أخبار لبنان..زعيتر ودقو..«بارون المخدرات» و«ملك الكبتاغون» الملاحقان أميركياً..«القلوب المليانة» انفجرت في البرلمان..شتائم وصراخ وتلويح باستقالاتٍ..ميقاتي بعد «أزمة الساعة» ليس كما قبْلها..رجُل ظِلّ يطلّ مع كل استحقاق رئاسي في لبنان.."نكسات" برّي تتوالى: ولّى زمن "الأرانب"!..التوتر السياسي ينفجر في البرلمان اللبناني..وتحذير من «فتنة»..القوى المسيحية في لبنان تحذّر من التفرُّد في انتخاب الرئيس..محاولة فرنسية للالتحاق بواشنطن والرياض في لبنان..سجال بين «القوات» ونائبين «تغييريين»..رقعة الفقر تتسع في لبنان..وحلويات رمضان للمحظوظين فقط..جديد الاستراتيجية الغربية ضد المقاومة..

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 آذار 2023 - 2:30 ص    عدد الزيارات 629    التعليقات 0    القسم محلية

        


زعيتر ودقو..«بارون المخدرات» و«ملك الكبتاغون» الملاحقان أميركياً...

الشرق الاوسط...بيروت: نذير رضا... تتعدى شهرة اللبنانيين المدرجين، أمس، على قوائم العقوبات الأميركية، نوح زعيتر وحسن دقو، القوائم الأمنية والقضائية في البلاد، إذ تمتد إلى الأحياء الشعبية، وصار زعيتر مضرب مثل بالخروج عن القانون. وفيما يحمل دقو لقب «ملك الكبتاغون»، يلقب زعيتر بـ«بارون المخدرات»، ويصفه بعض أبناء قريته بـ«روبن هود لبنان». ولم يظهر دقو في أي مقطع تلفزيوني مصور، واكتفت «الميديا» اللبنانية بتجميع صوره من صفحات معارفه في مواقع التواصل الاجتماعي. في المقابل، حاز زعيتر على شهرة واسعة جراء تداول اسمه وصورته منذ التسعينات في وسائل الإعلام اللبنانية، وبات منذ عام 2007 الأكثر ظهوراً بين «بارونات» المخدرات اللبنانية في الوثائقيات التي تتحدث عن هذا القطاع والخروج عن القانون في منطقة شرق لبنان. ويُعدّ نوح زعيتر واحداً من أبرز المطلوبين بالاتجار بالمخدرات، وصدرت بحقه عدة مذكرات بحث وتحرٍ وتوقيف غيابية، لكنه متوارٍ عن الأنظار. وأوقف الجيش اللبناني ابنه مهدي إلى جانب آخرين في كمين بالبقاع الشمالي في شرق لبنان، في الأسبوع الماضي. في جميع اللقطات التي ظهر فيها زعيتر كان مدججاً بالسلاح، وإلى جانبه مسلحون يتحركون على متن سيارات نقل رباعي. وبات الاتجار بالمخدرات وحمل السلاح سمتين ملتصقين به، ولم يخفِ زعيتر أنه مطلوب للعدالة بعشرات مذكرات التوقيف، وأن أحكاماً قضائية صادرة بحقه، لكنه لجأ إلى قريته في البقاع الشمالي، ويقيم تحت حراسة مشددة من أنصاره، ويُقال إنه يتنقل بين الأراضي اللبنانية والسورية، مثل سائر تجار المخدرات في لبنان. ومع أنه حاول خلال عشرات الإطلالات الإعلامية، تقديم نفسه على أنه ضحية إهمال من الدولة، مثله مثل مئات الآلاف الذين يعيشون في البقاع، يحاول في الوقت نفسه تقديم نفسه على أن «روبن هود» البقاع، حيث ينفق الأموال على مؤيديه ومناصريه، كما يقول عارفوه، رغم أنه معروف بالاتجار بالمخدرات. في عام 2019، دهمت دورية من مديرية المخابرات تؤازرها قوة من الجيش، مزرعة تعود للمطلوب نوح زعيتر وشقيقه زهير في بلدة ريحا - مراح المير في البقاع، حيث عثرت على مصنع للمخدرات، وصادرت كمية كبيرة من حشيشة الكيف قدّرت بنحو 20 شاحنة، لكنها لم تعثر عليه في مزرعته. وفي عام 2021، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة اللبنانية سلسلة أحكام بحق نوح زعيتر وآخرين، بتهمة الترويج للمخدرات والاتجار بها. وهذا الرقم الضخم جداً من المخدرات، يرسم صورة واضحة عن حجم نشاط زعيتر، ولا يوازيه بالحجم إلا شحنة المخدرات الضخمة جداً العائدة للمعاقب الآخر حسن دقو، وتبلغ 100 مليون حبة كبتاغون، وضُبطت في ماليزيا في عام 2021، وتبين أنها كانت في طريقها إلى هونغ كونغ ومنها إلى المملكة العربية السعودية. تلك الشحنة كانت واحدة من شحنات أخرى تحركت خارج الحدود اللبنانية، أو كانت معدة للتحرك عند القبض على دقو الذي تحدثت معلومات أمنية عن أنه يخزن في سوريا في فترة القبض عليه في لبنان، كميات ضخمة أخرى. بدأ التداول باسم دقو في عام 2018 بعد استعادته لجنسيته اللبنانية، وحيازته أراضي ضخمة في قرية الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا، مستفيداً من شق طريق لها من الداخل اللبناني للمرة الأولى، وطرد بعض السكان منها بإشكالات مسلحة تكررت خلال تلك الفترة مع الأهالي، ما أدى إلى تهجير بعضهم، وإرغام البعض الآخر على بيع الأراضي بهدف توسيع مشروعات إعمارية وسياحية وصناعية في البلدة. آخر تلك الإشكالات كان في مطلع عام 2021، وبدأت تظهر معالم هذا النشاط لدقو الذي أوقفته شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في أبريل (نيسان) 2021 في عملية أمنية، حيث داهمت القوة في منطقة الرملة البيضاء، حيث عثرت في إحدى الشقق الثلاث التابعة له، على 2.5 مليون دولار نقداً. ويطلق اللبنانيون لقب «ملك الكبتاغون» على دقو المتهم بإدارة إمبراطورية ضخمة يتاجر عبرها بحبوب الكبتاغون من منطقة البقاع في شرق لبنان. وتقول مصادر لبنانية مواكبة لملف دقو، إن توقيفه جاء بعد ثبوت تورطه بمحاولة تهريب مليون حبة كبتاغون إلى السعودية، حيث حصل تواصل بين السلطات الأمنية السعودية وقوى الأمن الداخلي في لبنان، التي تحركت إثرها شعبة المعلومات، حيث أوقف في نظارة شعبة المعلومات في مبنى قوى الأمن، قبل نقله بعد صدور حكم بحقه بالسجن 7 سنوات، إلى سجن رومية المركزي، حيث يُسجن تحت حراسة شعبة المعلومات. وقالت المصادر إن محاولات عديدة لتبرئته باءت بالفشل في تلك الفترة. وتقول مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال التحقيقات في الملف دهمت شعبة المعلومات المباني التي شيدها في الطفيل، وتعرضت وحداتها لإطلاق نار من قبل مسلحين من الجانب السوري، فاضطرت للرد على مصادر النيران قبل هدم المنشآت التي شُيّدت لغير غرضها السياحي أو الصناعي. وتمت إعادة قسم من المهجرين إلى أرضهم. وأصدرت محكمة الجنايات في بيروت في ديسمبر (كانون الأول) 2022، حكماً بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة في حق حسن دقو، وإدانته بجرم تصنيع مادة الكبتاغون المخدرة وتهريبها إلى الخارج. وكانت تلك أول إدانة لتاجر كبتاغون بارز على هذا المستوى في لبنان، وكان يخفي أنشطته في بعض الأعمال التجارية بينها معمل مبيدات زراعية في الأردن وشركة سيارات في سوريا وأسطول صهاريج. كذلك يستفيد، حسب المصادر ذاتها، من شبكة علاقات جيدة مع مسؤولين سوريين ولبنانيين.

واشنطن تفرض عقوبات على سوريين ولبنانيين متورطين في الاتجار بالمخدرات

الجريدة..أعلنت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء أنها بالتنسيق مع بريطانيا فرضت عقوبات على أفراد سوريين ولبنانيين لتورطهم في إنتاج المخدرات والاتجار بها. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية «أوفاك» التابع لها ونظيره في بريطانيا قاما بتحديد الأفراد الرئيسيين الداعمين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد المتورطين في إنتاج أو تصدير «كبتاغون» الذي يعد من الموادة المخدرة الخطيرة. وأضافت أن تجارة الكبتاغون باتت تدر مليارات الدولارات موضحة أن التصنيفات «التي يجري تنفيذ بعضها بموجب (قانون قيصر) لحماية المدنيين السوريين لعام 2019 تسلط الضوء أيضاً على الدور المهم لمهربي المخدرات اللبنانيين الذين يحتفظ بعضهم بعلاقات مع حزب الله في تسهيل تصدير الكبتاغون». وقالت مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أندريا غاكي بحسب البيان إن «سورية أمست رائدة عالميا في إنتاج كبتاغون الذي يسبب الإدمان ويتم تهريب الكثير منه عبر لبنان».

