أخبار لبنان..«حزب الله» يعترف بـ«انقسام لبناني» حول خيار المقاومة..مناورة جديدة لـ «حزب الله» في الجنوب و31 نائباً يرفضون «حالته الشاذة»..الراعي إلى باريس بدعوة من ماكرون للبحث في الرئاسة اللبنانية..ترشيح أزعور يطفو مجدداً ورهان على دور عُماني.. استبعاد مواجهة برلمانية بين أزعور وفرنجية..المسيحيون والرئاسة في لبنان من قاطرة إلى..مقطورة..الأمم المتحدة تعود إلى «الليرة» بعد اعتراضات لبنانية ..الإفراج عن لبنانيين موقوفين في الإمارات بعد وفاة سجين..آلاف اللبنانيين من ذوي الاحتياجات الخاصة متروكون لمصيرهم..

تاريخ الإضافة الأحد 28 أيار 2023 - 4:20 ص    عدد الزيارات 513    التعليقات 0    القسم محلية

        


«حزب الله» يعترف بـ«انقسام لبناني» حول خيار المقاومة...

بيروت: «الشرق الأوسط»... واصل «حزب الله» اللبناني أنشطته العسكرية «الرمزية» في ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000. وينشط مؤيدوه في قرى الجنوب اللبناني بالنشاطات الدعائية التي تحاكي سيناريوهات المواجهة، وآخرها دعوة أمس لـ«محاكاة لتحرير فلسطين» قام بها بعض مناصريه، في وقت لا تزال فيه المواقف الرافضة لمناورة «حزب الله» العسكرية التي نفذها الأسبوع الماضي، والتي يقول عنها مسؤولون في الحزب إنها «مفصلية وتاريخية». ويؤكد المسؤولون في الحزب ونوابه المضي قدماً في «المقاومة التي لم تؤثر عليها كل الاستهدافات والانقسامات الداخلية»، وهو ما يعبر عنه مسؤولو الحزب في الاحتفالات التي يقيمها بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب. وجدد مسؤول الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، رفض حزبه لهذا النوع من المناورات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المناورات التي يجريها الحزب هي مزيد من التأكيد على وجود جيشين ومشروعين ودستورين وجمهوريتين في لبنان، وهذا الأمر غير مقبول، ولا يمكن قيام دولة فعلية وحقيقية في ظل سلاح خارجها». وأضاف: «واضح أن الحزب بحجة المقاومة ومواجهة إسرائيل يقيم المناورات التي تدل على تأزمه، إذ إنه لو لم يكن مأزوماً لم يكن مضطراً لعرض العضلات وبعث مزيد من الرسائل إلى الداخل، بسبب عدم قدرته على إيصال رئيس للجمهورية». وكان «حزب الله» نفذ المناورة يوم الأحد، بحضور مراسلي وسائل إعلام محلية وأجنبية، حيث استخدامه بشكل واضح للأسلحة الحية والثقيلة من الدبابات وراجمات الصواريخ، وتضمنت محاكاة لعملية اقتحام أراضٍ إسرائيلية عبر تفجير الجدار الفاصل والدخول عبره. ويؤكد مسؤولو الحزب عدم اكتراثهم بكل الانتقادات، وهو ما عبّر عنه صراحة أمس، النائب حسن فضل الله، مشدداً على المضي قدماً في «مقاومتهم» التي «لم تؤثر على عزيمتها كل الحروب والاستهدافات والانقسامات الداخلية». وشدد في احتفال بالجنوب بمناسبة «ذكرى التحرير»، على «ضرورة تمسك شعبنا بخيار المقاومة الذي حرر الأرض وأعاد إعمارها ويحميها في معادلة الردع مع العدو، بينما الخيارات الأخرى سقطت، وهذه المقاومة على مدى تاريخها بقيت مصممة على التمسك بحقها، ولم تؤثر على عزيمتها كل الحروب والاستهدافات والانقسامات الداخلية، فنحن ماضون في هذا الخيار بمعزل عن كل كلام يصدر من هنا وهناك». وأضاف: «عندما بدأت المقاومة عام 1982، كان هناك خياران في لبنان، خيار المقاومة وخيار من هم ضد هذه المقاومة، ولا يزال الانقسام إلى اليوم، لم يتغير، ربما تغيرت بعض الأسماء والوجوه، ولكن الانقسام حول الصراع مع العدو الإسرائيلي لم يتغير، فمنذ أن نشأ الكيان الإسرائيلي عام 1948 إلى اجتياح عام 1978 إلى عام 1982 حتى عامَي 2000 و2006، كان هناك في لبنان من هم مع المقاومة من أهلها وشعبها وشهدائها وحلفائها والمخلصين، وكان هناك من هو ضد المقاومة، ومن انتصر هو خيار المقاومين الشرفاء، وبقي الآخرون يرددون المواقف الإعلامية نفسها من دون أن يتمكنوا من التأثير على خيارات شعبنا». وختم فضل الله: «مواجهتنا مع العدو الإسرائيلي، وما يعنينا هو فهم العدو للخطوات والإجراءات التي نقوم بها، فهو يعلم أن كل كلمة وكل خطوة نقوم بها، هي خطوة جادة في إطار حماية بلدنا ومنعه من استباحته مرة أخرى، وفي صراعنا معه هناك ما هو معلن وكثير منه مخفي، والعدو يعرفه، ونحن نعرفه، هو جزء من هذه الحماية لبلدنا». بدوره، اعتبر عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أن «المقاومة في أحسن أيامها والعدو في أسوأ أيامه». وقال في ذكرى تحرير الجنوب: «المقاومة في مايو (أيار) 2023 هي الحصن الحصين للحدود والحقوق والثروات والكرامات وتقيم المناورات لتحرير الجليل، بينما العدو سيجري مناورات لاستعادة الجليل».

مناورة جديدة لـ «حزب الله» في الجنوب و31 نائباً يرفضون «حالته الشاذة»

«قنابل دخانية» تُرافِق تفاهماً بـ «الأحرف الأولى» بين المعارضة وباسيل على ترشيح أزعور

جهاد أزعور... هل يقبض على الرئاسة؟

الراي...| بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- مصادر تَعتبر عودة باسيل «إلى المحور» مسألة وقت «وهو لا يمون على أكثر من 9 نواب في تكتله»

- ماكرون يستقبل الراعي الثلاثاء... والملف الرئاسي ثالثهما

Too good to be true. عبارةٌ غلّفتْ المناخاتِ التي سادت في بيروت حيال حصولِ تَوافُق «بالأحرف الأولى» بين غالبية قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» على الوزير السابق جهاد أزعور ليكون المرشّح الذي سيتم إسقاط اسمه في جلسة الانتخاب الرئاسية المقبلة وأن هذا «الاختراق» سيكون كفيلاً بخلْط الأوراق وإنهاء الشغور الذي يُطفئ في الأول من يونيو شهره السابع. ولم يكن عابراً أن حذَراً كبيراً أقرب إلى التشكيك الواسع رافَقَ ما بدا «قنابل دخانية» مُتبادَلة رُميتْ على المسرح الرئاسي الذي تركّزت الأنظارُ فيه بالأيام الأخيرة على ما يَجْري خلف ستائر المفاوضات بين أحزاب المعارضة (ولا سيما المسيحية) و«التيار الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، باعتبار أن أي تفاهُم «عابِر للاصطفافات» على هذه الجبهة سيعني فرْض وقائع جديدة تراوح بين حدّيْ «وأد» ترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية (المدعوم من حزب الله والرئيس نبيه بري) بالحد الأدنى أو إكمال المسار بإيصال رئيسٍ يحفظ «رأس الجمهورية» التي تصارع أعتى الانهيارات المالية والمؤسساتية. ولم تكد الأجواء التي عُمِّمت عن تَحَوُّل أزعور «المرشح المشترك» بين غالبية المعارضة و«التيار الحر» وأن الأمر يحتاج إلى تعزيزه بـ«ملحق ضمانات» متبادلة، حتى عاجَلها ما بدا «رياحاً مُعاكِسة» حول «أصل» التقاطع المفترض وهو ما فرْمل التفاؤلَ المشوب الحذر والذي كان عبّر عنه بوضوحٍ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بإعلانه لصحيفة «النهار» أن المعطيات التي تبلّغها من بعض أوساط المعارضة تشير إلى «تبنّي باسيل ترشيح الوزير السابق أزعور للرئاسة الأولى» وأن رئيس التيار «اتخذ قراره خلال الساعات الماضية في السير بأزعور (بين ليل الخميس وصباح الجمعة)»، متداركاً «لكنني أطرح شخصياً علامات استفهام حتى أشاهد باسيل في البرلمان ويقترع لمصلحة أزعور للتأكد جديّاً من المسألة (...) ولا إمكان لاتخاذ قرار نهائي (من هذه المسألة) قبل التأكّد من المعطيات؛ وحتى اللحظة لا تأكيدات». وقد حرص التيار الحر أمس على التعميم على لسان «مصادر عليمة» فيه أن الكلام الذي صدر عن جعجع «يحمل مغالطات عديدة ووقائع مغلوطة هو أدرى فيها من أيّ أحد آخَر»، مضيفة ان «التيار» سيلجأ إلى توضيح المغالطات أو تصحيحها عندما يلزم ذلك. وتعاطتْ بعض الأوساط مع هذا «البلاغ»على أنه أبعد من مجرّد «رفْع سقْف التفاوض» في سياق لعبة «حافة الهاوية»على قاعدة «لن يتم الاتفاق على أي شيء حتى يجري الاتفاق على كل شيء»وفق ما كان لمّح إليه موقفٌ لنائب «القوات» فادي كرم الذي يشارك في المشاورات الرئاسية مع التيار، والذي قال «إن الاتصالات والمناقشات قائمة حول كيفية إدارة المعركة الانتخابية ومندرجاتها، وضرورة التزام جميع الأطراف بالتصويت للمرشح أزعور حتى لو انعقدت أكثر من جلسة انتخابية كي لا يتم تراجع أو تغيير موقف البعض في حال لم تحصل جلسة أو طار نصابها وذهبت الأمور إلى طرح مرشح آخر ما يعيدنا الى نفس الوضع الحالي». ولاقى كلام كرم موقفٌ نُقل عن أوساط معارِضة أكدت (عبر«وكالة الأنباء المركزية») وجود «أجواء ايجابية جداً في كواليس الأطراف المعنية بالمشاورات الرئاسية، غير انه يجب عدم الافراط في التفاؤل واعتبار القصة انتهت، فالقوى المعارضة وعلى رأسها القوات اللبنانية تنتظر من باسيل التزاماً نهائياً بتصويت تكتله كاملاً لأزعور، وهي لا تزال تقارب المفاوضات بايجابية ولكن بحذر، خشية أي انعطافة يمكن أن يقوم بها باسيل، ولا سيما اذا دخل حزب الله على الخط مع ميرنا الشالوحي بقوة، اذا شعر بأن (البرتقالي) يقترب من خصوم الضاحية، فيقدّم له عروضاً واغراءاتٍ قد تُرضي التيار وتُقنعه بالتخلّي عن أزعور». وبحسب مصادر مطلعة فإن مجمل هذه المناخات يعكس الارتياب المتبادل بين المعارضة و«التيار الحر» الذي يتخوّف خصومه من أن يكون تقدُّمه في اتجاه إمكان دعم أزعور هو مناورة لقطْع الطريق على «خطة ب» كانت استُشفّت من كلامٍ للنائب آلان عون (من تكتل باسيل) حول أن ترشيح اسمٍ من داخل التكتل (غير باسيل) قد يكون بمثابة الـ x factor الذي يقلب المعادلة ويجعل التيار يتراجع عن ربْط قرار تأييد أي اسم غير فرنجية بموافقة «حزب الله»عليه، باعتبار أن التيار لن يكون في وارد السماح باستخدامه «أداة مواجهة» للحزب ولتحييد مرشح الأخير بهدف تمرير «خيار ثالث» مثل قائد الجيش العماد جوزف عون. وفيما تم التعاطي مع ما قاله عون على أنه من «عوارض» التباينات داخل التيار الحر في ما خص مقاربة الملف الرئاسي، فإن أوساطاً واسعة الاطلاع على دراية بحسابات "محور الممانعة» أبلغت إلى «الراي» أن ثمة اقتناعاً لدى هذا المحور بأن باسيل لم يَعُد «يمون» في تكتله (كان انطلق من 21 نائباً من ضمنهم نواب حزب الطاشناق الأرمني والنائب محمد يحيى) إلا على نحو 9 نواب يلتزمون بأي خيار رئاسي يتّخذه، وذلك في ضوء عدم قدرته على «ضمان» ولاء نواب انتُخبوا بالقوة التجييرية لـ«حزب الله» أو يترشّحون في مناطق له نفوذ فيها أو باتوا «متمرّدين» عليه. ووفق هذه الأوساط، فإن فريق الممانعة يتعاطى مع مسألة رجوع باسيل رئاسياً«إلى الخط» ليس على قاعدة«هل سيحصل» بل «متى سيحصل» فتكون بمثابة«عودة الابن الضال»، ولو تغلَّفت بسيناريو يحْفظ ماء وجهه بعدما صعد إلى أعلى أعلى شجرةِ رفْض فرنجية. ولا شك في أن هذه الأجواء تحضر في خفايا الحذر الذي يطبع المفاوضات بين المعارضة وباسيل الذي نقلت تقارير عن مصادر فرنسية - على خلفية اللقاءات التي عقدها في باريس أخيراً - أن فرنسا لم تفهم حقيقة موقفه الذي يسوده منذ أشهر «غموض متعمَّد».

