذا ما كشفته وكالة "فرانس برس" في نوفمبر الماضي 2009 في تقرير حمل عنوان (القاعدة تخترق قبائل اليمن حيث لا وجود للسلطة).
واستشهد التقرير بحادثة اختطاف المهندس الياباني   الذي خطف من قبل قبائل قرب صنعاء، وتم تسليمه بعدها لعناصر تابعين لتنظيم القاعدة في منطقة "مأرب" - شرق صنعاء-، وأكد مراقبون أن مثل هذه الواقعة تؤكد أن شبكة القاعدة باتت تخترق القبائل اليمنية في الوقت الذي ينشغل فيه الحكم بقضايا عديدة وصراعات مختلفة.
وتستثمر القاعدة جيداً مسألة انشغال أركان الحكم في صنعاء بعدد من الملفات الشائكة في تمرير علاقاتها مع زعماء القبائل،حيث يقاتل الجيش اليمني حركة التمرد الحوثية في الشمال،بينما يواجه النظام مطالب انفصال الجنوب لإقامة دولة مستقلة، حيث القيادات الجنوبية وعلى رأسها نائب الرئيس السابق علي سالم البيض،تواصل مشاوراتها في عواصم غربية من أجل تحقيق هذا الغرض.يذكر أن القبائل اليمنية تحوز أكثر من خمسين مليون قطعة سلاح، وهي تحكم نفسها بنفسها في مناطقها حيث لا وجود لسلطة الدولة.
وتشير بعض المصادر إلى أن هذه القبائل آوت في العقد الأخير، وخاصة منذ الحرب على الإرهاب في أفغانستان ومن ثم غزو العراق ،مئات المسلحين الذين فروا من هذين البلدين متجهين صوب اليمن،فضلا عن مئات آخرين من مناطق القرن الإفريقي وخاصة الصومال التي باتت تشكل معقلا رئيسيا لشبكة القاعدة،مثلما حصل مع انهيار نظام حركة طالبان في أكتوبر 2001 ،حيث كانت كهوف وزيرستان وجبالها أكثر الأمكنة أمانا لفلول حركة طالبان وتنظيم القاعدة.
تعاطف العديد من أبناء قبيلة وزير بشكل خاص مع طالبان.وقد حاولت جيوش التحالف الغربي بالتنسيق مع الجيش الباكستاني تضييق الخناق على منطقة وزيرستان فقامت قوات التحالف بشن عملياتها من الغرب وقام الجيش الباكستاني بشن عملياته من الشرق. كما شرعت إسلام أباد منذ عام 2002 في بناء قواعد عسكرية في وزيرستان، تم استخدامها في عمليات عسكرية منذ عام 2004.غير أن الطبيعة الجغرافية القاسية للمنطقة وطبيعة سكانها الصعبة حالت دون اختراق المنطقة.
وقد ظل الصراع مستمرا بين الجيش الباكستاني وقبائل المنطقة الموالية لحركة طالبان وتنظيم القاعدة، رغم توقيع اتفاقية وزيرستان في 5 سبتمبر 2006 في مدينة ميران شاه  لوقف القتال.