11 فرداً بينهم اللبنانيان حسن دقو ونوح زعيتر... وسامر ووسيم الأسد

عقوبات أميركية وبريطانية على «إمبراطورية الكبتاغون» لنظام الأسد

| بيروت - «الراي» |

- 57 مليار دولار سنوياً عائدات تجارة الكبتاغون للنظام السوري وتمثل 80 في المئة من إمدادات العالم

- نظام الأسد مرتبط بشكل وثيق بالكبتاغون وماهر الأسد يشرف شخصياً على تجارته في الخارج

- حسن دقو «قُبض عليه بلبنان في 2021 في قضية شحنة ضخمة تم اعتراضها بماليزيا في طريقها إلى السعودية

- نوح زعيتر «له علاقات وثيقة مع كل من الفرقة الرابعة وبعض أعضاء حزب الله»

فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا، عقوبات على 11 فرداً لأدوارهم الرئيسية في إنتاج الكبتاغون والإتجار به بما يؤمّن عائدات للنظام السوري بـ 57 مليار دولار أميركي سنوياً. وفيما شمل المعاقَبون من الخزانة الأميركية 6 أشخاص، بينهم 4 من الدائرة القريبة من عائلة الرئيس بشار الأسد، هم خالد قدور، سامر كمال الأسد ووسيم بديع الأسد وعماد أبو زريق، واللّبنانيَان حسن دقو ونوح زعيتر، أضافت بريطانيا إلى «اللائحة السوداء» نفسها كلاً من عبداللطيف حميد، مصطفى المسالمة، طاهر الكيالي محمد شاليش وراجي فلحوط. وعرّفت الحكومة البريطانية عن دقو بأنه معروف بـ «امبراطور الكبتاغون وله صلات بحزب الله، وتم ربْطه بعمليات في الشرق الاوسط وأوروبا وجنوب شرقي آسيا». أما زعيتر فوُصف بأنه «شخص بارز متورّط في تهريب الكبتاغون والمخدرات، وله صلات بالنظام السوري وحزب الله». ونشرت الناطقة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روزي دياز عبر صفحتها على «تويتر» بعض حيثيات قرار العقوبات، مشيرة إلى «أن تجارة مخدر الكبتاغون لنظام الأسد نمت لمستوى الإنتاج الصناعي، حيث تبلغ عائداتها بالنسبة للنظام ما يصل إلى 57 مليار دولار سنوياً، أي ما يقرب من 3 أضعاف تجارة مخدرات جميع الكارتالات المكسيكية معاً، كما أنها تمثل 80 في المئة من إمدادات العالم من هذا المخدر». وأضافت أن «الحجم الهائل لإنتاج الكبتاغون والاتجار به يثري الدائرة المقربة من الأسد والميليشيات وأمراء الحرب، على حساب الشعب السوري الذي لا يزال يعاني من فقر مدقع وانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان على يد النظام». وتابعت «ان نظام الأسد مرتبط بشكل وثيق بتجارة الكبتاغون حيث تغادر شحنات بمليارات الدولارات معاقل النظام، مثل ميناء اللاذقية، كما أن شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد يشرف شخصياً على تجارة الكبتاغون في الخارج». واعتبر القرار «أن استعداد النظام للتعاون مع حزب الله وجهات إجرامية أخرى يؤجج عدم الاستقرار الإقليمي ويوجِد أزمة إدمان متنامية. لكن النظام لا يبالي طبعا طالما أنه يواصل جني مليارات الدولارات من عمليات المخدرات غير المشروعة». وأضافت: «فرضت المملكة المتحدة اليوم (أمس) عقوبات على 11 فرداً يستفيدون من إنتاج الكبتاغون والاتجار به عبر الحدود الإقليمية. سنواصل العمل مع شركائنا في المنطقة لمساعدتهم في مكافحة هذه التجارة وتقليل الفوائد التي يجنيها النظام السوري منها». وبحسب الخزانة الأميركية، فقد «تم ربْط حسن دقو بعمليات تهريب المخدرات التي نفذتها الفرقة الرابعة في الجيش السوري بقيادة ماهر الأسد، وبغطاء من حزب الله. وتم القبض عليه في لبنان في عام 2021 بتهم تهريب المخدرات المرتبطة بشحنة ضخمة من الكبتاغون تم اعتراضها في ماليزيا في طريقها إلى السعودية، رغم أن المنتسبين لحزب الله قد سهّلوا قدرة دقو على الاستمرار في إدارة أعماله أثناء وجوده في السجن. واكتسب دقو سمعة كمصدر للكبتاغون وميسّر للتهريب عبر الحدود السورية اللبنانية تحت حماية شركاء حزب الله». وقالت «الخزانة» عن نوح زعيتر إن «له علاقات وثيقة مع كل من الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري وبعض أعضاء حزب الله. وهو تاجر أسلحة معروف ومهرب مخدرات ومطلوب حاليا من السلطات اللبنانية بتهمة تهريب المخدرات. وبحسب ما ورد يقوم زعيتر بأنشطته غير المشروعة تحت حماية الفرقة الرابعة».

ميقاتي بعد «أزمة الساعة» ليس كما قبْلها....

لبنان: «القلوب المليانة» انفجرت في البرلمان... شتائم وصراخ وتلويح باستقالاتٍ

الراي..| بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- علي حسن خليل «ردّينا لأننا لا نقبل المساس بكرامتنا» ويعتذر من زملائه عن «الصوت العالي»

تَجاوَزَ لبنان «منطقةَ الخطر» التي سار فيها على حافة توتر عالٍ مدجّج بكل فتائل التفجير السياسي - الطائفي، لكن ارتدادات «معركة الساعة» التي دارت في أكثر من «ساحة» بدت أبعد من أن تنتهي بمجرّد أن أعاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عبر مجلس الوزراء، عقارب الزمن اللبناني إلى التوقيت الصيفي بعدما كان تفرَّد، بشراكةٍ مع رئيس البرلمان نبيه بري، بتمديد التوقيت الشتوي حتى نهاية رمضان المبارك. وإذ تُعِدُّ «بلاد الأرز» العدّةَ لتوحيد «مَناطقها الزمنية» ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء - الخميس بتقديم الساعة ساعة واحدة فيَسقط رسمياً ما بدا «جدار برلين» زمني قسم لبنان على توقيتين وفق ترسيماتٍ من دفاتر الحرب الغابرة بين «شرقية» (المناطق المسيحية) و«غربية» (المناطق المسلمة)، فإنّ ميقاتي الذي كان أكثر الخاسرين من قرارٍ أساء تقديرَ تداعياته ويخشى البعض أن يكون ثمة «سوء نية» وراء حضّه على اتخاذه ربْطاً بـ «القلوب المليانة» بين أطراف وازنة على خلفية الأزمة الرئاسية، خَرَجَ من هذه «التجربة» بصدمةٍ وشعور بالمرارة حيال «التهشيم» الذي تَعَرَّضَ له وظهورِ «أنياب» طائفية حاولت أن تغرز في الجسم اللبناني المُنْهَكِ بالانهيار الكبير والذي ينزف... من الوريد إلى الوريد. وعَكَسَ كلامُ ميقاتي بعد «جلسة الساعة» لمجلس الوزراء فداحة الموقف الذي وَجَدَ نفسه فيه، يواجه وحيداً:

- «كرة نار» طائفية كانت تتدحرج في طول البلاد وعرْضها من خلف «عصيان» مذكرة تأجيل اعتماد التوقيت الشتوي حتى ليل 20 - 21 ابريل والذي ظلّلتْه الكنيسة وسط عدم تورّع أطراف مسيحية عن دخول «مناطق محرّمة» في خطابها.

- مؤشرات «انشقاق» وزاري داخل حكومة تصريف الأعمال يُلاقي «التشققات» الطائفية، وإن كانت خلفياته انطلقت من استشعارٍ بمخاطر ترْك البلاد تنزلق إلى نقطة اللاعودة والانفجار الشامل.

لكن ميقاتي، الذي لم يظنّ أيضاً أن خطوته ستضع المكوّن الذي يمثله في النظام اللبناني وتوازناته على خط صِدام طائفي لم يألفه ومن شأنه جرّه ليتحوّل «كيس رمل» عن آخَرين تشكّل أدوارهم في الداخل والخارج جزءاً أساسياً من الأزمة اللبنانية في بُعدها السياسي، أعطى إشاراتٍ إلى أن عدم الاعتكاف عن تصريف الأعمال الذي كان لمّح إليه في بيان ليل السبت، حين أعلن إلغاء جلسة كانت مقررة الاثنين للحكومة لبحث ملفات معيشية ملحة، لا يعني على الإطلاق عودة العمل «وكأن شيئاً لم يكن» بعد «عاصفة الساعة». وبدا واضحاً من مواقف ميقاتي بعد جلسة الحكومة التي ثبّتت سريان التوقيت الصيفي ليل 29 - 30 مارس، أنه أحْدث ما يشبه «ربط النزاع» مع المرحلة المقبلة التي سيديرها وفق «تضييق تصريف الأعمال» وعلى قاعدة عدم ترْكه في «بوز المدفع» لوحده، فيما «أصل المشكلة» في تمادي الأفرقاء السياسيين في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، مع «رسائل» لافتة وجّهها إلى الكنيسة المارونية ضمناً والقادة المسيحيين عن مسؤوليتهم الرئيسية في الدفع نحو مَخرج للمأزق الرئاسي، قبل أن يختم كلمته «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار بتحمّل المسؤولية... قدرتي على التحمل قيد النفاد. المسؤولية مشتركة ولا يمكن أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين... اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به». ولم يكن عابراً ما نقله موقع «لبنان 24» (محسوب على رئيس الحكومة) عن أوساط حكومية معنية من أن «رئيس الحكومة منزعج جداً من الحملة التي أعقبت القرار الاستثنائي الذي صدر عنه في شأن التوقيت الاستثنائي، وأخْذ الأمور على غير منحاها الطبيعي كتدبير اداري موقت لم يكن الأول من نوعه»، مشددة على «أن ميقاتي منزعج أكثر من المزايدات التي برزت من أطراف سياسية ممثلة بالحكومة، استبقت المشاورات التي كانت بدأت لإيجاد حل، بإطلاق مواقف تصب في اتجاه إضعاف المعالجة الحكومية ومسايرة الموجة الشعبية المفتعلة بهدف المزايدة الشعبية ليس إلا». وكشفت أن «رئيس الحكومة أبلغ المعنيين صراحة أنه ما حصل من مزايدات وحملات سيدفعه الى اعتماد نمط جديد في التعاطي الحكومي خلال مرحلة تصريف الأعمال، وأنه كاد أن يعلن عما يعتزم القيام به، الاثنين، لكنه آثر العدول عن ذلك وترك قراره يأخذ سياقه الطبيعي بهدوء من دون اعلان». ونفت الأوساط أن «يكون رئيس الحكومة، قد هدد بالسفر وعدم العودة إلى لبنان الّا لتسليم دفّة المسؤولية بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، كما تردد في إحدى الصحف، واضعة هذه الاخبار في سياق«الفقاعات الاعلامية»بحثاً عن«سكوب ليس إلّا». لكن الأوساط شدّدت على أن«رئيس الحكومة هو وحده مَنْ يُقرّر وتيرة عمله في تصريف الأعمال، وليس أحد سواه، ولن يقبل بعد اليوم أن يتحمل بصدره تبعات تقصير الآخَرين عن القيام بواجباتهم او سعيهم للهروب من مسؤوليتهم عن أي أمر برميها على رئيس الحكومة». وأسفت الأوساط في الوقت ذاته لاعتقاد بعض الاطراف السياسية انها انتصرت في «معركة الساعة». واعتبرت أن «الاتصال الذي أجراه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي برئيس الحكومة عقب صدور القرار الحكومي الاثنين شكل خطوة إيجابية لإعادة تصويب الأمور والمضي في المعالجات المطلوبة لتداعيات ما حصل». وكان الراعي أكد لميقاتي أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وشدّد رئيس الحكومة والبطريرك على «ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيداً من كل معيار طائفي أو فئوي». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي» وتوافقا على أن«المدخل الاساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية».