الراعي إلى باريس

وستكون باريس الثلاثاء على موعد مع محطة بارزة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أعلن المكتب الاعلامي في الصرح البطريركي أنه سيتوجه في 30 مايو الى العاصمة الفرنسية «حيث يلبي الدعوة الرسمية للرئيس إيمانويل ماكرون، في إطار الجهود التي تبذلها فرنسا من أجل لبنان واللبنانيين. وقد حُدد موعد اللقاء عند الساعة الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء في قصر الإليزيه». وتتركّز الأنظارُ على لقاء الراعي - ماكرون باعتباره يأتي على وقع مضيّ باريس برعاية خيار فرنجية رغم الاعتراض المسيحي الوازن عليه، وهو ما يعكس قفْزاً غير مسبوق من باريس فوق الموقف المسيحي، بمعزل عن الاسم الذي تدعمه، الأمر الذي أثار امتعاضاً مبدئياً في البيئة المسيحية جرى التعبير عنه بالصوت العالي وبصورة غير مألوفة، في الوقت الذي أعلنت الرياض وعواصم اقليمية أخرى «الحياد» في الملف الرئاسي مؤكدة أن هذا «شأن سيادي لبناني» وليتحمّل اللبنانيون مسؤولياتهم في هذا الاستحقاق.

مناورة جديدة لـ«حزب الله»

في موازاة ذلك، اتجهت الأنظار مجدداً إلى الجنوب، أمس، في ضوء الدعوة التي وجّهها «حزب الله» لمناورة جديدة في منطقة جبل عامل تحت عنوان «الفتح المبين» تحاكي مشهدية تحرير فلسطين. وكانت المناورة العسكرية التي أقامها الحزب الأحد الماضي قوبلت باعتراضاتٍ من قوى وازنة في المعارضة التي أعلن 31 من نوابها (من أحزاب سيادية ومستقلين وتغييريين) أول من أمس رفْض «استعراض حزب الله عبر المناورة العسكرية»، واعتبارها«مظهراً من المظاهر الميليشيوية التي يمارسها منذ سنوات ويناقض فيها مفهوم الدولة»، معلنين أن الحزب «لا يحق له زج لبنان في آتون الصراعات، وهو أصبح حالة شاذة ومنبوذة من غالبية الشعب اللبناني». ولفت هؤلاء إلى أن «الحزب وجّه بمناورته جملة رسائل الى الداخل والخارج وتحدى غالبية اللبنانيين ومضمون إعلان القمة العربية في جدة وأراد إفهام اللبنانيين والعرب والعالم أن سيادته تعلو سيادة الدولة اللبنانية، وأن لا قرار في لبنان يخالف إرادته وارادة المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه». وطلبوا «انهاء الحالة المسلحة لحزب الله عبر تطبيق اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه وتطبيق القرارين 1559 و1701 الصادرين عن مجلس الأمن» و«وقف التدخلات العسكرية والأمنية التي يقوم بها حزب الله في الخارج، والاقلاع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما يتيح استعادة علاقات لبنان التاريخية مع المجتمعَين الدولي والعربي» و«تفكيك الاقتصاد الموازي الذي بناه حزب الله من خلال التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية وتشجيع التهرب الضريبي وحماية الفساد».

الراعي إلى باريس بدعوة من ماكرون للبحث في الرئاسة اللبنانية

بيروت: «الشرق الأوسط».. أعلنت البطريركية المارونية عن زيارة يقوم بها البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس، الثلاثاء، المقبل تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال المكتب الإعلامي في بكركي في بيان له إن «البطريرك الماروني يتوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث يلبي الدعوة الرسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار الجهود التي تبذلها فرنسا من أجل لبنان واللبنانيين»، مشيراً إلى أن موعد اللقاء قد حدد عند الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الثلاثاء في قصر الإليزيه. وتأتي هذه الزيارة بعد معلومات أشارت إلى امتعاض الراعي من فرنسا على خلفية تدخلها في الملف الرئاسي والدفع باتجاه انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي يدعمه «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، من دون التشاور مع البطريركية المارونية، وبالتالي من المتوقع أن يكون الملف الرئاسي حاضراً بشكل أساسي في اللقاء.

لبنان: ترشيح أزعور يطفو مجدداً ورهان على دور عُماني

الراعي يحمل إلى باريس لائحة مرشحين رئاسيين ويتمسك بـ «المعايير المسيحية»

الجريدة... منير الربيع ....تجددت التحركات على الساحة اللبنانية في سبيل تفاهم القوى المعارضة لانتخاب سليمان فرنجية على مرشح لخوض المعركة الرئاسية، بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود الأسبوع الفائت، بفعل انعدام الثقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ. وفيما لم تتكشف تفاصيل هذا التغيير السريع، يشير مراقبون الى أن المسار اللبناني لا ينفصل عن المسار الإقليمي، وأن الرهانات الداخلية على حصول تطورات خارجية تفضي إلى الإفساح في المجال أمام الذهاب باتجاه مرشح توافقي، لم تتوقف، لا سيما أن القوى المعارضة لفرنجية تذهب باتجاه ترشيح جهاد أزعور الذي يحرص على أن يكون مرشحاً توافقياً، ولا يريد أن يكون مرشح مواجهة أو مرشح تحدّ. من بين الرهانات الداخلية المستجدة بعض التطورات على خطّ الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، خصوصاً أن مصادر قريبة من الإيرانيين تشير إلى أن زيارة سلطان عمان إلى إيران اليوم لها أكثر من سياق، أهمها تجديد التواصل المباشر بين الإيرانيين والأميركيين حول الاتفاق النووي، بالإضافة إلى المساعي لترتيب العلاقات الإيرانية - المصرية. وبحسب المعلومات فإن سلطنة عمان قد تطرح على الإيرانيين والأميركيين الملف اللبناني في إطار المساعي للتوصل إلى اتفاق، بحسب ما تقول مصادر قريبة من حزب الله، وهذا ما يتقاطع مع الضغوط الدولية الدافعة باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل نهاية شهر يونيو المقبل. وانطلاقاً من هذه الرهانات، ارتفعت أسهم جهاد أزعور الرئاسية، فيما أبلغ الرجل كل المعنيين بأنه مرشح حريص على التوافق والتفاهم مع كل القوى لأن مرشح التحدي لا يمكنه أن يصل إلى الرئاسة، وأن وصل لا يمكنه الحكم ولا تنفيذ مشروعه ولا وضع البلاد على سكة الإصلاح. وتحرص قوى المعارضة على الاتفاق قبل زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث سيكون له لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد غد في «الإليزيه». وبحسب المعلومات، فإن الراعي يسعى للذهاب إلى باريس وفي يده ورقة عليها أسماء عدد من المرشحين الرئاسيين، ولا سيما اسم أزعور كمرشح متوافق عليه بين القوى المسيحية وعدد من القوى الأخرى، كما أن لديه قدرة على التواصل مع معظم القوى السياسية، وبذلك يقول الراعي للفرنسيين، إن فرنجية لم يعد المرشح الوحيد، وإنه لا بد لباريس أن تأخذ بعين الاعتبار المعايير اللبنانية والمسيحية في مسألة انتخاب الرئيس. كل هذه المعطيات تقود إلى قراءة كل طرف للمسار من وجهة نظره ومصلحته. فالفريق الداعم لفرنجية، اي حزب الله وحركة أمل، يراهن على أن التحركات الإقليمية والدولية ستصب في النهاية للاتفاق على انتخاب فرنجية رئيساً في مقابل نواف سلام لرئاسة الحكومة. في المقابل، فإن القوى المعارضة ترى أن مسار التهدئة الإقليمية لا بد له من ينتج مرشحاً توافقياً، وبالتالي لا يمكن انتخاب فرنجية لكونه محسوباً على طرف. ومما لا شك فيه أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيلاً لهذا الحراك الرئاسي، وبالتالي إما أن يؤدي إلى الوصول للحظة الانتخاب، وإما بحال الفشل فإن الشغور سيستمر طويلاً.

