تحليل سياسي واقتصادي

لماذا التمهيد لشلّ لبنان

تاريخ الإضافة الإثنين 13 كانون الأول 2010 - 6:44 ص    عدد الزيارات 2732    التعليقات 0    القسم محلية

        




 

لماذا التمهيد لشلّ لبنان

- بقلم مروان اسكندر

ان مراقبة مسيرة الشأن العام في لبنان تبين لأي متفحص ان هنالك نية لشلّ لبنان اقتصادياً واجتماعياً وكأن خسارة السنوات الـ16 (1990-1975) لم تكن كافية.
ومظاهر السعي الى إقعاد البلد عن الانجاز ظاهرة وبينة على أكثر من صعيد وفي مجالات متعددة وهي ليست محصورة بقوى المعارضة. ويكفي تعداد بعض المظاهر السارية والاشارة الى توجهات جديدة، في حال اقرارها، تتسبب بتحويل وجه لبنان كلياً وتقريبه من التخلف.
لنبدأ اولاً بدور بيروت العاصمة. فبيروت الكبرى يسكنها نحو 1،6 مليون من سكان لبنان، أي اقل بقليل من نسبة 40 في المئة من المجموع، وهي مركز الحكم وتسيير شؤون البلاد، وفيها اكبر وأغنى بلدية من حيث الموارد. ومساهمة بيروت على صعيد المعاشات المتوافرة للموظفين، والاستثمارات في العقارات، والنشاطات التجارية لا تقل عن نسبة 70 في المئة من حجم الاقتصاد اللبناني. لذا فانها ليست فقط القلب النابض للوطن، بل هي ايضاً القلب الذي تتدفق منه الى شرايين الوطن الدماء التي تغذي مختلف انحاء لبنان. فاللبنانيون، على رغم كل شيء، لا يزالون محافظين على صلاتهم مع قراهم وأقاربهم، والانتساب يكون في النتيجة الى القرية وخصوصاً بعد تراكم الخبرات والسنين.  
جميع المقيمين والعاملين في بيروت يدركون ضغط الحاجات الآتية التي تتوافر في غالبية العواصم المنتظمة والمتطورة:
- تيار كهربائي متواصل وغير منقطع وإضاءة جيدة للشوارع والأرصفة.
- امدادات مياه تسمح بكفاية الحاجات، سواء منها
 الحاجات المنزلية، أم حاجات المؤسسات، كالمدارس والمستشفيات وبعض المشاغل الخ.
- سهولة النقل والتنقل خلال فترات زمنية قصيرة ما بين انحاء العاصمة.
- انفتاح جميع زوايا العاصمة بعضها على البعض بحيث لا يكون هنالك استقصاء وابعاد لأي فئة عن أي منطقة ولا تخصص منطقة بفئة معينة.
- توافر وسائل الاتصال الداخلي والخارجي بسرعة ودقة وبتكاليف معقولة، كما مواكبة التطورات التقنية التي نشهدها يوماً بعد يوم على النطاق العالمي.
- تأمين المدارس الرسمية بمستويات تعليمية جيدة لجميع اللبنانيين الذين يختارون ارسال ابنائهم الى المؤسسات التعليمية التي تديرها السلطات العامة.
- استباق البلدية لحاجات اهل بيروت على مختلف مستويات الخدمات العامة، وتجاوز المعوقات الادارية بسبب اختلاف النظرة بين محافظ معين، في يده القرارات التنفيذية وهو نتيجة تعيينه يخضع للاعتبارات السياسية، ومجلس بلدي منتخب.
ان البلدية هي، على الصعيد المحلي، بمثابة حكومة الخدمات وحيث ان بيروت تضم 40 في المئة من المواطنين، وحيث ان نسبة 70 في المئة من الانتاج تتحقق فيها، لا بد ان تواكب بيروت القرن الحادي والعشرين بخدماتها وشروط الحياة فيها.
وأمام بلدية بيروت الكثير لتقوم به. ولها مجلس جديد علقت عليه آمال  كبيرة، ولديها 600 مليون دولار لانجاز مشاريع صغيرة ومتكاملة مع حاجات سكان العواصم المتقدمة.