اللجان المشتركة... انفجرت

وفيما كانت أزمة الساعة تخمد، انفجرتْ جلسة اللجان النيابية المشتركة«متأثّرة» بالمناخ المشحون الذي ساد في الأيام القليلة الماضية. ودارت في الجلسة «اللاهبة» مواجهتان: الأولى بالصراخ الذي بلغ دويّه قاعة الإعلاميين بين النائب التغييري ملحم خلف والنائب غازي زعيتر (من كتلة بري) على خلفية كلام الأول عن أولوية الانتخابات الرئاسية على أي عمل تشريعي للبرلمان. والثانية تردّد أن تضارُباً تخلّلها بين رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل والمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل خلال نقاش حامٍ حول تمويل الانتخابات البلدية وهل يحتاج ذلك لجلسة عامة لمجلس النواب أو يمكن توفير الأموال من حقوق السحب الخاصة التي حوّلها صندوق النقد للبنان خريف 2021. لكن تقارير أشارت إلى أن ضرباً على الطاولة وكلاماً نابياً سُجّل خلال «معركة الجميل - خليل» كما مبارزة خلف - زعيتر، وسط إعراب النائب هادي ابوالحسن (من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) عن أسفه لأن «الأجواء المشحونة» حول قضية الساعة انتقلت الى ساحة النجمة بفعل«القلوب المليانة»، فيما اعتبرت النائبة بولا يعقوبيان ان ثمة مَن يريد «جرنا الى ميني حرب أهلية لتطيير الانتخابات البلدية (تنتهي ولاية المجالس نهاية مايو)». أما النائب الجميل فرفض كشْف ما حصل «لأننا لا نريد جر البلد الى فتنة وكان يمكن لما حصل أن يأخذ البلد الى مكان آخَر، وهناك تسجيلات وأدعو الرئيس بري لأخذ لتسجيل وأن يسمع. وبعد ان يسمع إذا كان يعتبر أن ما جرى يمرّ نكون أمام مسكلة كبيرة وأعتقد أن احداً لن يقبل. حصل مساس بالمقدّسات. وأتوجه للرئيس بري، إذا كان يريد فعلاً معالجة الأمر فهو يعرف كيف يتصرف، وإلا تكون وصلت الرسالة وعندها بالتشاور مع حلفائنا نرى ماذا سنفعل، لأن البلد لا يحتمل ولبنان بخطر والناس بخطر والمؤسسات بخطر ونحن بمنأى عن هذا النوع من المشاكل». واضاف «إذا كان ما حصل تصرفاً شخصياً لنائبٍ فقد أعصابه فهذا أمر نمرّ فوقه. أما إذا كان يعبّر عن تَوجُّه سياسي بأن هناك مَن يتعاطى في البلد بهذا الشكل ويستعمل هذا المنطق وينظر للآخر بهذا الشكل، وإذا كان هذا أمر عام فهناك مشكلة كبيرة. ولن أدخل في التفاصيل والتسجيلات موجودة. وأتمنى نشْر التسجيلات». وفيما اتصل بري بالجميل بعد مؤتمره الصحافي لاحتواء الموقف، أوضح مصدر نيابي لقناة «الجديد» أنّ "ما قاله النائب سامي الجميل حول المساس بالمقدسات خلال الاشكال، لم يكن يقصد به المساس برموز دينية، إنما استعيدت المرحلة السابقة، وجرى تناول رموز سياسية ما أدى إلى استفزاز كبير وحين سُئل النائب المعارض ميشال معوض هل تتجه الى استقالات جَماعية، أجاب «لكل حادث حديث». في المقابل، أكد النائب علي حسن خليل ضرورة تمويل الانتخابات البلدية من خلال جلسة تشريعية للبرلمان، سبق أن رفضت قوى المعارضة لاسيما الأحزاب المسيحية عقدها في ظل الشغور الرئاسي. وقال «لا نريد منح صك براءة لاستخدام أموال حقوق السحب الخاصة. وأنا تحدثتُ بكل هدوء. والنائب الجميّل أخذ الإذن بالنظام للكلام وقال إنه المعنيّ بما قلتُه، فأجبتُ بأن مَن قصدته هو رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، فأصرّ الجميل واعتبر انه المستهدَف. ولا أحد يظن في البلد ان باستطاعته المساس بكرامتنا ومعنوياتنا أو يُشكك بالتزامنا الدستور من دون أن يُرد عليه. ولا يمكن لأحد أن يوجه اتهاماتٍ لطرف ولا يُردّ عليه بكل وضوح وصراحة. نعم حصل صوت عالٍ، عندما تجاوز زملاء حدود الزمالة باتهاماتٍ كان لا بد من الرد عليها». اضاف «إذا كان زملائي الذين شهدوا على المنطق القانوني والسياسي الذي نقوله قد انزعجوا ربما من الصوت العالي، أقول أعتذر منهم، ولكن لن أقبل بأن يكون هناك مساس بمعنويتنا أو كرامتنا بأيّ شكل».

رجُل ظِلّ يطلّ مع كل استحقاق رئاسي في لبنان

الراي..... أكثر الغائبين حضوراً في الملف الرئاسي اللبناني رجلُ أعمالٍ يتسلل إسمُه في تقارير إعلامية وتضجّ بها الكواليس كواحدٍ من طبّاخي التسويات العابرة للحدود. فليستْ أول مرة يتردّد إسم جيلبير الشاغوري في ميدان صناعة الرئيس في لبنان... رجل الأعمال الذي لم يتقدّم إلى الواجهة السياسية من بوابة المَناصب في الداخل، يحرص أن يكون له، كما يقول المَثَل اللبناني «قرص في كل عرس» فيدخل إلى الأروقة السياسية المحلية من الباب الخارجي، عبر علاقاته الدولية ولا سيما الأوروبية منها. هو رجل أعمالٍ من أصل لبناني وُلد في نيجريا، عائلتُه من بلدة مزيارة الشمالية التي تنتمي إليها زوجته كذلك. وُلد من أبوين مُهاجِرَيْن، إلا أنه رجع إلى لبنان ودرس فيه، قبل أن يعود إلى نيجيريا حيث برز كرجل أعمال في قطاعات مختلفة، من البناء إلى الفنادق، والمصانع على إختلاف أنواعها، إضافة إلى القطاع الزراعي والإتصالات والتكنولوجيا. ربطتْه علاقاتٌ مع نظام الحُكْمِ في نيجيريا في عهد الرئيس ساني أباتشا، وعُرف بصلته القوية به الأمر الذي تَسَبَّبَ له بمتاعب وإشكالات بعد تغيير الحُكْم هناك، وتَرَدَّدَ أنه اضطر إلى دفْع أموال طائلة لاحقاً لتسوية أوضاعه. أَسَّسَ أمبراطوريةَ أعمالٍ مترامية مع عائلته، وتوسّعت علاقاتُه الدولية من الولايات المتحدة إلى فرنسا والفاتيكان، إذ عُيّن سفير جزيرة سانتا لوسيا لدى الفاتيكان واليونيسكو والأمم المتحدة. وقد أثار تمثيلُه ردات فعل في سانت لوسيا وكُتب الكثير حينها عن «هبوطه بالمظلة» على الجزيرة الواقعة في البحر الكاريبي وعن علاقاته التي سمحتْ له بأن يحوز أرفع الأوسمة فيها ويصبح سفيراً لها. حاز عدة أوسمة من فرنسا ولبنان والفاتيكان نتيجة أعماله الخيرية ومساهماته المالية في مؤسساتٍ تُعنى بالتربية والصحة وأمراض السرطان، وهو قدّم لوحات وقطعاً فنية إلى متحف اللوفر الفرنسي، وأُطلق إسمه واسم زوجته على كلية الطب في الجامعة اللبنانية - الأميركية في بيروت. مفكرته حافلةٌ بأسماء لامعة في السياسة والأعمال. اشتهر بعلاقاته الدولية والأميركية تحديداً وخصوصاً مع عائلة الرئيس بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، لكن إسمه أحيط بشكوك أميركية منعتْه من دخول الولايات المتحدة قبل أن يرفع دعوى قضائية مضادة لإسقاط القرار، ومع ذلك ظلت علاماتُ استفهامٍ أميركية تتردّد لدى دخوله كل مرة إلى الولايات المتحدة. في الأخبار المتداوَلة عن الشاغوري أنه لا يحبّذ إعطاءَ مقابلاتٍ صحافية ولا يطلق آراء علانية في الحفلات أو في اللقاءات العامة، وأنه يفضّل إحاطةَ أعماله وتحركاته بستار من الكتمان، ولا سيما أنه رجل أعمال له استثماراته وعلاقته في مجالات النفط، وهو الأمر الذي فَتَحَ العيونَ على علاقته برئيس البرلمان نبيه بري خصوصاً في مرحلة التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل والتنقيب عن الغاز. لكن فريقَه عرف كيف يدير له شبكةَ علاقاتٍ إعلاميةٍ واسعة لإلقاء الضوء على مآثره وعطاءاته في لبنان وفي بلدته مزيارة التي يزورها في شكل دائم. إبن البلدة الشمالية الواقعة في قضاء زغرتا، نَجَحَ في مدّ شبكة علاقات لبنانية من بوابة العلاقات العامة والأعمال. تربطه علاقة جيدة بالرئيس بري ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وبالكنيسة المارونية التي كان الناطق بإسمها في محافل فاتيكانية، وساهم أكثر من مرة في تعزيز مواقع أساقفة لدى الكرسي الرسولي، وغالباً ما كان يقدّم طائرتَه الخاصة لرحلات البطاركة والأساقفة إلى الفاتيكان، إضافة إلى مساهماتٍ مالية متنوعة في مؤسساتها. في السياسة كان مقرَّباً من العماد ميشال عون، لكنه ابتعد عنه تدريجاً ويقال إن العلاقةَ بينه وبين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لم تكن ودّية. ويعود التوتر بينهما إلى علاقة الشاغوري بفرنجية وتأييده ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية قبل انتخاب عون في العام 2016. وليس سراً أن الشاغوري قريب من فرنجية، ويقدّم له طائرته الخاصة في رحلات صيد وفي زيارات سياسية خارج لبنان. وقد وظّف علاقتَه في باريس من أجل تسويق رئيس «المردة» إبان مرحلة الشغور الرئاسي الذي أعقب إنتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان (بين 2014 و 2016). وهو الذي ساهم في توسيع حلقة تأييده مع الرئيس سعد الحريري آنذاك وبدعْمٍ من الرئيس بري. ضغط الشاغوري في تلك المرحلة من خلال علاقاته لتسويق إسم فرنجية في لبنان وخارجه، لكن وساطته فشلت وإتجهت التسوية إلى مكان آخَر، وغاب إسم رجل الأعمال ستة أعوام إلى أن عاد اليوم مجدداً. مع الشغور الرئاسي الحالي وبدء الكلام عن تسويقٍ فرنسي لإسم فرنجية وإعلان الرئيس نبيه بري ومن ثم «حزب الله» دعْمهما له، عاد الشاغوري ليكون لاعباً أساسياً في مسار تسويق رئيس «المردة». وكل الكلام الحالي يدور في لبنان عن مساهمته في تزكية فرنجية لدى دوائر الإليزيه والمستشارين الذي يؤدّون دوراً في الإتصالات العربية والأميركية ولدى الكرسي الرسولي حيث لديه نفوذ قوي، من أجل الدفع بالملف الرئاسي إلى الأمام. لكن تَرَدُّد إسم الشاغوري وما يحوطه من ستار من الكتمان، يعطي للملف الرئاسي بُعْدَ الصفقة الرئاسية ومَلاحقها. فالشاغوري رجل أعمال، يتعاطى السياسة من باب العلاقات العامة، وهو في هذا المجال يستفيد منها في كلا الإتجاهين. فهل تُكلَّل وساطته هذه المرة بالنجاح كما تتكلّل أعماله، أم يفشل مرة أخرى في تسويق الزعيم الزغرتاوي الذي تربطه به علاقات قديمة؟..

