تصريح نجاد وكلمة نصرالله يعزّزان الطابع الإقليمي للمعركة

ما معنى تقدم العنوان الإيراني في المشهد الانتخابي ؟

تاريخ الإضافة الأحد 31 أيار 2009 - 5:22 ص    عدد الزيارات 4623    التعليقات 0    القسم محلية

        


ما كان للكلمة التي ألقاها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في مهرجان انتخابي في بعلبك عصر الجمعة الماضي والتي تناولت في حيز اساسي منها ملف العلاقة اللبنانية – الايرانية ان تثير ردود فعل وقراءات استثنائية لولا توقيت الكلمة قبل تسعة ايام فقط من موعد الانتخابات النيابية في 7 حزيران. معنى ذلك بوضوح ان مطلق الرسالة السيد نصرالله تقصّد التوقيت كما المضمون السياسي، وان متلقفي الرسالة من اوساط محلية وخارجية، ولاسيما منهم الخصوم الانتخابيون والسياسيون لقوى 8 آذار في الداخل، لن يوفروا توظيفها في الفترة القصيرة المتبقية من الحملات الانتخابية.
هذه القراءات لموقف السيد نصرالله من التصريح الذي ادلى به الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الاسبوع الماضي واثارته موضوع التسليح الايراني للجيش اللبناني تقاطعت عند خلاصات لعل اكثرها إثارة للاهتمام هي ان "الحضور" الايراني في خلفية المشهد الانتخابي اللبناني بات يتقدم اي حضور اقليمي ودولي آخر وحتى "الحضور" السوري نفسه. فالرئيس الايراني تفرّد من دون سائر الزعماء الاقليميين والعرب والدوليين بالمبادرة الى الدفع علناً ورسمياً نحو رسم الخط البياني للدعم الايراني لقوى 8 آذار حين بشّر بأن فوزها في الانتخابات سيتجاوز اطار التغيير في لبنان الى تغيير في اوضاع المنطقة بأسرها.
وهذا يعني في تفسيرات الأوساط المحلية والخارجية المتوجسة من النفوذ الايراني وتمدده في لبنان والمنطقة ان طهران تبنت علناً وبلا اي مواربة وعلى نحو استباقي اي فوز محتمل لقوى 8 آذار كي يغدو الامر، في حال تحققه، نصراً ايرانياً اقليمياً على كل المحور العربي والدولي المناهض لها، وكي يغدو الاستحقاق اللبناني ضربة استباقية لمصلحتها في مسار حوارها الشاق المفترض مع الولايات المتحدة.
هذا البعد الواسع والاقليمي للاطار الانتخابي اللبناني لم يبدده السيد نصرالله في كلمته الاخيرة، وان لم يذهب الى حدود تبنيه مباشرة. فهو في تفسيره الايجابي لكلام الرئيس الايراني ووصفه بأنه "تحليل موفق"، دل بوضوح وإن بطريقة ضمنية على أنه لا يمانع في رسم هذا العنوان الاقليمي للمعركة الانتخابية وأنه يتبناه على طريقته.
اما في الناحية المتعلقة بتسليح ايران للجيش، فان السيد نصرالله ربط بوضوح مماثل بين فوز محتمل لقوى 8 آذار في الانتخابات وهذا التسليح، الأمر الذي اثار لدى هذه الاوساط انطباعاً ثابتاً حيال مخططات موضوعة لدى فريق 8 آذار لتغيير وجهة تسليح الجيش، وخصوصا من الجهة الاميركية الى الجهة الايرانية في حال فوزه بالاكثرية المقبلة. فموضوع الاستعانة بالتسليح الايراني اثير سابقاً مرات عدة ولم يكن ليقيم ضجة كبيرة وخصوصاً ان موضوع التسليح برز بقوة الى الواجهة بعد حرب نهر البارد تحديداً. وقد احدثت تلك الحرب نقطة تحول في ملف التسليح وعجلت في وصول المساعدات العسكرية المتنوعة الى الجيش في السنة الاولى من عهد الرئيس ميشال سليمان، ومن بينها المساعدات الاميركية، وحين زار الرئيس سليمان طهران قام بجولة على مصانع اسلحة، واثير هذا الموضوع من ضمن تنويع مصادر الاسلحة للبنان، اسوة بالمساعدات الروسية ايضاً التي حصل وزير الدفاع الياس المر في اطارها على عهد روسي بمنح لبنان عشر طائرات "ميغ".
ولكن مثار الاهتمام بكلمة السيد نصرالله يكمن في ربطه التسليح الايراني حصراً بفوز 8 آذار في الانتخابات، مما يعني اعطاء التسليح عنواناً اقليمياً خارجياً و"هوية" سياسية داخلية، بحيث يأتي هذا التسليح تتويجاً لغلبة خط سياسي داخلي اولاً ومحور اقليمي خارجي تالياً.
وفي ضوء هذه القرارات لتصريح الرئيس الايراني وكلمة السيد نصرالله تعتبر الاوساط صاحبة هذه القرارات، ان اي طرف داخلي لم يعد في حوزته اي قدرة مقنعة او ذات صدقية لنفي الطابع الاقليمي عن معركة يراد لها تغيير وجهة النظام والدولة وسياساتهما على نحو جذري. ولا يقلل هذا البعد للمعركة او يخفيه اي كلام مطمئن داخلي من جهات نافذة في قوى 8 آذار تدأب على القول أن الانتخابات وما بعدها لن تشهد انقلاباً في لبنان. فالانقلاب لن يكون في طبيعة الحال بوسائل غير سياسية، لأن محاذير ذلك معروفة ومحسوبة. ولكن تغيير وجهة الدولة والنظام والسلطة لم يعد امراً يتم تداوله بخفر وخجل، بل ان إضفاء الطابع الاقليمي على المعركة وطرح عناوين محددة وواضحة للكثير من التغييرات الجذرية في سياسات الدولة اصبحا من صلب البرنامج الانتخابي للقوى النافذة في 8 آذار وتحديداً "حزب الله". وهو لا يخفي ذلك ويتحلى بالصراحة التامة في كشفه هذه العناوين مما يضع الآخرين من حلفائه امام مأزق فريد من نوعه يتمثل في ظهور هوة علنية واعلامية مكشوفة بين منطق تبريري يعتمد فيه النفي لأمور، وتوجهات يطلقها اصحاب الحل والربط علناً وغالباً في اليوم نفسه وتحت سطح واحد. اما مردود هذا التباين على نتائج الانتخابات فلا يمكن الجزم فيه الا في يوم 7 حزيران نفسه.


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,156,145

عدد الزوار: 6,757,707

المتواجدون الآن: 123