لبنان... استبعاد مواجهة برلمانية بين أزعور وفرنجية

لا أحد منهما يملك القدرة على ضمان فوزه وفق المعطيات الراهنة

الشرق الاوسط...بيروت: بولا أسطيح... طرح الحديث الجدي عن اقتراب الإعلان رسمياً عن تفاهم انتخابي بين قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» المؤيد للرئيس السابق ميشال عون، أكثر من علامة استفهام حول حظوظ أي مرشح قد تتبناه هذه القوى بوجه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي يدعم ترشيحه «الثنائي الشيعي» وحلفاؤه، خصوصاً أن تأييد البلوك الشيعي النيابي كاملاً (27 نائباً) لفرنجية يعني أن أي مرشح سيواجهه تحت قبة البرلمان لن يحصل على أي صوت شيعي، ما يجعل البعض يتحدثون عن «لا ميثاقية» تظلل هكذا عملية انتخاب. وتشير الحسابات الحالية إلى أن لا فرنجية ولا مرشح المعارضة - التيار الوطني الحر الذي قد يكون بحسب آخر المعطيات الوزير السابق جهاد أزعور، قادران على حسم فوزهما بـ86 صوتاً من الدورة الأولى ولا حتى بـ65 صوتاً بالدورة الثانية، هذا إذا لم نتطرق إلى موضوع النصاب الذي يستلزم وجود 86 نائباً في القاعة في كل دورات الانتخاب. وينطلق فرنجية من دعم 45 نائباً هم عملياً نواب «الثنائي الشيعي» (27)، إضافة لنائبين علويين، و9 نواب سُنة مقربين من «الثنائي» والنواب المسيحيين الـ4 في التكتل «الوطني المستقل» و3 نواب أرمن، بينما يؤكد «الثنائي» أن عدداً من النواب المستقلين سينضمون إليهم ليرتفع العدد إلى نحو 50. في المقابل، إذا تفاهمت الكتل المسيحية الكبرى على اسم أزعور فسينطلق من دعم نواب «القوات اللبنانية» الـ19 ونواب «الكتائب اللبنانية» الـ4، إضافة لنواب «التيار الوطني الحر» الـ18. هذا إذا افترضنا أن كل هؤلاء سيسيرون بقرار رئيس التيار جبران باسيل، في ظل المعلومات عن استياء من طريقة مقاربته للملف. كذلك سيصوت لأزعور عدد من النواب المستقلين ونواب «التغيير» ما يرجح تخطيه بسهولة عتبة الـ50 نائباً. لكن فرنجية وأزعور غير قادرين على بلوغ عتبة الـ65 صوتاً، وهي الأصوات اللازمة لأي مرشح للفوز بدورة ثانية، في ظل اشتراط الحزب «التقدمي الاشتراكي» والنواب السنة القريبين من «14 آذار» أن يكون أي مرشح يصوتون له مرشحاً توافقياً لا مرشح مواجهة. وفي هذا المجال، يقول النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» وعضو «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله: «ننتظر وضوح الموقف وجلاء الاتفاق. هناك كلام لكن حتى الآن من غير الواضح على ماذا اتفق الفرقاء الذين يتحاورون ووفق أي معايير، خصوصاً أننا نطرح مرشحاً توافقياً يطمئن الجميع يكون قادراً على تأمين النصاب لا مرشح تحدٍّ، أي أن المهم أن نتفق على اسم يرضى به الفريق الآخر وإلا نكون نكرر تجربة ميشال معوض فيُضاف على الأصوات التي ينالها أصوات نواب (التيار) ولا نعلم إذا كان سيحصل على كامل أصواتهم». ويشدد عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «أي اتفاق مثقل باعتبارات وسقوف وشروط لن تكون له فرصة لأن المطلوب تسوية مقبولة تستطيع إنقاذ البلد»، مضيفاً: «أما المناورات التي تجري من قبل هذا الفريق أو ذاك لتحسين شروطه فنحن غير معنيين بها». من جهته، يؤكد النائب عن تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير أنهم «منذ البداية خارج أي اصطفاف، وما زلنا، وسنستمر كذلك حتى (تستوي الطبخة) وتنضج كل المناخات المواكبة لانعقاد جلسة لمجلس النواب يُؤمن نصابها القانوني». أما بالنسبة لموقفهم بالتصويت إذا وصلنا إلى جلسة مواجهة بين فرنجية وأزعور، حينها «نبني على الشيء مقتضاه ونحدد كتكتل لمن سنصوت من المرشحين في الجلسة بالاستناد إلى من نراه يلبي المواصفات التي نرى ضرورة أن يتمتع بها رئيس الجمهورية المقبل». أما مصادر «القوات» فتشير إلى أنهم أبلغوا من مكونات المعارضة التي تتحاور مع فريق النائب باسيل أن «الاتفاق على اسم أزعور تم وحصل، وبالتالي قد دخلنا في الخطوات العملية»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك يستوجب اليوم تظهير هذا الموقف وإعلانه رسمياً من قبل كل الكتل المعنية وضمنها تكتل (لبنان القوي)». ووصفت المصادر ما حصل بـ«التطور الكبير الذي سيحرك الاستحقاق الرئاسي». وفي حين يتردد أن «الوطني الحر» ليس بصدد خوض معركة «كسر عضم» مع «الثنائي» وأنه سيحاول إقناع حزب الله بأزعور، لعلمه أصلاً بأن عدم حصول أي مرشح على صوت شيعي واحد سيطرح مسألة الميثاقية، يوضح الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك أنه «حتى ولو كانت مقدمة الدستور تقول بألا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، لكن ما يمكن تأكيده أن الدستور نفسه لم يلحظ أي شرط مقيد لناحية وجوب انتخاب رئيس جمهورية تكون الأصوات التي ينالها مزيجاً من أصوات نواب من طوائف ومذاهب مختلفة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الميثاقية أمر ضروري وملح ومطلوب كي يتمكن الرئيس من الحكم مستقبلاً حتى لا يعرقل، وتوضع العصي في دواليب العهد، لكن لا شرط دستورياً يوجب إطلاقاً أن ينال أصواتاً من طوائف ومذاهب متعددة وهو ما يسري أيضاً على انتخاب رئيس للمجلس النيابي».