إشكال اللجان: 8 آذار متوتّرة... والهدف "تطيير" الانتخابات البلدية

"نكسات" برّي تتوالى: ولّى زمن "الأرانب"!

نداء الوطن...لم يخرج ما حصل في مجلس النواب أمس عن السياق العام لمنهجية قوى الثامن من آذار في تعاطي الشأن العام من منطلق امتهان لغة الاستقواء والاستعلاء في مقاربة الاستحقاقات ومخاطبة الشركاء في الوطن بلسان سليط فصيح في السب والقدح والتخوين وإصبع مرفوع بالتهديد والوعيد، وبهذا المعنى لم تكن "موقعة" اللجان بما ضجّت به من صريخ و"عييط" حدثاً غير مألوف وفق مقاييس الأداء النيابي الحافل بـ"أدبيات" 8 آذار التسلطية تحت قبة البرلمان... لكنّ الجديد في مشهدية الأمس تمحور في مدلولاته العميقة حول بلوغ هذه القوى حالة متقدمة من فقدان الاتزان وانعدام القدرة على كظم الغيظ نتيجة ترهّل قبضة استئثارها بإدارة دفة الحكم في البلد. فمن اختلال التوازن في إدارة الجلسات الرئاسية وفقدان السيطرة على جدولة الجلسات التشريعية، مروراً بنكسة "الساعة الشتوية"، وصولاً إلى انهيار أعصاب معاونه السياسي علي حسن خليل في اللجان المشتركة، تتوالى "نكسات" رئيس المجلس النيابي نبيه بري على شريط الأحداث البرلمانية تحت وطأة تبدّل الأزمان التي كانت تغلّب كفة قوى الأمر الواقع على موازين القوى الناظمة للحياة السياسية بشكل ولّى معه زمن "الأرانب" التي لطالما تميّز بها أبو مصطفى ولطالما شكّلت "الماركة المسجّلة" في الدلالة على سحر سطوته على إدارة شؤون الدولة. وفي التفاصيل، تعاطت مصادر نيابية مع مجريات إشكال جلسة اللجان أمس بوصفها "كريزة هستيريا" أطلق شرارتها نواب "التنمية والتحرير"، لا سيما منهم النائبان خليل وغازي زعيتر "بلا سبب ولا داعٍ"، فاستهلها الأخير بهجوم كاسح غير مبرّر على نقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف متوجهاً إليه بإهانات سوقية من العيار الشوارعي الثقيل على شاكلة "متل صباطي" و"بدي إدعس راسك"، ثمّ تولى الأول الرد على مداخلة رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميّل بوابل من الشتائم والقدح والذم بشخصه وبعائلته متوجهاً إليه رداً على استغراب عملية تنظيره "في كيفية احترام الدستور والقوانين والقضاء" بالقول: "انت مجرم ابن مجرم ومن عائلة مجرمة وعمّك ملوثه يداه بالدماء". وبينما سارع خليل إلى محاولة تدارك الموقف خلال مؤتمر صحافي عقده إثر انتهاء الجلسة، مقابل محافظة الجميّل على رباطة الجأش مكتفياً بوضع ما حصل من "مسّ بالمقدسات" في عهدة رئيس المجلس، لم يتأخر بري في الاتصال برئيس "الكتائب" ساعياً إلى تطويق التشنج نتيجة سوء تصرّف معاونه السياسي ومؤكداً حرصه على "معالجة الأمر"، ثم أوفد نائبه الياس بو صعب إلى "الصيفي" حيث اجتمع مع الجميّل واتفق معه على "طريقة المعالجة"، بحيث خلص الموضوع إلى مبادرة خليل إلى الاتصال برئيس "الكتائب" معتذراً منه عن الكلام الذي صدر عنه ومبدياً له "كامل احترامه للشيخ سامي الجميل ولحزب الكتائب". وفي قراءة هادئة لما وراء إشكال اللجان، لاحظت مصادر نيابية معارضة أنّ نواب 8 آذار بدا عليهم "التوتر" بشكل واضح منذ لحظة انطلاق جلسة اللجان المشتركة، معربةً عن قناعتها بأنّ الهدف من وراء هذا التوتر يكمن في صعوبة إخراج عملية "تطيير" الانتخابات البلدية كما تريد قوى الثامن من آذار، ولفتت إلى أنّ رفض هذه القوى تمويل هذه الانتخابات من أموال حقوق السحب الخاصة "SDR" ما هو إلا مؤشر جلي على عدم وجود نية حقيقية بإجرائها. وفي الإطار نفسه، نقلت أوساط ميدانية معطيات ومعلومات تفيد بأنّ الجوّ العام في القرى والبلدات المحسوبة على قوى 8 آذار، وتحديداً الثنائي الشيعي، تخيّم عليه مخاوف من مواجهة هذا الاستحقاق جراء التململ الشعبي والامتعاض الحاصل من أداء البلديات القائمة وتقصيرها في مواجهة معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، فضلاً عن وجود خلافات داخلية بين أبناء الخطّ السياسي الواحد، حول أحقية الترشيحات في صفوف المحازبين والمناصرين وممثلي العائلات المنتمية إلى هذا الخط.

التوتر السياسي ينفجر في البرلمان اللبناني..وتحذير من «فتنة»

رئيس «الكتائب» يتهم المعاون السياسي لبري بـ«المس بالمقدسات»