تواجد القاعدة القوي
تتواجد "القاعدة" بشكل قوي في مديرية عبيدة – بمأرب-، وهي منطقة صحراوية واسعة الأطراف تتخللها مناطق جبلية وعرة. وقال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في 3 فبراير 2009م بمأرب:"أنا متأكد أنه لا شيخ ولا شخصية منكم سواء سياسية أو دينية ترضى بهذا الإرهاب، ولكن أقول لكم لا جدوى من المجاملة، فأنتم ترون الإرهابيين أمام أعينكم وهم يتواجدون في القرى، ولا تقولوا بأن هذا منكر..".
وأضاف أن مصالح الشعب اليمني في هذا المثلث يجب أن تكون فوق كل اعتبار،" وهو ما يجب أن يفهمه أبناء مأرب والجوف وشبوة". يقول الباحث في شؤون القاعدة باليمن نجيب اليافعي الذي تحدث لـ "الوطن" إن"نظام الحكم في صنعاء يشهد تمرداً على الدولة، أو يشهد احتراباً قبلياً، أو حراكاً متجاوزاً حد النضال السلمي، أو أعمال عنف، بشكل يتوازى مع انحسار وجود الدولة، حتى لا تكاد الدولة تسيطر -في كثير من المحافظات- إلا على المدن وبعض المناطق التي تسقط من يده تباعا"ً.
زواج لن يستمر طويلاً
وللتدليل على عمق القبيلة في الرؤية الاستراتيجية لتنظيم القاعدة، فقد دعا زعيم ما يسمى  بأمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب "أبي بصير" (ناصر الوحيشي) في تسجيل صوتي له على الإنترنت في 20 فبراير الماضي، القبائل اليمنية إلى التوجه إلى مواجهة القوات الحكومية، متحدثا في حينه عن حملة عسكرية يتم التحضير لها في المناطق القبلية، ودعا القبائل إلى عدم تسليم السلاح للقوات اليمنية.
لكن الباحث نجيب اليافعي يرى امتدادات للقاعدة مع القبائل اليمنية إلا أنه لا يشبهها بتطابق طالبان الباكستانية مع قبائل وزيرستان. ويقول "لا يوجد في اليمن قبائل كالقبائل الباكستانية مستعدة أن تتعاطف مع القاعدة إلى آخر المشوار، فرجال القبائل في اليمن هم سياسيون من طراز رفيع يبحثون عن المصلحة والمنافع المادية أكثر من أي ولاء آخر"، موضحاً " أنه لا يوجد في اليمن منطقة جغرافية محددة يمكن أن تكون مأوى حقيقيا للقاعدة نظراً لوجود علاقات سياسية واجتماعية وثقافية من الصعب أن تسمح بقيام منطقة امتياز للقاعدة".

السعودية في مأمن
ويشير مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية الدكتور أنور عشقي إلى أن القاعدة تستفيد كثيراً من بعض الحساسيات التي تحدث بين القبائل اليمنية خاصة بين حاشد وبكيل (كبرى القبائل اليمنية والتي تتمتع بقدر كبير من النفوذ والسلطة) ،مضيفاً في حديث لـ"الوطن" أنه "جرى اجتماع سري بين القبيلتين وبعض القبائل الأخرى لتصفية هذه الحساسيات بينهم".وأضاف عشقي " أن القبائل اليمنية الكبيرة تكن احتراماً كبيراً للسعودية، ولن تسمح بأن يستمر هذا التزاوج بين القاعدة وبعض القبائل الصغيرة، خاصة أن القبيلة تلعب دوراً محورياً في السياسة اليمنية". وأوضح أن القاعدة في اليمن تحاول حالياً التوأمة مع المتمردين الحوثيين، والمعارضة اليمنية "الحراك الجنوبي" بهدف استجلاب الدعم المادي لها، مؤكداً أن السعودية في مأمن من ضربات القاعدة.

الخروج من الأزمة
ويرى الصحفي والمتابع لتطور القاعدة في اليمن محمد سيف حيدر أن لدى الحكومة اليمنية حزمة خيارات لزعزعة العلاقة بين القاعدة والقبائل اليمنية وذلك من باب التنمية ،قائلاً " مسألة التنمية في اليمن تعاني من إشكالية أساسية. إن الدولة لم تستطع أن تلبي حتى الآن متطلبات التنمية الأساسية التي يريدها المواطنون وخاصة في المناطق البعيدة، وهي مناطق قبلية ومناطق وعرة جداً"، مضيفاً أنه" وجب أن تركز الحكومة أيضاً على العامل الأمني بقوة،وكذلك يجب أن تكفّ الحكومة عن اللعب بأوراق الجماعات الإسلامية بأشكال مختلفة لأن ذلك يضرب في الأخير في الأمن القومي للبلد".
وهذا ما يتفق معه اليافعـي محذراً من وجود أجنحة في السلطة اليمنية – دون أن يسميها- تحاول أن تنسج خيوطاً واسعة مع مجموعات جهادية ما زالت باقية حتى المرحلة الراهنة، وتقوم باستخدامها عندما تتوتر العلاقات مع المجتمع الدولي وللفت أنظاره نحو اليمن للحصول على معونات مالية، وتسعى – بحسب الباحث نجيب اليافعي - إلى أن تكون ورقة  مكافحة الإرهاب ورقة سياسية للسلطة في اليمن تقوم من خلالها بجلب المساعدات ولكنها لا تدرك خطورة أن يكون اليمن تحت الرعاية والأنظار الدولية.