ترشيح المعارضة - باسيل لأزعور يعيد الحرارة للمنافسة الرئاسية

ينتظر الإعلان رسمياً عن ولادة الاتفاق

الشرق الاوسط...بيروت: محمد شقير.... يدخل الاتفاق بين قوى المعارضة ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، في مرحلة الإعلان الرسمي عن ولادته في مهلة أقصاها مطلع الأسبوع المقبل، فهل يفعلها باسيل، أم أنه سيطلب تمديدها إفساحاً في المجال أمام تسويقه لدى فريقه السياسي لإقناعه بضرورة السير في خياره الرئاسي بذريعة أن الخيارات محدودة، وأنه يبقى المرشح الأوفر حظاً لمنافسة مرشح محور الممانعة النائب السابق سليمان فرنجية؟.....فالاتفاق الموعود بين قوى المعارضة وباسيل يخضع حالياً، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، لوضع اللمسات الأخيرة عليه، تمهيداً للإعلان عنه بصورة رسمية في ضوء انقطاع التواصل بين باسيل وقيادة «حزب الله»، والاستعاضة عنه بتبادل العتاب، وإنما بالمراسلة بواسطة أصدقاء مشتركين للطرفين الذين تحركوا بعيداً عن الأضواء في محاولة أخيرة لرأب الصدع بينهما. وتستبعد المصادر السياسية أن يكون تفاهم باسيل - المعارضة يأتي في سياق المناورة ما دام أن باسيل أخفق في إقناع «حزب الله» بتخليه عن دعمه لفرنجية، في مقابل التوافق على مرشح بديل لا يشكل تحدياً لحليفه، وتقول بأنه حسم أمره اعتقاداً منه بأن أحداً من المرشحَيْن فرنجية وأزعور لن يحصل في دورة الانتخاب الثانية على 65 صوتاً للفوز برئاسة الجمهورية، ما يفتح الباب أمام البحث عن مرشح توافقي يحظى بتأييد الغالبية النيابية. وتؤكد أنه لم يعد من مجال أمام باسيل للتراجع عن دعمه لأزعور، وإن كان يحنّ لترشيح الوزير السابق زياد بارود، وتقول بأن اتفاقه مع المعارضة أُنجز حتى الساعة على الورق، ويبقى أن يترجم إلى تظهيره للعلن بمبادرته إلى تبني ترشيحه. وتكشف المصادر نفسها أن وقوف باسيل إلى جانب ترشيح أزعور الموجود حالياً في بيروت جاء تتويجاً لتواصله مع رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، ومرشح المعارضة في دورات الانتخاب السابقة ميشال معوض، والنائب المستقل غسان سكاف بالتزامن مع الحوار الذي لم ينقطع بين النائب القواتي فادي كرم وزميله في تكتل «لبنان القوي» جورج عطاالله. وتلفت إلى أن الحوار بينهما تكثّف في الأيام الأخيرة للرد على ما أشيع بأن هناك استحالة أمام «القوات» و«التيار الوطني» في ظل انعدام الثقة وفقدان الكيمياء السياسية بينهما للاتفاق على دعم ترشيحهما لأزعور. وترى أن هناك صعوبة أمام باسيل للانقلاب على موقفه الداعم لأزعور، لأن دخوله في التسوية بغطاء من «حزب الله» سيرتد عليه في الشارع المسيحي؛ لأنه ليس لديه ما يقوله لجمهوره ومحازبيه بسحب الفيتو على ترشيح فرنجية. وتسأل: هل سيواجه باسيل مشكلة في تسويقه لأزعور لدى تكتل «لبنان القوي» في ضوء التباين بينه وبين عدد من نوابه، ومدى قدرته على ضبط إيقاع التكتل لقطع الطريق على ما يتردد بأنه يقف حالياً على مشارف الانقسام؟ وما الضمانات التي يتسلح بها للحفاظ على وحدته من جهة، وبقوله لخصومه من جهة ثانية: «خليهم يجربوا وبعدها لكل حادث حديث»؟ فباسيل يراهن على دور رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في استيعابه للخلاف الدائر بين نواب التكتل، ويؤكد بأن لديه القدرة التي تتيح له الحفاظ على وحدته ولو من موقع الاختلاف؛ لأن من يعارضه لن يذهب بعيداً في خلافه معه مراعاة منه لمؤسس «التيار الوطني» العماد عون الذي يحظى بثقة الجميع، ويمون عليهم كما في السابق بالإبقاء على الخلاف بداخل البيت الواحد. كما أن باسيل في مقاومته لانتخاب فرنجية، بحسب المصادر نفسها، يتطلع إلى أمرين: الأول بأن تؤدي معارضته له إلى تعويم الاتصالات الرامية لرفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه، والثاني إلى إعادة تموضعه على خلفية أن الظروف السياسية التي كانت وراء إبرام ورقة التفاهم مع «حزب الله» في فبراير (شباط) 2006 قد تغيّرت، ولا بد من إعادة النظر فيه باتجاه إنتاجه في نسخة جديدة، انطلاقاً من أن الحزب في حاجة إلى حليف مسيحي يبقى هو الأوحد في ظل صراعه السياسي الدائر مع القوى المسيحية الأخرى. أما في سياق احتساب أصوات النواب المؤيدة لأزعور فتقول المصادر إنه يحظى بتأييد 58 نائباً، في مقابل 54 لفرنجية الذي ينقل عنه ارتياحه لسير المعركة، كونه أقدر من سواه على الإفادة من التطورات الجارية في المنطقة، والتي ينظر إليها على أنها تصب لمصلحته، مع أن احتساب الأصوات من قبل الطرفين ليس دقيقاً، وإنهما يتسابقان حالياً للحصول على تأييد النواب السنّة من المستقلين. وفي المقابل، تراهن المعارضة على كسب تأييد العدد الأكبر من نواب «قوى التغيير»، باعتبارهم لن يقترعوا، مهما تبدلت الظروف لفرنجية، فيما الأنظار مشدودة باتجاه «اللقاء الديمقراطي» بعد تنحّي وليد جنبلاط عن رئاسة الحزب «التقدمي الاشتراكي»، وكان أول من رشح أزعور. فوجود تيمور وليد جنبلاط على رأس «اللقاء الديمقراطي» يعني حكماً بأن «اللقاء» لن ينتخب فرنجية، ويتطلع للاتفاق على مرشح لا يشكل تحدياً لأي فريق، فهل ينظر إلى أزعور على أنه في عداد المرشحين المصنّفين على خانة التحدي، وبالتالي يميل للاقتراع بورقة بيضاء لينأى بنفسه عن الاصطفاف في الانقسام السياسي الحاد؟ ......لذلك من السابق لأوانه الإنابة عن «اللقاء الديمقراطي» في تحديد خياراته الرئاسية، فيما لم ينقطع أزعور عن التواصل معه، ولا ترى المصادر السياسية من عائق أمام الاقتراع له كونه لا يُصنّف على خانة التحدي للفريق الآخر الذي يتمسك بترشيح فرنجية ويتعامل مع أزعور على أن باسيل كان أول من رشحه، وهذا ما تستغربه؛ لأن جنبلاط الأب هو من رشحه. وعليه، فإن اتفاق المعارضة - باسيل على تأييد أزعور سيؤدي حكماً إلى إعادة فتح أبواب البرلمان أمام تجديد الدعوة لانتخاب الرئيس.

«الراي» تقلّب تجارب انتخاب 13 رئيساً للجمهورية

المسيحيون والرئاسة في لبنان من قاطرة إلى.. مقطورة

| بيروت – «الراي» |..... في الأسابيع الأخيرة، كرّر رئيس البرلمان نبيه بري مقولةً يحمّل فيها المسيحيين والموارنة تحديداً مسؤوليةَ عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية لتَعَذُّر إتفاقهم على مرشح واحد. لكن رمي المسؤولية على القوى المسيحية ينطوي في طياته على الكثير من الإجحاف، نظراً إلى أن موازين القوى في لبنان تبدّلتْ في شكل قاطع عن المرحلة التي كان يمكن أن يُقال فيها إن للمسيحيين دوراً حاسماً في اختيار رؤساء الجمهورية. ومعلوم أن رئيس الجمهورية في لبنان منذ عام 1943، أي منذ الاستقلال، لم يكن صنيعةً مسيحية صافية، رغم أن المسيحيين شكلوا منذ إعلان دولة لبنان الكبير ركيزةً أساسية في استقلال الوطن الصغير وإعلانه دولةً ذات سيادة، وسط التجاذبات التي كانت تتحكّم بقوى إسلامية رفضاً للاستقلال وطلباً للوحدة مع سورية. منذ الاستقلال، لعبتْ الثنائياتُ المسيحية دوراً محورياً في الحياة السياسية، لكنها لم تكن يوماً مقرِّراً وحيداً في اختيار رئيس الجمهورية. آنذاك كان الطرف الآخَر في معادلة الميثاق الوطني هو القوى السنية، إضافة إلى الدور الذي كان يؤديه الزعيم الدرزي كمال جنبلاط. وفي كل المحطات الأساسية، في تَوالي العهود الخمسة التي سبقتْ الحرب، كانت تُعقد لقاءاتٌ، مع القيادات السنية والدرزية لاختيار رؤساء الجمهورية تباعاً، والاتفاق مع القيادات المسيحية، أحياناً المُعارِضة وأحياناً المُوالِية، عطفاً على التأثيرات الخارجية التي كانت تَفرض إختيار مرشحٍ ما وأفضليّته على آخَر. من ثنائية الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية، إلى ثنائية كميل شمعون وبيار الجميل، إلى الحلف الثلاثي ومن ثم الجبهة اللبنانية، صاغت القوى المسيحية أحلافاً داخلية من أجل خوض الإنتخابات النيابية ولعْب دور مؤثّر مباشر في الإنتخابات الرئاسية. لكن هذه الثنائيات لم تكن آحادية بمعنى فرْض إيقاعٍ مسيحي على القوى السياسية الأخرى. وبهذه التحالفات أسقطت المعارضةُ مُجْتَمِعَةً بشارة الخوري بعد التجديد له وانتُخب كميل شمعون، وشارك المسيحيون كذلك في عدم التجديد لشمعون وانتخاب اللواء فؤاد شهاب. والاتفاقُ المسيحي، عبر الحلف الثلاثي، مع القوى السنية والدرزية أفضى إلى إسقاط الشهابية ومن ثم انتخاب سليمان فرنجية بدلاً من الياس سركيس. والأخير انتُخب بعدها نتيجة تسوية أعقبت بدء الحرب وانتهاء عهد فرنجية، وليس نتيجة إتفاق مسيحي داخلي. قد يكون انتخاب الرئيس بشير الجميل، أتى بناء على صعود القوة المسيحية المتمثلة بـ «القوات اللبنانية»، لكن انتخابَ خليفته الرئيس أمين الجميل، لم يكن إلا بناء على تسوية داخلية، اثر إغتيال الرئيس المنتخَب. ولم يتمكن أمين الجميل من الحُكْم نتيجة الصراعات الداخلية التي كانت علامَتُها الفارقة صعود حركة «أمل» والرئيس نبيه بري وتَحَوُّلها رقماً في المعترك السياسي الذي اتخذ أشكالاً حادة. خروج الجميل من قصر بعبدا من دون انتخاب خلَف له، أعاد فرز ثنائية مسيحية هي الأطول عمراً وما زالت حيةً منذ التسعينات وإلى اليوم، وفرضت نفسها وما زالت في صعودِ ما سُمّي حينها الحالة العونية (نسبةً إلى العماد ميشال عون) التي أصبحت لاحقاً «التيار الوطني الحر»، وصِدامها مع «القوات اللبنانية». القوات التي انطلقتْ من رحم حزب «الكتائب» مع بداية الحرب وتحوّلت من ميليشيا مسلّحة إلى حزبٍ سياسي (بعدما تم حلّ الميليشيات)، أَقْدَمُ عمراً وأكثر تَجَذُّراً في الشارع المسيحي، بعدما قدّمت رئيساً للجمهورية هو الرئيس بشير الجميل الذي اغتيل عام 1982، وبعدما سعت عبر ما سُمي حينها «توحيد البندقية المسيحية» إلى اختزال الميليشيات المسلَّحة وفي طليعتها حزب «الوطنيين الأحرار»، للسيطرة على قرار «المنطقة الشرقية». مع اغتيال الجميل، وانتفاضة الدكتور سمير جعجع على رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» ايلي حبيقة، بدأ إيقاعٌ جديد على الساحة المسيحية، مع تَراجُعِ دور حزب «الكتائب» تدريجاً، لتصبح المواجهة بين «القوات» والعونيين وتترك انعكاساً أساسياً على موضوع رئاسة الجمهورية في ظل إتفاق الطائف الذي دعمتْه «القوات» ورفَضَه عون. هذه الثنائية التي تَراجَعَ تأثيرُها على المسرح السياسي العام بعد 1990 مع نفي عون إلى باريس وسجْن جعجع، ظلّت حاضرةً بقوةٍ في الساحة المسيحية الشعبية، بعد عودة الأول وإطلاق الثاني، وجرى التعبير عنها في الانتخابات النيابية عاميْ 2005 و 2009 وعام 2018 و 2022. لكن صعود الثنائية السياسية المسيحية، لم يُترجم فوراً بإعادة إمتلاك القوى المسيحية زمامَ القرار السياسي بعد انحسار دورها نتيجة النفوذ السوري وصعود القوة السنية التي كانت ممثَّلةً بـ «تيار المستقبل»، ولاحقاً «الثنائية الشيعية» بين حركة «أمل» و«حزب الله». إذ بدأ الفراغُ الرئاسي يصبح لازمةً تتكرر مع إنتهاء كل عهد رئاسي، بفعل نفوذ القوى السياسية غير المسيحية. وهكذا شغر كرسي الرئاسة الأولى بعد خروج الرئيس إميل لحود، وحين انتهى فراغ الستة أشهر بانتخاب العماد ميشال سليمان، حصل ذلك نتيجة التسوية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» التي أعقبت أحداث 7 مايو 2008 في بيروت. وارتضت الثنائية المسيحية التسوية المذكورة، إلى أن حلّ الفراغ الثاني، بعد خروج سليمان واستمرّ نحو 30 شهراً. ويتحمّل «التيار الوطني الحر» جزءاً من مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي الثاني لمدة عامين ونصف عام، رفْضاً لانتخاب أي رئيسٍ غير العماد ميشال عون. إلا أن إصرارَ «حزب الله» حينها على الإتيان بحليفه، هو الذي أعطى لموقف عون الدعمَ الكافي كي يتشبث به. لكن تسوية أكتوبر 2016 لم تكن لتحصل لولا موافقة الطرف المسيحي الثاني أي «القوات اللبنانية» والرئيس سعد الحريري. وقد تكون تجربة انتخاب عون، باتفاقٍ مسيحي ثنائي، إحدى المؤشرات على إستعادة القوى المسيحية لدورها وفاعليتها في تسمية رئيس للجمهورية. ولو أن هذه المقولة تحمل تخفيفاً من وقْع تأثيرات التسوية السنية - الشيعية، في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وفي الدور الذي لعبه «حزب الله» للإتيان بحليفه المسيحي إلى قصر بعبدا. اليوم تتكرر الواقعة ذاتها. يتمسك «الثنائي الشيعي» بتسمية حليفه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في حين أن القوى المسيحية، عاجزةٌ عن الإتفاق على مرشّح تخوض به المواجهة مع فرنجية. وقد يكون تحميلُها المسؤولية وحدها عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لا يعكس حقيقة الأمر الواقع. لأن اي إتفاق بين هذه القوى لا يحوز رضى «الثنائية الشيعية»، في غياب الطرف السني القوي، يعني حُكْماً أن لا إنتخابات رئاسية. فالقوى المسيحية من «التيار الوطني» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب» عبّرتْ صراحةً عن رفْض إنتخاب فرنجية، وتَمَسُّك الثنائي الشيعي به، يقطع الطريق على محاولة بري تحميلهم مسؤولية إستمرار الفراغ. وفي الوقت نفسه يحمّل هذه القوى مسؤولية الإتفاق على مرشح واحد، في ضوء بدء اتصالات رئاسية بين «التيار» و«القوات» ومع «الكتائب»، لكنها ما زالت أوّلية. فالطرفان يخوضان الحوار تحت عبء تجربة إتفاق معراب (أوْصل عون إلى قصر بعبدا) الذي وصل إلى حائط مسدود، وأدى إلى صِدام سياسي بينهما. وهما اليوم حَذِران تجاه بعضهما البعض، فعاملُ الثقة مفقود في ضوء تخوّف «القوات» من ان «التيار الوطني» يفاوضها في رسالة إلى «حزب الله» لتحسين شروط تفاوضه معه، وليس إقتناعاً بمبدأ توحيد الصف المسيحي. أما «التيار» فيحاول شدّ «القوات» و«الكتائب» إلى ملعبه، لأن الطرفيْن لم يتمكنا من حصْد الأصوات السنية إلى جانبهما وهما يفتقدان تالياً الحليف الذي يجعل مرشّحهما رئيساً للجمهورية. ورغم انتظار أن تسفر الاتصالات بين الأطراف الثلاثة عن نتائج إيجابية، إلا أن لا أحد يتوقع أن تُترجم هذه النتائج في صندوقة الإقتراع رئيساً للجمهورية ما دامت الكرة ما زالت في ملعب «الثنائي الشيعي».