الشرق الاوسط....بيروت: كارولين عاكوم... انتقل التوتر السياسي الذي يشهده لبنان منذ أيام على خلفية ما بات يعرف بـ«التوقيتين» إلى داخل البرلمان، حيث اجتمع النواب أمس في جلسة للجان النيابية المشتركة للبحث في عدد من اقتراحات القوانين بينها الانتخابات البلدية، فتحوّلت النقاشات إلى سجالات عالية السقف، ووصلت إلى حد «المس بالمقدسات» وفق ما أعلن رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل. وهذه الأجواء المتشنجة أدت إلى رفع الجلسة وإصدار توصية كي يحسم وزير الداخلية والحكومة القرار بشأن الانتخابات البلدية، في إشارة إلى الإطاحة بالجلسة التشريعية التي كان يسعى رئيس البرلمان نبيه بري لعقدها للبحث في عدد من اقتراحات القوانين إضافة إلى الانتخابات البلدية، نظرا للمعارضة التي يلقاها من قبل عدد من الكتل النيابية. وفيما لم يكشف عن تفاصيل الإشكال، أشارت المعلومات إلى أن السبب مرتبط بالانتخابات البلدية وكيفية تمويلها، إضافة إلى معارضة عقد جلسات تشريعية، وهو ما أدى إلى سجال بين رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل والمعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، النائب علي حسن خليل، ووصل إلى حد الكلام الطائفي، فيما سمع صراخ النواب وأصواتهم إلى خارج القاعة، بحسب ما أشارت المعلومات. وعقدت اللجان النيابية جلسة مشتركة يوم أمس برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب وحضور وزيري الداخلية والمالية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي ويوسف الخليل وعدد كبير من النواب وممثلين عن الإدارات المعنية. وكان على جدول أعمال الجلسة ثمانية بنود، بينها اقتراح القانون الرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 1500 مليار ليرة لتغطية نفقات إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2023 وناقشت اللجان هذا الاقتراح. وبعد الجلسة قال بوصعب: «تبين أن لا أحد لديه مشكلة بأن تجرى الانتخابات، ووزير الداخلية سيدعو لها في الثالث من الشهر المقبل، ولكن هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل الدعوة، إذ إنه في حال الدعوة ليس علينا التراجع بعد فترة». وفيما لفت إلى أن «وزير الداخلية سيتوجه عند رئيس الحكومة لمناقشة الموضوع واتخاذ القرار المناسب، وأصدرنا توصية ليحسم وزير الداخلية هذا الموضوع والحكومة أيضا»، قال: «الخلاف السياسي أدى إلى رفع الجلسة لأن الجو كان متشنجا...». وأظهرت التصريحات التي تلت الجلسة أن المواجهة داخل المجلس لا تنفصل عن تراكم الخلافات المرتبطة بقضايا عدة، أبرزها الانتخابات الرئاسية وما يرتبط بها من خلافات في مقاربة صلاحيات البرلمان وحكومة تصريف الأعمال في مرحلة الفراغ الرئاسي. وتحدث الجميل بعد انتهاء الجلسة عما حصل داخلها، رافضا الإفصاح عن التفاصيل، لكنه أكد في الوقت عينه أنه خطير ولا يجوز أن يمرّ، فيما لفت بيان صادر عن «الكتائب» عن «وقوع نقاش حاد بين الجميل والنائب علي حسن خليل بسبب استخدام خليل تعابير لا أخلاقية، ولا ترتقي إلى مستوى التخاطب بين النواب». وتوضح مصادر في «الكتائب» لـ«الشرق الأوسط» أنه خلال مناقشة موضوع تمويل الانتخابات البلدية طرح النائب الجميّل خيارات عدة لكيفية تمويلها دون الحاجة إلى انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب التي يعتبر أنها غير دستورية بحكم الشغور الرئاسي، ومنها إمكانية التمويل من الهيئة العليا للإغاثة أو من مصرف لبنان الذي يصرف يومياً أضعاف المبلغ المطلوب لمنصة «صيرفة»، والذي يقدر بثمانية ملايين دولار، كما طرح إمكانية استعمال أموال السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي التي تستعمل اليوم لأغراض متعددة وصولاً حتى إلى تنظيف الوزارات، في إشارة إلى ما أشيع أن وزير التربية قام باستخدام جزء من هذه الأموال لتكليف إحدى الشركات بتنظيف مبنى الوزارة. وتشير المصادر إلى أنه عندها تدخل النائب علي حسن خليل، مشيرا إلى أن أحد رؤساء الأحزاب يطرح خيارا مخالفا للدستور ويطلب من الحكومة القيام به، ليتدخل عندها النائب الجميل ويرد عليه بالقول: «أستغرب كيف أن حضرة الزميل يعطينا أمثولة في كيفية احترام الدستور والقوانين والقضاء»، فكان أن انفعل النائب خليل وردّ عليه قائلا: «أنت مجرم وابن مجرم ومن عائلة مجرمة»، لتعود بعدها وتعم الفوضى في المكان، ويعلو صراخ النواب والمواجهة فيما بينهم. وقال الجميل في مؤتمر صحافي: «جئنا لنؤكد على أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي إلى فوضى كبيرة في البلد، لافتا إلى أن هناك مائة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية، وأعطينا أمثلة أن مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة صيرفة لتهدئة سعر الصرف»، علما بأن «المبلغ المطلوب هو 8 ملايين دولار أي ربع ما يدفعه مصرف لبنان يومياً». وجدد الجميل موقفه لناحية اعتبار البرلمان هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، أي لا يحق لها التشريع، في انتقاد واضح لرئيس البرلمان نبيه بري، وأكد في المقابل أن المسؤولية تقع على الحكومة التي لا يمكنها أن تؤمن تمويلاً للانتخابات البلدية فيما تجد تمويلا لأمور أخرى. وكشف الجميل أن ما حصل مسّ بالمقدسات، واصفا إياه بـ«الخطير»، لكنه رفض الإفصاح عن التفاصيل، ووضعها في عهدة رئيس البرلمان الذي دعاه للاستماع إلى تسجيل الجلسة. وقال: «إذا أفصحت عما حصل فسوف أكون مساهماً بفتنة يريد البعض جرّ البلد إليها وهذا ما لا نريده... وإذا اعتبر بري أن ما حصل يمرّ فإننا نكون أمام مشكلة كبيرة لن يقبل بها أحد، وإن لم يرغب في معالجتها فسوف تكون الرسالة وصلت وسنرى مع حلفائنا كيف سنتعاطى». ومع تأكيده أنه لم يتوجه إلى النائب خليل بأنه «مطلوب للعدالة»، (على خلفية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت)، قال الجميل: «إن كان أحد النواب (في إشارة إلى خليل) فقد أعصابه فنحن نمر فوق ما حصل ولا مشكلة، أما إن كان هناك توجه سياسي بأن نتعاطى في البلد بهذا الشكل ونستخدم هذا المنطق وننظر للآخر بهذا الشكل، فالمشكلة كبيرة جداً». في المقابل، عاد النائب خليل، بعد الجلسة، وانتقد معارضة بعض الجهات لعقد جلسات تشريعية، وقال: «الانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردود الفعل، وكان كلامي واضحاً؛ إذ قلت: نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية استعمال أموال السحب الخاصة»، ليعود بعدها ويوضح أنه قصد رئيس حزب «القوات اللبنانية» بكلامه، «لكن الجميل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس». وأكد «لن أقبل بأن يكون هناك أي مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال، ولن ننجر إلى خطاب الانقسام في البلد». واستعاد خليل الخلاف الذي نشأ على خلفية التوقيت وقال: «(حركة أمل) قاتلت من أجل لبنان وما زالت تُناضل، وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار (لكم لبنانكم ولنا لبناننا) بسبب الساعة». مع العلم أن المواجهات بين النواب لم تقتصر على الجميل وخليل، بل كان قد سبقها أيضا خلاف، وفق ما ذكرت وسائل إعلام لبنانية، بين اعتراض النائب في كتلة بري غازي زعيتر، والنائب ملحم خلف، على خلفية دعوة الأخير لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، وهو ما نتج عنه أيضا سجال حاد وإطلاق كلمات نابية بين الطرفين. وعلّق أمين سرّ كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على الخلاف الذي شهدته جلسة اللجان المشتركة اليوم، وكان هو أحد النواب الذي تدخّل للتهدئة، معتبرا أن ما يحصل يكشف عن الواقع المؤسف في البلد، واصفا الجو بـ«المحتقن». وقال في حديثٍ لـ«الأنباء» الإلكترونية: «ما حصلَ في الجلسة كان صادماً، والواقع في البلد خطير إذا ما استمر على هذا النحو»، لافتاً إلى أنَّ «المطلوب أن يعلو صوت العقل في عين العاصفة». وكان للنائب أبو الحسن مع رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط دور في المسعى الذي أدى إلى إنهاء الإشكال الناتج عن القرار الحكومي بتمديد التوقيت الشتوي، ودعا أبو الحسن «المسؤولين للعودة إلى التعقل والتفكير مليّاً والبدء بالتفكير بمصلحة البلد، وهموم الناس وانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة والبدء بالإصلاحات بدل المضي في هذا المسلسل المتوتر». وأكد أبو الحسن أن «ما حصل مخيّب للآمال، ودعوتنا إلى كلّ الفرقاء للعودة إلى الحكمة والتروي والتعقّل والمنطق والحرص على المصلحة الوطنية». ويأتي هذا الخلاف بعد أيام من التوتر السياسي - الطائفي الذي شهده لبنان إثر اتخاذ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بطلب من رئيس البرلمان، قراراً بتمديد التوقيت الشتوي، وهو ما أثار ردود فعل رافضة ومنتقدة للطريقة التي اتخذ بها قبل أن تتحول إلى طائفية ومناطقية مع إعلان الأحزاب المسيحية والبطريركية المارونية رفضها للقرار واعتماد التوقيت الصيفي، وصولا إلى عقد ميقاتي جلسة للحكومة أعلن على أثرها العودة عن قراره.

القوى المسيحية في لبنان تحذّر من التفرُّد في انتخاب الرئيس

الشرق الاوسط.. (تحليل إخباري).... بيروت: محمد شقير... يخطئ من يعتقد بأن الخلاف على بدء التوقيت الصيفي في لبنان كان وراء ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفي والمذهبي الذي بلغ ذروته، قبل أن يبادر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى تصويب البوصلة باعتماد التوقيت المعمول به عالمياً. وإنما جاء نتيجة تراكم الأزمات، كما يقول مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط، ما أدى إلى تظهيره للعلن لتمرير رسائل سياسية لمن يعنيهم الأمر في الداخل والخارج بأنه من غير الجائز تخطي المسيحيين بتعديل المرسوم الخاص بالتوقيت بقرار يصدر عن ميقاتي من دون العودة إلى مجلس الوزراء لئلا ينسحب لاحقاً على قضايا أخرى في ظل تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، للإيحاء بأن الأمور طبيعية في غياب الرئيس. فالاحتقان لا يعود، كما يقول المصدر السياسي، إلى الخلاف حول التوقيت، وإن كان البلد في غنى عنه ولا يستأهل حجم ردود الفعل بخروج بعضها عن أصول التخاطب المألوف بين السياسيين، بل إلى وجود شعور لدى المكوّنات المسيحية، ومن موقع الاختلاف بين قواها السياسية، بأن هناك من يتقصّد تجاهلها، في إشارة مباشرة إلى عدم شمولها باللقاءات التي عقدتها مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف خلال زيارتها لبيروت وكادت تقتصر على بري وميقاتي وعدد من النواب المنتمين إلى الطائفة السنّية، لو لم تشمل وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب. فباسيل كان وراء حقن النفوس، في محاولة مكشوفة لشد العصب المسيحي لإقحامه في مزايدة شعبوية يُفترض أن ترتد تداعياتها، كما يقول المصدر السياسي، على من أطلقها، خصوصاً أن الرد عليه جاء هذه المرة من قبل أهل البيت بلسان نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب برفضه لكل ما أورده باسيل في خطابه السياسي في تعليقه على الخلاف على قرار التوقيت. كما أن انسياق البعض وراء ردود الفعل أتاح لمواقع التواصل الاجتماعي الدخول على خط التصعيد بدلاً من إفساح المجال أمام إعادة النظر في القرار الصادر عن ميقاتي، بعدما أبدى باتصاله مع البطريرك الماروني بشارة الراعي استعداده للبحث عن مخرج من شأنه أن يوقف التمادي في حقن النفوس بعد أن أحجمت معظم القيادات الإسلامية، سواء أكانت روحية أم سياسية، عن الدخول طرفاً في السجال. وعليه، فإن الغلبة لردود الفعل، بحسب المصدر السياسي، كانت من جانب واحد، خصوصاً بعد مبادرة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أثناء وجوده في باريس فور اشتعال ردود الفعل، إلى التدخل ناصحاً ميقاتي ومعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري باستيعاب التأزّم وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي. وجاء تدخل جنبلاط من خلال أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، بالتلازم مع تدخّل زميله النائب وائل أبو فاعور، الذي كان في عداد وفد الحزب «التقدّمي» إلى باريس، فيما بادر الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام إلى ملاقاتهما للجهود الجنبلاطية بلقاء ميقاتي. لكن اللافت في ردود الفعل كان في إصرار حزب «القوات اللبنانية» على التمايز عن باسيل الذي كان، بحسب المصدر السياسي، وراء تأجيج الاحتقان من خلال ناشطين تابعين لـ«التيار الوطني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتطويق الخلاف لن يحجب الأنظار، كما يقول المصدر السياسي، عن استحالة الوصول إلى تفاهم حول التوقيت السياسي المطلوب لإخراج إنجاز الاستحقاق الرئاسي من التأزم لتفادي العواقب الوخيمة التي يمكن أن تصيب البلد في ضوء الإنذار غير المسبوق الذي صدر عن وفد صندوق النقد الدولي في ختام زيارته لبيروت التي لن تتكرر في المدى المنظور إلا في حال توصل النواب إلى انتخاب رئيس للجمهورية. لذلك، فإن ما جرى من تصعيد سياسي، ولو من جانب واحد، تسبب به الخلاف حول التوقيت، يؤشر إلى أن معظم المكونات المسيحية أرادت أن تُعلم من يهمه الأمر بأنها ستقاوم أي محاولة يراد منها فرض رئيس للجمهورية لا يحظى بتأييد واحدة من الكتل النيابية المسيحية الوازنة من جهة، واستباقاً لمنع استغلال الفراغ الرئاسي من قبل حكومة تصريف الأعمال باتخاذ قرارات بغياب الرئيس تتعلق باستحقاقات داهمة في حال امتد الشغور الرئاسي إلى ما بعد يوليو (تموز) المقبل، وهو موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، برغم أن ميقاتي ينتظر بفارغ الصبر انتخاب الرئيس، وهذا من مسؤولية البرلمان. لكن طي صفحة الخلاف لا يعني أن البلد بألف خير، طالما أنه يغرق في انهيار شامل في ظل انقسام الكتل النيابية، ما يعيق التدخل الدولي والإقليمي لتقديم المساعدة المطلوبة كي لا يتمدّد الشغور الرئاسي إلى أمد طويل. وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن باريس أكدت، بحسب مصادر دبلوماسية، أن الهدف من اقتراحها مقايضة انتخاب زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بتكليف السفير السابق نواف سلام برئاسة الحكومة يكمن في رمي حجر في المياه الرئاسية الراكدة لتحريك التواصل بين النواب الذي من دونه ستتجه الأمور إلى تمديد تعطيل جلسات الانتخاب، وبالتالي ليس صحيحاً أنها تسعى لفرض مرشح معين بخلاف الإرادة النيابية.

