هجمات بغداد تثير المخاوف من « عنف سنّي»

تاريخ الإضافة الخميس 29 تشرين الأول 2009 - 7:47 ص    عدد الزيارات 3937    التعليقات 0    القسم عربية

        


بغداد - أ ب: يطمح السنّة في العراق بعد طول امتعاض من الحكومة التي يقودها الشيعة في نيل مزيد من السلطة والاحترام، علاوة على نصيب أكبر من الثروة النفطية في الانتخابات المقبلة. لكن التشرذم الذي هو السمة الغالبة بين قادتهم السياسيين والقوة المحضة لأعداد الشيعة تهدد بأن تذهب تلك الآمال أدراج الرياح.
ويخشى بعض المحللين والعراقيين من أن تكون النتيجة زيادة أعمال العنف، في ظل سعي بعض السنة الذين يشعرون بالمرارة إلى زعزعة استقرار الحكومة والفوز بالسلطة.
وسرت القشعريرة في أوصال سكان البلاد بفعل التفجيرات التي وقعت يوم الأحد الماضي، وأسفرت عن مقتل 155 شخصا، مع إعلان جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها. وقبل ثلاثة أعوام غرق العراق في مستنقع العنف عندما شن متشددون سنّة حملة تفجيرات فاقمت من التوترات التي تخيم على العلاقات بين السنة والشيعة، ما أشعل دائرة خبيثة من العمليات الانتقامية الطائفية، وصلت بالبلاد إلى شفير الحرب الأهلية.
وحتى الآن يبدو أن السواد الأعظم من السنة راضون بالسعي إلى نيل ما يطمحون إليه من خلال صناديق الانتخابات، في تصويت عام مقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل.
لكن المحللين يحذرون من أن الجماعات الهامشية المرتبطة بتنظيم القاعدة، مثل دولة العراق الإسلامية التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات يوم الأحد الماضي، يمكن أن تؤجج هواجس الخوف والقلق الكامنين في نفوس السنة، خاصة لو جاءت نتائج انتخابات يناير مخيبة لآمالهم.
وقال رياض قهوجي مدير عام مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري، تعليقا على الهجمات التي يشنها المتطرفون السنة «إنهم يريدون أن يجعلوا هذه الحكومة عاجزة عن العمل». وقال إن القاعدة في العراق التي كانت تحظى بالقبول لدى المتمردين السنة في البلاد، «تريد العودة من جديد، ويبدو أنها تعود على نحو يتسم بالجلبة والدموية الشديدين».
ولم يقبل السنة قطّ وضعهم كأقلية بعد أجيال من هيمنتهم على المشهد السياسي في المجتمع العراقي. وقد فقدوا تلك المكانة عندما أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بصدام حسين، ووضعت الشيعة الذين يمثلون 60 بالمئة من سكان البلاد في سدة الحكم.
علاوة على ذلك يشكو السنة من أن الحكومة التي يقودها الشيعة تحول بينهم وبين أن يتبوأوا المناصب في القطاعات التي تتمتع بالسلطة، مثل الشرطة كما لا تمنح المناطق السنية نصيبها الكافي من الثروة النفطية، وتستهدف أبناءها في عمليات اعتقال.
كما تعزز المخاوف من تفاقم أعمال العنف حقيقة أن قانونا ينظم انتخابات شهر يناير مازال متعثرا. يذكر أن العراق يصبح عرضة أكثر لتجدد أعمال العنف في فترات الأزمات السياسية.
وفي العام 2006 وفرت شهور من الصراع الساسي حول أول حكومة دائمة تقود البلاد عقب الغزو مناخا مواتيا للجماعات المتمردة المرتبطة بتنظيم القاعدة والمدعومة من بعض السنة، كي تستفز الميليشيات الشيعية إلى شفا الحرب الأهلية.
وحتى الآن لا يبدو أن الشيعة في العراق يستعدون للرد حتى مع الاستفزازات الناجمة عن الموجة الأخيرة من الهجمات المرتبطة بتنظيم القاعدة.