الأمم المتحدة تعود إلى «الليرة» بعد اعتراضات لبنانية على «دولرة» مساعدات اللاجئين

المتحدثة باسم المفوضية لـ«الشرق الأوسط»: القرار اتخذ بطلب من ميقاتي وحجار

بيروت: «الشرق الأوسط».. تراجعت الأمم المتحدة عن دفع المساعدات للاجئين السوريين بالدولار الأميركي بعد اعتراض لبناني واسع على القرار الذي وصفه وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار بـ«الجريمة الكبرى». وقررت مفوضية اللاجئين العودة إلى دفع المساعدات بالليرة إلى حين التفاهم على صيغة جديدة. وأعلن نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، المنسق المقيم ومنسّق الشؤون الإنسانية عمران ريزا، وممثّل المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين إيفو فرايسن، وممثّل برنامج الأغذية العالمي عبد الله الوردات، تعليق تقديم المساعدات النقديّة للاجئين بالعملتين للشهر المقبل، في وقت تستمر فيه المناقشات مع الحكومة اللبنانية حول الآلية المناسبة الممكن اتباعها. وجاء القرار في بيان مشترك «نتيجة سلسلة لقاءاتٍ عُقدت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور هكتور الحجار، وبناءً على طلبهما، تمّ اتّخاذ القرار بتعليق تقديم المساعدات النقديّة بالعملتين (تقسيم المساعدة بين الدولار والليرة) للاجئين للشهر المقبل، في الوقت الذي تستمرّ فيه المناقشات حول الآليّة المناسبة الممكن اتّباعها». وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان، دلال حرب، لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار الذي اتخذ بالتنسيق مع ميقاتي وحجار وبطلب منهما، يقتضي إعطاء المساعدات للاجئين بالليرة اللبنانية فقط الشهر المقبل، على أن يستكمل البحث في هذا الإطار مع الدولة اللبنانية لاتخاذ القرار النهائي بهذا الشأن. وكانت المساعدات تجزّأ سابقاً تجزئة بين الليرة اللبنانية والدولار الأميركي، قبل أن يتخذ القرار قبل أيام بإعطائهم إياها كاملة بالدولار الأميركي وهو ما واجه رفضاً من المسؤولين في لبنان. وكان ميقاتي قد نفى، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، ما وصفها بـ «المزاعم» حول موافقته على دفع المساعدات المالية المخصصة للنازحين السوريين بالدولار الأميركي، بينما شن الوزير حجار هجوماً على المفوضية. وفي بيانها، جدّدت الأمم المتحدة «التزامها المبادئ الإنسانيّة في دعم الحكومة اللبنانيّة لمساعدة أولئك الأكثر ضعفاً في كلّ أنحاء لبنان»، مشيرة إلى أن جميع القرارات التطبيقيّة تتخذ بشفافيّةٍ كاملةٍ وتِبعاً لالتزام الأمم المتحدة رسالتها الإنسانيّة، وهي تشمل تلك المتعلّقة ببرامج المساعدات ومناهجها المتَّبعة التي ترتكز على حقائق صلبة وموضوعيّة وبحوث شاملة. وأكدت في المقابل، «الاستمرار بالوقوف مع شعب لبنان وحكومته في هذه الأوقات الصعبة وبتعزيز بيئة تعاونيّة في خدمة مَن هُم في أمسّ الحاجة للمساعدة، بمن فيهم اللاجئ». وكان المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا قد أعلن عند لقائه ميقاتي مساء الجمعة وضع صيغة للمساعدات للنازحين السوريين حسب تطلعات الدولة اللبنانية، بحسب بيان لرئاسة الحكومة. وقال ريزا الذي كان قد التقى أيضاً حجار: «سنعمل مع مفوضية شؤون اللاجئين، ومع برنامج الأغذية العالمي على وضع صيغة بناءة للتقدم في هذا الموضوع، حسب تطلعات رئيس الحكومة والدولة اللبنانية». وفي مؤتمر صحافي عقده الجمعة قال وزير الشؤون: «رفضنا (دولرة) المساعدات النقدية للنازحين السوريين، لأن هذا المبلغ أعلى مما يتقاضاه موظف فئة في القطاع العام اللبناني، ولأن الرأي العام اللبناني رافض للنزوح السوري وهو يقارن بين المساعدات المختلفة التي يحصل عليها النازحون والمساعدات البسيطة التي يحصل عليها اللبنانيون». ولفت إلى أن الدفع بالدولار يعزز بقاء النازحين السوريين في لبنان، خاصة أن القسم الأكبر منهم من النازحين الاقتصاديين، مشيراً إلى مطالبة المسؤولين اللبنانيين في كل المحافل الدولية بأن تدفع المساعدات النقدية في سوريا، لأن أعدادهم في لبنان تفاقمت كثيراً». وأشاد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالقرار القاضي بتعليق تقديم المساعدات النقديّة بالعملتين للسوريين الموجودين في لبنان للشهر المقبل، متمنياً «الاستمرار في هذا الاتّجاه، والاستماع أكثر إلى الدوائر الحكومية اللبنانية، للانتقال من تنظيم اللجوء إلى لبنان إلى تنظيم العودة من لبنان».

مستشار ميقاتي: الحكومة اللبنانية تعمل بالحدّ الأدنى للأمور

بيروت: «الشرق الأوسط»... أكد مستشار رئيس الحكومة اللبنانية، نقولا نحاس، أن الحكومة ستستمرّ، وهي تعمل بالحدّ الأدنى للأمور، مشيراً إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يقوم بجلسات تشاورية للمناقشة وسط غياب بعض الوزراء عن الجلسات الحكومية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وقال نحاس، في تصريح لإعلام محلي اليوم (السبت)، إن «لبنان في موقع أفضل من قبل لا سيما لناحية ثبات سعر الصرف، ولكن السؤال: كيف نؤمن سير المرفق العام؟». وأضاف: «لا أعتقد أن مجلس النواب سيتلكأ بإقرار فتح الاعتمادات اللازمة لتأمين رواتب القطاع العام». أما عن قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فقال نحاس: «حتى الآن اتهامات واعتراضات على الاتهامات، وما من أحكام ثابتة بعد، واستمرار المرفق العام أهم من الشخص». وأشار نحاس إلى أن الاتفاق الأساسي في قضية النازحين، كان الدفع بالدولار، كاشفاً عن أن هناك مشكلة تقنية بطبع الليرات، وهناك دراسة قام بها مصرف لبنان للتمكن من إصدار ورقة الـ500 ألف ليرة.