محاولة فرنسية للالتحاق بواشنطن والرياض في لبنان

الاخبار تقرير هيام القصيفي .... بعد فشل سياستها في لبنان، تبدو باريس في مراجعة رئاسية ومحاولة الالتحاق بسياسة الرياض وواشنطن اللتين لا تزالان عند المربع الأول في تشخيص الأزمة وتحديد مواصفات المعركة الرئاسية والرئيس العتيد...... يبدو السباق جدياً بين تصاعد مؤشرات التصعيد الداخلي بكثافة والمحاولات الخارجية لاحتواء التوتر اللبناني، عبر إجراء الانتخابات الرئاسية. لكن السقف الأساسي الذي لا يزال يتحكم بمجريات السعي الخارجي، الدفع «لبنانياً» لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، معطوفاً على ترتيب الأوضاع المالية بما تيسّر من عناصر أساسية من أجل تقطيع وقت التصعيد الدولي، وليست حرب أوكرانيا وحدها التي يشار إليها، بل أيضاً الملف النووي الإيراني والموقف الإسرائيلي منه، في انتظار حلول طويلة الأمد. منذ الاتفاق السعودي - الإيراني، ثمة محاولات لترجمته لبنانياً، عبر إيحاءات وسيناريوهات تتعلق بسبل تطبيقه على الساحة اللبنانية. والاجتهادات في هذا المجال متناقضة، بحسب هوية القوى السياسية سواء المتحالفة مع السعودية أو إيران. في المقابل تتجه وقائع غربية إلى التعامل معه وفق معايير مختلفة تتعلق بدور الصين والعامل النفطي المؤثر في مجال العلاقة مع السعودية، وأهمية موقع اليمن في الاتفاق، والخطوات العملانية المنتظر ترجمتها خلال الشهرين المقبلين، ونظرة إسرائيل، على رغم تخبطها الحالي، إلى إيران النووية ودور السعودية في المنطقة، وهي المتجهة إلى خطوات عملانية في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد. من هنا، تصاعد المنحى الغربي، الأميركي في غالبيته، في قراءة الاتفاق بواقعيته، من دون القفز فوق الدوائر الأميركية المطلعة حكماً على مختلف جوانبه مسبقاً. هذه الواقعية تحتم لبنانياً التعامل مع المداولات الإقليمية على قدر أهميتها للدول المعنية بها. يحتاج الأمر بالنسبة إلى لبنان كثيراً من التدقيق في المعطيات الأميركية والفرنسية والسعودية، ليس في ما يتعلق بالاتفاق الإقليمي، بمعناه المباشر، بل بالتفسيرات التي تعطى للوجهة الحقيقية لسياسة العواصم الثلاث تجاه لبنان، قبل الاتفاق وبعده، انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية. من الصعب على قوى سياسية لبنانية الاقتناع بأن اللقاء الخماسي في باريس كان نقطة تحول أساسية انعكست أولاً بأول على باريس قبل بيروت. هذا الأمر لم تكن له علاقة بالاتفاق الذي كانت تعد له السعودية بعلم واشنطن، لأن باريس قفزت سريعاً فوق استنتاجات سياسية في بيروت وباريس على السواء أوصلتها إلى حائط مسدود، وانعكست على فريق الإليزيه تخبطاً ظهر تدريجاً في محاولات احتواء سلبيات اللقاء الخماسي وما خرجت به ديبلوماسيتها في بيروت من توقعات مغلوطة أعقبتها توضيحات. من هنا جاء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليعكس خلاصة مستجدة في سياسة فرنسا مبنية على اقتناع بأخطاء ارتكبت وتجاوزات في فرض إيقاعات ورسم سيناريوهات غير مستندة إلى وقائع عملية، لم تكن السعودية ولا واشنطن موافقتين عليها. وعلى رغم أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها باريس إظهار أنها تسير وراء السعودية وسياستها في لبنان، إلا أن الأسابيع الأخيرة، في عز انشغال الإليزيه بمشكلات فرنسا الداخلية الحادة، أظهرت حجم الفشل الذي منيت بها الاستراتيجية الرئاسية في مقاربة ملف الرئاسة اللبنانية، ما حتم مقاربة مختلفة ومحاولة لاحتواء التعثر الفرنسي، والسعي مرة أخرى إلى التقرب من الرياض ومجاراة سياستها في لبنان.

فشل كبير منيت به باريس في مقاربة ملف الرئاسة ما حتم السعي إلى مجاراة الرياض

لم يكن الأمر يحتاج إلى زيارة الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف إلى لبنان لكشف واقع المسارين المختلفين في رؤية باريس وواشنطن تجاه الأزمة اللبنانية بشقيها الرئاسي والسياسي. فواشنطن، بخلاف باريس، لا تزال عند موقفها الأول وغير الملتبس حيال تشخيص الأزمة ومواصفات الرئيس المقبل. لكن في الوقت نفسه ليس لديها بعد ما يمكن أن تقدمه للقوى «المعارضة» والحليفة التقليدية لها، ولا تستطيع أن تقدم تعهدات ووعوداً لا يمكن لها أن تفي بها في الوقت القريب. وهذه من الأسباب الرئيسية الحالية في تخفيف مظاهر الاصطفاف إلى جانب حلفائها. علماً أن هناك مفارقة يتحدث عنها سياسيون على اطلاع على مواقف أميركية معنية، هي هذا التحول الكبير لدى الدول الكبرى الراعية للقوى السياسية، إذ تظهر باريس راعية للثنائي الشيعي، والسعودية راعية للقوى المسيحية المعارضة في غالبيتها، في غياب الدور السني، فيما تقف واشنطن في منطقة رمادية، تنتظر مزيداً من الوقت لبلورة الاتجاه الحاسم في التعاطي مع لبنان. لكنها في الوقت نفسه، تؤكد انسجامها مع الموقف السعودي في قراءة الوضع اللبناني وسبل معالجته. وهذا الموقف لا يزال على حاله، لم تغيّر فيه الاتفاقات الإقليمية حرفاً واحداً، على رغم أن هناك تمنيات لدى المعارضة وبعض القوى الرئيسية فيها، في أن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة الانقسام الرئاسي، الأمر الذي يترجم التقاء بين المعارضين والثنائي حول اسم توافقي يسهل انتخابات الرئاسة. فالأميركيون والسعوديون يحثون على إجراء الانتخابات لبنانياً لأن «الوضع الداخلي لم يعد يحتمل في لبنان مزيداً من التوترات والخشية من انفجار اجتماعي». وتحذير صندوق النقد الدولي واحد من المؤشرات الدولية الأبرز أخيراً. لكن هذه الخشية لم تبدل في تعاطي السعودية مع محاولات فرض إيقاع فرنسي بـ «إيحاء لبناني بحت»، نحو تسوية ومقايضات رئاسية وحكومية. وهذا ما أدركته باريس بعد تأخر أسهم في تعميق الأزمة الداخلية. وكل من له صلة بدوائرها اليوم يتحدث عن متغيرات حديثة في مقاربة الملف الرئاسي والعلاقة مع السعودية، لا سيما بعد فشل اللقاء الخماسي في منحاه الفرنسي. والأمر نفسه ينسحب على واشنطن التي وإن كان لديها مع السعودية مرشحون لهم الأفضلية، إلا أنهما اليوم في مرحلة انكفاء عن التسمية المباشرة، قبل نضوج ظروف المنطقة بكل تلاوينها من إسرائيل إلى إيران، كي يمكن السير بتسوية كبرى. على عكس المغامرة الفرنسية المتسرعة في فرض تسوية مجتزأة من فوق. لكن الطرفين لا يزالان يعتبران أن لدى اللبنانيين فرصة حقيقية للسير بالانتخابات محلياً وفق قواعد مدروسة تسهم في وقف النزف الحالي اقتصادياً واجتماعياً، وحينها قد تمنح لها المظلة السعودية - العربية والدولية المطلوبة.

سجال بين «القوات» ونائبين «تغييريين» على خلفية التنسيق في معركة الرئاسة اللبنانية

بيروت: «الشرق الأوسط».... أكد حزب «القوات اللبنانية» أن «التغيير الفعلي يتطلب معارضة فعلية ومتماسكة»، وذلك في رد على نائبين ينتميان إلى كتلة «التغيير»، اتهما الحزب بأنه «جزء من النظام»، وسط خلافات بين قوى المعارضة عرقلت التنسيق بينها في ملف الانتخابات الرئاسية. وكان رئيس «القوات»، سمير جعجع، انتقد النائبين إبراهيم منيمنة وحليمة القعقور في تصريح له قال فيه إنهما يعيشان «في غير دنيا»، وقال إنهما يرفضان التعاون مع أحزاب المعارضة. وردت القعقور في بيان توجهت فيه إلى جعجع بالقول: «لستَ من يحدّد شكل المعارضة، ولا دور المعارضة، ولا نهجنا وسلوكنا. نحن نختلف جذرياً معكم في الرؤية للنظام، التي تعبرون عنها بـ(هذا هو الواقع اللبنانيّ)، ونحن هنا لتغيير هذا الواقع المذل والظالم». من جهته، اتهم النائب إبراهيم منيمنة جعجع بمحاولة جمع المعارضة تحت عباءته «لبيعنا لاحقاً على طاولات وبازارات السياسة الإقليمية والدولية». ولفت منيمنة إلى أنّ خطاب التخوين استمرّ «وكأن مدخل مواجهة (حزب الله) يمرّ بمعراب حصراً وبلغتها!». وقال: «أما اصطفافاتنا، فلطالما جاهرنا بأنّها على القطعة، ومعاييرنا معروفة، ولسنا كيديين ولن نكون، وفي كل مرة تقتضي المصلحة العامة أن نتلاقى على موقف لمصلحة الناس فسنفعل، لكنّنا نحن وحدنا من نحدد توقيتنا وأولوياتنا واصطفافاتنا». وردت الدائرة الإعلامية في «القوات» قائلة في بيان إنه في اتصالات «القوات» مع القوى المعارضة بعد الانتخابات النيابية، «لقينا تجاوباً كبيراً من الفرقاء كلّهم الذين تكتّلوا حول ترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهوريّة والذي حصد دعم ثلثي قوى المعارضة، ولكن غالباً ما كنّا نصطدم بعدم رغبة بعض مَن في المعارضة مِن أمثال النائبين إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور في التّنسيق مع بقيّة المعارضين، في مواقف متتالية ساهمت في تفكيك صفوف المعارضة بدل رصّها، بحجج متعدّدة توصل إلى الهدف عينه». وقال حزب «القوات» في بيانه إن منيمنة وقعقور «يُصرّان، وانطلاقاً من نظرتهما الآيديولوجيّة للأمور، على توصيفها بأنّها جزء من المنظومة، وبالتّالي رفض التّنسيق معها، إضافة إلى نعتها بنعوتٍ لا تمتّ إلى الحقيقة والواقع بأي صِلة، حتى وصولاً إلى تشويه بعض الوقائع»، مشيراً إلى أن «التغيير الفعلي يتطلب معارضة فعلية ومتماسكة، ونحن منفتحون على القوى السيادية والمعارضة كلّها للتعاون». وسأل «القوات»: «ما خطة العمل التي يقترحها النائبان المذكوران للخروج من هذا المستنقع والتغيير الفعلي اللَّذين وعدا بهما ناخبيهم، غير اتّهام (القوّات) بأنّها من المنظومة؛ خِلافاً للواقع؟ هل بالخِطابات الرنّانة وبالاستعراضات الشعبويّة وبالانتقادات السلبية وبالشّعارات الكلاميّة التي لا تقترن بالأفعال؟ كيف يُمكن الخروج من جهنّم التي أوصلتنا إليها هذه المنظومة دون وحدة قوى المعارضة ضدّها؟».