لكن تيرينس كيلي وهو محلل كبير في مؤسسة راند يقول إنه برغم ذلك «هناك دائما خطر ماثل من جنوح الفصائل الطائفية إلى العنف. لذا من الحيوي المضي قدما في العملية السياسية.. هدف القاعدة كان دائما الحيلولة دون ترسخ عملية سياسية تقوم على أساس ديمقراطي».
ويستهدف المهاجمون في الغالب المباني الحكومية، وهو هدف فعال مع قيادة الحكومة من قبل الشيعة، وأقل طائفية من استهداف الأسواق والأحياء الشيعية كما في الأيام الدموية من عامي 2006 و2007.
وسارع السواد الأعظم من السنة إلى النأي بأنفسهم عن التفجيرات المروعة. ويشير المحللون إلى أنه لا ينبغي الخلط بين القاعدة في العراق التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات وبين السكان السنة أو مجموعاتهم السياسية.
لكن ما من شك في أن الكثير من السنة ساخطون مع اقتراب انتخابات يناير، ويتطلعون إليها كفرصة لاستعادة بعض من سلطتهم الضائعة. وقاطع السنة الذين قادوا البلاد تحت حكم صدام حسين، انتخابات وطنية حرجة في العام 2005، ما أدى إلى بزوغ حكومة يقودها الشيعة.
وقال أحد المواطنين السنة من بغداد، ويدعى خليل العبيدي «برغم وجود بعض الشخصيات السنية في البرلمان والحكومة، مازلنا نعاني من استبعاد واضح من المناخ السياسي، وليس لدينا نفوذ مؤثر في عملية اتخاذ القرار في البلاد خاصة في الجانب الأمني».
وفي نقطة تحول هامة في الحرب أواخر العام 2006، شجب المتمردون السنة العنف وتحولوا ضد شركائهم السابقين المرتبطين بتنظيم القاعدة من الخارج، وبدؤوا العمل مع الجيش الأميركي لاستئصال شأفة المتمردين.
واعتبر ذلك عاملا هاما علاوة على زيادة في مستويات القوات الأميركية في استعادة العراق من شفير الحرب الأهلية.
وتعتزم عدة أحزاب سنية المشاركة في انتخابات يناير التي يعتبرها المحللون إشارة طيبة. لكن السنة أوضحوا أيضا أنهم يتوقعون الحصول على مكسب ما نظير مشاركتهم في زيادة مستوى الأمان في البلاد. وقال قهوجي «إنهم الآن راغبون ومستعدون للعب دور، ويتوقعون الحصول على قطعة من الكعكة».
من جانبه قال النائب صالح المطلك الذي يترأس كتلة سنية من 11 عضوا في البرلمان، إن السنة يتطلعون إلى إجراء انتخابات شفافة تخدم «كافة العراقيين من كافة الطوائف والأديان».
وحذر أنه في حال ظل المشهد السياسي في العراق من دون تغيير بعد الانتخابات، بمعنى استمرار هيمنة الشيعة على الحكومة، ستظل البلاد «غير مستقرة».
وتكمن المشكلة في أن السنة ليسوا بالضرورة قادرين على إحداث التغيير في صندوق الاقتراع. وقال جوست آر هيلترمان من مجموعة الأزمات الدولية إنهم متشرذمون وفي موقف دفاعي. ونالت الحكومة التي يقودها الشيعة الاستحسان على قيامها ببعض التواصل مع السنة. لكنها لم تتقدم نحوهم بذات القدر الذي حثتها عليه الولايات المتحدة، وتسمح للبعثيين السابقين والحلفاء السابقين لصدام حسين وغالبيتهم من السنة، باستعادة دور في حكومة العراق.
وقال هيلترمان «لا أظن أن السنة يريدون تأجيل الانتخابات، لا أظن أن أحدا في العراق يريد هذا.. لكن السنة يتخذون موقفا دفاعيا».


المصدر: جريدة أوان الكويتية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,641,794

عدد الزوار: 6,998,525

المتواجدون الآن: 92