بعد التهويل بالانزلاق الى القائمة الرمادية في غسل الأموال

لبنان قيد «التقييم المتبادَل» لمجموعة «فاتف» الإقليمية

| بيروت - «الراي» |... بأقلّ قدر من الأضرار«الجسيمة»، خلص الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) إلى إدراج الملف اللبناني قيد «التقييم المتبادل» بين الطرفين لمدة سنة كاملة، على أن تسعى الهيئات المحلية الى معالجة الثغر الأساسية والثانوية الطارئة التي قلّصت، بحكم الأزمات القائمة، من كفاءة منظومة مكافحة غسل الأموال عبر القطاع المالي وخارجه. وبدت هذه التوصية «الملزمة»، إيجابيةً للغاية في التقييمات الفورية التي استطلعتْها «الراي» في أوساط مالية ومصرفية معنيّة، بعدما تسبّبت حملات التهويل المسبقة - والمبنيّة على افتراضات غير موثوقة المصادر كما بيّنت القرارات النافذة - بإيجاد توترات شديدة في الأسواق المالية المحلية، وبمخاوف جدية من إطباق «العزلة» المالية على البلد المنكوب بأزماته، عبر انقطاع محتمل لتواصله المالي عبر الحدود. وفي قراءة لمسؤول مالي كبير، فإن الانكشاف السيادي للبلد، والمرتكز أساساً الى انحسار حضور الدولة بفعل تفشي الفراغات في سلطاتها الدستورية ومن خلال الشلل الكبير في مجمل مؤسسات القطاع العام، تحوّل حقلاً خصباً لتوليد المخاطر الفعلية والافتراضية، المحقّق منها والمعلّق على المهل الزمنية، معتبراً أنه ينبغي أيضاً التحسّب للأذى الناتج أحياناً عن دفق معلومات وتحليلات تُجانِب الصواب في بنيتها واستنتاجاتها. وبحسب المسؤول المالي الكبير، فإن التلويحَ بانقطاع تواصل القطاع المالي مع الأسواق الدولية ربطاً بإمكان إدراج لبنان ضمن القائمة «الرمادية» لمنظمات إقليمية ودولية مختصة بمكافحة تبييض الأموال وتقييم كفاءة المنظومات القانونية والاجرائية في كل بلد على حدة، حمل في مضمونه وترقباته أخطاء جسيمة في توقيت حَرِجٍ جداً جراء الأزمات المستمرة بالتفاقم في الميادين الداخلية كافة. وفي التوضيحات، فإن المرجعيات المحلية المعنية، وفي مقدمها هيئة التحقيق الخاصة التي تمثّل لبنان في مجموعة العمل المالي الاقليمية، وهي من المبادرين الى تأسيسها ورئاسة اول دوراتها السنوية في العام 2004، كانت مسبقاً في أجواء مغايرة تماماً لحملات التهويل المحلية. فقد سبق الاجتماعَ العام الدوري الذي انعقد في دولة مقر المجموعة في البحرين، جولةٌ ميدانية نفّذها قبل شهرين، فريق عمل من المجموعة في بيروت، وانتهت الى تحديد «الثغر» المستجدة والالتزام بمعالجتها، على أن يجري عرض الوقائع والحصيلة تلقائياً على جدول أعمال الدورة 36 للمجموعة. بذلك، يمكن فهم مضمون البيان الرسمي الذي أصدرتْه هيئة التحقيق، والتي هي جزء حيوي من مؤسسات السلطة النقدية المولجة حصراً بمكافحة تبييض الأموال، وإشارتها تحديداً «الى البيانات والتحليلات غير المبنية على وقائع التي صدرت أخيراًً بأنه قد يدرج لبنان هذا الأسبوع على اللائحة الرمادية»، لتؤكد النتيجة أنه تمت مناقشة وإعتماد تقرير التقييم المتبادل للبنان. علماً أن هذا التقرير هو وليد عملية طويلة امتدت لمدة 16 شهراً، تم خلالها وفي ظل ظروف صعبة تقييم نظام مكافحة التبييض وفقاً لمنهجية مجموعة العمل المالي (FATF) المعتمدة لتقييم جميع البلدان. ويرتكز لبنان الى منظومة قانونية راسخة وقوية في نطاق مكافحة الأموال غير المشروعة تقرّ بها الهيئات الاقليمية والدولية المختصة. لكن التبعات المتولدة من تنامي الاقتصاد النقدي بما يصل الى نحو 10 مليارات دولار توازي نحو نصف الناتج المحلي الحالي، تكفلت برفع استثنائي لمنسوب الهواجس الخارجية من نشوء بيئة خصبة وقابلة للنمو المتسارع في ميدان العمليات المالية «الوسخة»، ولا سيما في في «قُصر» أيادي الأجهزة الرقابية وشلل المؤسسات الحكومية والقضائية والأمنية. وريثما يتم نشر التقرير الرسمي والمرجح بعد شهر، فقد ورد في نطاق التعهدات المتفَق عليها، بأن لبنان سيعمل على تحديد مفصّل للثغر التي يتوجب معالجتها، كذلك تحديث الجوانب الإيجابية في نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، توطئةً لاتخاذ الإجراءات التصحيحية لمعالجة هذه الثغر، على أن يقدّم للمجموعة تقرير متابعة خلال سنة 2024. ووفق المنهجية المعتمَدة من قبل المجموعة، يقيِّم تحليلُ فعاليةٍ مدى تحقيق الدولة العضو (والتي تخضع لعملية التقييم المتبادل) لمجموعةٍ محددة من النتائج الفورية التي تُعتبر أساسية لأداء سليم ونظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع النتائج المتوقّعة أخذاً في الاعتبار ملف مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تلك الدولة. ويستخدم الخبراء الذين يشكلون فريق التقييم "11 نتيجة فورية"، بما في ذلك القضايا الأساسية لكل نتيجة، والمدرجة جميعها في منهجية التقييم للعام 2013. ولا يَعتمد تحليلُ الفعالية على المعلومات المتبادَلة مع فريق التقييم فقط. فبعد تبادل المعلومات، يزور فريق التقييم المتبادل الدولة العضو محل عملية التقييم (عادة لمدة أسبوعين، وأحيانًا لفترة أطول بقليل) بحيث يتم مقابلة المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص لاكتساب فهم شامل لكيفية عمل نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتُعتبر مقابلة مؤسسات من القطاع الخاص أمراً أساسياً لمساعدة فريق التقييم المتبادل لاكتساب هذا الفهم. وتقوم المجموعة بمتابعة الدول الأعضاء التي خضعت لبرنامج التقييم المتبادَل ضمن الجولة الثانية، حيث تقوم الدول الأعضاء بصفة منتظمة بإطلاع الاجتماع العام للمجموعة على الإجراءات التصحيحية التي تتخذها لمعالجة أوجه القصور التي حددتْها تقارير التقييم المتبادل. وتهدف عملية المتابعة إلى تحفيز الدول وحضّها على معالجة أوجه القصور المحددة، من أجل تحسين مستوى التزام وفعالية أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الدول الأعضاء، والخروج من عملية المتابعة ضمن إطار زمني معقول. وبالمثل، أكدت المجموعة رسمياً، أنه تمت مناقشة واعتماد تقارير التقييم المتبادل في الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي واجتماعات اللجان والخبراء، والعائدة لعدد من الدول وبينها لبنان، فضلاً عن مناقشة المشاريع القائمة مثل مشروع التقييم الاقليمي لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومشروع التطبيقات حول غسل الأموال وتمويل الارهاب من خلال الشخصيات الاعتبارية والترتيبات القانونية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وجاءت هذه الحصيلة الموجزة، بنتيجة الاجتماع العام الذي عُقد على مدار ثلاثة أيام في مدينة المنامة، بمملكة البحرين، حيث ترأس الاجتماع العام محمد الأمين ولد الذهبي، رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومحافظ المصرف المركزي الموريتاني، وبحضور رؤوساء وفود وخبراء مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الدول الأعضاء والمراقبين من الدول والمنظمات الدولية على رأسها مجموعة العمل المالي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومجموعة «اغمونت» الدولية لوحدات الاخبار المالي.

الإفراج عن لبنانيين موقوفين في الإمارات بعد وفاة سجين

فرانس برس... لا يزال سبعة لبنانيين قيد الاعتقال بينهم محكومون بالمؤبد أو السجن لسنوات طويلة

أُفرج عن مواطنين لبنانيين موقوفين في الإمارات العربية المتحدة منذمارس، حسبما أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، في بيان، السبت، بعد أسابيع من وفاة لبناني كان موقوفا. وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان إنها "تبلّغت من سفير لبنان لدى دولة الإمارات العربية المتحدة فؤاد شهاب دندن نبأ الإفراج عن كافة الموقوفين اللبنانيين العشرة تباعًا الذين أوقفوا في دولة الإمارات منذ حوالى شهرين". وخلال شهر مارس وحده، أوقفت السلطات الإماراتية عشرة لبنانيين ينتمون إلى الطائفة الشيعية بتهمة التعامل مع حزب الله الذي تصنّفه أبوظبي منظمة "إرهابية"، حسبما أكّد الناطق باسم أقارب اللبنانيين الموقوفين في الإمارات عفيف شومان. وقال شومان "أُطلق سراحهم كلهم من السجن لكنهم ما زالوا بالإمارات". أحد الموقوفين العشرة كان غازي عز الدين الذي توفي قيد التوقيف في الرابع من مايو، ما أثار إدانات من مجموعات حقوقية بما فيها منظمة العفو الدولية. وأوضح شومان، السبت، أن الموقوفين التسعة الآخرين "أطلقت الإمارات سراحهم بعد الضغط الإعلامي والحملات بعد وفاة غازي عز الدين"، مشيرا إلى أن جثمانه لم يرسل بعد إلى عائلته. لم تعلق السلطات الإماراتية على المسألة ولم تجب وزارة الخارجية الإماراتية على الفور على طلب التعليق. كان غازي عز الدين يقطن منذ أكثر من 30 عاما في الإمارات حتى توقيفه في 22 مارس بتهم غير معروفة مع شقيقيه، حسبما قالت سيما والتينغ من منظمة العفو في 12 مايو. لفتت والتينغ حينها إلى أن العائلة لم تبلّغ بوفاة غازي إلّا بعد خمسة أيام على وفاته، مشيرة إلى أن السلطات تواصلت مع نجل المتوفي وطلبت منه الحضور للتعرّف على جثة والده ولم تسمح له سوى برؤية وجهه. وقالت والتنيغ "يبدو أن السلطات الإماراتية تحاول إخفاء السبب الحقيقي للوفاة والتستّر على القضية". وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن السلطات رفضت أيضًا تسليم جثة المتوفي لعائلته لنقلها ودفنها في بيروت، وعمدت إلى دفنه في دبي بحضور ابنه وشقيقيه الموقوفين اللذين أطلقت سراحهما لاحقاً لكن منعتهما من السفر. وخلال السنوات الماضية، أوقفت الإمارات لبنانيين عدة غالبيتهم الساحقة من الطائفة الشيعية منهم من اتهمتهم بالتعامل مع حزب الله الذي تصنّفه مع دول خليجية أخرى "إرهابياً". وفي مايو 2019، أصدرت محكمة إماراتية حكما بالسجن مدى الحياة في حق لبناني، وبالسجن عشر سنوات في حق آخرين، بعدما دانتهم بتهمة التخطيط لشن هجمات لصالح حزب الله. وأثمرت وساطة قادها لبنان مع الإمارات في العام 2021 إطلاق سراح عشرة موقوفين لبنانيين على الأقل في الإمارات. ولا يزال سبعة لبنانيين قيد الاعتقال بينهم محكومون بالمؤبد أو السجن لسنوات طويلة، وفق لجنة الموقوفين.