الجيش اللبناني يتسلم دفعة جديدة من الدعم المالي القطري

الدوحة: «الشرق الأوسط»... أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن قيادة الجيش اللبناني تسلمت دفعة جديدة من الهبة المالية، التي أعلنتها دولة قطر، في إطار دعم الجيش اللبناني، وكمساهمة لدعم رواتب عناصر الجيش. وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الجيش اللبناني أفاد في بيان، بأن هذه الهبة تندرج في إطار مبادرات دولة قطر لدعم مؤسسات الدولة في لبنان. وثمّن العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني هذه الخطوة المشكورة، مؤكداً أنها بالغة الأهمية في ظل الأزمة الحالية التي يعاني منها لبنان. وقد باشرت قيادة الجيش اللبناني توزيع الهبة . وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت دولة قطر عن تقديمها مبلغ 60 مليون دولار في إطار دعم الجيش اللبناني. كما أعلنت قطر، في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، عن دعم الجيش اللبناني بـ70 طناً من المواد الغذائية شهرياً لمدة عام.

رقعة الفقر تتسع في لبنان..وحلويات رمضان للمحظوظين فقط

المعاناة تطال الطبقة المتوسطة بعد الانهيار القياسي لقيمة الليرة

الشرق الاوسط...طرابلس (شمال لبنان): سوسن الأبطح..ارتفع عدد طالبي المساعدات من 5 آلاف عائلة إلى 20 ألفاً في الفترة الأخيرة، في جمعية خيرية في مدينة طرابلس (شمال لبنان) التي تزدحم مداخلها ويحاول موظفوها جاهدين تلبية الحاجات المستجدة. وتشرح مديرة الجمعية، سعاد شحيطة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحاجة تتفاقم في طرابلس بسرعة كبيرة، وبات علينا رفع تقديماتنا بنسبة 80 في المائة عما كان عليه الحال قبل مدة قصيرة. صارت تقصدنا طبقات اجتماعية مختلفة من معلمين وموظفين، وسائقي تاكسي، هؤلاء جميعهم لم يكونوا بحاجة لمعونات قبل أن تهوي الليرة بقوة في الشهور الأخيرة». الفقر تتسع رقعته في طرابلس، والمساعدات تشحّ، في مدينة كانت أصلاً قبل الأزمة الأفقر في لبنان. حتى الزينة التقليدية في رمضان لم تعد ملحوظة، ومظاهر الشهر تتقشف وتخبو. مدينة الحلويات صار شراء الحلو فيها لكثيرين ترفاً صعب المنال، والأماكن التي كانت مقصد الساهرين في الشهر الكريم من مختلف مناطق الشمال خفتت وبهت وهجها. الازدحام في الأسواق القديمة، وتحديداً سوق العطارين للخضار، لا يعكس حقيقة المشتريات التي انخفضت هي الأخرى. في مكاتب جمعية أخرى يتوافد طالبو العون طوال النهار. معلمة مدرسة تبكي لأن راتبها لا يكفيها. رجل متجهم القسمات يريد ثمن جرة غاز. الطلبات صغيرة، القسمات الحزينة في العيون الغائرة هي نفسها، هناك من يشكو العتمة، ويريد مبلغاً بسيطاً لاشتراك الكهرباء، امرأة تطلب ثمن حفاضات، وأخرى علبة حليب. تقول مها الأتاسي الجسر، رئيسة الجمعية: «هذا البؤس الشديد مستجدّ علينا، بعد أن ارتفعت الأسعار بشكل جنوني. المشكلة لم تعد تخص الفقراء وحدهم، بل امتدت لتطول أولاد العائلات الذين لم يعتادوا الوقوف أمام الجمعيات للحصول على مساعدات. بتنا نرى فئات جديدة من الناس غير قادرة على طهي الطعام في منزلها، بسبب ارتفاع كلفة جرة الغاز. هذه أيضاً مشكلة كبرى، لهذا نوزع وجبات جاهزة للصائمين لحوالي 80 عائلة و20 فرداً في اليوم». الحاجة تتوسع، لكن الجمعية التي كانت تطبخ لـ500 عائلة في الأعوام السابقة قلصت مساعداتها في مختلف المجالات، ومثلها جمعيات أخرى. «هناك مشكلة بسبب وضع البنوك، والتشديد على التحويلات إلى لبنان، وكذلك الأزمات الاقتصادية في دول كثيرة لنا فيها أصدقاء وأقرباء يسهمون في التمويل». المعاناة في طرابلس يصعب وصفها. فبعد أن تجاوز سعر الدولار الواحد 100 ألف ليرة، في قفزة جنونية، مع دخول شهر رمضان، يقول أبو رياض الذي يعمل في سوبر ماركت: «مستحيل أن نستمر. حتى البطاطا لا نستطيع شراءها، وقد بلغ سعر الكيلو 50 ألفاً، ومدخولي 250 ألف ليرة في اليوم لا تكفي ثمناً للخبز وبعض الخضراوات». عائلته المكونة من 5 أفراد بينهم رضيع تضطر أحياناً لأكل الخبز الحاف. المساعدات فوضوية، وكل جهة تعمل كيفما اتفق. ديانا (25 سنة) موظفة في مؤسسة، وليست ممن يعرفون السبيل لطلب المعونة، تعيش مع والدها المتقاعد ووالدتها. «قبل الأزمة لم يكن عملي ملحاً. كنا 4 في المنزل، قبل زواج أختي. معاش والدي كان يكفينا وعندنا سيارتان، وسيدة تساعد أمي. الآن تغير كل شيء، انقلبت أحوالنا، بعنا سيارة واستغنينا عن المساعدة، وألغينا أموراً أساسية من حياتنا». تضيف ديانا: «بالكاد نستطيع شراء اللحم أو الدجاج مرة كل 3 أشهر. نكتفي من الخضراوات بالبندورة والخيار، ونستغني عن الخس والملفوف، حتى البصل والثوم لا نستطيع شراءهما في غالب الأحيان». اللحوم باتت للمحظيين بسبب سعرها الذي وصل إلى مليون و200 ألف ليرة للكيلو (حوالي 10 دولارات) «لو اشتريناه سيكون ذلك على حساب أشياء كثيرة. ومن الفواكه، نشتري البرتقال وليس الموز الذي ارتفع سعره». لا يزال البعض يصرف مما ادخره وقت الوفرة «لكن القليل الذي في حوزتنا ينفد». تقول ديانا: «آخر ما احتفظنا به كان محبسي زواج والديّ، أردنا تركهما لفك ضيق في حالة مرض، لكننا اضطررنا لبيعهما، ولم يعد معنا شيء». هي نفس حالة فاطمة الحسن التي تعمل موظفة في مستشفى واضطرت لبيع كل ما في حوزتها من ذهب، واستدانت فوقها، لتسد أقساط منزلها الذي اشترته بالدولار قبل الأزمة، فيما راتبها بالليرة. فاطمة وزوجها لا يتجاوز مدخولهما 10 ملايين ليرة، أي أقل من 100 دولار في الشهر، ويعيلان 5 أطفال. «حاولت الحصول على معونة من وزارة الشؤون الاجتماعية ولم أفلح، اتصلت بجهات كثيرة، قالوا إنهم لا يسجلون أسماء جديدة. ليس عندي أقرباء في الخارج لمساعدتي. ولولا بعض أقاربي هنا يتذكروننا بين الحين والآخر، لكان الأمر كارثة حقيقية». فاطمة اشتركت بالحد الأدنى الممكن للحصول على القليل من الكهرباء، تماماً كما أم رامي التي تعمل في مطعم وتكتفي في منزلها بأمبير واحد يكفيها لمصباح وتلفزيون تدفع مقابله 25 دولاراً في الشهر. «عدم وجود كهرباء يلزمني بشراء الأكل بشكل يومي، والطبخ بشكل يومي، لأنني لا أستطيع أن أحتفظ بالطعام لليوم التالي من دون برّاد»، تقول أم رامي، هذا يعني تكاليف أغلى ومعاناة أكبر. أم رامي تطبخ بشكل مشترك مع عائلة ابنها كي تتقاسم العائلتان التكاليف وتتمكنان من التوفير. تلفت مها الأتاسي الجسر إلى أن تشتت المساعدات، وعدم التنسيق بين الجمعيات، وغياب أي «داتا» موحدة تظهر أسماء المستفيدين من معونات الدولة أو جمعيات أو مؤسسات، يجعل البعض يستفيد من أكثر من جهة، بينما يبقى كثر متروكين لبؤسهم، ولا أفق لحل. تعلق ديانا، وهي تؤكد: «نحن لا نستطيع أن نعتاد هذه الحياة، ولن نتأقلم. لا أحد يمكنه أن يحتمل، إنما نصبر وننتظر أن تتغير الأوضاع».