ان جميع الشروط المطلوبة لتنشيط العاصمة وبعث شعور بالتفاؤل بين اهلها غير متوافرة، ويكفي تعداد بعض أوجه التهويل والتقصير التي نعيشها دون انقطاع.
هنالك يومياً تهديد ووعيد اذا لم يحصل فريق على مطالب لا تبدو عقلانية ولا معقولة، وفي الوقت ذاته الحديث هو عن الديموقراطية التوافقية. فاين هي الديموقراطية في بلد لا تحكمه الاكثرية المنتخبة، بل تحدد مساره مواقف اقلية متشددة.
مشاكل انقطاع الكهرباء والمياه، وتردي الاتصالات، واختناق السير، وكثافة التلوث، كلها امور يتعايش معها أهل بيروت، والى حد بعيد جميع اللبنانيين في مختلف المناطق. وكل عائلة، تبعاً لحاجاتها وقدراتها، تنفق على الاستهلاك التعويضي، للكهرباء، والماء، كما على الفواتير المرتفعة للاتصالات نسبة ملحوظة من المكتسبات العائلية. والعائلات تتعايش مع هذا الوضع، ومع انقضاء الوقت تخف حدة التذمر ويتقبل اللبنانيون واقعاً يناقض التطلعات الحياتية في المجتمعات المتطورة والحرة والديموقراطية.
ويتساءل أي لبناني لا يزال في عمر الشباب ويتمتع بالقدرات والطاقات الحديثة، ماذا أفعل في هذا البلد؟ والجواب يظهر من أرقام مطار بيروت. فالمغادرون هم دوماً ومنذ سنتين على الاقل أكثر من القادمين، ولا تفسير لذلك سوى التعب من انتظار الاصلاح، والتعب من انتظار الديموقراطية والتعب من هذا الطاقم السياسي العاجز عن ابتكار حلول تواكب مسيرة الشعوب المتحضرة.
لقد استطاع لبنان تجاوز محنة الازمة المالية والاقتصادية العالمية بنجاح، بل هو حقق في سني الازمة أعلى معدلات نمو منذ 1993، والنتيجة العجيبة تحققت بفضل مساعي ونشاطات اللبنانيين، أفراداً ومؤسسات، العاملين في بلدان الخليج، وغرب افريقيا، وشمال غرب أميركا الجنوبية، وكندا وأوستراليا الخ.
اللبنانيون العاملون في الخارج انقذوا وضع لبنان المالي واستوعبوا كفاءات لبنانية عالية، واكتسبوا للبنان صورة مميزة، بعدما تلوثت صورة لبنان بالمعاصي في عقد الثمانينات. وفي مقابل تدفق اموال اللبنانيين من نشاطاتهم في الخارج، واغنائهم القطاع المصرفي الذي وسع تسهيلاته وساهم في النمو، ماذا نجد لدى السياسيين؟
برامج ضريبية تهرب ليس فقط رأس المال اللبناني بل اللبنانيين المعطائين. وهذه البرامج تعبر في المقام الاول عن عجز الحكم عن اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذ البرامج المفيدة. والسياسيون الذين يساهمون يومياً في دفع البلد نحو التأزم لم يركزوا انتباههم على الفرص المتاحة لخفض النفقات وتحسين الاداء، واستغلال الطاقات المتوافرة والتي منها املاك شاسعة للدولة ومؤسساتها متروكة للعبث والاستفادة والاستغلال. ولنا عودة الاسبوع المقبل الى البرامج الضريبية المضرة والتي تمهد لخراب لبنان في حال اقرارها، والنظر فيها يبرهن على تردي الفكر الاقتصادي.
ان الطاقم السياسي المهيمن على مستقبل البلد والمتحكم في تجميد الامور، وتسويق اللامعقول، لا حق له في قيادة بلد غالبية اهله من غير المتعلمين. فكيف بلبنان حيث للعلم محل، وللمعاصرة فسحة، وللآمال مقر، لكن الحكم في غيبوبة، والمواجهات عقيمة، والبلد يتقهقر؟!
 

المصدر: جريدة النهار

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,631,321

عدد الزوار: 7,036,137

المتواجدون الآن: 58