"حرمان متعدد الأبعاد ".. آلاف اللبنانيين من ذوي الاحتياجات الخاصة متروكون لمصيرهم

الحرة...أسرار شبارو – بيروت... عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان يقدر بـ 120 ألف شخص

"أشعر أن قلبي يحترق بسبب عجزي عن تأمين الدواء وجلسات علاج طفلتي، أتمنى الموت كلما رأيتها تتلوى ألماً من دون أن أتمكن من تخفيف أوجاعها بسبب أوضاعنا المادية التي لا تسمح لنا بتوفير أدنى حقوقها".. كلمات قالتها اللبنانية زينب، والدة الطفلة مريم الحصني التي تعاني من شلل دماغي. تحتاج ابنة السنتين ونصف السنة إلى دواء غير متوفّر في لبنان بحسب زينب، وتشرح "أطلعني الطبيب أنه يساعد على تنشيط الدماغ، وبأنه يمكنني الحصول عليه من سوريا لكن ليس لدينا معارف هناك، أما فيما يتعلق بالعلاج الفيزيائي فأنا أنتظر مساعدة الأيادي البيضاء لإخضاعها له كون تكلفة الجلسة الواحدة عشرين دولارا، وهي تحتاج إلى ثلاث جلسات أسبوعياً". أمور كثيرة تحتاجها مريم لا تقوى عائلتها على شرائها لها، فحتى الحفاضات تضطر والدتها إلى إطالة مدة استبدالها نتيجة سعرها الباهظ، فسعر الكيس الواحد منها كما تقول مريم لموقع "الحرة"، "500 ألف ليرة، أما الحليب فبالكاد أتمكن من شراء كمية قليلة لا تكفيها وشقيقتها البالغة من العمر ثمانية أشهر ليوم واحد". على الرغم من أن لدى ابنة طرابلس شمال لبنان بطاقة معوّق، إلا أنها لا تستفيد من أي تقديمات من وزارة الشؤون الاجتماعية، حالها كحال بقية الحاصلين على ذات البطاقة، وعددهم يزيد عن الـ 120,000 لبناني، بحسب مديرة برنامج تأمين حقوق المعوقين المنبثق عن هذه الوزارة هيام فاخوري التي تؤكد أن هؤلاء "كانوا يستفيدون قبل الأزمة الاقتصادية بشكل عام من نوعين من التقديمات المباشرة، أولها المتابعة والتعليم والتأهيل من خلال المؤسسات المتخصصة المتعاقدة مع الوزارة والتي يفوق عددها المئة، وهي موجهة بغالبيتها للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ومن يعانون من إعاقة شديدة". أما النوع الثاني من التقديمات بحسب فاخوري فعبارة "عن خدمات للحاجات الإضافية كالتجهيزات التي يحتاجها البعض منهم لتسهيل حياتهم اليومية، منها الكراسي المتحركة والأسرّة الطبية والحفاضات"، وتشدد فاخوري في حديث لموقع "الحرة"، "منذ عام 1997 تقدّم وزارة الشؤون الاجتماعية هذه الخدمات بصورة شبه مستمرة، وقد استفاد منها نحو 40,000 شخص، لكن الوضع الاقتصادي لا سيما ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار قيمة العملة المحلية، وعدم مواكبة الموازنة العامة لارتفاع الأسعار، أجبر الوزارة على تقليص وتيرة تقديماتها منذ عام 2019 إلى أن توقفت كلياً العام الماضي". وتضيف "على رغم كل الظروف وعدم توفر الورق والحبر والكهرباء والمازوت للمولدات وإمكانية صيانة الماكينات، أسوة بغيرنا من الإدارات الرسمية، لم نتوقف عن تجديد البطاقات وإصدار بطاقات جديدة وإفادات وغيرها من المعاملات الإدارية، من خلال المراكز الثمانية الموزعة على جميع المحافظات".

حق صعب المنال

ولدت مريم بحالة صحية جيدة، وعندما بلغت من العمر سنة ونصف السنة، أصيبت بالتهابات داخلية، أدى إلى تضرر خلايا من دماغها حالت دون تمكنها من المشي والجلوس، وتقول والدتها "أجرينا فحوص لها وتابعنا علاجها عند عدد من الأطباء، لكن إنتهى بها الحال إلى أن تصبح من أصحاب الحاجات الإضافية". حتى ثمن كشفية الطبيب لا تمتلكها زينب، فزوجها بالكاد يتمكن من تأمين قوت عائلته، وتقول "هو يعمل في دفن الموتى من دون راتب، بل مقابل ما يتكرّم به أقرباء الميت، ولولا نشر صفحة بصمة خير عبر فايسبوك لمقطع فيديو تظهر فيه إبنتي تتلوى من الألم والتعاطف مع حالتها من قبل متبرعين لما تمكّنت من إستئناف جلسات العلاج الفيزيائي لها". العمل مع ذوي الحاجات الإضافية ليس محصوراً بوزارة الشؤون الاجتماعية كما تشدد فاخوري، إذ من ضمن مسؤوليات وزارة الصحة تأمين الاستشفاء والدواء لهم، لكن "للأسف منذ الأزمة الاقتصادية ترفض المستشفيات إستقبالهم من دون أدنى مبالاة بإمكانية تعرضها للعقوبة من قبل هذه الوزارة، في وقت تضاءلت بشكل دراماتيكي تقديمات الصناديق الضامنة". وعلى وزارة المالية كما تقول فاخوري "تسهيل المعاملات الإدارية وإعفاء ذوي الحاجات الإضافية من الزيادات على الرسوم، في حين على وزارة الأشغال العامة والنقل أن تضع الحافلات التي استلمتها من فرنسا ومن بينها ما هو مؤهل لهؤلاء الأشخاص، في الخدمة، وإعفائهم من دفع بدلات النقل تطبيقاً لما ينص عليه القانون".

حرمان متعدد الأبعاد

  • 23 سنة رزقت سمر بإبنها يوسف حاتم، الذي على خلاف أشقائه الستة يعاني من عدم القدرة على الاستيعاب والتكلم إضافة إلى بطء النمو، وبعد أن كانت تستطيع تأمين حاجياته قبل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ العام 2019، فإنها اليوم أبعد ما تكون عن ذلك. تعمل سمر في بيع المناديل والبسكويت على شاطئ الميناء شمال لبنان، حيث تقصده ويوسف يومياً لنحو ثلاث ساعات لتجني خمس دولارات كحد أقصى، وتقول لموقع "الحرة"، "هو مبلغ لا يكفي لتأمين حاجياته، فعلى سبيل المثال يحتاج كل ثلاثة أيام إلى كيس من الحفاضات عدا الحليب، أما اللحمة التي يحبها كثيراً فقد توقفت عن شرائها له رغم أنه يحتاج إلى تغذية كونه نحيل، يشير إليها كلما مررنا من جانب الجزار، فأتظاهر بعدم فهمي لما يريده". لا يملك يوسف بطاقة معوّق، بالتالي لم يستفد يوماً بحسب والدته من تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية، وتضيف "بعض الخيّرين لا ينسوه من عطاءاتهم، منهم الناشطة الاجتماعية آمنة السيّد، التي لا تنفك عن تأمين الحفاضات والحليب له، فوالده رجل سبعيني بالكاد يستطيع العمل، وأشقاؤه لديهم عائلات عليهم تلبية متطلباتها في ظل الإرتفاع الجنوني للأسعار، لاسيما مع وصول سعر صرف الدولار إلى نحو مئة ألف ليرة، وكل ما أرغب به الآن كرسي متحرك لكي يجلس عليه خلال توجهي وإياه إلى العمل، كونه يركض وسط الأوتوستراد وقد كاد يُدهس في إحدى المرات". من جانبها تؤكد الناشطة الاجتماعية آمنة السيّد، أن ما يحصل عليه المحتاجون عبرها ما هو إلا تقديمات من فاعلي خير، وبأنها مجرد وسيط، شارحة "منذ سنوات افتتحت صفحتي بصمة خير لنشر حالات المصابين بحروق في مستشفى السلام، وثق المتبرعون بي نتيجة إصراري على أن يكون الدفع مباشر منهم إلى الحالات أو المستشفى، وفي حال إصرارهم على توكيلي بالمهمة أرسل لهم الإيصالات التي تثبت كيف وأين صرف المبلغ الذي دفعوه". وسّعت السيد دائرة الذين تغطي حالاتهم عبر صفحتها، من مستشفى السلام إلى مختلف مستشفيات الشمال، ومن ثم إلى المحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقول لموقع "الحرة"، "أقوم بعمل يفوق عمل الجمعيات، لدي متبرعين ثابتين لا يتوانون عن مساعدة الحالات التي أنشرها والتي تزيد كل يوم" وتضيف "أضيء بشكل أساسي على حالات الأطفال والمعوّقين كونهم من أضعف فئات المجتمع، لا يمكنهم مقاومة المرض والأوجاع والجوع، وأتابع اليوم حالات كثيرة تحتاج إلى أدوية وعلاج فيزيائي وتغذية". مع وصول سعر صرف الدولار إلى المئة ألف ليرة توقفت السيّد عن نشر حالات الاستشفاء خارج مستشفى السلام، وتعلّق "معظم الجمعيات إتخذت ذات الخطوة كون الفاتورة الاستشفائية لأبسط عملية جراحية لا تقل عن الألفي دولار، كما أنه لم يعد بالإمكان تغطية فارق وزارة الصحة للمصابين بالحروق من اللبنانيين، كونها تحتسب سعر صرف الدولار على السعر الرسمي أي 15 ألف ليرة، لذلك اقتصرت الأمر على المرضى السوريين الذين تتكفل مفوضية شؤون اللاجئين بدفع الجزء الأكبر من فاتورتهم الاستشفائية". وصل الفقر في لبنان لاسيما في طرابلس إلى حدود لا يتخيلها عقل كما تؤكد الناشطة الاجتماعية، قائلة "عدد كبير من الأطفال يحتاجون إلى حليب وحفاضات، أحاول قدر المستطاع نشر الحالات التي تصلني، كما أجهد لتأمين حصص غذائية للعائلات المحتاجة، وفي مرات عدة صدمت بأن بعضها ليس لديه قارورة غاز لإعداد الطعام، ما دفعني إلى إدخالها على قائمة التقديمات".