جديد الاستراتيجية الغربية ضد المقاومة

برامج دعم بدل برنامج صندوق النقد: تفكيك البيئات الحاضنة للمقاومة يتواصل

الاخبار...غسان سعود ... في سياق داخليّ خارجيّ متوقع، طويت صفحة صندوق النقد ضمن استراتيجية أميركية واضحة لإحلال «برامج دعم» تتصيد المواطنين بالمفرد وتقيدهم وتربط مستقبلهم بمزاج الداعمين، محل برامج الصندوق التي تقيد المواطنين والبلد بالجملة وتربط مستقبلهم بمزاج الأجندة الأميركية...... بعد انتهاء الزيارة الأخيرة لصندوق النقد الدولي لبيروت يمكن القول إن «وهم الصندوق» سقط نهائياً، وإن كان معنيون يؤكدون استحالة أن يغادر هذا الغراب الأميركي سماء البلاد المحتضرة. وإذا كان البعض يهلل لكلام مسؤولي الصندوق بوصفه إدانة للمنظومة السياسية كاملة و«فضحاً باهراً» لإخفاقاتها، فإن هذه المواقف ليست إلا جزءاً من عدة الشغل الأميركي لتمويه القرار الثابت بعدم فتح أي متنفس اقتصادي للبنان يخفف من وطأة الحصار. لذلك، سيواصل الصندوق إيجاد مبررات لعدم تحقيق أي اختراق في ملف استجرار الكهرباء أو غيره. ومن يعتقد أن الخلفية اقتصادية أو مالية أو إصلاحية فهو واهم. وتنبغي الإشارة، هنا، إلى أن قانون الـ«كابيتال كونترول» الذي تتواصل زيارات وفود الصندوق في شأنه، قدّمه النواب سيمون أبي رميا وآلان عون وإبراهيم كنعان في اقتراح معجل مكرر في 20 أيار 2020، وكان يمكن أن يمر من ذلك التاريخ في الهيئة العامة، لولا أن الصندوق سارع إلى إرسال ثماني صفحات من الملاحظات دفعت إلى تحويله إلى اللجان النيابية ليبدأ مسار التأخير والتمييع. رفع السرية المصرفية شهد أيضاً تقدّماً على نحو يسمح للقضاة المعنيين برفع السرية فوراً عن كل من يشتبه بإثرائه غير المشروع، وهو ما استخدمته القاضية غادة عون فوراً. إلا أن الصندوق، في سياق البحث عن ذرائع لعدم التوصل إلى اتفاق مع لبنان، يواصل طلب المستحيل مما لا مثيل له في العالم. والأمر نفسه ينطبق على إصرار الصندوق على توحيد سعر الصرف على نحو يهدد بتدمير اقتصادي واجتماعي شامل.

الواضح في هذا السياق أن كل ما يحصل منذ 17 تشرين الأول 2019 مرسوم بدقة: من قرار إقفال المصارف، إلى قرار التصدي للـ«كابيتال كونترول»، والدفع إلى عدم دفع الديون بدل إعادة جدولتها، إلى توفير الذرائع المتواصلة لعدم اتخاذ أي قرار إنقاذي مع رمي المسؤوليات تارة في ملعب المصارف، وأخرى على هذه الكتلة النيابية أو تلك، وثالثة على حاكمية مصرف لبنان، ومرات على مجلس الوزراء، وإضاعة كل هذا الوقت لاستجداء موافقة صندوق النقد. علماً أن كثيراً من القوانين الإصلاحية أُقرّت فعلاً في المجلس النيابي، لكنها لم تقدم أو تؤخر لأن السلطات التنفيذية والقضائية والمالية والأمنية المعنية بتنفيذها لا تجد نفسها ملزمة بذلك، ولا يوجد من يحاسبها... وهذا ما يقود إلى الاستنتاج بأن صفحة «إنقاذ صندوق النقد للبنان واللبنانيين» طويت حتى إشعار آخر، ما يبقي للبنانيين 3 خيارات:

الأول، وضع حد للخفة المستحكمة بكل مواقع المسؤولية، موالاة ومعارضة؛ ووضع رؤية اقتصادية تحدد إمكانيات الدولة وموجوداتها (من الذهب إلى النفط إلى الأملاك) ومداخيلها لمفاوضة صندوق النقد أو غيره من موقع قوة. مع قرار سياسيّ نهائيّ مشترك بتطبيق القوانين وإجراء الإصلاحات الطارئة اللازمة. وهذا ما يستلزم انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة من دون إضاعة عام أو عامين في مناكفات الأحجام ثم تعطيلها بذرائع مختلفة.

الثاني، فعل كل ما يلزم لاسترضاء الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، لتعود العقارب إلى زمن باريس 1 و2 و3 وتعويم الدولة اللبنانية بنظامها وشعبها، بغض النظر عن الفساد وسائر الموبقات. علماً أن استرضاء الخليج اليوم لا يقتصر على النأي بالنفس عن مشكلات المنطقة إنما يمر بضمان أمن إسرائيل أيضاً.

الثالث، تحويل حزب الله خطاباته عن الصين، مثلاً، من أقوال إلى أفعال، مستفيداً من عدم قدرة خصومه على التعطيل إذا ما قرر المضي قدماً في هذا الاتجاه. مع العلم أن تطوير البنية اللبنانية التحتية والمطار والمرافئ ووصل سكة الحديد اللبنانية بعيد تأهيلها بحمص أو الشام، بشراكة صينية، جميعها من صلاحية وزير الأشغال علي حمية. ولا شك أن خصوم الحزب سيلزمون الصمت كما حصل عند وصول النفط الإيراني إذا ما نجح في إقناع الصين بضخ بضعة مليارات من الدولارات في الاقتصاد اللبناني، مع وجوب شرح كيف وأين انتهى التداول في النفط الإيراني، ولماذا لم تقدم روسيا على استثمار رمزيّ أقله في قطاع صناعة الدواء على رغم قيام وزير الحزب السابق حمد حسن بكل ما يلزم لبناء مصنع للقاحات سبوتنيك؟...... تنبغي الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والخليج تنفق نحو مليار دولار سنوياً للحفاظ على نفوذها في لبنان، فيما لا تبدي بكين وموسكو أي اهتمام ببناء أي نفوذ، لا بل سارع عملاق النفط الروسي إلى التخلي عن حصته ضمن ائتلاف التنقيب في لبنان لمصلحة الشركات القطرية، من دون أن يقدم على تطوير استثماره لخزانات الشمال بعدما تحدّت وزارة الطاقة الولايات المتحدة في منحه هذا الامتياز الاستراتيجي.

صفحة «إنقاذ» صندوق النقد للبنان واللبنانيين طُويت حتى إشعار آخر

وإذا كان الخيار الأول صعباً جداً أو شبه مستحيل، والخيار الثاني غير وارد، والخيار الثالث تنقصه الإرادة الصينية والقدرة الروسية قبل الإرادة والقدرة اللبنانيتين، فإن الأكيد أن كل ما رسم اقتصادياً عبر الأدوات المتنوعة بدأ يؤتي ثماره لجهة الإفقار الممنهج المدقع قبل ربط العسكريين مباشرة بالحلم الأميركي بمئة دولار، والأسر الأكثر فقراً بثمانين أو مئة وعشرين دولاراً، في سلسلة برامج ستشمل قريباً الدواء والغذاء والمياه. وإذا كانت فرص العمل قد باتت محصورة منذ أكثر من خمس سنوات بجمعيات المجتمع المدني الممولة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بعد تدمير القطاعين العام والخاص، فإن فرص الصمود واستمرار الحياة للمواطن العادي تنحصر يوماً تلو الآخر أكثر فأكثر بما يوصف ببرامج الدعم الممولة هي الأخرى من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بعد أن حول الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي مفترض إلى اقتصاد يقوم على برامج الدعم للهيمنة بفتات الفتات. والأكيد في هذا السياق أن المقاربات التي تبشر بإعادة نظر أميركية - أوروبية - خليجية في هذه السياسات، بعد أن تيقن القيمون عليها بعدم جدواها، غير دقيقة أو واقعية أو منطقية، لا بل العكس تماماً، إذ تعتقد الولايات المتحدة وأوروبا والخليج أن فاتورتها في لبنان انخفضت، بعدما تخلص هؤلاء من السماسرة الذين كانوا يتقاضون عمولة هائلة لربط المواطنين بهم مباشرة - والمقصود هنا بعض الموظفين في المؤسسات الأمنية - في ظل انهيار مؤسساتي يسمح لهم بتحقيق اختراقات جوهرية على صعيد الإدارة و«الداتا» والبرامج التشغيلية للإدارات، وفي ظل معلومات تؤكد أن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة لا يسمحون بانتفاع أي مواطن لبناني سواء كان عسكرياً أو غيره من برنامج المئة دولار ما لم يكن مؤمناً بـ«قيم الولايات المتحدة» في ما يخص الديموقراطية و«محاربة الإرهاب»، تماماً كما يحصل في الجمعيات على صعيد التوظيف والاستفادة من المشاريع. وإذا كان الحزب قد نجح في تحصين بيئته ضمن الطائفة الشيعية، فإن المقاربة الأميركية تقول إن البيئة الحاضنة للحزب كانت شيعية ومسيحية ودرزية، فيما هي شيعية فقط اليوم، وهو انتصار مهم في المرحلة الأولى من الحصار التي يفترض أن تتبعها ثانية وثالثة...



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..روسيا تنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا..القصف الروسي يخلف خسائر بمليار دولار..شولتس: ألمانيا سلّمت أوكرانيا دبابات «ليوبارد»..وزير دفاع أوكرانيا: تسلمنا أولى دبابات تشالنجر البريطانية..الإضراب الأكبر منذ عقود يصيب ألمانيا بالشلل..حمزة يوسف..أول مسلم يفوز برئاسة وزراء اسكتلندا..بايدن يدشن القمة الثانية للديمقراطية مع ازدياد المخاوف من روسيا والصين..الجيش السويدي يحظر «تيك توك» على هواتف العمل..6 قتلى بإطلاق نار في مدرسة ابتدائية أميركية..تعطل موقع البرلمان الفرنسي..واتهامات لقراصنة روس..خطة جديدة لاحتواء الهجرة بمشاركة أوروبية وأفريقية وأممية..تجربة صاروخية كورية شمالية في تحدٍ لواشنطن وسيول..قتيل في ألبانيا بهجوم على قناة تلفزيونية..«طالبان باكستان» تخشى غارات الطائرات المسيّرة..مقتل 6 مدنيين على الأقل في هجوم انتحاري في كابل..أزمة قانون التقاعد تراوح مكانها في فرنسا..

التالي

أخبار سوريا..عقوبات أميركية ـ بريطانية على «شبكات الكبتاغون» في سوريا..57 مليار دولار سنوياً عائدات تجارة الكبتاغون للنظام السوري وتمثل 80 في المئة من إمدادات العالم..«البنتاغون» يلوّح بضربات جديدة على «مجموعات إيران» في سوريا..موسكو تعتزم استضافة اجتماع مسؤولين من سوريا وتركيا وإيران وروسيا..وفاة 10024 سورياً في كارثة الزلزال..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,612,491

عدد الزوار: 6,904,001

المتواجدون الآن: 93