الإرهاب الدولي: اتفاق أمريكي ـ بريطاني على مكافحة الإرهاب في اليمن والصومال
لندن: رويترز

أعلنت بريطانيا أمس أنها اتفقت مع الولايات المتحدة على تمويل وحدة شرطة لمكافحة الإرهاب في اليمن في إطار الجهود المكثفة لمحاربة الإرهاب.
وتركز الاهتمام في جانبي الأطلسي على التهديد المتنامي لتنظيم القاعدة في اليمن بعد الهجوم الفاشل في يوم عيد الميلاد والذي اتهم فيه نيجيري يبلغ من العمر 23 عاما بمحاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية لدى اقترابها من ديترويت.
اتفقت الولايات المتحدة وبريطانيا على تكثيف العمل المشترك للتصدي "للتهديد الإرهابي الناشئ" من اليمن والصومال في أعقاب هجوم ديترويت الفاشل، وذلك وفقا لمكتب رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أمس. وأضاف البيان "من بين المبادرات اتفاق براون مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بتمويل وحدة شرطة خاصة في اليمن لمكافحة الإرهاب". وأوضح أن بريطانيا والولايات المتحدة ستتعاونان أيضا في دعم قوات خفر السواحل اليمنية.
وقالت متحدثة باسم براون إن تمويل هذه الإجراءات سيأتي من التعهدات المالية الحالية لليمن.
وكان وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي قد أعلن في وقت سابق أن هناك ما يمكن أن يصل إلى 300 من مقاتلي القاعدة في بلاده ربما يخطط بعضهم لشن هجمات على أهداف غربية.
وفيما يتعلق بالصومال قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني إن براون وأوباما "يعتقدان أن هناك حاجة لقوة حفظ سلام أكبر وأنهما سيؤيدان ذلك في مجلس الأمن". وتقاتل حكومة الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد المدعومة من الغرب متمردين إسلاميين في الصومال بينهم حركة الشباب المتشددة التي تتهمها واشنطن بأنها تعمل وكيلا للقاعدة.
وقال مكتب براون إنه يريد أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي موضوع اليمن والصومال في اجتماعهم المقبل في أواخر يناير الجاري، كما سيبحث الوضع في البلدين مع الزعماء الآخرين في الاتحاد الأوروبي في القمة الأوروبية المقبلة. وأورد موقع وزارة الخارجية البريطانية على الإنترنت أن من المقرر أن تزيد المساعدات البريطانية لليمن إلى 50 مليون جنيه إسترليني سنويا اعتبارا من عام 2010 ارتفاعا من 20 مليون جنيه في السنة.
خطوات القاعدة في اليمن
• اختراق القبائل وتجيير عملها لمصالحها الخاصة.
• الاستفادة من تسليح القبائل إذ إن هناك 50 مليون قطعة سلاح مع رجال القبائل.
• الاستفادة من انشغال النظام من حربه ضد الحوثيين والمواجهة السياسية في الجنوب مع الحراك الجنوبي.
• لجوء المسلحين الفارين من العراق وأفغانستان والصومال إلى القبائل والاحتماء بها.
• لجوء عناصر القاعدة إلى مناطق صحراوية وجبلية بعيدة عن عيون السلطة وخاصة في مثلث الإرهاب في مأرب والجوف وشبوة.
 


المصدر: جريدة الوطن السعودية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,149,441

عدد الزوار: 6,936,988

المتواجدون الآن: 94