التعليم في مهب الفقر

منذ ولادتها لم تبصر لبنى يوسف النور، كتب عليها أن تعيش حياتها كفيفة، في حين يعاني شقيقها عثمان من حالة مرضية تعرف بالعمي الليلي، حيث يفقد بصره كلياً عندما تغيب الشمس، بحسب ما تقول والدته أمينة. حاولت أمينة كل ما في وسعها لعلاج طفليها، لكن الأطباء أكدوا لها أن لا أمل بشفائهما، من هنا حاولت تقبل الأمر، سجّلت إبنتها في مدرسة داخلية، وبعد خمس سنوات أطلعتها المعلمة أنها لم تتمكن من تعلم شيء عن طريق اللمس نتيجة معاناتها من إرتخاء عضلي، فأعادتها إلى المنزل لتبقى وسط العائلة". أما عثمان البالغ من العمر تسع سنوات، فبحاجة اليوم كما تقول والدته إلى مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الإضافية "فهو يعجز عن كتابة حرف واحد لعدم قدرته على الرؤية بشكل جيّد خلال النهار" وتضيف "الأقساط المدرسية المرتفعة أجبرتنا على تسجيله في مدرسة رسمية على مقربة من المنزل، إذ حتى بدل تنقلات لا يمكنني دفعها له". عائلة يوسف من دون أي مدخول سوى المبلغ المالي الذي بدأت تحصل عليه قبل خمسة أشهر من وزارة الشؤون الاجتماعية، فالوالد توقف عن العمل بسبب مرضه، وتقول أمينة "منذ ولادة لبنى قبل 15 سنة حزن كثيراً على حالها، ومع الوقت إزداد حزنه عليها حتى أصيب بداء السكر، وقبل فترة إحتاج إلى دخول مستشفى بسبب مشاكل في القلب، ولولا تجمّع شباب إيزال، الذي أمّن له مبلغ الفاتورة الاستشفائية، لكان مات على باب المستشفى، كما أن هذا التجمّع يساعده في تأمين ما يحتاجه من أدوية ويزودانا دائماً بالحصص الغذائية وغيرها". تمضي لبنى معظم وقتها كما تشير والدتها "جالسة على الأرجوحة، تحفظ القرآن الكريم من خلال الاستماع إليه عبر هاتف والدها مستعينة بالإنترنت الخاص بجيراننا، وقد وعدت من قبل تجمّع البلدة بشراء هاتف خاص لها الأمر الذي أسعدها جداً"، مضيفة "بعد أن تعرضت للتنمر من قبل طفل من أبناء البلدة حين كانت متجهة مع شقيقها إلى الدكان، حيث سمعته يقول عنها العمياء، عادت جاهشة بالبكاء واستمرت على هذه الحالة لساعات، ما دفعني إلى منعها من الخروج برفقة أي من أشقائها الأربعة، لذلك تصر يومياً على والدها أن يأخذها نزهة في السيارة، لكن ارتفاع سعر المحروقات يمنعه من تلبية رغبتها، وأحيانا يقتصر الأمر على القيام وإياها بجولة سيراً على الأقدام في البلدة". معظم عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة أصبحوا من الطبقة الفقيرة، بحسب ما يقوله لموقع "الحرة"، رئيس جمعية عكار الزاهر الخيرية، رئيس إتحاد روابط مخاتير عكار ومختار بلدة ببنين، زاهر الكسار، و"عدد لا يستهان به منهم يتكلون إضافة إلى مساعدات المغتربين إلى تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية، سواء عبر برنامج أمان والبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً، والآن عبر برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة".

نافذة الأمل.. مهددة

أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية، الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي واليونيسف ومنظمة العمل الدولية "برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة"، وبموجبه سيستفيد بحسب ما أوردت الأمم المتحدة "ما لا يقل عن 20,000 شخص يحملون بطاقة المعوّق، من بدل شهريّ قدره 40 دولاراً لفترة أولية مدّتها 12 شهراً، وستمنح الأولوية خلال المرحلة الأولى من تنفيذ البرنامج للشباب والشابات من مواليد الأعوام بين 1995 حتى 2005". هذا المشروع ساهم أيضاً بحسب فاخوري "في تطوير بيئة العمل من خلال الدعم المادي وتأهيل مراكز برنامج تأمين حقوق المعوّقين من صيانة ومعدات وتجهيزات وغيرها". إلى حد الآن تواصلت وزارة الشؤون مع ما يزيد عن 6000 شخص، ومنذ الأسبوع الأول لإطلاق المشروع حصل بحسب فاخوري "حوالي الـ 4000 شخص على المنحة"، مشددة "حاجات ذوي الإعاقة ليست فقط نقدية، فالأربعون دولار لا تشتري كرسيا متحركا ولا تؤمن الحاجيات الإضافية لهؤلاء من جلسات تأهيلية أو علاج نطقي وسمعي وفيزيائي، فكلفة الجلسة الواحدة من العلاج الفيزيائي لا تقل عن الـ 20 دولار، لكن بالحد الأدنى تدعمهم، من دون أن ننسى حاجة هؤلاء كما بقية الناس إلى الطعام المغذي الذي بات من الصعب تحمّل تكلفته". وتشدد "هذه المنحة تعطى مباشرة للمعوّق وهي غير مشروطة بأي وجهة استعمال ولا بعدم استفادة عائلته من برامج الوزارة الأخرى، كما أنها لا تعتبر راتباً، إنما تلبية لحاجات في ظل هذه الظروف الاستثنائية والطارئة، فالقانون 220/2000 كما الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي وقّع عليها لبنان مؤخراً في شهر فبراير، ينصان على حق هؤلاء بالحصول على جميع احتياجاتهم من العلم والعمل إلى الحاجيات الإضافية، إضافة إلى حقهم بالدمج في المجتمع وتسهيل تنقلاتهم للوصول إلى الخدمة التي يريدونها". كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية مستمرة ببرامج حماية الأطفال ومن ضمنهم ذوي الإعاقة من العنف الذي لا يقتصر فقط على الضرب والقتل، فالإهمال كما تقول فاخوري أحد وجوهه، "حيث زادت في الآونة الأخيرة نداءات الحماية من هكذا حالات". انتظر المستفيدون من برنامج "أمان" كما يقول الكسار وصول رسائل إلى هواتفهم لإبلاغهم بالتوجه لقبض المخصصات المالية، لكن "طال انتظارهم إلى أن اكتشفوا أن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة تأخر عن توقيع إذن صرفها، من هنا دعوت لوقفة احتجاجية نفذناها اليوم أمام مصرف لبنان لرفع الصوت رفضاً للمماطلة وخوفاً من تناسي الأمر". وفي تغريدة له اعتذر وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار "من فقراء لبنان على التأخر بالدفع لبرنامج أمان، لأنّ الأموال التي وصلت من الولايات المتحدة لا تزال في مصرف لبنان" مضيفاً "أستجدي" المعنيين في المصرف المركزي تحويل الأموال إلى حساب رئاسة الحكومة. الدعم المادي أصبح إلزاميا لجميع اللبنانيين وليس فقط لذوي الاحتياجات الخاصة الذين تأمل فاخوري أن يستفيد العدد الأكبر منهم من "برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة" وإطالة أمده، كما تأمل أن تتمكّن الوزارة من إعادة تغطية كافة الخدمات التي كانت تقدمها، وللوصول إذا ذلك تقول "نضاعف الجهود على جميع الأصعدة، وعلى رأسها الموازنات العامة، حيث على الحكومة إعادة النظر بمخصصات الوزارة كون الكلفة المترتبة الآن تضاعفت عشرات المرات عما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية".



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..لماذا بريطانيا رائدة في تقديم المساعدات لأوكرانيا؟..الهجوم الأوكراني المضاد..الطقس يعطي «شارة الانطلاق»..مبادرة البحر الأسود لتصدير الحبوب تتحرك ببطء بعد تمديدها..أوروبا ترفض نشْر رؤوس نووية روسية في بيلاروسيا..أوكرانيا: نحتاج إلى 48 مقاتلة «إف - 16» لنهزم روسيا..ميلي: «إف-16» ليست «سلاحاً سحرياً» ولن تقلب معادلات الحرب الراهنة في أوكرانيا..ميدفيديف يتوقع صراعاً لعقود..أو تدمير أوكرانيا بضربة نووية استباقية..برلين تعتزم «معاودة التواصل» مع بوتين «في الوقت المناسب»..وموسكو تجده ضرورياً..المعارض الروسي نافالني يواجه محاكمة جديدة الأسبوع المقبل..اشتباكات بين الشرطة وسكان صرْب في كوسوفو..باكستان: تسليم نحو 33 من أنصار عمران خان لمحاكمتهم عسكرياً..بايدن يأمل باتفاق وشيك في غضون ساعات حول سقف الدين..

التالي

أخبار سوريا..فريق فني سعودي في دمشق لمناقشة آليات إعادة فتح السفارة..رفع الحكومة السورية لأسعار البنزين والغاز يضاعف الصعوبات المعيشية..الآثار في شمال غربي سوريا..مهددة بالاندثار..تركيا تقول إنها ستعيد اللاجئين السوريين إلى مناطق سيطرة النظام أيضاً..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,734,119

عدد الزوار: 6,911,049

المتواجدون الآن: 87